• الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 10/1/2025 العدد 1205
    2025-01-11

    الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

    افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

     

     

     

     

    هآرتس 10/1/2025

     

     

    مشهد انتخابه رئيسا للبنان هو فقط بداية طريق الجنرال جوزيف عون

     

     

    بقلم: تسفي برئيل

     

    حتى اللحظة الأخيرة قبل فرز أصوات أعضاء البرلمان في جلسة انتخاب الرئيس، كان يبدو أن الامر يتعلق بحدث آخر على المسرح السياسي اللبناني، وكأنه لم تحدث حرب، وأن الدولة غير مفلسة، وأن حزب الله ما زال بكامل قوته السياسية، وأن النظام في سوريا لم يتغير، وأن “الفرصة التاريخية” التي ستحدد مستقبل الدولة هي فقط حلقة اخرى في مسلسل كوميدي باسم “لبنان ينتخب الرئيس”. الكراهية والانتقاد والاتهام التي تبادلها أعضاء البرلمان في الوقت الذي سبق الجولة الأولى للتصويت، انتقلت الى صناديق الاقتراع، التي كتب على واحد منها جوزيف، عاموس وبن فرحان، بالإشارة الى أن انتخاب جوزيف عون ليس اختيار الـ 128 عضو في البرلمان، بل هو اختيار عاموس هوخشتين، المبعوث الأمريكي، واختيار يزيد بن فرحان، المسؤول عن الملف اللبناني في وزارة الخارجية السعودية. “لقد تم استدعاءنا للمصادقة على املاء وليس للانتخاب”، قال احد أعضاء البرلمان.

    في الجولة الأولى حصل جوزيف عون على 71 صوت من بين الـ 86 صوت المطلوبة من اجل المصادقة على تعيينه. ولكن نبيه بري (87 سنة)، رئيس البرلمان ورئيس حركة “أمل” الذي توسط بين حزب الله والحكومة اللبنانية ودول الوساطة من اجل التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار مع إسرائيل، كان قصير النفس. فقد صمم على استكمال عملية انتخاب الرئيس، وليس عبثا قام بدعوة عشرات الدبلوماسيين الأجانب للمشاركة في هذا العرض. التصويت في الجولة الثانية قام بتأجيله لساعتين، التي نجح فيها بالتهديد والمصالحة ولي الاذرع. بعد ذلك حصل عون على 99 صوت واصبح الرئيس الـ 14 للبنان.

    لقد شهد دستور لبنان أمس صعود وهبوط، حيث ظهر وكأنه اللاعب الرئيسي الذي يهدد افشال عملية الانتخاب. الدستور يمنع الموظفين الكبار، من بينهم ضباط جيش كبار وقضاة، من الترشح للرئاسة. بالتالي، لم يكن من المفروض حتى أن يكون عون مرشح لمنصب الرئيس. ولكن اختيار جنرال يتولى منصبه لمنصب الرئيس كانت له سابقة بالفعل، حيث تم انتخاب ميشيل سليمان، قائد الجيش، في العام 2002 لمنصب الرئيس. العقبة الدستورية تبخرت عند انتهاء جولة الانتخابات الثانية، ولبنان اثبت بأنه دولة يعرف القانون فيها كيفية اظهار المرونة البهلوانية.

    هذا كان فقط الامتحان الأول، السهل نسبيا، الذي كان على عون أن يواجهه. لقد احتاج نجاح المجلس النيابي لانتخاب رئيس 13 جولة تصويت منذ تشرين الأول 2023، وانتهاء ولاية الرئيس السابق ميشيل عون (لا توجد قرابة بين الاثنين). أسباب ذلك كثيرة: الخلافات السياسية الشديدة بين حزب الله (الذي دعم سليمان فرنجية) وبين رؤساء الأحزاب المسيحية، مثل سمير جعجع، زعيم القوات اللبنانية، سامي الجميل نجل امين الجميل، ورئيس حزب الكتائب، والخصومة بينهم وبين جبران باسيل، صهر الرئيس السابق ورئيس حزب “التيار الوطني الحر”، السلوك المتلون لحنبلاط، وهو الزعيم الدرزي الذي عارض مرة حزب الله ومرة أخرى أيد مرشحه، والخلافات بينه وبين الزعيم الدرزي الآخر وئام وهاب، كل ذلك جعل جولة انتخاب الرئيس عديمة الجدوى.

    امس حاول باسيل أيضا الاعتراض على التصويت، الذي حسب رأيه تم تحت ضغط كبير من الخارج. “نحن عدنا الى عهد القناصل (الأجانب) في لبنان، الذين يملون من الخارج اسم الرئيس”، اتهم باسيل. “نحن نشاهد الآن خطوة التعيين التي يقوم بها البرلمان… هذا مشهد مخجل”. وبعد فشله في جهود تخريب عملية انتخاب عون، يتوقع أن يكون باسيل زارع الألغام الرئيسي في طريق الرئيس الجديد، وهو لن يكون الوحيد.

     

    الشخص الذي انتخب لاعادة الاعمار

     

    يمكن التقدير بيقين بأنه لولا الحرب ونتائجها، أيضا جولة انتخاب الرئيس الحالية كانت ستتأخر بدون تقييد. لكن الضربة الشديدة التي تلقاها حزب الله والاضرار الكبيرة، المباشرة وغير المباشرة، التي تسببت بها الحرب للبنان (التي تقدر بنحو 13 مليار دولار)، ومليون وربع لاجيء ومهجر، وعشرات آلاف البيوت التي تم تدميرها – كل ذلك خلق ضغط جماهيري داخلي كبير، الذي حول مسألة انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة الى الفرصة الأخيرة للبنان من اجل الحفاظ على مكانته كدولة.

    عند التآكل العميق لقوة حزب الله العسكرية، ضعفت أيضا قبضة ايران القوية في لبنان. لقد كان من الواضح لحزب الله برئاسة نعيم القاسم، ولطهران أيضا، بأن الوضع الجديد يحتاج الى تغيير الاستراتيجية اذا كانوا يريدون الحفاظ على الأقل على التأثير السياسي في لبنان. في نفس الوقت تبلور الضغط الدولي (لا سيما الأمريكي والفرنسي) الذي خلال الحرب لم ينجح في احداث في لبنان انعطافة سياسية، وانضمت اليه السعودية بشكل نشط. فهي أيضا يمكن أن تكون الممول الرئيسي لاعادة اعمار لبنان. في الفترة الأخيرة اصبح هذا الضغط مكبس ثقيل، وجعل نعيم قاسم يعلن بأن حزبه لن يستخدم الفيتو على انتخاب عون. لذلك، في يوم الأربعاء اعلن مرشح حزب الله، سليمان فرنجية، عن انسحابه من التنافس ودعمه لعون.

    عون (60 سنة)، الذي أدى اليمين لمنصب الرئيس بعد التصويت على الفور وسار فوق السجاد الأحمر الى قصر الرئاسة في بعبده، تولى هذا المنصب في اصعب الأوقات في تاريخ لبنان منذ انتهاء الحرب الاهلية ي 1989. عون هو ابن عائلة عادية، ولد في قرية العيشية في جنوب لبنان، وهو هاو للصيد والأفلام الوثائقية، واضافة الى اللغة العربية هو يتحدث الفرنسية والانجليزية. وهو زوج نعمات التي كانت مديرة العلاقات الخارجية في الجامعة الامريكية في بيروت، وأب لخليل ونور. هو يأتي الى قصر الرئاسة مع سجل عسكري له تقدير، ومع شبكة علاقات ممتازة مع نظرائه الفرنسيين والامريكيين، لكن بدون قاعدة سياسية ممأسسة أو عائلة ثرية أو جذور سياسية واجتماعية.

    الذخر الأكثر أهمية الذي سيجلبه عون للبنان هو الغطاء الدولي الذي سيرافقه ويؤيده بعد بذل جهود كبيرة للدفع قدما بانتخابه. مع ذلك، هو لم يكن عضو في البرلمان أو رئيس حكومة. صلاحياته حسب الدستور كبيرة، هو يمكنه حل البرلمان والمبادرة الى طرح قوانين والمصادقة عليها أو وضع فيتو عليها، والمصادقة على تشكيلة الحكومة والميزانية، لكنه بحاجة الى مواجهة القوى السياسية نفسها التي أوصلت لبنان الى شفا الهاوية.

    منذ العام 2022 تتولى في لبنان حكومة مؤقتة برئاسة الملياردير نجيب ميقاتي. صلاحيات هذه الحكومة وقدرتها على إدارة أي سياسة هي محدودة حسب الدستور، وبالاساس هي أسيرة للقوى السياسية، وعلى رأسها حزب الله الذي الى جانب حركة أمل وشركاء آخرين مستقلين خلقوا كتلة مانعة وعملوا على شل الحكومة والدولة. الخطوة الأولى لعون ستكون بناء على ذلك تعيين رئيس للحكومة متفق عليه.

    التجربة تعلمنا بأن العملية يمكن أن تستغرق بضعة أسابيع وحتى اشهر (سعد الحريري استغرقه الامر تسعة اشهر من النقاشات لتشكيل حكومته في 2021، قبل رفع يده وتقديم استقالته)، باستثناء اذا ساعد الضغط والوضع عون في استكمال التعيين في القريب. رئيس الحكومة سيقف هو نفسه امام تحدي تشكيل حكومة متفق عليها، ومثلما تعلم رؤساء الحكومات السابقين فان تشكيلة الحكومة تتعلق بقدرتها على تنفيذ سياستها.

    حسب الدستور فان القرارات المهمة التي تريد الحكومة تطبيقها (المصادقة على الميزانية، اعلان الحرب أو عقد اتفاق سلام)، تحتاج الى تأييد ثلثي الأعضاء فيها. أي أنه يكفي ثلث أعضاء الحكومة وعضو واحد آخر من اجل الغاء أي قرار. “الثلث المانع” كان المفهوم الذي رافق الحكومات الأخيرة، التي تمسك فيها حزب الله بهذا الكابح المدمر رغم العدد القليل لاعضائه. هذه المتاهة يضاف اليها قواعد “العرف السياسي” في لبنان (الذي ترسخ بعد اتفاق الطائف)، الذي بحسبه الوزارات الحكومية والشركات الحكومية ومحافظ البنك المركزي وجهاز المخابرات يتم توزيعها حسب نسبة الطوائف. إضافة الى ذلك هناك تقسيم داخلي مثير للمواجهات، بين الوزارات الحكومية الهامة، مثل وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة المالية، وبين وزارات الخدمات مثل التعليم والصحة والرفاه، التي فيها أيضا يوجد أيضا تقسيم طائفي، لكنها ليست مكتوبة في الدستور.

    عون يمكنه المحاولة والتأسيس لـ “حكومة تقنوقراط” في محاولة للانفصال عن الاملاء الطائفي، لكن هنا يتوقع مواجهة صراع سياسي شديد مع رؤساء الطوائف والحركات التي يدين اليها بانتخابه. في هذه المصفوفة المعرجة عون سيضطر الى التقرير ليس فقط كم سيكون عدد وزراء حزب الله (في الحكومة الحالية يوجد لحزب الله وزيرين من بين الـ 24 وزير) وحركة أمل يوجد لها 3 وزراء، بل كيف سيمنع الوضع الذي سيمكن من تشكيل معارضة داخل الحكومة. تشكيلة الحكومة ستحسم هل وكيف يمكن للبنان إعادة اعمار لبنان من الخرائب، القديمة التي كانت توجد حتى الحرب والجديدة في اعقابها. المفتاح يوجد في قدرة عون على تتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والقانونية التي تم املاءها من قبل الدول المانحة ومؤسسات التمويل الدولية كشرط حيوي، والتي بدونها لا يمكن للبنان توقع أي مساعدات مالية حقيقية باستثناء المساعدات الإنسانية.

    مهمة أخرى ملحة هي تعيين قائد جديد للجيش اللبناني، يمكنه مواجهة تطبيق القرار 1701 ووقف اطلاق النار مع إسرائيل. الجيش اللبناني يواصل الانتشار على طول الحدود مع إسرائيل، لكنه حتى الآن بعيد عن مواجهة سلاح حزب الله وتجربته العسكرية، والمطالبة بنزع سلاحه، ليس فقط في جنوب لبنان، بل في كل الدولة. الجيش اللبناني هو جيش صغير، ضعيف، فقير وليست له تجربة. آلاف الجنود والضباط فيه تركوا صفوفه في السنوات الأخيرة للبحث عن مصدر رزق افضل. قبل سنتين اضطر عون الى جمع الصدقات من فرنسا وقطر والولايات المتحدة كي يدفع رواتب الجنود، 100 دولار في الشهر للجندي. هذا في الوقت الذي يحصل فيه مقاتلو حزب الله على راتب يبلغ 300 – 500 دولار في الشهر.

     

    المقاومة اختفت

     

    في خطاب أداء اليمين لم يذكر عون مفهوم “المقاومة” (ضد إسرائيل). بعض المحللين اعتبروا ذلك إشارة الى نيته لتوحيد وتجميع كل السلاح في الدولة في يد الحكومة والجيش. ولكن الامتحان العملي ينتظر وراء الزاوية، وهو يمكن أن يكون عنيف ويتدهور الى الشارع. حزب الله، الذي اعلن رئيسه في السابق بأن الحزب قام بترميم قدرته وأنه مستعد لكل تحد، لا يتوقع منه جمع سلاحه ووضعه الى جانب اكليل من الورود على عتبة قصر الرئاسة، لا سيما طالما أن إسرائيل ما زالت تحتفظ بمناطق داخل لبنان وتعلن عن نية البقاء في بعضها بشكل دائم.

    “ساحة العبوات” الكثيرة هذه تنتظر عون ولبنان. وهي لن تتفكك من تلقاء نفسها. بدون مرافقة دائمة مقرونة بمساعدات سخية لمنظومة الدعم الدولية، فان المفرقعات التي اطلقت أمس في سماء بيروت يمكن أن تكون نقطة الضوء الوحيدة في انتخاب عون كرئيس.

    -------------------------------------------

     

     

     

    معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي (INSS) 10/1/2025

     

     

    وقف نشاط الاونروا خطوة صحيحة تتطلب تقييمات أولية

     

    في 30 كانون الثاني (يناير) 2025، ستدخل قوانين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي سنتها الكنيست الاسرائيلية حيز التنفيذ، والتي تهدف إلى قطع العلاقة بين إسرائيل والأونروا من أجل الحد من أنشطة الوكالة وتقليصها. في حين أن اهتمام إسرائيل بإنهاء أنشطة الأونروا واضح ومبرر، بالتأكيد في ضوء ما تم الكشف عنه بشأن تورط موظفي الوكالة في أحداث 7 أكتوبر، وبالنظر إلى الدور الذي تلعبه في تعميق الصراع واستمراره،

    إن هذه الخطوة التشريعية لا تخدم مصالح إسرائيل. وبعيدًا عن كونه بمثابة ذخيرة إضافية في الحملة الدولية ضد إسرائيل، فإن تنفيذ التشريع قد يجر إسرائيل إلى الاضطرار إلى ملء مكان الاونروا.

    لذلك، توصيتنا هي تأجيل دخول القوانين حيز التنفيذ وصياغة بديل فوري أولا لـ اونروا في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، فضلا عن خطة بديلة على المدى الطويل تقوم على المبادئ التالية:

    1) تعيين هيئة دائمة تقدم الخدمات المطلوبة لسكان غزة بدلاً من إدارة الأمم المتحدة لإعادة الإعمار، كجزء من المناقشات بشأن “اليوم التالي لحكم حماس”.

    2) الترويج لخطوة تؤدي إلى قيام السلطة الفلسطينية بملء “الفراغ” الذي سينشأ مع توقف أنشطة الأونروا في الضفة الغربية.

    3) إدراك مسؤولية بلدية القدس في تقديم الخدمات التي تقدم الأونروا حاليا فيها خدماتها للسكان الفلسطينيين في القدس.

    تأسست، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، (اونروا) في عام 1949 بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة A/RES/302، وبدأت العمل في عام 1950 كمنظمة مؤقتة للتعامل مع مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

    أما العلاقات بين إسرائيل والأونروا فقد تم تسويتها في “اتفاقية” عام 1967، والذي استندت إلى رسائل متبادلة بين وزارة الخارجية الإسرائيلية والمفوض العام للأونروا بعد حرب 1967، وتمت الموافقة على استمرار أنشطة الوكالة كترتيب مؤقت فقط، ومع ذلك، تعمل الأونروا منذ ذلك الحين من خلال التجديد الدائم وتمنحها الجمعية العامة كل ثلاث سنوات. على مر السنين، توسع نطاق مسؤولية وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في حالات الطوارئ إلى ما هو أبعد من خدمات الإغاثة والمساعدة في حالات الطوارئ. واليوم، تقدم الوكالة الخدمات شبه الحكومية من خلال النظام التشغيلي الفرعي الذي أنشأته، والذي يشمل: التعليم، والخدمات الطبية، والصرف الصحي والصيانة، والخدمات الاجتماعية والرعاية الاجتماعية، وحتى القروض للمحتاجين، لحوالي 5 ملايين فلسطيني تحددهم إدارة الأمم المتحدة للاجئين كلاجئين (فيما يلي: اللاجئون الفلسطينيون )، في قطاع غزة والضفة الغربية وفي القدس وكذلك في لبنان والأردن وسوريا.

    مع أكثر من 30 ألف موظف، غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين، إلى جانب فريق صغير من الموظفين الدوليين وميزانية قدرها 1.2 مليار دولار سنويا، تعد الأونروا واحدة من أكبر وكالات الأمم المتحدة وأكثرها ميزانية – وهي الوكالة الوحيدة المخصصة لـ التعامل مع فئة محددة من اللاجئين.

    على مر السنين، كانت هناك مقترحات في إسرائيل لإصلاح الأونروا وحتى وقف أنشطتها واستبدالها بمنظمات الإغاثة ووكالات الأمم المتحدة الأخرى. وبصرف النظر عن مزاعم الفساد وافتقار الأونروا إلى الحياد، يُنظر إلى الوكالة في إسرائيل على أنها عامل مركزي في إدامة الصراع مع الفلسطينيين.

    ونظراً لوضع اللاجئين الخاص الذي تمنحه لهم، والذي يحافظ على حق الفلسطينيين في “حق العودة”. وهكذا، يُذكر على موقع وكالة الأمم المتحدة للاجئين أن الوكالة أنشئت لتقديم المساعدة حتى تنفيذ حق العودة للاجئين الفلسطينيين (تفسيرها للقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة)، بالإضافة إلى ذلك، حذرت إسرائيل مرات لا تحصى من ذلك وعلى مر السنين والمحتوى التحريضي الذي يتم توزيعه في مدارس الوكالة ومخيماتها الصيفية، وانضمام خريجيها إلى صفوف حركتي حماس والجهاد الإسلامي. ومع ذلك، حتى وقت قريب لم يتم تناول الموضوع عملياً من قبل إسرائيل.

    وقد حدث هذا التحول في العام الماضي بعد الكشف خلال القتال في قطاع غزة عن تورط حماس العميق والمباشر وانتماء أفراد من الوكالة إلى حماس. كما تم الكشف عن الاستخدام المكثف من قبل حماس لمرافق اونروا، العيادات والمدارس ومقرات الوكالة ومعداتها لأغراض قتالية، وإخفاء الأسلحة والذخائر، والأنفاق (الإرهابية).

    ونتيجة لذلك، فقدت الوكالة ما كانت تتمتع به من شرعية قليلة في إسرائيل. وفي خطوة غير مسبوقة، قام عدد من الدول بتعليق تمويلها لـ اونروا، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا، الممولان الرئيسيان للوكالة. وقد دفعت هذه الخطوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى تعيين رئيس في فبراير/شباط 2024 لجنة التفتيش لفحص الادعاءات ضد اونروا، برئاسة وزيرة خارجية فرنسا السابقة، كاثرين كولوناد.

    لم يقبل تقرير كولونا، الذي نُشر في أبريل 2024، ادعاء إسرائيل بتسلل حماس على نطاق واسع إلى إدارة الأمم المتحدة لإعادة الإعمار، لكنه أوصى بعدد من الإصلاحات في الوكالة. وفي إسرائيل، رفضوا استنتاج التقرير على أساس أنه يتجاهل المشكلة الجذرية في إدارة الأمم المتحدة للاصلاح لإعادة بناء اونروا، ويطرح “حلولاً تجميلية” حتى تعيد الدول التمويل إلى الوكالة، إلا أن تقرير كولونا، إلى جانب رفض إسرائيل مناقشة “اليوم التالي” في غزة، قادت بعض الدول إلى إعادة التمويل إلى اونروا.

    على هذه الخلفية، اكتسبت العملية التشريعية ضد اونروا زخمًا، وفي 28 أكتوبر 2024، تم تمرير قانونين في الكنيست لوقف أنشطة الوكالة، وقد حظي القانونان بتأييد شعبي واسع وتم تمريرهما بأغلبية من جميع الأحزاب في الكنيست. رغم الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي من أجل منع هذه الخطوة.

    ومن المقرر أن تدخل القوانين حيز التنفيذ في نهاية كانون الثاني/يناير 2025. وحتى ذلك التاريخ، خططت إسرائيل لإيجاد بدائل لأنشطة الوكالة.

     

    ماذا تقول القوانين؟

     

    تهدف قوانين اونروا إلى قطع العلاقة بين إسرائيل و، اونروا من أجل الحد من أنشطة الوكالة وتقليصها.

    يحظر القانون الأول على اونروا تشغيل مكتب تمثيلي وتقديم الخدمات وتنفيذ أي نوع من النشاط بشكل مباشر أو غير مباشر في الأراضي السيادية لدولة إسرائيل.

    وهذا يعني أن اونروا لن تكون قادرة على العمل في القدس وسيتعين عليها وقف جميع أنشطتها في المدينة.

    وهذا يعني أن المسؤولين الإسرائيليين الرسميين لن يتمكنوا من الاتصال بـ اونروا أو أي وكالة نيابة عنها. وبالتالي، اعتبارًا من نهاية يناير 2025، لن تتمكن وزارتا الخارجية والداخلية من إصدار تصاريح دخول أو عمل لـ اونروا.؛ والموظفين لن يتمكنوا في الموانئ والجمارك من استلام بضائع اونروا والتعامل معها؛ وستواجه البنوك في إسرائيل صعوبة في تقديم الخدمات المصرفية إلى الموظفين؛ سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى قطع علاقات العمل مع اونروا وتوأمة ذلك مع المسؤولين الفلسطينيون من خلال الأونروا بالإضافة إلى ذلك، وفقًا للأمم المتحدة، فإن القانون سيضر بالإعفاءات الضريبية والحصانات الدبلوماسية التي تتمتع بها الوكالة.

    ومن خلال القيام بذلك، فإن التشريع يحد من نشاط الأونروا خارج الأراضي السيادية لإسرائيل – في قطاع غزة والضفة الغربية- والذي يعتمد إلى حد كبير على العلاقات مع المسؤولين الإسرائيليين الرسميين ويتطلب التنسيق الوثيق معهم، وفقًا للقانون ويحظر أيضًا استخدام الأونروا من خلال طرف ثالث.

     

    انتقادات العالم للتشريع

     

    إلى جانب الدعم الواسع الذي حظيت به هذه الخطوة في إسرائيل، انتقد العالم إسرائيل بشدة بسبب هذا التشريع.

    وقد أعربت العديد من الدول عن قلقها من أن الضرر الذي يلحق بأنشطة الأونروا سيؤدي إلى كارثة إنسانية وانتشار الجوع والمرض في قطاع غزة، فضلا عن ضرر غير مسبوق للخدمات التي تقدمها الأونروا في الضفة الغربية .

    وزعم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن التشريع سيؤدي إلى “نتائج مدمرة” وأن الأونروا ليس لها بديل. ولاحقا، في 11 ديسمبر/كانون الأول، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يدعو إسرائيل إلى إزالة القيود المفروضة على أنشطة الأونروا.

    ومن جانبها، زعمت إسرائيل أن الأونروا ليست قابلة للاستبدال فحسب، بل إن استبدالها ضروري. وفي الرسالة التي وجهتها إلى الأمم المتحدة بشأن إلغاء الاتفاق مع الأونروا في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، أكدت إسرائيل أن معظم المساعدات تدخل إلى غزة. لا تأتي من الأونروا بل من المنظمات الأخرى العاملة في قطاع غزة، وأنها تعتزم توسيع نشاطها معها. تجدر الإشارة إلى أنه بحسب بيانات إدارة الأمم المتحدة للإغاثة أيضا، فإن الوكالة قدمت خلال معظم أشهر الحرب ما لا يقل عن 20% من حجم المساعدات للقطاع، ونحو 13% من الكمية التي دخلت القطاع خلال الفترات الثلاث. أشهر جديدة قبل صدور القانون.

     

    ما هي الآثار المترتبة على وقف عمليات الاونروا؟

     

    ويؤثر القانون الأول، الذي يركز على أنشطة الأونروا في إسرائيل، بشكل رئيسي على القدس، وخاصة مخيم شعفاط للاجئين، حيث تقدم الأونروا مجموعة من الخدمات، بما في ذلك التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والمجتمع والنظافة والصرف الصحي، إلى سكان القدس. تم تسجيل أكثر من 16,000 ساكن كلاجئين. بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على إدارة الأمم المتحدة للإغاثة أن توقف أنشطتها في أجزاء أخرى من القدس الشرقية، حيث تعمل على نطاق أصغر، بما في ذلك المدارس والمركز الطبي في البلدة القديمة.

    إذا توقف نشاط UNRA، فإن إسرائيل، من خلال بلدية القدس، ستضطر إلى الحلول محل UNRA، وتمويل وتزويد السكان بجميع الخدمات التي تقدمها، بما في ذلك الأطر التعليمية والخدمات الطبية والخدمات المجتمعية ومراكز إعادة التأهيل والنوادي.

    أما القانون الثاني، والذي يفرض على أنشطة اونروا في الصفة الغربية وقطاع غزة، فقد يلحق ضررا كبيرا بتقديم الخدمات للسكان الفلسطينيين في هذه المناطق.

    في غزة، تقدم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة معظم الخدمات خلال الأوقات العادية وتوظف ما يقرب من 13.000 عامل. ومع ذلك، منذ بدء الحرب، تركزت أنشطة الوكالة على الجهود الإنسانية، وبشكل رئيسي على الجانب اللوجستي للمساعدات. لذلك، وعلى الرغم من أن غالبية المساعدات المقدمة لقطاع غزة لا تأتي من الأونروا، فإن العشرات من المنظمات ووكالات الإغاثة الدولية العاملة في قطاع غزة تعتمد على عمليات الأونروا؛ على خدمات الاستقبال والتخزين والنقل وتوزيع المساعدات التي تقدمها. وكجزء منها، فإن اونروا مسؤولة عن توزيع الغذاء على مئات الآلاف من سكان غزة، بالإضافة إلى ذلك، تعد اونروا أيضًا عاملاً مهمًا في إنشاء مراكز الايواء للسكان في غزة وهي مسؤولة عن تسجيل ورصد احتياجات السكان في غزة.. ويشكل الشتاء الحالي تحديا أكثر خطورة من الشتاء السابق، لأنه اليوم، وبعد مرور عام على الحرب، يعيش معظم سكان قطاع غزة خيام النزوح ومراكز الأبواء التي توفرها الأونروا.

    وفي الضفة الغربية ، توظف اونروا حوالي 3700 شخص وتقدم مدفوعات الضمان الاجتماعي وأنواع أخرى من المساعدة لأكثر من 150000 فلسطيني، كما تدير 96 مدرسة وثلاثة مراكز للتدريب المهني و43 عيادة ومستشفى جمع القمامة في كافة مخيمات اللاجئين. وبدون وجود بديل لـ اونروا، سيتأثر تعليم 47000 طالب، بالإضافة إلى خدمات صيانة أنظمة الصرف الصحي في مخيمات اونروا. بالإضافة إلى ذلك، سيتم خلق البطالة وسوف تحدث فقدان الدخل ومدفوعات الضمان الاجتماعي للموظفين والمستفيدين.

    إن السلطة الفلسطينية، التي تم إضعافها بهذه الطريقة وتواجه الانهيار، ستجد صعوبة في استبدال اونروا وتقديم الخدمات بدلاً منها. ونتيجة لذلك، قد تنشأ أزمة حادة في السلطة الفلسطينية – فالوضع في المنطقة هش بالفعل البطالة تزيد عن 30 بالمئة، الأمر الذي قد يزيد من تقويض الاستقرار.

    ولذلك فإن توقف أنشطة اونروا يتطلب إيجاد جهة بديلة تقدم الخدمات المذكورة أعلاه.

     

    عواقب التشريع على إسرائيل

     

    على الرغم من أن مصلحة إسرائيل في إلغاء الدور الضار الذي تلعبه الأونروا واضحة، فإن العواقب الإشكالية المترتبة على هذا التشريع لا يمكن تجاهلها. فالتداعيات الرئيسية ذات شقين: الأول، عدم الاستجابة للأزمة الإنسانية في قطاع غزة وتفاقمها، وتدهور الوضع الإنساني. والبؤس أيضاً، مع إلقاء اللوم على إسرائيل؛ والثاني، أن إسرائيل ستجد نفسها مطالبة بملء الفراغ بنفسها:

    توقيت إشكالي في ظل تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة. وقد أقر الكنيست قوانين “إدارة الأمم المتحدة” في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، في وقت كان فيه الوضع الإنساني في قطاع غزة يتدهور. ومن المتوقع أن يؤدي دخول القوانين حيز التنفيذ في نهاية شهر يناير/كانون الثاني إلى تفاقم التحدي الإنساني الذي تواجهه إسرائيل التي تواجهها بالفعل في غزة، الأمر الذي سيتطلب اهتمام إسرائيل بالقضايا الإنسانية هناك أيضاً، بدلاً من التركيز على الحلول الإنسانية للأزمة الأسوأ في غزة.

    عدم وجود خطة بديلة لـ اونروا تمتد مهامها إلى ما هو أبعد من تقديم المساعدات الإنسانية. لقد قامت إسرائيل بسن قوانين الأونروا دون دعمها بخطة منهجية مع البدائل، سواء فيما يتعلق بالإعداد التشغيلي أو الخدمات التي تقدمها الوكالة. إن دخول القوانين حيز التنفيذ في نهاية شهر يناير قد يترك السكان الفلسطينيين دون استجابة مناسبة. وخاصة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، التي لا تخضع للسيادة الإسرائيلية.

    صعوبة تعيين بديل للأونروا في قطاع غزة، الذي يعيش واقعا صعبا في خضم القتال، ليس من السهل إيجاد بديل فوري لآلية الأونروا. واعتمدت إسرائيل على جهات فاعلة أخرى في النظام الإنساني التابع للأمم المتحدة لتحل محل إدارة اونروا في غزة، ولكنها تواجه الآن صعوبة في تسخيرهم للقيام بهذه المهمة في ضوء أزمة الثقة الحادة بينها وبين الأمم المتحدة حتى قبل صدور التشريع، عندما بدأت الأدلة للظهور ضد اونروا، جاءت ادعاءات مفادها أن الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش طلب من وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة رفض قبول أي تمويل أو مسؤولية قد تأتي على حساب الأونروا. إن مسار التشريعات العامة والمعارضة يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأمم المتحدة لتسخير هذه القضية، وبالتالي، أكد مسؤولو الأمم المتحدة أنهم يعملون على منع تنفيذ التشريع. بل إن هذا التشريع يجعل من الصعب العثور على كيانات دولية أخرى توافق على دخول الأونروا سرا في قطاع غزة.

    وبالتالي فإن هذه الخطوة قد تعزز قبضة حماس على توزيع المساعدات الإنسانية. في الضفة الغربية، هناك شك كبير حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية الضعيفة، التي تعاني من قيود الميزانية أيضًا بسبب انخفاض تحويل أموال الاستيطان من الحكومة الإسرائيلية، قادرة أو راغبة في القيام بواجبات إدارة الأمم المتحدة لإعادة الإعمار.

    وقد يقع العبء على إسرائيل. إن نشاط اونروا يزيل إلى حد كبير المسؤولية عن إسرائيل وحاجتها إلى تلبية احتياجات الفلسطينيين. وفي غياب بديل للأونرا، وبما أن إسرائيل هي التي فرضت القيود على أنشطة الوكالة، فسيكون مطلوبا من إسرائيل تقديم الحلول وحتى. تضطر إلى التصرف مكانها، بحيث يقع عليها عبئ لوجستي وأمني واقتصادي وهذا يعني أنه قد يُطلب من الجيش الإسرائيلي توزيع الغذاء مباشرة على السكان في قطاع غزة – الأمر الذي قد يعرض حياة الجنود للخطر ويجعل من الصعب تنفيذ المهام العسكرية.

    وحتى في الضفة الغربية فإن المسؤولية ستقع على عاتق إسرائيل بمرور الوقت. هناك، على عكس قطاع غزة، لا يوجد أي خلاف تقريبًا حول وضع إسرائيل كمحتل، وبالتالي، إلى الحد الذي ينشأ فيه فراغ بسبب توقف أنشطة إدارة الأمم المتحدة، والذي لا تستطيع السلطة الفلسطينية (أو ترفض) ملئه. ,

    وفي نهاية المطاف، فإن مسؤولية تقديم الجواب ستقع على عاتق إسرائيل، على الرغم من كل التبعات الاقتصادية والعملياتية المترتبة على ذلك. وهذه المعاني صحيحة بشكل مضاعف بالنسبة للقدس الشرقية، حيث ينطبق القانون الإسرائيلي. إن عبء الاستجابة للأحياء الواقعة خارج الجدار الأمني، والتي لا تتلقى اليوم خدمات بلدية من بلدية القدس، سيقع بالكامل على عاتق إسرائيل.

    بالإضافة إلى ذلك، بقدر ما يقع عبء استبدال اونروا على عاتق إسرائيل، سيكون لذلك عواقب اقتصادية، والتي ستنعكس في فجوة الميزانية، بسبب انحراف إجمالي نفقات الدفاع عن ميزانية الدفاع المرتفعة بالفعل.

     

    ذخيرة إضافية للحملة القانونية الدولية

     

    وبعيدًا عن العواقب المباشرة لقوانين اونروا على إسرائيل، فإن هذه الخطوة برمتها توفر ذخيرة إضافية للحملة القانونية التي يتم شنها ضد إسرائيل على الساحة الدولية.

    أولاً، يُزعم أن إسرائيل، بسنها قوانين الأونروا، قد انتهكت ميثاق الأمم المتحدة الذي وقعت عليه، والذي يلزمها بالتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها. وقد رافق هذا الادعاء دعوات، ليست خبراً، لإزاحة إسرائيل من الأمم المتحدة. وتتطلب مثل هذه الخطوة قرارا من مجلس الأمن ومن المرجح أن يتم عرقلتها باستخدام الفيتو الأمريكي. ومع ذلك، لا تزال إسرائيل تواجه خطر تعليق عضويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما حدث ضد جنوب أفريقيا في عام 1974. ويكفي لمثل هذه الخطوة صدور قرار من الجمعية العامة، وهو ما لا يمكن عرقلته باستخدام حق النقض.

    ولكن أبعد من ذلك، يتم استخدام التشريع ضد اونروا لتعزيز الاتهامات ضد إسرائيل فيما يتعلق بارتكاب جرائم خطيرة مثل العقوبات الجماعية، والحرمان من المساعدات الإنسانية، والتجويع والإبادة الجماعية، والتي يتم مناقشتها في الإجراءات المرفوعة ضدها في المحاكم الدولية في لاهاي. .

    بعد حوالي أسبوع من إقراره في الكنيست وحتى قبل دخوله حيز التنفيذ، تلقى التشريع إشارة مباشرة في التحذير الذي نشرته لجنة مراجعة وضع المجاعة (FRC) في 8 نوفمبر، حول مجاعة “وشيكة” من المتوقع حدوثها في شمال غزة. ودعت اللجنة إلى اتخاذ إجراءات فورية لمنع “الوضع الكارثي” في قطاع غزة، محذرة من أنه إذا تم تطبيق تشريع إدارة الأمم المتحدة للإغاثة، فستكون له عواقب وخيمة للغاية على النشاط الإنساني في قطاع غزة وتدهور الوضع الإنساني هناك.

    يمكن الافتراض أن قوانين اونروا لم تمر مرور الكرام على قضاة المحكمة الجنائية الدولية عندما قرروا إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت في 21 تشرين الثاني (نوفمبر). ورغم أن القرار لا يزال سريا، يمكن الافتراض أن سلسلة الأحداث، التي شملت قوانين إدارة الأمم المتحدة للأراضي، والتحذير من المجاعة الذي تم نشره مباشرة بعد صدوره، والوضع الإنساني المتدهور بشكل متزايد في قطاع غزة، قد أثرت على ويأتي قرار المحكمة بإصدار الأوامر في هذا الوقت بالتحديد، أي بعد حوالي ستة أشهر من تقديم المدعي العام للمحكمة الطلب.

    وبناءً على ذلك، فإن هذه الخطوة قد تؤثر أيضًا على إجراءات الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية. وقد يُنظر إلى التشريع، وبالتأكيد تنفيذه، على أنه انتهاك من جانب إسرائيل للأوامر الصادرة ضدها من قبل المحكمة، ويؤدي إلى إصدار أوامر إضافية. أوامر مؤقتة وحتى في وقت لاحق تؤثر على القرار النهائي في هذه العملية.

    وفي رد مباشر على التشريع، اعتمدت الجمعية العامة في 19 كانون الأول/ديسمبر، وبمبادرة من النرويج، قرارا بالاتصال بمحكمة العدل الدولية لطلب رأي استشاري عاجل بشأن امتثال إسرائيل لالتزاماتها بالسماح بتقديم المساعدات والخدمات الإنسانية. في الأراضي الفلسطينية، في إشارة إلى وجود ونشاط وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. ويجب الافتراض أن إسرائيل

    ستواجه رأيًا انتقاديًا آخر للمحكمة، متابعةً للرأي الذي صدر في شهر يوليو والذي ذكر أن الاحتلال المستمر لإسرائيل غير قانوني ودعا الدول إلى عدم تحمله.

    بالإضافة إلى ذلك، فمن المرجح أن أي تدهور في الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية سيصاحبه المزيد من الإدانات والقرارات ضد إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة، إلا أنها تشكل ضغطًا عليها الدول والكيانات، مثل المؤسسات الأكاديمية ورجال الأعمال والنقابات المهنية، إلى اتخاذ خطوات عملية إضافية ضد إسرائيل، والتي يمكن التعبير عنها بعقوبات إضافية وقطع العلاقات التجارية والعلاقات الأكاديمية وحتى العلاقات الدبلوماسية، الواحدة تلو الأخرى.

     

    ملخص وتوصيات

     

    إن قطع العلاقة بين إسرائيل واونروا وتقليص عملها هو حدث معقد يجب إدارته دون أي منطق سليم.

    ومن دون بديل واقعي للأونروا، التي ستوفر المساعدات والخدمات المطلوبة مكانها، فإن الفراغ الذي سينشأ قد يترك العديد من الفلسطينيين دون خدمات أساسية وحيوية.

    الاستقرار والعنف. علاوة على ذلك، فإن المسؤولية ستُنسب في نظر العالم إلى إسرائيل، التي ستضطر إلى أن تحل محل إدارة الأمم المتحدة لإعادة الإعمار. وهذا هو الحال في قطاع غزة، حيث يوجد وجود عسكري إسرائيلي، وفي المنطقة الضفة الغربية، حيث يُنظر إليها على أنها المحتل المسؤول عن رفاهية السكان. هذا عدا القدس الشرقية التي تقع تحت المسؤولية الكاملة لإسرائيل.

    كان على إسرائيل أن تحاول الاستفادة من الإنجاز الذي حققته عندما ألحقت الضرر بشرعية الوكالة، كجزء من ترتيبات “اليوم التالي” في غزة. كان عليها أن تعرض ضرورة إنهاء أنشطة اونروا كشرط ضروري لأي سلسلة من هذا القبيل، وإيجاد بديل للمنظمة بدعم دولي عندما يكون البديل المفضل هو السلطة الفلسطينية. أو مدير تكنوقراط، نيابة عنها أو ككيان مستقل يتم إنشاؤه في قطاع غزة – سيكون مسؤولاً عن احتياجات السكان الفلسطينيين. ومع ذلك، رفضت إسرائيل مناقشة “اليوم التالي” ولم تستغل إنجازاتها العسكرية والضرر الذي لحق بشرعية UNRA على المستوى السياسي.

    وبدلاً من ذلك، اختارت إسرائيل “المسار السريع” للتشريع الأحادي الجانب في وقت مليء بالإشكاليات، حيث تعيش غزة في خضم أزمة إنسانية. لقد فعلت ذلك من دون ضمان، أو حتى تقديم، بديل مناسب للأونروا، ومن دون حشد دعم المجتمع الدولي لهذه الخطوة. وبالنظر إلى التوقيت والطريقة التي تم بها إقرار التشريع، عززت إسرائيل موقف الأونروا. وقد دفع الكثيرين في المجتمع الدولي، بما في ذلك الإدارة الحالية في الولايات المتحدة، إلى التوحد في انتقاد التشريع والتأكيد على أهميته.

    من الناحية العملية، كان بإمكان إسرائيل الاستمرار في الاتجاه “الهادئ” للنأي بنفسها عن اونروا، والذي اتخذته منذ بداية الحرب، وتعزيز التدابير التي من شأنها أن تجعل أنشطتها أكثر صعوبة. بينما يتم تعزيز وكالات الإغاثة الأخرى في قطاع غزة، دون السماح بالتحرك الدعائي في التشريع. ومن خلال القيام بذلك، فإنه سيثبت أن اونروا قابلة للاستبدال بالفعل ويعزز التنفيذ الفعلي للتحرك لإلغاء هذه الوكالة الضارة.

    لذلك، وعلى الرغم من أن التحرك ضد UNRA أمر مرغوب فيه في حد ذاته، إلا أن التشريع لا يخدم المصالح المباشرة لإسرائيل.

     

    وبناء على ذلك، يتعين على إسرائيل:

     

    على أية حال، وحتى قبل أن تدخل القوانين حيز التنفيذ في نهاية يناير/كانون الثاني، يجب تنسيق هذه الخطوة مع إدارة ترامب، التي تظل “القبة الحديدية السياسية” الوحيدة في إسرائيل.

    التحرك فوراً لصياغة خطة واضحة تقدم بدائل تفصيلية لآليات إدارة الأمم المتحدة للخدمات والخدمات التي تقدمها. ويجب على إسرائيل أن تسخر المجتمع الدولي والهيئات الإنسانية في هذه الخطوة قدر الإمكان.

    النظر في إمكانية تفعيل القانون الأول فقط في كانون الثاني/يناير، الذي يحظر أنشطة الأونروا في إسرائيل، مع صياغة رد فوري على القدس. وفي الوقت نفسه، يقترح تأجيل تنفيذ القانون الثاني، الذي يحظر أي عمل التواصل بين الأونروا والمسؤولين الإسرائيليين بشكل عام أو على الأقل فيما يتعلق بالنشاط في الياش لفترة مؤقتة، ما دام لا يوجد بديل للأونرا في الياش وقطاع غزة حتى تدخل القوانين حيز التنفيذ .

    ويمكن لإسرائيل استغلال التأخير في دخول القانون حيز التنفيذ لكسب دعم الدول وكتسوية مع الهيئات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، مقابل تعبئتها بدلاً من الأونروا. وفي الوقت نفسه، فإن التأجيل سيسمح لإسرائيل بالتركيز على صياغة خطة بديلة لـ اونروا، دون الانسحاب الكامل من خطتها لوقف أنشطة اونروا، بل يؤدي فقط إلى تأجيلها.

    وعلى المدى الطويل، يمكن الحفاظ على التشريع والغرض منه. ولكن هذا لا يتم إلا بعد اختيار بديل قابل للتطبيق لـ اونروا وتجنيد جهات فاعلة أخرى للمساعدة في تنفيذه. يجب أن نسعى جاهدين لتحقيق ذلك، حيث تتولى السلطة الفلسطينية في نهاية العملية مسؤولية توفير جميع الخدمات للسكان ولتحقيق هذه الغاية، يجب علينا أيضًا إيجاد حل لضعف أداء السلطة الفلسطينية، على الرغم من التعقيد الذي تشهده الساحة السياسية في إسرائيل في هذا السياق.

    -------------------------------------------

     

     

    يديعوت احرونوت 10/1/2025

     

     

    نتنياهو في مواجهة الجيش لالقاء كامل المسؤولية عن قصور 7 أكتوبر عليه

     

     

    بقلم: ناحوم برنياع

     

    في نهاية كانون الثاني، وفي اقصى الأحوال في منتصف شباط، سينشر الجيش الإسرائيلي تحقيقاته عن الحرب، والخطة هي توحيد كل التحقيقات في كتاب سميك واحد: هذا هو الأمر الصائب من ناحية تاريخية والمريحة من ناحية إعلامية. عندما تزال الضمادة دفعة واحدة، تؤلم أقل. بعد ذلك تبدأ مسيرة طويلة من الحوار مع الجماعات الذين ذبح سكانها في 7 أكتوب: نير عوز، كفار عزة، نوبا، نتيف هعسرا، سديروت، اوفاكيم وغيرها وغيرها. هذا سيستغرق أسابيع، لكنه لن يحل محل الجدال على المسائل الجوهرية: كيف ولماذا قصرنا؛ من ينبغي له ان يرحل ومتى؛ وما هي الدروس.

    بترتيب زمني: المفهوم على اجياله، الأخطاء في الليلة الأخيرة، الانهيار في 7 أكتوبر، إعادة البناء والحرب منذئذ. بكلمتين يمكنهما ان يكونا عنوان الكتاب – القصور وعقابه. في الماضي، كان يمكن للجمهور أن يتوقع تقرير لجنة تحقيق رسمية يجري الترتيب، لكن طالما كان نتنياهو هناك، فلن يكون ترتيب.

    كان ينبغي لرئيس الأركان ان يعتزل فورا بعد أن توضع التحقيقات العسكرية على طاولته، في نيسان أو في أيار. هو قرر الا يفعل ذلك. واذا كان اعتقد أنه بذلك ينقذ قيادة الجيش الإسرائيلي من الهجمات من اليمين ومن اليسار، فقد أخطأ. بدلا من أن يعتزل طواعية، بقراره، بروايته، هو سيعتزل غصبا. لفعل النهاية في حياته المهنية توجد ابعاد مأساوية.

    يسير نتنياهو في هذا الصراع على حبل رفيع: 1. هو ملزم بان يلقي بكامل المسؤولية عن القصور على قيادة الجيش والشباك. هم المذنبون، هو الضحية؛ 2. هو ملزم بان يتلقى حظوة على كل ما تحقق منذئذ؛ 3. هو في مواجهة جبهوية معهم: هم يدعون لانهاء الحرب، هو يشدها الى الامام؛ هم يدفعون نحو صفقة مخطوفين، هو يخرب عليها.

    طالما كان الطلب ان يذهب الجميع – هو أيضا وكذا هليفي – نتنياهو سيسير على الخط مع رئيس الأركان. في اللحظة التي تراجع فيه التهديد، مارس كل قوة السم ضد هليفي.  في الماضي توزع السم بين غالنت وهليفي. تنحية غالنت أبقت رئيس الأركان وحده.

    الى هذه الساحة المشحونة دخل ثلاثة لاعبين فرعيين: مراقب الدولة متنياهو انجلمان، وزير الدفاع إسرائيل كاتس والناطق العسكري دانييل هجاري. انجلمان يطلب التحقيق في الحرب من يومها الأول. الجيش الإسرائيلي يصده. والحجة: مراقب الدولة لم يسبق له أن حقق في حرب ما قبل أن تنتهي. الاشتباه: انجلمان هو الذراع الذي سيسمح لنتنياهو بالقاء كل المسؤولية عن القصور على الجيش.

    انجلمان كسب الاشتباه بجدارة: خطواته الأولى كمراقب عرضته كمراقب ضعيف ومتعاون مع الحكومة. لكن رجاله يدعون بانه تعلم الدرس: نتنياهو سيتلقى الضربات في تقريره بقدر لا يقل عن الجيش. تشهد على ذلك الأسئلة التي طرحها على وزراء الكابنت الذين حقق معهم.

    كاتس اختار ان يكون وزيرا كديا: ليس مع هيئة الأركان بل ضدها. هذا ليس خيارا بسيطا – معظم وزراء الدفاع حرصوا بداية قبل كل شيء على أن يكتسبوا ثقة هيئة الأركان. هم كانوا جنودا بدون بزة. لكن الدائرة التي يسعى كاتس لكسب ثقتها ليست جنرالات هيئة الأركان بل قاعدة الليكود التي ترى في قيادة الجيش عدوا. كاتب لا يعمل لدى نتنياهو – لديه تطلعاته الخاصة – لكنه يعمل في الاطار الذي خلقه نتنياهو. الجيش، مثل العليا، مثل النيابة العامة، مثل وسائل الاعلام، هو الدولة العميقة يجب قطع الرأس له.

    هو أخذ على عاتقه مهمة عرف مسبقا انه سيفشل فيها: تمرير قانون تجنيد يعفي من التجنيد. الجيش يرفض التعاون معه في المناورة. تهجماته على لابسي البزات لا تختلف في فظاظتها عن تهجمات لفين على القضاة وكرعي على وسائل الاعلام. الفظاظة معدية. في هذه الاثناء هو لا يبدو كوزير دفاع ولا يُسمع كوزير دفاع. في الساحة السياسية يشبهونه بالممثل الاخرق من مسرحية قديمة.

    بالنسبة لهجاري، تعثر حظه ليكون الناطق العسكري في عهد كله سياسة، كله استقطاب وكله مشحون. وكل جندي هو ناطق عسكري. في الجدال على قانون فيلدشتاين، مقترح رشوة يسعى لاسكات شاهد في تحقيق جنائي ويدفع الثمن بمصلحة امنية – كان محقا موضوعيا ومخطئا في التعبير. بالاجمال هو ناطق عسكري فائق. التحدي الأكبر لا يزال امامه – نشر تحقيقات الحرب بشفافية، في ظل التحكم بالرواية، دون فقدان ثقة الجمهور. امام هذه التحدي فان تصريحات كاتس هي لعبة أطفال.

     

    بعوض وخدم

     

    الكابوس الذي يقض مضاجع القانونيين في النيابة العامة وفي الجيش يبدأ ببشرى طيبة: الحرب تنتهي. عشرات الاف جنود الاحتياط يتسرحون دفعة واحدة. قبل ان يعودوا الى حياتهم الاعتيادية، يقفزون لاجازة انتعاش قصيرة في الخارج. الشبكات الاجتماعية تمتليء بتجاربهم: بحر، شمس، جبال، مشتريات – أبعد ما يكون من خرائب غزة. هم يحاولون أن ينسوا، لكن الشبكة تتذكر. أجهزة القضاء في سلسلة من الدول تغمر بالشكاوى. قانون الاعداد الكبيرة يفعل فعله: مئات الشكاوى ترد ردا باتا، لكن بعضها تترجم الى تحقيق شرطي، وربما أيضا الى اعتقال. الملاحقة تبدأ صغيرة وتكبر: تسونامي. الاثار على حرية حركة الإسرائيليين، على معنوياتهم، على أمنهم في دولتهم – ستكون قاسية جدا.

    لهذا يستعدون الان في دائرة القانون الدولي في النيابة العامة العسكرية. لكن قبل أن افصل الوسائل المضادة يجدر بي أن اذكر سلسلة الخطايا التي أدت بنا الى الهاوية. الخطيئة الأولى هي القرار بتسوية غزة بالأرض. بقدر ما اعرف، فانه لم يتخذ رسميا في أي مرة، في قرار مرتب، لكنه نفذ عمليا على الأرض. المبررات كانت عملياتية، في المستوى التكتيكي. النتائج قاسية، بما في ذلك بالمس بغير المشاركين وبالمس بالبنى التحتية أيضا. الخطيئة الثانية كانت في فقدان السيطرة على القوات المقاتلة. ظواهر نعرفها من حروب سابقة تعاظمت في هذه الحرب. نزعة الثأر – دافع مفهوم بعد مذبحة 7 أكتوبر لكن هدام في جيش يعمل حسب القانون – لعبت دورا لكن لا يقل عنها سكرة القوة لدى القادة واستخفافهم بالاوامر اتي تأتي من فوق، فيما على اكتاف مصدري الأوامر كل ثقل القصور. الإهمال ولد اهمالا.

    عن جزء من هذه الظواهر تحدثنا هنا؛ قسم شطب في الماضي عن النشر. واقصد الاستخدام غير المنضبط بالذخيرة، التدمير لغرض التدمير، الطرد لغرض الطرد، السلب والنهب، الزعرنة، ارسال المحليين لتمشيط البيوت بدلا من الكلاب المدربة للمهمة او المقاتلين. وهن الانضباط كلفنا حياة مقاتلين، حياة مخطوفين وكذا، على الطريق، تبذير ذخيرة فاقم تعلنا بالإدارة الامريكية. بدلا من لجم القوات، ملأوهم بالخطابية القتالية، واحيانا بنزعة دينية شجعتهم على الشذوذ عن المعايير.

    عند الاستخدام للمحليين كدرع بشري، او ما كان يسمى ذات مرة “نظام الجار” يجدر بنا أن نتوقف للحظة. موقع “المكان الأكثر حرارة في الجحيم” نشر هذا الأسبوع نبأ جاء فيه أن ضابطا في لواء الناحل اطلق النار فقتل فلسطينيا كان مع قوة من الجيش الإسرائيلي في منزل في قطاع غزة. اخطأ إذ اعتقد انه مخرب. الجيش الإسرائيلي اكد التفاصيل وأوضح بان “الحالة حقق فيها من قائد اللواء، ودروس التحقيق ستطبق وستغرس في عمل القوات”.  رد الجيش لم يشرح ما الذي فعله الفلسطيني هناك ومن جنده.

    يدور الحديث عن ظاهرة منتشرة ومقلقة جدا. القوات في الميدان لاحظوا وجود معاونين فلسطينيين عملوا الى جانبهم كوحدات مخولة. ودربوا على مهامهم. الفكرة اعجبت ضباطا في الميدان. للمحلي الذي جندوه، بخير متاع او قسرا، الصقوا به اللقب المهين “بعوضة”. في وحدات المدرعات والمدفعية فضلوا لقبا آخر: “شاويش”. الشاويش بالعربية هو الخادم. وظيفت المحلي هي استباق القوة في تمشيط منزل او طريق. أحيانا تكون له وظائف أخرى؛ ان يعد القهوة مثلا؛ ان يحضر الطاولة؛ ان يلقي القمامة. وعليه فانه يسمى شاويش. قبل سنوات كثيرة، في خدمة الاحتياط استدعينا لحراسة سجن عوفر في الضفة. دهشنا إذ اكتشفنا بان السجناء الأمنيين المسجونين هناك يطبخون وجبات السكانين، بالسكاكين وزبالنار، باذن وصلاحيات، ينظفون أوانيهم ومراحيضهم. مخربون شاويشون. اذا لم نستيقظ في الوقت المناسب، فالى هناك سيسير أيضا احتلالنا في غزة.

    -------------------------------------------

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    هآرتس 10/1/2025

     

     

    حتى لو قمنا باحتلال كل الشرق الأوسط، لن ننتصر في هذه الحرب

     

     

    بقلم: يئير اسولين

     

    كلما مر الوقت، قريبا سنصل الى سنة ونصف من ذان السبت اللعين، يتعزز الاعتقاد بشأن خسارتنا وكم سنخسر. لا يوجد أي انتصار، سواء عسكري أو غيره، يمكنه محو هذه الخسارة. حتى لو قمنا باحتلال كل الشرق الأوسط وحتى لو استسلم الجميع لنا فنحن لن ننتصر في هذه الحرب. يصعب كتابة ذلك، هذا ألم غريب، لكن مع ذلك هذا هو الشعور. نحن خسرنا في 7 أكتوبر، ونحن نخسر مع كل جندي يقتل وكل مخطوف لم يعد، مع كل عائلة توجد خارج بيتها وكل جندي تذمرت روحه، ومع كل طفل عاد للتبول في الفراش.

    نحن خسر أيضا مع كل بيت نضطر الى هدمه، وكل حي نضطر الى تدميره، وكل جمهور نصطر الى قتله. بشكل متعمد أنا أكتب مضطر. لا أعتقد أن إسرائيل تدمر عبثا أو تقتل عبثا، لكنني اعتقد أن كل عملية كهذه فقط تعمق خسارتنا، وأننا لا ندرك هذه الخسارة، ونخطيء اذا اعتقدنا بأن النصر يبدو هكذا. نحن لا نخسر للعدو، بل لانفسنا، نخسر روح الأمة، الوعي واولادنا والمكان الذي ربما نريد اقامته هنا.

    الامر المهم جدا الذي تعلمنا إياه هذه الحرب هو أنه يمكن خرق السيادة بالقوة، كما فعلت حماس في ذاك السبت اللعين، لكن لا يمكن إعادة السيادة بالقوة، ولا يهم ما هي القوة. السيادة هي مثل الايمان والهوية، يجب بناءها من جديد، خطوة خطوة، ليس تجاه الخارج بل بالذات تجاه الداخل.

    من لا يسألون انفسهم ماذا أراد الواقع أن يقول لنا في ذلك السبت، وما يريد قوله لنا منذ ذلك الحين، لن يجدوا أي جواب على ذلك في أي يوم. فطالما أن ضجيج المدافع ما زال يصم الآذان فنحن، مجتمع تنزف سيادته. هذا لا يعني أنه لا يجب علينا القتال. بل يجب. أنا لست من دعاة السلام، لكن الامن الحقيقي على لمدى طويل لن يكون لنا اذا لم نعترف بأننا خسرنا. بالتأكيد يجب علينا فعل كل ما في استطاعتنا لاعادة المخطوفين في اسرع وقت ممكن، لكن ليس من اجل النصر. المخطوفون يجب اعادتهم كي نستطيع التعلم من جديد كيفية التنفس. السعي الى النصر العسكري، الذي يبدو أنه سيمحو الخسارة، اصبح آلية قمع – عند قلائل اصبح آلية خداع، التي هي الأكثر خطورة بالنسبة لنا.

    لقد كتب في السابق هنا بأن التمييز بين الذين يعترفون بالخسارة وبين الذين ينكرونها، ربما هو التمييز الأكثر دقة بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي الآن. هذا الاعتراف يزداد حدة فقط. الزعامة القادمة في إسرائيل يجب أن تكون زعامة تعرف كيفية الاعتراف بهذه الخسارة، ليس بمستوى اتهام جهات معينة، بل بمستوى الانتقاد الذاتي العميق لما اوصلنا الى هذه اللحظة. الاعتراف بمسؤوليتنا جميعنا عن الطريق التي مشينا فيها، وعن القصة التي قمنا بروايتها وعن الأخطاء.

    حتى هذه اللحظة أنا لم اسمع أي زعيم، سياسي أو اجتماعي، من أي طرف يجري حقا انتقاد ذاتي لاذع كهذا. حتى هذه اللحظة لم اسمع أي زعيم يقول بأننا خسرنا وأننا نخسر – ليس فقط بالمعنى العسكري. وأن هناك شيء عميق معيب في فهم الواقع، الفضاء وانفسنا بالاساس.

    القوة الكبيرة لليهودية، التي مكنتها من البقاء على مدى التاريخ، هي القدرة على الاعتراف بالخسارة والاخطاء والدمار، وتحديد أيام للصوم والحداد سنة تلو أخرى. اليوم هو يوم الجمعة، وهو يوم صوم 10 كانون الثاني، آلاف السنين صام اليهود في اليوم الذي فرض فيه نبوخذنصر (ملك بابل) الحصار على القدس. انتصارنا الوحيد الحقيقي كمجتمع، والقدرة على الولادة من جديد وخلق مستقبل، تتعلق بشكل مطلق بالقدرة على إدارة بشكل صحيح وسليم وثوري النقاش حول الخسارة.

    -------------------------------------------

     

    إسرائيل اليوم 10/1/2025

     

     

    ماذا سنكسب من السلطة الفلسطينية في غزة

     

     

    بقلم: د. ايتان اوركيفي

     

    إذا كان ثمة اجماع على طول وعرض اليمين السياسي في إسرائيل فانه يتلخص في رفض جارف لخيار السلطة الفلسطينية في غزة، هذه إمكانية رفضت رفضا باتا في كل بحث، وتستقبل بنفور ممزوج باشمئزاز. التفكير في أن يتلقى أبو مازن غزة على طبق من فضة، سكب جنودنا دما كي يوسعوا مساحة قضاء حكمه تبعث على نفور أخلاقي.

    كثيرون في اليمين يذكرون أيضا، وعن حق، بانه لا فرقا شاسعا بين المفاهيم الايديولوجية الأساسية للسلطة الفلسطينية وتلك لحركة حماس. لاسامية فظة، تعليم على الكراهية والعنف، اعتراف واحترام لقتلة اليهود وعبادة الإرهاب – هي جزء لا يتجزأ من الثقافة السياسية وفلكلور السلطة الفلسطينية. يجد هذا تعبيره في مناهج التعليم من روضة الأطفال وحتى الجامعة، في كتب التعليم، في وسائل الاعلام، في خطب الجوامع، وفي الخطابات العلنية للشخصيات العامة والزعماء.

    إن نقل الحكم في غزة من حماس الى السلطة الفلسطينية، سيقولون لكم في اليمين، هو القفز من الرمضاء الى النار؛ هو ان توصي – وتتلقى – مزيدا من الامر ذاته.

     

    سيطرة إسرائيلية في المنطقة

     

    كل هذه حجج صحيحة. لكن ما يفوته كثيرون من أصدقائي في اليمين هو أن نقل الحكم في غزة الى السلطة الفلسطينية هو ليس جائزة، وبالتأكيد ليس جائزة للارهاب. هذا صعب، لكن ينبغي التحرر من خط التفكير الذي يفحص ويقيس هذه الخطوة بتعابير الربح أو الخسارة للطرف الاخر. ينبغي التفكير بأمر واحد فقط: ما نحققه نحن من منفعة.

    مع الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كجسم سلطوي معترف به وشرعي في غزة، سيفتح لإسرائيل مجال جديد من الشرعية الدولية. أروني دولة واحدة، جسم دولي واحد، سياسي واحد – سيعارض ذلك. عمليا، الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كالجسم السلطوي المعترف به في غزة واشتراط كل تقدم أو انسحاب إسرائيلي بإقامة كاملة وناجعة لمؤسسات السلطة الفلسطينية على كل أراضي القطاع، هو اغلب الظن المسار الشرعي الوحيد لاعتراف دولي وتأييد سياسي كامل للهدف الأساس لإسرائيل في حرب السيوف الحديدية: تقويض حكم حماس وازالته.

    هذه خطوة ستؤيدها أيضا الدول العربية المعتدلة وكذا تلك التي تعد سيدة الفلسطينيين – بمن فيهم حماس – مثل قطر. من الصعب التصديق بانها ستوقف أو تحبط خطوة توحيد سلطوي بين قطاع غزة والضفة. من الصعب التصديق بانها ستحبط ترتيبا رسميا للجسم السلطوي المعترف به، الشرعي والمقبول الوحيد للفلسطينيين.

    يتخيل الإسرائيليون في رؤوسهم أبو مازن يدخل على رأس قافلة سيارات فاخرة الى غزة ويستقبل كمنتصر وكالرابح الأكبر من كل الحدث. عن حق ينزعجون من مجرد التفكير بذلك. لكن بعد أن ينقضي الانزعاج، سيبدا واقع يعرفونه جيدا – ليسوا مستعدين لان يتخلوا عنه.

    المقصود هو التنسيق الأمني مع قوات السلطة الفلسطينية، واكثر من ذلك: اليد الحرة التي لإسرائيل للعمل في كل لحظة معطاة في كل مناطق يهودا والسامرة. هذا هو المعنى العملي، غير الرمزي، لطرد حماس وفرض حكم السلطة الفلسطينية على غزة: حرية عمل إسرائيلية في كل المنطقة. إمكانية الدخول والخروج على أساس يومي. تنفيذ الحملات من كل الأنواع. ترميم وتشغيل الاستخبارات بكل أنواعها، بما في ذلك الاستخبارات الشخصية.

    في غضون زمن ما سيتحول قطاع غزة من ثقب اسود استخباريا وشرك موت عملياتي – الى مجال مفتوح وقابل للوصول اليه يمكن للشباك وأماكن أن يقرأوا ما يفعل فيه ككتاب مفتوح، وقوات الامن يمكنها أن تعمل فيه بمرونة وبتواجد نسبي. هذا هو معنى حكم السلطة الفلسطينية في غزة؛ هذا هو المقابل الذي سنحصل عليه من تقديم “الجائزة” لابو مازن. وكل ذلك في اطار شرعية سياسية وعالمية.

     

    هزيمة فلسطينية في الواقع

     

    ثمة في دوائر اليمين أفكار مشوقة – لا ينبغي رفضها رفضا باتا وهي جديرة بالبحث – عن مبنى سلطوي جديد تماما في غزة. احتلال كامل وسيطرة مدنية على المناطق، وربما أيضا إقامة بؤر وخلايا استيطانية. حكم عسكري على السكان المدنيين يدمج حكما إداريا ذاتيا للسكان وفقا لمفتاح القبائل والعشائر.

    مشكوك أنه سيكون لإسرائيل تفويض سياسي لاجراء هذه التجربة في غزة. مشكوك جدا ان يكون بوسعها دفع الثمن، اذا ما انهارت هذه النماذج التجريبية. مشكوك اكثر اذا كانت هذه النماذج السلطوية المميزة والاصيلة ستسمح باعمار القطاع بمشاركة الاسرة الدولية – دون أن يقع العبء اللوجستي والاقتصادي على كاهل إسرائيل. ولعله ينبغي أن نذكر بان على المجتمع الإسرائيلي أن يرمم في السنوات القريبة القادمة نفسه وليس اعدائه.

    لكن بقدر ما نفكر في هذا، من زاوية نظر يمينية أيضا فان الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كالجسم السلطوي المخول في غزة هو الامر الأقرب الذي يمكن لإسرائيل أن تقبله، بشرعية دولية، لجباية ثمن إقليمي في اعقاب هجمة حماس المفاجئة. فواضح للفلسطينيين أيضا كالشمس الفرق بين الدكتاتورية الشمولية لحماس التي كان يمكنها أن تحقق إمرتها السلطوية والسياسية دون عراقيل ودون كوابح، وبين حكم السلطة الفلسطينية الذي يتناسب اكثر مع تعريف الحكم الذاتي المحدود منه للدولة السياسية. كما انه واضح للفلسطينيين أيضا بان حدود حكم السلطة الفلسطينية والسيطرة العسكرية، النظامية والسياسية لإسرائيل في الضفة.

    السلطة الفلسطينية قد تحتفل لكن الهزيمة الرنانة لحماس ستكوي الوعي الوطني الفلسطيني كانهيار مدوٍ للتجربة السياسية الأولى للفلسطينيين في أن يعيشوا كوحدة سياسية مستقلة. ما سيحتفل تجاه الخارج كانجاز، هو عمليا هزيمة. بشكل مفعم بالمفارقة، هذا بالضبط هو الوضع الذي ينبغي توجيه اليمين السياسي اليه.

    ------------------------------------------

     

    هآرتس 10/1/2025

     

     

    وزيرا العدل والخارجية يعملان على “تسيس” لجنة تعيين القضاة

     

    بقلم: يوسي فارتر

    قبل بضعة أسابيع فقط بدا ياريف لفين متفائل فيما يتعلق باحتمالية إجازة قانون لتغيير تشكيلة لجنة تعيين القضاة، بالصيغة التي أملها. “أنا سأجلب الحريديين”، قال في محادثات خاصة. بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع بدا متردد أكثر. هذا كان تقريبا بعد أن أوضحت له جهات لها صلة بالاحزاب الحريدية بأنها لن تركب سفينة استحواذه للمحكمة العليا – ليس قبل أن يجلب لهم قانون الاعفاء من الخدمة، مطبوخ ومصنوع بشكل جيد.

    لفين، كما قال من التقوا معه، كان في حالة يأس. فبعد سنتين اصابت فيها الدولة بجنون إصلاحه المدمر، لا يوجد لديه الآن ما يعرضه باستثناء فظائع 7 تشرين الأول 2023، التي ربما ما كانت لتحدث لولا الشرخ في المجتمع واضعاف الجيش وفقدان الردع وكل ما هز الدولة.

    مع الاخذ في الحسبان مزاج وزير العدل، فانه من غير المفاجيء أنه وافق على التنازل عن الفكرة الاصلية والاكتفاء بما هو أقل منها، بفضل تدخل وزير الخارجية جدعون ساعر. لا شك أن الاقتراح الحالي افضل من سابقه (هو في الأصل، كما قلنا، لم تكن له أي احتمالية لتمريره، على خلفية الصعوبة في المصادقة على قانون الاعفاء). لا شك أن هناك جوانب تغمز للمعسكر الليبرالي، وربما أيضا تثير غضب “قاعدة” اليمين. منذ بضعة اشهر يحدثونه الى أي درجة اسحق عميت هو شخص خطير، يساري وناشط مصاب بالخرف، وما هي الكارثة التي ستحدث هنا اذا تم تعيينه كرئيس دائم للمحكمة العليا.

    في الخطة المقترحة للفين هو يوافق من كثرة السخاء على تعيين عميت بشكل دائم، الذي في الأصل كان يمكن أن يحصل على التعيين في 16 الشهر الحالي. في المقابل، هو وساعر يعملان على تحويل اللجنة الى لجنة سياسية خالصة، حتى بدون أي شكل ظاهري للاعتبارات المهنية. هذه نتيجة سيئة ولا يهم تحت أي حكومة.

    حسب الاقتراح الذي تم عرضه في فيلم غريب (يجلسون على الكراسي بجانب بعضهم وكأنهم يلتقطون صورة تذكارية). ممثلو المحكمة العليا في اللجنة، التي حتى الآن بدون موافقة منهم لا يمكن انتخاب قضاة المحكمة العليا، سيفقدون الوزن الزائد؛ ممثلا مكتب المحاماة، اللذين من البداية تم شملهما في اللجنة لجلب روح “الميدان” الى عملية الانتخاب، كما يظهران كل يوم امام القضاة المركزيين ويعرفان مزاجهم وطابعهم ومؤهلاتهم – سيتم ابعادهم عنها، وسيتم استبدالهم بمحاميين، واحد منهما سيتم اختياره من قبل المعارضة والآخر من قبل الائتلاف.

    هذا تسييس كامل يتخفى تحت قناع “المصالحة”. بين من ومن؟ هل بين لفين وساعر؟ حتى الآن كان السياسيون في لجنة تعيين القضاة يختارون القضاة حسب الليبرالية والمحافظة بالأساس. ولكن هذا وبحق ليس أساس انشغال المحكمة العليا. المواضيع القانونية هي على الهامش. 95 في المئة من وقت قضاة المحكمة العليا يتناول المواضيع المدنية والجنائية. لا يوجد من هو مناسب اكثر من قضاة المحكمة العليا الثلاثة الذين يوجدون في اللجنة وممثلي مكتب المحاماة كي يقدروا قدرة المرشحين ومناسبتهم لهذا المنصب.

    من الآن فصاعدا، الاختيار سيكون فقط حسب ميلهم السياسي. هذه وصفة موثوقة لخلق محكمة عليا سيئة. حرمان حق الفيتو للثلاثة قضاة المحكمة العليا في اللجنة وإعطاء حق الفيتو فقط للسياسيين، هذا أمر سيء. ساعر دائما تفاخر بقانون “السبعة من بين التسعة”، الذي هو على اسمه، والذي ينص على أن الأغلبية المطلوبة لانتخاب قضاة المحكمة العليا كي لا يكون لأي طرف حق الفيتو الحصري. تقريبا هو يقترح الغاء ما عرضه دائما وبحق كراية له. حسب ما نشر أمس فانه ليس هو، وبالتأكيد ليس لفين، الذي سعى الى اشراك عميت في الصيغة.

    رؤساء المعارضة لم يقوموا ببلورة أي موقف. في جميع الحالات حتى لو تم التوصل الى اتفاق حول الخطة المقترحة أو على شيء قريب منها فان الثمن يجب أن يكون تعهد لفين بالتعاون مع عميت والتنازل عن كل قوانين الانقلاب الأخرى مثل اغلاق الهيئة والسيطرة على مكتب المحامين والتهديد بعزل المستشارة القانونية للحكومة وما شابه. بدون ذلك لن تكون صفقة.

     

    التهرب مقابل الضم

     

    عضو الكنيست موشيه غفني جاء في هذا الأسبوع ليبلغ من يعتبر “شيخ مجلس كبار رجال التوراة في ديغل هتوراة”، الحاخام مئير تسفي بيرغمان. الفيلم القصير الذي نشر عن الحدث، الحاخام ابن الـ 95 ظهر ضعيفا، لكنه سمع بوضوح. غفني ابلغ استاذه وحاخامه بأن الجهود لبلورة صيغة قانونية لاعفاء عشرات آلاف الحريديين من الخدمة، لا تنجح. “بدون ذلك لن تكون لهم حكومة”، قال غفني. الأستاذ والسيد سأل: “ألا يهم ذلك؟”، غفني أجاب: “يهم، لكنهم لا ينجحون”. الحاخام فكر فيما سمعه وقال: “يجب عليهم المحاربة”، اصدر حكمه. نعم، يجب عليهم المحاربة كي لا يحارب الحريديون، لا سمح الله. المفارقة دفنت وجهها المتكدر في سفر المزامير.

    الشريك المخلص للحريديين هو سموترتيش، الذي في هذه الاثناء يواصل السير ضد ناخبيه وضد حوالي نصف قائمته في مسألة قانون الاعفاء. يبدو أن هذا هو خطأ سياسي خطير. لو أنه قام بحل، أو هدد بحل، الحكومة بسبب هذا الموضوع لكان سيشاهد انبعاث سياسي للاموات ويكتشف من جديد نسبة الحسم، من جانبه الأعلى وليس الأدنى. في المقابل، سموتريتش يعرف أيضا أن احتمالية أن يكون له ولرجاله بعد الانتخابات قوة كبيرة، كما يوجد لهم الآن، هي ضعيفة جدا. لذلك، هو يتمسك بهذا العالم بكل ثمن (لذلك هو أيضا لن يقدم استقالته اذا كانت هناك صفقة، أي صفقة. ونتنياهو يمكن أن يكون مطمئن بخصوصه).

    في المحادثة التي اجراها مع متصفحين في “اكس” وفي الفيس بوك في يوم الأربعاء، جلس الوزير بغطرسة وامامه كوب شاي. لقد قام بشرح المباديء الذي توجهه بخصوص صفقة التبادل: الصفقة “الصغيرة” التي نوقشت الآن في الدوحة هو يعارضها لأنها “تبقي معظم المخطوفين خلفها”. بالنسبة للصفقة الكبيرة التي ستعيد الـ 99 مخطوف الى البيت، هو يعارضها بسبب الثمن الباهظ: انهاء الحرب، انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، اطلاق سراح المئات من المخربين. بالنسبة له “لا يجب اجراء المفاوضات مع حماس”، و”في غزة يجب البقاء لفترة طويلة والتوقف عن الخوف من كلمة احتلال”.

    هكذا، بدم بارد هو يحكم باقوال هراءات بموت المخطوفين الذين بقوا على قيد الحياة، تقريبا نصف العدد الإجمالي وربما اقل بكثير. هذه هي “الصهيونية الدينية” على صيغة سموتريتش: التخلي عن المخطوفين وتركهم يموتون بألمهم لصالح التطلعات المسيحانية لاعادة الاستيطان اليهودي في قطاع غزة وطرد الفلسطينيين من أراضيهم.

    الدعوة (ليس للمرة الأولى) لارتكاب جرائم حرب (عندما قام بالقاء خطابه في هذا الأسبوع في ساحة العملية في الضفة الغربية، “جعل الفندق ونابلس وجنين مثل جباليا”)؛ دعم قانون الاعفاء من الخدمة في الوقت الذي فيه يقتل الجنود من الجمهور الصهيوني الديني، في الاحتياط وفي الخدمة النظامية، بنسبة اعلى من نسبتهم في أوساط السكان.

    سموتريتش واصدقاؤه المسيحانيون ينتظرون دخول ترامب الى البيت الأبيض، وسنتين لحكومة يمينية في موازاة إدارة أمريكية متعاطفة وغير متوقعة، التي ربما في ظلها سيتم تطبيق خلاص الضم. مقارنته واضحة: ثمن الحياة لا يدغدغ ثمن المناطق، بما في ذلك قطاع غزة.

     

    تحالف العار

     

    المنافسة كل أسبوع بين منتخبي الحزب الحاكم، حول من يهبط الى الأسفل اكثر ومن الذي سيضر اكثر، كانت خصبة بشكل خاص في هذا الأسبوع. قائمة جزئية: الوزير شلومو كرعي اعلن بأنه لن ينفذ قرار حكم المحكمة العليا؛ الوزيرة ماي غولان، التي فسادها وضعفها تم عرضهما في تقرير في “اخبار 12، انقضت بوقاحة مميزة على وسائل الاعلام بدون تلفيق ادعاء منطقي واحد حول جرائمها؛ عضو الكنيست نسيم فيتوري، الذي يوجد اجماع نادر على حجم وعمق غبائه في الكنيست، شعر بالحسد من حملة الكذب ضد جنرالات الاحتياط إسرائيل زيف ونوعام تيفون، وقرر ذكر بالذات جنرال آخر خرج بجسده لإنقاذ الأرواح في 7 أكتوبر، يئير غولان، وألمح بأنه جزء من الخيانة.

    يجب القول بأنه حتى لو قامت سانغاوكر باشعال اطار في طابق اللجان، إلا أنها ما زالت تحترم الكنيست اكثر من الشخص الذي يترأسها. اوحانا الذي يحتقر ويسيء حتى الى منصبه اكثر من أي رئيس سابق له. فهو يعمل، من جهة كنائب لرئيس الائتلاف ومن جهة أخرى كشخص أحمق، في مهمة من منزل نتنياهو ضد جهاز القضاء والمحكمة العليا. هذه هي ذريعة وجوده السياسي. لا يوجد له أي جوهر أو مضمون باستثناء خدمة العائلة في قيصاريا.

    ------------------------------------------

     

    هآرتس 10/1/2025

     

     

    كلمة السنة المناسبة هي الانبطاح

     

    بقلم: أسرة التحرير

    وفرت أكاديمية اللغة العبرية هذا الأسبوع اقتراحا لعالم الأحلام للديمقراطية البيبية مثلما في كل سنة، قبيل "يوم العبرية"، الذي يحتفل بيوم ميلاد محيي اللغة اليعيزر بن يهودا، طلبت الأكاديمية اقتراحات من الجمهور كي يختاروا "كلمة السنة". استجاب الجمهور بحماسة للدعوة وعلى رأس الكلمات التي اقترحت للاختيار كانت "الاهمال". لكن الاكاديمية تجاهلت اختيار محبي اللغة العبرية وشطبت الكلمة من المنافسة ومثلها أيضا كلمة "صفقة".

    وعللت الاكاديمية الرقابة بـ "ابداء مسؤولية جماهيرية" و "منع مناكفة سياسية على منصة رسمية". الرسالة من خلف المعاذير واضحة: عدم إعطاء شرعية واحترام للتعبير الذي يتماثل في الخطاب الجماهيري، وعن حق، مع مسؤولية رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو عن قصور 7 أكتوبر والمعاناة المتواصلة للمخطوفين في غزة. واذا كان، استمرارا للاهمال، يواصل نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف الاعتراض على الصفقة لاعادة المخطوفين، فان الاكاديمية تشطب أيضا كلمة "صفقة". وبالطبع "الانقلاب" الذي لعله سيغضب القاموسي السابق يريف ليفين، الذي وجد له امس شريكا جديدا – قديما في رحلته عديمة الكوابح لتدمير الديمقراطية، جدعون ساعر. باسم التوازن شطب أيضا شعارا نتنياهو، "انبعاث" و "نصر مطلق"، لكن "كخطوة" بقيت في المنافسة. كلمة "مخطوفون" ابقيت بالذات ربما لان شطبها من المنافسة مع ذلك سيبدو مبالغا فيه وعسيرا على الهضم حتى لمؤيدي النظام.

    أحيانا تكفي كلمة واحدة لرواية قصة كاملة، وقرارات اكاديمية اللغة العبرية توفر اطلالة على مستقبل يسعى نتنياهو ومساعدوه اليه: تطهير الخطاب الجماهيري واللغة بعامة من تعابير نقدية تجاه الحكم. فلماذا الحديث عن الإهمال، حين يكون ممكنا القول بدلا منه "مسؤولية". ولماذا "صفقة"، التي هي في نظر نتنياهو ووزرائه تعد كخضوع لحماس، اذا كان ممكنا الهتاف لـ "البطولة"؟ هكذا سيبدو البث الجديد في عالم أحلام رئيس الوزراء: سلسلة لا تتوقف من الثناء وتعابير التمجيد للزعيم وعقيلته، مثل "وزارة الحقيقة" من كتاب "1984" لجورج اورويل او التلفزيون السوري في عهد الأسد. في منظار اورويل كانت الحرب سلاما، اما في منظار نتنياهو فالاهمال هو مسؤولية.

    أكاديمية اللغة العبرية هي جسم مهني، أعضاؤه مبدعون، مترجمون وباحثو لغة وأدب عبري يعينون لكل أيام حياتهم. من الصعب أن نتخيلهم يتلقون تعليمات في رسائل قصيرة مع الكثير من علامات التعجب من سارة نتنياهو. ومع ذلك، فقد عملوا لإرضاء الحاكم وتجميل الواقع بروح تناسبه، بالضبط مثل نشطاء "آلة السم" البيبية في الشبكات الاجتماعية. خسارة فقط أن كلمة السنة المناسبة لهم، "الانبطاح" لم تصل هذه المرة إلى نهائي المنافسة.

    -----------------انتهت النشرة-----------------


    http://www.alhourriah.ps/article/96887