• الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 30/12/2024 العدد 1196
    2025-01-01
    الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

    افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

     

     

     

     

    معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 30/12/2024

     

     

    الحل لمشكلة الحوثيين لا يوجد في إيران

     

     

    بقلم: داني سترينوفيتش، باحث في برنامج ايران في معهد بحوث الامن القومي، خدم في شعبة الاستخبارات "امان"

     

    لقد تبنى الحوثيون مؤخرا نمط عمل يهدف إلى استنزاف السكان الإسرائيليين وبالتالي زيادة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الحملة في قطاع غزة. وفي ضوء عدم فعالية الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية في التعامل مع المنظمة الإرهابية اليمنية، فمن المناسب زيادة نشاط التحالف وإسرائيل بشكل كبير ضد قيادة المنظمة وقدراتها على إنتاج الصواريخ وإطلاقها. ومن المرجح أن يؤدي الهجوم على إيران، الذي يتعارض مع المصالح الأميركية، إلى تدهور المنطقة إلى حملة إقليمية ومن غير المرجح أن يغير نمط عمل الحوثيين، الذين يعتبرون أنفسهم مستقلين وغير خاضعين لتعليمات طهران.

    منذ نشوب حرب “السيوف الحديدية”، يعمل الحوثيون في اليمن ضد دولة إسرائيل بهدف ممارسة الضغط عليها لإنهاء الحملة في قطاع غزة. وتتركز أنشطة الحوثيين في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه أراضي دولة إسرائيل (في البداية باتجاه منطقة إيلات، ومع التحسينات التكنولوجية التي أدخلها الحوثيون – أيضًا باتجاه كتلة دان)، وكذلك الهجمات في المجال البحري ضد أي سفينة تمر عبر مضيق “باب المندب” ومقصدها إسرائيل.

    وردًا على أنشطة الحوثيين ضدها، اكتفت دولة إسرائيل بردود محدودة تستند إلى قدرات سلاح الجو الإسرائيلي، الذي قصف مواقع البنية التحتية في اليمن أربع مرات في العام الماضي، وخاصة في منطقة ميناء الحديدة والعاصمة صنعاء، وفي الهجوم الأخير في 26 ديسمبر، كان مطار صنعاء الدولي أيضًا هدفًا للهجوم الإسرائيلي. قد يكون هذا النشاط ناجحًا على المستوى العملياتي، لكنه لم يغير الواقع الحالي حقًا. وذلك لأن الحوثيين لم يتوقفوا عن إطلاق النار على إسرائيل وتسببوا في الواقع في “تجفيف” ميناء إيلات، الذي توقفت عملياته الآن تمامًا.

    في الآونة الأخيرة، يبدو أن الحوثيين تجاوزوا مرحلة في الحملة ضد إسرائيل ويحاولون الآن استنزاف سكانها بإطلاق الصواريخ كل ليلة تقريبًا باتجاه كتلة دان. ومن وجهة نظر الحوثيين، حتى لو تم اعتراض هذه الإطلاقات، فإنهم “يقومون بالمهمة” لأنهم يضغطون على السكان الإسرائيليين: يتم تشغيل أجهزة الإنذار الليلية في مناطق واسعة من كتلة دان – حتى بعد عمليات الاعتراض الناجحة، خوفًا من سقوط شظايا من الاعتراض.

    نظرًا لعدم فعالية العمل الإسرائيلي ضد الحوثيين والتحدي العملياتي الذي يشكلونه لدولة إسرائيل، بدأت أصوات مهمة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تُسمع تدعو إسرائيل إلى التفكير في مهاجمة إيران وبالتالي تؤدي إلى وقف عمليات الإطلاق من اليمن. ويستند هذا الادعاء في المقام الأول إلى حقيقة أنه بعد إضعاف حزب الله بشكل كبير وفي ضوء نتائج الهجوم الإسرائيلي في 26 أكتوبر، ألحقت إيران أضرارًا جسيمة بنظام الدفاع الإيراني وقدرتها على إنتاج الصواريخ، فمن الأسهل على إسرائيل أن تعمل ضدها وعلى أراضيها.

    ولكن يجب التأكيد على أنه حتى لو كان من الأسهل على إسرائيل من الناحية العملياتية أن تعمل علانية في إيران، فمن المشكوك فيه للغاية أن يغير الهجوم على إيران حسابات الحوثيين بأي شكل من الأشكال فيما يتعلق بنشاطهم المستمر ضد إسرائيل. ففي نهاية المطاف، لا يمكن وصف العلاقة بين إيران والحوثيين بأنها علاقة راعي-عميل. ورغم أن إيران تساعد الحوثيين في بناء قوتهم العسكرية، بما في ذلك توريد الأسلحة الاستراتيجية، فإن الحوثيين صارمون في مسألة الاستقلال عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار ولا يأخذون بالضرورة في الاعتبار المصالح الإيرانية. وكدليل على ذلك، عندما هددت الإدارة الأميركية الإيرانيين وطالبتهم بالضغط على الحوثيين لوقف إطلاق النار على السفن الأميركية المارة عبر البحر الأحمر، لم يتغير شيء. وسواء اقترب الإيرانيون من الحوثيين وتلقوا رداً سلبياً أو لم يقتربوا منهم على الإطلاق، فإن النتيجة واحدة ــ قدرة طهران على التأثير على عملية صنع القرار لدى الحوثيين محدودة للغاية.

    ويرى الحوثيون أن نشاطهم ضد إسرائيل “يضعهم في عصبة العظماء”، سواء في نظر بقية أعضاء “المحور” (الذين يمتنع أغلبهم عن استخدام القوة ضد إسرائيل) أو في نظر دول المنطقة، التي تدرك أنهم قوة لا يستهان بها. فضلاً عن ذلك، فمن الصعب بل يكاد يكون من المستحيل خلق “معادلة ردع” ضد الحوثيين، الذين ليس لديهم ما يخسرونه تقريباً، كما أن نشاطهم المستمر ضد إسرائيل والولايات المتحدة يعزز قوتهم حتى ضد السكان المحليين، الخاضعين اقتصادياً لحكمهم.

    لذلك، يبدو أن استمرار النمط الحالي من النشاط الإسرائيلي في اليمن وحتى الهجوم المباشر على إيران لن يغير حقا الواقع الحالي في العلاقة بين إسرائيل والحوثيين. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يدفع الهجوم الإسرائيلي على إيران القيادة في إيران إلى الرد ضد إسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى تدهور المنطقة إلى حملة واسعة النطاق، وهو أمر مشكوك فيه للغاية ما إذا كانت الإدارة الحالية أو المستقبلية في الولايات المتحدة مهتمة به في هذا الوقت.

    إن القدرة على وقف أو على الأقل الحد بشكل كبير من نشاط الحوثيين ضد إسرائيل تكمن في تغيير سياسة إسرائيل والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في البحر الأحمر، والتي يجب أن تستند إلى عدد من المبادئ الرئيسية، بما في ذلك:

    الاستمرارية – يجب أن يكون هناك عمل مستمر ومستمر ضد المنظمة الإرهابية اليمنية، سواء هاجمت إسرائيل أم لا. يجب أن تكون المنظمة وشعبها في حالة دفاع دائم (“فكر في الدفاع، وليس الهجوم”). بالإضافة إلى ذلك، يجب على إسرائيل أن تدرس إمكانية زيادة وجودها الدائم في منطقة البحر الأحمر و/أو خلق سلسلة من الهجمات في اليمن، وعدم الاكتفاء بالهجمات المتفرقة، والتي من الواضح أن تأثيرها محدود.

    التنسيق – إلى جانب تكثيف النشاط الإسرائيلي (عندما يتضح أنه لن يكون من الممكن تكرار نفس نمط النشاط في اليمن كما كان الحال في لبنان أو قطاع غزة)، هناك حاجة إلى تغيير عميق في نمط عمل التحالف، الذي يسمح وجوده المادي بالقرب من اليمن بمساحة واسعة للنشاط ضد الحوثيين. يجب أن يكون نشاط التحالف أكثر كثافة ويتم تنفيذه ضد مجموعة واسعة من الأهداف التي يستخدمها الحوثيون. يجب أن يكون التنسيق بين إسرائيل والتحالف مثاليًا، مع التركيز على تحديد تلك “المناطق الحساسة” حيث يمكن أن يؤدي الضرر إلى إلحاق ضرر كبير بنظام الحوثيين.

    تنويع الأهداف – أهداف القيادة وبناء القوة – يجب خلق شعور بالاضطهاد لقيادة الحوثيين من خلال إلحاق الأذى المستمر والمستمر بكبار المسؤولين الحكوميين، مع التركيز على عناصر من قبيلة الحوثي بقيادة عبد الملك الحوثي وإخوته، الذين يشغلون مناصب قيادية عليا في اليمن.

    إيران – كما ذكرنا، ليس من الصواب إلحاق الأذى بإيران، ولكن لا شك أنه يجب اتخاذ إجراءات لمنع قدرة إيران على تقديم المساعدة العسكرية للحوثيين. ويتم ذلك من خلال إلحاق الضرر بعناصر فيلق القدس الإيراني المتواجدة في اليمن، بقيادة عبد الرضا يوسف شهلائي، الذين يساعدون بشكل كبير في بناء القوة اليمنية.

    الاستخبارات – إحدى المشاكل التي تصاحب الحملة ضد الحوثيين هي صعوبة إنتاج معلومات استخباراتية عالية الجودة وفي الوقت الفعلي يمكن أن تسمح بضرب مراكز الثقل للحكومة. إلى جانب بناء القدرات في هذا المجال، من المناسب تعزيز العلاقات مع دول الخليج، مع التركيز على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي حتى لو لم تتمكن من العمل بشكل مباشر ضد الحوثيين، فستظل قادرة على المساعدة بالمعلومات الاستخباراتية في ضوء معرفتها العميقة بالمنظمة الإرهابية اليمنية.

    يجب التأكيد على أن مشكلة الحوثيين ليست مجرد تحدٍ لإسرائيل، ومن الخطأ تحويلها إلى تحدٍ، إنها مشكلة لدول المنطقة والنظام الدولي بأكمله، الذي يعتمد على حركة الملاحة البحرية في منطقة “باب المندب”. ولتحقيق هذه الغاية، وفي ضوء تعقيد العملية على مسافة بعيدة من الحدود الإسرائيلية، فمن الصواب الاعتماد، إلى جانب نشاط أزرق أبيض، على نشاط التحالف الدولي والتوصل إلى اتفاق مع فريق الرئيس القادم ترامب بشأن الحاجة إلى زيادة نشاط التحالف ضد الحوثيين بشكل كبير.

    وإذا نظرنا إلى المستقبل، فحتى لو انتهت الحملة في قطاع غزة وحتى لو أوقف الحوثيون إطلاق النار، فلن يكون هناك مفر من الإطاحة بنظام الحوثيين في اليمن. ولن تكون هذه مهمة سهلة، ولكن على النقيض من دول أخرى في الشرق الأوسط، فإن اليمن لديها قوات، في جنوب البلاد بشكل رئيسي، تعتمد على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ويمكنها تحمل المسؤولية عنها (على الرغم من وجود اختلافات في الرأي بينهما بشأن توحيد أجزائها)، في ظل انهيار نظام الحوثيين.

    إذا كان هناك درس تعلمه الحوثيون من الحدث الحالي، فهو يتعلق بقدرتهم على استخدام القوة العسكرية التي بنوها مع إيران لابتزاز التنازلات السياسية من دول المنطقة وبشكل عام. وفي ضوء ذلك، حتى لو توقف إطلاق النار على إسرائيل مؤقتًا، فمن المرجح أن يستأنف في المستقبل لأسباب أخرى (على سبيل المثال، سواء فيما يتعلق بالعلاقة بين الحوثيين والسعوديين، أو النشاط الإسرائيلي ضد عناصر “المحور” الأخرى). وعلاوة على ذلك، فإن المعرفة التي اكتسبها الحوثيون في الحملة ضد إسرائيل تنتقل إلى عناصر أخرى تابعة لإيران في الشرق الأوسط، مثل الميليشيات الشيعية في العراق، وهذا سبب آخر يجعل من المناسب التحرك للإطاحة بنظام الحوثيين. وإذا افترضنا أن هذا هدف قابل للتحقيق، فإنه سيكون بمثابة ضربة قاسية لجهود إيران لبناء القوة وترسيخ نفسها في المنطقة من مصر إلى القرن الأفريقي.

     

     خلاصة القول

     

    من الواضح أن ما تم القيام به حتى الآن لم يكن كافياً لتغيير الواقع الذي يواجه الحوثيين. صحيح أن الساحة اليمنية لم تكن على رأس أولويات إسرائيل، وبالتالي فإن إسرائيل تدفع ثمناً من حيث قدرتها على العمل بفعالية ضد التهديد اليمني، لكن الوقت قد حان لتغيير الوضع بشكل جذري – ومن المشكوك فيه ما إذا كان هناك أي خيار آخر.

    إن التحدي الحوثي يتطلب من إسرائيل أن تدرك أن المسافة والتحدي العملياتي يعنيان أنه لا يوجد نهج “مقاس واحد يناسب الجميع” للحملة ضد الحوثيين، ومن الأفضل أن تكون الاستجابة للتحدي متكاملة وليس من قبل إسرائيل وحدها. إلى جانب بناء القدرات الاستخباراتية وزيادة وجودها في المنطقة المصرية بطريقة تسهل على إسرائيل القيام بأنشطة عملياتية مستمرة ضد المنظمة، يجب على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن يدفع بشكل كبير نحو شن هجمات ضد كبار المسؤولين الحوثيين وشبكة إنتاج الأسلحة الخاصة بهم، مع الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية (أيضًا) من دول الخليج. كما أن الحملة الفعالة ضد الحوثيين ستخدم المصالح الثنائية لإسرائيل بشكل جيد، في المقام الأول مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية، التي ترى في الحوثيين تهديدًا حقيقيًا، وستسمح لمصر بإعادة فتح حركة الشحن إلى إسرائيل – وهي خطوة ستساهم أيضًا بشكل كبير في استعادة الاقتصاد المصري.

    -------------------------------------------

     

    هآرتس 30/12/2024  

     

    الجيش الإسرائيلي يدعي أنه لا معلومات لديه عن غزيين اختفوا وهم في حوزته

     

     

    بقلم: هاجر شيزاف

     

    منذ اندلاع الحرب ومصير الكثير من الفلسطينيين من قطاع غزة، الذين كانوا في حوزة الجيش الإسرائيلي، غير معروف، والجيش يدعي أنه لا يوجد لديه أي دليل على اعتقالهم أو احتجازهم، رغم أن المرة الأخيرة التي شوهدوا فيها كانوا محتجزين من قبل جنود أو أنه تم اعتقالهم. في الأشهر الأخيرة قدم فلسطينيون ومنظمات حقوق انسان 27 التماس من اجل الكشف عن مصير المفقودين. معظم هذه الالتماسات تم رفضها، لكن في بعض الحالات هذه الالتماسات أدت الى قيام الجيش باجراء فحص جديد وكشف أنه بالفعل الأشخاص الذين ادعى أنه لا يوجد لديه أي معلومات حولهم يوجدون في منشآت اعتقال اسرائيلية أو أنهم ماتوا.

    عبد الكريم الشنا اعتقل في نهاية كانون الثاني 2024 عندما حاول اجتياز حاجز للجيش جنوب خانيونس، بعد أن أمر الجيش السكان باخلاء المنطقة والانتقال الى المواصي (المنطقة التي تعتبر “منطقة آمنة” من قبل الجيش، لكن الهجمات فيها استمرت). خلال خمسة اشهر لم يسمع أبناء عائلته أي شيء عنه، واستمروا في البحث عنه بشكل محموم. في نهاية المطاف وصلت انباء عبر أسير محرر. “قال لنا بأنه شاهده في عسقلان (معتقل شكما) وأنه لم تكن توجد فرشات هناك وأنه عانى من التعذيب”، هذا ما قالته وهي تبكي  في مكالمة هاتفية ابنة شقيقه ضحى التي تعيش في الضفة الغربية. في اعقاب ذلك حاولت العائلة تنسيق زيارة لمحامية في ذلك المكان. في حينه قالوا لهم في مصلحة السجون بأنه فعليا هو غير محتجز هناك، بل في معسكر عوفر. بعد ذلك توجهوا الى مركز السيطرة العسكرية لشؤون السجون من اجل تنسيق زيارة لديه ولكنهم اجيبوا بأنه “لا يوجد مؤشر” على اعتقاله أو احتجازه على الاطلاق. طلب آخر حصل على نفس الرد.

    في محاولة لمعرفة أين يوجد الشنا فان عائلته التي بقيت في القطاع حاولت بكل طريقة خطرت ببالها. “لقد توجهنا الى وزارة الأسرى والصليب الأحمر و”الضمير”، وهي منظمة فلسطينية تساعد الاسرى، وكل منظمة خطرت ببالنا”، قالت ضحى. “بحثنا عن سجناء تم اطلاق سراحهم، وفي كل مرة سمعنا فيها عن تحرير اسرى ذهبنا الى المستشفيات كي نسألهم ونرى اذا كان أحد ما رآه. سألناهم واحدا واحدا. ذهبنا الى المدارس (التي تستخدم كملاجيء في القطاع)، واذا عرفنا أن اسير تم اطلاق سراحه حاولنا الوصول اليه وسؤاله”. وقد قالت إن الشنا عمره 39 سنة ولديه ستة أولاد. أحد الأولاد، ابن 17 سنة، هو أيضا اعتقل والمحامية زارته في سجن مجدو.

    في شهر أيلول الماضي قدمت “موكيد” للدفاع عن الفرد التماس طلبت فيه أن تجيب السلطات أين هو موجود. فقط بعد تقديم التماس ردت الدولة على المحكمة بأنه محتجز قيد الإجراءات الجنائية في سجن عوفر، وأن محامي قام بزيارته في أيار 2024. كل ذلك بدون أن تعرف العائلة عن ذلك. الدولة ادعت أنه “حصل خطأ في الرد الذي اعطي للعائلة”. في قرار الحكم أشار القضاة الى أن حقيقة أنه حدث خطأ “تثير عدم الارتياح”، وتكرر في حادثة أخرى، وقاموا بشطب الالتماس. في رد على سؤال “هآرتس” رفض الشباك قول لهم ما هي الاتهامات الموجهة ضد الشنا. مع ذلك، مصدر في جهاز الامن قال إنه اعتقل بتهمة المشاركة في اعمال إرهابية.

    منذ بداية الحرب اعتقل الكثير من الغزيين، بعضهم تم احضارهم الى منشآت اعتقال داخل إسرائيل وبعضهم تم احتجازهم لفترة طويلة في القطاع. في معظمهم اعتقلوا تحت قانون “المقاتلون غير القانونيون” الذي يسمح الآن باحتجازهم مدة 45 يوم بدون رؤية محام. الحديث يدور عن تحسن في الوضع مقارنة بالوضع في بداية الحرب. في حينه سمح القانون بمنع زيارة المحامي مدة 180 يوم. آخرون مثل الشنا تم اعتقالهم في اطار إجراءات جنائية.

    خلال اشهر رفضت الدولة إعطاء لعائلات المعتقلين أي معلومات تتعلق بمصيرهم بشكل عام، وفي المقابل أوقفت السماح للصليب الأحمر بزيارة منشآت الاعتقال في إسرائيل. في اعقاب الالتماسات التي قدمتها “موكيد” في شهر أيام قدمت الدولة أيام عنوان بريد الكتروني يمكن التوجه من خلاله بطلب للحصول على التقاء المعتقل مع المحامي بعد 45 يوم على الاعتقال. هكذا عمليا يمكن اكتشاف اذا كان معتقل وأين. منذ شهر أيار وحتى تشرين الأول قدمت “موكيد” 901 طلب للعثور على معتقلين، من بينها تم الرد على 501 طلب مع ذكر مكان الاعتقال، في حين أنه فيما يتعلق بالـ 400 طلب الأخرى قيل إنه “لا يوجد أي دليل على اعتقالهم أو احتجازهم”.

    في بعض الحالات يمكن الافتراض بأن الامر يتعلق باشخاص لا يحتجزهم الجيش، وفقدوا الاتصال مع العائلة في ظروف مختلفة اثناء الحرب. مع ذلك، في 27 حالة التي فيها قدمت المنظمة الالتماسات كان لعائلات المعتقلين مؤشرات مختلفة على أنه رغم أنه اعطي رد يفيد بأن هذا الشخص غير معتقل – إلا أنه فعليا هو محتجز لدى إسرائيل أو أن ظروف اختفاءه كانت اثناء الاعتقال أو الاحتجاز في القطاع.

    حالة أخرى كهذه هي حالة احد سكان غزة، الذي اعتقله الجيش في نهاية أيار 2024. طلب قدمته عائلته للجيش من اجل معرفة مكانه تم الرد عليه “لا يوجد مؤشر على اعتقاله أو احتجازه”. رغم ذلك، نفس هذا المواطن تم اطلاق سراحه بعد شهرين وقال إنه في تلك الفترة احتجزه الجيش داخل القطاع وأنه تم نقله من مكان الى آخر.

    حالة أخرى غير الجيش فيها رده في اعقاب التماس نشر في “هآرتس” في تشرين الثاني يتعلق بمنير البقعاوي وابنه ياسين، اللذين ادعى الجيش بأنه لا يوجد أي مؤشر على اعتقالهما. في فحص آخر أجرته الدولة في اعقاب التماس بشأنهما تبين أنهما ماتا اثناء الاعتقال. تحقيق أجرته الشرطة العسكرية، الذي ما زال يجري، تم فتحه فيما يتعلق بموتهما. أيضا في هذه الحالة عبر القضاة عن “عدم ارتياح من الخطأ الذي حدث من قبل رجال الشرطة العسكرية”. القاضي خالد كبوب كتب في قرار الحكم بأنه “رغم العبء الكبير الملقى على من يتولون هذا الامر، وربما أن ذلك بسببه، إلا أنه يجب عليهم التأكد جيدا في كل الحالات من الوقائع قبل إعطاء الرد”، قال وأضاف “أنا أتطلع الى أن تقوم الجهات المعنية بالتحقيق في هذه الحادثة الخطيرة ووضع إجراءات. مع الانتباه الى الفجوة بين الرد الذي اعطي في شهر تموز وبين الرد الذي اعطي في اطار الالتماس. ويتوقع من ذوي العلاقة بهذا الشأن أن يقوموا باجراء اتصال مع ممثلي عائلات المعتقلين فيما يتعلق بتحقيق الشرطة العسكرية بالنسبة لظروف موتهم”.

    حالة أخرى لاشخاص اختفت آثارهم هي حالة والد عائلة العجور وابنته ابنة الخمس سنوات. الأم، التي تحدثت مع “هآرتس” وطلبت عدم ذكر اسمها قالت بأن المرة الأخيرة التي رأتهما فيها هي في 24 آذار عندما كانوا في بيت أقارب للعائلة قرب مستشفى الشفاء في حي الرمال في مدينة غزة، بعد اخلاءهم من حي تل الهوى في مرحلة مبكرة من الحرب. “كنا محاصرين لمدة أسبوع، في اليوم السابع دخل الجنود الى البيت وعلى الفور بدأوا يطلقون النار. أنا كنت حامل واصبت في بطني، زوجي أصيب بقدميه وابنتي أصيبت بكتفها”. حسب قولها فان الجنود أخذوا البنت الصغيرة الى غرفة أخرى لمعالجة اصابتها. “لقد صوبوا نحوها السلاح وقالوا: أنت يجب أن تخرجي من البيت نحو الجنوب. طلبت أن يعطوني ابني الصغير، 4 سنوات، وخرجت. منذ ذلك الحين أنا لا اعرف ماذا حدث لزوجتي أو ابنتي”. عندما عاد بعض أبناء العائلة الى البيت بعد أسبوعين اكتشفوا أنه تم تفجير البيت، لكنهم لم يعثروا هناك على جثث.

    سواء اعتقل أي أحد منهم أم لا، إلا أن الواضح هو أن آثار الأب والبنت اختفت بعد احتجازهما من قبل الجنود. بعد بضعة اشهر سمعت الأم فجأة انباء عن زوجها، أو على الأقل هكذا قالوا امامها. “احد الاسرى قال بأنه رآه في سجن النقب “كتسيعوت”، لكنه لم يكن يعرف عن وضع اصابته أو حالته”. قالت.

    حسب قولها هي حصلت على تقرير آخر من سجين آخر اطلق سراحه. ورغم ذلك، عندما توجهت العائلة بواسطة “موكيد” في محاولة للاستيضاح بشكل رسمي أين يحتجز الأب وما هو مصير البنت، حصلت على رد “لا يوجد مؤشر” على اعتقالهما. الالتماس الذي قدمته “موكيد” في هذا الشأن رفضته المحكمة العليا بعد أن ردت الدولة مرة أخرى بنفس الطريقة. “لماذا يقولون إنه غير معتقل، واسرى محررون يقولون إنهم سمعوا اسمه؟”، قال الأم وأضافت. “أنا اريد معرفة ماذا حدث بعد أن خرجت من البيت، أين اختفى زوجي وأين ذهبت ابنتي؟ ماذا حدث بعد ذلك؟”.

    في حالتين أخريين قدمت حولهما موكيد التماسات حول اشخاص قال الجيش بأنه لا يوجد مؤشر على اعتقالهم، أبناء عائلاتهم سمعوا بأنهم بالفعل يوجدون في معتقل في إسرائيل. هكذا كان الامر مثلا، في حالة عوض نوفل وهو أحد سكان القطاع وعمره 68 سنة، الذي اعتقل امام عائلته في كانون الثاني 2024. الجيش ادعى أنه “لا يوجد مؤشر على اعتقاله”، ذلك في الوقت الذي فيه سكان غزة الذين اطلق سراحهم من السجون في إسرائيل قالوا إنهم شخصوه في سجن عوفر وفي معتقل عناتوت. في حالة معتقل باسم نور أبو العون الذي اعتقل في كانون الأول 2023، فان قريب له تم اطلاق سراحه شهد بأنه كان معتقل معه في منشأة تحقيق في سجن شكما في عسقلان. اسير محرر آخر قال إنه تواجد معه في سجن عوفر بعد ذلك. في الحالتين المحكمة العليا رفضت الالتماسات بعد أن صممت الدولة على أنه لا يوجد لديها مؤشر على اعتقالهما.

    آثار مئات الأشخاص اختفت بعد أن كانوا في حوزة الجنود، أو أن الجيش يرفض توفير معلومات عن هذه الحالات، أو الأخطر من ذلك هو أن الجنود لا يقومون بتوثيق التعامل مع المدنيين”، قالت جسيكا مونتل، المديرة العامة لموكيد. “موكيد قدمت عشرات الحالات امام المحكمة العليا التي رفضت اجراء أي فحص قضائي. عمليا، المحكمة العليا تشكل خاتم مطاطي لكل تصريح للجيش ومصلحة السجون في هذه الحالات. حقيقة أنه لا يوجد احد يطلب من أجهزة الامن الالتزام بالنظام، خلافا للوضع الذي ساد في الحروب السابقة، تؤدي الى وضع أنه لا يوجد قانون أو قاض، ووجود معتقلين يختفون ولا يعودون، وخروقات قانونية خطيرة”.

    رد المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بعائلة العجور كان: “الحالة التي تم عرضها غير معروفة لنا. نحن نؤكد على أن الأب لم يتم اعتقاله ولم يصل الى أي سجن تابع للجيش الإسرائيلي”. فيما يتعلق بحالات أخرى وبالادعاء العام عن عدم القدرة على العثور على معتقلين فان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي اختار عدم الرد.

    -------------------------------------------

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    معاريف 30/12/2024  

     

    الجيش الإسرائيلي غير الواقع في غزة، لكنه لم يؤدِ الى تغيير استراتيجي في الجنوب

     

     

    بقلم: افي اشكنازي

     

     يوفاف كاتس كتب احدى القصائد الكلاسيكية الشهيرة في الغناء الإسرائيلي: “يا ابنتي هل تبكين أم تضحكين”. كتبت القصيدة فور حرب الأيام الستة وروت قصة الثورة الأمنية التي احدثها الجيش الإسرائيلي في الحرب.

    لقد استيقظ سكان غلاف غزة في 7 أكتوبر على الجحيم، عندما اجتاح الاف من مخربي حماس بلدات الغلاف، محاور حركة السير، الأراضي الزراعية والمواقع السياسية وارتكبوا مذبحة رهيبة. منذ الكارثة والجيش الإسرائيلي يقاتل بقوة شديدة في غزة، لكن في جبهات أخرى أيضا – لبنان، سوريا، الضفة، اليمن وايران.

    في الأيام الأخيرة نجح مقاتلو الفرقة 162 في هزيمة حماس في جباليا. النواة الصلبة لمئات والاف المخربين الذين تجمعوا في مخيم اللاجئين – ابيدت. المخربون صفوا او وقعوا في الاسر. وبينهم الأكثر سفالة بين المجرمين الذين شاركوا في المذبحة في 7 أكتوبر. بالتوازي، بدأ الجيش الإسرائيلي يناور في الاحياء النائية في بيت حانون. كل طفل في سديروت، نتيف هعسرا، كيبوتس ايرز او نير عام يعرف ان داني في خط الأفق لشمال قطاع غزة. فقد كانت ترمز لكابوس كل طفل وكل راشد في شمال الغلاف. من هناك اطلقت الصواريخ، نار الرشاشات والقناصة. من هناك خططوا لهجمة 7 أكتوبر.

    الان مقاتلو كفير، الناحل والهندسة القتالية يفجرون الأبراج. خط الأفق في شمال غزة لن يكون بعد اليوم ما كان عليه. “يا ابنتي هل تبكين أم تضحكين”، يمكن أن يغنيها اليوم كل أب وأم في سديروت، نير عام او نتيف هعسرا. الأبراج انهارت. رمز الشر لم يعد يقف امام العين، لم يعد يشاهد من نافذة البيت. لكن التحول ليس كاملا. فالجيش الإسرائيلي لا يزال يقاتل في القطاع ويواصل دفع ثمنا دمويا ثقيلا على الحمل. مئة مخطوف لا يزالون يذوون في الانفاق ويعيشون الكابوس الابشع.

    في الجيش الإسرائيلي يستخدمون الان خمسة ألوية في شمال القطاع. فرقة أخرى في المحور وفرقة أخرى في رفح. اعداد هائلة من المقاتلين والوسائل. لزمن طويل، حجم قوات كهذا يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي ان يبقى ناجعا في كل جبهات القتال.

    في الجيش يؤمنون بان تشديد الضغط سيؤدي بحماس الى صفقة. مشكوك أن يؤدي هذا الى تغيير النتيجة. ليته يؤدي. لكن من المهم أن يجلس المستوى السياسي مع نفسه ويفحص البدائل – كيف يمكن التقدم في عدة اتجاهات في غزة. الأول، كيف نحرر المخطوفين. الثاني، كيف نعمل كي ننزل حماس عن الحكم في غزة ونضع بديلا آخر وليس حكما عسكريا إسرائيليا. الثالث، كيف نرزم كل شيء في تسويات سياسية تتيح اغلاق قصة غزة.

    صحيح حتى الان غير الجيش الإسرائيلي الواقع في غزة. لكن هذا لم يؤدِ الى تغيير استراتيجي في الجنوب. بخلاف واقع نهاية حرب الأيام الستة في العام 1967، فان أطفال سديروت والغلاف لا يمكنهم أن ينظروا الى بيت حانون ويضحكوا. نحن لا نزال بعيدين عن ذلك. تنقصنا الساق الناهية، تلك التي تمسك باستراتيجية ليست موجودة. ينقص التصميم والابداعية السياسية للوصول الى اتفاق لتحرير المخطوفين وبناء خطوة لتفكيك حماس العسكرية. الخوف الكبير هو ان في عيد الحانوكا القادم أيضا سيغني مقاتلو الجيش الإسرائيلي في جباليا، في رفح وفي بيت حانون “معقل صور” للمرة الثالثة على التوالي.

    -------------------------------------------

     

    يديعوت احرونوت 30/12/2024  

     

    نتنياهو يبدو قويا لكنه يخفي ضعفا جوهريا يخفيه عن الجمهور

     

     

    بقلم: ناحوم برنياع

     

    رجل ابن 75 يصحو من عملية جراحية. الغرفة باردة، شبه مجمدة. الحيطان البيضاء تذكره بالموت. عندما يفتح عينيه يتوقع أن يرى الانسان الاعز عليه. “سند حياتي” هكذا دعاها مؤخرا. سند حياتي هو شيء ما يقال في التأبين. ربما، بالكاد، في يوم ميلاد مدور. ليس في شريط مسجل للامة.

    يتذكر انه ليس هناك. راح السند. يستطلع الغرفة بألم. ها هو الشاب الذي دوما ينسى اسمه من وحدة حراسة الشخصيات. وجهه مكفهر. ماذا يعني هذا؟ ومن حوله الأطباء. هم يبتسمون، لكن ابتسامتهم ناشفة. هل فحصوا قبل العملية الجراحية ما الذي يغرد به في الشبكة كل واحد منهم؟ أين كان في ليل غالنت؟ انا لا اثق بفحوصات الشباك، ليس عندما يدور الحديث عني، وبالتأكيد ليس عن فحوصات بريفرمان. سارة، أين سارة.

    حقا، اين سارة. في فترات ولاية رؤساء وزراء سابقين يكاد يكون مثل هذا السؤال غير مشروع. زوجة رئيس الوزراء هي مواطنة خاصة. السؤال اين هي توجد وماذا تفعل لم تكن تشغل الا بال صفحات المجتمع. السؤال اين هي لم يكن، لم يطرح على الاطلاق، ليس علنا. لكن نتنياهو حشر زوجته في مركز المنصة. انظروا، مثلا، شهادته في المحاكمة. ومن يوجد في مركز المنصة يبرز في غيابه.

    سكان في القدس لاحظوا في الأسابيع الأخيرة انه في ساعات الليل المتأخرة تشق قافلة رئيس الوزراء طريقها نحو هداسا عين كارم. شائعات أغرقت المدينة. هل هو مريض؟ بماذا؟ باي قدر؟ اذا كان هذا ورم حميد فلماذا الهلع؟ مكتب رئيس الوزراء الذي درج على نشر بيانات للجمهور كل بضع ساعات قضى على نفسه بالصمت. الان، بفضل توجه محاميه الى المحكمة، نحن نعرف على ما ولماذا. او لا نعرف. كل ما يحصل حول هذه العائلة يخلف وراءه أسئلة اكثر مما يخلف إجابات.

    السياسيون لا يحبون اشراك ناخبيهم بمشاكلهم الصحية. فرانكلين دلانو روزفيلد انتخب رئيسا أربع مرات (القانون الذي أتاح هذا الغي بعد موته). مرض شلل الأطفال الذي عانى منه شل أسفل جسده. الامريكيون لم يعرفوا، العالم لم يعرف: المصورون لم يصوروا والصحافيون لم ينشروا. فقط بعد عشرات السنين، عندما نالوا موافقة العائلة كان ممكنا وضع نصب له، يجلس على كرسي المعوقين، في نصب تذكار بني على شرفه في واشنطن.

    توقعات الجمهور تغيرت منذئذ؛ كما ان وسائل الاعلام تغيرت هي الأخرى. على الرغم من ذلك، ضلل الرئيس بايدن على مدى اشهر الجمهور حول اهليته لولاية أخرى. وكان الأطباء شركاء في التضليل: وسائل الاعلام عرفت وصمتت. سحابة مشابهة تحوم فوق ترامب: هو ابن 78 ونصف. بزعمه لا يوجد من هو اكثر صحة منه في كل العالم. حضوره على المنصات جسديا، فعليا، لكن الشائعات تروي قصة أخرى تماما.

    الإسرائيليون لم يعرفوا عن امراض غولدا مئير ولا عن امراض مناحم بيغن. كما لم يعرفوا عن امراض ارئيل شارون: الأطباء بلغوا لكن تقاريرهم عكست الاماني، ولم تصف وضع المريض تماما. المشكلة انكشفت بعد ذلك، عندما وقع المريض المعافى بهذا القدر في السرير الذي لم ينهض منه. من يؤمن ان بالذات في حالة نتنياهو سيحصل الجمهور على الحقيقة وكل الحقيقة يمكنه أن يواصل الايمان. لكن هذه ليست النقطة.

     النقطة هي ان نتنياهو هو قنبلة طاقة. خذوا الأيام الأخيرة كمثال. يتبين أنه عانى هذه الأيام من التهاب في المسالك البولية، مشكلة لا يموت الناس منها لكنها بآلام رهيبة. الأطباء اعطوه مضادات حيوية. الدواء يتسبب بالضعف. لكن هذا لم يمنعه من ان يقوم بجدول اعمال كامل، ان يشهد في المحكمة في تل أبيب، ان يبقى لساعات في الكنيست، ان يجري مداولات امنية، ان يلتقي مع شخصيات اجنبية، ان يصور باشرطة بث دعايته الخاصة. مهما كانت مشاكله الصحية – فهو رجل قوي من ناحية جسدية، يبدي حيوية استثنائية. شبان اكثر شبابا منه كانوا سيجدون صعوبة في أن يصمدوا في التنقل بين شهادة كمتهم في المحكمة وبين خطاب في الهيئة العامة، بين بحث امني مغلق وطبخة مؤامرة سياسية. هو يدفع الدولة نحو الهاوية، لكنه يفعل هذا بكثير من القوة.

    كيف ينجح في القيام بكل هذه الأمور معا؟ ظاهرا توجد امكانيتان: إما أن يكون مؤهلا جدا أو انه يخادع. وربما، في حالته هذا وذاك. فهو يتواجد في كل مكان لكنه في أحيان بعيدة فقط ينهي الموضوع. يمكنه أن يظهر تحكما في كل موضوع لكنه لا يركز أساسا الا على نفسه. شخص شاهده عن كثب في جلسات الكابنت والحكومة أسمى سلوكه: “حارة”. جدول الاعمال يصل الى الوزراء في اللحظة الأخيرة ويتغير في اثناء المداولات. يتحدثون كثيرا؛ يقررون قليلا. الساعة ليست ساعة؛ المداولات ليست مداولات. ليس دوما عندما يقول “لم اعرف” او “لا أتذكر” يكون يكذب. في سلوك الحارة مثل سلوكه يمكن لمعلومات جوهرية ان تضيع على الطريق.

    لا يتبقى لي غير أن أتمنى له الشفاء العاجل، بلا آلام، بلا ضر، ان تعود العقيلة من ميامي، فرحة ومرحة، والمسائل حول عائلته وصحته تكون المسائل الأصعب التي سيواجهها.

    -------------------------------------------

    يديعوت احرونوت 30/12/2024

     

    مسؤولون في الجيش: بدون سياسة في غزة والضفة سنعود الى 6 أكتوبر

     

     

    بقلم: يوسي يهوشع

     

    بينما تغيرت في الأشهر الأخيرة مناطق واسعة في الشرق الأوسط بحيث لم نعد نعرفها، ثمة بضعة مواضيع العنوان فيها يبدو وكأننا علقنا في آلة الزمن. وبالفعل، مثلما كان في مرحلة مبكرة من المناورة البرية في غزة، حين راكم الجيش إنجازات مفاجئة، فاليوم أيضا تحذر محافل رفيعة المستوى في غزة فتقول ان “انعدام الانشغال باليوم التالي لغزة سيعيدنا الى 6 أكتوبر”. هكذا ببساطة.

    المحافل آنفة الذكر مطلعة على صورة الوضع السياسي والأمني وتؤيد اتفاق وقف نار تام او جزئي في المدى الزمني الفوري. بنيامين نتنياهو على الأقل لا يمكنه أن يقول “لم اعرف”: فتلك المحافل تحذره المرة تلو الأخرى من أن انعدام البحث واتخاذ القرارات بالنسبة للإدارة والسيطرة المدنية في القطاع بعد الحرب سيؤدي الى وضع تعيد حماس بناء نفسها فيه سلطويا وتدير شؤون القطاع. “بغياب بديل”، تقول المحافل، “لن يكون مفر من عودة حكم حماس. ينبغي اتخاذ القرار الان، قبل الصفقة. حتى في “صفقة صغيرة” حماس ستعود الى سيطرة كاملة. اذا لم يكن قرار، فاننا نفوت إنجازات الحرب ولا نفي بأحد اهداف الحرب – تقويض حماس”.

    يشارك في هذا الموقف مع هذه المحافل مسؤولون كبار سواء في الجيش ام في الشباك. هناك يفهمون ما لم يستوعبه المستوى السياسي بعد (او انه يرفض قبوله): فبينما دمرت القدرات العسكرية لحماس تماما تقريبا، رغم اطلاق بعض الصواريخ (والجيش حرص على القول انه ستبقى لحماس قدرة اطلاق ما) فان القدرات السلطوية لا تزال قائمة. وتفسير ذلك ليس معقدا: 1.9 مليون من بني وبنات البشر، الذين يشكلون نحو 90 في المئة من سكان وساكنات غزة، يتجمعون في المنطقة الإنسانية (المواصي) التي تقع في وسط جنوب القطاع. باستثناء عمليات جراحية، هي في معظمها جوية، فان الجيش الإسرائيلي لا يوجد في هذه المنطقة. الغزيون لا يرون هناك جنود الجيش الإسرائيلي. لكنهم يرون رجال حماس الذين يتحكمون بالجمهور الغزي بعنف ووحشية. من يحاول تحدي حماس يعاقب بيد من حديد وبشكل علني كي يرى الناس ويخافون – في غزة وفي إسرائيل أيضا. مسؤول كبير في الجيش سُئل لماذا لا توجد ثورة مدنية ضد الحكم أجاب بان “كل عشيرة تحاول رفع الرأس، حماس تنزلها على الفور. لكن هذه ليست المشكلة الخطيرة، بل اثنتان اخريان: لا توجد قيادة للثورة، مثلما في سوريا، ولا توجد للجمهور طاقات”.

    ما الحل؟ “تقويض حكم حماس” هو هدف حرج، لكنه في هذه المرحلة ليس اكثر من شعار أيضا. السبيل لادخال مضمون فيه، حسب محافل رفيعة المستوى في الجيش، يوجد بين ثلاثة خيارات: الأول هو السلطة الفلسطينية، مع غلاف معانق ومبطن بمال الولايات المتحدة ودول الخليج، ما يفترض أن يخرج حماس عن طورها. الكرزة ستكون تطبيعا بين إسرائيل والسعودية، خطوة تاريخية تغير الشرق الأوسط. لكن نتنياهو استبعد تماما هذا الخيار: الذريعة هي الإمساك المزعوم لبتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير بحبال الائتلاف، لكن الحقيقة هي ان في الليكود وفي حزب جدعون ساعر على حد سواء سيجدون صعوبة جمة في تمرير مثل هذا القرار في قواعدهم.

    الخيار الاخر هو إقامة حكم عسكري في غزة. جنود الجيش الإسرائيلي يوزعون الغذاء، دولة إسرائيل تدير البنى التحتية للصحة والرفاه، ومواطنو إسرائيل يدفعون على هذا الى جانب المال الذي يصرف على غلاء المعيشة الإسرائيلي الذي من المتوقع أن يزداد وجدا هذا الأسبوع. نتنياهو، الذي يعرف الثمن الاقتصادي والدولي (تلميح: هذا لن يساعده للتصدي لامر الاعتقال الذي صدر ضده)، يرفض هذا الخيار أيضا.

    الخيار الثالث الذي يحذرون منه في جهاز الامن هو القرار بعدم القرار. ان يواصل الجيش الإسرائيلي العمل في غزة، لكن ترميم حكم حماس لا بد سيأتي.

    يمكن ان نمد خطا بين انعدام القرار في الجنوب وما يحصل في يهودا والسامرة. فبينما في اليمين يدعون منذ فترة طويلة الى تفكيك السلطة الفلسطينية، نتنياهو لا يسارع لاتخاذ قرار. في هذا الوضع، تقاتل أجهزة امن أبو مازن حماس كي تمنع صعودها على مسافة بصقة عن كفار سابا. “في الأسبوع الماضي فقط قتل خمسة من رجال الجهاز في الصراع ضد حماس”، يقول مسؤول كبير في جهاز الامن الإسرائيلي. غير أن إسرائيل تختار الا تقوض حكم أبو مازن والا تقويه أيضا، هكذا بحيث أنها عمليا تعده لموت الف قطعة: كل يوم قليلا. وبغياب بديل سلطوي، فان الطريق الى غزة في يهودا والسامرة ليس طويلا جدا.

    “حماس تحاول اشعال الضفة وأبو مازن يقاتلها، بالقوة”، يقول المسؤول الكبير، “الفلسطينيون يقولون لنا: “اذا لم نكن أقوياء، ستصعد حماس وهذه ستكون مشكلتكم أيضا. فلماذا انتم تقفون ضدنا علنا؟” اليوم يوجد في فرقة الضفة 21 كتيبة، اذا انهارت السلطة ولا يكون بديل سلطوي، سنحتاج 40 كتيبة؟”.

    من المهم الايضاح: في جهاز الامن لا يريدون دولة فلسطينية، لا يحلمون بإعادة مناطق ولم يتحولوا الى فرع من “السلام الان”. يدور الحديث عن أناس يقاتلون كل يوم على أمن السكان في داخل حدود الخط الأخضر وخارجه أيضا. وبالتأكيد الجيران بقرب ساحات بيوتنا يتحدونا، واذا لم يتحولوا في المئة سنة الأخيرة لمحبي صهيون فهذا لن يحصل أيضا في المئة السنة القادمة. لم تختارهم أي حكومة كما انها لم تتخذ أي قرار بالنسبة لمستقبلهم – الذي هو بقدر كبير مستقبلنا أيضا.

    يدعي كثيرون وعن حق بان درس 7 أكتوبر هو الكف عن اغماض العيون. غير أنه ما لا يقل أهمية عن هذا هو ان ليس لإسرائيل الترف في تدوير العيون الى السماء وتأجيل قرارات حرجة. جهاز الامن بحاجة الى ترميم وتبديل معظم القيادة المسؤولة عن ذلك لكن هذا لا يغير من الحاجة الدراماتيكية للنظر الى الجمهور في العيون وقول الحقيقة له: من الأفضل اتخاذ خطوات عسيرة على الهضم وفي اقرب وقت ممكن من شراء الهدوء والامل بالخير. التجربة الرهيبة تثبت انه لا يأتي.

    -------------------------------------------

     

    هآرتس 30/12/2024  

     

    لنرفع القبعة للحوثيين، لأن نتنياهو يمكنه الاعتماد عليهم في عدم انهاء الحرب

     

     

    بقلم: روغل الفر

     

    نحن نحتاج الى يقظة كبيرة كي لا نفوت الفرصة. البيان تم نشره للجمهور بطريقة عرضية ولامبالية كروتين على غرار تحديث حالة الطقس. أحيانا ظهر الامر وكأنه يختفي خلف تضخم البروستاتا لبنيامين نتنياهو، ولكن من يسمعون جيدا أي همسة واشارة بالتأكيد لاحظوا أن المحللين والمراسلين العسكريين، الذين في معظمهم يعتبرون مدنيين يعملون في الجيش الإسرائيلي، بشروا مؤخرا باشارات هامشية بأن نظام نتنياهو والجيش اعلنوا عن افتتاح ما يسمى بـ “معركة ضد الحوثيين”.

    لقد حرصوا على الإشارة بأنها هي حقا مثل اسمها: معركة، ليس عملية ولا حتى حرب، بل شيء عام، معقد وكبير بدرجة لا يمكن تقديرها. هذا سيستغرق الكثير من الوقت، هكذا وعدوا. وسيتم تخصيص موارد وميزانيات وقوة بشرية ووسائل قتالية واسلحة. المعلومات عن ذلك، وكالات الاستخبارات تركز على صنعاء. بعد ذلك ستأتي كل النجاحات الكبيرة التي يحبها الجمهور في إسرائيل كثيرا: الاغتيالات، العمليات الخيالية والإنتاج الدولي. كل ما يجعل سكان الاستوديوهات الذين يلامسون اهداب البيبية يرحبون برفع قبعة الاطراء. هل لاحظتهم هذه القبعة؟ لنرفع القبعة لسلاح الجو، “أمان”، الموساد والشباك، في كل مكان.

    اذا كان الامر هكذا فنحن في بداية المعركة ضد الحوثيين. يجب علينا الإشارة على الفور بأنهم لا يتأثرون من الهجمات ضدهم، سواء هجمات إسرائيل أو هجمات الدول العظمى الغربية مثل أمريكا وبريطانيا. لحسن الحظ أن الحوثيين لا يهتمون بمواطنيهم، ولا تهمهم البنى التحتية أو الحياة، وبالتأكيد ليس مستوى هذه الحياة. كل ما يهمهم هو: هيا الى المعركة، واي اعتبار آخر ليذهب الى الجحيم. هم بحاجة الى معركة من اجل الحفاظ على نظامهم، أنتم تفهمون ذلك. هم مستعدون للتضحية بالرعايا من اجل حكمهم. من قال إنه لا يوجد شريك في الطرف الآخر؟ هم الشريك المثالي لنتنياهو. أيضا هو مثلهم بحاجة الى معركة من اجل الحفاظ على حكمه، أيضا هو لا يهتم بمواطنيه، سواء الذين يعيشون في إسرائيل أو الذين يحتضرون في انفاق حماس. أيضا هو، مثل الحوثيين، مستعد للتضحية بكل ذلك من اجل نفسه.

    للحظة سجل ذعر مشابه في صنعاء وفي القدس. ما هذا، هل انتهت الحرب؟ بهذا القدر من التبكير. لقد بدأنا للتو. حزب الله خيب أملنا، انهار عندما اصبح الوضع اكثر قسوة. المليشيات في العراق أصبحت أرنب وخلافا لوعدها الصريح انسحبت. الأسد، الشخص الضعيف، هرب وقام بتغيير مكانه. ايران سببت لنا اليأس وقطعت الاتصال من طرف واحد. حماس، باركها الله، تحاول البقاء في اللعبة، لكنها في الحقيقة لم تعد قادرة على توفير البضاعة المطلوبة مثلما في السابق، عندما قام نتنياهو بتمويلها وبنائها كان يتوقع ثمن حقيقي مقابل ذلك. هو لم يقم بتسليح رجال حماس طوال هذه السنوات من اجل إدارة الظهر بعد سنة وبضعة اشهر من الحرب والقول: هيا نتوقف، خذوا كل المخطوفين واخرجوا من غزة. ماذا تساوي الـ 450 يوم مقابل الى الأبد؟. نظام نتنياهو بحاجة الى شريك ملتزم اكثر، والحوثيون يقدمون إشارات على أنه تم تشكيلهم من المادة الصحيحة. هم بعيدون قليلا، هذا صحيح، لكن بالتحديد المسافة والصعوبات اللوجستية تبدو واعدة. أي أنها تضمن “المعركة”. شيء ما ثابت، يمكن الاعتماد عليه على الأقل حتى العام 2026، لكن لماذا نكون قليلي الايمان؟ بتطوير وتدريب صحيح ربما سينجحون في الاستمرار حتى الاحتفال بعيد ميلاده الثمانين. ما المطلوب منهم؟ صاروخ بالستي ثلاث أو اربع مرات في الأسبوع كي يتم عرض الانسحاب من القطاع مقابل جميع المخطوفين كاستسلام مهين للعدو؟ قليل عليكم، أيها الحوثيون. لنرفع القبعة، قبعة كبيرة، للحوثيين.

    -------------------------------------------

     

    هآرتس 30/12/2024  

     

    تحقيق: الجيش الإسرائيلي أقر أمراً يسمح بقتل جماعي في غزة

     

     

    بقلم: نيويورك تايمز

     

    في 7 أكتوبر 2023، الساعة 13:00 بالضبط، أمرت القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي بشن الهجمة الأكثر شدة في الحرب الحديثة. الأمر الذي دخل على الفور إلى حيز التنفيذ منح فيه ضباط في رتب مختلفة صلاحية المس بآلاف المسلحين والمواقع العسكرية التي لم تكن في أي يوم ذات أولوية عالية في العمليات السابقة في القطاع. الآن أصبح بإمكانهم توجيه النار ليس فقط لقادة حماس الكبار ومخازن السلاح ومنصات إطلاق الصواريخ التي كانت في مركز المعارك السابقة، بل أيضاً لمسلحين بمستويات متدنية، في كل هجوم، ورد في الأمر، يمكن المخاطرة بقتل 20 مدنياً.

    هذا الأمر، الذي نشر عنه للمرة الأولى في تحقيق “نيويورك تايمز” الخميس الماضي، كان أمراً غير مسبوق في تاريخ إسرائيل العسكري. ضباط في المستوى المتوسط لم يتم منحهم صلاحية كبيرة كهذه لهم لمهاجمة أهداف كثيرة كان لمعظمها أهمية عسكرية منخفضة. هذا الثمن المرتفع المحتمل من المواطنين الذين قد يتعرضون للقتل. مثلاً، كان بإمكان الجيش المس بأعضاء حماس ذوي الرتب المتدنية وهم في بيوتهم، وحولهم أبناء عائلاتهم وجيرانهم، وليس فقط عندما يكونون وحدهم خارج بيوتهم.

    في عمليات إسرائيل السابقة ضد حماس، صودق على هجمات جوية كثيرة بعد أن استنتج الجيش بعدم تضرر مدنيين نتيجة ذلك. أحياناً، تمت المصادقة على هجمات تعرض للخطر حياة حتى خمسة مدنيين. في حالات نادرة تمت المصادقة على عمليات ارتفع فيها خطر قتل عشرة مدنيين أو أكثر، رغم أن هناك حالات كان فيها عدد القتلى الفعلي أكبر بكثير.

    تحقيق “نيويورك تايمز” أظهر أن إسرائيل قلصت القواعد التي استهدفت حماية المدنيين بشكل كبير؛ قامت بتبني أساليب غير موثوقة للعثور على الأهداف وتقدير عدد المدنيين الذين يمكن أن يقتلوا في الهجمات؛ فشلت بشكل ممنهج في فحص عدد المدنيين الذين أصيبوا بعد المهاجمة في القطاع ومعاقبة الجنود الذين شاركوا في سلوك خاطئ؛ وغضت النظر عن التحذيرات التي وصلتها سواء من ضباط في الجيش أو قادة كبار في الجيش الأمريكي فيما يتعلق بهذه الإخفاقات. الصحيفة أيضاً فحصت عشرات الوثائق العسكرية وأجرت مقابلات مع أكثر من 100 جندي وموظف عام، بما في ذلك 25 شخصاً كانوا مشاركين في فحص الأهداف والمصادقة عليها. جميع هذه الأدلة تسمح لنا بمعرفة كيف نفذت إسرائيل الهجمة الجوية الأكثر قتلاً في القرن الحالي. الهجمات من الجو كانت كثيفة بشكل خاص في الأشهر الأولى للحرب، في حينه قتل أكثر من 15 ألف فلسطيني في القطاع – حوالي ثلث عدد القتلى الشامل الذي أعلنت عنه وزارة الصحة في غزة، الذي لا يميز بين المدنيين والمخربين.

    منذ تشرين الثاني 2023 فصاعداً، عقب الاحتجاج الذي ثار في العالم، بدأت إسرائيل في توفير الذخيرة وشددت على واحدة من قواعد القتال. ضمن أمور أخرى، قلصت إلى النصف عدد المدنيين الذين يمكن قتلهم أثناء مهاجمة مخربين من المستوى المتدني الذين لم يشكلوا خطراً فورياً. ولكن القواعد واصلت كونها أكثر تساهلاً بكثير مما كان في السابق. منذ ذلك الحين، قتل في القطاع أكثر من 30 ألف فلسطيني، في حين أن الخلاف الإسرائيلي استمر حول العدد الذي نشرته وزارة الصحة في القطاع، إلا أن العدد الشامل للقتلى يواصل الارتفاع.

    حصل الجيش الإسرائيلي على ملخص لنتائج التحقيق واعترف بأن أوامر إطلاق النار تغيرت بعد 7 أكتوبر. مع ذلك، كتب الجيش في الرد بأن “القوات تستخدم بشكل ثابت وسائل وأساليب تتلاءم مع تعليمات القانون”. التغييرات تمت في سياق نزاع “غير مسبوق وتصعب مقارنته مع ساحات قتال أخرى في العالم”، بالإشارة إلى أبعاد هجوم حماس وجهود المخربين للاختباء في أوساط المدنيين وشبكة الأنفاق الكبيرة التي لديهم. وجاء في الرد أيضاً بأن “هذه العوامل الرئيسية تؤثر على تطبيق قواعد القتال، مثل اختيار الأهداف العسكرية والضغوط العملياتية التي تملي إدارة العمليات، بما في ذلك القدرة على اتباع وسائل الحذر المعقولة في هذه الهجمات”.

    أبناء عائلة شلدان النجار، وهو قائد كبير في الجهاد الإسلامي والذي شارك في هجوم حماس في 7 أكتوبر، كانوا من القتلى الأوائل. عندما تم قصف الجيش بيته في عملية “الجرف الصامد” قبل تسع سنوات، تم اتخاذ عدد من وسائل الحذر لتجنب المس بالمدنيين، لم يقتل أي شخص، بما في ذلك النجار نفسه. بعد وضع النجار كهدف في الحرب الحالية، قتل معه 20 شخصاً من أبناء عائلته، بينهم طفل عمره شهران، حسب أقوال شقيقه سليمان الذي كان يعيش في البيت الذي قصف وشاهد نتائج الهجوم. بعض أبناء العائلة طاروا من المبنى، وقد عثر على يد ابنة أخيه بين الأنقاض. “كانت الدماء تغطي جدران بيت الجيران، وكأن خروفاً ذبح هناك”، قال الأخ.

    الحكومة الإسرائيلية تقول بأنها تنفذ تعليمات القانون الدولي وتتبع كل وسائل الحذر المعقولة لتقليص عدد المدنيين الذين يمكن أن يصابوا، وفي أحيان كثيرة من خلال إخلاء مدن كاملة قبل الهجمات، وإلقاء منشورات من الجو على أحياء ونشر خرائط في الإنترنت عن الهجمات التي ستنفذ. وتقول الحكومة إن استراتيجية حماس العسكرية تزيد خطر سفك الدماء. أعضاء حماس يختبئون بين السكان ويطلقون الصواريخ من مناطق مأهولة ويخفون المقاتلين والسلاح في البيوت والمستشفيات ويعملون من داخل الأنفاق والمنشآت العسكرية تحت الأرض.

    خلافاً لحماس التي تطلق الصواريخ على مناطق مأهولة بدون تمييز، فإن إسرائيل وجيوش الغرب تعمل حسب منظومة رقابة متعددة المستويات، تقوم بقياس قانونية الهجمات المخطط لها. بشكل عام، أي خطة هجوم يجب فحصها من قبل عدة ضباط، وعلى الأغلب واحد منهم هو مدع عسكري يمكنه تقديم الاستشارة إذا ما كان الهجوم زائداً أم غير قانوني. من أجل تطبيق تعليمات القانون الدولي، على الضباط الذين يشرفون على الهجمات الاستنتاج بأن خطر قتل المدنيين خطر يتناسب مع القيمة العسكرية للهدف، واتباع كل وسائل الحذر المعقولة لحماية حياة المدنيين.

    لكن الضباط يتمتعون بحرية عمل كبيرة لأن قوانين المواجهات العسكرية ضبابية في كل ما يتعلق بما يعتبر وسائل حذر معقولة أو بالنسبة للثمن المبالغ فيه لحياة المدنيين. 12 ضابطاً أبلغوا “نيويورك تايمز” أن عدداً من ضباط الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في رد إسرائيل بعد هجوم حماس، خففوا التمسك بالبروتوكول العسكري. في الواقع، بعض القادة حاولوا الحفاظ على المعايير، لكن خمسة من الضباط الكبار استخدموا نفس التعبير لوصف المزاج الذي سيطر على الجيش: “قاتل واضرب”.

     

     

     

    لماذا كان المدنيون في خطر أكبر

     

    الجيش الإسرائيلي وضع نصب عينيه اغتيال شلدان النجار منذ عملية “الجرف الصامد”. قبل الهجوم الذي قتل فيه في دير البلح، أعطى سلاح الجو لجيرانه ثلاث فرص للهرب، حسب قول شقيقه سليمان. الجيش الإسرائيلي اتصل بأحد الجيران، وبعد ذلك مع آخر، وحذر من هجوم متوقع لهدف قريب بدون الإشارة إلى هوية الهدف. بعد ذلك استخدم الجيش إجراء “اطرق على السطح”، الذي كان سائداً في حينه قبل مهاجمة هدف سيتم العثور فيه على سلاح أو ثغرة نفق. هذا الأمر كان يكفي ليهرب الجميع، بما في ذلك شلدان النجار، بدون أن يصابوا.

    لكن بعد سبع ساعات على بدء هجوم حماس في 7 أكتوبر، فإن الأمر الذي نشرته القيادة العليا للجيش الإسرائيلي قال بأن إجراء “اطرق على السطح” هو احتمالية فقط. عملياً، كان استخدام هذا الإجراء في حالات نادرة، كما قال الضباط. لم يتم التحذير قبل قيام طائرة قتالية بإطلاق النار على شلدان النجار في 10 تشرين الأول في الوقت الذي كان يزور فيه بيت شقيقه. الانفجار قتل النجار وزوجة والده وأربعة أطفال وشقيقه الفتى وزوجة شقيقه و13 من أولاد وبنات إخوته، من بينهم طفل عمره شهران، وجار له على الأقل، حسب سجلات السلطات الصحية في غزة. وأكد الجيش الإسرائيلي أن رجل “الجهاد الإسلامي” كان الهدف، ولكنه رفض إعطاء أي معلومات إضافية.

    حسب محاضر الجيش الإسرائيلي، فإن هناك أربع فئات من الخطر للمس بالمدنيين. المستوى صفر، الذي يحظر على الجنود تعريض حياة المدنيين للخطر؛ المستوى 1 يسمح بقتل حتى خمسة مدنيين؛ المستوى 2 يسمح بقتل حتى عشرة مدنيين؛ والمستوى 3 سمح بقتل حتى 20 من المدنيين، الذي أصبح معياراً رئيسياً في 7 أكتوبر 2023. بعد نشر الأمر في ذلك اليوم، كان يمكن للضباط تقرير إلقاء قنبلة بوزن طن على بنى تحتية عسكرية، بما في ذلك مخازن سلاح صغيرة ومصانع لإنتاج الصواريخ، وأيضاً على كل مسلحي حماس والجهاد الإسلامي.

    تعريف الهدف العسكري شمل مناطق مراقبة وصرافين تم الاشتباه فيهم بالتعامل بأموال حماس، وأيضاً مداخل إلى شبكة أنفاق حماس، التي على الأغلب أخفيت داخل بيوت. الإذن من قادة كبار في الجيش الإسرائيلي كان غير مطلوب إلا إذا كان الهدف قريباً جداً من مكان حساس مثل مدرسة أو مستشفى، رغم أن هجمات كهذه تم المصادقة عليها بشكل عام. التأثير كان سريعاً. “اير وورز”، المنظمة التي تراقب النزاعات والتي مقرها في لندن، وثقت 136 هجوماً، كل منها قتل فيه ليس أقل من 15 شخصاً في تشرين الأول 2023 فقط. هذا العدد كان خمسة أضعاف العدد الذي وثقته هذه المنظمة طوال فترة موازية في أي مكان آخر في العالم منذ تأسيسها قبل عشر سنوات.

    الهجمات التي عرضت 100 مدني للخطر سمح بها بين حين وآخر إذا كان هدفها المس بزعماء حماس، ما دام الأمر حصل على المصادقة من جنرالات وأحياناً من المستوى السياسي، حسب أقوال أربعة ضباط في الجيش الإسرائيلي شاركوا في اختيار الأهداف. ثلاثة من هؤلاء الضباط قالوا بأنه من بين القادة الذين كانوا على مرمى الهدف إبراهيم البياري، القائد الكبير في حماس، والذي قتل في شمال غزة نهاية تشرين الأول، في الهجوم الذي قتل فيه -حسب تقدير “اير وورز”- ليس أقل من 125 شخصاً آخر.

    ثمة أمر آخر أصدرته القيادة العليا للجيش في 8 أكتوبر في الساعة 22:50 يعطي فكرة عن عدد القتلى المدنيين الذي يمكن تحمله. حسب هذا الأمر، فإن مهاجمة أهداف عسكرية في غزة تعتبر مسموحة إذا كانت تعرض حياة حتى 500 مدني للقتل. مصادر عسكرية وصفت الأمر بأنه وسيلة حذر استهدفت وضع حدود عليا لعدد الهجمات التي يمكن إخراجها إلى حيز التنفيذ في كل يوم. البروفيسور مايكل شميدت، الباحث في الأكاديمية العسكرية في الجيش الأمريكي، الذي تستشيره “نيويورك تايمز”، قال إن في هذا الأمر مخاطرة بأن يفسر ضباط من المستوى المتوسط الحدود العليا كحصة يجب عليهم تنفيذها.

    على أي حال، هذا القيد تم رفعه بعد يومين، وسمح للضباط بتنفيذ الهجمات التي يعتبرونها، حسب رأيهم، قانونية. ونشرت سلطات غزة بعد ذلك عن أكثر من 500 قتيل في اليوم، لكن لم يكن واضحاً كم منهم من المدنيين أو هل قتلوا خلال بضعة أيام.

    ازداد الخطر على حياة المدنيين بعد استخدام واسع من قبل الجيش الإسرائيلي لقنابل بوزن طن أو نصف طن، معظمها من إنتاج أمريكي، التي شكلت 90 في المئة من القنابل التي ألقتها إسرائيل بإلقائها في الأسبوعين الأولين للحرب. حتى تشرين الثاني، قال ضابطان في الجيش الإسرائيلي لـ “نيويورك تايمز” بأن سلاح الجو ألقى قنابل كثيرة جداً بوزن طن، إلى درجة أن أجهزة الدقة التي تحسن قدرة السلاح غير الموجه على الإصابة (القذائف الغبية) بدأت تنفد. هذا الأمر اجبر الطيارين على الاعتماد على القنابل غير الموجهة والأقل دقة، قال الضباط.

    هم أيضاً أصبحوا يعتمدون أكثر على القنابل القديمة من فترة حرب فيتنام، التي قد لا تنفجر، حسب أقوال اثنين في الجيش الأمريكي، حصلا على معلومات عن السلاح الإسرائيلي. الجيش الإسرائيلي استخدم قنابل بوزن طن من أجل تدمير أبراج مكاتب كاملة، قال قادة كبار في الجيش، وعندما كان يمكن ضرب الهدف بواسطة ذخيرة أصغر. رفض الجيش الرد فيما يتعلق بأحداث معينة، لكنه قال إن “اختيار الذخيرة” تم دائماً حسب قوانين القتال. رجل رفيع في الجيش قال إن الذخيرة الثقيلة ضرورية للمس بأنفاق حماس.

    عائلة النجار أصيبت بقنبلة موجهة بوزن طن، قنبلة “ذكية” من إنتاج أمريكي. القنبلة دمرت كامل المبنى الذي يتكون من ثلاث طبقات، وسوت بالأرض خمس شقق وكراج للسيارات في الطابق السفلي، حسب أقوال شقيق آخر واثنين من أبناء العائلة الذين نجوا. “بعد زوال الدخان والغبار نظرت إلى المبنى”، قال سليمان النجار الذي نجا لأنه كان عائداً إلى البيت من المستشفى. “لم أر أثراً لأي مبنى”.

     

     

     

    بنك أهداف فارغ

     

    خلال الحرب، حاول مئات الضباط في الاستخبارات الإسرائيلية الذين كانوا ينتشرون في عدد من قواعد الجيش، العثور على أهداف لضربها، مع الاعتماد على منظومة رقابة أوتوماتيكية سمحت لهم بالعمل بصورة أسرع ببضعة أضعاف. في عمليات سابقة في القطاع، اعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل عام على “بنك الأهداف”، وهو قاعدة بيانات لمئات النشطاء وأماكن تم فحصها بصورة ممنهجة قبل إدخالها إلى قاعدة البيانات. في الحرب الحالية، دمر سلاح الجو جزءاً كبيراً من قاعدة البيانات هذه خلال أيام، قال 11 ضابطاً ومصدر في الجيش. الأمر الذي خلق في وحدات الاستخبارات ضغطاً كبيراً من أجل العثور على أهداف جديدة. الكثير من رجال الاستخبارات حصلوا على تشجيع لتقديم عدد من الأهداف كل يوم، قال خمسة ضباط للصحيفة.

    بعض وحدات النخبة في الاستخبارات حصلوا على وقت أطول من أجل العثور على عدد قليل من الأهداف النوعية، مثل قادة كبار في حماس وقادة عسكريين كبار. وركزت وحدات أخرى على مواقع إطلاق الصواريخ ومخازن السلاح. وبحثت وحدة عن مواطنين قدموا خدمات تمويل لمنظمات الإرهاب، لكن معظم وحدات الاستخبارات، لا سيما الموجودة في ألوية المشاة والتي استعدت لدخول القطاع، حصلت على وقت قليل لبناء قائمة أطول للأهداف، قالت المصادر التي تحدثت مع “نيويورك تايمز”. هذا الأمر كان مرهوناً بالأساس بمحاولة العثور على عشرات آلاف المسلحين برتبة متدنية.

    تمتلك إسرائيل منذ فترة طويلة قواعد بيانات تشمل أرقام هواتف وعناوين فلسطينيين مشتبه فيهم كمسلحين، قال للصحيفة 16 جندياً ومصدر. كان اسم الشيفرة لأحدهم “اللافندر”. إسرائيل تسيطر أيضاً على شبكات الاتصال في القطاع، ما يسمح لها بمراقبة هواتف الفلسطينيين والتنصت عليها. بواسطة التنصت على المكالمات الهاتفية يحاول الجيش الإسرائيلي معرفة مكان وجود هؤلاء المسلحين.

    لكن حسب أقوال ستة ضباط في الجيش الإسرائيلي، فإن قواعد البيانات تشمل أيضاً معلومات قديمة، الأمر الذي يزيد احتمالية تشخيص مدنيين بالخطأ كمسلحين. إضافة إلى ذلك، فإن عدداً من المكالمات الهاتفية التي تجرى أكبر من أن يسمح بالمتابعة اليدوية. ولتسريع العملية، فقد استخدمت الاستخبارات الإسرائيلية الذكاء الصناعي. في السنوات الأخيرة، طور الجيش منظومات قد تقارن بشكل أوتوماتيكي معلومات من عدة مصادر، من بينها مكالمات هاتفية، وصور أقمار صناعية، وإشارات من هواتف محمولة. منظومة منها تعرف باسم “البشرى”. في الأسابيع الأولى للحرب التي سادت فيها الفوضى، استخدمت وحدات مختلفة في الاستخبارات هذه المنظومات الأوتوماتيكية بطرق مختلفة لمطابقة بيانات والعثور على نشطاء إرهاب.

    -------------------------------------------

     

     

    هآرتس 30/12/2024

     

     

    دعكم من المستشفيات

     

     

    بقلم: أسرة التحرير

     

    اجتاح الجيش الإسرائيلي في نهاية الأسبوع الماضي للمرة الثالثة مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا. حسب منظمة الصحة العالمية، فان عملية الجيش أدت الى تعطيل عمل المستشفى الأخير الذي تبقى في شمال القطاع. نشبت نار في قسم الجراحة وفي المختبر، وقتل خمسة من رجال الطاقم الطبي، وبينهم طبيب أطفال بنار الجيش.

    نحو 350 كانوا في المستشفى اجبروا على التعري واخلائه. بعض من المرضى والجرحى نقلوا الى المستشفى الاندونيسي الذي هو أيضا اجتاحه الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي. مدير المستشفى، حسام أبو صفية، الذي قتل ابنه في هذا المستشفى قبل بضعة اشهر اعتقله الجيش ومصيره غير واضح؛ ثلاثة أطباء غزيون ماتوا حتى الآن في السجن الإسرائيلي في التحقيق او لغياب العلاج الطبي.

    حسب معطيات الأمم المتحدة منذ بداية الحرب قتل 1.057 من عاملي الجهاز الصحي في قطاع غزة، وهو ينهار لكثرة المصابين، للدمار الذي زرعه الجيش في المستشفيات وللنقص في الأدوية، الاسرة والطواقم. توثيق لما جرى في المستشفيات في القطاع في شبكات التلفزيون في العالم – التلفزيون الإسرائيلي يمتنع عن تقارير على ذلك – يظهر صورا يتمزق القلب لها لأطفال يموتون على أرضيات تتدفع عليها جداول الدم، جرحى يعانون الالام دون ان يقدم لهم علاج واكتظاظ رهيب.

    ادعى الجيش الإسرائيلي أمس بأن قواته اعتقلت 240 مقاتلا في منطقة المستشفى وان مدير المستشفى مشبوه كنشيط من حماس. لاثبات ادعاءاته عرض الجيش الإسرائيلي مسدسين وسكينا عثر عليها في المستشفى. هذه الغنيمة لا تثبت ادعاءات الجيش. العكس هو الصحيح. بسبب مسدسين وسكين لا يخلى عشرات المرضى والأطباء من مستشفى ليسيروا عراة في الليلة الباردة امام عيون الكاميرات لأجل اهانتهم.

    يتثبت الاشتباه بان للضربة المقصودة للمستشفيات في قطاع غزة توجد غاية أخرى. يبدو انه في اطار التطهير العرقي لشمال القطاع – حيث دمر الجيش تقريبا كل المنازل والبنى التحتية كي لا يسمح لعودة مئات الاف المبعدين من هناك – تقرر تخريب المستشفيات أيضا. بغياب كل بنية تحتية طبية سيفرغ شمال القطاع بسرعة اكبر مما بقي من سكانه لأن المرضى والجرحى سيفرون هم أيضا جنوبا في محاولتهم للوصول لتلقي العلاج.

    لا ينبغي إبقاء منطقة واسعة بهذا القدر، بل وفي وضع حرب، بدون مستشفيات. ميثاق جنيف الرابع يقرر القواعد بالنسبة للمكانة الخاصة للمستشفيات في وقت الحرب. وجود سلاح خفيف وذخيرة في مستشفى لا يمنح إذنا للمس به، ولا حتى وجود مقاتلين من العدو ممن ينزلون للعلاج فيه. شمال قطاع غزة مدمر وخرب، والجيش الإسرائيلي ينشغل الآن أساسا باستكمال تخريبه. هذا عمل غير شرعي، وفي كل الأحوال محظور أن تندرج فيه المستشفيات.

    -------------------------------------------

     

    قناة عبرية: حماس كانت تتحكم بكل كاميرات محيط غزة قبل 7 أكتوبر

     

    قناة (12) العبرية تقول:

    - تمكنت حماس من "اختراق رسائل البريد الإلكتروني، وإجراء عمليات مراقبة بهدف التصفية".

    - 7 سنوات درستنا فيها حماس، وتابعت كل تحركاتنا، وخططت وعرفت كل شيء عنا.

    قالت قناة (12) العبرية إن الوثائق والحواسيب التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب في قطاع غزة تظهر أن "حركة حماس تمكنت من الوصول إلى كاميرات المراقبة في التجمعات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، وحصلت على مواد داخلية وحساسة قبل هجوم 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023".

    وأضافت القناة العبرية، في تقرير بثته الأحد: "بالإضافة إلى الكاميرات، اخترقت حماس أيضا رسائل بريد إلكتروني، وأجرت عمليات مراقبة بهدف التصفية".

    وفي إشارة إلى أن المعلومات الاستخبارية التي كانت تمتلكها "حماس" قبل 7 أكتوبر 2023، ذكر التقرير العبري إن "المواد التي تم جمعها على مر السنين، من أجهزة الكمبيوتر في المستوطنات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، شملت وثائق من الكاميرات الأمنية، ووثائق تحتوي على معلومات حساسة واختراقات إلكترونية للأنظمة الداخلية"، على حد تعبيره.

    وزعمت القناة: "من المواد التي تم الاستيلاء عليها من أجهزة الكمبيوتر التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، يتبين عمق الثغرة التي استغلتها الحركة، بحيث تمكنت فعليا من تتبع كل خطوة يقوم بها رؤساء السلطات في محيط القطاع، وضباط الأمن، وكل واحد من السكان".

    ونقلت (12) العبرية عن شالوم بن حنان، المسؤول الكبير السابق في جهاز الأمن العام "الشاباك" قوله: "نرى معلومات استخباراتية عسكرية دقيقة ومفصلة للغاية".

    وادعى أن "حماس في قطاع غزة هي التي تجمع الأهداف للهجوم، وتقوم فعليا بإعداد ملفات الأهداف".

    وتابع بن حنان: "التفاصيل دقيقة للغاية.. وهو ما يثير الدهشة حقا".

    وأشارت القناة العبرية إلى أنه "من بين أمور أخرى، تم العثور على صور فوتوغرافية من الكاميرات الأمنية التي سجلت تقريبًا كل ما حدث في النقاط الحرجة في المنطقة، وعلى مدار الساعة"، حسب قولها.

    وأوضحت: "تم إرسال هذه الصور (من الجهات المحلية الإسرائيلية) إلى قوات الأمن الداخلي التابعة للسلطات (الإسرائيلية)، ثم وصلت (من خلال الاختراق) إلى قوات الأمن التابعة لحماس أيضا".

     

    وبهذا الخصوص، قال أمنون زيف، ضابط شرطة "حوف عسقلان" في محيط غزة: "لم يعلم أحد".

    وأضاف: "على العموم، تصرف الجميع بإسراف مفرط بكافة الطرق الممكنة، وقدموا العديد من الهدايا عبر تطبيق واتساب ومنصة تلغرام"، في إشارة إلى ما حصلت عليه "حماس" بطريق الاختراق.

    واستنادا إلى قناة (12)، فإنه من بين الأمور التي اتضحت من أجهزة كمبيوتر حماس هي وثيقة يعود تاريخها إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تكشف أن "حماس" كانت تمتلك جميع عناوين IP، وكلمات الدخول الخاصة بالكاميرات، والتي يمكن من خلالها اختراقها ورؤية كل شيء: كفار غزة، شعار هنيغف، سديروت، وحوف عسقلان"، وهي مستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة، على حد وصفها.

    وزعم زيف: "قبل عامين، تلقيت بنفسي مقطع مصور من حماس يتحدث عني يتضمن تلميحات مختلفة، لقد قاموا بتنزيل صورة من موقع فيسبوك، وفي نهاية المقطع، الذي تبلغ مدته 10 ثوانٍ، كُتب أيضًا سنصل إليك".

    وحسب القناة الإسرائيلية، فإن "حماس" تتبعت الكاميرات "لكنهم كانوا أيضا داخل أجهزة الكمبيوتر الخاصة برؤساء المجالس وأفراد الأمن في محيط القطاع".

    وقالت: "تم العثور على أرقام هواتف البوابات في مستوطنة شعار هنيغف على أجهزة الكمبيوتر التابعة لحماس، وكذلك على بريد إلكتروني من صندوق بريد منسقي الأمن المجتمعي من عام 2022 قبل إضرابهم، ورسالة بريد إلكتروني حول طلب بناء عوائق أمنية من شأنها أنتمنع النيران المضادة للدبابات"، على حد تعبيرها.

    واستنادا إلى القناة الإسرائيلية، فإن حماس كانت تعرف كل شيء، بما في ذلك لقاءات رؤساء السلطات المحلية مع قائد فرقة غزة للجيش الإسرائيلي في وسط عملية "الدرع والسهم" (العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة في مايو/أيار 2023)، ومتابعة لكل خطواتهم".

    وجاء في التقرير العبري: "تم العثور أيضاً على صورة في أجهزة الكمبيوتر التابعة لحركة حماس، لعملية مراقبة قامت بها الحركة على رئيس المجلس الإقليمي سدوت النقب تامير عيدان، وملفات عن كل منطقة من المناطق، أرفقت بها تقييمات الحالة لخطة الهجوم لكل منطقة".

    ونقلت عن غادي يركوني، الذي كان حتى وقت قريب رئيس مجلس محلي إشكول في غلاف قطاع غزة قوله إن "حماس حددت منزله على الخريطة"، على حد تعبيره.

    وقال: "ربما اكتشفوا الأمر منذ فترة طويلة أو لم تكن لديهم معلومات جديدة، لأنني انتقلت إلى منزلي قبل 3 سنوات من الحادثة، وجاءوا إلى منزلي القديم".

    وأضاف: "لم يحذرني الجيش على الإطلاق، ولم يقل أو يلمح لي، كان ينبغي عليهم أن يخبروني على وجه اليقين أن هذا هو ما يحدث. أنا مندهش، لم أكن أعرف عن ذلك".

    واختتمت القناة الإسرائيلية بالقول: "تظهر هذه الوثائق أن تخطيط يحيى السنوار مستمر (رئيس المكتب السياسي الراحل لحركة حماس) منذ عام 2016 على الأقل، أي 7 سنوات درستنا فيها حماس، وتابعت كل تحركاتنا، وخططت وعرفت كل شيء عنا".

    واغتالت إسرائيل السنوار في 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ضمن حرب إبادة جماعية تشنها على غزة بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

    جاء ذلك بعد ما يزيد قليلا عن شهرين لاختيار حماس، السنوار، المكني بـ"أبو إبراهيم" رئيسا لمكتبها السياسي، خلفا لإسماعيل هنية، الذي تم اغتياله بالعاصمة الإيرانية طهران، في 31 يوليو/ تموز الماضي.

    وفي 23 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أقر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، باغتيال هنية.

    وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 153 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

    ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراض في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

    -------------------------------------------

    عن "N12" 30/12/2024

     

    حان الوقت للتخلي عن هدف إسقاط حُكم "حماس" في غزة

     

     

    بقلم: إيال عوفير

     

    يقدّم السياسيون الإسرائيليون منذ أعوام (منذ حملة الانتخابات، العام 2009) وعوداً، ويلقون خطباً بشأن "إسقاط حُكم ’حماس'"، وجميعهم، ابتداء من بن غفير ونتنياهو يميناً، وصولاً إلى لابيد ويائير غولان في اليسار، مقتنعون بأننا قاب قوسٍ من تحقيق الهدف المنشود. صحيح أن لكلٍ منهم رؤية مختلفة تماماً عن الآخر عندما يتعلق الأمر بمسألة "من تريدون أن يحكم غزة بعد ’حماس'؟"، ومع ذلك، فإن الجميع يتوحدون في القناعة المطلقة القائلة إن من واجب إسرائيل أن تحدد من سيحكم غزة في اليوم التالي.

    هل يُعقل أن يكونوا جميعاً مخطئين؟ بعد نحو 450 يوماً من القتال في غزة، يمكن للمرء التشكيك في مدى قربنا من تحقيق هدف إسقاط القدرات السلطوية الخاصة بحركة "حماس". وهذا السباق ليس عَدْواً سريعاً، إنما هو ماراثون طويل. ومحاولة فرض تغيير فوري في الحُكم في غزة بالقوة العسكرية في هذا الوقت تحديداً لا يضمن لإسرائيل تفوقاً أمنياً أو سياسياً طويل الأمد. أمّا أولئك الذين يركزون على إيجاد حكم بديل في غزة، فَهُم يتسببون بضرر سياسي مستمر لإسرائيل في الساحة الدولية؛ إذ إن العالم يرى فينا قوة محتلة للشعب الغزي.

    ربما يكون بديل حُكم "حماس" أسوأ كثيراً، وربما تظهر آثار الأمر الجانبية بعيداً عن قطاع غزة؛ فعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة ربما تؤدي، خلال بضعة أعوام، إلى سيطرة "حماس" من الداخل على السلطة الفلسطينية الموحدة، وترسيخ حُكمها على بُعد خمس دقائق من مدينة كفار سابا، وهذه هي المخاطرة التي لا يأخذها أحد بعين الاعتبار. يمكن أن يتم ذلك عبر انتخابات ديمقراطية تماماً للسلطة الفلسطينية، أو انقلاب سريع كما حدث في سورية. وليست هذه هي المخاطرة الوحيدة؛ فالسعي وراء "حُكم بديل" في الواقع (والذي يُشار إليه في المصطلحات العسكرية الإسرائيلية بـ "نقل الصولجان في غزة"، كما لو أن غزة هي سباق تتابُع) يضر بجميع أهداف الحرب الأُخرى، إذ سيتقلص هامش حرّية تحركنا الأمني، والمختطَفون لا يزالون بعيدين عن العودة إلى ديارهم. ولَربما يمكننا التنازل عن هدف غير ممكن التحقيق من أجل التركيز على ما هو أكثر أهمية.

    نقوم، حالياً، بدعم غزة اقتصادياً عبر نقل مليون طن من الإمدادات سنوياً من أجل توفير الحاجات الإنسانية الأساسية. لنتخيل لحظة ما سيحدث في "اليوم التالي"؛ ففي إعادة إعمار غزة ستتدفق موارد هائلة من جميع أنحاء العالم عبر إسرائيل، ومنسق أعمال الحكومة في "المناطق" يعمل فعلاً، بعيداً عن أعين الإعلام، على توسيع معبر كرم أبو سالم ليتسع لألف شاحنة يومياً. كل هذه الخيرات، التي تبلغ قيمتها عشرات مليارات الدولارات سنوياً، تجذب جهات اقتصادية (في إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، وغزة) راغبة في تحقيق أرباح من إعادة إعمار غزة، لكن لا أحد يتوقف لحظة ليسأل: "هل هذا يتماشى حقاً مع المصلحة الإسرائيلية؟" إن غزة هي المنطقة ذات النمو الديموغرافي الأعلى في العالم، ومنذ فك الارتباط، سنة 2005، تضاعف عدد السكان (بينما قللت الهجرة إلى الخارج قليلاً من هذا التضاعف).

    إن كل طفل في غزة ينشأ على حلم يتحقق في 7 تشرين الأول، والذي يُطلَق عليه عندهم "يوم العبور"؛ إنهم يريدون "العودة" إلى إسرائيل.

     

    "من البحر إلى النهر"

     

    فاجأ شعار "من البحر إلى النهر" العديد من الإسرائيليين عندما سمعوه في تظاهرات حول العالم؛ فهو تعبير عن نهج خاص بـ "حماس"، لكنه موجود الآن في كل مكان يتواجد فيه الشعب الفلسطيني: في الضفة الغربية، والأردن، والدول الغربية، وغزة. وإعادة إعمار غزة السريعة هي طريقة رائعة لإظهار الفلسطينيين أنهم لم يدفعوا ثمناً باهظاً لقاء "مجزرة" 7 تشرين الأول، وبالعكس، فالعالم سيستمر في تمويل الغزيين، وبناء بنى تحتية جديدة لهم بدلاً من تلك التي دمرها الجيش الإسرائيلي، و"حماس" تدرك جيداً أن الشرط لتحقيق ذلك هو التظاهر بتغيير الحُكم في غزة، ولكي تتمكن الحركة والمقربون منها من الاستفادة من عشرات المليارات من الدولارات، فسيضطرون إلى وضع واجهة لتبدو وكأنها صاحبة السلطة. هذا هو "الحُكم البديل" في غزة، الذي يشبه الحكومة اللبنانية التي يتحكم بها "حزب الله".

     

    عِبرة من حُكم "طالبان"

     

    قارن الكثيرون بين أحداث 7 تشرين الأول، وإسقاط برجَي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وهناك تشابُه آخر؛ ففي 7/10/2001 تحديداً، بدأت قوات الجيش الأميركي عمليتها العسكرية الكبرى لإسقاط حُكم "طالبان" في أفغانستان، وكانت العملية ناجحة، وبعد نحو عام ونصف العام أعلن وزير الدفاع الأميركي، دونالد رامسفيلد، انتهاء الجزء العنيف والانتقال إلى غارات مركزة. ثم بدأت الولايات المتحدة فوراً جهودها لإعادة إعمار أفغانستان، وضخت مليارات الدولارات إلى الحُكم البديل برئاسة الرئيس الجديد حامد قرضاي، الذي فاز بالانتخابات سنة 2004، وكتب دستوراً جديداً وحديثاً يضمن المساواة. وفي سنة 2007، قضت القوات الأميركية على الملا داد الله، القائد العسكري الأسطوري، والذي كان بمثابة محمد الضيف في "طالبان"، وفي سنة 2011، قتلت أسامة بن لادن، الذي كان بمثابة السنوار لتنظيم "القاعدة". ومع ذلك، فإننا نرى اليوم، في سنة 2024، أن "طالبان" هي من تحكم أفغانستان مرة أُخرى. ربما يجدر التعلم من التاريخ، فهذا ليس المثال الوحيد لفشل استبدال الحُكم.

     

    لن تختفي "حماس" بين ليلة وضحاها

     

    في المؤتمر الصحافي، الذي لم نر مؤتمراً على غراره منذ زمن، والذي عقده نتنياهو، مؤخراً، تم توجيه السؤال الآتالي إليه: "لماذا لم يتم حتى الآن إسقاط حُكم ’حماس'؟" فأجاب نتنياهو: "لماذا لم نقضِ على القدرة الحاكمة لحركة ’حماس'... بحثنا عن طرق لتوزيع المساعدات الإنسانية عبر العشائر، فقاموا بقتلهم في البداية، والآن هناك عشائر أُخرى تقوم بذلك. نبحث الآن عن طريقة للقيام بذلك بالكامل، لأنك لا تستطيع إزاحة حُكم ’حماس' إذا ما تركتها توزع الحاجات الأساسية إلى السكان: الطعام الذي تسرقه... إلى جانب الماء والصرف الصحي؛ هذه الأمور يجب أن نأخذها من الحركة. نحن نعمل حالياً على خطة لسحب السيطرة (المدنية) من ’حماس' وإكمال المهمة".

    تُظهر إجابة نتنياهو خطأً أساسياً في فهم ما يحدث في غزة، لكن الأسوأ من ذلك هو أن من لديهم ذاكرة قوية ربما يتذكرون أن نتنياهو قبل عام تماماً، بعد 7 تشرين الأول، برر في مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو" تحويل حقائب الأموال القطرية إلى القطاع بكلمات مشابهة: "أردنا تلافي حالة انهيار إنساني مدني من الأمراض والجوع وأمور أُخرى... كنا نريد أساساً إضعاف ’حماس'، وليس تعزيزها".

    مرة أُخرى، كما في سنة 2018 وقبلها، يتم تكرار الفكرة نفسها: "إذا اعتنينا فقط بالسكان وفصلنا بين الرعاية الإنسانية و’حماس'، فسوف ينهار حُكمها".

    لا تتركز جهود "حماس" الحالية في غزة ضد الجيش الإسرائيلي، إنما على ترسيخ سيطرتها على السكان المدنيين في القطاع. وقد أنشأت "حماس"، مؤخراً، وحدة "سهم" التابعة لشرطة "حماس"، التي تذكّر بأساليب عملها بالوحدة "التنفيذية" الخاصة التي أنشأها سعيد صيام سنة 2007 للاستيلاء على الحُكم في غزة من السلطة الفلسطينية.

    وقد أكد الجيش الإسرائيلي، في إفادة قُدّمت إلى المحكمة العليا الإسرائيلية قبل نحو ثلاثة أسابيع، أن "الجيش الإسرائيلي لا يملك سيطرة فعلية (على السكان) في قطاع غزة حتى اللحظة.

    والقدرات الحاكمة التي يملكها تنظيم ’حماس'... لم يتم القضاء عليها بالكامل".

    في الواقع، هذا تقدير مجتزأ. فعلى الرغم من وجود معارضين لحركة "حماس" في غزة، فإن الحركة متغلغلة بعُمق في جميع منظومات السيطرة المدنية: كالبلديات، وإدارة المياه، والكهرباء، والدفاع المدني، والتعليم، والصحة، وطبعاً، في منظمات الإغاثة كافة. ومؤخراً، تبيّن أن بين 584 موظفاً محلياً وظفتهم منظمة "WCK" في غزة، كان هناك 62 منهم أعضاء في "حماس". وعلى الرغم من أنه تم فصل هؤلاء، فإنه لا يمكن اقتلاع 30,000 موظف حكومي وعائلاتهم الداعمة لهم، وإبعادهم بين ليلة وضحاها عن غزة. حتى الجيش الإسرائيلي، الذي حاول، كما وصف نتنياهو أعلاه، إنشاء حُكم بديل عبر العشائر لتتولى توزيع الطعام، خَلُصَ بعد خمسة أشهر من التجربة إلى أن هذه المشاريع التجريبية فشلت تماماً.

     

    البديل

     

    ما البديل إذاً؟ أحياناً، من الأفضل الاعتراف بالواقع ببساطة. يمكننا التظاهر، بالتنسيق مع "حماس"، بأن حُكماً بديلاً سيدخل غزة، ولا يهم إذا ما كان هذا الحُكم عبارة عن قوة عربية (حتى الآن، لا يوجد متطوعون)، أو مكوناً بالكامل أو جزئياً من السلطة الفلسطينية "المُجدَدَة" التي ستدخل غزة تحت اسم "حكومة تكنوقراط"، لكن أي حكم كهذا سيتطلب تعاون "حماس". في الواقع، إن وجود حُكم زائف كهذا سيقيد قدرات الجيش الإسرائيلي على العمل في قطاع غزة، إذا دعت الحاجة. كما أن أي إدارة من هذا القبيل ستطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل من غزة، والمحافظة على الوحدة الإقليمية، وربما أيضاً توحيد غزة مع أراضي الضفة الغربية في المستقبل.

    يجب على إسرائيل أن تدرس البديل بعناية؛ إنشاء منطقة عازلة أمنية في شمال القطاع، حيث ستكون مناطق كبيت حانون وبيت لاهيا خالية من السكان.

    وهذه المنطقة مجاورة لمراكز التجمعات السكانية الإسرائيلية كعسقلان، وسديروت، وزيكيم، ونتيف هعسراة وخط السكة الحديد المؤدي إلى كل من أوفاكيم ونتيفوت.

    وإنشاء منطقة عازلة (محيط أمني) يمنع دخولها تماماً، على امتداد منطقة الحدود، حتى لو كان ذلك لأغراض فلاحة الأرض.

    أمّا بقية القطاع، فيجب أن ننسحب منه تماماً، وأن نترك الغزيين يقررون مصيرهم بأنفسهم، ويتحملوا نتائج أفعالهم. إسرائيل ليست مضطرة إلى السيطرة على غزة أو توفير الموارد لها، ويمكن للغزيين، من أجل هذا الشأن، التواصل مع مصر.

    يجب على إسرائيل أن تنفصل تماماً عن غزة، وهذه المرة من دون ترك معابر حدودية يتم عن طريقها ضخ أفضل المواد الخام من إسرائيل إلى غزة، وهي المواد التي استخدمتها "حماس" لبناء قوتها الاقتصادية والعسكرية. فإذا ما نشأ هناك تهديد عسكري، فإننا سنعرف كيف نتعامل معه، فوراً، من دون أي مسؤولية مدنية إسرائيلية عن مصير سكان غزة.

    -------------------------------------------

     

    اعتداءات جنسية وإعدامات..

     

     

    تقرير جديد ينقل الاعتداء الوحشي على مستشفى كمال عدوان في غزة

     

    المصدر: موقع "ميدل إيست آي"

    قال شهود في تقرير جديد إنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتدت جنسياً على نساء فلسطينيات وأعدمت مدنيين عزّلاً خلال مداهمة مستشفى كمال عدوان في غزة يوم الجمعة.

    وشمل العنف ضدّ النساء نزع ملابسهن ولمسهن تحت التهديد بالعنف وضربهن وإهانتهن جنسياً. وقد جمع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان شهاداتهن ونشرها يوم السبت.

    ووفقاً للتقرير، تعرّضت عشرات النساء والفتيات المعتقلات أثناء المداهمة لانتهاكات مهينة تصل إلى حدّ العنف الجنسي.

    وفي إحدى الحوادث، مزّق جندي ملابس امرأة، بعد أن رفضت خلع حجابها. وقالت ضحية أخرى إنّ جندياً حاول الاعتداء عليها جنسياً، وعندما قاومت ضربها بقوة على وجهها، ممّا تسبّب في نزيف أنفها".

    وقال أحد أفراد طاقم المستشفى للمراقب: "أمرنا الجنود بخلع حجابنا، لكننا رفضنا. ثم لجأوا إلى الفتيات دون سن العشرين وطالبوهن بخلع حجابهن، لكنهن رفضن أيضاً". قرّر الجنود معاقبتنا بأخذ امرأتين وإجبارهما على خلع ملابسهما تحت التهديد.

     

    إعدامات ميدانية

     

    وفقاً للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وصف شهود جرائم أخرى ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، مثل إعدام المرضى والمعتقلين العزّل، فضلاً عن تفجير روبوتات مفخّخة بالقرب من المنازل.

     

    مواضيع متعلقة

     

    وقال مسعف متطوّع يبلغ من العمر 41 عاماً، إنه رأى قوات الاحتلال تطلق النار على رجل يحمل علماً أبيض وتقتله. وذكر أنّه "عندما تمّ اعتقاله مع نحو 300 رجل آخرين، تمّ نقلهم إلى منطقة مفتوحة بالقرب من المقبرة وأجبروا على خلع ملابسهم الداخلية لساعات على الرغم من البرد".

    وكشف أيضاً أنّ "طفلاً مصاباً باضطراب نفسي خرج راكضاً نحو دبابة إسرائيلية أطلقوا عليه النار على الفور".

    وأضاف أيضاً: "كانت هناك ناقلة جند مدرّعة ودبابة في المنطقة. أمرنا جندي بالتجمّع في مكان محدّد. كان بيننا خمسة أفراد مصابون أجبروا على السير أمام الدبابة. وفجأة، أطلقوا النار عليهم وقتلوهم من دون أيّ استجواب".

    واقتحم جنود الاحتلال مستشفى كمال عدوان، آخر مرفق صحي عامل في شمال غزة، يوم الجمعة. وسبق التوغّل ما يقرب من ثلاثة أشهر من الحصار الذي منع دخول المساعدات والأدوية والأغذية، فضلاً عن القصف العنيف لمجمّع المستشفى ومحيطه.

    وأفاد مسؤولون صحّيون أنّ قوات الاحتلال أحرقت أقساماً مختلفة في المستشفى خلال المداهمة، ما أدّى إلى مقتل المرضى والعاملين الطبيين بداخله.

    وأُجبر الأطباء والمرضى المتبقّون، الذين يبلغ عددهم نحو 350 شخصاً، على الخروج من المستشفى تحت تهديد السلاح وهم شبه عراة.

    وقد تمّ الإفراج عن بعضهم في وقت لاحق ولكن العديد منهم ما زالوا معتقلين، بما في ذلك الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان.

    لقد ترك الاعتداء الأخير شمال غزة من دون أيّ مراكز رعاية صحية عاملة. وهذا جزء من الهجوم الإسرائيلي على شمال غزة، الذي بدأ في 5 تشرين الأول/أكتوبر، والذي أعقب تقديم اقتراح مثير للجدل يسمّى "خطة الجنرالات" إلى الحكومة الإسرائيلية.

    تدعو الخطة إلى تطهير المناطق الواقعة شمال "ممر نتساريم"، الذي يقسم غزة إلى قسمين، حتى تتمكّن "إسرائيل" من إنشاء "منطقة عسكرية مغلقة".

    وقالت وزارة الصحة يوم الجمعة، في أعقاب الغارة على مستشفى كمال عدوان إنّ "الاحتلال يوجّه الضربة النهائية للنظام الصحي المتبقّي في شمال غزة اليوم.. وهذا يتماشى تماماً مع خطة الجنرالات للقضاء على السكان في شمال قطاع غزة".

    ------------------انتهت النشرة----------------


    http://www.alhourriah.ps/article/96678