• الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 22/12/2024 العدد 1189
    2024-12-23

    الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

    افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

     

     

     

     

    يديعوت احرونوت  22/12/2024

     

     

    في العام الجديد سنرى ثمن الحرب اذ ستزداد المصروفات فيما ستتقلص المداخيل

     

     

    بقلم: غاد ليئور

     

    نزيد النفقات، نقلص المداخيل: في الأول من كانون الثاني ستدخل الى حيز التنفيذ الإجراءات الاقتصادية في جملة متنوعة من المجالات التي ستؤدي على جيوبنا جميعنا. التقديرات هي ان الاقتصاد المنزلي الإسرائيلي سيخسر في السنة القريبة القادمة بين 8 الاف الى 12 الف شيكل، التي هي نحو 1.000 شيكل في الشهر وذلك دون الاخذ بالحسبان نفقات عالية قد تزداد اكثر فأكثر، مثل شراء شقة او سيارة جديدة.

    للسنة الجديدة التي ستتضمن موجة من الغلاء ينبغي أن نخطط منذ الان. فجملة الإجراءات المتشددة التي بانتظارنا ابتداء من الأسبوع القادم تستوجب من الكثيرين منا إعادة احتساب المسار في محاولة للتوفير في النفقات بل وربما العمل أكثر لاجل زيادة المداخيل.

    هذا الواقع سيكون صعبا بخاصة على الفئات السكانية التي على أي حال يصعب عليها انهاء الشهر ولا يدور الحديث عن قلائل. ففي الاسبوع الماضي افقط انكشف معطى صادم يفيد بان مليونين من مواطني إسرائيل يعيشون دون خط الفقر والتخوف هو ان ينزل الى دون هذا الخط البائس في السنة الميلادنية القريبة كثيرون آخرون.

    تجري “يديعوت احرنوت” ترتيبا لمن ينتظرنا ابتداء من الأسبوع القادم وفي اسياق السنة أيضا.

    تجميد مدرجات ضريبة الدخل: يجري تحديث مدرجات ضريبة الدخل في كل سنة وفقا لجدول الأسعار للمستهلك. معنى هذه الخطوة هو أن في السنة القادمة لن ترتفع مدرجات الضريبة الى معدل جديد وفقا لارتفاع جدول الأسعار للمستهلك في علام 2024. هكذا مثلا، صحيح حتى العام 2024، على اجر شهري حتى 10.060 سندفع ضريبة 14 في المئة. فوق هذا المبلغ ندفع منذ الان ضريبة 20 في المئة. مدرج الضريبة كان يفترض أن يرتفع بسبب تضخم مالي بنحو 3.5 في المئة، الى نحو 14.400 شيكل ومن هذا المبلغ فقط يدفع 20 في المئة ضريبة دخل. ولما كانت المدرجات تجمدت، فان الخسارة للاقتصاد المنزلي قد يصل حتى التقدير الى نحو1000 شيكل في السنة وللفرد على الا قل الى 500 شيكل (منوط بمستوى الراتب).

    تجميد نقاط الاستحقاق من الضريبة: كل مواطن يستحق حد أدنى 2.25 نقطة استحقاق في الضريبة. قيمة كل نقطة استحقاق ضريبي كان يفترض ان ترتفع من 2.904 شيكل في السنة الى 3.000 شيكل في السنة، أي بـ  96 شيكل. هذا لن يحصل والخسارة للعائلة في هذا السياق قد تصل الى نحو 1.500 شيكل في السنة.

    تجميد مدرجات الدفع المتدني لبدل التأمين الوطني والتأمين الصحي: مرة أخرى يمنع التجميد تحديث المدرج والخسارة للفرد الذي يحصل على اجر متوسط بنحو 13.500 شيكل ستصل الى نحو 450 شيكل في السنة.

    تجميد مخصصات الأطفال: اليوم يحصل الابوان عن الطفل الأول 169 شيكل، عن الطفلين الثاني حتى الرابع 214 شيكل لكل الطرف، ومن الطفل الخامس وما بعده مرة أخرى 169 شيكل للطفل. كان يفترض بالمخصص ان يرتفع بـ 6 حتى 7.5 شيكل لكل طفل في الشهر. عائلة مع ثلاثة أطفال حتى سن 18 ستخسر جراء ذلك 21 شيكل في الشهر والتي هي 252 شيكل في السنة.

    رفع بدل دفعات التأمين الوطني وضريبة الصحة: لاجل تمويل اضرار الحرب، بما فيها معالجة المصابين النفسيين الكثيرين، تقرر رفع دفعات التأمين الوطني بـ 0.8 في المئة ولضريبة الصحة بـ 0.15 في المئة. والمعنى: اجركم الصافي سيقل بالمتوسط بنحو 1.000 شيكل في السنة.

    تقليص بدل الصحة: على ارباب العمل ان يقلصوا مبلغ يساوي يوم صحة واحد من اصل دفع بدل الصحة الذي يستحقه العاملون في العام 2024. هذا الاجراء سيكلف كل عامل في القطاع الخاص 418 شيكل، في القطاع العام 471 شيكل ولعاملي البناء والمقاول 485 شيكل.

    في سنة العمل الأولى يستحق العامل خمس أيام صحة. في السنة الثانية والثالثة 6 أيام وهكذا دواليك حتى 10 أيام صحة. لما كان مبلغ بدل الصحة لليوم سيجمد أيضا، ففضلا عن خسارة يوم واحد، كل عامل سيخسر نحو 15 شيكل لكل يوم صحة يستحقه. تأجيل رفع الاجر في القطاع العام: حسب الاتفاق بين وزارة المالية والهستدروت سيكون تأجل لدفعات علاوات الاجر التي وعد بها في منحى سابق. سيتقلص الاجر بـ 0.29 في المئة في الصافي في كانون الأول 2024 بدلا من ان يرتفع بـ 2 في المئة. وسيرتفع على مراحل في 1.5 في المئة في نيسان 2025 وفي نيسان 2026 و 1.5 في المئة في كانون الأول 2026 سيعاد التخفيض أيضا. صندوق الدولة سيكسب من هذه الخطوات نحو 5 مليار شيكل، والعاملون لن يستعيدوا تخفيض الاجر الا بعد سنتين، حين لا يكون المال بالطبع في حسابهم والخسارة المقدرة لكل عامل ستكون نحو 2.230 شيكل.

    الضريبة الدنيا سترفع بـ 2 في المئة: اليوم يفرض على أصحاب المداخيل الأعلى من 722 الف شيكل في السنة ضريبة دنيا من 3 في المئة. هذه الضريبة سترتفع 2 في المئة وهذا اجراء سيكلف أصحاب الرواتب العالية والمداخيل المالية على الأقل 14.420 شيكل في السنة.

    تخفيض الامتياز لسحب أموال من التقاعد: اليوم يعفى من الضريبة 52 في المئة من الأموال الأولى من مبلغ السحب. حسب منحى قررته المالية، قبل سنوات، الاعفاء من الضريبة كان يفترض ان يرتفع ابتداء من كانون الثاني 2025 الى 67 في المئة. وكانت المالية تعتزم تأجيل كل الرفع في الاعفاء لكنها تنازلت وفي الأسبوع الماضي المبلغ المعفى لن يرتفع الا الى 57 في المئة. والمعنى هو ان من يسحب نحو 100 الف شيكل سيكون معفيا من الضريبة عن 57 الف شيكل أولى وليس عن 67 الف شيكل أولى كما كان يفترض اليوم.

    رفع ضرائب العقارات: ضريبة الشراء للمستثمرين لن تقل كما كان مخططا الى 5 في المئة وستبقى 8 في المئة. الامر من شأنه ان يجر عرضا غير كاف سواء في سوق البيع ام في سوق الايجار، وبناء على ذلك الارتفاعات للأسعار للجمهور. كما سيجمد مبلغ ضريبة شراء شقة ولن ترتفع مبالغ الاعفاء.

    حتى هنا فصلت الإجراءات الاقتصادية في جانب المداخيل. والان سنفصل في جانب النفقات – بتعابير أخرى: على ماذا سندفع اكثر.

    رفع ضرائب المضافة من 17 الى 18 في المئة: يدور الحديث عن احد الإجراءات الأكثر تشددا في السنة القادمة. فرفع ضريبة القيمة المضافة بـ 1 في المئة يرفع متوسط النفقات باقل من 1 في المئة وبالتالي الغلاء سيصل في السنة الى نحو 1.200 شيكل للفرد وضعفه للعائلة. واضح أن شراء شقة جديدة او سيارة جديدة سيرفع النفقات بمعدل كبير. شقة تكلف 3 مليون شيكل ستكلف 30 الف شيكل إضافية وسيارة تكلف 200 الف شيكل ستكلف 2.000 شيكل إضافية.

    غلاء الكهرباء: حاليا الغلاء المخطط في شهر كانون الثاني يبلغ 3.8 في المئة لكن وزير الدفاع ايلي كوهن بادر منذ الان الى خطوة تقلص فيها سلطة الكهرباء الغلاء الى نحو 3 في المئة. والمعنى هو ان حسابا شهريا على الكهرباء بمبلغ 500 شيكل سيرتفع 15 شيكل وبالاجمال 180 شيكل في السنة.

    غلاء الماء: السعر كان يفترض أن يزداد 3.4 في المئة، لكن سعر الماء سيرتفع بـ 2 في المئة فقط. والمعنى هو غلاء 4 شيكل في الشهر هي نحو 50 شيكل في السنة.

    غلاء تسديد قروض السكن: ارتفاع ضريبة القيمة المضافة سيرفع التضخم المالي وسيرفع تسديد الدين لقرض السكن. كما أن ارتفاع التضخم المالي سيمنع تخفيض معدل الفائدة وعليه فاصحاب قروض السكن لن يستمتعوا بتخفيض الفائدة على قرضهم الأكبر لاشهر أخرى على الأقل.

    سلسلة غلاء في الاقتصاد: جملة من الشركات سترفع الأسعار بمعدل 3 حتى 15 في المئة مما يعني نفقات إضافية للعائلة تتراوح بين 100 – 300 شيكل في الشكل.

    غلاء السيارات: الضريبة على السيارات الكهربائية سترتفع من 35 الى 45 في المئة. أي ان أسعار السيارات الكهربائية سترتفع بالاف الشواكل.

     ارتفاع ضرائب الارنونا: السلطات سترفع ضرائب الارنونا حتى 5.29 في المئة. أي من كان يدفع 6 الاف سيضيف نحو 300 شيكل ومن يدفع 10 الاف سيضيف نحو 500 شيكل.

    غلاء المواصلات العامة: كل رحلة ستكلف 2 شيكل إضافي. وهذا مطلوب لاجل تمويل السفر المجاني لابناء 67 فما فوق.

    ---------------------------------------------

    هآرتس: 22/12/2024

     

    مخيم جباليا للاجئين اصبح مدينة اشباح، عودة النازحين أمر غير واقعي

     

     

    بقلم: عاموس هرئيلِ

     

    حتى نهاية الافق في كل اتجاه، بضعة كيلومترات تلو كيلومترات من البيوت المدمرة، يصعب رفع العيون عما تبقى من مخيم جباليا في شمال قطاع غزة. المنشآت الكبيرة لحزب الله التي قام الجيش الاسرائيلي بتفجيرها في القرى الشيعية في جنوب لبنان، محور فيلادلفيا الموسع في رفح، مركز مخيم جنين للاجئين بعد أن فعلت فيه الجرافات الاسرائيلية الفظائع في عملية “السور الواقي” في الانتفاضة الثانية – كل هذه الاماكن لا تشبه من حيث قوة وحجم الدمار فيها ما حدث في الشهرين ونصف الاخيرين في احد الاماكن الاكثر اكتظاظا في العالم.

    عملية الجيش الاسرائيلي الحالية في جباليا بدأت في 6 تشرين الاول الماضي. المقاومة الفلسطينية في المخيم أخذت تخفت (ايضا في قرية جباليا جنوب المخيم كانت النشاطات العسكرية قليلة). في الجيش يقدرون أن 70 في المئة من مباني المخيم تم تدميرها كليا). في زيارة قصيرة في المخيم أول أمس كان يمكن رؤية على المباني القليلة التي بقيت اضرار بارزة. حسب بيانات الجيش الاسرائيلي فان حوالي 96 ألف شخص تم اخلاءهم بالقوة من المخيم. اكثر من 2000 فلسطيني، معظمهم حسب الجيش هم من المسلحين، قتلوا. حوالي 1500 شخص متهم بالارهاب تم اعتقالهم. في المخيم المدمر تبقى كما يبدو 100 مخرب تقريبا، ونفس العدد من المدنيين، يختبئون بين الانقاض. جباليا اصبحت مدينة اشباح. في الخارج تتم مشاهدة فقط قطعان الكلاب التائهة التي تبحث عن الطعام.

    انهيار حماس في المخيم هو تقريبا انهيار كامل. الجيش الاسرائيلي عمل هنا مرتين، مرة في كانون الاول 2023، ومرة اخرى في ايار الماضي، لكن هذه المرة الحديث يدور عن التفكيك الى اجزاء. الفرقة 162 تستخدم في جباليا وفي بيت حانون وبيت لاهيا اربعة طواقم قتالية لوائية. عز الدين حداد، قائد الذراع العسكري لحماس في شمال القطاع، يدير عن بعد جهود ضرب ذيل قواتنا. حماس تلقي الى المعركة خلايا صغيرة تتكون من 4 – 5 اشخاص، مسلحين بسلاح خفيف، قذائف آر.بي.جي وعبوات ناسفة، ودائما يرافقهم مصور (التوثيق مهم لحماس ليس اقل من التنفيذ).

    في القتال في المخيم وفي محيطه قتل في هذه الفترة 35 جندي اسرائيلي واصيب المئات. بعد أن تكبدت القوات عدد كثير نسبيا من الجنود، لا سيما عند دخول البيوت المفخخة، تم تبني طريقة عمل مختلفة. حركة ابطأ وحذرة اكثر، التي تخلف دمار كبير، لكنها تقلص عدد المصابين. جزء كبير من النشاطات يستند الى المعلومات الاستخبارية التي تأتي من التحقيق مع المعتقلين.

    صباح أول أمس كانت حادثة استثنائية. مسلحون فلسطينيون حاولوا التسلل الى خارج المخيم نحو الجنوب، باستغلال الضباب. هم اصطدموا مع كمائن الجيش الاسرائيلي وقتل بعضهم. قرب جثة احدهم وجدت قنابل يدوية تم اخراج الصاعق منها. يبدو أنه كان ينوي تفجير نفسه قرب جنود. الاحتكاك بين جنود الجيش الاسرائيلي والمدنيين ضئيل، لأن غالبيتهم غادرت. يوجد عشرات الفلسطينيين الذين وجدوا ملجأ في المستشفى الموجود في شمال المخيم. أول أمس وصلت اليهم قافلة تموين صغيرة. في الجيش يفترضون أنه يختبيء بينهم مسلحون ايضا. في الاسابيع الاولى للعملية تردد السكان في الخروج من المخيم. وفي الجيش يقولون إن حماس فرضت الرعب عليهم. رجال حماس قاموا باطلاق النار على اقدام المدنيين الذين اصروا على المغادرة. الجيش الاسرائيلي زاد الضغط، بما في ذلك اطلاق النار بشكل كثيف قرب المدنيين – حماس لم تصمد امام الضغط. السكان غادروا بسرعة.

    كل هذا حدث وفي الخلفية توجد خطة الجنرالات، اقتراح جنرالات الاحتياط الذين يريدون طرد الفلسطينيين من شمال القطاع نحو جنوب ممر نتساريم. هيئة الاركان تنصلت من هذه الخطة. ولكن في قيادة المنطقة الجنوبية وفي المستوى الميداني هناك من يغازلها بشكل خطير. عمليا، ما يحدث على الارض لا يتلاءم مع أي خطة وضعها الجنرالات القدامى. ربع القطاع الشمالي، بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا، تم افراغه من المواطنين بالقوة والتهديد. ولكن في مدينة غزة، في منطقة عرضها 5 كم بين الفرقة 162 في جباليا والفرقة 99 في ممر نتساريم الواسع، بقي اكثر من 100 ألف شخص. عمليا، معظم السكان هربوا من الشمال في الاشهر الاولى للحرب. ولكن الاتهامات التي وجهت لاسرائيل تناولت بالاساس القتل غير المتناسب للمدنيين، وليس ادعاء التطهير العرقي.

    السحق الممنهج لمقاومة حماس أدى الى خلق حرية عمل كبيرة للجيش، الذي تتحرك قواته حول المخيم في ناقلات الجنود من نوع “النمر”  وفي الدبابات، ومن المقرر أن تستكمل العملية في جباليا في الاسابيع القليلة القادمة، بعد أن يتم التعامل مع منشأة واحدة تحت الارض. في المحادثات مع الضباط، والمحادثات فيما بينهم، غاب خطاب الانتقام الذي احتل مكانا بارزا في التقرير الذي نشره ينيف كوفوفيتش في “هآرتس” في الاسبوع الماضي حول نشاطات قوات الجيش الاسرائيلي في ممر نتساريم.

    لقد تم احضار الى مسجد في المخيم في 7 تشرين الاول السنة الماضية سياراتان عسكريتان من نوع “هامر”، تمت سرقتها، وعليها سبعة جثث لجنود اسرائيليين. الجمهور قام بالدوس على الجثث. في احدى هجمات الجيش في جباليا قتل اثنان من قادة الفصائل في حماس، اللذان يعتقد أنهما قادا المعركة في مفترق مفلسيم، حيث قتلا عشرات من الذين هربوا من حفلة “نوفا” في سياراتهم. في العملية الحالية لم يتم العثور على أي دلائل عن وجود مخطوفين في جباليا. الافتراض هو أن حماس اخرجتهم مسبقا من المخيم. في نشاطات سابقة للفرقة 162 تم انقاذ مخطوف (فرحان القاضي) في نهاية شهر آب في رفح. وتم العثور على 12 جثة لمخطوفين.

    الفرقة  بقيادة العميد ايتسيك كوهين تقاتل في القطاع منذ 14.5 شهر بشكل متواصل، منذ تم استدعاءها الى الغلاف ظهيرة 7 اكتوبر. قتل فيها 235 جندي (74 منهم من لواء جفعاتي)، و5 آلاف مصاب، 3700 منهم عادوا الى القتال. هناك ضباط اصيبوا في المعارك ثلاث مرات، والآن هم مرة اخرى في جباليا. من بين القتلى في الفرقة هناك قائدين من لواء المظليين، العقيد يونتان شتاينبرغ من الناحل، الذي قتل في اليوم الاول للحرب، والعقيد احسان دقسة، قائد اللواء 401، الذي قتل قبل شهرين في انفجار عبوة في جباليا.

    من برج ناقلة الجنود “النمر” لقائد لواء جفعاتي العقيد ليرون بتيتو في وسط جباليا نرى بدون صعوبة المباني المرتفعة في سدروت وعسقلان. البيوت والازقة المكتظة في المخيم التي أخفت المشهد تم تفجيرها بشكل ممنهج في الاسابيع الاخيرة. النقاش حول عودة الفلسطينيين في اطار صفقة التبادل ووقف اطلاق النار يبدو من جباليا ضئيل جدا وبعيد عن الواقع. الامر سيحتاج الى سنوات كثيرة، حسب بعض التقديرات 10 سنوات، من اجل اخلاء الانقاض واعادة بناء الاحياء.

    ---------------------------------------------

    هآرتس: 22/12/2024

     

    نتنياهو لن يتواجد في اوشفيتس لأنه مطلوب بسبب جرائم حرب

     

     

    بقلم: جدعون ليفي

     

    رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لن يذهب في هذه السنة الى الاحتفال بالذكرى الثمانين لتحرير معسكر الابادة اوشفيتس في بولندا، بسبب الخوف من الاعتقال في اعقاب اصدار أمر الاعتقال ضده في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. هذه المفارقة الصعبة والكبيرة للتاريخ تقدم لنا نقطة التقاء سريالية، كان يصعب تخيلها حتى الفترة الاخيرة. فقط يجب علينا تخيل نتنياهو وهو يهبط في كاركوف ويصل الى ابواب اوشفيتس ويتم اعتقاله من قبل رجال الشرطة في بولندا تحت لافتة كتب عليها “العمل يحرر”. فقط التفكير بأنه من بين كل الشخصيات والدول بالذات رئيس حكومة اسرائيل هو الممنوع من المشاركة في احتفال الذكرى لأبناء شعبه بسبب الخوف من القانون الدولي الذي يحلق فوق رأسه. المستشار الالماني يحق له المشاركة، أما نتنياهو فلا.

    قبل ثمانين سنة، عندما تم تحرير اوشفيتس، هذا كان يبدو التطور الاكثر هستيرية الذي يمكن تخيله. الآن الامر لم يعد هكذا. قبل ثمانين سنة اليهود كان يمكنهم اختيار ارث من اثنين. هذا لم يعد موجود، اليهود لن يقفوا في أي يوم أمام خطر مشابه. هذا لن يتكرر؛ لا أحد في العالم سيقف مرة اخرى امام هذا الرعب؛ اسرائيل اختارت الخيار الاول مع اضافة قاتلة: بعد اوشفيتس مسموح لليهود فعل أي شيء. وقد طبقت ذلك في السنة الاخيرة مثلما لم تفعل في أي يوم. رئيس الحكومة الذي هرب من الاحتفال في اوشفيتس، ربما هذه هي الطريقة الاكثر فظاظة لاثبات ذلك. حقيقة أنه من بين كل الاماكن في العالم، اوشفيتس هي المكان الاول الذي يخشى نتنياهو الوصول اليه، يصرخ بالرمزية وبالعدل التاريخي.

    زعماء دول اخرى سيشاركون في الاحتفال الذي سيجري في 27 كانون الثاني القادم، لكن ليس نتنياهو. هو مطلوب من قبل المحكمة، التي تشكلت في اعقاب ما حدث في اوشفيتس، بسبب جرائم حرب هو متهم بها، التي اصبحت تشبه بسرعة مدهشة جرائم اوشفيتس. المسافة بين اوشفيتس وغزة، مع توقف مؤقت في لاهاي، ما زالت طويلة، لكن لم يعد بالامكان الادعاء بأن المقارنة لا اساس لها من الصحة. عندما نقرأ المقال الذي نشره ينيف كوفوفيتش حول ما يحدث في محور الموت في نتساريم (18/12) ندرك أن هذه المسافة تتقلص بشكل مستمر.

    دائما كان محظور مقارنة أي شيء بالكارثة وبحق. لم يكن هناك شيء مثلها. الجرائم القاسية جدا للاحتلال تتقزم امام جرائم اوشفيتس. اضافة الى ذلك فان هذه المقارنة دائما اخرجت اسرائيل بيضاء كالثلج والذي يقفون ضدها كلاساميين. ففي نهاية المطاف لا توجد معسكرات ابادة في غزة، لذلك فانه يمكن صد بسهولة أي تهمة. لا توجد معسكرات ابادة، لذلك فان الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم. ايضا لن يكون في أي يوم معسكرات ابادة في غزة. مع ذلك، المقارنة بدأت تصرخ من تحت الانقاض ومن القبور الجماعية.

    عندما يعرف الفلسطينيون في غزة أنه في المكان الذي تركض فيه الكلاب الضالة توجد ايضا جثث لاناس يتم نهشها من قبل هذه الكلاب، فان ذكريات الكارثة تبدأ في الظهور. وعندما يكون في غزة المحتلة خط موت وهمي وكل من يقوم باجتيازه مصيره الموت، حتى لو كان طفل جائع أو شخص معاق، فان ذكريات الكارثة تبدأ في الهمس. وعندما يتم تنفيذ تطهير عرقي في شمال القطاع، وبعد ذلك تظهر علامات واضحة على الابادة الجماعية، فان ذكريات الكارثة تصبح مدوية بالفعل.

    7 اكتوبر بدأ يرتسم كانعطافة مصيرية بالنسبة لاسرائيل، اكثر مما يبدو الآن هو يشبه فقط الكارثة السابقة، حرب 1967، التي هي ايضا لم يتم تشخيصها في الوقت المناسب. ففي حرب الايام الستة فقدت اسرائيل الحياء، وفي 7 اكتوبر فقدت الانسانية. في الحالتين الحديث يدور عن ضرر لا يمكن اصلاحه.

    في هذه الاثناء يجب التفكير بالمكانة التاريخية وادراك معناها: الاحتفال بالذكرى الثمانين لتحرير اوشفيتس، زعماء العالم يسيرون بصمت، والناجون الذين ما زالوا على قيد الحياة يسيرون الى جانبهم، مكان رئيس حكومة الدولة التي قامت على انقاض الكارثة غير موجود، وذلك بسبب أن دولته اصبحت مجذومة، ولأنه مطلوب من قبل المحكمة المقدرة جدا بسبب جرائم حرب. يجب رفع الرأس للحظة عن فضيحة حاني بلفيس وقضية فيلدشتاين: نتنياهو لن يكون في اوشفيتس لأنه مطلوب بسبب جرائم حرب.

    ---------------------------------------------

    إسرائيل اليوم: 22/12/2024

     

    عندما ستصبح تركيا ايران

     

     

    بقلم: ايال زيسر

     

    على مدى العقود الأخيرة لم توفر ايران أي جهد كي تدفع قدما “بمشروعها العلم” في منطقتنا – تثبت سيطرة في الهلال الخصيب، المجال الذي يمتد من العراق عبر سوريا وانتهاء بلبنان وغزة. وكلاؤها في هذا المجال، حزب الله وحماس، سعوا بالهامها لان يحيطوا إسرائيل بطوق نار وخنق كمرحلة أولى في الطريق الى ابادتها.

    ان سقوط نظام الأسد في سوريا قضى على المشروع الإيراني ودفع ايران الى التراجع.

    لكن في الحياة لا يوجد فراغ ومكان ايران سارعت لان تملأه تركيا اردوغان. هذا الأخير وقف خلف أبو محمد الجولاني، الحاكم الجديد لسوريا، مول وسلح جيشه واعطاه الضوء الأخضر للهجوم ولاسقاط النظام في دمشق.

    المغامرة السورية لاردوغان استهدفت تقويض الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا الذي يثير مشاعر قومية كردية في أوساط الا قلية الكردية الكبيرة التي تعيش في تركيا، مثلما هو أيضا للتخلص من ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا الى تركيا واصبحوا عبئا اقتصاديا وسياسيا عليها.

    كما يسعى اردوغان لان يسحب اقدام ايران الشيعية من المنطقة، إذ بين الدولتين خصومة دينية وسياسية ومنافسة على السيطرة في منطقتنا.

    هل سيتمكن اردوغان من السيطرة على سوريا؟ ليس مؤكدا على الاطلاق. صحيح أن الجولاني استعان به ولكن مشكوك ان يرغب في أن يصبح مرعيا او حتى “عميلا” لاردوغان. فضلا عن ذلك، ليس لتركيا المقدرات الاقتصادية والعسكرية كي تصبح رب البيت في سوريا. كل هذا حتى قبل أن يقول تراقب الذي يخشاه الاتراك كلمته.

    لكن سوريا هي فقط جزء من الصورة الكبرى. فمثل آيات الله في ايران، لاردوغان أيضا تطلعات كبرى – لاستعادة المجد الماضي، الى عهد الامبراطوية العثمانية التي سيطرت على كل مجال الشرق الأوسط. وتجدر الإشارة الى أن تزمتا إسلاميا متبلا بكراهية إسرائيل هي النسغ الذي بواسطته يسعى لان يربط أجزاء اللوحة الفسيفسائية الشرق أوسطية ويضمن سيطرته عليها.

    ضحك المصير هو أنه كانت أيام في القرن الماضي تباركت فيها إسرائيل بصداقة تركيا وايران، الدولتين المعتدلتين والمؤيدتين للغرب اللتين كافحتا محاولات رجال دين متطرفين لان يفرضوا فيهما حكم الدين. غير انه في العام 1979 سقطت ايران في ايدي آيات الله الذين جعلوها جمهورية إسلامية متطرفة. في الأشهر الأخيرة تكبدت ايران فشلا إثر فشل في غزة، في لبنان وفي سوريا، وهذه تنضم الى فشل متواصل في الداخل في كل ما يتعلق بإدارة شؤون الدولة والاقتصاد. هذا الفشل المتجمع يثير النقد الحاد في الشارع الإيراني الذي يخيل انه مل حكامه ومن هنا التقدير بان سقوط هؤلاء محتم حتى لو استغرق هذا اشهرا عديدة او حتى سنوات.

    في الوقت الذي بدأ فيه في ايران العد التنازل الى الوراء نحو سقوط حكم آيات الله، فان تركيا تتحرك بالاتجاه المعاكس وتأخذ بالتلون بالإسلام. على هذا لاحظ قبل سنوات المستشرق الأعظم في عصرنا برنارد لويس، بانه لن يبعد اليوم الذي “تصبح فيه ايران تركيا وتركيا تصبح ايران”. بمعنى ان الأولى ستصبح دولة معتدلة فيما أن الثانية ستصبح جمهورية إسلامية متطرفة وضعيفة.

    لا زال من السابق لاوانه التقدير اذا كانت تركيا ستنجح في تحقيق احلامها الكبرى في سوريا وفي الشرق الأوسط كله. وقبل ذلك – هل سينجح الجولاني في تثبت حكمه في سوريا وان يجعلها أيضا دولة سريعة إسلامية.

    الواضح هو أن صعود الجولاني الى العظمة في دمشق برعاية تركيا تدخل في توتر العديد من الدول العربية وعلى رأسها الأردن. ففي الوقت الذي تخشى فيها إسرائيل من انتقال الإرهاب من سوريا الى أراضيها، ففي الأردن يخشون من انتقال الأفكار الثورية للاسلام المتطرف الى داخل المجتمع الأردني المصاب على أي حال بمشاعر إسلامية.

    إسرائيل ومعها الأردن، لكن مصر ودول الخليج أيضا تقف بالتالي متحفزة بل وتفحص السبل للتعاون مع وجه التحدي الجديد على حدودها. ولا يزال، هذا التحدي لا شيء بالنسبة للتهديد الذي كان ولا يزال تشكله لنا ايران، وهذا أيضا ما ينبغي أن نتذكره. 

    ---------------------------------------------

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    هآرتس: 22/12/2024

     

    بضغط المستوطنين، ضم زاحف يجري في المناطق ب أيضا

     

     

    بقلم: هاجر شيزاف

     

    في داخل مكتب انيق على حافة الصحراء، في منطقة منسية بالنسبة للضفة الغربية، علقت على الحائط صورة لحي سكني متطور. البيوت التي تتكون من طابق واحد والمسطحات الخضراء تم الاعتناء بها بشكل جيد. لو أنه لم يكن هناك كتابة باللغة العربية لكان يمكن التفكير بأن الامر يتعلق بمشروع بناء فاخر في احدى البلدات في مركز البلاد.

    المكتب الذي علقت فيه الصورة هو لمراد جدال، رئيس مجلس المالحة، وهي قرية جديدة اقامها الفلسطينيون في السنوات الاخيرة في شرق بيت لحم. ورغم أن المنطقة تعتبر متنازع عليها بين المستوطنين والفلسطينيين إلا أن اسرائيل امتنعت حتى الآن عن التدخل في هذا النزاع. ولكن صعود حكومة اليمين المتطرفة وخرق اتفاقات سياسية، سواء من قبل الفلسطينيين أو الاسرائيليين، وازدياد البؤر الاستيطانية في المنطقة في ظل الحرب، أدى الى تغير كبير في الظروف. في الاشهر الاخيرة، بتعليمات من الحكومة، تم وقف زخم البناء في القرية الفلسطينية الجديدة، وبقيت في المنطقة فقط هياكل لمبان غير مكتملة. في هذه الاثناء يبدو أن الحي في الصورة سيبقى صورة فقط.

    “المحمية المتفق عليها”، هذا اسم منطقة النزاع، توجد في مناطق ب التي تم تسليمها للسلطة الفلسطينية في اطار اتفاق واي ريفر، الذي وقع عليه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في 1998. حسب هذا الاتفاق فان هذه المنطقة، مثل مناطق ب الاخرى في الضفة، كان يجب أن تكون منطقة بدون مستوطنات، وصلاحية هدم وتخطيط بناء البيوت فيها اعطيت للسلطة الفلسطينية التي تعهدت بعدم البناء فيها. عمليا، تم البدء ببناء قرية جديدة.

    قبل اسبوعين هدمت اسرائيل في المنطقة مبان للفلسطينيين، للمرة الاولى منذ التوقيع على اتفاق واي. المباني، الوحدات السكنية، بنيت خلافا لتعهد السلطة الفلسطينية عدم البناء في المنطقة. ولكن حتى قرار الحكومة الاسرائيلية بهدم هذه المباني بقيادة الوزير بتسلئيل سموتريتش، هو خرق واضح لهذا الاتفاق، وتفكيك آخر لما بقي من الاتفاقات السياسية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.

    في موازاة هذه الخروقات فانهم في حركة “السلام الآن” ينشرون عن اقامة خمس بؤر استيطانية في المنطقة في الفترة الاخيرة، جميعها في مناطق ب، وهو المكان الذي قلل المستوطنون التواجد فيه في السابق. هذه البؤر الاستيطانية الاكثر عنفا تسمى “مكنيه ابراهام”. منذ اقامتها يقول سكان المنطقة الفلسطينيين عن احداث عنيفة متكررة، وايضا عن محاولات طرد. كل ذلك يشير الى اتساع نشاطات المستوطنين في مناطق ج وتمددها الى مناطق ب.

    “اقامة البؤر الاستيطانية في مناطق ب وهدم منهجي لمباني الفلسطينيين هي مرحلة اخرى في ثورة الضم التي تحدث في المناطق”، قال يونتان مزراحي وهو من طاقم متابعة الاستيطان في حركة “السلام الآن”. “نتنياهو وسموتريتش يسمحان بالبناء غير القانوني وغير المسبوق للمستوطنين، الى جانب الهدم غير المسبوق للفلسطينيين. الانشغال الاستحواذي المرضي بمناطق ب هو جزء من القرار الاستراتيجي للحكومة الاسرائيلية، تدمير الاتفاقات مع الفلسطينيين لخلق جبهة مواجهة اخرى”.

     

    جوهرة جميلة في مناطق ب

     

    المالحة، وهي القرية الفلسطينية التي توجد في اراضي المحمية المتفق عليها، بدأ البناء فيها في السنوات الخمسة الاخيرة. البناؤون ومشتري العقارات فيها هم من سكان المنطقة القدامى، ومن سكان الضفة الغربية الذين يبحثون عن السكن في منطقة واسعة وأرخص من مناطق أ المكتظة – ايضا سكان شرقي القدس الذين يهتمون بالاراضي للاستثمار.

    الظهور السريع للبيوت وهياكل المباني هو نتيجة عملية اقتصادية – اجتماعية على جانبي الخط الاخضر. “نحن اردنا اقامة هنا قرية نموذجية، اقامة حدائق وشوارع منظمة، ليس مثل البلدات التي توجد هنا في المنطقة”، قال للصحيفة رئيس مجلس المالحة جدال. هو يشير بيده الى منشأة سياحية فيها بركة بدأ في اقامتها في المكان، التي تم الوقف البناء فيها الآن نتيجة قرار الحكومة. هذا القرار تم اتخاذه من قبل الكابنت في حزيران الماضي، وصادر فعليا من السلطة الفلسطينية صلاحية السماح بالبناء في المنطقة. بعد القرار صدر أمر عسكري ينص على أن البناء ممنوع في المنطقة، وزخم التطوير توقف دفعة واحدة.

    رغم أن البناء في المكان معارض للاتفاق بين السلطة واسرائيل إلا أن الفلسطينيين يقولون بأنه طالما أن صلاحية انفاذ القانون بخصوص البناء لم تكن لدى اسرائيل، فان لا أحد في الادارة المدنية جعلهم يفكرون بأنه يوجد سبب للقلق. “قبل قرار الكابنت الادارة المدنية قالت لنا بأنه يجب علينا التعامل مع السلطة فيما يتعلق بالبناء في هذه المنطقة وليس مع اسرائيل”، قال جدال، الذي يعبر عن احباط الكثيرين من الضرر الكبير الذي لحق بهم نتيجة قرار اسرائيل.

    الاشخاص الذين قاموا بشراء الاراضي في المنطقة قالوا إنهم عندما توجهوا الى الادارة المدنية لاستيضاح اذا كان البناء في المنطقة مسموح تم توجيههم للسلطة الفلسطينية. وفي الادارة المدنية قالوا بأنهم عندما لاحظوا حركة البناء حاولوا وقفها عن طريق التوجه الى السلطة. ورد على سؤال “هآرتس”، قالوا إنه “على مر السنين، لا سيما في السنوات الاخيرة عندما ازداد البناء في المكان، ارسلت طلبات لشخصيات في السلطة الفلسطينية تطالب بوقف البناء طبقا لبنود الاتفاق، هذه الطلبات لم يتم الرد عليها”.

     

     

     

    المحمية المتفق عليها

     

    في حين أن المستوطنين يعتبرون البناء في القرية الجديدة خطة منظمة من قبل السلطة الفلسطينية لخلق تواصل جغرافي فلسطيني في الضفة، ويشيرون الى التطوير السريع كمؤشر على ذلك، فانه حسب اقوال جدال الحديث يدور بالاساس عن استغلال للفرص. فهو وسكان المنطقة قرروا تسويقها وبيعها كجوهرة جميلة في مناطق ب، من خلال الادراك بأن الامر يتعلق بمنطقة لا يمكن لاسرائيل التدخل فيها. هذا رغم تعهد السلطة الفلسطينية في اتفاق اوسلو بعدم البناء فيها.

    جدال قال إن السلطة الفلسطينية لم تقم على الفور بدعم هذه المبادرة، وجزء من البيوت تم البدء ببنائها حتى قبل أن تصبح السلطة مؤيدة لهذه العملية. وحسب قوله، كان يجب عليه وعلى اصحاب الاراضي الآخرين تقديم الاثباتات للسلطة بأن الامر حقا يتعلق باراضي خاصة بملكيتهم وليس باراضي عامة. في نهاية العملية قال إنهم نجحوا في اقناع السلطة بذلك، الامر الذي أدى الى تشكيل المجلس الذي يترأسه، والذي اصدر رخص بناء لمن طلب ذلك.

    في هذه الاثناء، يقول، يوجد في المنطقة 200 مبنى، اقل من نصفها مأهول. قرار اسرائيل وقف البناء ادخل المستثمرين والمشترين في دوامة. وهو يقدر بأن المجلس الذي حسب قوله حصل على اعتراف من السلطة قبل سنة فقط، وأن الاشخاص الذين قاموا بشراء الاراضي خسروا نحو 30 مليون دولار نتيجة انخفاض اسعار الاراضي.

    محمد (30 سنة)، أحد سكان القرى في المنطقة، قام بشراء ارض في المالحة. حسب قوله هو قرر شراء هذه الارض بسبب سعرها الرخيص مقارنة بالقرية التي يعيش فيها الآن. “أنا انفقت 900 الف شيكل على الارض في 2023، بعد ذلك بدأت في حفر الاساسات، ولكن منذ قرار سموتريتش أنا توقفت”، قال واضاف. “كان يجب أن أنتقل الى هنا، ولكن بدلا من ذلك نحن، العائلات الثلاثة، نعيش في بيت مساحته 200 متر.

    محمود طرايرة، احد سكان شرقي القدس، قال كيف أن استثماره ذهب هباء. “الاراضي في شرقي القدس غالية جدا”، قال طرايرة الذي اشترى 28 دونم في المنطقة، 24 منها لاعادة بيعها. “الآن لا توجد قيمة للارض”، قال واضاف. “لا أحد سيشتري هنا. تقديري هو أنني خسرت 400 ألف شيكل”.

     

    آباؤنا ليسوا آباءهم

     

    قرار الحكومة هدم المباني في مناطق ب لم يكن بين عشية وضحاها، فقد سبقته خمس سنوات خلالها كانت هناك حملة مكثفة للمستوطنين شملت جولات لاعضاء كنيست ووزراء في المكان، من بينهم وزير الدفاع السابق يوآف غالنت ووزيرة البيئة عيديت سلمان. اضافة الى ذلك فانه منذ تشكيل الحكومة الحالية جرى ليس اقل من اربعة لقاءات في هذا الشأن في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست.

    لكن حقيقة أن الامر يتعلق بمنطقة اعطيت للسلطة الفلسطينية في اطار اتفاق واي احتاجت حل ابداعي. فمن اجل الامتناع  عن المس بالاتفاق السياسي، على الاقل على الورق، اعضاء الكنيست من اليمين ارادوا في البداية الادعاء بأن الفلسطينيين في هذه المنطقة يضرون بالطبيعة أو بالأمن. مع ذلك، في جلسة للجنة الخارجية والامن في شهر ايار قال المستشار القانوني لشؤون يهودا والسامرة في النيابة العسكرية، ايلي ليبرتوف، بأنه لا يوجد رأي معتمد بأنه يوجد مس بالطبيعة. واضاف بأن قائد المنطقة الوسطى في حينه يهودا فوكس، لا يعتقد أن البناء نفسه يشكل أي خطر أمني. قرار الكابنت الذي تم اتخاذه في نهاية المطاف ارتكز الى خرق اتفاق واي من جانب الفلسطينيين.

    شاؤول اريئيلي، رئيس مجموعة البحث “رمزور” والذي شارك في صياغة اتفاق واي، قال إن اعتبار المنطقة محمية لم ينبع من الرغبة في الحفاظ على الطبيعة، بل من نية نتنياهو شق هناك الشارع 80 الذي سيكون الامتداد لشارع ايالون. “في حينه قلنا إن هذه ستكون محمية طبيعية، هم لن يقوموا بالبناء هناك وهكذا لن تكون مشكلة”، قال ارئيلي. وحسب قوله فان الادعاء الذي يقول بأن السلطة الفلسطينية تقوم بخرق الاتفاق ينطبق بعشرة اضعاف بالنسبة لاسرائيل التي تقوم بخرق الالتزامات بشكل أحادي الجانب وبصورة متواترة. ضمن امور اخرى، تطرق اريئيلي الى توسيع البناء في القدس، وبناء المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية. “عندها القول بأنهم يقومون بخرق الاتفاقات؟ نحن قمنا بسحقهم كليا”.

    من منسق اعمال الحكومة في المناطق جاءنا رد: “طبقا لاتفاق واي تم نقل منطقة المحمية المتفق عليها من مكانة مناطق ج الى مكانة مناطق ب، من ادارة دولة اسرائيل الى ادارة السلطة الفلسطينية. مع ذلك، حسب الاتفاق فان السلطة الفلسطينية تعهدت بعدم البناء في المنطقة. خلال السنين، لا سيما في السنوات الاخيرة، عندما ازداد البناء في المكان ارسلت طلبات لشخصيات في السلطة الفلسطينية طلب فيها وقف البناء طبقا لبنود الاتفاق، هذه الطلبات لم يتم الرد عليها. في المقابل، طبقا لتوجيهات الكابنت السياسي الامني فقد وقع قائد المنطقة الوسطى على أمر خاص هدف الى السماح بتطبيق قوانين البناء في المكان من قبل الادارة المدنية. هذا الامر لم يغير مكانة المنطقة، التي ما زالت تعتبر من كل النواحي مناطق ب.

    “وفقا للاتفاقيات المرحلية فان صلاحية تطبيق القانون على الاسرائيليين في المنطقة، التي تم نقلها للسلطة الفلسطينية، بقيت في يد القائد العسكري، وضمن ذلك الادارة المدنية. بقوة هذه الصلاحية جرت خلال السنين نشاطات تطبيق للقانون على البناء غير القانوني في مناطق ب في اماكن مختلفة، منها ايضا في المحمية المتفق عليها. عندما يقتضي الامر نحن نصدر ايضا اوامر تسمح بخطوات لانفاذ القانون بشكل اسرع، سواء بواسطة اوامر ترسيم أو أوامر الاغلاق العسكرية التي تمنع دخول المنطقة. هذا ما حدث ايضا بخصوص المنطقة التي تسمى “مكنيه ابراهام”.

    ---------------------------------------------

     

    معاريف: 22/12/2024

     

    يجب التركيز على التهديد اليمني مع الإدارة في الولايات المتحدة ودول المنطقة

     

     

    بقلم: داني سترينوفيتش

     

    تدل الاحداث الأخيرة على أن الاعتقاد بان الهجدمات ضد مواقع البنى التحتية للحوثيين ستخلق ردعا لمنظمة الإرهاب الحوثية، مغلوط من أساسه.

    فبعد انقضاء 14 شهرا، واضح أن الاستراتيجية الحالية لدولة إسرائيل لا تنجح في خلق التغيير اللازم الذي يؤدي الى وقف النار من اليمن نحو إسرائيل.

    وحدها معركة طويلة ومتواصلة، بمشاركة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، تضرب قيادة المنظمة وقدرة انتاج واطلاق السلاح الذي تحت تصرفها، يمكنها أن تغير الوضع من أساسه. في نظرة استشراف للمستقبل، ينبغي استثمار المقدرات اللازمة والعمل على اسقاط الحكم الحوثي في اليمن.

    بعد 14 شهرا من المواجهة المباشرة بين الحوثيين وإسرائيل ينبغي الاعتراف بان إسرائيل فشلت في قدرتها على أن تفرض على الحوثيين وقف النار. فالميناء المهجور في ايلات والنار المتواصلة من اليمن بالمُسيرات والصواريخ نحو إسرائيل، بما فيها غوش دان، تشكل دليلا على هذا الفشل. فضلا عن ذلك، فان الحوثيين ليس فقط لم يضعفوا بل وأيضا يرون بحقيقة انهم لم يستسلموا لإسرائيل او لهجمات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضدهم إنجازا يعزز موقفهم في محور المقاومة (إذ هم يواصلون الصدام مع إسرائيل مقابل ضعف حزب الله الذي أدى به الى وقف المعركة مع إسرائيل والتردد الإيراني في الرد على الهجوم الإسرائيلي) وتجعلهم الجهة الإقليمية التي لا يمكن تجاهلها.

    محظور الاستخفاف بقدرة الحوثيين. فضعفهم بالذات هو الذي يجعل من الصعب خلق ميزان ردع تجاههم، إذ انه لا يوجد حقا هدف واحد اذا ما ضربناه سيؤدي الى نشوء ميزان كهذا حيال المنظمة. هذه الحقيقة تستوجب “تفكيرا من خارج الصندوق”، أساسه وقف الهجمات العشوائية ضد الحوثيين وتنفيذ معركة طويلة ومتواصلة بمشاركة اذرع من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة هدفها المركزي سيكون تصفية القيادة الحوثية الى جانب قدرات انتاج واطلاق الصواريخ والمُسيرات التي تحت تصرفها، بما في ذلك الدعم الإيراني لهذه الجهود.

    المشكلة الحوثية خرجت منذ الان عن حدود حرب السيوف الحديدية. وحتى لو توقفت المعركة في غزة، مشكوك جدا أن يوقف الحوثيون استخدام القوة التي تحت تصرفهم لاجل ابتزاز الساحة الدولية او الإقليمية للاستسلام الى املاءاتهم. بمفاهيم عديدة، “الجني خرج من القمقم”، ولن يكون ممكنا اعادته الى هناك “بأدوات تقليدية”. هذه الحقيقة تستوجب التخطيط والتنفيذ لمعركة واسعة وطويلة ضد المنظمة دون أي صلة بمعركة السيوف الحديدية.

    في السطر الأخير، محظور التباهي بالإنجازات العملياتية لضرب مواقع البنى التحتية في اليمن وذلك لانه واضح بان هذه الضربات لا تؤدي الى تغيير في السلوك الحوثي. على خلفية وقف النار في لبنان والانتهاء المحتمل للمعركة في غزة، من الصواب التركيز على التهديد اليمني مع الإدارة في الولايات المتحدة ومشاركة دول المنطقة والدفع قدما كما اسلفنا بمعركة متواصلة تؤدي في نهاية اليوم الى اسقاط النظام الحوثي. مثل هذه النتيجة ستكون ضربة للمحور بعامة ولايران بخاصة وستضمن حرية الملاحة في البحر الأحمر في المستقبل. كل خطوة أخرى لن تغير الوضع من أساسه ومن شأنها ان تعزز قوة الحوثيين.

    ---------------------------------------------

    يديعوت احرونوت: 22/12/2024

     

    شرق أوسط جديد

     

     

    بقلم: شمعون شيفر

     

    بقدر ما تتعلق الأمور بنتنياهو، انسوا لجنة تحقيق رسمية تغوص في غياهب كارثة 7 أكتوبر. لا تزعجوه بمثل هذه الصغائر. في مقابلة منحها رئيس الوزراء في نهاية الأسبوع لـ “وول ستريت جورنال” راجع عمليا دوره في الحرب، وكلمة “انا” تكررت مرات عديدة في المقابلة. كل الإنجازات الهائلة سجلت على اسمه. ووعد قائلا: “نحن سنغير الشرق الأوسط”.

    الساعون لخيره كانوا سيقترحون عليه ان يبدي حذرا في وعود من هذا النوع. فعندما أعلن شمعون بيرس عن “شرق أوسط جديد” رأينا كيف ينتهي هذا. منطقتنا لا تفعل خيرا مع أولئك الذين يتزينون بريش تغيير المجال.

    حسب نتنياهو، ايقوظه في الساعة 6:29 وبلغوه لأول مرة بهجمة حماس على غلاف غزة. نزل الى الكريا وقضى بان هذه “حرب”. بعد ذلك عقد لنفسه تيجان: “في غضون ست ساعات صفينا مخزون الصواريخ الباليستية لحزب الله”، الأسد سقط بسبب تقويض حزب الله، وفي القطاع لن يبقى حكم حماس على مسافة 50 كيلو متر عنا. هزأوا به حين طلب “نصرا مطلقا”، والان فليأكلوا القبعة. الحرب، وعد نتنياهو، ستستمر حتى طرد حماس من القطاع.

    وها هو، فجر امس، حتى قبل أن أنهي قراءة المقابلة، اطلقت صافرة في ارجاء بيوتنا بسبب صاروخ باليستي اطلقه الحوثيون من اليمن. هكذا خرب عندي النصر المطلق. وفي هذه الاثناء، الجيش فقط مطالب بان يفحص نفسه. نتنياهو تمكن منذ الان من التحقيق في القصورات التي جلبت علينا الكارثة الأكبر منذ قيام الدولة. من ناحيته، وحده جهاز الامن مسؤول عن الفشل.

    المنحى موضع الحديث للصفقة مع حماس لن يعيد معظم المخطوفين. نتنياهو يخدعنا: “النصر المطلق” لا يتضمن المواطنين الذين تركتهم سلطات الدولة لمصيرهم. يأس.

    “زوجتي هي امرأة مستقلة، لها اراء خاصة بها”، يقول نتنياهو في شهادته في محاكمته. هذه هي العقيدة كلها في فصل الدفاع عن فصول الادعاء ضده.

    في نهاية الأسبوع نشر النبأ الذي بشرنا بان الدولة دفعت في النصف سنة الأخيرة اكثر من مليون شيكل على صيانة منازل الزوجين نتنياهو. ستقولون: لا تكن تافها، الدولة دفعت عن الزوجين. هذا طبيعي. لكن من أجل هذا أيضا مسموح لنا ان نطلب من نتنياهو أجوبة عن منشورات تتعلق بسلوك زوجته وسلوك مقربيه. اذا كانت “زوجتي هي امرأة مستقلة”، فلتكن مستقلة أيضا عندما يدور الحديث عن دفعات مثل بدل غسيل وترميم البركة. ضرائبنا تدفع عنهما كليهما، ولهذا فنحن نستحق حسابا كاملا عن افعالهما.

    الطائرات المُسيرة في الحرب طرأت على رأسي حين شاهدت معرض صور اوري غرشوني في متحف تل أبيب. طائرات تمر في السماء، بين السحب والأرض. التصقت بعنوان “المعرض”، من مصادرنا العتيقة: “ويقول الرب الماء تجري تحت السماء الى مكان واحد لتروا البر: وهكذا يكون”. “كل شيء يصب في مكان واحد: كل شيء كان من التراب وكل شيء يعود الى التراب”.

    ما تبقى لنا هو ابعاد المصير المقترح علينا جميعا لنجد جوابا للمسيرات التي تضج في سمائنا وتهربنا الى مكان اختباء.

    مئير شليف كان جاري في معركة القدس. اشتاق له في هذه الفترة لانه في كتاباته لم يشتم بل عرض جوابا محنكا للواقع الذي تحوم فيه حياتنا. وهكذا كتب عن نفسه: “يوجد شخص واحد لاسفي لن يتركني في أي مرة وهذا أنا. مع نفسي يتعين علي أن أعيش بسلام، ولهذا فانا أعيش حسب شخصيتي التي غير مرة تلحق بي اضرارا وحسب استقامتي الداخلية. للكُتّاب هذا صعب: فنحن نرتزق من الأكاذيب”.

    أين يوجد أناس كهؤلاء.

    ---------------------------------------------

     

    سلمت حماس قائمة الأسري "سيتم الإفراج عن 250"

     

     

    مطالب إسرائيل والثغرات المتبقية!!

     

     

    بقلم: إيتمار أيخنر وليئور بن أوري

     

     

    كما شاركت عيناف حلبي في إعداد المقال

     

    في مصر، أفادت التقارير أن إسرائيل تطالب بالإفراج عن 34 مختطفاً في المرحلة الأولى - "من بينهم 11 لا تنطبق عليهم المعايير. وقد وافقت حماس - مقابل تعويضات خاصة". قدمت حماس قائمة الأسرى للإفراج عنهم، واعترضت إسرائيل على البرغوثي. وقال أحد كبار الفلسطينيين لبي بي سي: "مقابل كل جندية سنحتاج إلى 20 أسيرا". غضب العائلات من كلام نتنياهو ضد نهاية الحرب وكل التناقضات.

    وفي إسرائيل هناك حديث عن تقدم في المحادثات، وعن محادثات مستمرة طوال الوقت في قطر، وعن "جانبين يريدان التوصل إلى اتفاق". لكن رغم ذلك، لا تزال الفجوات على طريق التوصل إلى صفقة مختطفين كبيرة، وسلسلة من القضايا. لقد قدمت حماس قائمة الأسري التي تطالب بالإفراج عنهم، وهناك نقاش حول ذلك، بما في ذلك فرض الفيتو على إطلاق سراح بعضهم، والمطالبة بنفي البعض الآخر إلى دولة أخرى. لكن في الوقت نفسه، وعلى الرغم من التقارير التي وردت هذا الأسبوع، فإن حماس لم تسلم بعد قائمة بأسماء المختطفين الأحياء الذين بحوزتها.

    إحدى القضايا الرئيسية هي مسألة إنهاء الحرب. في مقابلة نشرت الليلة الماضية في صحيفة وول ستريت جورنال، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه لن يوافق على صفقة رهائن من شأنها إنهاء الحرب مع حماس. وشدد على أنه "لن أوافق على إنهاء الحرب قبل القضاء على حماس. ولن نتركهم في السلطة في غزة". وشعرت عائلات المختطفين بالغضب من الكلمات نفسها، وقالت عيناف تسينجوكر في بيانها إن "نتنياهو يريد دفن ماتان"، وهناك أيضًا خوف بين المتعاملين مع القضية من أن كلمات نتنياهو ستعطل المفاوضات - حتى لو كانت بالفعل قد قيلت في الماضي.

    في غضون ذلك، صرح مسؤولون مساء اليوم لقناة  تبث من مصر، حيث وصل رئيس شعبة أمان شلومي بيندر اليوم.

     وحيث التقى كبار مسؤولي حماس اليوم مع كبار مسؤولي الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، أن "المرحلة الأولى الصفقة ستشمل إطلاق سراح 250 أسيرًا فلسطينيًا. وقدمت إسرائيل قائمة بأسماء 34 مختطفاً تطالب بالإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الصفقة، ومن بينهم 11 لا تنطبق عليهم معايير هذه المرحلة. ووافقت حماس على إطلاق سراح من تسعى إسرائيل إلى إعادتهم في المرحلة الأولى، بشرط أن يحصلوا على تعويضات خاصة. وبحسب التقرير نفسه، فإن "المفاوضات تتقدم حول كافة القضايا، مثل معبر رفح، والانسحاب الإسرائيلي". من نيتساريم وعودة النازحين".

    في الوقت نفسه، ادعى مسؤول فلسطيني كبير مشارك في المفاوضات في محادثة مع بي بي سي أن "90٪" من المحادثات قد اكتملت بالفعل - لكنه أكد أيضًا على أنه لا تزال هناك فجوات في القضايا الرئيسية التي لا تزال بحاجة إلى حل. وادعى أنهم ناقشوا في محادثات الدوحة من بين أمور أخرى، إنشاء "منطقة عازلة بعرض عدة كيلومترات على طول الحدود بين إسرائيل وغزة، وهي منطقة عازلة تعمل إسرائيل على إنشائها منذ أشهر عديدة". وقال مسؤول إنه من الممكن أن تقوم إسرائيل بذلك كجزء من الصفقة حول التواجد العسكري في هذه المنطقة، لكن بحسب قوله لا يزال هناك خلاف بشأن التواجد في محور فيلادلفيا.

    وفي مقابلة مع بي بي سي، ادعى أنه كجزء من المرحلة الأولى من الصفقة، سيتم إطلاق سراح المجندات المختطفات أيضًا، وأنه مقابل كل واحدة منهن، ستطلق إسرائيل سراح 20 أسيرا فلسطينيًا. وأضاف المسؤول الفلسطيني أنه رغم عدم التوصل بعد إلى اتفاق بشأن هوية الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم، فإن القائمة التي سيتم اختيارهم منها تضم ​​نحو 400 اسم لمن يقضون 25 عاما -أو أكثر- في السجون الإسرائيلية. وبحسب قوله، فإن عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة ستكون ممكنة في إطار آلية بإشراف مصري قطري، وفي الوقت نفسه سيتم زيادة كمية المساعدات الإنسانية المتدفقة إلى قطاع غزة بـ 500 شاحنة. كل يوم. هذه هي القضايا الرئيسية - والفجوات.

     

    نهاية الحرب وموافقة حماس على "صفقة صغيرة"

     

    لن تتضمن المرحلة الأولى من الخطوط العريضة لصفقة الرهائن انسحاباً كاملاً للجيش الإسرائيلي بأي حال من الأحوال، لكن حماس تصر على الرغم من ذلك على ضمانات لإنهاء الحرب إذا استمرت الصفقة إلى المرحلة الثانية - والتي بحسب النص الأصلي المخطط يعني اعتباراً من شهر مايو بعد انتهاء الحرب سيتم إطلاق سراح المختطفين والشباب والجنود. وفي المرحلة الثالثة، حسب الخطة الأصلية، من المفترض أن يتم إطلاق سراح الجثث.

    لكن الإصرار الإسرائيلي على إنهاء حكم حماس في غزة، كما أكد نتنياهو في مقابلة الليلة الماضية، يمكن أن يشكك في موافقة حماس على قبول صفقة صغيرة، مع العلم أن إسرائيل يمكن أن تعود إلى القتال بعد المرحلة الإنسانية.

     

    من هم الأسري الذين سيتم إطلاق سراحهم؟

     

    أحد الأسئلة الرئيسية هو هوية الأسري الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة. وكما ذكرنا فإن حماس سلمت قائمة الأسماء، وقالت مصادر مقربة منها هذا الأسبوع إن القائمة تضم أيضا القيادي أحد الأسئلة الرئيسية هو هوية الإرهابيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة. وكما ذكرنا فإن حماس سلمت قائمة الأسماء، وقالت مصادر مقربة منها هذا الأسبوع إن القائمة تضم أيضا القيادي السابق في تنظيم فتح   مروان البرغوثي الذي يقضي حكما بـ 5 مؤبدات، وكذلك أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية والمخطط لاغتيال الوزير رحبعام زائيفي.

    وقالت المصادر ذاتها إن كلاهما سيوافقان على النفي. وبحسب التقرير نفسه، فقد أجرى مسؤولون كبار في حماس اتصالات مع زوجتي البرغوثي وسعدات ، ولم يعترضوا على إطلاق سراحهما إلى تركيا.

    إلا أنهم نفوا هذا المساء في القدس إطلاق سراح البرغوثي. وقال مصدر سياسي "خلافا لما يتردد من أنباء كاذبة، لن يتم إطلاق سراح القيادي مروان البرغوثي في ​​حال التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المختطفين". كما ورد في تقرير هيئة الإذاعة البريطانية الليلة أن التقديرات تشير إلى أن القائمة لا تتضمن اسم البرغوثي، ومن المتوقع أن تستخدم إسرائيل حق النقض ضدها.

     

    هل توافق حماس على المنفى؟

     

    تقدر إسرائيل أن حماس ستكون على استعداد لترحيل السجناء الملطخة أيديهم بالدماء إلى دولة ثالثة، وكما ذكرنا - بشكل غير رسمي، وافقت حماس على ترحيل كبار المسؤولين.

    ويجري النظر في إمكانية ترحيل المبعدين إلى دولة مثل تركيا أو قطر أو دولة إسلامية أخرى. كما ورد ذكر إيران في أحد التقارير. لكن إسرائيل تطالب بترحيل عدد كبير من السجناء - والسؤال هو ما إذا كانت حماس ستوافق على ذلك.

     

    سؤال نيتساريم ومحور فيلادلفيا

     

    يؤكد نتنياهو في كل مقابلة على أهمية محور فيلادلفيا، لكن وزير الدفاع يسرائيل كاتس قال هذا الأسبوع إن كلا من فيلادلفيا ومحور نيتساريم - اللذين كانا في الماضي أحد العقبات الرئيسية أمام الصفقة - "لن يشكلا مشكلة".

    وفي إسرائيل تظهر هناك مرونة معينة لدى حماس في مسألة فيلادلفيا ومحور نيتساريم، ويبدو أن حماس توافق على استمرار الوجود الإسرائيلي في فيلادلفيا - لكنها لا تزال تطالب بانسحاب شبه كامل من المحور الذي يفصل بين قطاع غزةو مصر. كما ذكر المسؤول الفلسطيني الذي تحدث مع بي بي سي أن قضية فيلادلفيا لا تزال نقطة خلاف كبيرة.

     

    هوية وعدد المختطفين المقرر إطلاق سراحهم

     

    الهدف النهائي لإسرائيل هو زيادة عدد الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الصفقة. ومن ناحية أخرى، فإن حماس مستعدة للإفراج عن عدد أقل بكثير من المختطفين في هذه المرحلة، و"توافق" على سد الفجوة من خلال نقل جثث المختطفين.

    إلى ذلك، قالت مصادر مرتبطة بالفصائل الفلسطينية إن من القضايا الخلافية الأخرى "مطالبة إسرائيل بإطلاق سراح الجنود المختطفين في المرحلة الأولى، الإنسانية". وبحسب مصادر في حماس، فإن إسرائيل تطالب بإدراج الجنود الجرحى أيضًا في هذه القائمة، لكن حماس ذكرت أن ذلك يتعارض مع الاتفاقات المتعلقة بمفاتيح الرهائن الإسرائيليين الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الصفقة.

    وهناك خلاف آخر، بحسب التقارير، وهو مطالبة إسرائيل "بقائمة بأسماء جميع المختطفين الأحياء والموتى" في أيدي المنظمات الفلسطينية . ووفقا لمسؤولي حماس، تزعم الفصائل الفلسطينية أنه "لا يمكن التحقق من ذلك" قبل أن يكون هناك أسبوع على الأقل من وقف إطلاق النار. وعلى أية حال، فإن قائمة أسماء المختطفين الأحياء لم يتم إرسالها بعد.

     

     

    العودة إلى شمال القطاع

     

    ومن المتوقع أن تسمح إسرائيل بعودة تدريجية ومنضبطة للنساء والأطفال الذين ليسوا في سن القتال إلى شمال قطاع غزة، لكن حماس تواصل معارضة الآلية التي من شأنها منع عودة الرجال المسلحين إلى شمال قطاع غزة.

    وقال مسؤول مشارك في المفاوضات لشبكة شهاب الفلسطينية، إن "عودة النازحين هي قضية مركزية في المفاوضات ولها عدة حلول. وما زالت المفاوضات مستمرة ونتوقع حل كافة القضايا بحلول نهاية الشهر الجاري".  وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية هذا المساء أن الحل المحتمل هو آلية تحت إشراف قطري مصري.

     

    الخطوط العريضة التي في متناول اليد

     

    ويستند المخطط الجديد في الواقع إلى المخطط الصادر في 27 مايو/أيار، والذي وافق عليه رئيس الوزراء ثم تراجع عنه لاحقًا. وبالتالي فإن الصفقة يجب أن تتم على عدة مراحل، المرحلة الأولى هي النبض الإنساني.

    هذا النبض هو في الواقع وقف إطلاق نار لمدة سبعة أسابيع، حوالي شهر ونصف، ستطلق إسرائيل خلاله – مقابل الرهائن – مئات الأسري، بمن فيهم القتلة الخطرين. وفي الماضي، اتُهم نتنياهو بإحباط المحادثات عندما تعهد علناً بعدم إنهاء الحرب، مما جعل حماس تفهم أن إسرائيل ليس لديها نية للتقدم إلى المرحلة الثانية من الصفقة، وهو ما يعني وقفاً دائماً لإطلاق النار.

    وفي الماضي قدر عضو الكنيست بيني غانتس أنه بسبب هذا التأخير فقد 30 مختطفًا حياتهم. ولكن يبدو أن التسوية التي طال انتظارها من جانب حماس بشأن هذه القضية قد تم التوصل إليها الآن، وتقدر الحكومة الآن أنه ستكون هناك أغلبية تؤيد الصفقة - على الرغم من المعارضة المتوقعة من إيتامار بن جفير وربما أيضا من بتسلئيل سموتريتش.

    ---------------------------------------------

    زمان إسرائيل 22/12/2024

     

    ما يحدث في غزة "إبادة جماعية" رغم محاولات إنكارها

     

     

    بقلم: حان برعام

     

    نشر المؤرخ البروفيسور عاموس غولدبيرغ، الباحث في الهولوكوست من الجامعة العبرية، قبل أيام مقطع فيديو يحمل عبارة لا لبس فيها، وهي أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية، وهو أكاديمي يحظى باحترام كبير، وليس داعية عدائياً.

    وأكد باحث آخر، يدعى دانييل بيلتمان، وهو باحث في الهولوكوست، أن إسرائيل ترتكب جريمة حرب فظيعة في غزة، تتراوح بين التطهير العرقي القاتل والإبادة الجماعية، معتبرا أن الدعوة لمراقبة ما يحدث في غزة ووقفه لم تعد حكراً على المنظمات الدولية أو الباحثين في الخارج وحدهم، بل وصل الأمر للباحثين الإسرائيليين.

    وسواء أكان من الواضح أن ما يحصل في غزة إبادة جماعية، أم مجرد احتمال، فلا يمكن تجاهل ذلك، لأنني قمت على مر السنين بدراسة العديد من حالات الإبادة الجماعية ضد الشركس في روسيا، والروهينغا في بورما، وفي الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، وما شهده من وقوع مذابح متبادلة، واليوم ما يحدث في غزة، وفقاً لأغلب التقديرات، هو أن عدد الضحايا الفلسطينيين يتوافق بالفعل مع المستوى العالي من التقديرات للضحايا في حالة الروهينغا، كما أن تدمير البيئة المعيشية بأكملها هائل، وربما غير مسبوق.

    ورغم كل هذه الحقائق الدامغة، فإنه يصعب، بل يستحيل، بالنسبة لمعظم الإسرائيليين قبول هذه المناقشة على الإطلاق، سواء بسبب صدمتهم مما حدث في هجوم «حماس» يوم السابع من تشرين الأول، أو لأن معظم الإسرائيليين لا يرون أنفسهم يريدون تدمير جميع الفلسطينيين، رغم وجود ساسة إسرائيليين متطرفين يعبرون عن أنفسهم في بعض الأحيان بطريقة يمكن فهمها بشكل مختلف، وتحمل اعترافاً بتنفيذ الجيش لجريمة الإبادة الجماعية في غزة.

    قد يكون مفيداً معالجة الفجوات في التصورات إذا نظرنا لما يحدث في غزة على أنه ليس نتيجة لنوايا متعمدة، بل كحدث مبني على سلسلة أحداث لم يتم التخطيط لها مسبقاً بالضرورة، لأن الإبادة الجماعية، في التعريفات المقبولة، مسألة متعمدة، وبالتالي يمكن أن يكون ما يحصل في غزة ليس تخطيطاً ممنهجاً لـ«إبادة جماعية»، بل ربما تنفيذ لخطة انتقام، لكن النتائج عملياً هي أن هناك المزيد والمزيد من الباحثين والخبراء يرون ما يحصل في غزة إبادة جماعية في الممارسة العملية.

    ما يجري في غزة تتحمل إسرائيل المسؤولية مباشرة عنه، خاصة أن الحديث يدور عن ضحايا بعشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمسنين، بجانب من ما زالوا على قيد الحياة لكنهم معرضون لخطر يومي من الأوبئة والمجاعة واستمرار النشاط العسكري.

    ولذلك يجب علينا أن نؤكد على قدسية الحياة البشرية، وأن نعمل على وقف العنف. وكل من يرى نفسه ملتزما بالإنسانية بشكل عام لا يمكنه تجاهل الوضع الإنساني الكارثي في غزة، فهناك مأساة رهيبة تتكشف بالفعل في غزة، ويجب أن تتوقف على الفور، سواء سميناها إبادة جماعية أو استخدمنا مصطلحات أخرى، حتى لو كانت «عرضية». الإبادة الجماعية، أو استخدام مصطلحات أخرى.

    ---------------------------------------------

     

     

     هآرتس 22/12/2024

     

    الجيش الإسرائيلي يرسم “خط الجثث” على خريطة الإرهاب.. والغزاويون لأنفسهم: احذروا كثرة الكلاب

    بقلم: أسرة التحرير

    العداء السائد لدى الجمهور الإسرائيلي إزاء اتهام إسرائيل بجرائم حرب وتطهير عرقي أو إبادة جماعية، يرتبط بقدر كبير بالوحشية التي أبدتها حماس في 7 أكتوبر. فكثير من الإسرائيليين يصعب عليهم التسوية بين مذبحة 7 أكتوبر، والادعاء بأن إسرائيل تعمل في قطاع غزة بشكل يتناقض مع أي أخلاق إنسانية.

    من التحقيق الذي نشرته “هآرتس” الأسبوع الماضي (ينيف كوفوفيتش 18/12) تبرز صورة صادمة من التسيب منفلت العقال من جانب قسم من القوات المقاتلة في قلب قطاع غزة، ولا سيما شمالي محور نتساريم. وأظهر التحقيق سلسلة حالات لا يمكن وصفها إلا كجريمة حرب، ويدل بعض منها على فقدان الطابع الإنساني

    وحسب التحقيق، رسمت قوات الجيش في الميدان خطاً وهمياً لا يظهر في أي خريطة وليس وارداً في أي أمر رسمي، ويسمونه “خط الجثث”. قائد في الفرقة 252 بين مصدر هذا الاسم: “بعد إطلاق النار، لا يتم سحب الجثث فوراً، ثم تأتي مجموعات من الكلاب لأكلها. يعرف الغزاويون الآن أنه حيثما وجدت الكلاب فهو المكان الذي ينبغي لهم الهروب منه”. ويصف التقرير مزيداً آخر من المشاهد الكابوسية وهي تشكل فيلم رعب. للأسف الشديد، يقع في الواقع. مثلاً، عشرات الرصاصات أطلقت نحو من تبين لاحقاً بأنه “فتى صغير، ابن 16 ربما”، حين “أطلق جنود النار وهم يضحكون”. ولاحقاً، بارك قائد الكتيبة بالقتل، وقال “سأصلي غداً من أجل قتل عشرة”.

    لا يدور الحديث فقط عن قتل بالجملة وبلا تمييز، بل أيضاً عن سلوكيات مهينة تدل على فقدان تام للانضباط. أحد سكان غزة الذي نجح في الفرار من نار مكثفة نحو مجموعة كان جزءاً منها – قتل ثلاثة من رفاقه – نزعت ملابسه، ثم سيق إلى “قفص نصبوه قرب الاستحكام، ونزعوا عنه ملابسه… كل أنواع الجنود مروا عنه وبصقوا عليه”. ولاحقاً سأله محقق الأسرى “بضعة أسئلة فيما كان يصوب مسدساً إلى رأسه”.

    أولئك الغزيون الذين اجتازوا الخط الوهمي في منطقة نتساريم وقتلوا بالنار، أعلنهم الجيش الإسرائيلي كـ “مخربين” رغم عدم وجود دليل على ذلك. يدور الحديث عن قرار تعسفي، يضع تقارير الجيش عن عدد المخربين الذي قتلهم، في شك كبير. ضابط في الفرقة 252 روى عن حادثة فيها تم التأكد فيها من عشرة نشطاء في حماس، من أصل 200 قتيل أرسلوا للفحص. لكن من يزعجه أننا قتلنا مئات المخربين”.

    كلما تراكمت الشهادات من قطاع غزة تتضح صورة مفزعة لفقدان الطابع الإنساني. إن محاولة إسرائيليين كثر نفي الشهادات عما يحصل هناك محاولة غير مجدية في الساحة الدولية، بل تعطي شرعية متواصلة للجرائم والمظالم التي تصم الصورة الأخلاقية والإنسانية للدولة كلها.

    ---------------------------------------------

     

    هآرتس 22/12/2024

     

     

    من أجل ماذا نحن نحارب؟

     

     

    بقلم: يونتان زايغن

     

    الوقت منذ 7 أكتوبر يتم قياسه بطرق مختلفة: بالأشهر، الأيام، السنين والجثث. بالنسبة لي لا يهم كيف مر الوقت منذ قتلت والدتي، فيفيان سلبر، في كيبوتس بئيري. من جهة، الوقت توقف عند 7 أكتوبر وأنا ما زلت هناك، عندما كنت أقوم بتوديعها في الهاتف، في الوقت الذي كان فيه المسلحون على الباب. ومن جهة أخرى، أنا في المستقبل، كنت هناك بعد تلك اللحظة – مستقبل فيه هذا الموت هو أمر غير ممكن لأي شخص.

    في غضون ذلك هناك شيء يقف امامي كل صباح، عند قراءة أي عنوان واقعي. هذا سؤال يفرض نفسه على أي شخص قتل له عزيز أو أنه هو نفسه اضطر أو اختار أن يقتل. من اجل ماذا؟ على مدى التاريخ، بعد انتهاء المعارك وبعد النتيجة المحتمة لنهاية كل نزاع طويل، فان القاتل وعائلة المقتول يقومون بالبكاء ويسألون. الاجابات في الوقت الحقيقي مختلفة وتتعلق بالموقف، ولكن بأثر رجعي، كل شيء يبدو لا طعم له. بعد التوقيع على الاتفاق ويخلقون واقعا جديدا فان قضية التوقيت لا تتركنا. لماذا الآن بعد الخسارة؟ لماذا ليس قبلها، عندما كان الجميع ما زالوا على قيد الحياة ونفسيتنا لم تفسد؟.

     في الماضي غير البعيد كان يمكننا صياغة آلية الاقناع الذاتي كما يلي: نحن شعب يحب السلام ويدافع عن حقه في الوجود. نحن سندفع ثمن الثكل بدون مناص، الى أن يدرك الفلسطينيون وينضمون الينا في الادراك بأن الشعبين يمكنهما العيش بسلام كجيران. أنا لم اشعر في أي يوم بأن هذه القصة تعكس الواقع على الارض، لكن خلال فترة طويلة هذه كانت الرواية السائدة في إسرائيل، ويمكن فهم كيف أن المجتمع الذي هذه هي روحه القومية قادر على تجنيد اجيال من الشباب وتحمل المقاومة المسلحة بدون أن يستيقظ.

    والآن؟ حتى هذه الروح تتلاشى. ففي الوقت الذي تتم فيه كتابة هذه السطور فانه تتم صياغة الروح الجديدة على يد حلف الموت وحكومتنا. لم يعد هناك "عدد قليل منا يموتون من اجل خير الكثيرين الذين يبنون وسيبنون"، بل "الكثيرون منا يموتون من أجل موت عدد أكبر منهم". ما الذي سيعزينا عندما الضباط الذين سيجلبون نبأ الوفاة يقرعون الباب؟ أين سننظر بعد انتهاء أيام الحداد؟ كيف يمكننا احتواء اطلاق النار على الأولاد أثناء عودتهم الى البيت عندما لا يكون أي اقتراح متفائل وواضح في الخلفية؟.

     حماس تدعي منذ أشهر بأن المخطوفين سيعودون وأن إدارة بديلة يمكن أن تدخل الى قطاع غزة. نحن فضلنا انتاج واقع من التطهير العرقي في غزة وفي المناطق، على حساب المدنيين الإسرائيليين وعدد كبير من الفلسطينيين الابرياء، فقط عدم التركز في المستقبل المعروف مسبقا الذي فيه الشعبان يتقاسمان الارض بحرية وأمن.

     هذه في الحقيقة هي المأساة المتملصة. اليسار الصهيوني والوسط يدعون ضد الحكومة بأنه لا توجد لها سياسة، لكن هذا لأنهم ما زالوا ينغرسون في الفكرة القديمة التي تقول بأننا سنحمل السلاح فقط الى أن يعترفوا بوجودنا. في نهاية المطاف، منذ سنوات فان الوحيدين في الشرق الاوسط الذين لا يعترفون بوجود دولة إسرائيل، بما في ذلك الدول العربية والاغلبية الساحقة من الفلسطينيين، هم اعضاء حركة الاستيطان الذين يجلسون في الحكومة ويقومون بصياغة روح جديدة، التي في أساسها فكرة أن دولة إسرائيل لم تقم ولن تقوم طالما أننا لم نحتل أرض إسرائيل الكاملة.

     هم ما زالوا في القرن التاسع عشر، يحاربون من أجل "دونم آخر وعنزة اخرى" الى حين الإعلان عن دولة اليهود (فقط اليهود). من أجل ذلك نحن نقتل ونُقتل. هذا يستحق التأكيد. لقد توقفنا عن أن نقتل ونُقتل، للأسف، باسم حقنا في الوجود بسلام. وبدأنا في أن نقتل ونُقتل، بسرور، باسم وهم هستيري لتحقيق فكرة أسطورية. هذه الحرب توقفت عن أن تكون وجودية على الفور بعد 7 أكتوبر، وتحولت من تكرار غير معقول لحرب العام 1973 الى استئناف روح الاحتلال لحرب العام 1967، الى جانب مدونة اخلاقية من القرون الوسطى. السؤال الذي يجب على كل واحد منا سؤاله لنفسه، وكشفه بطريقة اجتماعية، ليس اذا كنا قادرين على حياة مطلوب فيها التضحية، بل من أجل ماذا.

     مع ذلك، هذا النص هو دعوة للتشجيع. الوقت ما زال غير متأخر جدا لاستيعاب وجود دولة إسرائيل الى جانب الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، الذي يستحق نفس حقوقنا في نفس الأرض. هكذا فقط سنحصل على حياة فيها أمن ورفاه وحرية. الروح الوحيدة التي بواسطتها سنعيش حياة غير مقرونة بثمن الثكل هي روح المساواة بين الشعبين.

     صياغة هذه الرواية المسيطرة هي عمل صعب. اسألوا المستوطنين الذين نجحوا في ذلك رغم أنهم أقلية. نحن يجب علينا التخلص من حكومتنا ومن جهات مثل حماس، الذين تعاونوا ضد المجتمعين الذين كان عليهم تمثيلهما، في الوقت الذي يسوقون فيه أفكارا لا أساس لها ولا تفيدنا.

    الإسرائيليون والفلسطينيون يجب عليهم خلق المزيد من الشراكة، المساواتية (اضافة الى الموجودة الآن)، السياسية والمدنية. يجب علينا مزامنة نشاطاتنا واقامة مؤسسات وتأهيل، لاعبين سياسيين جدد، رجال اعلام ومنتخبي جمهور. وكل ذلك حول قيم أساسية من المساواة والحرية والأمن للجميع. هذا ليس فقط مسألة أخلاقية، بل هو الخيار الوحيد أمامنا من أجل العيش هنا.

    ------------------انتهت النشرة------------------


    http://www.alhourriah.ps/article/96529