مئات العائلات في مخيم الجليل تواجه تداعيات العدوان "الإسرائيلي" دون دعم
2024-11-06
نور الهدى الحاج
بعد تصاعد العدوان "الإسرائيلي" على لبنان في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، تحول مخيم الجليل الواقع على مدخل مدينة بعلبك إلى ساحة للمعاناة والقلق، حيث يواجه سكانه من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين تحديات حياتيه يومية وصعبة.
لم يتعرض المخيم الواقع ضمن حزام من القصف "الإسرائيلي" المتكرر لقصف أو استهداف مباشر، لكنه يواجه تداعيات قاسية للعدوان، بعد أن نزحت إليه أعداد من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وتوقفت مصادر رزق معظم أبنائه الذين يعملون خارج المخيم جراء قطع الطرقات وخطورة الأوضاع الأمنية فيها، وكذلك تقليص بعض الخدمات التي تقدمها وكالة "أونروا" تزامناً مع العدوان، وفيما الشتاء على الأبواب يجد الفلسطينيون داخل المخيم الرسمي الوحيد في البقاع اللبناني أنفسهم مجردين من الإمكانيات المادية واللوجستية للاستعداد له، وما يزيد من صعوبة الأوضاع هو أن القصف "الإسرائيلي" على منطقة البقاع أوقف بعض الخدمات ومكاتب تحويل الأموال، ما يعني أن الاعتماد على تحويلات الأموال من قبل الأقارب في الخارج صار خياراً غير متوفر.
يؤكد عضو لجنة متابعة اللجنة المركزية في اللجان الشعبية الفلسطينية بلبنان أسامة حوران أنه مخيم الجليل يؤوي اليوم 557 عائلة، بينهم 396 عائلة فلسطينية لبنانية، و126 عائلة فلسطينية سورية، و21 لبنانية، و14 سورية، فيما نزح إلى المخيم 109 عائلات بين فلسطينيين ولبنانيين.
يوضح حوران أن جميع من في المخيم من المقيمين والنازحين يحتاجون إلى إغاثة لأن الاعمال توقفت في المخيم ومحيطه نتيجة العدوان "الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنه في خضم العدوان أقبل فصل الشتاء الذي يتطلب في منطقة باردة الطقس مثل المخيم توفير مازوت للتدفئة وأغطية للنازحين.
إلا أن ما ذكر لم يتم توفيره حتى اللحظة لا من قبل وكالة "أونروا" ولا من المؤسسات التابعة للفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير.
إلا أن حوران يتحدث عن وعود من قبل بعض المؤسسات بتوفير مساعدات تتعلق بالغذاء ومستلزمات الشتاء خلال الأيام القادمة.
وانتقد حوران أداء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خلال الحرب، مشيراً إلى انه في حال تعرض مخيم الجليل أي اعتداء أو قصف فمن الصعوب بمكان نزوح سكانه إلى المدرسة الوحيدة التي اعتمدتها الوكالة في منطقة البقاع وهي ثانوية الجرمق وتبعد عن المخيم 35 كيلو متراً، "من سيتحرك مسافة 35 كيلو متراً تحت القصف".
كما قال: إن اللجان الشعبية في المخيمات قامت بعمليات إحصاء السكان في المخيمات والنازحين منها وإليها وتحدث بياناتها وتقدمها للوكالة، إلا أن الأخيرة "لا تقوم بدورها المطلوب إزاء النازحين إلى مراكز الإيواء أو الصامدين في المخيمات".
احتياجات مفقودة وسط قلق وترقب
يتحدث بعض اهالي مخيم الجليل عن تغير تفاصيل حياتهم جراء العدوان والقصف "الإسرائيلي"، ويقول أحد اللاجئين الفلسطينيين لموقعنا: ""حياتنا أصبحت صعبة للغاية، نحن نواجه صعوبة في التنقل والعمل، والاقتصاد ينهار تحت ضغط ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فمعظم الطبقة العاملة بجوار المخيم أو في بعلبك أوقفت أعمالها، ما أثر بشكل كبير على حياتنا".
ويضيف: "نحن نعاني من أزمة اقتصادية قبل الحرب، فما بالكم الآن، نفتقر لكل شيء، من حليب الأطفال إلى المازوت والطعام، كنت أعمل يومياً، والآن، منذ شهرين، أنا عاطل عن العمل، من يدعمنا".
يعبر لاجئ فلسطيني آخر عن قلقه مع اقتراب فصل الشتاء، "عندما يقترب فصل الشتاء، نبدأ بالقلق، فنحن بحاجة ماسة إلى حرامات ومواد غذائية، ولكننا نجد صعوبة في الحصول عليها"
ويردف، "الأطفال يحتاجون إلى الحماية والرعاية، لكننا نشعر بالعجز، الوضع المعيشي مأساوي، ولا نستطيع تلبية احتياجات عائلاتنا، ونحن نعيش في حالة من الرعب والخوف المستمر".
صاحب أحد المخابز في المخيم يصف الأوضاع بالكارثية جراء نقص كميات الطحيمن التي تدخل إلى المخيم جراء العدوان، ويقول: "نحن نعاني بشدة من نقص الطحين، ففي السابق كنا نطلب 20 كيس طحين يتم تأمينهم، والآن لم نعد نستطيع الحصول إلا على 5 أكياس فقط، فالطحين مفقود في السوق، وهذا يؤثر علينا بشكل مباشر، أما الوضع المعيشي فهو مأساوي، والعائلات تعيش في خوف ورعب، ولكننا مستمرون رغم كل التحديات".
مبادرات ضمن الإمكانيات
ورغم هذه الأوضاع، تحاول بعض المؤسسات العاملة في المخيم الاستمرار بأداء دورها خلال الحرب ولو بإمكانيات بسيطة.
يشرح ذلك عمر عيسى، قائد فوج الدفاع المدني الفلسطيني في بعلبك الذي يؤكد أن مكتب الدفاع المدني في المخيم غير مجهز بأدوات إنقاذ وإطفاء، ولكن الفريق رغم ذلك يشارك بالأدوات المتاحة بين أيدي أفراداه لتجهيز ملجأ داخل المخيم، كما أنه ساهم مع شبنان من المخيم في إطفاء 3 حرائق بمساعدة الدفاع المدني اللبناني، وأنقذوا عائلات من خطر النيران.
كما يروي أحد المسعفين من فريق الإسعاف الأولي - جمعية الشفاء: "منذ بداية الحرب واشتداد القصف، تعاملنا مع العديد من الإصابات، ونقلنا أكثر من 200 جريح إلى المستشفيات، بالإضافة إلى نقل 45 شهيدًا. نحن نعمل في منطقة بعلبك ودورس، ونسعى لتقديم المساعدة دون تمييز".
يعكس كل ذلك واقعًا مؤلمًا صعباً يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في مخيم الجليل، لكنه لا يخلو من المبادرة ومحاولات اجتراح حلول ولو بسيطة، لا تغني بالتأكيد عن خطط مدروسة من الجهات الفلسطينية المسؤولة ووكالة "أونروا" لتجنيب آلاف الفلسطينيين داخل المخيم مخاطر العدوان "الإسرائيلي" وتداعياته.