حمل الهجوم الإسرائيلي، ليلة أول من أمس، على إيران 3 رسائل واضحة إلى النظام الإيراني، سواء على المستوى العملاني أو الاستراتيجي:
1-هاجمت إسرائيل مكونات حيوية في صناعة صواريخ أرض - أرض الإيرانية، بالإضافة إلى أنه جرى تدمير منظومات دفاع جوية، ومعنى ذلك انكشاف إيران أمام هجمات أُخرى لسلاح الجو الإسرائيلي. وهذه المنظومات الروسية الصنع أظهرت تفوق السلاح الغربي على السلاح الشرقي. ونظراً إلى أن روسيا في حاجة إلى هذه المنظومات في حربها ضد أوكرانيا، فإنه ثمة شك في أن توافق على بيع إيران منظومات جديدة.
2- القدرة الهجومية الإسرائيلية أفضل من القدرة الدفاعية الإيرانية، وإذا قارنّا ذلك بميزان القدرات الدفاعية الإسرائيلية في مواجهة القدرات الهجومية الإيرانية، فإن النتيجة هي تفوق إسرائيل بصورة واضحة مقارنة بإيران.
بكلمات أُخرى، نجحت إسرائيل في ضرب كل الأهداف داخل إيران، بينما فشلت إيران في ذلك. ولدى إسرائيل اليوم منظومة دفاع قوية، وفي ضوء التنسيق مع الولايات المتحدة، فإن لديها ما يكفي من المنظومات الاعتراضية لمواجهة هجمات إضافية من إيران.
3- التصعيد نحو معركة واسعة النطاق هو اليوم في يد زعيم إيران الخامنئي. وحجم الهجوم يسمح للمرشد الأعلى بأن يقرر إذا ما كان يرغب في الاستمرار في طريق التصعيد أم سيحدّ من ألسنة اللهب. ويتعين على المرشد أن يدرس اعتبارين:
على المستوى العملاني: هل يملك المرشد ما يكفي من الصواريخ لخوض معركة طويلة في مواجهة إسرائيل وذلك في ضوء تعطل صناعة الصواريخ؟.
على المستوى الاستراتيجي: هل الضربة الإسرائيلية المقبلة ستوجَه إلى أهداف عسكرية أم ستنتقل إلى مواقع الطاقة والمواقع النووية. في نظر المرشد، هناك إمكان أن تكون إسرائيل تحضّر الشرعية للضربة الكبرى التي يتخوف منها فعلاً، والتي يمكن أن تعرض النظام للخطر.
يمكن القول إن إسرائيل هاجمت بصورة محددة قدرات استراتيجية عسكرية لإيران، وأعدت العدة لضربات مقبلة.
يواجه المرشد الأعلى معضلة صعبة؛ فإذا قرر عدم الرد، فمعنى ذلك ضعف تاريخي، بينما إذا قرر الرد، فإن هذا سيسمح لإسرائيل بضرب أهداف موجعة بالنسبة إليه. ويجري هذا كله بينما "حزب الله"، الذي يشكل التهديد الأكبر على إسرائيل، يتعرض للضربات وضعُف، ولم يعد يوجه تهديداً يكبح إسرائيل.
وهناك نقطة إضافية يجب إعطاؤها الأهمية اللازمة، وهي الانتخابات الرئاسية الأميركية: فبعد أسبوعين، سيدخل الرئيس الأميركي مرحلة "البطة العرجاء"، وسيكون حراً أكثر في أفعاله وفي تحقيق مراده.
ستتغير القواعد، وهذا سيؤثر في مواقف كل من إيران وإسرائيل؛ فبالنسبة إلى إيران، فإن الولايات المتحدة قادرة على مهاجمة المنشآت النووية، وبالنسبة إلى إسرائيل، فالولايات المتحدة يمكنها أن تلجم الحرب بصورة أكثر حدة.
--------------------------------------------
هآرتس 28/10/2024
فلسطين ستُقسم، غزة ستصبح دولة مدينة – حل الثلاث دول
بقلم: دان دارين
الحرب ابرزت النقاش حول مستقبل قطاع غزة. يوجد في اسرائيل وفي الحكومة من يطمحون الى دولة كبيرة واحدة، من البحر المتوسط وحتى نهر الاردن، التي تشمل حوالي 15 مليون نسمة، بينهم أكثر من النصف بقليل هم من العرب (51.35 في المئة). من يطمحون الى هذا الحل فانهم يتجاهلون الوضع الديمغرافي وتداعياته. اتفاقات اوسلو (ايلول 1993) نصت على أن الضفة الغربية وقطاع غزة هما وحدة جغرافية واحدة. حل الدولتين مقبول على من يؤيدون تقرير المصير للفلسطينيين كحل للنزاع. هذا الحل توجد له مشكلة جوهرية وهي المسافة بين الضفة وقطاع غزة.
عدد من الافكار تم طرحها لربط هاتين المنطقتين الجغرافيتين، بواسطة جسر أو نفق. في 1996 تم طرح فكرة شق شارع علوي يقوم على اعمدة، فيه مسارين في كل اتجاه، وسكة حديد، وأنبوب مياه، توفير المياه من البحر للبحر الميت وخطوط اتصال. الى جانب الموافقة السياسية كانت هناك مشكلتان، الاولى هندسية والثانية مالية. هذا الشارع كان يجب أن يتغلب على الارتفاع عن سطح البحر حتى ارتفاع 800 متر على طول 35 – 40 كم، وعلى التحدي المالي، كلفة تصل الى ملياري دولار. بمفاهيم هذه الايام يمكن كما يبدو التغلب. في 2009 طرحت فكرة لشق نفق. كسابقة لهذا الامر يمكن أن تكون النفق بين فرنسا وبريطانيا بطول اكثر من 50 كم، منها 39 كم تحت مياه البحر. تكلفة النفق كانت حوالي 23 مليار جنيه استرليني. هذان الحلان محتملين من ناحية مادية، لكنهما مثل الخيال، الذي يمكن أن يصبح واقعا اذا تم استثمار هذه الاموال الطائلة بشكل مختلف.
ربما يجب اجراء عملية جراحية معقدة وفصل اسرائيل عن فلسطين. هناك نموذج معروف لمحاولة فاشلة للربط بين كيانين بعيدين عن بعضهما. في العام 1947 انتهى الحكم البريطاني في الهند وتم تقسيمها الى دولتين، باكستان المسلمة والهند ذات الاغلبية الهندوسية. باكستان تم تقسيمها الى قسمين، والهند فصلت بين هذين القسمين. التقسيم أدى الى صراع ومعاناة بين باكستان الشرقية وباكستان الغربية. في الغربية كان الحكم المركزي. الشرقية شعرت بالاضطهاد الاقتصادي والثقافي والسياسي. الانقسام أدى الى الحرب، وفي 1971 انتصر المنطق، وبنغلاديش تم الاعلان عنها كدولة مستقلة.
وضع التطور الاقتصادي والاجتماعي المختلف في اعقاب الحرب بين القسم الشرقي للسلطة الفلسطينية وبين قسمها الغربي، الاصغر، يتفاقم. الحل المحتمل هو تقسيم فلسطين الى دولتين. الاولى على مساحة 365 كم مربع، التي يعيش فيها في ظروف غير انسانية حوالي مليوني شخص، والثانية تقع بين اسرائيل والاردن. غزة ستكون دولة مدينة بما يشبه سنغافورة، دولة المدينة التي تشكلت فقط في 1965، رغم مساحتها الصغيرة التي تبلغ 720 كم مربع، والتي يعيش فيها 6 ملايين شخص، إلا أنه توجد لها مكانة مهمة في الاقتصاد العالمي، والناتج الخام القومي فيها للفرد هو من الأعلى في العالم. اقتصادها يعتمد على انتاج وتصدير المنتجات الالكترونية والبيوتكنولوجية والمواد الكيميائية. وقد تطورت واصبحت مركز مالي وتجاري مهم.
غزة ايضا، ليس فقط بسبب الحرب الحالية، توجد على شفا التدمير المادي والاقتصادي والاجتماعي. بالذات هذا الوضع يمكن من نهضتها. كل ذلك عن طريق اخلاء انقاضها واخلاء القليل مما تبقى فيها ونقل سكانها لفترة حتى يتم فيها بناء عاصمة حديثة كبيرة، ستحل ضائقة السكان الذين يعيشون في حالة فقر في احياء تنقصها البنى التحتية، ويعيشون على أمل واهم – يغذيه سياسيون فاسدون – بأنه اقترب اليوم الذي سيعودون فيه الى بيوتهم واراضيهم التي كانوا يعيشون فيها قبل 76 سنة.
--------------------------------------------
هآرتس 28/10/2024
سموتريتش استكمل ضم الضفة
بقلم: ميخائيل سفارد
قبل بضعة ايام تم استكمال الانقلاب النظامي. لا، ليس في اسرائيل. قلائل يدركون ذلك، لكن حكومة بن غفير – سموتريتش – نتنياهو تآمرت على تنفيذ انقلابين نظاميين، واحد في اسرائيل والثاني في الضفة الغربية. الاول يهدف الى القضاء على فصل السلطات واستقلالية جهاز القضاء وايجاد منظومة حكم ديكتاتوري في اسرائيل. والثاني يهدف الى ضم الضفة الغربية وتثبيت التفوق اليهودي فيها. من اجل منع الانقلاب الاول فان آلاف الاسرائيليين خرجوا الى الشوارع، لكن لا أحد خرج الى الشوارع لمنع الانقلاب الثاني، لأنه ما هو السيء في زيادة قليلا تفوق اليهود؟.
الانقلاب النظامي في الضفة تم تنفيذه بناء على تعهد نتنياهو لسموتريتش في الاتفاق الائتلافي، واساسه نقل تقريبا جميع الصلاحيات السلطوية في الضفة الغربية، باستثناء المتعلقة بالامن، من الجيش الى جهاز يترأسه سموتريتش. في نهاية شهر أيار حدث هذا الامر، بهدوء وبدون احتفال وبيانات للمتحدثين بلسانه، قائد المنطقة الوسطى، يهودا فوكس، وقع على أمر لخلق وظيفة جديدة في الادارة المدنية وهو نائب رئيس الادارة المدنية للشؤون المدنية. ورئيس الادارة المدنية وقع على وثيقة تفويض الصلاحيات لهذا النائب.
لكن هذا “النائب” هو شخص مدني تم تعيينه من قبل سموتريتش، وهو ليس نائب تماما، لأنه لا يخضع لرئيس الادارة، ولا يتلقى منه المصادقة على نشاطاته ولا يتشاور معه ولا يقدم التقارير له. هو يخضع لسموتريتش. الأمر وكتاب التفويض بالصلاحيات نقل معظم، عمليا تقريبا كل، صلاحيات رئيس الادارة المدنية الى هذا النائب – ادارة الاراضي في الضفة، التخطيط والبناء، الرقابة وتطبيق القانون على البناء غير القانوني، الرقابة وادارة السلطات المحلية، الرخص المهنية، التجارة والاقتصاد، ادارة المحميات الطبيعية والمواقع الأثرية. سموتريتش قام بحقنة شرجية ادارية (العفو على التعبير) على رئيس الادارة المدنية وأفرغه من كل صلاحياته، فيما تنتقل السلطة في الضفة فعليا من الجيش اليه من خلال النائب الذي قام بتعيينه.
اذا وصفنا الامور بطريقة تصويرية، فانه منذ التوقيع على الأمر يتجول في قيادة الفرقة في بيت ايل ضابط مع لقب “رئيس الادارة المدنية”، لكن أذا اخذنا في الحسبان كل صلاحياته الجديدة فيبدو أنه عاطل عن العمل ويمكنه تكريس وقته لتنظيم نشاطات ثقافية وترفيه لمرؤوسيه. يجب على أحد ما القول له بأنه ربما هو رأس، ولكنه بدون جسم.
نقل الصلاحيات هذا من ضابط يخضع لقائد قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة الى مواطن يخضع لبؤرة استيطانية اقامها سموتريتش في وزارة الدفاع، توجد له معان اكثر بكثير من تغيير الادوار وترتيبات العمل. هل الحديث يدور عن انقلاب دراماتيكي في مبنى الحكم في المناطق المحتلة، من اراض تتم ادارتها بحكم عسكري، الذي يأمره القانون الدولي بالاهتمام بمصالح السكان الواقعين تحت الاحتلال، الى اراض تتم ادارتها بشكل مباشر من قبل موظفي ادارة وشخص تم انتخابه من قبل الجمهور في اسرائيل، الى ادارة اخلاصها الوحيد هو حسب التعريف لمواطني اسرائيل بشكل عام، ومواطني اسرائيل الذين يعيشون في المناطق المحتلة بشكل خاص. من اجل فهم هذا التغيير الدراماتيكي يجب فهم ما الذي أراد القانون الدولي تحقيقه عندما حدد بأن المناطق المحتلة يجب ادارتها بحكم عسكري.
القانون الدولي ينظم وضع الاحتلال كادارة مؤقتة للمناطق التي يسيطر عليها المحتل، وهو يحظر بشكل مطلق ضمها بشكل أحادي الجانب. هذا ليس مجرد حظر، بل هو قاعدة رئيسية استهدفت ترسيخ الحظر على استخدام القوة غير الضرورية للدفاع عن النفس. اذا كان من الواضح أنه لا يمكن الحصول على صلاحيات بقوة الذراع، فسيكون هناك قدر اقل من الدافعية للحروب. أي أن الحديث يدور عن مبدأ هو جزء من قلب النظام العالمي الذي تم وضعه بعد الحرب العالمية الثانية، الذي في اساسه الرغبة في القضاء على الحروب. الهدف من القول بأن المناطق المحتلة يجب ادارتها بحكم عسكري، وليس بشكل مباشر للحكومة المحتلة، هو خلق حاجز ما بين مواطني الدولة المحتلة، الذين هم السيد فيها، وبين السلطة التي توجد في المناطق المحتلة.
هذا النظام يرتكز الى الادراك بأن الجيش ملزم بدرجة اقل لاعتبارات سياسية، في حين أن وزارات الحكومة المنتخبة ملزمة بهذه الاعتبارات حسب التعريف. نقل صلاحيات الحكم العسكري الى موظفي الحكومة المحتلة ومنتخبي الجمهور فيها يخلق سيطرة مباشرة لمواطني الدولة المحتلة على المناطق المحتلة، وهكذا بالفعل تتوسع خطوط السيادة لتصل الى اراضي المناطق المحتلة، أي الضم. هذا ما نجح سموتريتش في فعله. فقد أخرج كليا الجيش، والمستشار القانوني العسكري، من عملية اتخاذ القرارات بالنسبة لكل ما لا يتعلق بشكل مباشر بالأمن في الضفة الغربية. وعمليا، طبق فيها السيادة الاسرائيلية.
لذلك فانه يوجد وستوجد ايضا معان كارثية لحقوق الفلسطينيين. القليل من القيود التي بشكل معين ما زال الجيش يفرضها على الطرد والمس بالفلسطينيين ستتم ازالتها الآن. اعضاء “ريغفيم” و”منتدى كهيلت” و”حنونو”، الذين قام سموتريتش بتعيينهم للمهمات ذات الصلة بالحكم الاداري الجديد في الضفة، وبالاساس لأدوار مستشارين قانونيين، سيرفعون القليل من الكوابح وسينقضون على الشاه الفلسطينية الضعيفة وسيقومون بذبحها وتمزيق جلدها، وتقطيع لحمها ومص عظامها. هذا ما يحدث الآن. مستوطنات جديدة ستقام، احياء جديدة سيتم بناءها بوتيرة غير مسبوقة، واسرائيليون عنيفون سيحصلون على المزيد من التخصيصات التي تبلغ عشرات آلاف الدونمات لاقامة المزارع والمباني للفلسطينيين التي لا يوجد لها رخص بناء سيتم هدمها بوتيرة عالية جدا، في حين أن البناء غير القانوني للمستوطنين ستتم شرعنته.
ابرتهايد بدون خجل، ابرتهايد كخطة عمل.
الخجل الكبير هو أن لا أحد قام للاحتجاج، سواء في اسرائيل أو في العالم. نفس هذا العالم، الذي فرض عقوبات شديدة على روسيا عندما قامت بضم شبه جزيرة القرم بشكل اجرامي وبعد ذلك ضم المناطق التي احتلتها بعد غزو اوكرانيا، دخل الى حالة صمت وهو لا ينبس ببنت شفة عندما يتعلق الامر باسرائيل. صحيح أن العالم يطبق على اسرائيل معيار مختلف، لكن خلافا لهراءات الدعاية الاسرائيلية فان الحديث يدور عن تمييز في صالح طرف معين خلافا للقانون.
الامر الوحيد الذي يقوله مجرمو الضم لانفسهم الآن هو لماذا انتظرنا 57 سنة؟ هذا الامر بسيط جدا.
--------------------------------------------
إسرائيل اليوم 28/10/2024
الوحل اللبناني يجب تجفيفه
بقلم: العميد احتياط داني فان بيران
بدأت الحرب الحالية في لبنان بسلسلة عمليات ناجحة وغير مسبوقة، بدء بهجمة البيجر التي لم نأخذ المسؤولية عنها انتهاء بتصفية كل قيادة حزب الله. أدت هذه العمليات، في زمن قصير الى سحق بنية القيادة والسيطرة في المنظمة، تدمير قسم من منظومة الصواريخ والقوة القتالية لديها إضافة الى ذلك الضربة المعنوية في جيش الإرهاب.
من اللحظة التي بدأت فيها العملية البرية في لبنان، يحقق الجيش الإسرائيلي نجاحات عملياتية مبهرة تتضمن إبادة مئات المخربين والعثور على كميات مذهلة من الوسائل القتالية، كجزء من استعدادات حزب الله لاحتلال الجليل. على هذا النجاح تحوم سحابة الثمن الذي يدفعه المجتمع الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، والذي يجد تعبيره في عدد كبير من المقاتلين الذين سقطوا في المعارك الضارية.
رفع الشهداء الى جدول الاعمال البحث الذي جرى في سنوات الإبقاء على الشريط الحدودي (1985 – 2000). في تلك الفترة سقط 414 مقاتلا في نشاطات عملياتية وأساسا ضد مخربي حزب الله. منظمات احتجاج عديدة ومنها منظمة “اربع أمهات” طالبت بانسحاب الجيش الإسرائيلي من طرف واحد من لبنان لسببن أساسيين: الحرص على حياة المقاتلين والادعاء بان احتفاظ الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان هو سبب مقاومة حزب الله، عقب تقسيم السكان الشيعة الى قسمين.
بضغط الاحتجاج الجماهيري قررت حكومة إسرائيل برئاسة اهود باراك الانسحاب من طرف واحد من لبنان. خلق الانسحاب الفزع وعي نصر لدى مؤيدي نصرالله ترجم الى خطاب بيت العنكبوت. الرواية التي عرضها حزب الله بانه هو الذي انزل إسرائيل على ركبتيها ساهم في تحوله الى قوة سياسية قوية تملي ارادتها على الحكم اللبناني.
انطلاقا من الرغبة للهروب من الوحل اللبناني ساهمت إسرائيل بتحول حزب الله الى منظمة قوية تقرر قواعد اللعب في حدودنا الشمالية. محظور على دولة إسرائيل أن تقع هذه المرة في فخ العسل للهروب من “الوحل اللبناني” والسعي المبكر اكثر مما ينبغي لتسوية سياسية على أساس الإنجازات العسكرية المبهرة ولكن لا تزال جزئية.
في حرب لبنان الثانية أيضا أدى الخوف من الغرق مرة أخرى في “الوحل اللبناني” والى الاستناد الى قرار 1701، الذي خرق على الفور. كميات الصواريخ، المقذوفات الصاروخية، الأسلحة والمواد المتفجرة الرسمية، كلها من انتاج ايران وروسيا كان يمكنها أن تسلح جيشا نظاميا لدولة. هذه الحقيقة تشهد على خطورة التهديد وعلى الضرورة لمعالجة جذرية له.
الحرب البطولية لمقاتلي الجيش الإسرائيلي في القرى الشيعية تكشف شدة المشكلة التي تجاهلناها. كميات السلاح والبنى التحت أرضية التي تنكشف تشهد على حجم التهديد.
ان الحساسية الهائلة لحياة مقاتلينا تميزنا عن منظمات الإرهاب التي تقدس الموت. هي جزء من كوننا مجتمع قيمي واخلاقي. ومع ذلك، تقف إسرائيل امام تهديد وجودي. يجمل بنا الا نخطيء مرة أخرى بالتفكير ذاته، الذي يرهن المستقبل مقابل هدوء مؤقت.
لا حاجة لنا لاعادة احتلال لبنان، لكن الوحل اللبناني يجب أن يجففه. والمعنى هو ضربة قاضية لحزب الله وحيازة شريط امني الى أن توجد تسوية سياسية. هذه المرة ليس فرارا، بل بعد النصر وهزيمة حزب الله.
* العميد احتياط داني فان بيران رئيس حركة “مدعوون للعلم” وضابط احتياط رئيس سابقا
--------------------------------------------
هآرتس 28/10/2024
وقف القتال في غزة هو شرط ضروري لكنه لم يعد كافيا
بقلم: تسفي برئيل
“صفر نتائج”، هذه كانت روحية العناوين في الصحف اللبنانية بعد انتهاء زيارة المبعوث الامريكي الخاص، عاموس هوخشتاين، في بيروت في يوم الجمعة الماضي. هذه الزيارة لم تستهدف اظهار التفاجؤ أو خيبة الأمل، بل تثبيت حقيقة. لا أحد ينتظر معجزة امريكية ستحدث عند زيارة هوخشتاين، ولا حتى المبعوث نفسه الذي سمع للمرة الـ 12 على الاقل المواقف الثابتة والمعروفة لحكومة لبنان، وبالاساس رئيس البرلمان نبيه بري الذي فوضه حزب الله لادارة المفاوضات باسمه حول التسوية والاتفاق والترتيبات أو أي مصطلح آخر سيؤدي الى وقف اطلاق النار بين اسرائيل ولبنان.
من ناحية لبنان فان أسس هذا الاتفاق لم تتغير، وهي تشمل تطبيق قرار مجلس الامن رقم 1701 بدون تغيير صياغته، وانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان الى جانب قوة اليونفيل، التي لن تتغير صلاحياتها، وبالاساس الحفاظ على الصيغة التي تربط بين وقف الحرب في قطاع غزة وبين وقف النار في لبنان وفي اعقاب ذلك الاتفاق. لا يوجد الآن في لبنان أي جهة لها مكانة وصلاحيات – حكومية، برلمانية، وبالاخرى من قبل حزب الله – مستعدة للاعلان عن فصل العلاقة بين الجبهات. هكذا، حتى بعد غياب الامين العام لحزب الله عن الساحة فان ارثه يواصل املاء مصير لبنان، ويحول أي نقاش حول الاتفاق الى مناورة عقلية، نظرية، وكل زيارة لوسيط الى عرض متكرر لعدم الجدوى والفائدة. كل ذلك في الوقت الذي فيه في بيروت وفي مدن اخرى تستمر جثث القتلى في التراكم، التي وصل عددها الى اكثر من ثلاثة آلاف، وحيث آلاف المصابين لا يحصلون على العلاج في المستشفيات، وحوالي اكثر من 1.3 مليون شخص، بينهم نصف مليون طفل تقريبا، اصبحوا لاجئين في بلادهم أو هربوا الى سوريا.
يبدو أن اسرائيل لا تقوم بتخريب البنى التحتية المدنية بشكل متعمد، لكن يبدو أنه لا حاجة الى ذلك – حركة المهاجرين الجماعية التي تلقي بعبء كبير وغير محتمل على البنى التحتية القائمة، شبكة المياه وشبكة الكهرباء والخدمات الصحية، تقوم بهذا العمل بنفسها. المرضى والجرحى الذين يصلون الى المستشفيات لا يوجد سرير فارغ، وابناء عائلاتهم يكتشفون أنه لا يوجد موظف تسجيل يمكنه العثور على أبناء عائلاتهم في الغرف أو في الممرات. هؤلاء يجب عليهم ايضا شراء الدواء بأنفسهم، في حين أن الممرضين والممرضات الذين لم يغادروا اماكن العمل حتى الآن لا يمكنهم تحمل الضغط. لبنان تحتاج ضخ فوري لملايين الدولارات فقط من اجل تمويل النشاطات الحيوية الجارية حتى قبل النقاش حول اعادة اعمار الدولة، أو حول تسديد اقساط دينها الذي يقدر بـ 100 مليار دولار.
في يوم الخميس الماضي عقد في باريس مؤتمر الدول المانحة الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي عمانويل ميكرون. حوالي 70 دولة ومؤسسة دولية شاركت في المؤتمر الذي انتهى بنجاح كبير. مقابل تقدير مسبق بأنه سيتم جمع في هذا المؤتمر حوالي 500 مليون دولار، تعهد المانحون بتحويل مبلغ مليار دولار، 800 مليون للمساعدات الانسانية و200 مليون لتعزيز وتقوية الجيش اللبناني، الذي منذ سنتين يعيش على المنح من الولايات المتحدة وقطر. فقط في الاسبوع الماضي اضافت قطر 10 ملايين دولار اخرى لرواتب جنود الجيش اللبناني.
لبنان يتذكر ايام افضل من هذه، عندما في العام 2018 تعهدت الدول المانحة بتحويل 11 مليار دولار اذا اجرت فقط اصلاحات اقتصادية، التي لم تنفذ حتى الآن. اذا تم التوصل الى اتفاق حول وقف اطلاق النار فان لبنان سيحتاج الى اكثر بكثير من مليار دولار، والـ 200 مليون دولار التي تم تخصيصها للجيش اللبناني يجب أن تتم مضاعفتها خمس أو ست مرات من اجل أداء مهمة الدفاع عن جنوب الدولة. في هذه المرحلة الحديث يدور عن تجنيد 6 آلاف جندي آخر سينضمون الى القوة التي يبلغ عددها 8 آلاف جندي الذين سيتم انتشارهم في جنوب لبنان. هؤلاء الجنود يجب عليهم المرور بالاعداد والتدريب والتزود بأسلحة ثقيلة وسيارات مصفحة والاستعانة بطائرات مروحية واقامة شبكات اتصال متقدمة وبناء قواعد، في حين أنه حتى الآن من غير الواضح حجم التفويض لنشاطاتهم، وما هو المجال الجغرافي الذين سيعملون فيه وماذا ستكون صلاحياتهم في العمل أمام قوات حزب الله، التي ستحاول العودة الى المناطق التي ستقوم اسرائيل باخلائها، هذا اذا قامت باخلائها، وماذا ستكون مكانتهم امام تفويض قوة اليونفيل التي تعد الآن اكثر من 10 آلاف جندي.
على كل هذه القضايا يتعين على الاتفاق النهائي اعطاء رد، الذي ما زال رغم الكثير من النقاشات حوله، بعيد حتى عن مسودة متفق عليها. المصطلح الرئيسي “القرار 1701″، الذي يقدم ظاهريا رد رسمي على نشاطات قوة اليونفيل وانتشار الجيش اللبناني، هو بحد ذاته مختلف عليه. موقف حكومة لبنان وموقف حزب الله وموقف نبيه بري هو أنه يجب تطبيق الاتفاق بصياغته الحالية، بدون أي تغيير أو تعديل أو توسيع صلاحيات قوة اليونفيل، وبدون تطبيق القرار 1559 من العام 2004 الذي ينص على حل جميع المليشيات المسلحة.
هذا الموقف يستند، ضمن امور اخرى، الى حقيقة أنه رغم الضربات الشديدة لاسرائيل ضد حزب الله إلا أن الحزب ما زال يمتلك قوة سياسية مهمة، وممثلوه اعضاء في الحكومة وفي البرلمان، وهو لديه سلاح يهدد به الساحة الداخلية في لبنان، وموافقته على أي اتفاق هي ضرورية لمنع مواجهات داخلية عنيفة تصل الى الحرب الاهلية.
هذا الموقف يتصادم مع معارضة اسرائيل وامريكا، التي تطالب بتوسيع كبير لبنود القرار بحيث يعطي اسرائيل صلاحية المتابعة الجوية لتنفيذ القرار، وعند الحاجة السماح بتنفيذ رقابة برية، أي القيام بـ “مطاردة ساخنة” داخل لبنان في كل حالة خرق، وتوسيع صلاحية عمل قوة اليونفيل. حسب مصادر اسرائيلية فان اسرائيل ستطلب ايضا السماح في التواجد في جنوب لبنان لـ “فترة انتقالية” سيتم فيها فحص الترتيبات العسكرية التي ستقوم بها حكومة لبنان واليونفيل، لكن مشكوك فيه اذا كان سيتم الرد بالايجاب على هذا الطلب. رسميا تغيير صيغة القرار 1701 سيحتاج الى اصدار قرار جديد من مجلس الامن، وهو اجراء يمكن أن يشكل بحد ذاته عائق صعب، حيث أنه يمكن أن يصطدم بالفيتو الروسي. ولكن بدون قرار كهذا فان قوة اليونفيل لا يمكنها العمل.
--------------------------------------------
إسرائيل اليوم 28/10/2024
فرصة لتغيير استراتيجي في الشمال
بقلم: د. يوآف هيلر
رئيس “الربع الرابع” و أ هو رجل موساد كبير سابقا
هجمة “أجهزة الاشعار” ضد حزب الله جاءت بعد نحو سنة من حرب استنزاف في الشمال، وكانت إشارة لبداية معركة مبادرة لإزالة تهديد حزب الله. نتائجها حتى الان تنطوي على إمكانية لانعطافة استراتيجية.
وصلت المعركة الى ذروتها مع تصفية نصرالله وسلسلة القيادة العليا في المنظمة، الى جانب دخول الجيش الإسرائيلي الى جنوب لبنان.
رغم كل هذا، بقيت لحزب الله قدرات تسمح باستمرار اطلاق النار على بلدات الشمال، حيفا والسهول، وبشكل متقطع حتى الى مركز البلاد. وبالتالي الى اين المسير من هناك؟
الضربة التي تلقاها حزب الله، الى جانب الفهم في ايران بان وكيلها المركزي في المعركة ضد إسرائيل قد ينهار تماما، تخلق مجال فرصة لتغيير الوضع لمدى بعيد.
الهدف: تغيير استراتيجي في ميزان القوى في لبنان، وقضم واضح في قدرة النفوذ الإيراني في المنطقة، التي يمكن أن يتجمع حولهما اطراف في لبنان وفي الساحة الدولية والإقليمية أيضا.
على إسرائيل أن تصمم الواقع الجديد في لبنان من خلال تسوية سياسية، في ظل القاء ثقل وزنها العسكري كرافعة ضغط.
بخلاف المرات السابقة، والتي ألزمت فيها التسوية عمليا طرفا واحدا فقط هو إسرائيل، علينا أن نضمن هذه المرة بان يوجد شرطان ملزمان: آلية انفاذ ذات مغزى تتأكد من تنفيذ القرارات التي تتخذ وحفظ شرعية لعمل عسكري مبادر من إسرائيل في حالة عدم الالتزام بالاتفاقات.
ستسعى الساحة السياسية على ما يبدو للاعتماد على قرارات سابقة (1701، 1559) كأساس للتسوية الجديدة وان لم تنفذ في الماضي. هذه في جوهرها قرارات جيدة لإسرائيل، المشكلة هي شكل انفاذها.
سيكون من الصواب الدفع قدما بتسوية على أساس خطة تنفذ في عدة مراحل:
تنفيذ كامل لقرارات 1701، بما في ذلك: وقف نار تام من حزب الله؛ انسحاب عموم قواته الى ما وراء الليطاني؛ انتشار قوات الجيش اللبناني في جنوب لبنان. بعد ذلك تنسحب إسرائيل الى الحدود الدولية.
تنفيذ قرار 1559، الذي يتضمن تجريد حزب الله من سلاحه والغاءه كميليشيا مستقلة في لبنان في غضون 24 شهرا بقيادة الجيش اللبناني وآلية انفاذ دولية.
صياغة قرار جديد لمجلس الامن في الأمم المتحدة، يفرض عقوبات إسرائيلية على دولة تسلح حزب الله، مع التطرق الصريح لإيران، سوريا وروسيا.
تحديد مادة تسمح لإسرائيل بحرية عمل عسكري مطلقة في صالح تنفيذ القرارات، في كل حالة من تعاظم قوة حزب الله في لبنان او خرق وقف النار.
معقول لان يؤدي مشروع القرار الذي يوضع على الطاولة الى العودة لقرار 1701، والتركيز على وقف النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان. مثل هذا السيناريو سيسمح لإيران ولحزب الله بالمهلة الزمنية اللازمة لتوضيب المنظومات، لاعادة التركيز على الساحة وتجديد تعاظم القوة. ولهذا فمحظور الموافقة على ذلك.
إسرائيل توجد في موقع تأثير تاريخي لاستقرار المنظومة الشمالية لدرجة خلق أساس مستقبلي للتطبيع مع دولة لبنان وسيكون محظورا تفويت هذه الفرصة، وبالتأكيد بعد أن دفعنا ثمنا باهظا جدا على الطريق.
--------------------------------------------
هآرتس 28/10/2024
معضلات قبل الانتخابات
بقلم: عاموس هرئيلِ
خلافا للانطباع الذي كان من شأنه أن يتولد من جزء من التقارير في وسائل الاعلام الاسرائيلية فان هجوم سلاح الجو في ايران ليس وبحق هو نهاية الأمر. المعضلة تنتقل الآن الى يد النظام في طهران: هل يجب علينا الرد، بأي قوة ومتى؟. التصريحات الاولية التي تسمع من هناك تدل كما يبدو على نية ايران العمل ضد اسرائيل. الايرانيون يجب عليهم التقرير اذا كانوا سيقومون بذلك بقوة محدودة من خلال الرغبة في أن ينهوا رغم ذلك فيما بعد المواجهة، أو أنه يجب العمل حتى قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة بعد ثمانية ايام.
من خلال الادراك بأن ايران يتوقع كما يبدو أن ترد فان المستوى الامني في اسرائيل، الدفاع والهجوم، بقي مستعدا. ايضا القوات الامريكية في المنطقة وبطارية صواريخ الاعتراض “ثاد” التي نشرت في البلاد ووحدات ووسائل قتالية اخرى توجد في المنطقة، ما زالت في مستوى عال من الاستعداد. الجنرال احتياط تمير هايمن، رئيس معهد بحوث الامن القومي، بحث أمس مع الـ “بودكاست” (البث المسموع لهآرتس) بأن التصريحات التي اسمعها النظام في طهران استهدفت اعطاء الزعيم الاعلى في ايران علي خامنئي “اقصى درجة من المرونة في القرار. هايمان قال ايضا، الذي كان رئيس شعبة الاستخبارات السابق في الجيش الاسرائيلي، إن الضباب يحافظ على الاحتمالات التي توجد لدى الزعيم مفتوحة.
وحسب قوله فان جزء كبير من الاعتبارات في بلورة الرد يتعلق بالصورة المأسور فيها النظام في الساحة الداخلية في يد الجمهور الايراني. المواطنون يقلقون من الصعوبات الاقتصادية وقمع حرية التعبير، لكن حتى الآن هم يعتبرون ايران دولة قوية تدافع عن نفسها بنجاح امام اعدائها. اطلاق الصواريخ، الاول من نوعه الذي شهدته ايران منذ نهاية الحرب مع العراق في نهاية الثمانينيات، يقوض الشعور بالأمان في اوساط المواطنين، وهو يمكن أن يدفع خامنئي الى قرار بشأن الرد الذي قوته غير معروفة في هذه الاثناء.
في جهاز الامن ما زالوا ينشغلون في محاولة تقدير الاضرار التي تكبدتها ايران بسبب الهجوم. الانطباع حتى الآن ايجابي: يبدو أن سلاح الجو الذي اعتمد على معلومات دقيقة وتخطيط دقيق، نجح في ضرب بشكل قوي منظومة صواريخ ارض – جو الاستراتيجية لايران، وشل وسائل الكشف في غرب الدولة وتشويش لاشهر كثيرة قادمة منظومة انتاج الصواريخ والمسيرات. ضمن امور اخرى، نشر عن تدمير 12 “خلاطات كوكبية”، وهي جزء مهم لانتاج الصواريخ البالستية. مع ذلك، تطرح امكانية أن تختار روسيا تزويد ايران قريبا بمنظومات مضادة للطائرات من نوع متقدم أكثر، اس 400، في محاولة لاصلاح الانطباع بأن منظومات الدفاع الروسية تمت هزيمتها في مواجهة الطائرات الغربية التي استخدمتها اسرائيل.
مثلما في مراحل سابقة في الحرب فان الاجسام الاكثر اهانة في الجيش الاسرائيلي على خلفية الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي والمذبحة في 7 اكتوبر – سلاح الجو والاستخبارات العسكرية “أمان” – هي التي وقفت من وراء النجاح العملياتي المميز والأول في نوعه. الطيارون الذين تم وصفهم بمجموعة خطيرة من “الكابلانيين اليساريين” وقادتهم – الذي اتهموا بالتسامح المبالغ فيه تجاههم – قدموا مرة اخرى اسهامهم الذي لا يمكن الاستخفاف به بالنسبة لأمن الدولة. ومثلما أن الالتزام المدني لديهم افشل في السنة الماضية خطة الحكومة للقيام بانقلاب ضد الديمقراطية، هكذا هم يساعدون في الدفاع عن الدولة الآن. في ذروة المواجهة حول الانقلاب يجب التذكر بأن رئيس الحكومة نتنياهو قال إنه يفضل التنازل عن سربين من الطائرات القتالية على خلفية تهديدات الطيارين في الاحتياط بوقف التطوع على التراجع عن خططه.
زمن حرج لاتخاذ القرارات الحاسمة
اكتوبر، الذي لم ينته بعد، يتميز بأنه الشهر الاكثر صعوبة بالنسبة لخسائر اسرائيل منذ بداية السنة الحالية. أمس سمح بنشر أن خمسة جنود احتياط قتلوا في مواجهة في جنوب لبنان في يوم السبت بعد الظهر وأصيب 14 جندي، خمسة منهم في حالة حرجة. القتلى والمصابون هم من رجال لواء ألون (228)، وهو لواء مشاة في قيادة المنطقة الشمالية ويرتكز على خريجي الناحل. اضافة الى ذلك الجيش الاسرائيلي اعلن أمس بأن جندي من لواء جفعاتي، الذي اصيب في بداية الشهر في شمال القطاع، توفي متأثرا بجراحه. في اليومين الاخيرين سجل عشرة قتلى من جنود الاحتياط في مواجهات مختلفة في لبنان. أمس قتل مواطن اسرائيلي فيما يبدو عملية دهس قرب القواعد العسكرية في غليلوت، وعشرات المواطنين والجنود أصيبوا في هذه العملية.
الحكومة تعرض النجاحات العملياتية الاخيرة في غزة وفي ايران وفي لبنان كدليل لتبرير استراتيجيتها والحاجة الى الاستمرار في القتال في كل الجبهات. عمليا، لا يمكن تجاهل الثمن المقرون بمواصلة القتال طوال الوقت. الخطر الاكبر يكمن في لبنان، بالتحديد في الساحة التي فيها نشاطات الجيش الاسرائيلي تؤدي الى نتائج جيدة. حزب الله يوجد الآن في منحى معين للتعافي بعد تعيين قادة جدد بدلا من الكثير من القادة الذين قتلوا في الهجمات الاسرائيلية. ربما هنا يحدث سفك مستمر للدماء، الذي سيغير بالتدريج ايضا نظرة الجمهور بالنسبة للحاجة الى مواصلة القتال. في عدد غير قليل من الحالات السابقة، حرب لبنان الاولى والتواجد في المنطقة الامنية في لبنان في التسعينيات والانفصال عن قطاع غزة في 2005، فان الخسائر الكثيرة اوجدت الضغط على الحكومات (من بينها حكومات يمينية) وأدت الى تغيير سياستها، بما في ذلك الموافقة على الانسحاب.
ايران ووكلاؤها يمكنهم ادارة ضد اسرائيل حرب استنزاف، التي ستشمل الازعاج المستمر ايضا للجبهة الداخلية، في شمال البلاد وفي المركز. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، نجح في تحقيق للائتلاف استقرار سياسي عندما تم ضم جدعون ساعر وثلاثة اعضاء كنيست في قائمته. ولكن هذا الاستقرار سيقف في نهاية المطاف في الامتحان ازاء اطالة الحرب وارتفاع عدد المصابين. في الخلفية يقف غضب الجمهور المتزايد حول مسألة عدم المساواة في توزيع عبء الخدمة العسكرية. نتنياهو، بضغط من شركائه الحريديين في الائتلاف وامام التهديد من قبل المحكمة العليا، يصمم على الدفع قدما بقانون الاعفاء الفضائحي، الذي سيعطي اعفاء ساحق من الخدمة في الجيش الاسرائيلي للشباب الحريديين. عدد من قتلوا في الحرب وحقيقة عبء خدمة الاحتياط والتضحية، يقع على جزء مقلص جدا من السكان، الامر الذي سيبرز الازمة السياسية ويمكن أن يصعب عليه مواصلة ادارة الحرب كما يشاء.
الخلافات حول مواصلة الحرب تنقسم حسب الخط الفاصل بين اليمين – اليسار – الوسط، لكن ربما يمكن وصف ذلك ايضا كنقاش بين المتفائلين والمتشائمين. نتنياهو ومؤيدوه يلاحظون وجود فرصة لتعميق التغييرات في الشرق الاوسط. فبعد الضربات التي تكبدها حزب الله وحماس، والهجوم الاخير في ايران، هم يعتقدون أنه يمكن الاستمرار في اضعاف المحور الشيعي الراديكالي في المنطقة الى درجة المس بالمشروع النووي الايراني، وحتى الدعوة (التي اسمعها ايضا مؤخرا رئيس الحكومة نفسه) الى اسقاط النظام في ايران على يد الشعب. في المقابل، من يؤيدون انهاء الحرب يخشون من أن اسرائيل آخذة في التورط في عدد كبير من الجبهات. هم يعتقدون أن معظم الانجازات العملياتية التي كان يمكن تحقيقها تم استنفادها، وأن أخذ مخاطر اخرى يمكن أن يظهر كرهان مبالغ فيه، الذي سيكون له ثمنا باهظا.
الدليل على هذا التوتر كان يمكن ايجاده في احتفال الذكرى بالمذبحة أمس. وزير الدفاع يوآف غالنت، المؤشر اليقظ في حكومة اليمين المتطرفة والوزير الوحيد الذي تشير الاستطلاعات برأي ايجابي للناخبين حول اداءه، قال في الخطاب الذي القاه في الاحتفال بأن “حماس وحزب الله لم يعودا يشكلان أداة ناجعة في يد ايران. هذه الانجازات المهمة تخلق تغيير في علاقات القوة… لا يمكن تحقيق أي هدف بعملية عسكرية. القوة ليست كل شيء. عندما نأتي الى تنفيذ واجبنا الاخلاقي والقيمي لاعادة المخطوفين الى بيوتهم فنحن نحتاج الى تقديم تنازلات مؤلمة”.
نتنياهو في المقابل وعد في خطابه بالاستمرار في “العمل بزخم كبير الى حين استكمال النصر”. وعندما صعد لالقاء خطابه قاطعة بعض أبناء العائلات الثكلى بهتافات الاستهجان. هذا العداء الذي يظهر ايضا في اوساط الجمهور الواسع يرتبط ايضا بمواصلة الحرب وتصميمه على احباط تحقيق رسمي في الاخفاقات ورفضه الحازم للتوصل الى صفقة تبادل. المفاوضات مع دول الوساطة استؤنفت أمس في قطر، وقناة تلفزيونية سعودية اقتبست قادة كبار في حماس، الذين اقترحوا اطلاق سراح جميع المخطوفين الموجودين في يد حماس، مقابل اطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين والانسحاب الكامل للجيش الاسرائيلي من كل اجزاء القطاع.
هذا وقت حرج لاتخاذ قرارات حاسمة، ليس فقط في قضية المخطوفين. اليمين يقول إنه خلال “ثمانية أيام” سيكون بالامكان معرفة اذا كان الجيش الاسرائيلي سيغرق للمرة الثالثة في الوحل اللبناني أو أنه سيقلص تواجده هناك، واسرائيل ستسعى الى اتفاق سياسي ينهي الحرب ضد حزب الله. نتنياهو، كما يبدو، غير متسرع في الذهاب الى أي مكان، هو سيفضل انتظار نتائج الانتخابات الامريكية في 5 تشرين الثاني، قبل القيام بخطوة سياسية مهمة، وقبل ذلك ربما سيكون هناك هجوم آخر من ايران.
--------------------------------------------
معاريف 28/10/2024
الى أن ترفع روسيا مستوى الدفاع الجوي الإيراني، فان المخاطر على ايران هائلة
بقلم: البروفيسور أماتسيا برعم
في هجوم في 1 نيسان على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي نسب لسلاح الجو، صفي محمد رضا زاهدي، جنرال في الحرس الثوري الإيراني في سوريا وفي لبنان. قبل ذلك صفت إسرائيل ضباطا إيرانيين في سوريا، دون رد إيراني. غير ان هذه المرة طالبت الساحة السياسية والعسكرية في ايران بهجوم مباشر ضد إسرائيل. لماذا؟ أولا، ضرب القنصلية يعد كهجوم على الأراضي الإيرانية. ثانيا، القتيل كان رفيع المستوى جدا. وثالثا الساحة السياسية في ايران في ذاك الوقت كانت متطرفة. إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني في وقت التصفية وبعدها، وزير خارجيته، معظم أعضاء حكومته وكبار مسؤولي الحرس الثوري كانوا بأقصى التطرف وكانوا مندوبين في المجلس الأعلى للامن القومي الذي يوصي الزعيم الأعلى خامينئي بكيفية العمل. خامينئي هو متزمت ديني شيعي وحشي. اعدم الكثيرين من أبناء شعبه. هو كاره متطرف لإسرائيل لكنه ليس انتحاريا أو منقطعا عن الواقع. هو متطرف براغماتي اعتبارات الكلفة – المنفعة ليست غريبة عليه. ومع ذلك هام له أن يتخذ صورة المحكم. بمعنى ان يوجد في الوسط، بين اقصى المتطرفين والبراغماتيين. فقد فهم بان الخطر في حرب ضد تحالف إسرائيل والولايات المتحدة نفسها لكن لاعتبارات المكانة ما كان يمكنه أن يعتبر انهزاميا. ولهذا فقد انضم الى اقصى المتطرفين وفي 14 نيسان هاجمت ايران.
في 19 أيار قتل الرئيس رئيسي ووزير الخارجية في حادثة المروحية. منذ نيسان فهم خامينئي بان المواجهة مع إسرائيل لم تنتهي. ولهذا فقد وجه الانتخابات كي ينتخب مسعود بزشكيان، البراغماتي الصارخ، ومثله حكومته. في القيادة الإيرانية لا يوجد معتدلون، لكن يوجد براغماتيون. وهكذا تأكد خامينئي من انه في كل أزمة مستقبلية سيجد نفسه في الوسط: بين الرئيس البراغماتي واقصى المتطرفين.
في 31 تموز صفى احد ما في مضافة الحرس الثوري في طهران هنية. هذه إهانة قاسية للنظام الإيراني، وإسرائيل كانت المشبوهة المعتادة. غير أن هذه المرة كان للزعيم الأعلى مسار افلات. فبينما صرح اقصى المتطرفين بان ايران ستهاجم، طالب الرئيس بزشكيان الاكتفاء بالهجوم على “منشأة الموساد” في كردستان، والمح بالخطر على تصدير النفط الإيراني من رد إسرائيلي. هذه المرة، وبينما هو في الوسط، قرر خامينئي الا يهاجم.
في 17 أيلول تفجر 5 الاف جهاز اشعار في لبنان. طهران سكتت وهكذا عادت الى نهجها التقليدي في ان ما يحصل في لبنان وفي سوريا يبقى هناك، أي “ان الرد سيأتي من حزب الله”. في 27 أيلول صفت إسرائيل نصرالله في بيروت. تصفية نصرالله رجحت الكفة: حتى الرئيس البراغماتي لم يعارض هذه المرة هجوما مباشرا على إسرائيل وهذا جاء في 1 أكتوبر.
الجواب الإسرائيلي جاء في السبت. ايران حذرت من المس بالنفط، بالنووي وباهداف الحكم. الولايات المتحدة ضغطت، إسرائيل وافقت. الضربة للأهداف العسكرية كانت قاسية، لكنها تركت لطهران إمكانية الإعلان بان إسرائيل فشلت. هكذا فعل على الفور الناطقون بلسان النظام، لكن صباح أمس جاء اعلان رئيس البرلمان، الجنرال محمد بكر كاليباف، متطرف براغماتي يشبه خامينئي: “الرد الإيراني محتم”. وكان يقصد على ما يبدو الهجوم المباشر، لكن ربما عملية إرهاب، او تفعيل العراقيين، الحوثيين او الصواريخ الثقيلة لحزب الله. لكنه لم يفسر.
في طهران المعسكران جاهزان للصراع: اقصى المتطرفين سيطالبون بهجوم مباشر فورا والإسراع نحو النووي. الرئيس البراغماتي وحكومته سيقترحان طرقا أخرى، وخامينئي سيوجد في الوسط. الى أن ترفع روسيا مستوى الدفاع الجوي الإيراني، فان المخاطر على ايران هائلة. وعليه فان ميل خامينئي سيكون ضمان الوعد بعمل في المستقبل، وفي هذه الاثناء يغلق الحدث. لكن كل شيء لا يزال مفتوحا.
--------------------------------------------
إسرائيل اليوم 28/10/2024
توقعات إيجابية من المفاوضات في قطر
بقلم: شيريت افيتان كوهين
هبط رئيس الموساد دادي برنياع في الدوحة امس لاجراء محادثات لتحريك المفاوضات في “منتدى الثلاثة” والتي كانت ستتواصل حتى الليل. وحضر اللقاء الضيق إضافة الى برنياع، رئيس السي.اي.ايه بيل بيرنز ورئيس وزراء قطر محمد آل ثاني.
وقالت مصادر إسرائيلية مطلعة لـ “إسرائيل اليوم” انه يوجد توقع لتطور إيجابي للمحادثات الليلية تؤدي الى توسيع المفاوضات لتشمل الجانب المصري أيضا ولوفود المفاوضات من كل الوسطاء بما في ذلك إسرائيل في الأيام القادمة في اطار لقاء قمة. وقيل لـ “إسرائيل اليوم” ان المحادثات في قطر تجري في أجواء طيبة. بحث الثلاثة أمس في المنحى الذي عملوا عليه في إسرائيل في الأسابيع الأخيرة منذ تصفية السنوار مع القطريين والمصريين. ويتضمن المنحى إعادة كل المخطوفين وكذا عنصر من المبادرة المصرية الموضعية لتحرير عدد من المخطوفين أولا مقابل هدنة قصيرة نشر عنها أمس.
في حماس يتمترسون
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عرض في مؤتمر صحفي الاقتراح المصري في صفقة جزئية أولية. والى ذلك أفادت قناة “العربية” نقلا عن مصادرها ان حماس ترفض كل اقتراح لوقف نار لا يتضمن انسحابا إسرائيليا من غزة. وحسب التقرير ترفض حماس وقف النار قبل انسحاب إسرائيلي من شمال قطاع غزة ومحوري نتساريم وفيلادلفيا. كما أشار التقرير الى أن المنظمة “ترحب بالاقتراح المصري” لكن لا توجد ضمانات إسرائيلية لمصر.
الضغط على بيروت
والى ذلك تنبغي الإشارة الى أن برنياع قال في مباحثات مغلقة في الأسابيع الأخيرة ان هناك سبيل آخر لدفع حماس نحو الصفة يمر في لبنان وانه ينبغي اشتراط كل وقف نار في الجبهة الشمالية لتحرير المخطوفين. وقال برنياع في تلك المباحثات ان “لإيران وحزب الله توجد قوة كبيرة على حماس، اكثر بكثر من الوسطاء”.
بالمقابل كشف مصدر دبلوماسي لقناة “ام.بي.سي” اللبنانية بان رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري ابلغ القطريين والمصريين بموافقة حزب الله على الفصل بين جبهتي غزة ولبنان وقبول قرار 1701. وحسب التقرير فان الشرط لهذا هو ان يكون جزءً من خطوة متداخلة. وعليه فقد طرحت مسألة لبنان في المداولات في قطر.
وأكد المصدر الدبلوماسي للقناة بانه سيعقد لقاء للمصريين وللقطريين مع حماس فيما ان وفدا امنيا قطريا سيزور بيروت للبحث في المطالب اللبنانية. في هذا السياق أشار المصدر الى أن اللقاء في الدوحة أدى الى تقدم طفيف في مسألة غزة ما يشهد على رغبة حقيقية في الوصول الى صفقة لتحرير المخطوفين.
--------------------------------------------
هآرتس 28/10/2024
في الحرب الاخيرة تم تخفيض ثمن الدم اليهودي باستثناء دم الحريديين
بقلم: روغل الفر
دم الاسرائيليين رخيص. سعر الكثير من المنتجات ارتفع في السنة الاولى للحرب الخالدة، لكن ثمن دم الناس الذين يشترونها في السوبرماركت تم خفضه بشكل كبير، مواطنون وجنود على حد سواء. لم يتم خفضه في نظر العدو، بالنسبة لحماس وحزب الله والحوثيين وايران – دم الاسرائيليين هو بضاعة باهظة الثمن. هم يعطون اهمية كبيرة لكل اسرائيلي قتيل أو مصاب باصابة بالغة ولكل اسرائيلية تم اغتصابها ولكل طفل تم احراقه.
النظام الحاكم هو الذي خفض سعر دم الاسرائيليين، هو الذي فعل ذلك على الفور بعد المذبحة تجاه ضحاياها وواصل ذلك في تعامله مع المخطوفين واستعداده للتضحية بحياة الجنود باسم اهداف سياسية وشخصية لمن قاموا بارسالهم.
لكن النظام ليس وحده في هذا التغيير العميق بالنسبة للمجتمع الاسرائيلي بخصوص الثمن الذي كان مستعد لدفعه بالجنود الذين يعودون من ميدان القتال في توابيت. النظام يحصل على الدعم من الاغلبية الساحقة للجمهور. في المقام الاول في اوساط من سقطوا هم انفسهم، الذين يوضحون الاستعداد للموت في الرسائل التي يتركونها خلفهم، وفي اوساط عائلاتهم. ولكن دعم مشروع الضحية – الانسان هو دعم عليه اجماع في كل قنوات البث الاربع، جميعها “مخيفة” ومسمومة. في الطبقة العميقة، في الرواية الاساسية، في القيم المسلم بها، القناة 14 ليست استثناء.
غيورا آيلاند تساءل في تصريحاته الاخيرة كيف يمكن أن المجتمع الاسرائيلي مر بتغيير متطرف جدا في نظرته للقتلى خلال سنة واحدة فقط: بعد أن كان موت جندي اسرائيلي يعتبر حدث غير شرعي تماما، ودلالة على فشل مهين ومأساة يصعب استيعابها، الآن كل الجمهور طور نوع من تبلد الاحساس تجاه ظاهرة موت الجنود – اصبحت حدث يومي يستقبل بلامبالاة التي ينطوي عليها الحزن الاعتذاري.
آيلاند يفترض أن وقف الحرب سيرمم الحساسية الاسرائيلية المشهورة تجاه كل جندي ومواطن (يهودي)؛ هو يخطيء خطأ كبير. كمدماك رئيسي في الافساد الفاشي للنظرة لحياة البشر، حياة الفرد في اسرائيل تساوي قشرة ثوم، مسموح للنظام أن يدمره ويسحقه ويرسله الى الموت ويضحي به اذا تم اختطافه، ويتخلى عنه ويتوقف عن حمايته. إن دماء الافراد هم يتحملون وزرها، وهي رخيصة جدا.
هنا يجب علينا التحفظ: دم الافراد الحريديين يساوي اكثر بكثير. التخفيض يسري فقط على الآخرين. الفاشية هنا دينية: دم الكفار رخيص ويجب التضحية بهم من اجل الحفاظ على الآخرين، الشعب اليهودي، ولا سيما من يتعلمون التوراة من بينه.
الجنود الاسرائيليون لا حاجة الى حثهم على الذهاب الى ساحة المعركة بتهديد المسدس، كما كان طعام مدافع السوفييت في عهد ستالين. لا أحد يفرض عليهم. ايضا هم يؤمنون بأن دماءهم رخيصة، وهم يتبنون بحماسة مكانتهم. عيون آيلاند لم تتمكن من رؤية أن الحديث هنا لا يدور عن تآكل عاطفي جماعي، بل عن تغيير عميق في النظرة الى العالم: الفرد يحظى بالتمجيد فقط بعد سقوطه في المعركة، وليس خلال حياته.
في نظري معظم الصهاينة – المتدينين، من يسقطون منهم هم صيغة يهودية للشهداء. الباقون يتلقون السقوط في المعركة كعملية بطولة، سامية ومبجلة. لقد تم الغاء التمييز بين “يوجد” و”لا يوجد” خيار. الآن فقط لا يوجد خيار. الحرب الخالدة هي حرب “حتمية”، والتضحية بحياة الفرد من اجل خلود الشعب اليهودي ايضا تعتبر أمر لا خيار فيه. الفرد ينتمي للمجموع، وهو جزء عضوي فيه. ليس له فضاء مناورة شخصية، لا توجد حرية حقيقية لاتخاذ قرار. هذا هو واجبه، وهو يعتبره تحقيقا نهائيا للذات. الحديث يدور عن تغيير جوهري في الشخصية الوطنية.
--------------------------------------------
إسرائيل تقدم عرضاً مفاجئاً لمصر لإعادة تشغيل معبر رفح
28/10/2024
كشفت وسائل إعلام عبرية، اليوم الاثنين، عن خطة قدمتها إسرائيل إلى مصر لإعادة تشغيل معبر رفح البري جنوب قطاع غزة.
ووفقاً لموقع "والاه" الإسرائيلي، تتضمن الخطة التي أعدها جهاز الأمن العام الإسرائيلي الشاباك، إدارة المعبر من خلال ممثلين فلسطينيين وموظفي الأمم المتحدة تحت إشراف إسرائيلي، ليصبح معبراً لحركة الأفراد من وإلى قطاع غزة، بالإضافة لاستخدامه لنقل الوقود من مصر إلى غزة.
وأشارت المصادر إلى أن جميع البضائع ستُنقل عبر معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وقطاع غزة، حيث ستخضع الشاحنات للتفتيش من قبل إسرائيل قبل دخولها إلى القطاع.
وتشمل الخطة الإسرائيلية دمج ممثلين فلسطينيين من غزة لتولي مهام مراقبة الحدود والجمارك في معبر رفح، على أن يتم نقل أسمائهم مسبقاً من مصر إلى إسرائيل للتحقق من خلفياتهم الأمنية، مع حق إسرائيل في رفض أي أسماء.
كما ستشهد الخطة تمركز موظفي الأمم المتحدة على المعبر للإشراف على سير العمل هناك والعمل كحاجز بين الممثلين الفلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي، التي ستغادر المعبر وتكتفي بتأمين المحيط الخارجي لمنع وقوع هجمات.
ويصف الموقع العبري الخطة بأنها "عرض مفاجئ"، حيث ستعمل القوات الإسرائيلية المتمركزة خارج معبر رفح كجهة مراقبة إضافية لضمان عدم مرور عناصر مسلحة من (حماس) بين الداخلين والمغادرين من وإلى غزة.
يُذكر أن مصر سبق ورفضت أي تواجد إسرائيلي في معبر رفح البري.
--------------------------------------------
خُطّة "إسرائيل" لمنع الأونروا من الوصول إلى غزّة
بقلم: باتريك وينتور
صحيفة "ذي غارديان" البريطانية تنشر مقالاً للكاتب باتريك وينتور، يتحدث فيه عن علاقة "إسرائيل" بالأمم المتحدة. بالتزامن مع قرار الكنيست الإسرائيلي الذي يجعلُ من المستحيل على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، العمل في غزّة والضفّة الغربية.
توتّر العلاقات بين الأمم المتّحدة وحكومة "تل أبيب" وصلت إلى الحضيض، بالتزامن مع إقرار مشروع قانون في الكنيست الإسرائيلي يجعلُ من المستحيل على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، العمل في غزّة والضفّة الغربية. ولا يخفى على أحد أنّ وكالة غوث الفلسطينيين المذكورة، لطالما كانت هدفاً لـ "إسرائيل" قبل وقت طويل وسابق بلا ريب، على مزاعمها بأنّ ما يصل إلى 12 من موظّفي "الأونروا" شاركوا في عملية "طوفان الأقصى".
مع ذلك، حظر الوكالة كلّياً عن العمل يحتاج إلى استقطابات سياسية انقلابية قد تستغرق سنوات لعكسها عمليّاً. لكن، من المرجّح أن تكون عواقب ازدراء الأمم المتّحِدة والقانون الدولي، من قبل الحليف الرئيسيّ للولايات المتّحدة في الشرق الأوسط، طويلة الأمد وعميقة.
في إطار حشد الدعم لمشروع القانون الإسرائيلي الجائر، اتّهم وزير الدفاع السابق بيني غانتس "الأونروا"، بأنّها جزء من آليّةِ حركة "حماس"، و" الآن حان الوقت لفصل دولتنا عنها". وتعدّ الدول الغربية "الأونروا" أفضل هيئة مُتاحة لتقديم المساعدات والتعليم والصحّة للفلسطينيين، وإذا استطاع الكنيست إغلاق المنظّمة، فمسألة كيفيّة توجيه المساعدات إلى 2.4 مليون شخص في غزّة والضفّة الغربية ستصبح شبه مُستحيلة.
الأزمة وشيكة الوقوع. وعلى الرغم من أنّ هذا التوجّهَ أُدين على نطاق واسع من سُفراء من 123 دولة عضو في الأمم المتّحدة، إلّا أنّ الولايات المتّحدة هي الدولة الوحيدة التي يمكنها ثني "الدولة" الصهيونية عن الأمر، أو لإعادة التفكير فيه مُجدّداً على الأقلّ. وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، قد أصدرا رسالة مُشتركة يحذّران فيها "إسرائيل"، من أنّ "سنّ هذه القوانين والقيود من شأنه أن يدمّر الاستجابة الإنسانية في غزّة في هذه اللحظة الحرجة، ويحرم عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس من الخدمات التعليمية والاجتماعية الأساسية". وصدر البيان على الرغم من أنّ الكونغرس الأميركي لم يوافق بعد على إعادة تمويله "الأونروا"، على عكس مُعظم حلفاء واشنطن الغربيين.
يقول "مركز عدالة" لحقوق الفلسطينيين في "إسرائيل"، إنّ مشاريع القوانين هذه ستدخل حيّز التنفيذ بعد إقرارها بـ 3 أشهر. وهي ستشكّل خرقاً لأوامر محكمة العدل الدولية، التي سبق أنّ طلبت من "تلّ أبيب" التعاون مع الأمم المتّحدة بشأن تسهيل الإمدادات الإنسانية للفلسطينيين، لا أن تمنع الوكالة من أيّ تمثيل لها ومن تقديم أيّ خدمات، أو أن تقوم بأيّ أنشطة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة. ومن شأن ذلك أن يؤدّي إلى إغلاق مقرّ "الأونروا" في القدس الشرقية، ومنع التأشيرات عن موظّفيها.
ومن المفارقات أنّه قبل عملية "طوفان الأقصى" وبعدها، كانت العلاقة بين "الأونروا" و"إسرائيل" علاقة ضرورية، حيث قامت الوكالة بأعمال الإغاثة التي يجب أن تقوم بها قوّة الاحتلال نفسها. وعلى هذا النحو، فقد حملت الوكالة عبئاً كبيراً عن "إسرائيل".
كذلك، أصدر المدير العامّ للوكالة الأممية فيليب لازاريني، قرارات حاسمة من خلال فصل الموظّفين المتّهمين زوراً بالمشاركة في "طوفان الأقصى". لكنّ "إسرائيل" لم تبذل أيّ جهود جدّية لإيصال المساعدات عبر طرق بديلة إلى قطاع غزّة المنكوب. وهذا إثبات صارخ لعجزها عن إنجاز أيّ من أعمال وكالة الأونروا" الأممية.
ولكن، كما هي العادة، تصرّ "إسرائيل" على أجندتها لتغيير قواعد اللعبة السياسية، بالانخراط أكثر في معاداة مع ما تعده تدخلاً من الأمم المتّحدة في شؤونها.
لا شكّ، في أنّ جذور التوتّرات بين الأمم المتّحدة و"إسرائيل" كانت عميقة دائماً. ولطالما اتّهمت "تلّ أبيب" المرجعية الأممية بأنّها مركز "معاداة السامية" مُنذ العام 1984، وكان نتنياهو قد عدّ نفسه سفيراً لـ "إسرائيل" لديه مهمة إضاءة شمعة الحقيقة في بيت الأمم المتّحدة "المظلم". وفي عام 1987، أعرب الدبلوماسي البريطاني بريان أوركهارت، وكيل الأمين العامّ السابق للأمم المتّحِدَةِ للشؤون السياسية الخاصّة، عن أسفه بسبب تشويه صورة المنظّمة الدولية في قضية فلسطين، وعرض سمعتها وهيبتها كما لم يحدث قطّ مُنذ تأسيسها.
كذلك، في تصريح أدلى به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل نحو أسبوعين، قال إنّ "إسرائيل" يجب أن تلتزم بقرارات الأمم المتحدة، لأنها المرجعية التي أنشأت "إسرائيل" في عام 1947، وهي ملاحظة أدّت إلى سيل من الانتقادات من نتنياهو والجماعات اليهودية الفرنسية.
ودافع جيرار آرو، السفير الفرنسي السابق لدى الأمم المتحدة عن ماكرون،وقال إنّ "رد الفعل على تصريحات الرئيس كان مذهلاً، لأنه حقيقة لا يمكن إنكارها بأنّ إنشاء "دولة إسرائيل" كان بموجب القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر في العام 1947".
هذا التصوّر عن إنشاء "الدولة" الصهيونية منح الأمم المتحدة إحساساً خاصّاً بالمسؤولية، لتصحيح ما تعدّه العديد من الدول الأعضاء خطيئة كبرى. وعلى النقيض، بالنسبة إلى العديد من الإسرائيليين من البغيض أن يحتاجوا ليكونوا ممتنّين أو حتّى محترمين أمام الأمم المتّحدة، التي تحاول تخفيف مُعاناة الفلسطينيين التي ساهمت في صنعها، كما تدرك معظم الدول في العالم، خصوصاً بعد توسّع الأمم المتّحدة بعد الحرب العالمية الثانية وتنامي الحركة المناهضة للاستعمار التي أرادت تثبيت كيان الاحتلال كـ"دولة" طبيعية، بإصدار قرار في الأمم المتّحدة في العام 1975 بأغلبية 72 صوتاً مُقابل 32 صوتاً، يُلغي إعلان الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية. ومُنذ ذلك الوقت، احتكرت الولايات المتّحدة إدارة الصراع بشكل متزايد، تاركة للأمم المتّحدة مشاهدة الأحداث وكمنصّة لتمرير القرارات الخاطئة.
سيذكرُ هذا العام باعتباره الوقت الذي حاولت فيه الأمم المتّحدة إعادة الاعتبار لمؤسّستها كمنظّمة عالمية، تحمي سيادة القانون الدولي وتواجه "دولة" تعتقد أنّها تخوض معركة وجودية ضدّ العالم أجمع.
لقد وجدت محكمة العدل الدولية في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، لأوّل مرّة أنّ "إسرائيل" مسؤولة بشكل معقول عن ارتكاب إبادة جماعية، ثمّ أتبعت ذلك 3 أوامر إضافية توجّه حكومة نتنياهو لتسهيل تقديم المساعدات من دون عوائق على نطاق واسع في غزّة. وفي شهر تمّوز/يوليو الفائت أيضاً، وفي قضيّة طال أمدها في أدراج العدالة الدولية، أصدرت المحكمة رأياً استشارياً، ولكن لافتاً اعتبر "إسرائيل" تنتهك القانون الدولي باحتلالها الضفّة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزّة منذ العام 1967. وفي 18 الشهر الماضي، صوّتت الجمعية العامّة للأمم المتّحدة بأغلبية 124 صوتاً مقابل وامتناع 43 عضواً عن التصويت، على تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية الذي يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية في غضون عام.
لقد قاومت "إسرائيل" وحظرت مُنذ فترة طويلة معظم الأمناء العامّين للأمم المتّحدة، لكنّها تجرّأت على خطوة جديدة عندما أعلنت أنّ أنطونيو غوتيريش، شخصاً غير مرغوب فيه في "إسرائيل"، وعدّته مُجرماً لأنّه لم يدن إيران لشنّها هُجوماً صاروخيّاً عليها، ولأنّه أثار غضبها لقوله عن الهجوم الذي وقع في 7 تشرين الأوّلِ/أكتوبر في العام الماضي، لم يحدث من فراغ، ولوصفه الأفعال الإسرائيلية التي ترتكب في غزّة بأنّها أسوأ ما رآه في فترة ولايته في المسؤولية الدولية الرفيعة.
وفي الشهر الفائت، ألقى نتنياهو خطاباً أمام الجمعية العامّة للأمم المتّحدة. ولم يذكر غوتيريش بالاسم شخصيّاً، لكنّه وصف الأمم المتّحدة بأنّها "مستنقع من الكراهية المعادية للسامية"، وأنّ الأمم المتّحدة التي يقودها غوتيريش هي "مؤسّسة كانت تحظى بالاحترام في السابق وحقيرة الآن في أعين الناس المحترمين في كلّ مكان، ومجلس حقوق الإنسان هو مجلس لحقوق الإرهاب".
لا تخوض "إسرائيل" معركة في القاعات الدبلوماسية فحسب، بل على الأرض أيضاً في شنّ الحرب على غزّة ولبنان. ومثلما اتّهَمت "الأونروا" بالتحيّز وعدم الكفاءة، وجّهَت اتّهامات مُماثلة ضدّ قوّة حفظ السلام التابعة للأمم المتّحدة في جنوب لبنان.