• الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 18/10/2024 العدد 1134
    2024-10-19

     الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

    افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

     

     

     

    يديعوت أحرونوت 18/10/2024

     

     

    اللحظات الاخيرة لزعيم حركة حماس يحيى السنوار قبل اغتياله

     

     

    بقلم: يوآف زيتون

     

    المواجهة التي تم فيها تصفية زعيم حماس يحيى السنوار أمس (الأربعاء) جزءًا من نشاط الجيش الإسرائيلي المستمر لتحديد وتدمير الأنفاق في رفح، حيث قُتل السنوار جراء انهيار المباني عليه نتيجة قذائف من دبابة ميركافا وقذائف من دبابة مارك 4 للواء 460 وصاروخ ماتادور من صنع رافائيل.

    كشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت كولونيل دانييل هاغاري، عن تسجيل للسنوار من الطائرة بدون طيار التي تم إرسالها لتفتيش المبنى الذي كان يختبئ فيه، حيث شوهد زعيم حماس جالسًا ملثمًا في زاوية الغرفة ممسكًا بعصا يحاول رميها على الطائرة بدون طيار لإسقاطها.

    واضاف هاغاري أن “مقاتلي الجيش والشاباك عملوا منذ أشهر على جلب معلومات استخباراتية من أجل القضاء على يحيى السنوار، زعيم منظمة حماس وأحد مؤسسي الذراع العسكرية. واختبأ السنوار في منطقة حاصرتها قوات الجيش لفترة طويلة، لم نكن نعلم بوجوده، عثرت القوات على السنوار وبحوزته سترة ومسدس و40 ألف شيكل نقدا. وأوضح هاجاري: “لم يكن هناك رهائن مع المسلحين الذين قضينا عليه.

     

    هكذا تم القضاء على يحيى السنوار

     

    الحادثة التي قُتل فيها السنوار بدأت يوم أمس حوالي الساعة 10:00 صباحًا، عندما رصد جندي من الكتيبة 450 شخصًا مسلحا في أحد المباني وهو يدخل ويخرج، وأبلغ اللواء الذي أمر على الفور بإطلاق القذائف على المبنى وتطويق المنطقة، وفي الساعة 3:00 بعد الظهر، حددت القوات، بطائرة بدون طيار، ثلاثة أشخاص يغادرون المبنى ويحاولون الانتقال من منزل إلى منزل والقفز بين المباني لتضليل المقاتلين، كعادة حماس في تحركات عناصرها فوق الأرض.

    وتقدم المسلحون بضع خطوات أمام السنوار لفتح المنطقة أمامه، اطلقت قوات الكتيبة 450 النار على الثلاثة وتفرقوا: هرب اثنان إلى أحد المباني، بينما صعد السنوار إلى الطابق الثاني من المبنى الذي كان يقيم فيه، وأطلقت القوة النار على دبابة انفجرت إحداهما ولم تنفجر الأخرى. أرسلت طائرة بدون طيار إلى المبنى، حيث رصدت شخصًا ملثمًا مصابًا يجلس في الغرفة، ويمسك عصا، ويحاول، ربما بما تبقى من قوة، إسقاط الطائرة بدون طيار. وتم إجراء المسح التالي للمبنى صباح اليوم، عند أول ضوء، حيث تعرف المقاتلون على جثة ذات وجه مألوف، ثم بدأت عملية التعرف على الهوية.

    وقال الجيش: “كنا نعرف الموقع التقديري للسنوار مع مرور الوقت، على الرغم من مستوى التعتيم العالي الذي طبقته حماس بشأنه. كنا نعلم أنه كان أيضًا في رفح وكنا منخرطين في استخراج مترو الأنفاق في رفح لفهم مكان وجوده”. قبل عدة أسابيع، وفي عملية مماثلة تحت الأرض، في نفق على بعد مئات الأمتار من نفق الخاطفين، عثرنا على غرفة بها العديد من النتائج التي كشفت أن السنوار كان بالفعل في نفس المجمع. ولم نعلم”. وحتى الليلة الماضية، إذا هرب السنوار إلى خان يونس، فهذا إنجاز كبير يجب أن يترجم أيضًا إلى إنجاز استراتيجي”.

    في هذه المرحلة، يقوم الجيش الإسرائيلي بالتحقق من هوية المسلحين اللذين كانا مع السنوار، ولا يوجد حتى الآن تأكيد على أنه قائد في حماس. وذكر الجيش الإسرائيلي أن “حماس تمكنت من السيطرة حتى عندما انقطع الاتصال بالسنوار”. هناك عناصر أخرى في حماس لديها اتصال منظم، وهم يعرفون ماذا يحدث إذا مات أحد في القيادة وماذا يجب عليهم أن يفعلوا. وهناك حماس في الخارج اضافة الى شقيقه محمد الذي لازال مسيطرا على الارض على عناصر حماس.

    خلال المواجهة التي وقعت الليلة الماضية والتي قُتل فيها السنوار، أصيب مقاتل من الكتيبة 450 (قادة فصائل التدريب) بجروح خطيرة، برصاص المسلحين اللذين فرا إلى المبنى المجاور. وتم نقل المقاتل إلى مستشفى سوروكا، حيث يرقد حاليا في وحدة العناية المركزة. وبحسب ما ورد فإن حالته مستقرة ويعاني من طلق ناري في الجزء العلوي من الجسم. وقال والد المقاتل إن قادة ابنه وصلوا وكرروا له تسلسل الأحداث في الميدان، وقال إن “ابني كان أول من صادفه، فهاجموه، ثم أصيب برصاصة. وما زال لا يتكلم، ويتواصل معنا بيديه”.

    وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي رسميًا أن السنوار قُتل في قطاع غزة الليلة الماضية، في عملية في حي تل السلطان بمدينة رفح. وجاء في عنوان الرسالة التاريخية: “زعيم حركة حماس والشخص المسؤول عن مذبحة 7 أكتوبر تأكدت وفاته بعد الانتهاء من عملية التعرف على الجثة.

    قوات الاحتلال تقوم بنقل جثمان السنوار من مكان الاغتيال في رفح

    وذكر الجيش الإسرائيلي والشاباك أنه “تم القضاء على السنوار بعد عام اختبأ فيه في قلب السكان المدنيين في غزة، وتحت الأرض في أنفاق حماس. ونفذ الجيش عشرات العمليات والشاباك في العام الماضي، وفي الأسابيع الأخيرة في المنطقة التي تم تصفيته فيها، قلص من مساحة نشاط يحيى السنوار الذي طاردته القوات، وأدى إلى القضاء عليه”.

    أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بيانا مسجلا مساء اليوم بعد اغتيال السنوار، قال فيه إن “الشخص الذي ارتكب أفظع مذبحة في تاريخ أمتنا منذ المحرقة قد تم القضاء عليه. لقد تلقى الشر ضربة قاسية، لكن المهمة التي أمامنا لم تكتمل بعد”. وخاطب سكان غزة والمسلحين الذين يحتجزون الرهائن: “السنوار دمر حياتكم، إن موته الذي أصابه الذعر من جنودنا يشكل علامة فارقة هامة في سقوط حكم حماس الشرير.

    --------------------------------------------

     

    يديعوت 18/10/2024

     

     

    الخلفاء المحتملون للسنوار لقيادة حركة حماس

     

     

    تولى يحيى السنوار رئاسة حركة حماس لمدة 72 يومًا. وتم تعيينه في هذا المنصب بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران، وهي عملية اغتيال نسبت إلى إسرائيل. لقد فاجأ تعيينه عددًا لا بأس به من الناس، لكن إقصائه يمكن أن يلتهم الأوراق بالفعل.

    تشمل قائمة الخلفاء المحتملين لقيادة حماس العديد من كبار أعضاء المنظمة – جميعهم تقريبًا يعيشون في قطر أو في دول أخرى. أحد المرشحين الرئيسيين هو بالفعل من غزة، لكن البقية هم من كبار القادة السياسيين في الخارج، مما يشير إلى أن اغتيال السنوار قد يعيد السلطة إلى مسؤولين كبار في الخارج – بعد سنوات عديدة كانت فيها الميزان مرجحة لصالح كبار سكان غزة، وهو ما قد يساعد في دفع المفاوضات نحو وقف إطلاق النار.

    وزعم مصدر مقرب من قيادة حركة حماس أن “السنوار كان قائدا شاملا – يرفع ويقيل شخصيات في الحركة متى شاء، وسيطر على القرارات بشكل متطرف – وظهر ذلك عندما تولى منصب القائد العام”. وكان التواصل معه صعباً ومعقداً ومتقطعاً في بعض الأحيان”.

    بعد اغتيال إسماعيل هنية، استغرق الأمر ستة أيام حتى أعلنت حماس أن السنوار سيصبح رئيس المكتب السياسي للحركة. وفي تلك الأيام، انتشرت تقارير مختلفة مفادها أنه سيتم تعيين رئيس مجلس شورى حماس أيضاً كبديل – على الأقل مؤقتاً – ولكن تبين أنها كاذبة. ومن المفترض أن يكون الخليفة المحتمل للسنوار مقبولا لدى القيادة في الخارج، وربما قريبا أيضا من إيران إلى حد ما، في انتظار قرار مجلس شورى التنظيم، الذي يجري مشاوراته بالفعل

    خلفاء السنوار المحتملين:

     

    خالد مشعل

     

    الشخص المرشح مجددا هو خالد مشعل، الذي يعتبر من أقوى الشخصيات في المكتب السياسي لحماس، لكن وجهات نظره تختلف عن آراء السنوار – أيضا في ما يتعلق بالعلاقة مع إيران. ويرأس مشعل حاليا المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، وتولى قيادة الحركة  لمدة 21 عاما، من عام 1996 إلى عام 2017، وعندما قرر إنهاء منصبه، حل محله اسماعيل هنية، في عام 2021، تم انتخاب مشعل مرة أخرى زعيما للحركة في الخارج .

    اتهم مشعل الشهر الماضي في الولايات المتحدة بالتورط في مجزرة 7 أكتوبر . وكان يعيش حياة مرفهة في قطر، وقدرت ثروته في الماضي بأربعة إلى خمسة مليارات دولار.

    جرت في الأيام الأخيرة جولة من المقابلات بمناسبة ذكرى مذبحة 7 أكتوبر. وفي إحدى المقابلات، أثار مشعل ضجة عندما ادعى أن خسائر حماس “تكتيكية”، بينما خسائر إسرائيل “استراتيجية” – خاصة على الساحة الدولية. وقد تلقى انتقادات من سكان غزة، وكذلك من أعضاء قيادة فتح، الذين أعطوا انطباعاً فعلياً بأن هناك من يقترب بشكل معين من مشعل بعد تصفية هنية. وعن عملية الاغتيال تلك، قال مشعل -ربما عن طريق الخطأ- إن “إيران قتلت إسماعيل هنية في طهران” .

     

    خليل الحية

     

    خليل الحية، نائب يحيى السنوار، غادر قطاع غزة قبل 7 أكتوبر – ويعتبر منذ ذلك الحين أحد كبار القادة الذين يديرون مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن نيابة عن حماس أيضًا ويتمتع بعلاقة جيدة مع إيران – حيث وصل بعد تصفية هنية للمشاركة في جنازته، وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الحية كان ضمن “المجلس العسكري المحدود” الذي شكله يحيى السنوار. عامين، للتخطيط لهجوم 7 أكتوبر – وكان أيضًا المبعوث الخاص للمحادثات السرية التي جرت حول هذا الموضوع مع إيران وحزب الله.

    وبحسب مصدر في غزة، فإن حظوظ الحية كبيرة في تعيينه رئيسا للمكتب السياسي. وزعم المصدر أن “السنوار قام بتدريبه على هذا المنصب وجعله قريبا جدا من العناصر الإيرانية التي تدعم حماس”. “قوة الحياة اليوم في المكتب السياسي واضحة، ويعتبر من الوحيدين في المكتب السياسي الذين يثق بهم السنوار”.

    وقبل ستة أشهر أشار الحيه إلى أن حماس لن توافق على صفقة ما دامت الحرب لم تنته. وقال “اذا لم نتلق وعدا بانتهاء الحرب فلماذا أوافق على تسليم المختطفين؟” وفي المقابلة نفسها مع وكالة أسوشييتد برس، ادعى الحية أن الجيش الإسرائيلي لم يكن قادرًا على تدمير حتى 20% من قدرات حماس في ذلك الوقت، وقال ردًا على سؤال عما إذا كان نادمًا: “الحل هو التوصل إلى اتفاقات”. بعد مجزرة 7 أكتوبر، أجاب بأنه لا يفعل ذلك -رغم الدمار في قطاع غزة: “لنفترض أنهم يدمرون حماس. هل سيختفي الشعب الفلسطيني؟”.

     

    موسى أبو مرزوق

     

    شغل منصب نائب هنية عندما كان رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس ويعتبر من كبار المسؤولين في الذراع السياسي للحركة، عاش لسنوات طويلة في الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين يتنقل بين عدد العواصم العربية، في العام الماضي، شارك في سلسلة من المقابلات في جميع أنحاء العالم – بما في ذلك المقابلة التي قال فيها إن الأنفاق التي بنيت في غزة تهدف إلى حماية حماس، وليس سكان قطاع غزة. وقال “إنها مسؤولية الأمم المتحدة حمايتهم”.

    لعب أبو مرزوق أيضًا دورًا مهمًا في المفاوضات بين إسرائيل وحماس. وعلى عكس مشعل، فهو في الواقع لا يعتبر “تهديدا” يتمتع بشخصية كاريزمية ومؤثرة، وقد صعد إلى المسرح والأضواء في مناسبات عديدة. ويعتبر أبو مرزوق أيضاً رجلاً ثرياً عاش حياة مترفة. وفي شهر يوليو/تموز شارك في قمة انعقدت في الصين مع المسؤول الكبير في فتح محمود العالول، وفي نهايتها وقعت حماس وفتح على اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية ـ وهو الاتفاق الذي لم يتم تنفيذه، وربما لن يتم تنفيذه.

     

    مرشح “القش”؟

     

    في أغسطس/آب، بعد اغتيال هنية وقبل تعيين السنوار رسمياً، ترددت في شبكات سعودية أن الشخص المتوقع أن يكون رئيس المكتب السياسي لحماس هو محمد إسماعيل درويش “أبو عمر حسن” الذي يشغل منصب رئيس مجلس الشورى لحركة حماس. اتضح عدم صحة تلك الانباء، واصبح السنوار رئيسا للحركة. وكشفت حماس عن صورة رئيس مجلس الشورى التابع لها في اجتماع مع زعيم الجهاد زياد النخالة في أغسطس الماضي، بعد حوالي أسبوعين من انتخاب السنوار.

    الشخص الذي ليس من المتوقع أن يحل محل السنوار كرئيس للمكتب السياسي – لكنه ربما تولى بالفعل الذراع العسكري لحماس بدلا من محمد الضيف هو محمد السنوار، الأخ الأصغر ليحيى السنوار. ويعتبر محمد السنوار من المقربين لأخيه، ومن القلائل الذين عرفوا مكان وجوده في القطاع.

    ويترك يحيى السنوار وراءه دورا آخر هو زعيم حماس في غزة. ووفقا للتقديرات، قد يكون محمد السنوار أحد الخلفاء، لكنه ذكر أيضا أن مرشحا محتملا آخر هو قائد لواء غزة عز الدين حداد. وهو أحد القلائل الذين نجوا من بين القيادة العليا (هيئة الأركان العامة) لكتائب عز الدين القسام.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 18/10/2024

     

     

    اجتياح مخيم اللاجئين الفوار تحول الى حملة تنكيل سادية

     

     

    بقلم: جدعون ليفي

     

    كانت تلك ليلة لن يتم نسيانها بسرعة في مخيم اللاجئين الفوار. مخيم بعيد في جنوب الخليل، الأقل عنف من بين مخيمات اللاجئين، لا توجد فيه كتائب مسلحة مثلما في المخيمات في لشمال، مخيم فرضت عليه إسرائيل حصار جزئي منذ بداية الحرب – نسبة بطالة تقريبا شبه كاملة بسبب منع العمل في إسرائيل – واضطر الى رؤية اقتحامات متكررة من قبل الجيش. الاقتحام في مساء 19 أيلول لن ينسى في المخيم بسرعة. فقد كان الاقتحام الأكثر إجراما. حقيقة في هذه المرة لم يقتل أي أحد، لكن سلوك الجنود كان عنيفا واحيانا ساديا بشكل خاص، كما قال السكان الذين تحدثنا معهم في هذا الأسبوع.

    بعد مرور يوم غادرت القوات المخيم وهي تحمل الغنائم – ثلاثة معتقلين فقط. بعد أن تم اطلاق سراح معظم الشباب الذين تم اعتقالهم والتحقيق معهم في الليل وفي اليوم التالي من الاعتقال العبثي. الاعتقال العبثي والاقتحام العبثي استهدفت كما يبدو بالأساس التنكيل بالسكان واستعراض القوة، وربما أيضا تشغيل الجنود الذين يحسدون زملاءهم في غزة والذين يمكنهم فعل كل ما يخطر ببالهم ويعطونهم الشعور بأنهم يخدمون “خدمة مهمة”. يصعب ايجاد تفسير مقنع اكثر لاقتحام مخيم الفوار. المدخل الرئيسي للمخيم من شارع 60 عليه بوابة حديدية منذ بداية الحرب. أحيانا الجنود يمنعون أيضا الدخول سيرا على الاقدام. نحن وصلنا هذا الأسبوع الى المخيم عبر مدينة يطا. لقد ساد ما يشبه الروتين في الشارع الرئيسي للمخيم: مئات الأولاد في طريق العودة من المدرسة، الحوانيت مفتوحة، السكان يسيرون هنا وهناك. ولكن هذا مشهد مضلل. وراء كل ذلك يختفي يأس كبير. معظم الرجال في المخيم هم عاطلون عن العمل منذ اكثر من سنة. الإهانة في مساء 19 أيلول فقط زادت هذا اليأس.

    محمد أبو هشهش، اعزب عمره 52 سنة وقضى 11 سنة في السجن الإسرائيلي، هو رئيس حركة فتح في المخيم والمختار. أي ضائقة لأحد السكان تصل اليه. “الاونروا” تقدم هنا فقط منحة تبلغ 250 شيكل في الشهر، للعائلات المحتاجة فقط، باستثناء رواتب موظفيها من المعلمين والعاملين في جهاز الصحة. موظفو السلطة الفلسطينية تم تقليص رواتبهم مؤخرا بسبب وضع السلطة. أبو هشهش يحاول المساعدة وهو لا يذكر أي ضائقة اقتصادية كهذه الضائقة في المخيم.

    أبو هشهش شخص لطيف ويتحدث العبرية بطلاقة، وقد تجول معنا بهدوء سيرا على الاقدام في شوارع المخيم وكأننا في تل ابيب. محطة الوقود الخاصة التي يمتلكها على الشارع الرئيسي في المخيم اضطر الى اغلاقها في السنة الأخيرة بسبب الاغلاق الجزئي. الشباك يكثر من الاتصال به ويطلب منه التعهد بمنع رشق الحجارة على سيارات المستوطنين في شارع 60. “هل الشباك يمكنه منع رشق الحجارة؟ كيف يمكنني التعهد بعدم رشق الحجارة من قبل الأطفال؟”، قال لهم وقال ذلك لنا أيضا. “نحن لا نثق بالحرب، لكن شاهد التلفاز. مساء أول أمس احترق أطفال في مستشفى في غزة. هذه حرب ضد الأطفال. كيف يمكنني قول للأولاد هنا أن لا يرشقوا الحجارة. هم يرون ما يحدث في غزة”. قبل أسبوعين قام الجنود باقتحام بيته وضربه، بعد أن طلب رجل الشباك منه بأن يأتي الى مكتبه في الرابعة فجرا وهو رفض ذلك.

    قبل اندلاع الحرب قتل هنا سبعة اشخاص على يد الجيش. عامل النظافة يحيى عواد قتل بعشرات الرصاصات التي اطلقت عليه بعد أن حاول الهرب من امام الجنود. فيلم فيديو يظهر الفتى وهو يهرب للنجاة بحياته وصليات شديدة تلاحقه. وقد ترك وراءه زوجة وولدين صغيرين. الباحثة في “بتسيلم” منال الجعبري أحصت تقريبا مئة ثقب للرصاص في الجدران في مكان الحادثة، امام دكان بيع الهواتف المحمولة في المخيم. الجعبري وباحث آخر في المنطقة هو باسل العذرا قاما أيضا بالتحقيق في احداث 18 – 19 أيلول.

    “في السابق كان الجنود يحترمون كبار السن والأولاد والنساء”، قال أبو هشهش. “الآن هم لا يحترمون أي أحد، لا يحترمون أي شخص فلسطيني”. في 18 أيلول قام الجيش باقتحام المخيم في العاشرة ليلا. الجنود خرجوا منه فقط بعد ظهر اليوم التالي. طوال هذا الوقت جميع السكان كانوا محتجزين في بيوتهم.

    شقيق محمد، ساري، يجلس على اريكة في بيت شقيقه محمد الجميل الموجود على الشارع الرئيسي في المخيم، وهو مكسور. ساري فقط 30 كغم من وزنه في الأشهر الأخيرة. ساري ابن 45 سنة اطلقت عليه النار في كانون الأول الماضي على يد الجنود وأصيب في بطنه، في الوقت الذي كان يجتاز فيه الشارع في الليل. هو قال إنه ذهب الى البقالة قبالة البيت ولم يكن يعرف أنه يوجد جيش في المخيم. الآن هناك كيس مربوط ببطنه وهو ينتظر اجراء عملية جراحية أخرى. الاخوان اللذان شاهدا كل شيء يغضبان مما حدث في 19 أيلول ليلا. محمد يقدر أن الجنود اقتحموا خمسين بيت في المخيم، 19 من بينها لابناء عائلة أبو هشهش الكبيرة. حسب قوله، قاموا بتحطيم الأبواب والنوافذ وقلب الشقق وضرب سكانها. وقال إنهم نكلوا بابن شقيقه بشكل خاص، محمد عبد الله أبو هشهش، طالبت عمره 20 سنة. “هو شاب لطيف ولم يفعل أي شيء”، قال رئيس فتح. هذا الأسبوع خجل من الالتقاء معنا، لكن عمه محمد قال لنا ما فعلوه به. الجنود اجبروه على الاستلقاء على بطنه على أرضية الحمام في بيته، وقاموا بإدخال السكر والفلفل في مؤخرته.

    بيت عائلة محمد الخطيب، وهو من سكان المخيم وعمره 75 سنة، قام الجنود بافراغه واخلوه من سكانه العشرين وحولوه الى مركز مرتجل لتحقيقات الشباك. الى هناك احضر الجنود الغنائم – 30 معتقل، من اجل التحقيق معهم.

     

    فقط دمية

     

    أيضا في البيت التالي الذي قمنا بزيارته في هذا الأسبوع هم أيضا لن ينسوا تلك الليلة. هذا بيت هيثم جنازرة، 56 سنة، أب لستة أولاد، ابنته بيلسان (26 سنة) هي خريجة الاكاديميا العسكرية وتخدم كضابطة في المخابرات الفلسطينية. هي أيضا كانت في البيت في تلك الليلة، مع الأم المريضة والأب الذي يتحدث العبرية والذي عمل حتى الحرب كنقاش وخبير في اعمال الجبص في بئر السبع. أيضا بيتهم قام الجنود باقتحامه في الرابعة فجرا. هم يصفون كيف أن الجنود أمروا الجميع بالدخول الى بيت العم في الطابق الأرضي، وقد كانوا حوالي 20 شخص. محمود (24 سنة) اقتادوه الى المطبخ وقاموا بضربه، ضمن أمور أخرى، على أعضائه التناسلية، هو لم يتمكن من الوقوف بعد ضربه. أبناء العائلة حاولوا الشرح للجنود بأن الأم هناء، 54 سنة، مريضة وأنها تتعافى بعد اجراء عملية، لكن بدون فائدة. هي أيضا اجبروها على الجلوس على الأرض. وحسب قول أبناء العائلة فقد قام الجنود برمي ادويتها في سلة القمامة أمام أعينها.

    أيضا هنا بحثوا عن بندقية، ولم يجدوا إلا بندقية لعبة. الأم قامت بالصلاة على الأرض، لكنهم أمروها بأن تقف. بيلسان قالت إن نظرة الجنود اليها كانت مخيفة. “شعرت أن هناك شيء غير جيد في نظراتهم”. الأم حاولت التدخل ولكن الجندي اسكتها، هذا كان بعد أن فصلوا الرجال عن النساء في غرفتين منفصلة. بيلسان سمعت أنهم ينادونها بـ “المزة”. “الحمد لله أنني لم اسمع ذلك”، قال الأب بالعبرية. “لم نكن لنصمت على أمر كهذا. أنا جلست ثلاث ساعات ونصف على ركبي، تقريبا كدت أموت. بدأت أتعرق بشكل لم اتعرق فيه في حياتي وحتى اثناء العمل في بئر السبع”. أيضا هنا تحدث أبناء العائلة عن الضرب.

    المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي قال في هذا الأسبوع ردا على ذلك: “قواتنا عملت في شهر أيلول في عملية لإحباط نشطاء إرهاب واعتقالهم في مخيم الفوار للاجئين. الادعاءات التي طرحت غير معروفة للجيش. عندما تصل شكاوى يتم فحصها كما هو معتاد”.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 18/10/2024

     

     

    ما الذي تريده إسرائيل؟ بدون جواب، الحرب لن تنتهي

     

     

    بقلم: كارولينا ليندسمان

     

    كلما طالت الحرب، حتى بعد أن تبين بأن قوات الجيش الإسرائيلي في غزة قتلت أمس زعيم حماس يحيى السنوار، فان سؤال “ما الذي تريده إسرائيل” اصبح اكثر قسوة على الحل من السؤال الخالد “ما الذي تريده المرأة”. ومقولة إسرائيل الجيدة هي القول بأن إسرائيل تريد فقط العيش بأمان. كل من يحاول في هذه المرحلة من المحادثة أن يقول شيء عن سلوك إسرائيل في عهد نتنياهو – استمرار الاحتلال، تعميق مشروع الاستيطان والاستيلاء على الأراضي، الجمود السياسي المتعمد – الذي يعلمنا الرغبة التي تتجاوز التوق “المتواضع”، “فقط العيش بأمان”، سيتم ارساله الى مشاهدة مقاطع الفيديو في 7 أكتوبر.

    أنت لا يمكنك تجاهل أن إسرائيل محاطة بالاعداء، الذين بعضهم يعلنون بشكل علني بأنهم يريدون القضاء عليها. لماذا بالضبط كل هذه الانفاق التي تم حفرها في لبنان، وهل قرأت ميثاق حماس وشاهدت اللافتة المعلقة في ايران مع الساعة الرملية حتى تدميرنا. نعم كل ذلك صحيح. يوجد في الخارج شخص يحمل سكين بين اسنانه. ولكن ماذا يوجد بين اسناننا نحن الاسرائيليون؟ هل نحن نرى انفسنا؟ هذا سؤال مهم بالأحرى على خلفية حقيقة أن ما نفعله لا نراه. الأكثر من ذلك هو أننا لا نريد أن نعرف. لدى خائبي الأمل أصبحت اللامبالاة بما تفعله إسرائيل في غزة صفة مميزة. الامر يبدو وكأنهم ادركوا ميلهم الى رؤية “الآخر” كبشر مثلنا بالضبط – الذين يعيشون بدرجة كبيرة حياة طبيعية ويشعرون بالقلق على سلامة أولادهم ويعملون بجدية من اجل السلام – كنقطة عمياء لهم واطفأوها. ماذا اكتشف خائبو الأمل في 7 أكتوبر؟ أن “الآخر” ليس أنا. ما هو الاستنتاج؟ أن “الآخر” سيدفع الثمن لأنه خدعني كي أصدق بأنه أنا.

     

    خائب الأمل هذا عندما استيقظ فقد أراد القضاء على الشاهد على عماه الذاتي. بهذا المعنى فان اللامبالاة لهذا الذي استيقظ هي عمل نشط، أي لامبالاة ليست مبالية. لامبالاة متحدية: لا يهمني اذا كان اولادك يُقتلون. 

    ما الذي تقولينه حقا. ما أقوله، لغرض مناقشة محدثي، الذي استيقظ، هو أن طموحنا يجب أن يكون على خلفية الصورة المركبة: الآخر ليس بالضرورة أن يكون أنا. وأيضا أنا ليس بالضرورة أن أكون أنا.

    يقولون نحن “فقط” نريد العيش بأمان؟ هاكم مثلا دعوة من قبل الليكود – نعم الليكود حزب السلطة وليس اليمين المتطرف، أو الكهاني ايتمار بن غفير أو المسيحاني بتسلئيل سموتريتش – للاحتفال في غلاف غزة تحت عنوان “نحن نستعد للاستيطان في قطاع غزة”. اذا كان الليكود يستعد لاحتلال قطاع غزة وتوطينه باليهود، اذا يجب الاستيقاظ بسرعة من الوهم بأنني أنا هو أنا. أي أن إسرائيل فقط تريد العيش بأمان وأنها شريكة في السلام وأنه ليس لنا الحق في الدهشة من أنهم يكرهوننا.

    يجب علينا العودة مرة أخرى الى سؤال ما الذي تريده إسرائيل، لأن عدم القدرة على الإجابة على هذا السؤال هو الذي أوصلها الى الوضع الحالي. بهذا المعنى فان قيادة نتنياهو، التي كتب الكثير عن عدم قدرتها على اتخاذ القرار، هي قيادة عارضة. واكثر من ذلك هو أن غياب القدرة على الإجابة على هذا السؤال يخرب على إمكانية انهاء الحرب، ويلغي إمكانية تجميع صورة النصر.

    رفض وضع 7 أكتوبر في السياق، الاستخفاف الجماعي بمفهوم السياق، يعيق التحليل الذي يهدف الى فهم ما حدث – أيضا يعيق العمل. انتبهوا الى التشويه الذي حدث في إسرائيل: قوة الرد في غزة (عدد القتلى اكثر من 40 ألف) يتم تبريرها بخطورة أفعال حماس في 7 أكتوبر. ولكن أفعال حماس – بسبب خطورتها – محظور إدخالها في السياق. هذا يؤثر أيضا على المستقبل: بالنسبة لإسرائيل فان الكارثة التي تنزلها على غزة لا يمكن استخدامها لتبرير الرد المضاد في المستقبل. أي أن السياق هو ترف محفوظ فقط لإسرائيل.

    --------------------------------------------

     

     

     

     

     

    اسرائيل اليوم 18/10/2024

     

     

    السنوار صفي فلنسعى لحل واسع وإعادة المخطوفين

     

     

    بقلم: يوآف ليمور

     

     لحظات قليلة جدا في هذه السنة اللعينة تسببت بنشوب فرح كلحظة امس التي علم فيها أن يحيى السنوار صفي في غزة. العقل الشيطاني من خلاف مذبحة 7 أكتوبر، الرجل المسؤول عن قتل 1200 إسرائيلي في السبت الأسود، عن اختطاف اكثر من 250 مواطن وجندي، أفعال فظائع واغتصابات، حرق بيوت وسلب ونهب جماعي، العدو الأكبر الذي يوجد عاليا في قمة الكارهين والمكروهين لإسرائيل واليهود على اجيالهم – التقى مصيره المناسب في بداية عيد العرش، ذاك العيد الذي دنسه السنوار قبل سنة.

    وبعد نشوب الفرح المفهوم هذا جاء القلق المفهوم بقدر لا يقل على مصير المخطوفين. من يدري ما الذي يحصل لهم الان، حين علم محتجزوهم بان قائدهم المبحوب صفي. فهل صدر الامر لهم بالمس بالمخطوفين؟ هل يوجد على الاطلاق من يصدر الأوامر في هذه اللحظة في غزة؟ هل يوجد لإسرائيل ما يكفي من المعلومات عن وضع او مصير المخطوفين وعمن يحتجزهم؟ هل يمكنها أن تغري بطريقة ما من يحتجز المخطوفين للحفاظ عليهم أو لتسليمهم مقابل الوعد بالحصانة، بمنحة مالية او بكلتيهما معا؟

    الكثير جدا من الأسئلة التي تبقت حاليا بلا جواب. غير أنه بخلاف مسائل أخرى، كمستقبل حماس وقيادتها ومستقبل القطاع وسكانه – لقضية المخطوفين لا يوجد وقت. واضح منذ الان انهم يموتون في الاسر والوضعية التي تغيرت امس بشكل جذري لا بد أنها لا تحسن لهم. وعليه فعلى إسرائيل أن تنفذ اعادتهم الى الديار – هدف الحرب المركزي، لمن نسي – قبل أن تنجر مرة أخرى الى أمور أخرى والى جبهات أخرى.

    هذه مهمة مركبة باضعاف الان لانه ليس واضحا على الاطلاق مع من نتحدث في حماس. السنوار كان القائد كلي القدرة في القطاع، لكنه كان أيضا رئيس الذراع السياسي للمنظمة. بغيابه لا يوجد عنوان في غزة ولا يوجد عنوان في قطر. ولا يزال، على إسرائيل أن تبحث عن عنوان بديل – في غزة، في قطر او في كل مكان آخر – وان تكون إبداعية وسخية في العروض التي تتقدم بها، بهدف الوصول الى حل سريع للمشكلة الأكبر والأكثر ايلاما.

    ان تصفية السنوار تستوجب من إسرائيل أيضا أن تقول بجدية لنفسها وللعالم، ما الذي تعتزم عمله في غزة في المستقبل. حتى امس، كان يمكنها أن تدعي باسم الملاحقة للسنوار بان الحرب لم تنتهي، وذلك لان من بادر اليها لا يزال حيا. اما الان فقد تغير الوضع: صحيح أنه سيبقى مخربون في غزة، بعضهم كبار – وعلى رأسهم اخو السنوار، محمد، الكفيل بان يحاول خلافته – لكن سيكون ممكنا الدفع قدما بحل أوسع يثبت بديلا سلطويا واضحا، بغياب الرجل الذي امسك بالقطاع من عنقه وجلب الكارثة عليه.

     

     

    بعيدون عن الحسم

     

    لا ينبغي لإسرائيل أن تنتظر اقتراحات غريبة لحل كهذا. فالعالم يتنكر لها الان، وكفيل بان يحاول ان يفرض عليها حلول اقل راحة لها. وهي لا ينبغي بالتأكيد ان تستجيب لجناحها المتطرف في الحكومة الذي يعتقد بان هذه لحظة مناسبة لتوطين اليهود في غزة. هذه وصفة لكارثة من كل ناحية، ستجعل اسرائيل دولة منبوذة ومنعزلة. بدلا من الغرق في الاخيلة، على الحكومة أن تعمل بمبادرتها على حل يؤدي الى إعادة المخطوفين، انهاء الحرب وإقامة حكم بديل في غزة، في ظل حفظ حرية عمل امنية كاملة في ايدي إسرائيل.

    خطوة كهذه ستسمح أيضا بانهاء الحرب في الشمال. الى أن وصلت الانباء عن تصفية السنوار، كانت إسرائيل توشك على أن تخرج من العيد باجواء عاجزة، في اعقاب موت خمسة مقاتلين في سييرت غولاني في اشتباك مع مخربي حزب الله في جنوب لبنان. كان هذا دليل آخر على قتال يجري في الميان وعلى أن المعركة في لبنان بعيدة عن الحسم. في لبنان، مثلما في غزة أيضا خير تفعل إسرائيل اذا ما اكتفت بالاهداف التي وضعتها لنفسها ولا تغريها أفكار أكبر من قدرتها على تحقيقها.

    وكل هذا يحصل بينما في الخلفية الهجوم الإسرائيلي المقترب في ايران، ردا على هجمة الصواريخ الإيرانية على إسرائيل في 1 أكتوبر. في الأيام الأخيرة، استكمل نشر منظومة ثاد الامريكية في الدفاع ضد الصواريخ، وتنسيقها مع منظومة الدفاع لسلاح الجو مما سيسمح لتصدٍ افضل للرد الإيراني المضاد المرتقب. ان انهاء تبادل الضربات المرتقب هذا لضرر طفيف سيسمح للطرفين بالانزلاق الى معركة واسعة، تحاول جهات دولية مختلفة منعها.

    حتى ذلك الحين تعيش إسرائيل وضعا امنيا وسياسيا معقدا في كل الجبهات، وتحت تهديد متواصل من اطلاق الصواريخ والمُسيرات لكل مناطق البلاد. كما أنه معقول أن يكون كثيرون من مؤيدي حماس في الضفة ممن سيحاولون الثأر على تصفية السنوار، والأيام القريبة القادمة ستكون متوترة ومليئة بالاعمال الأمنية.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 18/10/2024

     

     

    اليوم التالي للسنوار

     

     

    بقلم: عاموس هرئيلِ

     

    نهاية يحيى السنوار جاءت بالصدفة. الرجل المسؤول اكثر من الجميع عن مذبحة 7 أكتوبر والحرب الإقليمية التي اندلعت بعدها، لم يقتل في عملية اغتيال ذكية للشباك والموساد ولم يسقط في قتال مع جنود دورية هيئة الأركان، وحتى لم يُقتل بقنبلة ذكية لسلاح الجو. لقد مات، حسب كل الدلائل، في اصطدام روتيني في رفح مع قوة من سلاح المشاة والمدرعات التي لم يكن لرجالها أي معلومة مسبقة عن وجود زعيم حماس والمطلوب رقم واحد في المنطقة.

    باستثناء موت السنوار فان المعلومة الصغيرة والاهم هي أنه لم يصب مخطوفين في الحادث الذي قتل فيه زعيم حماس في القطاع مع مخربين آخرين. في السنة الأخيرة تحرك السنوار بين حين وآخر وهو محاط بدرع بشري على صورة مجموعات متغيرة من المخطوفين الإسرائيليين. في جهاز الامن يعتقدون أن المخطوفين الستة الأخيرين الذين قتلوا على يد حماس في رفح في نهاية شهر آب تم احتجازهم في فترة معينة قرب السنوار الذي اختبأ في الانفاق. لذلك، في عدة احداث إسرائيل امتنعت عن محاولة المس به. ولكن يمكن التقدير بأنه مثل محمد ضيف، الذي قتل في عملية اغتيال في تموز في منطقة المواصي في جنوب القطاع، أيضا السنوار تحرك بين حين وآخر بدون مخطوفين وتجول أيضا فوق الأرض ولم يبق طوال الوقت في الانفاق. هكذا كان عندما أصيب السنوار في يوم الأربعاء ليلا. لقد تم العثور عليه وهو يرتدي درع حربي ويحمل السلاح. بين الجثث وجدت أيضا أموال ووثائق شخصية. في حالة السنوار، يبدو أنها مزورة.

    المسألة الأساسية هي كيف سيؤثر الاغتيال على استمرار الحرب، وبالاساس على المفاوضات حول صفقة التبادل. سوية مع الضيف كان السنوار هو العقل التنفيذي الذي يقف وراء خطة تنفيذ الهجوم المفاجيء على بلدات الغلاف وعلى المشاركين في الحفلة وعلى مواقع الجيش الإسرائيلي. خلال فترة طويلة في الحرب طرح خط متشدد الذي وضع طلبات عالية مقابل تحرير باقي المخطوفين بعد انهيار الصفقة الأولى في كانون الأول الماضي. أيضا في الجانب الإسرائيلي وضعوا صعوبات: ليس سرا أن سياسة تملص متعمدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أحبطت احتمالية التوصل الى صفقة خلال اشهر كثيرة. السؤال هو هل ورثة السنوار – ربما أحدهم سيكون شقيقة الأصغر محمد – سيصلون بالتدريج الى الاستنتاج بأنه اذا كانوا يريدون البقاء على قيد الحياة وإنقاذ ما تبقى من قيادة حماس فانه يجب عليهم التنازل والتوصل الى صفقة بسرعة.

    أعضاء القيادة الآخرين في القطاع وفي الخارج سيبقون على مرمى اهداف إسرائيل حتى في المستقبل. معروف أنه عشية الهجوم ارسل السنوار نائبه، خليل الحية، الى قطر من اجل ابلاغ رئيس المكتب السياسي في الخارج، إسماعيل هنية. شخصيات رفيعة أخرى في قيادة حماس شاركة الى جانب هنية (الذي قتل في تموز الماضي في طهران) في صلاة شكر في فندق في الدوحة عندما وصل نبأ نجاح الهجوم الإرهابي.

    يبدو أن الخطوة الصحيحة من ناحية إسرائيل هي العودة الآن بكل القوة الى المفاوضات من اجل التوصل الى صفقة. من غير الواضح ما هي احتمالية نجاحها، لكن يفضل محاولة استغلاف المخاوف في حماس والشعور بالانجاز من الجانب الإسرائيلي من اجل عقد اتفاق وبسرعة. هذا سيكون صعب لأن سلسلة القيادة والسيطرة في حماس تضررت وعلى الأرض يتوقع أن تزداد الفوضى. مع ذلك، حتى لو كانت الاحتمالات غير عالية فانه لا يوجد هنا لدينا وقت لنضيعه. الـ 101 مخطوف محتجزين في القطاع، نصفهم تقريبا لم يعودوا على قيد الحياة. معظم المخطوفين الاحياء محتجزين في ظروف جهنمية. هناك شك في أن مكان عدد غير قليل من جثث المخطوفين لن يتم العثور عليه لأن رجال حماس الذين قاموا بدفنهم لم يعودوا أحياء. في الخلفية هناك شك آخر وهو أن حماس سترغب في المس بالمخطوفين أو إدارة حرب نفسية على ظهرهم كانتقام لاغتيال السنوار. تظهر أيضا إمكانية أن حماس ستنفذ عمليات ثأر من الضفة الغربية.

    رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سارع الى أن ينسب الفضل لنفسه في نجاح عملية الاغتيال، لكن كالعادة هو يواصل تجنب امرين – الاعتراف بالمسؤولية الأساسية كزعيم للدولة عن الفشل الفظيع الذي سمح بحدوث المذبحة في 7 أكتوبر، وذكر أنه هو الذي اطلق سراح السنوار (في الواقع بدعم من معظم الجمهور الإسرائيلي) عندما قرر المصادقة على صفقة شليط في العام 2011.

    لكن الى جانب الحسابات السياسية فانه من المهم أيضا الحساب التاريخي. في يوم المذبحة كتب هنا بأن السنوار والضيف قد ربحا صورة النصر التي يريدانها، لكنهما في نفس الوقت انزلا كارثة على الشعب الفلسطيني، وأنهما سيحظيان بموت الشهداء الذي قالا طوال السنين بأنهما يتمنيانه. معظم الناس الذين كانوا مسؤولين عن خطة الهجوم وكانوا مشاركين في معرفة الموعد السري للعملية، قتلوا منذ ذلك الحين. الشخص الأخير الذي بقي في القطاع هو كما يبدو الشقيق الأصغر للسنوار. أيضا قيادة حزب الله، وعلى رأسها حسن نصر الله، قتلت في معظمها. هذا توجد له أهمية كبيرة، في المنطقة التي تعطي القوة لاستعراض القوة ويرى إسرائيل في ضعفها بعد المذبحة. حتى الآن نحن نحتاج الى عملية سياسية من اجل ترجمة الإنجازات العسكرية الى واقع استراتيجي محسن، حتى اذا كانت القدرات العسكرية لحماس قد تم تفكيكها في معظمها وقيادتها تضررت.

     

    توجد جبهات أخرى

     

    الحادث في رفح حدث في وقت يستمر فيه قتال الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان. مساء أول أمس قتل في معركة هناك خمسة من جنود غولاني، من بينهم قائد فصيل وقائد طاقم. خمسة جنود آخرون أصيبوا. الحادث وقع في داخل بيت في قرية شيعية قرب الحدود مع إسرائيل. رغم انسحاب معظم رجاله إلا أن حزب الله يواصل تشغيل  جيوب مقاومة في المنطقة.

    هذا تذكير شديد بأنه رغم الإنجازات العملياتية الأخيرة إلا أن الحرب توجد في كل الجبهات وتنطوي على اثمان باهظة. أيضا في اليوم الذي فيه تخلصنا من كبير قتلة اليهود في الجيل الحالي، فان هذا لا يمكنه محو الألم الذي تسبب به، والاستمرار في دفع الثمن من قبل الجمهور الإسرائيلي. محظور أن يطمس الإنجاز في رفح هذا الامر مثلما تثبت ذلك جيدا البيانات “التي سُمح نشرها”.

    في قرية أخرى في لبنان فجر الجيش الإسرائيلي في العيد نفق ومنشأة قتالية كبيرة تحت الأرض، التي نشر عنها في “هآرتس” في بداية الأسبوع. في لبنان اشتكوا من الحاق اضرار كبيرة ببيوت القرية وبآثار تاريخية فيها. حتى أنهم ادعوا هناك بأنه لا توجد أي أدلة على وجود استخدام عسكري لحزب الله في هذه المنشأة. هذه هراءات. في جولة قصيرة في النفق كان يمكن رؤية بوضوح أن الامر يتعلق بموقع عسكري تم التخلي عنه من قبل رجال التنظيم عندما دخل الجيش الاسرائيل الى المكان.

     

    توجهات متنافسة

     

    عندما تخفت قضية السنوار سينتقل في الأيام القادمة الاهتمام العالمي الى ما يحدث في الساحة الإيرانية. إسرائيل تهدد برد قريب على اطلاق 181 صاروخ بالستي من ايران في 1 تشرين الأول الحالي (التي من جانبها كان رد إيراني على اغتيال إسماعيل هنية وحسن نصر الله). عمليا، يجري هنا سباق ضد الزمن بين توجهات متنافسة.

    إسرائيل تفحص إمكانية القيام برد تصاعدي، الذي يمكن أن يزيد اكثر سخونة التوتر بينها وبين ايران، الى درجة تبادل اللكمات التي تقوض أيضا المشروع النووي الإيراني – ربما ستدفع النظام في طهران الى محاولة استكمال المشروع. في حين أن الولايات المتحدة تريد كبح الرد الإسرائيلي وفي نفس الوقت تبحث عن قنوات للحوار مع النظام في ايران بهدف وقف تقدمه نحو النووي. كل ذلك يحدث وفي الخلفية يوجد تاريخين حاسمين، الانتخابات الامريكية للرئاسة في 5 تشرين الثاني ودخول رئيس جديد – كمالا هاريس أو دونالد ترامب – الى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني القادم.

    يوجد لإسرائيل ثلاثة أنواع من الأهداف لضربها – مواقع عسكرية، منشآت نفط أو منشآت متعلقة بالمشروع النووي – أو الدمج بين عدة أنواع. الرئيس الأمريكي جو بايدن صرح علنا ضد الاحتمالين الأخيرين. ايران تلمح في قنوات مختلفة بأن هجوم إسرائيلي محدود سيمكنها من استيعاب التصعيد ومنع استمرار جولة اللكمات، هكذا تصرفت أيضا في نيسان الماضي عندما اكتفت إسرائيل بتدمير رادار لمنظومة الدفاع الجوي من نوع “اس300” بعد أن اطلقت ايران اكثر من 300 صاروخ وصواريخ كروز ومسيرات نحو أراضيها. في هذه الاثناء يبدو وكأنه لا يوجد للنظام في ايران أي مصلحة في حرب مباشرة مع إسرائيل. الامتدادات الرئيسية التي تمولها ايران القريبة منا، حماس وحزب الله، تعرضت لضربات شديدة ومن المرجح الافتراض أن ايران أيضا بحاجة الى فترة من اجل التعافي وإعادة تخطيط خطواتها.

    نتنياهو يلاحظ وجود فرصة. المذبحة الفظيعة في ظل مسؤوليته في 7 أكتوبر أدت الى حرب متعددة الساحات، غزة، لبنان واليمن. فلماذا لا يستمر في القيام بخطوة الى الامام ويعالج أخيرا أيضا ايران، لا سيما التهديد الذي نتعرض له من برنامجها النووي؟ في واشنطن يخشون من ذلك منذ سنوات، خاصة في الأشهر الأخيرة، لأن نتنياهو كان مسرور بجرهم الى تصعيد مع ايران، الذي نهايته ستكون هجوم امريكي أو هجوم مشترك ضد المنشآت النووية. أيضا الإدارة الامريكية الديمقراطية السابقة تحت الرئيس براك أوباما، خشيت في 2012 من سيناريو مشابه. الحل الأمريكي تضمن في حينه اجراء مفاوضات سرية مع ايران، بمساعدة سلطنة عمان، التي كانت نهايتها التوقيع على الاتفاق النووي في 2015. اتصالات مشابهة يمكن أن تجري الآن أيضا بوساطة سلطنة عمان، قطر وحتى سويسرا.

    لكن قدرة نتنياهو على المساومة هي افضل مما كانت عليه قبل عقد. أولا، الحرب أصبحت دائرة والمنطقة مشتعلة أصلا، بصورة تمكن إسرائيل من تبرير خطواتها العسكرية ضد ايران، التي تساعد معظم الهجمات الإرهابية ضدها. ثانيا، قدرة المناورة للإدارة الامريكية محدودة. بقي فقط أسبوعين ونصف على الانتخابات والاستطلاعات تشير الى سباق متعادل بين هاريس وترامب، الذي سيحسم كما يبدو بفضل أصوات قليلة نسبيا في ولايات معينة. الديمقراطيون يخشون من مواجهة علنية مع نتنياهو التي يمكن أن تؤثر على توجهات التصويت، واكثر من ذلك، ازمة طاقة عالمية جديدة عشية الانتخابات.

    في العام 2012 تردد نتنياهو وامتنع عن مهاجمة المنشآت النووية في ايران على خلفية الخوف من ازمة اكبر مع أوباما ومعارضة رؤساء أجهزة الامن. هذه المرة في واشنطن يقلقون من إمكانية أنه لا يوجد من يوقفه. وزير الدفاع يوآف غالنت ضعف جدا بعد المناورة الأخيرة لنتنياهو، ضم جدعون ساعر وحزبه الى الائتلاف، واوقف فقط في اللحظة الأخيرة ادخال ساعر الى وزارة الدفاع على خلفية التصعيد في لبنان.

    كبار قادة الجيش يشعرون في اعماقهم بالذنب بسبب 7 أكتوبر، وهم ينشغلون في جهود يائسة لاصلاح ما افسدوه، بصورة لا تترك لهم قوة الروح المطلوبة من اجل التصادم مع رئيس الحكومة في مواضيع أخرى. بعض المستشارين حول نتنياهو، سواء في منصب رسمي أو بدونه، يعتقدون أنه سنحت فرصة ذهبية لنقل الضغط الى الإيرانيين. يجدر الانتباه الى أن السياسيين الذين يحاولون تطويق نتنياهو من اليمين أيضا مثل افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت، يوصون بتشديد الخطوات ضد ايران والمس برأس الافعى (أو الاخطبوط، حسب المتحدث). في شهر تموز الماضي صمم نتنياهو على القاء خطاب في الكونغرس رغم تحفظ الإدارة الامريكية. في محادثات منفصلة اجراها مع بايدين وهاريس وترامب سمع كما يبدو رسالة واحدة ووحيدة حول موضوع واحد، الموضوع الإيراني. الثلاثة يعارضون هجوم امريكي ضد المنشآت النووية، والمرشحان للرئاسة أيضا يعملان على اتفاق مع طهران. الافتراض الذي ينطلق منه نتنياهو يقول كما يبدو بأن كل صفقة كهذه ستكون سيئة لإسرائيل. ترامب تبجح بأنه سيحل الازمات في العلاقات مع روسيا وكوريا الشمالية وايران بعد فترة قصيرة من عودته الى البيت الأبيض.

    هناك إمكانية أخرى حتى الآن لا يمكن استبعادها وهي أن ترامب سيستخدم جهاز التدمير الذاتي المتطور لديه في الأسابيع التي بقيت، ويمكن مع ذلك من حدوث فوز لهاريس. مهما كان الامر فان هذا لا يبقي في يد نتنياهو وقت كثير للتقرير حول اتجاه عمليته. الامر الذي حسب التحليلات التي نشرت خلال السنين في وسائل الاعلام الأجنبية، هناك صعوبة في مهاجمة ايران في الشتاء بسبب تأثير المناخ على ظروف الرؤية.

    --------------------------------------------

     

    يديعوت احرونوت 18/10/2024

     

     

    مفترق الطرق بعد تصفية السنوار

     

     

    بقلم: رونين بيرغمان

     

    مقتل يحيى السنوار يضع امام حكومة إسرائيل إمكانية أن تتخذ قرارين تاريخيين حاسمين: الأول هو عقد صفقة مخطوفين تنقذ في اللحظة الأخيرة قبل أن يصبحوا رون أراد العشرات العديدة ممن لا يزالون على قيد الحياة في غزة وجثامين الاخرين ممن لن يصار الى البحث عنهم الى الابد. الثاني هو السعي الى انهاء الحرب في غزة إذ بعد أن أعلن الجيش منذ زمن بعيد عن النصر، ما الذي يمكنه أن يحصل في ميدان المعركة ليشكل هذا النصر.

    ستثبت الأيام القادمة هل وجهة حكومة إسرائيل لاستغلال اللحظة التاريخية التي وقعت في ايديها كي تبادر الى خطوة شاملة، لعقد صفقة وانهاء الحرب متعددة الساحات باتفاق يلبي احتياجات الامن لإسرائيل لكن يتضمن أيضا تنازلات، واساسا في ما يتعلق بمطالب أعضاء الائتلاف المتطرفين ام ستسير بطريقهم وتستغل اللحظة كي تواصل المناوشة على طول وعرض الشرق الأوسط، الى مزيد من القتلى، الاسرى وترك المخطوفين لمصيرهم، ربما الى الابد.

    في 25 آب صدح كالبرق نبأ اولي من عمق مراكز النار ومقرات القيادة في الجنوب وفي الشباك: يحتمل أن يكون يحيى السنوار لاقى حتفه في قصف شديد وجه الى المكان الذين اعتقد أنه يحتمل أن يكون يختبيء فيه مع مسؤولين كبار في لواء حماس في منطقة تل السلطان.

    لكن بعد وقت قصير من ذلك تجاوز الجيش النبأ بخيبة أمل. هذا لم يكن هو. ربما مسؤول آخر لكنه ليس كبيرا جدا. خط واضح لا بد سيكون الحديث عنه لاحقا يربط بين هذا الحدث والعثور على المخطوف البدوي بعد يومين من ذلك قرب المكان، والبحث عن السنوار في المنطقة، واعدام ستة المخطوفين على مسافة بضع مئات الأمتار عن هناك والعثور المفزع على جثثهم.

    الخط إياه يمر أيضا في طريق العثور على غرض كان واضحا أنه يرتبط بالسنوار في ذاك النفق، عبر إضاعة كل إشارة حياة من السنوار ابتداء من 25 آب إياه، عبر اضاعة كل مؤشر الى أن كان هناك من كانوا مقتنعين بانه بات في الطريق لان يلتقي نصرالله، عبر تلقي إشارة حياة منه – رسالة الى الدوحة بانه يوافق على موافقة حماس على منحى قطر في 3 تموز وحتى موته بالصدفة يوم الأربعاء، واكتشاف جثته في الغداة بالصدفة أيضا.

    للمطلعين على التاريخ العسكري ذكرت لحظة الصدفة هذه على الفور بلحظة أخرى غير ذات صلة بها. ففي بداية كانون الثاني 1948، بعد نحو شهر من بداية حرب الاستقلال وقبل الإعلان عن الدولة، أمرت القيادة القطرية للهغناة بتنفيذ امر “زرزير” الذي يسجل أسماء 22 زعيما فلسطينيا بهدف للمس الفوري. قائد وحدة المستعربين تلقى امرا بان “يصفي دون إذن آخر، الشخصيات التالية”.

    “كان المقصود المس عند الحاجة باهداف محددة في داخل بلدات عربية شكلت مراكز نشاط ضدنا وكذا شخصيات وقادة عرب معادين والامتناع قدر الإمكان عن العقاب الجماعي”، كما شرح ايسار هرئيل، قائد الاستخبارات في الهغناة ولاحقا رئيس الموساد.

    الاسم الأول، المسلم به في القائمة، كان اسم المفتي الحسيني. والثاني في القائمة كان ابن عمه، عبدالقادر الحسيني الذي كان يعتبر الزعيم العسكري للطرف العربي. والثالث: قائد القوات الجنوبية حسن سلامة، ابن عائلة كادحة من قرية أولا على السهل الساحلي وجبال يهودا. جهود جبارة، بتعابير ذلك الوقت، بذلك لاجل قتل القائدين العسكريين. تنصتات، كمائن، أشجار اسقطت على الطريق لاجل استقبال المركبات التي كانا يستقلانها، الارتباط بخطوط الهاتف من داخل مبان زراعية، قوات الهغناة التي خرجت في اعقاب معلومات استخبارية الى مبنى الجيش البريطاني قرب الرملة. المبنى فجر على المتواجدين فيه، لكن المطلوبين لم يكونا هناك.

    فقد أفلتا المرة تلو الأخرى، تلو الأخرى نتيجة انعدام المهنية العملياتية. انعدام التجربة لدى قوات الاستخبارات والعمليات اليهودية، وكذا نتيجة الحظ والحرص من الطرف الاخر. لكن عندها، وبالصدفة تماما، في معركة قرب القسطل أصيب الحسيني بالنار دون أن يعرف من أطلقوا النار عليه على الاطلاق من اصابوا.

    لقاءات التقويم التي أجريت أمس بعد أن علم بتصفية السنوار انتجت استنتاجات غامضة. في المدى الزمن الفوري لا يبدو مستقبل لامع لموضوع المخطوفين. الى جانب الفرح الواضح لتصفية السنوار، والذي يتشارك فيه الجمهور، فهموا أيضا بان حماس أدخلت الى حيز التنفيذ خطتها في حالة مقتل السنوار – واخوه، الذي يبدو أنه يوجد في خانيونس، امسك على الفور بدفة القيادة. اخوه يعتبر منفلتا ومتطرفا ومتوحشا اكثر منه، لكن الأهم من ذلك: زعيم جديد في حماس، في الداخل او في الخارج لن يتمكن من الموافقة وبالتأكيد ليس في المرحلة الأولى، على اقل مما وافق عليه السنوار.

    موضوع آخر يقلق جدا قادة جهاز الامن واسرة الاستخبارات هو أن موت القائد الكاريزماتي الذي بكلمته تتقرر الأمور من شأنه أن يتسبب في نهاية الامر بتفكك ما للسيطرة في المنظمة او لان تقرر خلايا الحراسة على المخطوفين ان تفعل ما تشاء، وربما أن تثأر من المخطوفين.

    موضوع آخر هو فقدان السيطرة على مصيرهم في المستقبل القريب جدا. ينبغي ان نتذكر بان ليس كل المخطوفين يوجدون تحت سيطرة حماس، وبعضهم لدى الجهاد او لدى جهات أخرى. وعدم التوقيع الفوري على اتفاق، وعدم دخول جهة حاكمة ذات مغزى الى غزة، حتى وان كان هذا شيء ما بشراكة حماس، كفيل بان يؤدي الى خلق عشرات من امثال “رون أراد” مساعد الطيار الذي اختفى هو الاخر في اطار صراعات السيطرة بين الأطراف في لبنان.

    لا توجد مؤشرات على وجود مخطوفين الى جانب السنوار او فتحة تحت أرضية خرج منها، ويبدو أنه اخطأ إذ صعد لتنفس الهواء النقي واعتقد أنه لا توجد قوات معادية في المنطقة.

    السطر الأخير في المدى الزمني الفوري هو أن هذه “فرصة محظور تفويتها باي حال” على حد تعبير مصدر امني كبير جدا. “البديل هو ان نفقد السيطرة على الحدث حيال خلايا فردية او حيال شخص متطرف يفرض إمرته. على كل العقول في دولة إسرائيل أن تفكر الان كيف نرفع الهواتف كي نحرك صفقة كي تقبل حماس أيضا ان ترفع الهاتف وتجلس وتتحدث”.

    وأضاف أيضا وقال: “لاسفي أخشى ان تفعل حكومة إسرائيل العكس تماما وان اعلان نتنياهو يعطيهم إحساسا بان إسرائيل لا تقصد صفقة على الاطلاق وان هذا هو الوقت لتشديد المواقف، وان نتنياهو سيعقد مداولات تتظاهر بالبحث في الموضوع لكنه يقول مثلما في الماضي عندما أراد التسويف، لا تعودوا الى الاقتراحات السابقة، فلا داع الان لتقويتهم ويجب تنزيل الثمن لأننا نحن الان متفوقون”.

    وقال: “انتبه، كل رجال 7 أكتوبر يتصورون الان ويعقدون مؤتمرات صحفية لان هذا حدث يغلق دائرة لنا جميعا لكن لهم أساسا. الرغبة في هزيمة حماس، في امتطاء الموجة، في فرض نظام جديد، هي أيضا ما يعطلنا. نريد أن نضربهم وهذا ما لا يرتبط بالضبط مع الصفقات”.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 18/10/2024

     

     

    حصل نتنياهو على صورة النصر المأمولة

     

     

    بقلم: يوسي فيرتر

     

    منذ 7 أكتوبر لا يوجد أي إسرائيلي لم يتمنى ليحيى السنوار ألف موت، مختلف وغريب. أي موت من هذه لن يغفر قتل طفل واحد في كيبوتس أو اغتصاب وقطع أعضاء لشخص كان في حفلة “نوفا”، أو احراق المراقبات واختطاف زميلاتهن. صورة وجهه المشوه التي نشرت أمس في الشبكات الاجتماعية، بعد أسبوع تقريبا على 7 تشرين الاول، وقبل أسبوع على المظاهرة الصغيرة التي تشبع رغبة الجمهور المفهومة للانتقام. الشهيد الأخير ينضم الى سلسلة طويلة من كبار أصدقائه في منظمته وشريكه في الشمال حزب الله، الذين ماتوا بطرق مختلفة في غزة وطهران وبيروت ودمشق.

    كما هو متوقع فان بنيامين نتنياهو احتفل أمس. ما كان لديه ليقوله لمواطني الدولة النازفة هو أن الحرب ستستمر. في السنة الماضية لم يكن أمر اشغله اكثر من تصفية السنوار، الى درجة الاستحواذ. لأن هذا المخرب المخضرم مع اسنانه البارزة، جعله مهزلة وقام بخداعه وحصل على الملايين التي أرسلها له رئيس حكومة إسرائيل وفي اللحظة المناسبة هاجم وانزل اكبر هزيمة على إسرائيل.

    نتنياهو فهم من البداية أنه فقط صورة السنوار المقتول هي التي يمكنها طمس عن عيون الجمهور الفشل الذي هو مسؤول عنه بدرجة لا تقل عن الشباك والجيش الإسرائيلي. طوال الطريق هو اعطى أهمية اقل لصورة نصر أخرى – إعادة كل المخطوفين. سواء كان يتنكر لهم أو أن مصيره السياسي مرهون بيد شركائه في اليمين المتطرف الذين يعارضون أي صفقة.

    الآن بعد أن حقق الصورة المأمولة وبعد أن كل كتائب حماس تم تفكيكها وبقيت فقط خلايا متفرقة، نتنياهو حصل على اعتماد جديد لكي يصبح سياسيا. ولكن في خطاب نصره لم تظهر علامات لذلك. بدلا من أن يشير الى مبادرة سياسية جريئة تنهي الحرب في غزة، وتؤدي الى نهاية المعركة في الشمال – باتفاق – وعد الغزيين بـ “الأمان” اذا اطلقوا سراح المخطوفين. أيضا في هذه الاثناء نتنياهو لم ينجح في قول كلمات “سلطة فلسطينية” باعتبارها جسم سلطوي بديل في القطاع. أيضا في هذه الاثناء هو لم يرتفع عن مستوى السياسي التافه الذي توجهه اعتباراته الشخصية والسياسية.

    نتنياهو استغل المناسبة من اجل الدفع قدما بفكرته، تسمية الحرب بحرب الاستقلال في حين أن 101 مخطوف، نصفهم على قيد الحياة، يموتون في الانفاق. سنة كاملة وهو يتصرف بدون ادنى استراتيجية باستثناء مواصلة القتال والأمل بأن يقطف الجيش والشباك له الثمار. لقد فعلوا ذلك بامتياز زائد (حتى لو كان قتل السنوار بالصدفة). الآن هو ومن يدافعون عنه، الذين يضحكون في الاستوديوهات، يعرضون ذلك كانتصار شخصي له.

    كل ذلك من اجل نسيان مسؤوليته الصارخة عن الفشل وسلوكه الاجرامي في الأشهر التسعة للانقلاب النظامي واستخفافه بالانذارات التي وصلته من الاستخبارات العسكرية “أمان” ومن الشباك، (التي فشلت في لحظة الحقيقة). في المقام الأول هو يريد أن يتم نسيان التخريب الممنهج لكل صفقة تبادل منذ كانون الثاني الماضي.

    كان هناك من توقعوا منه مساء أمس اصدار بيان مختلف حول المخطوفين. ربما أنه وراء الكواليس هو يوجه الآن طاقم المفاوضات من اجل طرح اقتراح بعيد المدى على الطاولة. طوبى للمؤمنين. في نهاية المطاف هناك مكان لخوف العائلات من أن ما كان هو ما سيكون. وأن الكلمة الأخيرة ستكون للسيد بن غفير والسيد سموتريتش. من توقع أن يظهر نتنياهو روحا عالية وأن يتسامى على ذاته ويعلن أنه ينوي طرح خطة لوقف اطلاق النار واطلاق سراح المخطوفين ونقل السلطة في غزة، خاب أمله.

    الامر المهم تقريبا تم نسيانه، وهو أن انهاء الحرب وإعادة المخطوفين والهدوء الإقليمي تساعد الحزب الديمقراطي والمرشحة كمالا هاريس، ولكنها تضر باحتمالات دونالد ترامب. لماذا الاستعجال.

    --------------------------------------------

     

    يديعوت احرونوت 18/10/2024

     

     

    التصفية هي فرصة

     

     

    بقلم: ناحوم برنياع

     

    علمنا مناحم بيغن بان هناك حاجة أحيانا لان نقول ما هو مفهوم من تلقاء ذاته. تصفية يحيى السنوار تنتمي الى هذا الصنف. خير ان قتله الجيش الإسرائيلي؛ خير أن في اثناء تصفيته لم يصاب مخطوفون باذى؛ خير انه لم يصاب مقاتلون باذى. فحساب 7 أكتوبر اثقل من أن يحتمل. التصفية لم تنهي الحساب لكنها أغلقت دائرة. للضربة التي تلقتها حماس يوجد معنى رمزي ومعنوي بعيد الأثر واثار تكتيكية واستراتيجية. إسرائيل توجد في وضع افضل حين تكون جثة مفكر ومنفذ المذبحة الأكثر رعبا في تاريخ الدولة مسجاة في ثلاجة.

    ليس نحن فقط فرحون بالتصفية. فرحون بها كل أصدقاء إسرائيل في الغرب، على رأسهم الرئيس بايدن والمرشحة هاريس، وفرحون بها صمتا زعماء الدول السنية في الشرق الأوسط. لديهم انتقاد على إسرائيل، في غزة أيضا، في الضفة أيضا، في لبنان أيضا، لكنه يضعف حين تنجح إسرائيل في أن تضرب احد وكلاء ايران.

    ان تصفية السنوار قرب رفح تنضم الى تصفية نصرالله في بيروت. تصفيتان جديرتان بان تسجلا كنقطتي ذروة في الحرب. فليس القائدان فقط صفيا – صفيت أيضا شريحة القيادة في المنظمتين. مرشحون هامون اكثر للتصفية لن يكونوا. حماس مفككة من قدراتها العسكرية؛ حزب الله فقد قسما كبيرا من قدرات القيادة والتحكم لديه. إنجازات عسكرية مبهرة اكثر من هذه مشكوك أن تقع من نصيبنا في المستقبل.

    الاستنتاج: هذه هي النقطة الصحيحة للبدء بخطوة دبلوماسية. لإسرائيل يوجد ما تعرضه: انهاء الحرب في الجبهتين. يوجد لها ما تحصل عليه: إعادة المخطوفين؛ تجريد غزة من السلاح؛ اختفاء حماس كقوة عسكرية وسلطوية؛ تجريد جنوب لبنان من قوات حزب الله؛ تجديد قرار 1701 مع إضافة جهاز انفاذ مع اسنان يحل محل اليونيفيل القائم ودعم دولي لحق إسرائيل في اجتياح عسكري لغزة وجنوب لبنان اذا ما خرقت الاتفاقات.

    هل الضربة غير المباشرة التي تلقتها ايران بتصفية السنوار تلغي الضربة المباشرة التي تعد إسرائيل بتوجيهها لها في الأيام القريبة القادمة؟ ربما الان، في اعقاب الإنجاز، لا يضر بحث إضافي في منطق لعبة البنغ بونغ مع الإيرانيين. هم باتوا يعرفون منذ الان باننا لسنا إمعات.

    في قيادة الجيش الإسرائيلي يوجد للسعي لانهاء الحرب تأييد واسع. فهي تأخذ بالحسبان أيضا الثمن الباهظ الذي يجبيه القتال المتواصل بالمصابين كل يوم وضحاياه، والضائقة العسكرية بالمقدرات وتعلقه بتوريد السلاح الأمريكي.

    وزير الدفاع غالنت يتحدث عن مفاوضات في ظل اطلاق النار. وهو يؤمن بان الضغط العسكري سيحفز الطرف الاخر على التنازل. يوجد منطق في اقوال – طالما كانت النار وسيلة والاتفاق غاية. يبدو أن هذه هي اللحظة الصحيحة بان نتذكر النصيحة الكلاسيكية التي اسداها السناتور الجمهوري ليفورد كيس، في ختام الحرب في فيتنام: اعلن عن النصر وعد الى الديار.

    القرار يوجد في ايدي شخص واحد: بنيامين نتنياهو. التصريح الذي اطلقه امس لقنوات التلفزيون استهدف التشديد على دوره في الإنجاز. يستحقه. السؤال الذي يبقى مجهولا هو الى أن يريد ان يسعى الان، فهل هو يسعى لجني المكاسب من الإنجاز باتفاقات ام يسعى لمواصلة الحرب في واحدة من الجبهتين او في كلتيهما. لقد تحدث أيضا عن إعادة المخطوفين وكذا عن استمرار الحرب رغم أن الخطوتين متناقضتان. اذا كانت له استراتيجية خروج فقد حرص على اخفائها.

    ان فرضية الجهات المهنية هي أن حماس في المدى الفوري سيصعب عليها استئناف المفاوضات. بعد ذلك بدون السنوار ربما سيكون اسهل على قيادة حماس التنازل. هذا شريطة أن يكون لما تبقى من قيادة حماس مخطوفون تتحكم بمصيرهم.

    السنوار لم يخطط موته هكذا: فيما هو عالق مع مساعدين في بيت قرب الحدود المصرية، دون غلاف من المخطوفين، ضحية مصادفة، مجهولة، في حالة هروب، في معركة لم يبادر هو اليها. يبدو أن قذيفة دبابة دمرت البيت الذي اختبأ فيه وتسببت بموته. في الجيش الإسرائيلي سيواصلون الجدال حول من اطلق الرصاصة الأخيرة، سلاح المشاة، سلاح الجو او المدرعات، لكن هذا السؤال لم يعد يشغل بال السنوار.

    --------------------------------------------

     

    صحيفة نيويورك تايمز 18/10/2024

     

     

    صحف أميركية: هل يمثل قتل السنوار نقطة تحول في الصراع؟

     

     

    بقلم: توماس فريدمان

     

    حظي خبر إعلان إسرائيل -أمس الخميس- قتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار باهتمام كبير من الصحف الأميركية، فحذرت إحداها من تضخيم الحدث، في حين رأت أخرى أنه قد يمهد الطريق لاتفاق يوقف إطلاق النار، بينما استبعدت ثالثة أن يمثل نقطة تحول.

    فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب المعروف توماس فريدمان حذر فيه من تضخيم أهمية الحدث، معربا عن اعتقاده أن مقتل السنوار يشي بإمكانية المضي في "خطوة أكبر" نحو حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ معاهدة أوسلو.

     

    ورغم أنه وصف مقتل السنوار بأنه حدث كبير، فإنه استدرك قائلا إن موته ليس وحده شرطا كافيا لإنهاء حرب غزة ووضع الإسرائيليين والفلسطينيين على طريق مستقبل أفضل.

    وزعم أن السنوار وحركة حماس لطالما رفضا حل الدولتين وكانا ملتزمين بتدمير "الدولة اليهودية"، مضيفا أن ما من أحد دفع ثمنا أكبر من الفلسطينيين في غزة.

    ورغم أنه يرى أن القضاء على السنوار كان ضروريا من أجل أن يكون تنفيذ الخطوة التالية ممكنا، فإن وفاته لا تعني أبدا كل شيء، فالشرط المُرضي -باعتقاده- هو أن يكون لإسرائيل قائد وائتلاف حاكم مستعد لاغتنام الفرصة التي حدثت الخميس.

    وتساءل فريدمان: "هل يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يرقى إلى مستوى صورته التشرشيلية ويتماشى مع شيء كان يرفضه في السابق؟"، في إشارة إلى ونستون تشرشل، الذي يعده كثيرون أنه أعظم من تولى رئاسة الحكومة في بريطانيا مرتين الأولى خلال الحرب العالمية الثانية بين عامي 1940 و1945 والثانية بين عامي 1951 و1955.

    ونقل عن مصادر دبلوماسية أميركية وعربية وإسرائيلية -لم يكشف تفاصيل عن هوياتها- أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن و3 زعماء عرب بحثوا خلال الشهر الماضي أو نحو ذلك، أفكارا تتعلق بما يجب القيام به في "اليوم التالي" لإنهاء الحرب ولإعادة إعمار غزة "ما بعد حماس".

    وكشف عن أن الفكرة العامة تتلخص في أن يوافق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على تعيين الاقتصادي ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض -الذي يصفه فريدمان بأنه يتمتع بسمعة ممتازة في النزاهة- لقيادة حكومة تكنوقراط جديدة وإصلاح السلطة الفلسطينية، واجتثاث الفساد وتحديث حوكمتها وقواتها الأمنية.

    وقال إن من شأن السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها أن تطلب رسميًا -وتشارك في- قوة دولية لحفظ السلام تضم قوات من الإمارات ومصر، وربما من دول عربية أخرى وحتى دول أوروبية، لتحل محل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

    ومع ذلك، يدرك نتنياهو أن العرب لن يشاركوا في قوة حفظ سلام عربية أو دولية "لتنظيف الفوضى" في غزة إلا إذا كان ذلك جزءا من عملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، حسب فريدمان.

    أما صحيفة واشنطن بوست، فقد اتفقت مع فريدمان في أن استشهاد السنوار قد يمهد الطريق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى "الذي طال انتظاره".

    فقد ادعت هيئة تحرير الصحيفة أن يدي السنوار كانتا "ملطختين بدماء الفلسطينيين والإسرائيليين"، وأن وفيات المدنيين نجمت هي الأخرى عن قراراته، حسب تعبيرها.

    غير أن ما لا يبدو جليا أكثر -برأيها- هو إذا ما كان مقتله سيعجل بنهاية الصراع، ومع ذلك فهي تعتقد أن مقتل السنوار يمكن أن يخلق فرصة لتجديد المحادثات حول اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى.

    ورأت أن الفرصة سانحة أمام نتنياهو، وعليه أن يغتنمها ويقاوم نزعته "المتغطرسة" والنصائح التي يسديها له أعضاء اليمين المتطرف في حكومته.

    ووجهت الصحيفة نصيحة للرئيس الأميركي جو بايدن بضرورة المثابرة في دفع إسرائيل نحو تنفيذ صفقة لوقف إطلاق النار، واحتواء حرب الصواريخ المتبادلة مع إيران، مشيرة إلى أن "حجته باتت الآن أقوى من ذي قبل لحمل إسرائيل على التوقف عن تأجيل خطة إستراتيجية لمرحلة ما بعد حماس، وما بعد الحرب على غزة".

     

    ليست نقطة تحول

     

    وبدورها، أوردت مجلة فورين بوليسي تحليل دانييل بايمان، الأستاذ بجامعة جورج تاون، الذي أكد أن "اغتيال إسرائيل للسنوار لا يمثل نقطة تحول".

    ورغم أن بايمان، وهو كذلك زميل بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، ذكر أن وفاة زعيم حماس قد تمثل انتصارا سياسيا لنتنياهو، فإنه شدد على أن إسرائيل لا تزال بعيدة كل البعد عن التوصل إلى خطة واقعية لحكم غزة.

    "ولكن أي نوع من حماس سوف ينهض بعد السنوار؟" يتساءل بايمان، ليجيب بأنه يعتقد أن "الحملة الإسرائيلية المدمرة ضد الحركة وغزة ستمثل درسا لزعمائها المستقبليين حول مخاطر مواجهة عدو أقوى وأكثر تصميما"، لكنه أبرز أن حماس ستستفيد من الوقت لإعادة تجميع صفوفها وإعادة بناء منظمتها.

    وتنبأ الكاتب بأن يضاعف قادة حماس في المستقبل جهود المقاومة، إذ تمكنت المنظمة -في ظل قيادة السنوار- من توجيه ضربة قوية لإسرائيل، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الخريطة السياسية، وألحقت الضرر بسمعة إسرائيل الدولية، وعليه فإن حماس ستعتبر إنهاء الصراع بمنزلة تراجع لهذه المكاسب.

    أما إسرائيل، فإنها لا تُظهر من جانبها أي إشارة على أنها ستخفف من حدة هجماتها على غزة، ذلك أن التزامها الخطابي بتدمير حماس تقابله أفعال على الأرض، لكن حماس صامدة، والمنظمة تعافت من خسائر قيادية كبيرة في الماضي، حسب الكاتب.

    ولا يرى بايمان أن إسرائيل ستجنح للسلم، مما يعني أن القتال بين الطرفين سيستمر، وربما يحول غزة إلى "بلد فاشل"، وفي مثل ذلك المناخ فإن حماس، حتى لو كانت ضعيفة وغير منظمة، سوف تكون قادرة على الصمود وربما حتى الازدهار، على حد تعبيره.

    ------------------انتهت النشرة------------------


    http://www.alhourriah.ps/article/95091