• الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 15/10/2024 العدد 1132
    2024-10-17

     الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

    افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

     

     

    عن "إسرائيل ديفينس" 15/10/2024

     

     

    أكبر إخفاقين أمنيين: استهتار متكرر يكبّد إسرائيل أثماناً باهظة

     

     

    بقلم: دان أركين

     

    اندلعت حرب "يوم الغفران" في 6 تشرين الأول 1973، بينما اندلعت حروب "السيوف الحديدية"، و"سهام الشمال"، و"نظام جديد" في 7 تشرين الأول 2023. إن التوقيت الذي يفصل هذين الحدثين المأساويَين هو 50 عاماً يعيد إلى الأذهان أكبر إخفاقين أمنيَين في تاريخ إسرائيل.

    وهذا التقارب في التواريخ صادم؛ إذ إن الجمهور واجه، يوماً بعد يوم، وبفارق 50 عاماً، إخفاقين من أكبر الإخفاقات في تاريخ الدولة، وقد قيل قديماً، إن الإخفاق إذا وقع مرة واحدة فإنه قد يُغتفر، لكنه إذا تكرر، فلا مغفرة ولا تسامح. لقد ارتكبت القيادات العليا للدولة أخطاء جسيمة في المرحلتَين كلتيهما؛ فهاتان الحربان كان في الإمكان منعهما، ولم تكن هناك ضرورة لحدوثهما. وقد قُتل الآلاف من الجنود وجُرحوا، واختُطف مواطنون، وتم تهجير عشرات الآلاف من المواطنين من منازلهم المدمرة، وتكبدت الدولة وسكانها ومؤسساتها خسائر هائلة.

    على مدار العام الماضي المروّع، سمعنا وقرأنا ملايين الكلمات والتحليلات بشأن 7 تشرين الأول، بشأن الأسباب، والإجابات عن أبسط الأسئلة على غرار "كيف حدث ذلك؟"، و"كيف كان من الممكن أن يحدث؟"، و"أين كان الجميع؟"، و"أين كانت الحكومة ورئيسها؟ وأين كان الوزراء؟ بل أين كان الجيش، و(الشاباك)، وكل من كان من واجبه المحافظة على أمن سكان دولة إسرائيل؟"

    لوصف "كيف حدث ذلك"، تم استخدام كل التعبيرات التي يقدمها القاموس: الغطرسة، والهبريس [1] والثقة المفرطة بالنفس، و"أنا وليأتِ من بعدي الطوفان"، والتكبر، والغرور، والاستهانة. دعونا نركز على كلمة الاستهانة؛ ففي قاموس أكسفورد العبري - الإنكليزي، تُترجَم الكلمة العبرية المستخدمة لتوصيف ما حدث (وهي كلمة "زِلزول") إلى عدة مصطلحات في الإنكليزية، وتحمل معانيَ متنوعة: عدم الاحترام، والتقليل من شأن الآخرين، والاستخفاف. كل هذا كان قائماً في القيادة السياسية - العسكرية حتى 7 تشرين الأول في الساعة 06:29 صباحاً. ولعل هذه الكلمة هي التي ستكون افتتاحية تقرير لجنة التحقيق الوطنية عندما يتم تشكيلها.

    ما حدث كان استهانة شاملة، وخطِرة، ومقلقة؛ استهانة بالأوامر والإجراءات، واستهانة بالتعليمات الثابتة، وبتعليمات القيادة العليا، وبالأنظمة، وبالنظام الصحيح، كما أنه استهانة بعمل الآخرين، وبرأي المراتب الدنيا، وخصوصاً إذا كان العنصر ذا رتبة منخفضة بدرجة ضابط صف. فضلاً عن أنه استهانة بما تراه جنديات المراقبة عبر الشاشات وما يبلّغن به، وبما تكتبه جندية (لأنها ليست ضابطة) عما تراه وتعرفه وتفهمه بشأن ما سيحدث. إن الأمر أيضاً استهانة من ضابط برتبة مقدَّم بما تبلّغه رقيبة لأنها أنثى أدنى منه منزلة، ومن جانب لواء في الجيش الإسرائيلي يتلقى التقارير ليلاً، ويحدد اجتماعاً لليوم التالي في الساعة 08:00 صباحاً.

    ما حدث هو استهانة، بطريقة تكاد تكون إجرامية، بالتقارير الاستخباراتية على مختلف المستويات، وبما كتبه الأكاديميون المتخصصون في المجالات ذات الصلة، واستهانة وازدراء كاملان من الساسة تجاه مَن تجرّؤوا على الاحتجاج ضد محاولات إسكات الأصوات، والاقتراب من الديكتاتورية، والمبادرات التي تهدف إلى قلب النظام، وبقضاة المحكمة العليا، وصيحات استهزاء بادية في أصوات أعضاء الكنيست، والتي تدعو إلى "إرسال" طياري السرب 69 إلى الجحيم، وهو السرب الذي قضى على نصر الله في مخبئه في بيروت.

    لقد أثبتت السنة الماضية أن الاستخبارات موجودة، وأن الجهات المهنية في الاستخبارات قدّمت توقعات دقيقة، وأن المعلومات الاستخباراتية التي تنبأت بأحداث 7 تشرين الأول كانت موجودة، وتم توزيعها على صانعي القرار وكبار المسؤولين، ووُضعت على المكاتب المعنية، لكن تم التعامل معها باستهانة لأنها لم تتناسب مع "التصور السائد". وحدث ذلك الآن، كما حدث قبل حرب يوم الغفران، حينما قال ساسة إسرائيليون، إن "الجيش المصري لن يجرؤ على عبور القناة"، وهي مقولة مطابقة تماماً لمقولة "حماس لن تنجح في اجتياز السياج".

    كانت هناك إشارات واضحة، وشهادات عينية، وتسجيلات، وإشارات استخباراتية، وتصريحات مكتوبة وشفوية من العدو في مواد مكشوفة وتقارير سرية. وكل هذا كان موجوداً وقوبل باستهانة عميقة عشية 6 تشرين الأول 1973 إزاء تقارير بشأن إجلاء عائلات الخبراء السوفياتيين من مصر، وتدريبات عبور قناة السويس، تماماً كما حدث مع الاستخفاف بالتقارير التحذيرية عن تدريبات اقتراب من السياج، واستخدام سيارات تويوتا من جانب "حماس" عشية 7 تشرين الأول 2023.

    لقد أثبتت سنة مضت من الحرب على قطاع غزة وفي لبنان مؤخراً أن الاستخبارات تجيد عملها، فهي تعرف كيف تجمع المعلومات الاستخباراتية؛ إذ إن شعبة الاستخبارات العسكرية، تقوم بالبحث، وتوزع المعلومات. أمّا ما يجب التحقيق فيه بصورة أعمق في لجان التحقيق المتعددة، سواء العسكرية أو المدنية، فهو يتعلق بصورة أقل بالجوانب المهنية، وأكثر بالجوانب النفسية والذهنية للعاملين في هذا المجال.

    كيف يمكننا أن نعلّم القادة والضباط من جميع الرتب؛ من رقيب وملازم وحتى لواء، كيف يتعاملون بجدية مع مرؤوسيهم، ومع المواد التي يقدّمونها إليهم؟ وكيف نشكّل آليات تضمن وصول جميع المعلومات الضرورية إلى القائد لاتخاذ القرارات والقيام بمهامه، مع التشديد على "كل المعلومات"، بما في ذلك الأمور التي يمكن أن يعتقد شخص ما أن القائد لن يرغب في قراءتها لأنها لا تتفق مع رأيه. وفي إطار استخلاص العِبَر من الحروب السابقة، تم إنشاء وحدات "إيفخا مستبرّا"[2] أو وحدات "المراقبة"، لكن يبدو أن هذه الوحدات، في 7 تشرين الأول، لم تقم بعملها.

    تثبت النجاحات الكبيرة التي حققها الجيش الإسرائيلي في الحروب على قطاع غزة ولبنان خلال السنة الفائتة معادلة إخفاق 7 تشرين الأول؛ كانت هناك معلومات، وكانت هناك استخبارات، وكانت هناك قدرات، لكن عندما يسود الاستهتار، تأتي الكارثة. وهناك درس آخر من ذلك اليوم، وهو خيبة الأمل من العالم الكبير الواقع وراء البحار؛ ففي كلتا الحربين (أوكرانيا، و7 تشرين الأول)، قامت قوة عظمى ومنظمة "إرهابية" بغزو دولة مجاورة من دون أي استفزاز.

    أمّا العالم الحُر، فيتصرف كما لو كان جالساً على الجدار، فهو يردّ من بعيد، ويحذر من الاقتراب أكثر من اللازم إلى النار. ويزود هذا العالم جيش أوكرانيا بأحدث الأسلحة والذخائر، كما هبطت طائرات عملاقة في مطار بن غوريون وزودت الجيش الإسرائيلي بمعدات عسكرية من الولايات المتحدة، ومع هذا، فإنه لا يوجد تدخّل عسكري من قوات الحلفاء. هكذا تجري الأمور في القرن الحادي والعشرين، بعكس القرن العشرين؛ عندما أرسل الحلفاء جيوشاً ضخمة لإنقاذ أوروبا من الأنظمة الديكتاتورية القاتلة.

    منذ انطلاق حرب "السيوف الحديدية"، وحتى ليلتين من هجمات الصواريخ الإيرانية، إحداهما، الأسبوع الماضي، يقف بحزم إلى جانب إسرائيل قائد الدولة الأقوى في العالم، الرئيس جو بايدن. أمّا الحلفاء الآخرون، فقد كانوا مخيبين للآمال بشدة؛ فبريطانيا أعلنت حظراً جزئياً للأسلحة، وهولندا فعلت الأمر نفسه. وفي فرنسا، تم منع مشاركة إسرائيل في معرض الطيران، ولا توجد توقعات كبيرة من باريس، وهي، كحدّ أقصى، يمكنها ربما المساعدة في التقدم نحو حل ما في لبنان.

    أمّا السياسة الأميركية تجاه الحوثيين في اليمن، فهي غريبة؛ إذ يطلق الحوثيون صواريخ في اتجاه إسرائيل كل بضعة أيام، وقبالتهم، في البحر الأحمر، يقف الأسطول الخامس للولايات المتحدة، وهو قوة بحرية هائلة مزودة بأسلحة هجومية ومئات الطائرات المقاتلة والذخائر. وفي الإقليم بأسره، بما يشمل شرق البحر الأبيض المتوسط، هناك حاملات طائرات والأسطول السادس، كلها تجوب المنطقة. ومع ذلك يبدو أن القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" في حالة سبات، بينما الحوثيون يتسلحون بسرعة ويهاجمون البلد من إيلات جنوباً حتى تل أبيب شمالاً، من دون رد من الأسطول الخامس للولايات المتحدة. وليس لدينا في إسرائيل، في هذا المضمار، ما نعتمد عليه سوى منظومة "حيتس 2" و"حيتس 3".

    هذا هو حال العالم في سنة 2024؛ قوة عظمى (روسيا) ومنظمتان "إرهابيتان" ("حماس" و"حزب الله") يغزون، ويهاجمون، ويدمرون، ويقتلون، بينما العالم الحر يقدّم المساعدة بسخاء، لكنه يتجنب التدخل المباشر. وفي ساحات العواصم الأوروبية، وفي الجامعات الأميركية، وفي الدول التي تُعتبر "صديقة" لإسرائيل، يتجمع الملايين من الناس الذين لا يدينون "المعتدي"، إنما يهاجمون الضحية.

    ________

    [1] الهبريس (Hybris أو Hubris) هو مصطلح قديم يأتي من اللغة اليونانية ويعني الغطرسة أو التكبر المفرط، وخاصة عندما يكون مرتبطاً بتحدي أو تجاهل القوانين الأخلاقية أو الآلهة. في الأدب الكلاسيكي غالباً ما يرتبط الهبريس بالشخصيات التي تتصرف بتكبر شديد وثقة مفرطة بالنفس، ما يؤدي في النهاية إلى سقوطها أو معاناتها من العواقب الوخيمة. في السياقات الحديثة، يستخدم المصطلح للإشارة إلى الأشخاص الذين يتجاوزون حدودهم بشكل مغرور أو الذين يستخفون بالتحذيرات أو بالعواقب نتيجة لثقتهم الزائدة.

    [2] توجّه يستخدم استخباراتيا في المشهد الإسرائيلي، وهو يتلخص في استعراض توجهات تتعارض بشكل منهجي مع التوجه السائد في المنظمة الاستخباراتية، بهدف كسر التفكير النمطي، والمصطلح الذي تستخدمه الاستخبارات، وترجع التسمية إلى التلمود البابلي، وتعني التشكيك بأمور يبدو معاكسها أكثر منطقية.

    --------------------------------------------

    عن موقع "مركز بيغن - السادات للدراسات الاستراتيجية" 15/10/2024

     

    مـقـامـرة الـجـيـش الإسـرائـيـلـي فـي جـنـوب لـبـنـان

     

     

    بقلم: عيران أورتال

     

    على ظهر النجاح غير المتوقع، من حيث شدته، المتمثل في سلسلة ضربات أطاحت بالقيادة العليا لـ"حزب الله" ومنظومات إطلاق الصواريخ لديه، انطلق الجيش بأوامر من الحكومة الإسرائيلية إلى حملة برية على لبنان.

    أثّر الارتباك والخلل اللذان أصابا "حزب الله"، من دون شك، ليس فقط في قدراته في القيادة الاستراتيجية والتنظيمية، بل في قدراته التشغيلية أيضاً. فانخفض معدل إطلاق الصواريخ لدى الحزب في الأسبوعين الأخيرين بشكل ملحوظ، مقارنةً بالتوقعات التي وضعتها سيناريوهات الحرب للجيش الإسرائيلي. الأهم من ذلك، تراجعت جودة إطلاق الصواريخ، وهي القدرة على تنظيم قصف مكثف بالصواريخ لتجاوز الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وكذلك القدرة على تحديد الأهداف في إسرائيل بدقة.

    في ظل اختلال التوازن الذي يعاني جرّاءه العدو تظهر الأهداف المتواضعة لعملية "سهام الشمال" بشكل لافت. فمن ضمن كل ما قيل ونُشر يتمثل الهدف من العملية في إعادة سكان الشمال إلى منازلهم من خلال "تطهير" خط القرى اللبنانية القريب من الحدود الإسرائيلية والأراضي المفتوحة من البنى التحتية التابعة لوحدة الرضوان، والتي كان من المفترض أن تستخدمها الوحدة كنقطة انطلاق للهجوم على الجليل.

    تتماشى الخطة، المتواضعة نسبياً، مع الهدف السياسي والضغوط الأميركية لتقييد الحرب. وفي الظاهر، قد تعني الخطة المحدودة أن المخاطر محدودة أيضاً، لكن من منظور عسكري بحت تستند هذه الخطة إلى افتراضات مبسطة، لكنها تنطوي على مخاطر تشغيلية كبيرة. ويُمكننا، من خلال تحديد هذه الافتراضات بوضوح ووضعها في أساس التقييم المستمر للوضع، التأكد مما إذا كانت الظروف تغيّرت، واتخاذ قرار بشأن تعديل الخطة بأسرع وقت ممكن، وبأقل تكلفة ممكنة.

    وكما أسلفنا وبناءً على التقارير العسكرية الإسرائيلية، دخلت قوة تضم نحو فرقتين (ستنضم إليهما فرقة ثالثة قريباً)، أي ما بين 6 و10 فرق قتالية لوائية، إلى منطقة القرى والأراضي الخالية القريبة جداً من الحدود الإسرائيلية، بهدف تدمير البنية التحتية لوحدة "الرضوان" هناك. وبعبارة أُخرى: أولاً، بدأ الجيش الإسرائيلي بعملية تستهدف البنية التحتية، وليس العدو نفسه. وثانياً، يفضّل الجيش الإسرائيلي، إذا سمح العدو بذلك، تنفيذ المهمة من دون اشتباكات قتالية.

    وعلى الرغم من أن القيادة العليا لـ"حزب الله" تم تحييدها وتدمير جزء كبير من المنظومات الصاروخية، فإن القوة البرية لدى الحزب في الجنوب اللبناني لم تتأثر كثيراً. إن البيانات العسكرية الإسرائيلية التي تشير إلى الأهداف المحدودة للعملية موجهة إلى الجمهورَين الإسرائيلي والأميركي، لكن لا يمكن استبعاد احتمال أن تكون موجهة أيضاً إلى العدو. وتتمثل الرسالة الضمنية للحزب في التالي: "إذا تجنّبت مواجهة القوات الإسرائيلية في العملية المحدودة، فسيتم تجنُّب توسيعها، وهو ما يتيح لقوات الجبهة الجنوبية فرصة البقاء في الحرب في غزة". وإذا ما كانت هذه الرسالة صحيحة، فمن الواضح أن الاستراتيجية الإسرائيلية تسعى لإنهاء الحرب عبر اتفاق دولي، بعد تدمير البنية التحتية على طول الحدود.

    من الناحية العسكرية البحتة تواجه الفكرة التشغيلية للقيادة الشمالية مشكلات. فنشر القوات الإسرائيلية في قطاع رفيع جداً، في مواجهة جيش "حزب الله"، الذي يمتلك مقدرات عسكرية كبيرة تشمل الهجمات بصواريخ مضادة للدروع، ومدافع الهاون، والكمائن، يعرّض الألوية الإسرائيلية لمبادرات العدو الخطِرة. وبرز هذا الخطر، على الأقل، من خلال معركة واحدة جرت حتى الآن، إذ أصيب نحو 50 مقاتلاً من كتيبة "إيغوز". من الواضح أن الجيش الإسرائيلي يحاول التغلب على هذا الضعف بحماية القوات، عبر التركيز على الجهد الجوي الهائل، وعلى توجيه قوة نارية هائلة ضد الهضاب التي تشرف على قواتنا. ومع ذلك، ومن وجهة نظر عسكرية، سيكون من الأفضل تطويق جيش "حزب الله" في الجنوب اللبناني من خلال هجمات سريعة عبر الألوية نحو عمق الجنوب اللبناني، وقطع خطوط الإمداد على طول نهر الليطاني، أو الزهراني، أو الأولي، حيث تعتمد هزيمة العدو عادةً على تقليل الاحتكاك بالدفاعات الصلبة والتقدم بسرعة إلى العمق.

    وعلى المستوى التكتيكي الدقيق، ينبغي تقليل الهجمات السريعة والحاسمة عبر الألوية من الخطر الرئيسي الذي يهدد القوات الإسرائيلية (تهديد الصواريخ المتقدمة المضادة للدروع. بشكل عام)، فالمعركة الخاطفة تجعل من الصعب على العدو الدفاع، وتقلّل فرص نصب الكمائن وإطلاق النار.

    وعلى الرغم من مخاطرها، فإن استراتيجية "تنظيف" المنطقة الضيقة وإنهاء الحرب في الشمال، عبر اتفاق، هي اختيار شرعي. إن جيش "حزب الله" في الجنوب اللبناني يشكل تهديداً عسكرياً كبيراً قادراً على تكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة.

    وبعد عام من الحرب في غزة، لم يعد الجيش الإسرائيلي جيشاً ناشطاً، ومجهزاً، ومتحمساً مثلما كان في بداية الحرب على غزة. ربما يفضل العدو قبول مثل قواعد العمل هذه، سعياً للحفاظ على قوته، بدلاً من مواجهة الجيش الإسرائيلي واستعادة كرامته المفقودة، ويُحتمل أن تكون هذه التوجيهات إليه إيرانية.

    ومهما يكن من أمر، يجب تحديد الافتراضات التي تستند إليها الخطة الحالية وفحص صحتها. ويجب أيضاً الاستعداد لحدوث تغيير فوري في الخطة في الشمال، إذا تبين أن العدو قرر عدم التعاون. وفي الواقع، قد يكون لعملية برية واسعة، بانتظار صدور الأوامر في منطقة إصبع الجليل ورأس الناقورة تأثير رادع في القرار الذي ستتخذه قوات "حزب الله" البرية في الجنوب.

    هنا، علينا أن نعرف الحالة القائمة بوضوح:

    بدأ الجيش الإسرائيلي هجومه على البنية التحتية، لا على العدو.

    في هذه الظروف، عادةً، سيكون الاشتباك القتالي بمبادرة من العدو نفسه.

    الخطة الحالية ليست مثالية، من حيث تأمين القوات. نحن نترك الوحدات الدفاعية والهجومية التابعة للعدو، التي لا تزال سليمة في معظمها، تراقب التحركات الإسرائيلية وتتصرف بناءً على ذلك.

    إن اختلال التوازن، بطبيعته، هو أمر مؤقت. فكلما مرّ الوقت، قلّ أثر الضربات، واستعاد العدو قدرته التشغيلية. إن استعادة العدو ثقته بنفسه مع ظهور فرص تشغيلية على الأرض قد تثبت أن هذا المنطق هو السائد في صفوف قوات العدو في الجنوب.

    إن اختيار استراتيجيا ساعية لوقف إطلاق النار عبر اتفاق، سيترك "حزب الله" حتماً كقوة عسكرية في لبنان.

    إذا تحققت المخاطر المشار إليها في النقاط 1-4 في عدة أحداث متتالية، فيجب تنفيذ خيار تطويق الجيش البري لـ"حزب الله" في الجنوب بسرعة. ويجب تحضير مثل هذه الخطة، بصفتها إجراءً عملانياً، وتهديداً ضمنياً للعدو.

    أمّا النقطة الخامسة، فتتعلق بالاستراتيجية الإسرائيلية. وفي الوقت الحالي، لا تسعى هذه الاستراتيجية لنزع سلاح الجنوب اللبناني بالقوة، بل للتوصل إلى اتفاق سياسي ما، على الأرجح اتفاق يتقمص روح القرار 1701، وهو قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرب لبنان الثانية. ونظراً إلى أننا تعلمنا جميعاً من التجارب مدى صدقية آليات نزع السلاح لدى أعدائنا، فإن المعنى الاستراتيجي هو أن الحرب الحالية في لبنان ليست سوى مقدمة للحرب القادمة.

    إن استراتيجية الجيش، كما أسلفنا، ليست بالضرورة استراتيجيا خاطئة. لكن علينا أن ندرك أن "حزب الله"، على الرغم من النجاحات التي حققتها ضرباتنا حتى الآن، ليس جيشاً مهزوماً، وخصوصاً وحداته البرية في الجنوب. إسرائيل تقاتل على سبع جبهات، وإطالة أمد الحرب في لبنان تخدم حركة حماس في غزة إلى حد كبير، والتي خفّ الضغط عليها. ومن الصعب أيضاً رؤية آلية واضحة لإنهاء الحرب المباشرة التي بدأت بين إيران وإسرائيل. إن كل استراتيجيا تنطوي على مزايا وعيوب، والمهم فهمها.

    تسعى الاستراتيجية الحالية لتقصير أمد الحرب الطويلة التي تورطنا فيها. المعنى الرئيسي لذلك هو أن حرب لبنان الحالية لن تكون الحرب الأخيرة. أمّا في الحرب القادمة، فسيتعلم "حزب الله" من دروس فشله في هذا الصراع. ولن تتمكن إسرائيل في المستقبل من الاعتماد على سلسلة من العمليات السرية لتوفّر لها المزايا نفسها. من المحتمل أيضاً ألّا يتجدد بنك الأهداف بالسرعة نفسها، نظراً إلى تعلّم العدو دروساً بشأن أمن المعلومات. تُدار الحرب الحالية بتكتيكات مكافحة "الإرهاب"، مثل اغتيال القادة البارزين، التي حققت إنجازات تشغيلية مفاجئة. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه النجاحات، فإن القرار الإسرائيلي على الأرض تمثّل في عدم استغلال هذه اللحظة لهزيمة جيش "حزب الله". ومثل هذا القرار لا يعكس ثقة مفرطة بالقدرات العسكرية.

    للقضاء على القوة العسكرية المستقبلية لـ"حزب الله"، المستفيدة من دروس الحرب الحالية، سيتعين على الجيش الإسرائيلي أن يصل، ليس فقط بإصرار أكبر، بل بتكيُّف أفضل، إلى تلك الحرب. وينبع الحذر الإسرائيلي الحالي، على الأقل جزئياً، من إدراك أن قواتنا العسكرية عرضة بدرجة غير صحية لقدرات العدو النارية، وليست فعالة بما يكفي لـ"تطهير" الجنوب من دون الانغماس في حرب عصابات أبدية.

    قد تنجح الاستراتيجية الحالية، وقد نتمكن من إعادة سكان الشمال والتوصل إلى اتفاق. لكن هذا النجاح، إذا تحقق، لن يعكس فقط الإنجاز العملياتي للضربات الجوية والسرية التي نزلت على العدو، بل سيكشف أيضاً عن حدودها. لن يقوم أحد بتفكيك "حزب الله" في لبنان نيابةً عنا. وإذا ما احتفظ الحزب بجزء كبير من قوته، فستظل قدرته على الردع قائمة. ولن تتمكن إسرائيل من فرض نزع السلاح بالقوة. إن هزيمة الحزب، مع بقائه أيضاً، سيجعلان الساعة الرملية تتجه نحو مواجهة قادمة مع عدو أكثر ذكاءً وأكثر حرصاً على استعادة كرامته.

    إذاً، تؤشر الحرب الحالية إلى بداية المنافسة بين الطرفين، تحضيراً للحرب المقبلة. قد تكون هذه المواجهة الحاسمة، ليس فقط في الشمال، بل أيضاً في مستقبل المحور. وعلى الجيش الإسرائيلي تطوير قدرة واضحة وحاسمة على إنهاء العدو عسكرياً. قدرة عسكرية، وليس مجرد تمديد لأساليب مكافحة "الإرهاب".

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 15/10/2024

     

     

    يجب وقف الضم وانقاذ اسرائيل

     

     

    بقلم: ليئو عميحاي

     

    في حين أن مواطني اسرائيل يتابعون تطورات الحرب، تسير الحكومة بهدوء وتصميم نحو الهاوية في جبهة يقل التحدث عنها. الى جانب قضية المخطوفين فان الحرب في قطاع غزة وفي الشمال وعشرات آلاف المهجرين، كل ذلك ابرز في السنة الماضية المهمة الرئيسية للحكومة: ضم المناطق وتحويل اسرائيل من دولة يهودية وديمقراطية الى دولة يهودية مسيحانية.

    هذه هي نتيجة الصفقة السياسية التي تمكن من وجود سلطة حكومة اليمين الكاملة: الحريديون يحصلون على اعفاء من التجنيد، بنيامين نتنياهو والليكود يحصلون على الحكم (مع تدمير الديمقراطية)، واليمين المسيحاني يحصل على الضم على طبق من فضة. في حين أن تدمير الديمقراطية ومسألة تجنيد الحريديين تحصل على نوع من الرد من المحكمة العليا، الى جانب معركة شجاعة من قبل جمهور مصمم، فان ضم المناطق يتقدم بوتيرة سريعة مع عدم وجود أي معارضة أو نضال جماهيري. النتائج مذهلة.

    إن فرض السيادة الاسرائيلية على المناطق المحتلة بدون اعطاء حقوق متساوية للفلسطينيين يعني تحويل اسرائيل الى دولة غير ديمقراطية. هذه المهمة الوطنية – تحويل اسرائيل الى دولة ابرتهايد – توجد لها تداعيات مدمرة على الدولة، الى جانب الاضرار بالفلسطينيين والطابع الاخلاقي، وفي المقام الاول المس بأمن الدولة واقتصادها وعلاقاتها الخارجية.

    الباحثون الذين يتابعون الاستيطان في حركة “السلام الآن” وثقوا اقامة 43 بؤرة استيطانية غير قانونية منذ بداية الحرب. وللمقارنة، في السنة يقيم المستوطنون بالمتوسط حوالي 6 بؤر استيطانية في السنة. في حين في هذه السنة اقاموا بؤرة في كل اسبوع تقريبا. رغم عدم قانونية البؤر الاستيطانية إلا أنه لم يتم اخلاء أي بؤرة منها. بالعكس، الجنود يحرسونها رغم النقص في القوى البشرية في الجيش.

    البؤر الاستيطانية غير القانونية مرتبطة بالحبل السري مع عنف المستوطنين وطرد الرعاة والمزارعين الفلسطينيين من اراضيهم، وهذه ظاهرة يعتبرها رئيس الشباك “ارهاب يهودي”. ورغم ذلك، في ظل الحرب، جند الجيش المستوطنين لحراسة المستوطنات والبؤر الاستيطانية، والوزير ايتمار بن غفير عمل على أن توزع الشرطة السلاح عليهم. النتائج: منظمة حقوق الانسان “بتسيلم” وثقت أنه منذ بداية الحرب تم طرد 19 تجمع فلسطيني من اراضيهم بشكل كامل، و12 تجمع تم طردهم بشكل جزئي، وعشرات التجمعات تتعرض للهجمات بشكل روتيني.

    اقامة البؤر الاستيطانية هي فقط جزء من هذا الاسلوب. الى جانبها تم الدفع قدما في المستوطنات بطريقة قانونية بحوالي 9 آلاف وحدة سكنية، بما في ذلك اقامة خمس مستوطنات رسمية جديدة. اضافة الى ذلك فانه منذ بداية السنة تمت مصادرة في المناطق اكثر من 24 ألف دونم (مساحة تساوي في حجمها مساحة هرتسليا)، من خلال الطريقة المعروفة بالاسم المغسول “اعلانات عن اراضي دولة”. هذا الاسلوب استهدف تبرير مصادرة اراضي الفلسطينيين في الضفة ونقلها لاحتياجات المستوطنات. مساحة الاراضي التي تمت مصادرتها هذه السنة اكبر من مساحة الاراضي التي تمت مصادرتها بنفس الطريقة منذ العام 2000 وحتى السنة الحالية.

    الحرب اضرت بشكل كبير بالاقتصاد الاسرائيلي، ولكنهم في المستوطنات لم يشعروا بذلك. ميزانية وزارة الاستيطان، الزائدة، التي تترأسها الوزيرة اوريت ستروك، ازدادت اثناء الحرب من 167 مليون شيكل الى 665 مليون شيكل بواسطة تحويلات في لجنة المالية لـ “اموال الائتلاف”. اضافة الى ذلك فانه بعد التقليص العرضي في الميزانية حصلت مشاريع خاصة في المستوطنات على اضافة بمبلغ 400 مليون شيكل. الحكومة حولت هذه السنة للمرة الاولى بشكل مباشر 75 مليون شيكل الى بؤر استيطانية غير قانونية.

    في نهاية المطاف، القرار الذي نشر في نيسان الماضي عن الاتفاق بين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وبين وزيرة المواصلات ميري ريغف على خطة خماسية بمبلغ 7 مليارات شيكل لشوارع بين المدن في المستوطنات. هدف هذه الشوارع هو أن تربط المستوطنات والبؤر الاستيطانية التي توجد في عمق المناطق مع دولة اسرائيل وتحويلها الى ضواحي قريبة من القدس والمركز. في التسجيلات التي كشفها اعضاء حركة “السلام الآن” سمع سموتريتش وهو يقول بصراحة بأن هدفه هو ضم الضفة الغربية بدون اثارة غضب المجتمع الدولي.

    للمرة الاولى تم القيام ايضا بخطوات عملية للضم الرسمي والقانوني للمناطق. وللمرة الاولى حول الجيش بتشريع عسكري صلاحياته هو نفسه على المناطق الى وزارة حكومية (وزارة الدفاع). هكذا، تشكلت له وزارة الضم التي يقف على رأسها الوزير سموتريتش (وزير في وزارة الدفاع)، وله وزارة تماما (ادارة الاستيطان) مع مدير عام وموظفين عامين ورجال قانون يعملون على اخراج الى حيز التنفيذ مشروع الضم المدمر.

    القائمة طويلة جدا. في الطريق كانت هناك زيارات الوزير بن غفير في الحرم على أمل جر اسرائيل الى حرب يأجوج ومأجوج مع كل العالم الاسلامي، واضعاف متعمد للسلطة الفلسطينية على يد الوزير سموتريتش، الذي خلافا لموقف الجيش من شأن ذلك أن يخلق جبهة قتال اخرى، التي ستخلق فرصة عسكرية لتسريع خطوة الضم.

    اسرائيل تسير بشكل مباشر نحو تحولها الى دولة مسيحانية تسيطر على كل الفضاء من النهر الى البحر. المفارقة المريرة هي أن بالتحديد المواضيع الثلاثة المهمة جدا بالنسبة للجمهور في اسرائيل – الأمن (على رأس ذلك قضية المخطوفين)، الديمقراطية والاقتصاد – هي الاكثر تضررا من انقلاب الضم.

    إن النجاحات العسكرية مهما كانت كبيرة امام حزب الله، حماس وايران، لا يمكنها أن تعمي عيون الجمهور عن رؤية الاخطار الكامنة في النظرية الاستراتيجية التي حلمها هو الضم. يجب سؤال، هل من اجل الضم نحن على استعداد للتضحية بالأمن؟ هل من اجل الضم نحن على استعداد للتنازل عن اتفاقات سياسية، أمنية واقتصادية، مع الدول العربية؟ هل الاحتلال العسكري المباشر لملايين الفلسطينيين في القطاع وفي الضفة اضافة الى مئات البؤر الاستيطانية الاسرائيلية هو شيء نريد أن نفعله الى الأبد؟.

    إن حل الدولتين يطرح رد على الكثير من اخفاقات نظرية الضم؛ هو يسمح بخلق اتفاقات سياسية مع الدول العربية، التي شكلت تعاون اقتصادي، وبالاساس أمني، ضد ايران ومنظمات الارهاب. هذا الحل ايضا سيرسخ مكانة اسرائيل كدولة متساوية في اوساط الشعوب، ويوقف الضرر الذي يتسبب به الاحتلال العسكري المباشر للفلسطينيين.

    لقد حان الوقت للاستيقاظ والعمل. يجب أن نطلب من منتخبي الجمهور وقف الضم والدفع قدما بحل السلام. يجب اسماع صوتنا في كل المناسبات، في الشبكات الاجتماعية وفي المظاهرات وفي صناديق الاقتراع. محظور السماح للحكومة بجرنا الى الهاوية. لقد حان الوقت للنضال على مستقبلها، ومن اجل الدولة اليهودية والديمقراطية التي حلمنا بها. نحن يجب علينا وقف الضم وانقاذ اسرائيل.

    --------------------------------------------

     

    يديعوت 15/10/2024

     

     

    على إسرائيل اعلان استعدادها وقف الحرب بشرط تبني قرار 1559 الداعي لتجريد حزب الله من السلاح

     

     

    بقلم: لواء متقاعد غيورا آيلند، رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي سابقا

     

    التقارير الجارية والاحداث القاسية للايام الأخيرة تجعل من الصعب رؤية الصورة العامة، وهذه بالذات هي الهامة حقا.

    وبالفعل، لا تزال إسرائيل في حالة كبح حيال سبع ساحات ولا تنجح في اغلاق أي منها لا بالحل الوسط ولا بالنصر.

    ان استمرار هذا الوضع سيء لإسرائيل لوفرة من الأسباب، ورغم ذلك، التفضيل الواضح لحكومة إسرائيل هو استمرار القتال في كل الجبهات بلا نهاية.

    ان النهج البديل يفترض تحديد وضع نهاية مرغوب فيه، والتعبير عنه بتصريح رسمي وترجمة هذا الوضع المرغوب فيه الى اعمال تقربه. سنكتفي في هذا المجال بالتطرق الى لبنان – على إسرائيل أن تعلن على الملأ بانه سيسرها انهاء الحرب وإخراج كل قواتها من هناك اذا ما تم كما ينبغي تبني قرار الأمم المتحدة 1559، والذي يدعو الى نزع سلاح حزب الله. ولاجل إعطاء فرصة لان يحصل هذا من الصواب اتخاذ عمل سياسي متصالح، وبالتوازي عمل عسكري قاس. عمليا نحن نفعل العكس. نتنياهو وكاتس يتنازعان علنا مع الرئيس الأمريكي، الرئيس الفرنسي، الأمين العام للأمم المتحدة وكل طيف أوروبي يصل للزيارة. رئيس الوزراء “يطلب” بشكل مهين من الأمين العام للأمم المتحدة اخلاء قوات يونيفيل ويصرخ على الجمهور اللبناني. ومن جهة أخرى، وبشكل لا يصدق يوقفون الهجمات على بيروت.

    ما من الصواب عمله في الجانب السياسي، الى جانب ذاك التصريح العلني هو التوجه الى الرئيس الفرنسي بهذه الروح: “لفرنسا توجد مكانة تاريخية في لبنان وحساسة مفهومة لما يحصل في هذه الدولة. أنت، الرئيس الفرنسي، الرجل المناسب لتصدر مبادرة دولية تنقذ لبنان من افكاك ايران وحزب الله. مرغوب فيه أن تدعو اليك الى باريس رؤساء كل الطوائف في لبنان، بمن فيهم رئيس البرلمان الشيعي نبيه بري، وفي المرحلة الأولى تعملون على تعيين رئيس جديد للبنان. في المرحلة الثانية تدعو الى مؤتمر دولي في باريس، يدعى اليه، إضافة الى رؤساء الطوائف وزراء خارجية الولايات المتحدة والدول الغربية، الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس البنك الدولي والدول العربية المعتدلة. معا تتفقون على الطريق الذي يعود فيه لبنان لان يكون دولة تتحكم باراضيها. سيسر إسرائيل ان تتعاون بكل طريقة ممكنة تجدها صحيحة. بودي ان انقل عبرك رسالة الى الشعب اللبناني ولرؤساء طوائفه بان ليس لإسرائيل مصلحة إقليمية في لبنان. فضلا عن ذلك – شمال دولة إسرائيل مدمر ومثله أيضا جنوب دولة لبنان. هيا نعمل معا من أجل إعادة بناء هذه المناطق”.

    واذا ما طولبت إسرائيل من فرنسا أو الولايات المتحدة ان توافق على وقف نار في اثناء المسيرة، عليها أن ترفض بكياسة ولكن بحزم. هكذا نجيب: “طالما كانت لحزب الله قدرة للمس بإسرائيل والى أن يضطر للتنازل عن سلاحه سنواصل العمل ضده، لكن سيسرنا ان ينتهي هذا الوضع بأسرع وقت ممكن، إذ بودنا أن نصل الى إعادة البناء فيما لا يكون أي تهديد علينا من لبنان”.

    هذه المبادرة السياسية البسيطة، مثلما هي أيضا الاعمال الدبلوماسية الأولية الأخرى، لا تتم. من يكثر حقا من العمل السياسي هي ايران. ففي الأسبوع الأخير زار لبنان وزير الخارجية الإيراني ورئيس البرلمان الإيراني. جاءا ليس فقط كي يشجعا حزب الله بل أولا وقبل كل شيء كي يلتقيا برئيس وزراء لبنان، الشخصية السياسية الأهم في الدولة. لا حاجة لقدرة استخبارية رائعة لاجل التخمين بان الإيرانيين يجتهدون لعرقلة كل مبادرة دولية يمكنها أن تنقذ لبنان. اما نحن بالمقابل، ففي مزاج كلاسيكي يتمثل بالسلب – العدواني فنفضل ان نصرخ على الجميع لكننا لا نعمل أي شيء.

    --------------------------------------------

     

     

     

    معاريف 15/10/2024

     

     

    الإنجازات العسكرية تخلق لإسرائيل الفرصة لتصميم واقع افضل في الشرق الأوسط

     

     

    بقلم: د. شاي هار تسفي رئيس مجال الساحة الدولية والشرق الأوسط في معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمن

     

    ان اعلان البنتاغون عن النية لان ينصب في إسرائيل منظومة الدفاع الجوي من طراز ثاد ضد الصواريخ، بتفعيل من جنود أمريكيين، يعكس ارتفاع درجة في التأييد الواسع الذي تمنحه الإدارة الامريكية لإسرائيل منذ بداية الحرب. وقد وجد هذا تعبيره ضمن أمور أخرى في نقل مساعدة عسكرية بحجوم غير مسبوقة باطلاق حاملات طائرات وسفن حربية أخرى الى المنطقة، ببلورة تحالف دولي واقليمي لصد الهجمات الإيرانية في 13 نيسان و 1 أكتوبر، وبمنح مساعدة اقتصادية واسعة النطاق. المرة السابقة التي نصبت فيها الولايات المتحدة في إسرائيل قوات ومنظومات للدفاع ضد الصواريخ الباليستية كانت في حرب الخليج الأولى في 1991، الخطوة التي تجسد كم هي هذه خطوة شاذة من ناحية الإدارة.

    الى جانب الأهمية في تحسين قدرات الدفاع لإسرائيل، نصب منظومات توجد فيها معان استراتيجية وعملياتية، يبدو انه في نظر الإدارة يوجد في هذه الخطوة ما يعمق التنسيق مع إسرائيل لمواصلة الحرب بعامة وللمواجهة مع ايران بخاصة، ولا سيما في كل ما يتعلق باحداث وتوقيتات الهجوم الإسرائيلي المحتمل. هذا، في ضوء المعارضة العلنية من جانب الرئيس بايدن للهجوم على منشآت النووي والنفط الإيرانية وعلى خلفية التخوف في واشنطن من ان تعمل إسرائيل بدون تنسيق وثيق من شأنه ان يعرض للخطر مصالح واسعة للولايات المتحدة والدول العربية في المنطقة.

    بطبيعة الحال، تخشى الإدارة أيضا من ان تصعيدا إقليميا في الوقت الحالي والاثار المتوقعة على أسعار النفط من شأنها أن تؤثر على الانتخابات للرئاسة في 5 تشرين الثاني، وعمليا تمس بفرص نائبة الرئيس كمالا هاريس. في الأشهر الأخيرة أعربت محافل في الإدارة غير مرة عن استيائها من سلسلة اعمال نفذتها إسرائيل، وعلى راسها تصفية نصرالله، دون التشاور ودون التنسيق المسبق، بشكل يجسد إحساس انعدام الثقة بواشنطن. فنصب الصواريخ المرتقب يستهدف أيضا النقل الى ايران والى المحور الراديكالي الرسالة بشأن التزام الإدارة بامن إسرائيل، والاستعداد للعمل كتفا بكتف لاجل صد هجمات مستقبلية ضمن أمور أخرى، لاجل محاولة ردع طهران عن الرد، في سيناريو تهاجمها فيه إسرائيل.

    المكالمة الهاتفية التي اجراها بايدن ونتنياهو قبل بضعة أيام، لأول مرة منذ آب، كانت هامة لاجل محاولة تعميق التنسيق وتقليص الخلاف، ليس فقط في كل ما يتعلق بالهجوم في ايران بل وأيضا بالنسبة لاستمرار المعارك في غزة وفي لبنان. ففي نظر الإدارة، الضربات الشديدة لحزب الله ونزع قدراته تخلق فرصة تاريخية لتصميم واقع جديد في الدولة، تفتح ثغرة لتعيين رئيس في لبنان. هذا، بعد أنه منذ تشرين الثاني 2022، يعمل لبنان بدون رئيس في ضوء معارضة نصرالله لتعيين أي مرشح لا يكون حليفه.

    احد المرشحين هو قائد الجيش جوزيف عون. الى جانب المعنى السياسي لتعيينه كفيلة بان تكون أيضا أهمية في كل ترتيب مستقبلي في لبنان بسبب إمكانية ان يؤدي الجيش اللبناني دورا في حماية منطقة الحدود مع إسرائيل. عمليا، تحث الإدارة إسرائيل لان تحدد اهداف النهاية المرغوب فيها من ناحيتها حيال حزب الله. وذلك تخوفا من انه بدون استراتيجية خروج ومع حلول اشهر الشتاء، من شأن إسرائيل أن تنجر الى حرب طويلة في لبنان، مثل الحرب في غزة بشكل يزيد الاحتمالات للتدهور الى حرب إقليمية واسعة. فالدعم الأمريكي متعدد الابعاد هو العامود الفقري للامن القومي لدولة إسرائيل. في ضوء هذا على إسرائيل أن تعمل على تعميق التنسيق الاستراتيجي والتعاون الأمني العسكري مع إدارة بايدن ومع كل إدارة مستقبلية تنتخب، ولا سيما في ضوء إمكانية التصعيد في الحرب متعددة الساحات والمواجهة المباشرة مع ايران.

    ان الإنجازات العسكرية حيال حزب الله وحماس تخلق لإسرائيل الفرصة لتصميم واقع سياسي – امني اكثر راحة لها في الشرق الأوسط بعامة وفي غزة وفي لبنان بخاصة، تخلق الظروف لاعادة كل المخطوفين والمخطوفات وإعادة سكان الشمال الى بيوتهم. لهذا الغرض، عليها ان تعمل في مسارين متداخلين الواحد بالاخر. في البعد العسكري – ان تواصل ضرب قدرات العمل وترسانة السلاح لحزب الله. وتستكمل تقويض القدرات العسكرية والسلطوية لحماس. هذا بشكل يمس بقدر واضح بالحزام الناري الذي بنته ايران حول إسرائيل. وفي نفس الوقت، في المستوى السياسي، مطلوب من إسرائيل ان تبلور استراتيجية لاوضاع النهاية المرغوب فيها من ناحيتها في غزة وفي لبنان، وان تعمل على تحقيقها بالتسيق مع حلفائها في الغرب بشكل يسمح بالتركيز على التهديد الإيراني، وأولا وقبل كل شيء على صد السعي للوصول الى النووي العسكري. في المدى الابعد على إسرائيل أن تعمل على بلورة خطط لضعضعة استقرار النظام في طهران في ضوء الفهم بانه سيواصل الدفع قدما بايديولوجيته المتطرفة لابادة إسرائيل.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 15/10/2024

     

     

    إصابة المُسيرة لقاعدة غولاني كشفت ضعفا حرجا في منظومة الدفاع الجوي

     

     

    بقلم: عاموس هرئيلِ

     

    اصابة المسيرة أول أمس لقاعدة التدريب التابعة للواء غولاني في ريغفيم هي الهجوم الاكثر صعوبة في نوعه لحزب الله منذ بداية الحرب قبل اكثر من سنة. الحادثة التي قتل فيها اربعة جنود من غولاني وأصيب العشرات منهم كشفت الصعوبة في منظومة الكشف والدفاع من المسيرات. هذا مقارنة مع النجاحات الكثيرة التي تسجلها منظومات الدفاع الجوي في التعامل مع الصواريخ البالستية والمقذوفات. حزب الله عرف في هذه المرة كيفية ضرب البطن الطرية للجيش الاسرائيلي – قاعدة مجندين جدد وتدريب في منطقة وادي عارة، واستغلال التوجيهات المخففة التي تمكن من تواجد الكثير من الجنود معا من اجل تحقيق ضربة شديدة.

    العدد الكبير للاحداث والمصابين الى جانب اطالة مدى الحرب، حولت البشرى السيئة تقريبا الى روتين بالنسبة للجمهور في اسرائيل. ولكن يبدو أن الضربة الشديدة في هذه المرة لمجندين جدد في قاعة الطعام في قاعدة بعيدة عن الجبهة، استدعت ردود قوية وغاضبة اكثر من العادة. ربما أن هذه الردود متعلقة بأن المجندين الجدد حتى في وحدات قتالية ما زالوا لا يعتبرون في نظر المواطنين اشخاص يمكن اصابتهم في الحرب. يبدو أنه ساهم في ذلك حقيقة أن الامر يتعلق بلواء غولاني، الرمز الاسرائيلي، والذي هو ايضا الوحدة العسكرية التي تكبدت العدد الاكبر من الخسائر في مذبحة 7 تشرين الاول الماضي.

    هذه ليست المرة الاولى التي يوجه فيها حزب الله هجوم مركز الى هذه المنطقة. ففي آذار 2023 ارسل حزب الله مخرب اجتاز الحدود سيرا على الاقدام من لبنان وسافر على دراجة كهربائية الى مفترق مجدو. هذا الشخص قام بزرع وتشغيل عبوة ناسفة كبيرة أدت الى اصابة سائق سيارة، وهو مواطن عربي – اسرائيلي. وقد قتل عندما حاول اجتياز الحدود عائدا الى الاراضي اللبنانية. الهجوم فسر في حينه كدليل على تغيير في سياسة حزب الله وأن حزب الله مستعد لأخذ مخاطرة اكبر. الآن نحن في ذروة حرب طويلة فيها كل الوسائل مباحة بالنسبة لحزب الله.

    المسيرة تحلق بمساعدة نظام ملاحة بواسطة الاقمار الصناعية (جي.بي.اس)، الذي يسمح باصابة الهدف بشكل دقيق، ولكن ليس التحكم من بعيد اثناء الطيران. مشغلو المسيرة وجههوها الى قاعة الطعام واصابوها. اختراق الرأس المتفجر، 3 – 5 كغم، لسقف غرفة الطعام أدى الى اضرار كبيرة في المبنى الذي تواجد فيه عشرات الجنود. من ناحية حزب الله هناك ايضا أهمية لحقيقة أن هذه ضربة مركزة لهدف عسكري. ايضا المليشيات الشيعية في العراق، لا سيما الحوثيين في اليمن، ينجحون في الفترة الاخيرة في ارسال مسيرات دقيقة نسبيا. اصابة مسيرة متفجرة لا تشبه ابعاد الدمار التي يمكن أن تحدثه قنبلة يتم القاءها من طائرة اف 16 – حتى الآن توجد مع ذلك محاولة لايجاد تناظر وهمي مع الحملة الجوية الاسرائيلية والبث بأنه حتى الجبهة الداخلية في اسرائيل غير آمنة.

    حتى الآن تم اطلاق اكثر 23 ألف صاروخ ومسيرة نحو اسرائيل منذ بداية الحرب، منها اكثر من 1200 مسيرة. 221 مسيرة سقطت في اسرائيل والمتبقية تم اعتراضها – نجاح اكثر بقليل من 80 في المئة. بيانات اعتراض الصواريخ والقذائف اكبر بدرجة اعلى. الصعوبات معروفة: المسيرات صغيرة نسبيا وهي تطير بارتفاع منخفض جدا وهناك صعوبة في تشخيصها. التنظيمات المختلفة تفضل اطلاقها نحو اسرائيل في المسار الذي يوجد فوق البحر المتوسط، كما يبدو من خلال الافتراض أن صعوبة التشخيص تصبح اكبر. ورغم أن اسرائيل تتعامل مع هذا الامر منذ عقد إلا أنه لم يتم تطوير حتى الآن منظومة ناجعة لاكتشاف المسيرات وتشخيصها واسقاطها، كما توفر ذلك القبة الحديدية امام صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. ايضا منظومة الليزر التي يتم تطويرها والمدافع المضادة للطائرات القديمة التي يمكن اعادتها الى الخدمة من شأنها تحسين الرد الدفاعي بشكل ملحوظ، لكن هذا سيستغرق بعض الوقت. الآن اصبح من الواضح أنه حتى لو تم تشخيص التهديد فان منظومة الدفاع لم تكن مركزة بما فيه الكفاية للتعامل معه في مرحلة مبكرة حتى بعد أن تبين في الحرب في اوكرانيا أنها وسيلة قتال رئيسية.

    من التحقيق الاولي الذي اجري في سلاح الجو يتبين أنه مساء أول أمس تم اطلاق ثلاث مسيرات. واحدة تم اسقاطها بواسطة سفينة لسلاح البحرية والثانية تم اسقاطها بواسطة القبة الحديدية والاتصال بالثالثة فقدت في شمال عكا. وقد تم القيام بالتمشيط خلفها في كل منطقة الشمال، حتى أنه كان هناك مواطن ابلغ الشرطة بأنه لاحظ جسم طائر مشبوه في سماء يوكنعام، لكن المسيرة لم يتم تشخيصها الى حين انفجارها في قاعدة غولاني. لنفس السبب ايضا لم يتم تشغيل صافرات الانذار. يبدو أن الافتراض هو أنه في ظل غياب تشخيص فان المسيرة تفجرت اثناء الطيران على بعد منخفض. في اطار دروس هذه الحادثة الجيش الاسرائيلي سيتخذ هامش أمان اوسع وسيشغل صافرات الانذار في مناطق اوسع. حتى في حالة فقدان الاتصال مع مسيرة لفترة طويلة ولا توجد أي دلائل على مكانها.

    مسألة اخرى تتعلق باجراءات الجيش في قواعد الجبهة الداخلية: في قواعد كثيرة لا يوجد ما يكفي من الدفاع امام الصواريخ والمسيرات، وايضا لم يتم وضع وسائل حماية بالشكل المطلوب. هناك حالات يختار فيها الجنود في خيمة أو غرفة غير محمية في ظل غياب حل آخر. في هذه الاثناء لا توجد أي قيود في هذه القواعد باستثناء وجود انذار محدد كما حدث قبل اطلاق الصواريخ الايرانية نحو قواعد سلاح الجو ومقر المخابرات في غليلوت. في المقابل، هناك اجهزة امنية اخرى قيدت التواجد في غرف الطعام أو في قاعات الاجتماعات لتقليص الاخطار. الصعوبة في الجيش الاسرائيلي هي أنه بدلا من غرف الطعام فان الخيار هو ارسال الجنود الى الخيام – هناك يكونون حتى اقل حماية. مع ذلك، في فترة الكورونا مثلا اهتم الجيش بتوزيع الجنود الى مجموعات صغيرة في ذروة الوباء من اجل تقليص احتمالية الاصابة. هذه مسألة وعي للاخطار، التي هي غير عالية بما فيه الكفاية.

    مثلما في كل حدث تتعرض فيه اسرائيل للضرب منذ 7 اكتوبر فان اليمين المتطرف يهرب الى نظرية المؤامرة والبحث عن مذنبين من اجل تطهير الحكومة وسياستها من المسؤولية عن الوضع والمصابين. بعد ساعة على ضرب المسيرة نشرت في الشبكات الاجتماعية ادعاءات لاشخاص من اليمين وكأن عمال عرب اسرائيليين وسكان القرى العربية القريبة نقلوا لحزب الله عن مكان القاعدة، ولا سيما غرفة الطعام.

     

    عمليا، مكان القاعدة مكشوف، وحتى أن الجيش الاسرائيلي نشر في الشبكة صور مفصلة للمنشآت فيها، بما في ذلك غرفة الطعام. لم تكن لحزب الله أي صعوبة في جمع المعلومات الاستخبارية العلنية التي خففت عليه القيام بهجوم دقيق والوصول الى النتائج القاتلة التي بحث عنها. لذلك، ليس فقط أنه لا توجد حاجة الى عرب اسرائيليين، كما تبين أمس، عندما تم احضار سكان من رمات غان لتمديد اعتقالهم بتهمة العلاقة مع المخابرات الايرانية. العدو يبحث عن الاستعانة بالاساس بمواطنين يهود.

    --------------------------------------------

     

    يديعوت احرونوت 15/10/2024

     

     

    علينا أن نغير استراتيجية الدوائر التي اتخذت مع قيام الدولة

     

     

    بقلم: يديديا يعاري

     

    ساحة الصراع العسكري في الشرق الأوسط اتخذت منذ الازل صورة دائرية. ففي الجيش الإسرائيلي تحدثوا عن الدائرة الأولى، الثانية والثالثة. سليماني دعا هذا طوق النار. فكرة الدوائر ترسم خريطة دوائر العداء، قوتها وخطورتها كتهديد. الدائرة الأولى ارتسمت منذ حرب التحرير كدائرة التهديد الوجودي. بداية الجيوش العربية – مصر، الأردن وسوريا – وبعد اتفاقات السلام، جيوش “بدون دولة” حماس وحزب الله، وخلفهم دولة واحدة – ايران.

    في اسرة الامن بعامة، تثبتت فكرة أنه في هذا التغيير للاعبين في الدوائر المختلفة معناه الجوهري هو انه لم يعد تهديد وجودي على دولة إسرائيل. فالتهديد في الدائرة الأولى قل، إذ اننا لم نعد نقف امام جيوش دولة. ولهذا يمكن بحملات مختلفة “إدارة النزاع” – فيما أن الإضافة المباركة لمنظومة الدفاع متعدد الطبقات تعزز هذا فقط، وعندها، في 7 أكتوبر، اتضح بان التصميم الإيراني للسيطرة على كل فروعها رفعت مستوى قدرات فروعها في حزب الله وفي حماس الى جيوش على ما يكفي من الفاعلية بحيث أنه عند اطلاق الإشارة يمكنها ان تفعل ما لم تنجح في فعله جيوش دول جيرانها. هذا هو المنطق الذي ولد طوق النار لدى سليماني، والذي شوشه السنوار حين انطلق بدون تنسيق. ما تجده قواتنا اليوم في لبنان يشهد كالف شاهد كم كان الامر قريبا.

    هذا لا يعني اننا كنا غير مبالين بالنسبة لحزب الله وقدراته. ما نراه في لبنان الان هو عمل لسنوات. أجيال من المخططين والقادة وشبكات الاستخبارات التي اعدت بالضبط لهذه اللحظة. لكن بالتأكيد يحتمل ان بعد سنوات، سيقول المؤرخون المتهكمون ان السنوار انقذنا بصعوبة. فلو تم التنسيق الذي عول عليه سليماني، وعمل الرضوان في الجليل وحماس في الغلاف في وقت واحد – بالتوازي مع رشقات صواريخ من ايران ومن لبنان – لبدا كل شيء مختلفا. بدلا من هذا، بعد سنة من القتال، بدا كل شيء مختلفا حقا. لكن بالعكس. نحن في ذروة تغيير في شكل الدوائر. الدائرة الأولى بحكم تعريفها شكلت دوما التهديد الفوري ونقطة العمل للجيش الإسرائيلي اتجهت لتوفير الحد الأقصى من الرد في هذه الدائرة. بناء القوة في سلاح الجو والبر تركز على الدائرة الأولى حتى الثانية. اما الدائرة الثالثة ايران فاعتبرت كتهديد محتمل. الواقع الذي نشأ الان يقلب الأمور رأسا على عقب. جيوش المحور في الدائرة القريبة في مستويات مختلفة من التحطم، والتهديد من الدائرة الثالثة، تحول من محتمل الى فعلي.

    هذا اهتزاز تكتوني يستوجب إعادة استعداد. عندما يدور الحديث عن قتال في مدى 2000 كيلومتر، فان نقطة العمل الحالية لسلاح الجو بعيدة جدا عن ان تكون مثالية. فالطيران الى هذه المسافات معقد، يتطلب شحن بالوقود في الجو، تنسيق مع دول مجاورة ومع الأمريكيين – وفوق كل شيء يوجد فيه خطر حقيقي على إصابة الطائرات والطيارين. سلاح تلقائي سيعرف كيف ينقل بالضبط كمية المتفجرات ذاتها تمام الى تلك الأهداف وبشكل اكثر بساطة بكثير.

    نحن يمكننا وينبغي لنا ان نكون في وضع يتمثل في أنه في اللحظة التي ننهي فيها الاعتراض على الصاروخ الـ 180 الذي اطلقه الإيرانيون والحوثيون نحونا – بعد خمس دقائق من ذلك تنطلق 180 صاروخ من عندنا الى ايران واليمن. رد مضاد فوري، بدون تنسيقات وضغوط. واذا اعترض 95 في المئة من الرشقة الإيرانية في الجو – فان نسبة مشابهة لهذه من صواريخنا ستضرب الأهداف. فليس لديهم منظومة دفاع متعددة الطبقات. هذا الامر في متناول اليد تماما. فمن طور اعجوبة تكنولوجية مثل القبة الحديدية، في اقل من أربع سنوات سيعرف كيف يملأ المخزون اللازم لمثل هذا الهجوم، عندما يتقرر، في زمن اقصر بكثير.

    لا يوجد هنا فقط حساب تكتيكي للكلفة – المنفعة العسكرية. فطالما كان آيات الله والحرس الثوري يسيطرون في ايران فانهم سيتآمرون على كل نظام محتمل في لبنان وفي غزة. وعليه فان التحويل في نقطة العمل حرج لمواصلة الطريق. التغيير في شكل الدوائر سيكون الواقع في السنوات التالية: كلما كان الحال آمنا في ايران لن يكون آمنا هنا. وعليه، فاذا ما اسمي هذا الرد سلاح الصواريخ او أي اسم آخر، فهذا لا يهم.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 15/10/2024

     

     

    بدون تسوية القاهرة تفحص تعديلات على كامب ديفيد

     

     

    بقلم: تسفي برئيل

     

    صالح الجعفراوي لا يمكنه السيطرة على نفسه. “يا ليت تمزقت اربا كي لا اضطر الى رؤية هذه المشاهد التي ستبقى في ذاكرتي طوال حياتي”، كتب في صفحته في شبكة “اكس” . الجعفراوي يكثر من نشر الافلام عما يحدث في غزة، لا سيما الدمار الذي حدث بسبب التفجيرات الاسرائيلية. بشكل عام هو ينشر بشكل موضوعي وهاديء. أمس لم يستطع تحمل كبر الكارثة. في الفيلم الذي نشره ظهر مواطنون احترقوا وهم احياء نتيجة قصف خيم للنازحين تم نصبها في ساحة مستشفى “شهداء الاقصى” في دير البلح. “الناس يحرقون هنا، لا توجد مياه أو خدمات اطفاء أو أي شيء”، صرخ امام العدسات.

    اربعة اشخاص قتلوا في هذا القصف. بعد أن قتل قبل يوم من ذلك 12 شخص في قصف مدرسة في مخيم النصيرات. حسب التقارير في غزة فقد اصيب العشرات في عمليات القصف هذه دون أن يتمكن السكان من انقاذهم من تحت الانقاض. في اسرائيل ينشرون أن عمليات القصف هذه هي مجرد عملية اخرى ضد البنى التحتية لحماس. ولكن في غزة اصبح عدد القتلى اكثر من 41 ألف شخص، معظمهم “اشخاص غير مشاركين”، من بينهم آلاف كانوا يتواجدون فيما يسمى “مناطق آمنة”، وهو مفهوم كاذب ولم يعد موجود في الواقع.

    سكان غزة لم يسمعوا كما يبدو بأن الحرب في غزة اصبحت “أقل قوة” وانتقلت الى مرحلة “الاقتحامات اللوائية” أو أي مفهوم آخر تختاره وسائل الاعلام في اسرائيل لوصف الطبيعة المضللة لـ “المرحلة الحالية”. في غزة يتواصل قتلهم رغم أن الجبهة الاساسية، هكذا يقولون لهم، انتقلت الى لبنان. بالنسبة لهم الحرب لم تتوقف للحظة، ليس فقط في شمال القطاع الذي تعمل اسرائيل على طرد منه حوالي 300 ألف مواطني الذين بقوا فيه، بل ايضا في الجنوب. حجم المساعدات الانسانية تقلص كثيرا في الاشهر الاخيرة، معبر رفح مغلق منذ شهر أيار، آلاف المرضى الذين يحتاجون الى علاج مستعجل لا يمكنهم الخروج الى مصر، وفي هذه الاثناء لا يوجد ايضا أي ضغط حقيقي لنشر خطة مرتبة حتى لتوزيع المساعدات التي تصل الى هناك.

    أول أمس نشر أن رئيس الشباك رونين قام بزيارة مصر والتقى مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل لمناقشة احياء المفاوضات حول صفقة التبادل. يمكن التقدير أنه سمع ايضا موقف مصر من قضية فتح معبر رفح والاستعدادات في محور فيلادلفيا. زيارة بار حدثت بعد أن وصل في يوم الاربعاء الماضي وفد لحماس برئاسة نائب يحيى السنوار، خليل الحية، ووفد لشخصيات رفيعة من فتح برئاسة محمود العالول. ورغم العلاقة المتوترة بين فتح وحماس، التي تمثلت بتبادل اللكمات اللفظية بين خالد مشعل ومحمود الهباش، مستشار محمود عباس (أبو مازن)، فان مصر ما زالت تحاول العثور على صيغة تمكن جسم فلسطيني متفق عليه من ادارة على الاقل الطرف الغزي في معبر رفح وربما ايضا توزيع المساعدات الانسانية.

    مصر اقترحت تشكيل لجنة فلسطينية خاصة منفصلة عن السلطة الفلسطينية، بسبب معارضة اسرائيل لتدخل السلطة في ادارة القطاع، وهذه اللجنة هي التي ستتحمل هذه المهمة. حماس تعارض ذلك وتطالب بتشكيل حكومة فلسطينية موحدة، “حكومة تكنوقراط”، تشمل ايضا اعضاء يتم تعيينهم من قبل حماس، حتى لو لم يكونوا اعضاء في الحركة، لادارة القطاع.

    اقتراح مصر غير جديد وقد تمت مناقشته في عدة جولات سابقة من المشاورات مع الولايات المتحدة ومع اسرائيل ايضا، لكن محمود عباس يعارض فكرة من شأنها حسب رأيه يمكن أن تفرغ منصبه من المضمون وتعطي حماس مكانة سياسية شرعية. على أي حال، البعثات الفلسطينية عادت من مصر بدون نتيجة حقيقية أو حل لمسألة معبر رفح ومحور فيلادلفيا، التي هبطت في هذه الاثناء من عظمتها ولم تعد “اساس وجود” اسرائيل.

     

    مئات ملايين الدولارات في خطر

     

    في ظل غياب خطة سياسية لانهاء الحرب في غزة، أو على الاقل اتفاق لوقف اطلاق النار، والانتظار المتوتر قبل رد اسرائيل ضد ايران الذي من شأنه أن يشعل حرب اقليمية – تشد اطراف اعصاب القاهرة التي تخشى بالاساس من النتائج الاقتصادية المتوقعة من هذه الحرب. اقتصاديون في مصر يطرحون بحدة في الفترة الاخيرة سيناريو بحسبه المواجهة بين اسرائيل وايران واستمرار المواجهة مع حزب الله يمكن أن تؤدي الى اضرار كبير بحقول الغاز في اسرائيل والتأثير فورا على كمية الغاز الذي تشتريه مصر منها. عدد من الخبراء يقدرون أنه حتى لو لم تتضرر حقول الغاز بشكل مباشر، فان اسرائيل يمكنها وقف نشاطات منشآت الغاز أو تجميد تصدير الغاز لمصر الذي يوفر لها حوالي 15 في المئة من احتياجاتها.

    في وسائل اعلام مصرية ينشر أن مصر بدأت في اعداد خطة بديلة لشراء الغاز من مصادر اخرى من اجل التغلب على النقص الذي اصبح قائما، وفي الفترة الاخيرة أدى الى انقطاع متواتر للكهرباء. ولكن من الواضح أن أي شراء للغاز من خارج المصدر الاسرائيلي سيكون اغلى بنحو 150 مليون دولار في الشهر، ومصر ستضطر الى توسيع اطار الميزانية، وحتى رفع سعر الوقود، بعد أن رفعته مرتين في هذه السنة 15 في المئة. مصر ايضا فقدت حتى الآن 60 في المئة (6 مليارات دولار) من مداخيلها من قناة السويس مقارنة بالسنة الماضية بسبب هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الاحمر. السياحة التي بدأت تتعافى قبل الحرب، مرة اخرى هي تنزف وتتعرض لخسائر كبيرة، التي يرافقها تسريح لآلاف العاملين. رئيس الحكومة مصطفى المدبولي حذر في الاسبوع الماضي من أنه بسبب التطورات على الارض فان مصر من شأنها أن تتبنى “اقتصاد حرب”، الذي يعني شد مؤلم آخر للحزام، ورفع الاسعار وتقليص عميق في خطط التطوير الحكومية، وعدم هدوء متزايد في الشوارع.

    ليس فقط الاقتصاد يتطور الى درجة خطر على النظام في مصر. تعزيز القوات الاسرائيلية على الحدود مع مصر يثير قضية سياسية وعسكرية اخرى، تتعلق بما تفسره مصر بأنه خروقات لاتفاق كامب ديفيد واتفاق المعابر من العام 2005. اتفاق كامب ديفيد يحدد المناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود، ولا يسمح بوضع قوات مدرعة وسلاح ثقيل على طول الحدود وبعمق بضعة كيلومترات. اتفاق المعابر الذي وقع في اعقاب الانفصال عن غزة سمح بنشر 750 جندي من حرس الحدود المصري على طول محور فيلادلفيا في الطرف المصري، ووضع جهاز مراقبة وتصوير في نقاط ثابتة على طول المحور.

    حسب ادعاءات المصريين فان سلوك اسرائيل في الحرب في غزة يخرق هذين الاتفاقين. الخوف هو من أن احتلال القطاع لفترة طويلة، الى جانب الحوار في اسرائيل الذي يشجع على اعادة اقامة المستوطنات في شمال القطاع، ستخلق واقع عسكري جديد سيجبر مصر على الاستعداد لحدوثه. في المرحلة الاولى يفحصون في مصر امكانية اجراء تعديلات على الاتفاقات من اجل أن تسمح حسب القانون بتواجد قوات مصرية كثيفة على طول الحدود. في السابق سمحت اسرائيل لمصر بتعزيز قواتها في شبه جزيرة سيناء، وحتى استخدام سلاح الجو المصري في اطار الحرب ضد ارهاب التنظيمات الاسلامية. ولكن ازاء الحساسية والتوتر بين الدولتين فان زيادة حجم القوات المصرية على طول الحدود يمكن أن يفسر كخطوة قبل المواجهة المباشرة، وخلق اجواء حرب التي من شأنها أن تدهور أكثر شبكة العلاقات الهشة اصلا بين الدولتين.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 15/10/2024

     

     

    بعض التشخيصات حول الحرب حتى الآن، وتوصيات للمستقبل

     

     

    بقلم: يائير غولان، لواء متقاعد، نائب رئيس الاركان سابقا، عضو كنيست، رئيس حزب العمل

     

    طريقة الحروب هي التي تقود العمليات التاريخية والتي تصعب ملاحظتها عند حدوثها، لكن من الحيوي تشكيلها قدر الامكان. هاكم بعض التشخيصات المتعلقة بالحرب حتى الآن والتوصيات التي تتعلق بتحركات اسرائيل.

    نحن نتفوق عسكريا، “محور المقاومة” في حالة دفاع، مع ذلك اسرائيل توجد في مواجهة متعددة الساحات ويجب عليها بلورة استراتيجية شاملة لـ “اليوم التالي”، في اساسها وضع اهداف سياسية تستغل الانجازات العسكرية لتحسين مكانتها الاقليمية والدولية. في ظل غياب استراتيجية شاملة، بما في ذلك رؤيا سياسية وآلية انهاء، فان اسرائيل قد تغرق في احتلال طويل المدى في غزة وفي لبنان.

    حماس هي المسؤولة عن الكارثة الاثقل في تاريخ اسرائيل منذ 1948، وايضا عن الكارثة الفلسطينية. المذبحة ابعدت لسنوات كثيرة احتمالية تحقيق الطموحات الوطنية للفلسطينيين، وحل الدولتين يمكن أن يكون الضحية الرئيسية لـ 7 اكتوبر، الحرب عززت توجهات شعبوية عنيفة، ليس لها رؤيا سياسية بعيدة المدى. ولكن ضم ملايين الفلسطينيين بدون عملية مرتبة من اتخاذ القرارات هو الخطر الوجودي الاكثر خطورة على اسرائيل. هو دمج بين التهديد الخارجي والانقسام الداخلي يهدد تماسك اسرائيل.

     

    الرد الوحيد المحتمل هو الانفصال المدني، الذي يشمل ترسيم الحدود المستقبلية لاسرائيل. وفي موازاة ذلك الحفاظ على حرية العمل للجيش الاسرائيلي في كل المنطقة. احتمالية اخرى هي اقامة كونفيدرالية بين الاردن والفلسطينيين، حيث معظم الضفة الغربية تكون المركب الفلسطيني في هذه الكونفيدرالية. ستكون حاجة الى فعل ذلك بشكل لا يهدد الاردن، لكن يجب عدم الطلب من اسرائيل تحمل كل المسؤولية عن حل القضية الفلسطينية، في حين أن الاردن ومصر، اللتان كانتا شريكتان في خلقها، معفيتان من ذلك. 

    الآن توجد فرصة لمعالجة النووي الايراني من خلال الاتفاق مع الولايات المتحدة والدول الغربية، الذي اساسه فرض عقوبات شديدة ووضع تهديد عسكري شديد على ايران مقابل امتناع اسرائيل عن العمل. بنظرة بعيدة المدى من الافضل وجود جبهة مناهضة لايران بدلا من ضرب محدود للمشروع النووي. اسرائيل لا يمكنها السماح لنفسها بأن تكون وحيدة امام التهديد الايراني، بل فقط كجزء من المنظومة العسكرية الاقليمية ضد ايران برئاسة الولايات المتحدة.

    الحرب كشفت نقاط القوة والضعف في العلاقات مع الولايات المتحدة. فهي ساعدت وحتى دافعت عن اسرائيل بصورة غير مسبوقة، ونشرت قوات عسكرية كبيرة في المنطقة وقدمت مساعدات عسكرية ضخمة وتعاون استراتيجي، التي كان يمكن لاسرائيل فقط أن تحلم بها في السابق، والدعم الدبلوماسي ايضا. ولكن الحرب اثبتت الاعتماد على الولايات المتحدة والحاجة الى العمل في اطار اقليمي. الاكثر خطورة من ذلك هو أن اسرائيل اصبحت موضوع مسمم في الولايات المتحدة، والرئيس الامريكي اضطر حتى الى تأخير المساعدات.

    من الضروري التوصل الى انعطافة مع السعودية، وقبل أي شيء آخر الحفاظ على العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة. إن رفض اسرائيل لـ “حلم بايدن” (التطبيع بين السعودية واسرائيل مقابل التقدم مع الفلسطينيين وانعطافة في العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، بما في ذلك حلف دفاع والاتفاق على نووي مدني سعودي)، عمل على تأخير التطبيع، لكن يبدو أنه لم يفشله. يجب على اسرائيل العودة وتبني مقاربة فوق حزبية تجاه الولايات المتحدة والحفاظ على علاقات ودية مع الحزبين هناك.

    فقط تقدم مع الفلسطينيين سيمنع زيادة العزلة ونزع الشرعية عن اسرائيل وحتى فرض عقوبات عليها. القيود على تصدير السلاح لاسرائيل، التي فرضتها بريطانيا والمانيا، والاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل اسبانيا وايرلندا ودول اخرى، يمكن أن يتحول الى طوفان لخطوات مناهضة لاسرائيل، بما في ذلك حظر رسمي للسلاح والتجارة. اسرائيل لا يمكنها التقدم والازدهار في اجواء معادية شاملة.

    ستكون حاجة الى فحص فرضيات اساسية في سياسة الامن في اسرائيل ومركبات اساسية في نظرية الامن الوطني. لقد اصبح من الواضح أنه ستكون حاجة الى جيش وميزانية دفاع اكبر والى مقاربة اكثر هجومية. يجب انشاء قوة برية ضاربة لأن هذا هو ما يحسم الحروب. يجب عدم التنازل عن الامن الجاري، ويجب على الدولة حماية مواطنيها في كل مكان.

    التنازلات التي تبناها بنيامين نتنياهو هي الدليل على خداع النفس وتفضيل المصالح السياسية على المصالح الامنية. ولكن من المهم أن يتم فعل هذه الامور بحذر وحكمة. ويجب عدم تكرار اخطاء صدمة حرب يوم الغفران، وفقدان مرة اخرى عقد كامل في زيادة القوة بسرعة، التي لا يمكن للاقتصاد أن يتحملها، والجيش الاسرائيلي نفسه سيرغب في نهاية المطاف في تقليصها.

    القدرة المدهشة على تعافي المجتمع الاسرائيلي بعد 7 اكتوبر والاستعداد لتحمل عبء الاحتياط والمناعة المدنية، هي موارد ثروة وطنية حاسمة تعمل القيادة الحالية على تقويضها. السنة التي بدأت بكارثة وبتقدير “محور المقاومة” الذي يقول إنه يمكنه تحقيق هدف تدمير اسرائيل، انتهت بتوجهات متفائلة بفضل تصميم الجيش الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي. و”المحور” يوجد الآن في ضائقة وفي حالة دفاع.

    --------------------------------------------

     

    إسرائيل اليوم 15/10/2024

     

     

    ما شكل الدور الفرنسي في لبنان بعد “اليوم التالي” للحرب؟

     

     

    بقلم: د. يهودا بلنجا

     

    يتفق معظم باحثي الشرق الأوسط على أن لبنان ولد بالخطيئة. في تموز 1920 بعد أن سيطر الفرنسيون على المنطقة السورية – اللبنانية الحالية، عملوا كي يضعفوا الحركة القومية العربية على توسيع الاستقطاب الطائفي وعلى تعزيز الانقسامات الاجتماعية. لم تكن سوريا قد ولدت بعد، وكان لبنان مقاطعة من الحكم الذاتي. كان للمحتلين الفرنسيين بديلان، مثلما كتب روبير دي كا، مستشار الجنرال انري غورو، المندوب الفرنسي السامي الأول لسوريا ولبنان: “إقامة أمة سورية، ليست موجودة بعد… بينما تجسر الصدوع العميقة التي تشقها أو التطوير والإبقاء على الظواهر التي يوفرها هذا الانشقاق والتي تحتاج إلى حسمنا. الإمكانية الثانية هي التي تهمني”. اختارت فرنسا سياسة “فرق تسد” لمعرفتها الواضحة بأن التفريق والاستقطاب سيخلقان دولاً جديدة وسيساعدانها في السيطرة على المنطقة.

    عملياً، أقيم لبنان لهذا الهدف بالضبط: خلق أساس متين للسيطرة الفرنسية على الشرق الأوسط من خلال الطائفة المسيحية، وأساساً المارونية، في بلاد الأرز. وانطلاقاً من النظرة إلى مصالح ضيقة ورؤية إمبريالية، اختارت فرنسا نزع أراض من المجال السوري، وخلق سكان مسلمين مع مسيحيين وإقامة دولة من لا شيء. في 1 أيلول 1920 استيقظ سكان تلك المناطق، وبينهم مسيحيون وشيعة كثيرون من البقاع اللبناني، من طرابلس ومنطقة الشاطئ بما فيها بيروت، على هوية جديدة – لبنانية.

    في 1 أيلول 2020 احتفل اللبنانيون بيوم الميلاد الـ 100 الحزين لدولة في انهيار. الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت قبل بضعة أسابيع من ذلك، تسبب بموت 218 شخصاً وإصابة نحو 7000. المئات فقدوا بيوتهم، واعتبرت بيروت منطقة منكوبة. أضيء مبنى بلدية تل أبيب بألوان العلم اللبناني على سبيل التضامن. وبعث رئيس الوزراء نتنياهو بتعازيه، وعرض مساعدة إنسانية.

    ليست إسرائيل وحدها هي التي عرضت المساعدة؛ فالعالم كله تجند في صالح لبنان وعلى رأسه فرنسا، السيدة التقليدية. جاء الرئيس ماكرون في زيارة عاجلة إلى بيروت، تصافح مع الناس وشاركهم حزنهم. سمع صراخات الناجين، من سكان الأحياء المدمرة. لكن طلبات المساعدة من جانبهم لم تكن مرتبطة فقط بالمساعدة المادية. فقط طلب اللبنانيون المساعدة في الحرب ضد الفساد، الذي أدى إلى الانهيار الاقتصادي وبخاصة ضد حزب الله، الذي سرق دولتهم. سمع ماكرون، تفهم وقال: “فرنسا لن تترك اللبنانيين. مصائرنا مرتبطة بروابط الزمن، والروح، والنفس، والثقافة والأحلام”.

    لم يتغير شيء في لبنان. ومثلما في الماضي، سعت فرنسا لتضمن مصالحها.

    حسب معطيات الأمم المتحدة حول التجارة الدولية، كانت فرنسا صدّرت للبنان حتى العام 2023 بضائع بقيمة 376.5 مليون دولار. وبلغ حجم الاستيراد الفرنسي من لبنان نحو 100 مليون دولار. كما أن شركات فرنسية تعمل في لبنان تشغل نحو 6300 مواطن محلي. المجمع التجاري الذي تقف شركة توتال الفرنسية على رأسه يواصل التنقيب عن الغاز في المجال البحري اللبناني، وشركات فرنسية أخرى استثمرت ملايين الدولارات في إعمار مرفأ بيروت وغيره من البنى التحتية اللبنانية.

    وعليه، فإن التسيد الفرنسي يشكل عاملاً مهماً للفرنسيين أكثر منه للبنانيين، الذين تمزقهم مسائل الهوية، ونزاعات داخلية وصراعات بقاء. عملياً، فرنسا القرن الحادي والعشرين، تلعب دور القوة العظمى الإمبريالية من القرن التاسع عشر والعشرين. ولما كان ما يهمها هو القدرة على عرض نفسها بدور القوة الأوروبية العظمى؛ قوة مع خطوات دبلوماسية وسياسية في ساحة الشرق الأوسط المعقدة، حيال لاعبين آخرين بل وأقوى منها، حيال السوق اللبنانية والمرابح التي تستخلصها منها، فإن كل صيغة ترتيب في لبنان في اليوم التالي للحرب سيتعين عليها إدخال العامل الفرنسي إلى المعادلة.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 15/10/2024

     

     

    إسرائيل بعد اعتقالها صحافيين فلسطينيين في القدس: لا رواية إلا روايتنا

     

     

    بقلم: أسرة التحرير

     

    إن تصميم دولة إسرائيل على منع اطلاع مواطنيها على معلومات صحافية لا تنسجم والرواية القومية، بدأ يجد تعبيره حتى قبل الحرب، لكنه بات واضحاً بقوة أكبر منذ 7 أكتوبر. في صراعها لتقييد الوعي الإسرائيلي، يبدو أن الدولة حددت الصحافيين الفلسطينيين كهدف، وترى في التغطية الصحافية عملاً عدائياً.

    صباح الأحد، اعتقلت الشرطة صحافيين فلسطينيين من سكان شرقي القدس، يعملان في شبكة البث التركية في المدينة حين كانا يحاولان إجراء مقابلة صحافية مع المارة في باب السلسلة في البلدة القديمة. ونقلهما أفراد الشرطة إلى محطة الشرطة، أوقفوهما هناك ساعات طويلة، ولم يحققوا معهما لأول مرة إلا بعد الظهر.

    وبادعاء محاميهما، اعتقلا بسبب عملهما الصحافي. وحتى أفراد الشرطة لم يدعوا بأنهما قاما بأي عمل لا يرتبط بعملهما. بعد أكثر من 12 ساعة، أطلق سراحهما عقب طلب عاجل رفعته رابطة الصحافيين إلى محكمة الصلح في القدس. وأبلغت الشرطة محاميهما بأنهما مشتبهان بمخالفة تتعلق بسلوك ينتهك سلامة الجمهور. يبدو أن للحكومة وذراع إنفاذ القانون فكرة شوهاء عن سلامة الجمهور، تتعلق بالتحكم بمضامين الواقع الذي يعرض عليه الجمهور. إن المس بالصحافيين يشكل مساً بحرية التعبير وحرية الصحافة وحرية العمل، لكنه مس بحق الجمهور في المعرفة أيضاً.

    إن الخطوة الأكثر دراماتيكية التي في صراع الحكومة على الوعي الإسرائيلي اتخذتها الحكومة من خلال قانون “الجزيرة” الذي خول وزير الاتصالات أن يأمر بوقف بث القناة في البلاد، وتقييد قدرة الوصول إلى موقع الإنترنت مثلما حصل بالفعل. في المداولات في الالتماس ضد القانون، شدد القاضي أليكس شتاين على أن “حرية التعبير حق سكان الدولة للاطلاع على كل أنواع المواد”. لكن ما لهذه الحكومة وحماية حرية التعبير والحق في الاطلاع على الواقع بكامل تفاصيله! الحكومة تريد أن تقلص مجال الرؤية للمواطنين، وستلاحق كل من يتجرأ على كشف منظورات للجمهور، كفيلة بضعضعة أفكارها.

    إن المس بصحافي واحد هو دوماً مس بكل الصحافيين، وبالجمهور كله، إذ فيه دوماً – وهذه إحدى غاياته – إمكانية لخلق أثر مبرد على عمل الصحافيين كي يخشوا من كشف الحقيقة.

    على الحكومة أن تتوقف عن إدانة مهنة الصحافة، وعلى الشرطة أن تتوقف عن ملاحقة الصحافيين. فعلى أي حال، هذا صراع ضد طواحين الريح في عصر الشبكات الاجتماعية. من الأفضل أن ينشغلوا بتحسين وجه الواقع بحيث لا تكون حاجة لملاحقة كل من يتجرأ على أن يظهر أجزاء منه لا تريح الحكم.

    --------------------------------------------

     

    كاتب إسرائيلي: نتنياهو أسوأ رئيس وزراء وحماس نجحت في خداعه

     

    شنّ كاتب إسرائيلي هجوما لاذعا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واصفا إياه بأنه "أسوأ رئيس وزراء منذ قيام الدولة".

    وفي مقال رأي بصحيفة "هآرتس"، أطلق الكاتب نحميا ستراسلر أقسى العبارات بحق نتنياهو، متهمًا إياه باتباع إستراتيجيات تؤدي إلى تقسيم المجتمع الإسرائيلي وزرع الكراهية بين أطيافه المختلفة، بما يخدم مصالحه الشخصية ويبقيه في سدة الحكم.

    واستعرض ستراسلر سلسلة من الإخفاقات التي قال إن نتنياهو تورط فيها بسبب شخصيته التي وصفها بالجبانة والمترددة، حيث أشار إلى أن رئيس الوزراء يعاني من "الجبن والمماطلة" في اتخاذ القرارات المهمة، مما أدى إلى تراكم الأخطاء واستمرار التهديدات الأمنية على إسرائيل.

    وأكد الكاتب أن هذا التردد لا يظهر فقط في قضايا الأمن، بل يمتد ليشمل المجالات الاقتصادية، حيث تكررت محاولاته لتجنب اتخاذ قرارات حاسمة بشأن ميزانية الدفاع.

    وأشار إلى أنه في الوقت الذي يحذر فيه خبراء الاقتصاد من ضرورة عدم زيادة ميزانية الدفاع، يقف نتنياهو عاجزًا أمام مطالب المؤسسة الأمنية بزيادة الميزانية لمواجهة التهديدات.

    كما وجه الكاتب انتقادات لاذعة لنتنياهو حول سياساته تجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله، قائلا إنه اختار التعامل مع هذين التنظيمين عبر اتباع إستراتيجية الردع فقط، معتقدًا أن عدم التصعيد سيثنيهما عن تنفيذ هجمات ضد إسرائيل.

    واعتبر الكاتب هذه الإستراتيجية غير المسؤولة سببًا رئيسيًا لتفاقم الأزمات الأمنية، حيث أفاد بأن نتنياهو وافق على إدخال مئات الملايين من الدولارات إلى حركة حماس بغزة، ظنًا منه أن الحركة قد تتخلى عن استخدام القوة ضد إسرائيل وتتبنى التنمية الاقتصادية.

    وأضاف ستراسلر أن نتنياهو "وقع ضحية لخداع وتضليل حول رغبتهم في السلام والنمو الاقتصادي، بينما كانت الحقيقة تشير إلى أنهم يعملون على تقوية أنفسهم وتسليح قواتهم استعدادًا لأي مواجهات قادمة".

    وأشار الكاتب إلى أن "زعيم حماس يحيى السنوار، نجح في خداع نتنياهو عبر تصوير "غزة كطالب للسلام والنمو"، بينما كانت الأموال التي أرسلت لغزة تستخدم لتعزيز القدرات العسكرية للحركة"، على حد زعمه.

    كذلك اتهم ستراسلر نتنياهو بتبني نفس النهج المتردد في التعامل مع حزب الله على الحدود اللبنانية، وأوضح أن حزب الله استمر في تسليح نفسه وتحصين مواقعه في جنوب لبنان دون أن يتحرك نتنياهو لإيقاف ذلك، حتى أصبحت هذه المناطق مجهزة بكميات كبيرة من الأسلحة والعتاد استعدادًا لأي نزاع محتمل.

    ويرى ستراسلر أن نتنياهو لم يكتفِ بالإخفاقات على الصعيد الأمني والاقتصادي، بل عمد إلى تقسيم المجتمع الإسرائيلي من خلال استغلال الكراهية لتحقيق مصالحه السياسية.

    وأوضح أن نتنياهو زرع الكراهية بين المتدينين والعلمانيين، وبين التيار القومي والنخب الليبرالية، مشيرًا إلى أن هذه الإستراتيجية كانت مفتاحه للبقاء في السلطة.

    ويصف الكاتب هذه الإستراتيجية بأنها "إستراتيجية الكراهية"، حيث يوضح أن نتنياهو جعل جزءًا من المجتمع "يكره الجزء الآخر" من خلال إثارة مشاعر العداء بين مختلف الفئات، بما في ذلك العرب والأشكناز، وحتى في الإعلام.

    وأشار ستراسلر إلى أن مستشار نتنياهو المقرب، ناتان إيشيل، قد تم تسريب حديث سري له يقول إن "الكراهية هي ما يوحد معسكرنا.. إنهم يكرهون كل شيء.. لقد نجحنا في دفع الكراهية إلى الجنون وهذا ما يوحد معسكرنا".

    واستنتج ستراسلر من هذا التسجيل أن نتنياهو قد استثمر في هذه الكراهية ليضمن بقاءه في السلطة، مشيرًا إلى أنه مهما بلغ فشله، فإن مشاعر الكراهية التي أججها نجحت في تجاوز كل إخفاقاته.

    وفي ختام مقاله، يحذر الكاتب من عواقب استمرار نتنياهو في الحكم قائلا: "إنه رئيس الوزراء الأكثر فسادًا في تاريخنا، ويعرض وجودنا للخطر بشكل حقيقي".

    ويضيف أن التصور الأمني الإسرائيلي يعتمد على ردع الأعداء والتعاون مع الحلفاء، ولكن نتنياهو تمكن من خلق عداوات حتى مع أكثر الرؤساء الأميركيين دعمًا لإسرائيل.

    ويرى ستراسلر أن نتنياهو، عبر إستراتيجيته القائمة على الكراهية والتقسيم، يقود إسرائيل إلى مستقبل محفوف بالمخاطر، مع استمرار تدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.

    ويعتبر أن ما يحدث الآن ليس مجرد أزمة سياسية عابرة، بل هو تحدٍ وجودي "للدولة الإسرائيلية" نفسها، والتي تعاني من انقسامات عميقة وتوترات داخلية يمكن أن تؤدي إلى نتائج وخيمة إذا استمرت الأمور على هذا النحو.

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 15/10/2024

     

     

    حرب أبدية واحتلال وديكتاتورية.. "إسرائيل" نحو الهلاك

     

     

    بقلم: روغل آلفر

     

    صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تنشر مقالاً للكاتب والناقد الإسرائيلي روغل آلفر، يتحدث فيه عن هلاك "إسرائيل".

    يمكن تشبيه حالة "المجتمع" الإسرائيلي بجذع شجرة لا يزال يبدو متيناً من الخارج، لكن حلقاته الداخلية فاسدة، وسيستمر العفن في أكله حتى انكساره الحتمي.

    الحلقة الأعمق هي الحرب الأبدية. لم تبدأ الآن، بل كانت هنا منذ سنة 1947. إنّ الحرب الحالية حادة بشكل خاص وطويلة الأمد، لن نعرف فيها فترات هدنة.

    أما الحلقة الثانية فهي الاحتلال والضم ونظام الفصل العنصري في الضفة الغربية، وقريباً أيضاً في شمال قطاع غزة، وربما حتى في جنوب لبنان.

    أما الحلقة الثالثة فهي الدكتاتورية الناشئة والمتصاعدة في "إسرائيل"، والرابعة هي الديموغرافية الحريدية، وقانون التملّص من الخدمة.

    الحلقة الخامسة هي الانهيار الاقتصادي الوشيك، بسبب تغذية الحرب الأبدية، والاحتلال المتوسع، وخفض التصنيف الائتماني، وكذلك الديمغرافية الحريدية. أمّا الحلقة السادسة، وهي الحلقة الخارجية، فهي الانهيار البيئي، الذي تغذيه أيضاً الديمغرافية الحريدية والإهمال الحكومي.

    هذه هي الحلقات الست لنهاية "إسرائيل". لم تتناول الحركة الاحتجاجية التي سبقت 7 أكتوبر سوى الحلقة الثالثة، حلقة الديكتاتورية، وربما تنزلق الأمور إلى حرب أهلية. لكن حول حلقتي الحرب الأبدية والاحتلال هناك إجماع واسع بين الإسرائيليين. وتبقى السلطة في يد الدكتاتورية التي تعزز قبضتها.

    الحلقات الست لا يمكن فصلها عن الجذع. إنها الجذع بحد ذاته. والشجرة مريضة. إنها تموت بالفعل. حكم عليها بالموت. والمتوهمون، الذين يضعون كل آمالهم في إعادة المخطوفين أو استبدال نتنياهو ببينيت، ينظرون إلى الجذع من الخارج فقط ويرفضون الاعتراف بحلقاته الداخلية.

    ------------------انتهت النشرة------------------


    http://www.alhourriah.ps/article/95046