اغتيال السيد حسن نصر الله وحسابات الحرب الإسرائيلية
2024-09-29
اسامة خليفة
ضربات مؤلمة تعرض لها محور المقاومة، أبرزها اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله أسقطت طائرات الحقد الأميركي الصهيوني من طراز« «F35نحو 85 قنبلة خارقة للتحصينات تزن طناً من المتفجرات، كما كانت الخسارة الكبيرة باغتيال قادة بارزين آخرين من الصف الأول للقيادة العسكرية «فؤاد شكر وإبراهيم عقيل ومحمد حسين سرور و ابراهيم قبيسي وغيرهم..»، وقصف مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت في عملية أدت إلى استشهاد عدد من كبار قادة حزب الله، وضربة تفجير أجهزة الاتصالات الخاصة بحزب الله، المقاومة نهج وعمل مؤسسي، واستشهاد قادة خسارة كبيرة، لا يمكن للمقاومة تعويضهم بسهولة، لا سيما في ظروف احتدام الحرب وشراسة المعركة، من يؤدي دورهم؟. الدور الذي ينبغي ألا يغيب ولو لحظات، وكلنا أمل وثقة أن يكون البديل بالكفاءة والعزيمة القادرة على متابعة المشوار الصعب، الثورة ولادة، ولن تتأثر المقاومة بغياب قائد، الأمر لا يتوقف على مجرد أفراد، مهما عظم دورهم، فقد أسس السيد حسن نصر الله لتنظيم متين، الضربة التي لا تقتله تقويه، ولن يكون استشهاده نهاية استراتيجية المقاومة ودورها كما يظن العدو.
يوم 27/9 لن يكون يوماً كما قبله، ولن تكون مرحلة استشهاد القائد تشبه ما قبلها، الاغتيال مفصل تاريخي وحدث استثنائي، يؤهل لمرحلة نضال وكفاح جديدة، يحددها محور المقاومة استراتيجيتها وطبيعتها، ثأر وتحرير، وإصرار على السير على درب المقاومة، الدرب الذي عاش من أجله واستشهد من أجله السيد القائد حسن نصر الله، العودة إلى استراتيجية توازن الردع التي تحتاج وضع نهج الثأر في حسابات المقاومة، لن يذهب دم الشهيد هدراً، هذا ما نستشرفه من مصير المقاومة في المرحلة المصيرية القادمة، ومواجهة مستجداتها وتحدياتها، مقاومة تستطيع حمل الأعباء، تستمر في نصرة فلسطين، إن استمرار عمليات المقاومة في اليوم التالي وإطلاق صواريخها واتساع دائرة استهدافها، تأكيد على أنها تكمل مهمتها في إسناد فلسطين، وأن الأمور تسير كما لو أن السيد حسن نصر الله ما زال حياً بيننا، ولن تتوقف جبهة لبنان عن الإسناد حتى يتحقق وقف العدوان على غزة.
لا شك أن العدو الآن يشعر بنشوة الانتصار، يقدم نتنياهو هذه النجاحات التكتيكية بصورة نصر هام إلى الجمهور الإسرائيلي المتعطش للدم الفلسطيني واللبناني، وكأنها الضربة القاضية للمقاومة، ويفاخر بتهجير الجنوبيين من بيوتهم وقراهم، والنيل من البنية التحتية في مناطق تواجد حزب الله، ونجاح إسرائيل في عمليات الاغتيال لقادة كبار.
صحيح أن الاغتيالات هي إنجازات تكتيكية مهمة، لكن المقاومة ستبقى بخير، حزب الله يتمتع بتجربة نضالية عمرها أكثر من أربعين عاماً، وقادر على سد الفراغ الذي يتركه استشهاد القادة لا سيما في الظروف الصعبة. صحيح أن اغتيال السيد عباس الموسوي 16 شباط/ فبراير 1992، الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، قد تم تعويضه بالسرعة والكفاءة المطلوبة، لكن اغتيال السيد حسن نصر الله جاء في ظروف صعبة وحرجة وخطيرة قد تسمح للعدو باستغلال الارتباك الكبير في صفوف حزب الله، والحالة الداخلية المضطربة التي أحدثها غياب عدد من القادة، والفراغ الذي تركوه.
قد يعتقد العدو أن الغارات الجوية المركزة والواسعة ستستكمل حالة اللاتوازن في صفوف المقاومة الإسلامية، لا ننكر أن العدو قد حقق إنجاز ما، حين بدأ جيش الاحتلال عدوانه بموجات غارات مكثفة للطيران الحربي وقنابله الثقيلة، وربما يخطط لأن تكون مقدمة لحرب برية، يعد لها ويشجعه عليها نجاح عمليات الاغتيال الأخيرة، جيش الاحتلال خرق ضوابط وقواعد الحرب المستمرة منذ نحو عام منذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر 2023، ووسع دائرتها، وكسر معادلة الضربات المتبادلة. بإعلانه في 18/09/2024 مرحلة جديدة للحرب لتحقيق الهدف الذي أعلنه «إعادة السكان في الشمال بأمان إلى منازلهم». هذا يعني وفق العدو أن إسرائيل تستهدف بشكل أساسي من أي توغل محتمل في جنوب لبنان، إلى إبعاد مقاتلي حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، ووقفُ إطلاق الصواريخ قصيرة المدى باتجاه المستوطنات، ومنع تكرار هجوم مشابه لهجوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر في شمال فلسطين المحتلة.
ماذا بعد تصعيد القصف الجوي الواسع على مناطق تمتد من الجنوب إلى البقاع والجبل والساحل اللبناني وتوجيه ضربات مركزة على الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت؟. يوم الإثنين 23 أيلول / سبتمبر 2024 صعّد نتنياهو العدوان بتوسيع نطاق وحجم الغارات الإسرائيلية في لبنان. مما يوحي بما يفكر العدو به، وتدلل عليه تصريحات قادة العدو، وتحركاته التي تبين نيته الانتقال من مرحلة القصف الجوي المركز والواسع إلى مرحلة الحرب البرية «حرب شاملة أو توغل بري محدود»، كان السيد حسن نصر الله لا يرغب بالتصعيد ليس خشية الحرب الشاملة، بل لا يريدها حرصاً على لبنان من التدمير وعلى المدنيين من حرب إبادة، وإذا فرضت حرب عدوانية وحشية على لبنان، ستوقع المقاومة الإسلامية جيشه في حرب استنزاف تقود إلى هزيمة منكرة للعدو، إذا فكر بتجاوز الليطاني، سيسمح لعناصر حزب الله أن يثبتوا كفاءتهم وشجاعتهم في استنزاف العدو كما فعلت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. حرب الاستنزاف هو أسوأ ما يمكن أن تواجهه إسرائيل في حال شن حرب برية واقتحمت دباباته ومدرعاته الجنوب اللبناني، على المقاومة أن تبقى متماسكة وتلملم جراحها، لتحمل عبء الظرف الراهن، وتستعد لكل الاحتمالات، فقد كان القائد الشهيد يتوعد الغزو الصهيوني بحرب بلا قواعد ولا ضوابط إن تجرؤ على الإقدام على حرب شاملة.
قالت صحيفة يديعوت أحرونوت، إن الجيش قرر نقل فرقة "الكوماندوز 98" الإسرائيلية من غزة إلى الجبهة الشمالية، استعداداً لاحتمالية توسع الحرب ضد حزب الله في جنوب لبنان. فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استدعى لواءين احتياطيين استعداداً للحرب البرية، التي تحتاج عملياتها إلى عدة فرق عسكرية إلا إذا اقتصرت على بعض"المهام العملياتية" في الشمال. دعا رئيس الأركان الإسرائيلي، الأربعاء 25/9، جنوده إلى الاستعداد لـدخول محتمل إلى لبنان، ويتوقع له ألا يكون هذا التوغل نزهة، سيواجه بعمليات استنزاف قاسية، توقع الجنود الإسرائيليين بين قتيل وأسير وجريح.
تصاعدت لهجة التهديد من قبل مسؤولين إسرائيليين، على رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان هرتسي هلفي، بشأن توجيه المزيد من الضربات الصعبة لحزب الله ودخول الحرب على لبنان مرحلة جديدة. معلوم أن إسرائيل ستلجأ إلى الضغط والتوحش والقصف العشوائي الذي يستهدف المدنيين وايقاع أكبر الخسائر بينهم.
الحرب ضد المدنيين بالقصف الجوي المدمر تهدف للضغط على المقاومة الإسلامية اللبنانية لفك الارتباط بالساحة الفلسطينية، مسؤول إسرائيلي قال: « قررنا قتل نصر الله بعدما خلصنا إلى أنه لن يقبل بحل لا يرتبط بإنهاء الحرب على غزة» وأضاف:« نصر الله رفض كل المطالبات بالتوقف عن ربط نفسه بغزة ووسع نطاق الهجمات على إسرائيل»، الوزيرة جيلا غامليل قالت:« إن اغتيال نصر الله كان شرطاً ضرورياً لتحقيق أهداف الحرب».
المقاومة الإسلامية قادرة بعد استشهاد القائد أن تحبط كل أهداف العدو، فقد تحدى السيد حسن نصر الله العدو أن ليس بمقدورهم أن يعيدوا المستوطنين إلى مساكنهم في الشمال إلا إذا عاد المهجرون الفلسطينيون إلى شمال قطاع غزة وانسحب جيش الاحتلال من كامل القطاع.