الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 17/9/2024 العدد 1109
2024-09-18
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
معاريف 17/9/2024
بقراءة لحملتي ترامب وهاريس: أين ترى إسرائيل نفسها بعد الانتخابات الأمريكية؟
بقلم: زلمان شوفال
مر أسبوع على المواجهة بين ترامب وهاريس، لكن أثرها يتواصل في وسائل الإعلام والخطاب الجماهيري. ترامب، على طريقته، بالغ في تنبؤاته المتشائمة حول المستقبل الإسرائيلي، لكنه يسمع ويبدو رئاسياً أكثر مقارنة بهاريس التي كانت مبرمجة ومروضة. إن تأييد مغنية بوب شعبية تدعى تايلور سويفت لهاريس حظيت بنشر في وسائل الإعلام، هو ما يقول شيئاً ما عن مستوى السياسة (والإعلام) في الولايات المتحدة. كان انتباهنا نحن إزاء مقاطع تعنى بإسرائيل والشرق الأوسط، وإن كانت قصيرة نسبياً، وكان فيها ظلال نتعرف منها على نوايا سياسية في المستقبل.
صحيح أن هاريس كررت شعار “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”، والذي يكاد كل سياسي في الغرب يكرره، لكن ملاحظاتها على شكل قتال إسرائيل قد تفسر كنقد مبطن على استمرار المعركة في غزة، وكذا التوازي بين معاناة الإسرائيليين ومعاناة الفلسطينيين، يثير علامات استفهام. فقد كانت دقيقة حين كررت جملة “لستُ بايدن”، وليس بالضرورة إيجاباً. كانت مقلقة الصلة في أقوالها بين إنهاء الحرب و”خطة الدولتين” التي تدل على تجاهل، أو على الأقل سوء فهم أساس لنوايا حماس في 7 أكتوبر، والتي انكشفت في وثيقة نشرتها الصحيفة الألمانية “بيلد” ويتضح منها أن هدف حماس كان إخضاع وسحق إسرائيل من الخارج والداخل وليس الوصول إلى تسوية سياسية لدولتين أو أي تسوية سياسية. هاريس ومستشاروها وإن حاولوا بث تأييد تقليدي لإسرائيل وبخاصة حتى يوم الانتخابات، لكن ينبغي الافتراض بأنها إذا ما انتخبت فلن تستطيع بل ولن ترغب في الابتعاد أكثر مما ينبغي عن الميول اليسارية في قسم من حزبها، بما في ذلك في شؤون إسرائيل.
لكن إذا ما عدنا إلى المواجهة، فإن طريق ترامب أيضاً في موضوع الحرب ليس منثوراً بالورود بالضرورة، إذ من شأنه، حسب تصريحات مختلفة، الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب دون تحقيق أهدافها؛ لأنه بلا فرق عن هاريس، هدفه الأساس منع نزاع إقليمي واسع. جدير بالإشارة إلى أن بيرت ستيفنز، محلل كبير للسياسة الخارجية في “نيويورك تايمز” والذي لا يميل إلى الرقة مع رئيس الوزراء، يقضي بأن موقف نتنياهو محق بعدم الانسحاب من فيلادلفيا.
دون صلة مباشرة بالمواجهة، جرى حدث آخر له آثار على مستقبل الوضع العالمي وعلى السياسة الخارجية الأمريكية سواء فاز ترامب أم هاريس. رئيس السي.آي.أيه الأمريكية بيل بيرنز، ورئيس وكالة الاستخبارات البريطانية ام آي 6 ريتشارد مور، وقفا على نحو مشترك وبلا تردد على التهديدات التي يقف أمامها العالم الحر – تحذير يذكر لمن يعرف التاريخ بـ “البرقية الطويلة” التي بعث بها الدبلوماسي الأمريكي جورج كنان في 1946 من السفارة الأمريكية في موسكو وحذر فيها من النوايا الأيديولوجية والهجومية للاتحاد السوفيتي. يقف في مركز تحذير رئيسي الاستخبارات، التعاون العسكري بين روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية. لا أعرف مور شخصياً، لكن بيرنز ذو خلفية دبلوماسية وتجربة غنية، وهو شخص لا يميل للمبالغة والمراوغة.
تناول بيرنز أيضاً غزة، ووقف النار والمخطوفين، وكرر الموقف الأمريكي الثابت بخطوط عريضة، أي أن إسرائيل قبلت المنحى الأمريكي، لكن حماس ترفضه. الرسالة البارزة في أقواله وأقوال نظيره البريطاني، أن النظام العالمي بعمومه، ونتيجة للتعاون بين الجهات آنفة الذكر، هو في خطر كما لم يكن منذ الحرب الباردة، وأن القاسم المشترك بينها هو السعي إلى تقويض النظام العالمي القائم في كل المجالات. القوة المحركة والمؤثرة الأكبر هي الصين، فيما يعمل شركاؤها تحت مظلتها لتحقيق أهدافهم الخاصة: روسيا في أوكرانيا، وإيران في الشرق الأوسط. كما أن تهديد الإرهاب العالمي لم يغب عن تحذيرهما، بمعنى أن “التحديات في الصراع ضد الأركان تفاقمت واتسعت بسبب التغييرات التكنولوجية”.
مهما كانت أقوال رؤساء الاستخبارات الغربيين مهمة وحرجة أكثر، فإن الاستنتاجات العالمية التي ستستخلصها دول العالم الغربي منها، وأولاها أمريكا، التي ستتوج قياد جديدة بعد نحو 100 يوم، سيكون من الصعب تحديد اتجاهات سياستها. وكما ذكرتنا هاريس، فهي ليست بايدن، لكن بأي قدر سيكون ترامب ترامب؟ وشدد رئيسا الاستخبارات على العلاقات المصلحية بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، لكنهما لم يوضحا ما إذا كان هذا سيؤثر مثلاً على قادة الغرب في سياستهم المحددة، بخلاف تصريحاتهم، تجاه إيران الإرهابية. فهل سيفهم هؤلاء بأن حرب إسرائيل ضد إيران ووكلائها هي أيضاً حربهم، أم سيكتفون بطرح صيغ لا تستجيب للتهديدات منها؟ سيكون هذا أيضاً تحدياً مركزياً في السياسة الخارجية الإسرائيلية في السنوات القادمة، أي رؤية المصالح السياسية والأمنية القريبة والفورية، بما فيها الإقليمية، إضافة إلى زاويتها المحلية بما في ذلك في منظور المواجهة العالمية.
--------------------------------------------
هآرتس 17/9/2024
إسرائيل أمام “المحور الإيراني”: سوريا الحلقة الأضعف.. والحوثيون بانتظار “ثالثة” عبد العاطي في طهران
بقلم: تسفي برئيل
تميزت نهاية الأسبوع الماضي بغزو الحوثيين للمنطقة. نشرت وكالة الأنباء “ريا نوفستي” الروسية الجمعة بأن الحوثيين بدأوا في إرسال قوات إلى سوريا عبر الأردن للمواجهة مع إسرائيل من أراضيها. حسب التقرير، هذه القوات هي الأكثر تدريباً عسكرياً لإطلاق هجماتها نحو البلدات الإسرائيلية.
“المصدر” الذي اعتمدت عليه الوكالة الروسية قال أيضاً إن هذه القوات تدربت على استخدام السيارات المصفحة والمدافع وتشغيل المسيرات. وتبنت وسائل إعلام إسرائيلية هذا التقرير، وأضافت عليه سيناريوهات رعب أخرى.
لكن سمعت صافرة تهدئة، السبت. اقتبست وكالة الأنباء الروسية “سبوتنك” خبيراً عسكرياً (مقرب من الحوثيين) ينفي ذلك. فسوريا والقوات فيها ليست بحاجة إلى دعم من القوات اليمنية، لأن لديها من القوات ما يكفي”. متحدثون سوريون وأردنيون رسميون لم يردوا على هذا التقرير. والأحد، سقط الصاروخ الباليستي اليمني في أراضي إسرائيل، ليس من سوريا ولا الأردن، بل من اليمن.
قبل النفي، أثار التقرير الأصلي عدة تساؤلات، فالأردن لم يكن ليسمح بانتقال لقوات أجنبية، سواء للحوثيين أو غيرهم، عبر أراضيه إلى سوريا، وبالذات في معبر حدودي رسمي. وسوريا نفسها طردت قبل سنة تقريبا “الدبلوماسيين” الحوثيين الذين كانوا في السفارة اليمنية في دمشق بعد أن بلور نظام الأسد التفاهمات حول ذلك مع حكومة اليمن المعترف بها مقابل تحسين العلاقات مع سوريا.
كانت هذه ضربة شديدة للحوثيين الذين يعملون على الحصول على الاعتراف بنظامهم. منذ فترة قصيرة، اعترفت إيران بحكومة الحوثيين، وفي العام 2019 سمحت للحوثيين بفتح ممثلية دبلوماسية فيها. في تموز، بضغط من المليشيات المؤيدة لإيران في العراق، وافقت الحكومة العراقية على السماح للحوثيين بفتح ممثلية في العراق. ولكن ممثلاً رسمياً في الحكومة العراقية أوضح بأن الحديث لا يدور عن سفارة أو حتى ممثلية رسمية، بل عن “مبنى قد يتواجدون فيه دائماً بدلاً من الفنادق”.
سوريا ليست بحاجة إلى مساعدة الحوثيين في المواجهة مع إسرائيل، لأن دمشق تبنت موقفاً سلبياً في الحرب. هي ليست شريكة في “وحدة الساحات” أو في “جبهة الدعم” للفلسطينيين. الأسد يخشى من حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله التي قد تتدهور إلى سوريا، وهو حتى حظي بـ “إعفاء” من المشاركة في عملية الثأر على تصفية فؤاد شكر في تموز الماضي. في “المحور الشيعي” المهدد تبدو سوريا هي الحلقة الأضعف. في ساحة متعددة الجبهات، عقب الحرب في غزة، كان مطلوباً أن تتساوق سوريا في موقفها مع تركيا لدعم جبهة سياسية واسعة ضد إسرائيل إلى جانب إيران. ولكن كل محاولات تركيا فشلت حتى الآن لاستئناف العلاقات مع سوريا، والأسد يشترط انسحاب القوات التركية للدفع بالمفاوضات قدماً بين الدولتين.
بخصوص نشاطات القوات الإيرانية والقوات المؤيدة لها في سوريا، أوضح الأسد بأنه لن يسمح لهذه القوات بالعمل ضد إسرائيل من أراضي سوريا. وطلب إبعاد الجنرال الإيراني الذي بادر إلى شن هجوم على إسرائيل.
حرية عمل إسرائيل في سوريا تستند إلى التفاهمات مع روسيا، التي بحسبها تمتنع إسرائيل عن المس بمؤسسات النظام أو القوات السورية وألا تحاول تدمير النظام. كانت هناك مرات تمت فيها مهاجمة مواقع سوريا، مثل قاعدة سلاح الجو “تي 4” التي هوجمت عدة مرات، أو الهجوم الجوي والبري الأخير قبل أسبوع قرب قرية مصياف، الذي نسب لإسرائيل وقتل فيه 18 شخصاً وتضررت فيه منشآت مدنية وشبكة الكهرباء. في هذه الحالات، اعتبرت هذه الهجمات عمليات ضد قواعد إيرانية أو قواعد يشغلها حرس الثورة، أو ضرباً للمصانع التي تنتج الصواريخ والمسيرة لصالح حزب الله، وليس كهجمات ضد سوريا.
في الواقع، تدين سوريا الهجمات ضدها، لكنها تعتبرها مشكلة لإيران وليس لها. هناك شك كبير إذا كانت سوريا ستغير استراتيجيتها وتوافق على استخدامها كساحة أخرى في مواجهة إسرائيل إذا اندلعت حرب واسعة مع حزب الله، حتى لو جرت هذه الحرب تدخل إيران بشكل مباشر.
بعد تجاوز الأسد للحرب الأهلية الطويلة، التي لم تنته بعد كلياً، وما زالت بؤر عصيان تعمل في جنوب الدولة – محافظة إدلب لم يحتلها النظام حتى الآن، وداعش يستعرض قدراته في شرق سوريا – فإن فتح جبهة أخرى، هذه المرة مع إسرائيل باسم حرب لم يبادر إليها مثل دعم حماس التي لم يتم رأب الصدع كلياً معها، يبدو أنه ليس موجوداً على طاولة تخطيط رئيس الأركان في سوريا.
مثلما هو الأمر في سوريا، فهكذا في العراق أيضاً. مشكوك فيه إذا كان النظام في بغداد سيسمح للحوثيين باستخدام السلاح ضد إسرائيل أو ضد أهداف أمريكية، خصوصا في الوقت الذي يستكمل العراق النقاشات مع الولايات المتحدة حول انسحاب القوات الأمريكية من العراق في العام 2026. الحوثيون في الحقيقة يشاركون في “غرفة العمليات” التي أقامها حزب الله لتنسيق نشاطات وكلاء إيران ضد إسرائيل. ولكن نشاطاتهم العسكرية في البحر الأحمر وضد إسرائيل يديرونها بشكل مستقل، دون طلب المصادقة أو التنسيق المسبق مع إيران أو مع جهات أخرى. في الوقت نفسه، يحاولون استغلال هذه الهجمات لتحقيق إنجازات سياسية خاصة بهم.
نشر هذا الأسبوع أن مصر ستستضيف وفداً رفيعاً للحوثيين في الفترة القريبة لحل الأزمة في البحر الأحمر، بالتنسيق مع السعودية وتركيا وربما مع الولايات المتحدة. لم تكن هذه المرة الأولى التي تجري فيها مصر مفاوضات مع الحوثيين لإنهاء المواجهة في البحر الأحمر. ولكن يبدو أن الأمر يتعلق بعملية أكثر شمولية في هذه المرة. لأنه حسب التقارير، يتوقع أن يزور وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إيران قريباً لطرح استراتيجية جديدة لحل المواجهة مع الحوثيين.
إذا خرجت هذه الزيارة إلى حيز التنفيذ، فستكون الثالثة في غضون أربعة أشهر. ولكنها كانت زيارة مجاملة في المرتين السابقتين، الأولى في أيار حيث شارك الوزير السابق سامح شكري في جنازة الرئيس إبراهيم رئيسي الذي قتل في حادثة المروحية، والأخرى عندما شارك عبد العاطي في احتفال تنصيب الرئيس بزشكيان. أما الزيارة الأخرى فستكون سياسية بصورة واضحة، وستمنح إيران إنجازاً استراتيجياً. ولكن ولإنهاء الحرب في البحر الأحمر، مطلوب من إيران والحوثيين قبول “رطل اللحم السياسي”، الموجود الآن في غزة، والذي يعتمد على موافقة إسرائيل على وقف الحرب.
--------------------------------------------
هآرتس 17/9/2024
بدوافع ائتلافية: نتنياهو يجازف بـ”حرب خطرة” في الشمال مصحوبة بـ “تخبط حقيقي”
بقلم: عاموس هرئيل
نشرت عناوين “هآرتس” الرئيسية أمس بأن نتنياهو يدفع بالجيش ووزير الدفاع غالانت نحو شن هجوم أوسع في لبنان وفي قطاع غزة. لم يكن سياق هذه العملية واضحاً. ففي نهاية المطاف، يرسل نتنياهو رسائل متناقضة طوال فترة الحرب، وحتى الآن امتنع عن مواجهة مباشرة مع حزب الله. ما هو سلم أولوياته؟ وهل يفضل تركيز الآن الجهد على لبنان على حساب غزة، كما أوصى بذلك غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي من فترة طويلة؟
تم حل اللغز في الظهيرة؛ فقد تبين أن نتنياهو يوشك على التوصل إلى اتفاق سري مع عضو الكنيست جدعون ساعر (اليمين الرسمي) لانضمامه على رأس قائمة تضم أربعة أعضاء كنيست للائتلاف. الثمن السياسي لخصم تشاجر معه مدة عشر سنوات – تعيين ساعر في منصب وزير الدفاع على حساب غالانت الذي سيقال. التخبط فيما يتعلق بطبيعة العملية في لبنان تخبط حقيقي، ومثله أيضاً نقاشات كثيرة جرت في الفترة الأخيرة، أحياناً حتى وقت متأخر من الليل. ربما تؤدي النقاشات في نهاية المطاف بإسرائيل إلى مواجهة أوسع في لبنان، رغم وجود اختلافات في الرأي بين القيادتين السياسية والأمنية.
لكن التطويق من اليمين الذي قام به نتنياهو، والذي حث غالانت على العمل في لبنان بعد أن استدعى أعضاء المعسكر الرسمي للحكومة في 11 تشرين الأول الماضي لوقف توصية غالانت والجنرالات لتوجيه ضربة استباقية مدوية ضد حزب الله، لم يأت من أي مكان. كالعادة، كان وراءه اعتبار سياسي. طلب رئيس الحكومة تمهيد الأرض لإقالة غالانت عن طريق عرض عبثي، وكأن الوزير مرن ومتساهل جداً في قضية لبنان.
ربما تجد إسرائيل نفسها في حرب شاملة مع حزب الله. ولكن نتنياهو لم يستيقظ فجأة صباحاً يحمل شعوراً بالذنب لتخليه عن 60 ألفاً من سكان الحدود الشمالية الذين أخلوا من بيوتهم منذ 11 شهراً وأكثر. منذ أشهر كثيرة، والاعتبارات الوحيدة التي توجه قرارات رئيس الحكومة في الحرب تتعلق ببقائه الشخصي واستمرار حكمه، وتدفع أي اعتبار استراتيجي أو عسكري آخر. وكما ولد محور فيلادلفيا من المجهول وأصبح فجأة مصدر أمننا الوحيد لإغلاق الدائرة على صفقة المخطوفين، ثمة الآن اختراع مبرر جديد. نتنياهو متحمس للتخلص من غالانت لضمان استقرار الائتلاف. وإذا كان من أجل ذلك يجب تعيين وزير دفاع لا تجربة له، والتقدم إلى شفا الحرب الشاملة والتخلي عن المخطوفين الذين يموتون في أنفاق غزة – فليكن ذلك.
أمس، نشر أن عملية ضم ساعر واجهت صعوبات، جزء منها ينبع من المعارضة داخل عائلة نتنياهو. الإسرائيليون الذين يريدون إقناع أصدقاء من الخارج بأن الديمقراطية ستبقى مستقرة وطبيعية ورغم الهزات حولنا، يجدون صعوبة متزايدة في فعل ذلك. في السنة الـ 18 لحكم نتنياهو (مع توقفين في المنتصف) تتصرف إسرائيل كجمهورية موز التي لم تعد فيها مصلحة المواطن أو الجندي أمراً يهم السلطة.
من بين المناورات السياسية الأكثر اشمئزازاً أثناء الحرب، أنه ليس واضح ما إذا كان ستتطور لدينا “ليلة غالانت2″، واحتجاجات كبيرة في أرجاء البلاد، حتى لو كانت هذه العملية نهائية. المواطنون في حالة تعب وإنهاك، بعضهم تعودوا على التنقيط اليومي الذي يتمثل بالبشائر السيئة إضافة إلى المزيد من الأنباء التي لا يمكن تصديقها.
طلاب المدارس الدينية لهم الأولوية
أصيبت الإدارة الأمريكية بالصدمة أمس من عزل غالانت، وحذرت نتنياهو من النتائج الخطيرة. وبقيت مشكلة لبنان على حالها في الخلفية. فتبادل اللكمات مع حزب الله يتجه نحو التطرف، ويتجدد منذ أسبوعين. وعجز سياسة إسرائيل آخذ في الانكشاف، في كل يوم يكون السكان بعيدين عن بيوتهم وبلداتهم، وبلدات بعيدة لم تخلَ تدخل إلى دائرة النيران. مع ذلك، ثمة تخبط مهني واضح. فهل يستطيع الجيش الإسرائيلي الآن إدارة حرب موازية في عدة جبهات؟ ما وضع التآكل في أوساط الجنود، النظامي والاحتياط؟ ما وضع التسليح والاحتياط؟ هل ستخلف عملية عسكرية تحسناً للوضع على حدود الشمال، أم كما تقول الادارة الأمريكية بأن ذلك سينتهي باتفاق يشبه الاتفاق الموضوع الآن على الطاولة متجمد الآن بين إسرائيل وحماس في غزة؟
عاموس هوكشتاين، المبعوث الأمريكي، التقى أمس في البلاد نتنياهو وغالانت على انفراد. وقال محذراً بأن توسيع المواجهة العسكرية لن يعيد السكان إلى بيوتهم، بل يزيد خطر اندلاع حرب إقليمية واسعة وطويلة. البيان الذي أصدره نتنياهو في نهاية المحادثة كان أقل حدة من البيان الذي نشره غالانت. طلب رئيس الحكومة “تغييراً جوهرياً” للوضع. وقال وزير الدفاع إن “الطريقة الوحيدة التي بقيت لإعادة سكان الشمال هي الذهاب لعملية عسكرية”. الأمر الذي تسرب حاشية رئيس الحكومة بأن غالانت يرفضه.
ما الذي يفكر به آباء الجنود الذين يخدمون منذ سنة في القطاع، والذين يمكن استدعاؤهم قريباً للمشاركة في حرب أصعب وأبهظ ثمناً في لبنان، على خلفية هذه التطورات السخيفة؟ هل يشعرون أن الأمن الوطني وأمن الأبناء في أيد معتمد عليها؟ أما زالوا يصدقون بأن القرارات الأهم للحرب تُتخذ لأسباب موضوعية؟ هذه أسئلة تزداد حين يسمعون من المراسلين السياسيين بأن من يقف وراء استبدال غالانت اعتبار آخر، وهو رغبة في إزاحته عن الطريق حتى لا يزعج صفقة قذرة بين الليكود والأحزاب الحريدية، تهدف إلى تجاوز قرارات المحكمة العليا وضمان استمرار الأغلبية الساحقة من الحريديم في التهرب من الخدمة في الجيش.
نشفق على عائلات المخطوفين التي اقتنعت أن رئيس “شاس”، آريه درعي، هو الشخص المناسب للمضي بالصفقة. مرة أخرى، يتبين أن اعتبارات درعي الشخصية والقطاعية تتغلب على الاعتبارات الوطنية أو على قلبه النازف أثناء اللقاءات مع العائلات. في نهاية المطاف، هؤلاء (تقريباً) ليسوا ناخبيه الذين تم اختطافهم وهم في حالة عجز من الكيبوتسات ومن حفلة “نوفا” أو من الدبابات قرب الجدار، وتم التخلي عنهم منذ ذلك الحين وتركوا لعذاب لا ينتهي في غزة. طلاب المدارس الدينية لهم الأولوية.
--------------------------------------------
هآرتس 17/9/2024
خطة الجنرالات لاعادة المخطوفين غير قابلة للتنفيذ
بقلم: ران غورن
مؤخرا تم عرض على الجمهور خطة باسم “خطة الجنرالات”، التي وضعها وسوقها الجنرال (احتياط) غيورا آيلاند. بين قوسين يجب القول بأنه وراء هذه الخطة المدوية يقف جنرالات وعمداء قلائل فقط، في حين أن مئات الجنرالات الاحتياط ومفتشو شرطة سابقين ورؤساء اقسام سابقين في الشباك والموساد يرون حل آخر لانهاء الحرب واعادة المخطوفين.
غيورا آيلاند، الذي هو شخص ذكي ومحلل وبليغ والذي حصل على مكانة مقدرة في البرامج التلفزيونية، قال إنه في العصر الحديث فان الضغط العسكري بواسطة تدمير القوات والسلاح والبنى التحتية غير ناجع مع الانظمة الديكتاتورية. في المقابل، هي تتأثر جدا من ضائقة شعبها، خشية أن تُحرض هذه الضائقة على انتفاضة شعبية ضد حكمها. منذ اشهر غيورا آيلاند يقترح وقف المساعدات الانسانية كأداة ضغط على يحيى السنوار. ومؤخرا ترجم نظريته الى خطة تفصيلية تركز على شمال القطاع.
آيلاند يؤسس خطته على قيام الجيش بتطويق كل الفضاء في شمال ممر نتساريم، وعلى أنه بقي في شمال القطاع فقط 300 ألف مدني وبضعة آلاف من مقاتلي حماس. على ضوء ذلك هو يقترح أن يتم اعطاء المدنيين هناك انذار للاخلاء في غضون اسبوع في ممر آمن بمراقبة الجيش الاسرائيلي عبر ممر نتساريم الى وسط وجنوب القطاع. بعد ذلك يتم فرض حصار كامل على المنطقة بدون ادخال التموين من أي نوع – غذاء ودواء وكهرباء ومياه. حسب قوله هذا عمل مشروع يتفق مع قوانين الحرب. افتراضه هو أنه ازاء تجويع المدنيين الذين سيبقون في شمال القطاع سيخضع الديكتاتور السنوار ويقوم بالتوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار بشروط مريحة لاسرائيل، التي اساسها اعادة المخطوفين.
في خطة آيلاند، “خطة الجنرالات”، يتجسد “تناقض لفظي”، جملة تتكون من عناصر متناقضة. حيث أنه في نهاية المطاف اذا استجاب المدنيون للانذار وقاموا باخلاء شمال القطاع فان موضوع الضغط الناجع سيتلاشى، والحصار سيتم فرضه فقط على مقاتلي حماس الذين صعوباتهم وموتهم لا تؤثر في يحيى السنوار. ولكن حتى لو تجاهلنا التناقض المتأصل وافترضنا أن معظم المدنيين سيرفضون الانذار النهائي وسيبقون في اماكنهم فان “خطة الجنرالات” هي خطة مقطوعة عن الواقع وغير قابلة للتنفيذ.
سنبدأ بالسطر الاخير: لا يوجد وضع ستوافق فيه الولايات المتحدة على تطبيق هذه الخطة. الادارة الامريكية التي اثبتت في السابق الى أي درجة هي حساسة بخصوص ضائقة المدنيين في قطاع غزة، والتي اجبرت اسرائيل مرة تلو الاخرى على ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع، لن توافق على عملية تعارض بشكل صارخ سياستها، بالاحرى في ظل فترة الانتخابات القريبة. ايضا رؤساء الدول الاوروبية والرأي العام في هذه الدول سيرفضون تماما هذه الخطوة. اضافة الى ذلك لا شك أن كريم خان، المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، سيجد في كتاب القوانين مادة تعارض المادة التي استند اليها آيلاند، وسيثبت أن الحرمان من الاحتياجات الاساسية، الى درجة التجويع حتى الموت للسكان في منطقة محتلة هو جريمة حرب، وربما حتى جريمة ضد الانسانية.
افتراض آيلاند بأن الديكتاتوريين في العصريين يتأثرون فقط من ضائقة السكان، لا ينجح في امتحان الواقع، على الاقل بخصوص السنوار. فهو لم يغير موقفه ازاء عشرات آلاف المدنيين القتلى، وتهجير 2 مليون شخص من بيوتهم واسكانهم في مدن خيام، ومن ضائقة العيش الصعب في الصيف الحار وتحت الامطار في الشتاء. على ضوء تجربة 11 شهر من الحرب لا يمكن الافتراض بأن فرض الحصار على شمال القطاع وتجويع مئات آلاف المدنيين الذين سيبقون هناك، ستقنع السنوار بالتوقيع على اتفاق بشروط مريحة لاسرائيل، بما في ذلك اعادة المخطوفين. اضافة الى ذلك ربما كرد على خطة تجويع المدنيين سيتشدد في مواقفه ويعاقب اسرائيل بواسطة قتل عدد آخر من المخطوفين.
الى جانب كل ما قيل فان رأيي هو أن هزيمة العدو بواسطة تجويع المدنيين لا يتناسب مع اخلاق اليهود ونهج الجيش الاسرائيلي حتى لو كان العدو يتصرف بوحشية غير انسانية مع المخطوفين، وحتى لو كان لذلك تسويغ قانوني في قوانين الحرب. يجب على الحكومة وعلى الجيش الحفاظ على مستوى الاخلاق في الدول والمجتمعات المتنورة وعدم الهبوط الى اعماق الانفاق المظلمة لوحشية حماس ورئيسها.
“خطة الجنرالات” تم طرحها كأفضل طريقة، وربما الوحيدة، من اجل اجبار السنوار على اعادة المخطوفين. ولكنها غير واقعية. الطريق الصحيحة لاعادة المخطوفين تمر في اتفاق وقف الحرب. السنوار يطلب انهاء الحرب وضمانات دولية لعدم استئنافها، اضافة الى استمرار حكم حماس في القطاع. هذه نقطة الانطلاق بالنسبة له، لكنها ليست بالضرورة موقفه النهائي. يمكن الافتراض بأنه يمكن التوصل الى اتفاق مع حكم فلسطيني آخر، يشمل تمثيل مدني لحماس على اساس خطة نتنياهو – بايدن الاصلية، قبل أن تضاف اليها شروط نتنياهو المعيقة. هذا الاتفاق يجب العمل على التوصل اليه بتصميم ومرونة. والى حين التوقيع على الاتفاق، بدلا من منع ادخال المساعدات الانسانية فانه يجب على الجيش الاسرائيلي المساعدة في توفيرها.
--------------------------------------------
هآرتس 17/9/2024
نتنياهو يبحث عن الانتقام من غالنت، ساعر تم استدعاءه لانقاذ حكومة الفشل والمذبحة
بقلم: يوسي فيرتر
مسموح لرئيس حكومة أن يقيل وزير دفاع لا يثق به، والثقة بينهما هي اقل من الصفر، واتهمه بأنه عميل امريكي مزدوج حتى في فترة الحرب. لو أن غولدا مئير قامت باقالة موشيه ديان في اليوم الثالث لحرب يوم الغفران عندما انهار امام ناظريها وتحدث عن دمار الهيكل الثالث، لما كان أحد سيشكك في ضرورة هذه الخطوة. ايضا لما كان أحد سينسب لها دوافع غريبة وشخصية، بل دوافع موضوعية تماما.
هذه ليست الحالة التي امامنا. الى جانب العلاقات الشخصية المتكدرة بين نتنياهو وغالنت (التي كان يمكن اصلاحها لو أن رئيس الحكومة رغب في ذلك)، فان ذريعة اقالة غالنت هي شخصية (الانتقام واغلاق الحساب على الليلة في آذار 2023 وبعدها)، وسياسية (قانون الاعفاء من التجنيد)، ونفسية (الاستطلاعات التي في معظمها غالنت يتفوق على نتنياهو في ثقة ودعم الجمهور، الامر الذي يصيب الزوجين نتنياهو بالجنون). بالطبع الاستقلالية في التفكير ورفض غالنت للعمل كسكرتير عسكري ثاني لنتنياهو، لم تضف له أي نقاط في قيصاريا.
هكذا وصلنا الى مفترق طرق، الذي فيه عشية ما ظهر كتدهور الى حرب في لبنان والتي يمكن أن تتطور الى حرب اقليمية، فان نقاشات الكابنت السياسي – الامني تم تأجيلها مرة تلو الاخرى لأن رئيس الحكومة يتردد في القيام بهذه الخطوة الحاسمة – اقالة (مرة اخرى) غالنت وتعيين جدعون ساعر مكانه. ساعر وصل الى مفترق الطرق الاكثر اهانة بالنسبة لسياسي في اسرائيل، الذي ينتظر فيه رفع فيتو سارة نتنياهو على تعيينه. حسب التقارير فان سارة نتنياهو تعارض استبدال وزير مستقل لوزير آخر مستقل. وكي لا يكون هناك أي شك فانه اذا تم تعيين ساعر فهو لا ينوي التصرف وكأنه محكوم لنتنياهو. هكذا فان الانفجار الاول بينه وبين رئيس الحكومة سيحدث قبل أن تنتهي صلاحية علبة الحليب التي توجد لنا في الثلاجة، أي في صناديق الاقتراع. اذا في هذه الاثناء كانت العلاقة بينهما توصف بأنها افضل من العلاقة السائدة بين غالنت ونتنياهو فان هذا فقط بسبب أنهما لا يعملان معا. اذا عملا معا سيتخاصمان.
إن ذهاب غالنت ودخول ساعر يذعر هيئة المخطوفين التي تمثل غالبية العائلات. فهي تعتبر غالنت الممثل الوحيد لها في هذه الهيئة. وهو الوحيد الذي يتحدث عن “القيم” وروح الجيش الاسرائيلي الذي لا يتخلى عن المصابين والاسرى ليموتوا. في هذه القضية فان ساعر اكثر صقورية منه. نتنياهو تم اقتباسه أمس وهو يقول بأن توسيع الحكومة سيساعد في صفقة المخطوفين. التفسير هو أنه اذا توسع الائتلاف من 64 مقعد الى 67 – 68 مقعد وتم التوصل الى صفقة، حتى لو انسحب بن غفير وحزبه، فان الحكومة لن تسقط (لأنه اذا ساعر والوزير زئيف الكين صوتا ضد فهما بالتأكيد لن يقوما بالانسحاب).
حتى الآن لم يتم التوقيع على الاتفاق. نتنياهو قام بوقفه ونحن لا نعرف لماذا. دائما يوجد لديه دافع خفي ما، ربما سارة، وربما أن البيت الابيض والبنتاغون ارسلوا رسائل. غالنت هو رجلهم، وعشية الاشتعال الواسع فانهم يخشون من امكانية اختفائه. ساعر في الانتظار. في وسائل الاعلام يحتفلون بأقواله القاسية في السنوات الاخيرة ضد نتنياهو وضد ما اصبح عليه الليكود.
ادعاء ساعر هو أنه منذ 7 تشرين الاول لا يوجد مكان للاقالات الشخصية. في الحقيقة هو وغانتس وايزنكوت انضموا للحكومة في 11 تشرين الاول، وبعد ذلك استقالوا، كل واحد على حدة. هو يريد النفوذ، وفي وزارة الدفاع سيكون له ذلك. الامر يبدو وكأن أحد اعضاء المعارضة في البرلمان الروسي تم تعيينه في منصب وزير الدفاع في حكومة فلادمير بوتين لأنه “توجد حرب”. والسؤال هو من الذي يدير الدولة.
حلف مع الشيطان
ساعر ينضم، هذا اذا انضم، الى زعيم فاسد وخطير وبدون كوابح وساخر، “يفضل مصالحه الشخصية على مصالح الدولة” (كما كتب هو نفسه عنه عشية اقالة وزير الدفاع). هذا الوصف لساعر لم يختف، بل تعاظم ايضا. ما بدأ في فترة الانقلاب النظامي عندما اراد نتنياهو وياريف لفين تحطيم اسس الديمقراطية، ازداد بأضعاف منذ المذبحة واندلاع الحرب. سلوك نتنياهو هو سلوك كارثي. العامل السياسي والشخصي دائما يتغلب دائما لديه على العامل الوطني – الامني. بالمناسبة، الانقلاب تجدد، ولفين وسمحا روتمان من وراء ذلك. ساعر بصفته عضو في الحكومة سيكون ملزم بدعم قوانين الانقلاب التي وقف في السابق ضدها واحسن في تبرير موقفه منها. كيف يمكنه تأييدها الآن؟.
ساعر تجول حتى الآن مع سمعة الشخص الذي يحترم كلمته. هو عرف كيفية رفض اقتراحات نتنياهو المغرية، بما في ذلك التناوب على منصب رئيس الحكومة، وبالطبع وزارة الدفاع والخارجية. هو رفض لأنه عرف أن العارض لن يفي بعرضه، سيخادع ويتحايل كما فعل مع بني غانتس. ساعر كان من اكبر الدافعين في حكومة التغيير الى اجازة “قانون المتهم” مع كل اشكاليته، لأنه بالنسبة له فان وقف نتنياهو كان مصلحة عليا. هو يعتبره زعيم غير مشروع وغير مؤهل، يدير منظومة تحريض وتشويه ضد خصومه السياسيين (هاكم: “ماكنة السم”). أين اختفى كل ذلك الآن؟ حقيبة الدفاع هي مجرد اغراء، لكن ماذا بخصوص المباديء والنزاهة؟ الانضمام لبيبي يعني عقد حلف مع الشيطان، ومع يعقد هذا الحلف فهو يبيع روحه للشيطان.
بعد استقالة ساعر من الحكومة طرح الموافقة على اجراء الانتخابات في بداية 2025. الآن هو سيمكن حكومة الفشل والمذبحة ورئيسها، الذي يتهرب من المسؤولية ويلقي التهمة على كل العالم، من استكمال ولايتها حتى تشرين الاول 2026. هذا يثير الغضب ولا يمكن استيعابه. “يجب اسقاط هذه الحكومة وليس انقاذها”، قال اكثر من مرة وفي مناسبات مختلفة، الآن هو الذي ينقذها، هو بوليصة التأمين والسترة الواقية للحكومة الاكثر فظاعة في تاريخ اسرائيل، التي على رأسها ليس فقط الانقلاب الذي اضعف الدولة واستدعى المذبحة، بل كل ما نشاهده يوميا: الشرطة السياسية، مهاجمة المستشارة القانونية للحكومة ونوابها والتحريض المسموم ضد الخصوم.
ماذا يملك السياسي عدا عن سمعته الجيدة؟ حتى لو كان تحت نسبة الحسم (“أنا مبعوث الجمهور بدون جمهور”، قال بني بيغن ذات مرة عندما اعتزل الحياة السياسية). حتى الآن نحن ننتظر من ساعر الحفاظ على القيم. ليس فقط بسبب اقواله في السابق، بل بالاساس بسبب ما نشاهده الآن.
--------------------------------------------
معاريف 17/9/2024
الغرق ليس فقط في الوحل الغزي بل وأيضا في الوحل اللبناني
بقلم: افي اشكنازي
اللواء اوري غوردن هو أحد الالوية الأكثر إثارة للانبهار في هيئة اركان الجيش الإسرائيلي، ضابط مع سكين بين الاسنان. حرب السيوف الحديدية بدأها بخلل – مشكوك أن يكون منه، مشكوك ان يكون من مستويات فوقه. القرار باخلاء سكان الشمال من بيوتهم ينبغي أن يفحص بشكل واسع، فلاول مرة منذ إقامة الدولة، في وردية اللواء غوردن، إسرائيل تنازلت عن إقليم، انسحبت الى الوراء وخلقت شريطا امنيا في أراضينا.
في المستوى الاستراتيجي، انتصر حزب الله في المعركة حتى الان ودفع إسرائيل لان تتراجع الى الوراء. منذئذ، واللواء غوردن يحاول بكل قوته ان يغير وجه المعركة. بشكل تكتيكي إسرائيل تضرب حزب الله وتلحق به خسائر فادحة في أوساط رجاله، تضرب قيادته وتؤدي الى إصابة لقوة النار ومخازن السلاح لديه. لكن إسرائيل لم تنجح في تغيير المعادلة وخسرت استراتيجيا في الحرب في الشمال.
اللواء غوردن هو استراتيجي عسكري شديد الروح، لكن يبدو أنه فاتته دروس التاريخ. لقد بقي الجيش الإسرائيلي في لبنان على مدى 18 سنة، الى أن خرج من هناك في العام 2000. اقام الجيش الإسرائيلي شريطا امنيا حتى قبل ان تقيم ايران حزب الله او الادق تعطيه رعايتها. كل جيش دخل الى لبنان لم ينجو. لا السوريين، لا إسرائيل، لا الأمريكيين ولا الفرنسيين. لعلم اللواء غوردن، عندما استقر الجيش الإسرائيلي في الشريط الأمني في لبنان، لم تحمي القوات الجليل. فهي لم تمنع النار الصاروخية على كريات شمونا، نهاريا، شتولا، او صفد. هي بالاجمال حمت نفسها في ميدان التدريب على البطات. في نهاية كل شهر كانوا في الفرقة 91 يجرون احصاءاً شهريا. لو كان لنا 12 جنديا قتيلا، لكان هذا شهرا جيدا نسبيا، يمكن التعايش مع الاعداد. وذا كان في نهاية الشهر فوق 20 جندي قتيل، كان هذا شهرا سيئا، صعبا. وليس عبثا أن قام احتجاج جماهيري وأقيمت حركة “اربع أمهات”.
الجيش يعمل في ثلاثة اشكال: روتين، دفاع وهجوم، وجاهز لحروب قصيرة وحسومات سريعة وواضحة. في هذه اللحظة هو في حرب طويلة بلا حسم. الحل للوضع هو واحد – هجوم وحسم في حزب الله. اقتراح اللواء قائد المنطقة الشمالية يخدم الاحبولة الإعلامية – السير بلا لباس والشعور بانك لابسه. لا يوجد حقا في اقتراح اللواء غوردن تفكير عسكري منطقي. فالاستيلاء على شريط امني في أراضي لبنان لن يمنع النار الى الشمال. العكس هو الصحيح. فهي كفيلة بان تكون تحريكا لنار مكثفة من حزب الله الى حيفا، الى الكريوت والى تل أبيب.
المكوث في شريط امني هو احبولة عديمة المنفعة وذر للرماد في العيون. لا توجد هنا استراتيجية بل طريق لاعادة انتاج الوحل اللبناني. اقتراح اللواء غوردن للمستوى السياسي بسيط – هيا نواصل الغرق ليس فقط في الوحل الغزي بل وأيضا في اللوحل اللبناني. نعطي كل أم عربية ترسل ابنها الى الجيش الإسرائيلي ان تختار أين تفضل ان يغرق في الوحل – في غزة أم في لبنان.
--------------------------------------------
يديعوت احرونوت 17/9/2024
التصعيد في الشمال قد يتحول الى حرب إقليمية كل الطرق تؤدي الى تسوية
بقلم: رونين بيرغمان
مصادر رفيعة المستوى في الجيش وفي جهاز الامن تحذر من “خطوات متسرعة تخطط لها حكومة إسرائيل في الشمال”. وحسب احد المصادر، “من جهة تنطوي هذه الخطوات على خطر ملموس للغاية باشتعال وضع قتالي عام – ليس فقط في الحدود مع لبنان بل في المنطقة كلها. ومن جهة أخرى هي لا تضمن على الاطلاق حلا يسمح لسكان الشمال بالعودة الى بيوتهم.
هذه الخطوات ستتضمن تشديد كبير ومقصود بما في ذلك عملية برية داخل لبنان، هكذا تقول تلك المصادر، وهي وليدة الضغط الجماهيري المتواصل على حكومة نتنياهو حيال النار التي لا تتوقف على الشمال، والعذابات القاسية التي يعيشها السكان الذين اخلوا المكان وأولئك الذين تبقوا فيه. “للحكومة توجد حاجة لان تظهر بانها تفعل شيئا ما، لكن هذا الشيء هو الامر المغلوط للغاية، الخطير للغاية، بالضبط ما امتنعوا عنه كل السنة الأخيرة. بدلا من حل المشكلة من شأنه ان يورطنا في مشكلة اصعب بكثير”.
ويضيف المصدر: “والمحزن اكثر هو كم هو هذا زائد لا داعٍ له. حكومة إسرائيل تريد أن تبعث الان بالجيش الى مواجهة مع حزب الله، هناك احتمال معقول أن تتحول الى حرب شاملة، وكل ذلك كي تصل بالضبط الى النقطة إياها التي يمكن الوصول اليها دون استخدام وسائل عنيفة: موافقة نصرالله على اتفاق سياسي يسمح بعودة سكان الشمال الى بيوتهم. لو وقعت صفقة مخطوفين، واوقفنا الحرب في غزة، على الأقل حاليا، فمعقول جدا الافتراض بانه كان سيتحقق اتفاق في الشمال أيضا”.
الخلاف بين الجيش والكابنت والحكومة حول استمرار استراتيجية الامن القومي الإسرائيلية احتدم امس جدا وان كان توزيع المعسكرات تغير قليلا. يقول احد المصادر ان “القصة هي المعركة من خلف الكواليس بين لابسي البزات ولابسي البدلات. وهذه المرة التوزيع حاد لان وزير الدفاع ورئيس الوزراء في هذا الموضوع على الأقل يتواجدان في الجانب ذاته”.
هذا المصدر الذي اقتبس هنا عدة مرات في الماضي اقتبس عن كتاب آيزيك أسيموف: “كل ما كتبته هنا خيالي، الواقع اكثر غرابة بكثير”. وبالفعل كيف يحصل أن بالذات في اليوم الذي اوشك فيه نتنياهو ان يقيل غالنت ويعين ساعر بدلا منه – يمكن لكليهما ان يكونا في الجانب ذاته؟ لان الواقع هو أن السياسة الحالية اكثر غرابة بكثير.
الغرابة الاروع من كل خيال بدأت تخطو في نهاية الأسبوع الماضي. يوم الخميس الماضي في ساعات المساء جرت في غرفة مداولات رئيس الوزراء في الكريا مشاورات أمنية بحث فيها الحاضرون بمن فيهم رئيس الاركان ووزير الدفاع ما يجري في الشمال. لا شيء شاذ. غير أنه بعد تلك المشاورات روى أناس نتنياهو لسلسلة صحافيين بانه يوجد بينه وبين وزير الدفاع خلاف شاسع في موضوع العمل اللازم حيال حزب الله في لبنان باستثناء ان هذه المرة كان الخلاف بالضبط بالاتجاه المعاكس للاتجاه الذي كان معروفا حتى ذلك الحين.
الفرصة المفوتة
غالنت اقترح في اليوم الثالث للحرب “ضرب القوي أولا”، أي حزب الله، “لأننا اذا ضربنا الأضعف أولا” أي حماس، “سنصل الى مواجهة محتمة مع القوي ونحن منهكون وفي موقف دولي أسوأ”، من ذاك الذي تمتعت به إسرائيل فور الهجوم الدموي والكابوسي لحماس. الفرصة العملياتية، التي نالت تأييد قائد المنطقة الشمالية وقائد سلاح الجو، كانت ضربة قاسية لحزب الله. أما نتنياهو، وفي حينه بتأييد من غانتس وآيزنكوت وبضغط شديد من الولايات المتحدة، رفض الاقتراح. “لم تكن هنا مشكلة انعدام قدرة بل مشكلة انعدام زعامة”، وصف هذا وزير الدفاع بعد بضعة اشهر من ذلك، مطلقا سهامه نحو نتنياهو – الذي منظومة العلاقات بينهما كشفت قعرا متزايدا للحفرة ذاتها.
في الأشهر الأخيرة أيد الجيش وغالنت التوقيع على صفقة تحرير مخطوفين تتضمن وقف نار وانسحاب من غزة وتسمح للجيش بتركيز الانتباه الى الشمال. “مفترق T إما تسوية ام مواجهة”، وصفه وزير الدفاع. معظم الضباط في هيئة الأركان اعتقدوا بان اغلاق الجبهة الجنوبية، حاليا على الأقل سيسمح بفرصة مناسبة لمسيرة سياسية، يقودها الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتاين والتي لا يمكن التقدم بها بدون شرط نصرالله المتصلب المتمثل بوقف النار وبداية المفاوضات فقط بعد انهاء النار في الجنوب.
التقدير المتصدر هو انه لو كانت إسرائيل وقعت على صفقة المخطوفين او وقف النار لاوقف نصرالله النار بشكل فوري مثلما وعد. إضافة الى ذلك ينبغي الافتراض بان نصرالله فهم بان خطته لهجوم بري مفاجيء على إسرائيل لم تعد واردة وذلك لانه بعد نجاح هذا الهجوم من جانب حماس، فان إسرائيل لن تعتمد بعد اليوم فقط على اخطار استخباري واعتبار العدو مردوعا بل ولن تكتفي بمرابطة قوات محدودة على الحدود بل ستبعث الى هناك بقوات كبيرة يمكنها أن تواجه هجوما مفاجئا حتى بدون اخطار.
من هنا، وبحضور الشرط الأساس المتمثل بانهاء الحرب في الجنوب باتفاق مع حماس سيكون نصرالله مستعدا للدخول الى مفاوضات يتعهد في اطارها بشروط ترضي إسرائيل وتتيح عودة السكان الى بيوتهم.
الحرب مع حزب الله لم تنتهي، لكن لو كانت وقعت في وضعية كهذه، لو كان الاتفاق وقع لكان يمكن للجيش ان يحصل على الزمن اللازم كي خطط بشكل دقيقة خطوة عسكرية واسعة ضد المنظمة لكنها كانت ستبدأ في وقت وفي ظرف مناسبين لإسرائيل – وليس حين تكون كتوقف بين جبهتين تحت تهديد نشوء جبهة ثالثة في الضفة بل وربما جبهات أخرى تبدأ مع هجوم إسرائيلي في لبنان.
رئيس الوزراء، بالمقابل، واصل على مدى اشهر طويلة رؤية جبهة الجنوب كجبهة أساسية. فقد تبنى وروج لـ “النصر المطلق” فيما رفض تحديد موعد يتعهد فيه بإعادة السكان الى بيوتهم.
المواجهة بينه وبين غالنت في الأيام الأخيرة عكست صورة معاكسة. فجأة جعل نتنياهو ووزراء آخرون الشمال كالامر الأساس وتحدثوا عن كيف انه لم يعد ممكنا استمرار الوضع هكذا، دون ان يوضحوا ما الذي تغير فجأة الان بالذات. وحسب ضابط كبير في الجيش فانه “لو ان لإسرائيل، أي للقيادة السياسية على مدى السنة الماضية سببا وجيها واحدا للامتناع عن فتح جبهتين بالتوازي والتدهور الى وضع قتالي يشعل جبهات واسعة، فما الذي تغير الان لتأخذ هذه المخاطرة؟ واذا كانوا جاهزين، فالى اين سيؤدي عملا كهذا؟”.
لكن حسب المنشورات في الأيام الأخيرة، يوشك نتنياهو على ان يضيف لبنان وإعادة السكان بامان الى بيوتهم في الشمال كهدف ثالث للحرب – ويخطط لخطوة عنيفة كي يحقق هذا الهدف، فان من يقف في طريقه هو وزير الدفاع يوآف غالنت. نتنياهو، حسب هذه المنشورات، “يعتقد بان شن حرب في لبنان لن يمس بالضغط العسكري في القطاع ولن يعرض للخطر الاحتمال لصفقة مخطوفين”. اما غالنت، بالمقابل، فيعتقد انه لا يجب اتخاذ الخطوة لان من شأنها أن تمس باحتمال إعادة المخطوفين بسبب الحاجة الى نقل القوات من غزة.
مناورة مكتب غالنت
جلسة الحكومة يوم الاحد بدأها نتنياهو باقوال صريحة عن الشمال. “الوضع هناك لن يستمر ويستوجب تغييرا لميزان القوى في الحدود”، قال نتنياهو في تصريح يوجد فيه قول آني ويخرج كثيرا عن أقواله العمومية السابقة عن الالتزام العام لاعادة السكان. وعلى الفور صرخت العناوين الرئيسة فيما يعتقده الان في محيطه بانه كان زرع البذرة لخطوة التنحية. “اذا حاول غالنت احباط العملية – فسيستبدل”، قيل في احدى الاحاطات في هذا الشأن مع التلميح بان نتنياهو هو الذي يريد ان يهاجم وغالنت يتخذ نهجا يرغب في الامتناع عن عمل عسكري في الشمال.
المصادر في وزارة الدفاع التي عجبت بهذه المنشورات تلقت في اثناء الليل تحديثا لما يرونه كالسبب الحقيقي للمنشورات. ليس خلافا حول الشمال، بل خلق حجة غيبة لرئيس الوزراء لاقامة وزير الدفاع، بمناسبة المفاوضات الاخذة في النضوج مع جدعون ساعر. محيط وزير الدفاع عمل في رد على ما وصف بانه “نار مدفعية قوية” نحو مصادر النيران”. وتلقت وسائل الاعلام وجبة دسمة من الاقتباسات، بعضها من داخل اللقاء مع الوسيط هوكشتاين التي أوضح فيها وزير الدفاع من هو الصقر ومن مع الهجوم وان “موضوع التسوية مع حزب الله شطب عن جدول الاعمال”، وان لا مفر من التشديد بشكل بالغ المغزى للخطوات في الشمال. كان هذا غالنت هو الذي قال لرئيس الوزراء انه “كل هذا الوقت تحدثت عن تصعيد او تسوية لكن لا توجد إمكانية للوصول الى تسوية. توجد فقط إمكانية واحدة – التوجه بكل القوة واستخدام كل قوتنا العسكرية بهدف إعادة سكان الشمال الى بيوتهم”.
فهل اعتزم نتنياهو استخدام ذريعة الانبطاح كي يقيل غالنت؟ هل مناورة مكتب وزير الدفاع، التي كشفت الحيلة وعرضت أيضا على العالم غالنت الذي وان كان أراد صفقة، لكن بغيابها، الامر الذي يتهم به نتنياهو، يكيف نفسه مع الوضع الناشيء، قد منع الإقالة امس؟ من الصعب أن نعرف.
لكن الوضع الناشيء، “البدلات ضد البزات”، هو أولي في الحرب الحالية. في الجيش يوجد من يتبنون عملية قوية، جوية وبرية أيضا. وهذا يتضمن قائد سلاح الجو وقائد المنطقة الشمالية الى جانب قادة كبار في الجبهة الشمالية يعملون تحت رئاسته. لكن آخرين، وهم اغلبية، وكذا فتوى رئيس الأركان التي ستقرر في نهاية المطاف موقف الجيش، يعتقدون بان هذه ستكون خطوة خاطئة في هذا الوقت، لن تجلب بالضرورة ظروفا لاعادة السكان الى بيوتهم بل وتنطوي على خطر حاد للغاية في التصعيد.
الفريق هرتسي هليفي شدد في احاديث مع ضباط كبار في الجيش على الالتزام الأعلى من ناحيته “لاعادة سكان الشمال الى بيوتهم بامان”. هذا، كما يعتقد هليفي، يمكن تحقيقه في واحد من طريقين: اما صفقة لاعادة المخطوفين الى الديار وفتح مفاوضات لتسوية سياسية مع نصرالله، او، بغياب اتفاق، الخروج الى خطوة عسكرية بعدها تكون التسوية السياسية. مهما يكن من أمر، يقول هليفي، سنصل في نهاية الامر الى النقطة ذاتها: الحاجة الى تسوية سياسية، لا يتواجد فيها حزب الله في مجال الحدود بما في ذلك وسائل تنفيذة ومراقبة للتأكد من ذلك. لكن البديل الثاني يخلق أيضا مجالا من انعدام اليقين حول مسألة هل الخطوة العسكرية ستؤدي بالفعل بنصرالله الى تسوية ام تخلق الاثر المعاكس: التصعيد.
مصادر رفيعة المستوى في الجيش تقول ان الخطة العملياتية الحالية التي هدفها فرض تسوية سياسية على حزب الله، تصفها مصادر عسكرية رفيعة المستوى تحدثنا معها كـ “محاكة حياكة فظة للغاية وخطيرة جدا مع احتمال لتدهور شديد”.
--------------------------------------------
يديعوت احرونوت 17/9/2024
على شفا التصعيد في الشمال: الصفقة لتنحية غالنت
بقلم: يوفال كارني
كان هذا هو اليوم السياسي الأهم منذ 7 أكتوبر. في ذروة حرب طويلة، وقبيل حسم دراماتيكي على الجبهة في الشمال، انكب رئيس الوزراء أمس على خطوة سياسية غير مسبوقة: تنحية وزير الدفاع القائم يوآف غالنت وضم جدعون ساعر الى الحكومة – أحد السياسيين الأكثر كرها على نتنياهو وعائلته – وذلك لتوسيع الائتلاف بأربعة نواب آخرين.
الاتصالات السرية التي جرت في محورين – ساعر شخصيا مع وزير العدل يريف لفين، النائب زئيف الكين مع الحريديم – نشرت في وقت ابكر من المتوقع وبقدر كبير أدت الى التجميد وإعادة احتساب الأطراف للمسار من جديد. اللغم الأساس كان الشرط الذي طرحه ساعر على نتنياهو في اثناء المفاوضات: الانضمام الى الحكومة فقط مقابل حقيبة الدفاع. وقالت مصادر في الليكود ان نتنياهو ابدى مرونة وكان مستعدا لان يتخذ خطوة مزدوجة تتمثل بتنحية غالنت وتعيين ساعر، لكنه في اللحظة الأخيرة “ارتعدت فرائصه” وتراجع، وذلك اغلب الظن بتأثير عقيلته وابنه. صحيح حتى كتابة هذه السطور تواصلت الاتصالات بين ساعر ونتنياهو. غالنت، الذي في اثناء النهار ادار مداولات مشتركة ومغلقة مع نتنياهو، لم يسمع منه حتى ولا كلمة واحدة عن إمكانية تنحيته. التقارير طارت من فوق رأسه فيما ان نتنياهو نفسه أدار الاتصالات السياسية من خلال بطاقات وهمسات مستشاريه – بينما غالنت في الغرفة.
الصفقة على قانون التجنيد
وتأتي التنحية المرتقبة أيضا على خلفية معارضة وزير الدفاع تأييد الصفقة السياسية لنتنياهو والحريديم ولاقرار قانون التجنيد أي الاعفاء من التجنيد. غالنت ورئيس لجنة الخارجية والامن يولي ادلشتاين يرفضان ان يكونا جزءا من صفقة سياسية على التجنيد، ونتنياهو فهم بان محور غالنت – أدلشتاين يجعل من الصعب جدا عليه أن يفي بالوعود للحريديم.
في اثناء الاتصالات أجرى الكين مفاوضات مع الحريديم الذين قالوا انه سيسهل عليهم تأييد تعيين ساعر اذا ما أيدت كتلته قانون تجنيد يكون مقبولا على الأحزاب الحريدية. رغم الاتصالات، في حزب ساعر نفوا الادعاءات. “لم تجرى أي مفاوضات على قانون التجنيد”، كما جاء عنه، “موقفه كان ولا يزال هو ان كل تشريع ينبغي أن يستند الى احتياجات الجيش وينسق مع جهاز الامن”.
التأييد والنقد
تلقى ساعر أمس تأييدا من ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. ونشر نواب صغار في الليكود الواحد تلو الاخر بيانات تدعو نتنياهو لتنحية غالنت وضم ساعر. وشرح مصدر في الليكود بان هذه مصلحة سياسية ضيقة: نواب من الصفوف الأخيرة في الليكود يقدرون بان ساعر سيمنح استقرارا سياسيا للائتلاف حتى الانتخابات في تشرين الثاني 2026. انتخابات مبكرة كفيلة بان ترحلهم الى بيوتهم.
لكن خطوة نتنياهو حظيت أمس بالنقد من داخل الائتلاف والليكود أيضا. فقد قال وزير رفيع المستوى ان “نتنياهو وساعر يعقدان صفقة سياسية في ذروة الحرب – اعفاء من التجنيد مقابل حقيبة الدفاع”، فيما أن مسؤول كبير آخر في الائتلاف سخر قائلا: “اذا استبدل وزير دفاع في الحرب فسيكون صعبا التفسير لماذا لا تستبدل كل الحكومة”. وادعى مصدر في الليكود بان نتنياهو يعمل باعتبارات سياسية تهكمية وان ساعر ليس مناسبا على الاطلاق لمنصب وزير الدفاع: “فاستبدال وزير دفاع في منتصف الحرب لاجل تعيين غِر ليس لديه أي فهم عسكري – هو انتحار”.
في المعارضة هاجموا الخطوة بشدة وحذروا من الضرر الأمني. بيني غانتس قال ان هذا انقطاع عن الواقع. رئيس الوزراء ينشغل بخلطات حقيرة وباستبدال وزير دفاع قبل معركة قوية في الشمال”. اما يئير لبيد فنشر سلسلة تصريحات ساعر في الماضي تعهد فيها الا ينضم مرة أخرى الى حكومة نتنياهو.
مصلحة ساعر
أربعة النواب من اليمين الرسمي اختفوا أمس عن الأنظار. مستشارون وناطقون قطعوا الاتصال. فقد أمر ساعر بتعتيم كامل على الاتصالات. وكان له سبب وجيه لذلك: هذه المرة الاتصالات كانت جدية وهامة، بخلاف النفي القاطع الذي أصدره ساعر في الأسابيع الأخيرة.
كما اسلفنا في الماضي تعهد الا يرتبط بنتنياهو، لكن ساعر فهم في الأيام الأخيرة بان نتنياهو مصمم على اقالة غالنت فقرر تسريع الاتصالات كي يتلقى حقيبة الدفاع. “ليس واضحا على الاطلاق هل هذه هي إعادة لنواب اليمين الرسمي لليكود، لكن في هذه المرحلة مؤكد أن الحديث يدور عن انضمام الكتلة الى الائتلاف”. وادعى مسؤول كبير في الليكود بان ساعر معني بالعودة الى الليكود لانه يفهم بان هذا هو السبيل الوحيد لان يكون مرشحا لرئاسة الوزراء في حالة ان اضطر نتنياهو للاعتزال او الاستقالة.
--------------------------------------------
هآرتس/ ذي ماركر 17/9/2024
منذ اندلاع الحرب، اسرائيل خسرت استثمارات بمبلغ 60 مليار شيكل
بقلم: ناتي توكر
التحديث الذي نشره أمس مكتب الاحصاء المركزي بخصوص انكماش الناتج المحلي في الربع الثاني في 2024 يجب أن يقلق جدا قادة سياسة الاقتصاد. في التقدير الثاني للحسابات القومية تبين أن النمو الذي فاجأ بالسلب في الربع الثاني كان منخفض اكثر من التقدير السابق.
عندما نقوم بفحص الناتج المحلي الاجمالي الخام للفرد يظهر لنا رقم اكثر تشاؤما: الناتج للفرد انكمش في الربع الثاني 0.9 في المئة (بحساب سنوي)، وهو انخفاض اكثر حدة مقارنة مع التقدير السابق للمكتب المركزي للاحصاء الذي كان فيه انخفاض 0.4 في المئة في الربع الثاني. البشرى الايجابية في التقدير الثاني الحالي لمكتب الاحصاء المركزي جاءت من بند الاستثمارات الخام. في حين أنه في التقدير السابق قدر المكتب المركزي للاحصاء بأن الزيادة في الاستثمارات في اسرائيل في الربع الثاني بلغت 1.1 في المئة فقط فانهم الآن يقدرون في المكتب بأن الارتفاع كان حاد اكثر ووصل الى 4 في المئة.
الاقتصاد يخسر استثمارات
يوجد للاستثمارات في الدولة اهمية كبيرة. فهي تعكس ليس فقط الوضع الاقتصادي الحالي، بل تؤثر على معدل النمو المستقبلي فيه. عندما تكون الاستثمارات منخفضة فان قدرة النمو المستقبلي للاقتصاد ستتضرر.
لكن يتبين أن الزيادة النسبية في الربع الثاني لا تعكس الواقع. اذا قمنا بفحص الارقام المطلقة وليس نسبة التغيير من ربع لآخر يظهر لنا رقم مدهش. الاقتصاد في اسرائيل خسر في الثلاثة ارباع الاخيرة استثمارات بمبلغ 60 مليار شيكل، وربما اكثر من ذلك.
حسب المكتب المركزي للاحصاء فان حجم الاستثمار الخام في الاقتصاد بلغ في الربع الثاني 108 مليارات شيكل. هذا الرقم الذي يشمل ايضا الاستثمار في البناء يمكن أن يكون رقم مرتفع، وفي الربع الموازي في 2023 بلغت الاستثمارات 128 مليار شيكل، أي زيادة 20 مليار شيكل.
اذا اضفنا الثلاثة ارباع منذ اندلاع الحرب فسنكتشف فجوة تبلغ 66 مليار شيكل تقريبا بين اجمالي الاستثمار الخام في هذه الفترة والفترة الموازية من السنة الماضية. هذه الارقام هي باسعار سوق اصلية، ويتم عرضها حسب الاسعار السائدة. أي أنه اذا اخذنا في الحسبان تآكل الاموال بسبب وتيرة التضخم فان خسارة الاستثمارات في هذه الفترة ستكون اعلى من ذلك.
هذه المبالغ الضخمة كان يمكن أن تتدفق الى المصانع والصناعة وتعبيد الشوارع والبناء في ارجاء البلاد. الحديث يدور عن عشرات مليارات الشواقل التي مشكوك فيه أن تعود في المستقبل لاقتصاد اسرائيل.
لا يمكن تجاهل السبب الرئيسي، الذي ذكر ايضا في الرسائل وفي الاوراق السياسية لبنك اسرائيل والمهنيين في وزارة المالية، الذي بحسبه الثقة المتدنية لدى المستثمرين، المحليين والاجانب، بالحكومة الحالية هو المسؤول بشكل كبير عن الانخفاض الحاد للاستثمارات.
--------------------------------------------
مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التصعيد في لبنان قد يشعل حربًا شاملة في المنطقة
يحذر مسؤولون بارزون في الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية من خطوات متسارعة تخطط لها الحكومة على الجبهة الشمالية مع لبنان، والتي قد تؤدي إلى اندلاع حرب شاملة. وتأتي هذه التحذيرات في ظل خلافات متصاعدة بين القيادات العسكرية والسياسية حول الإستراتيجية الأمنية المناسبة، فيما يعتقد عسكريون مؤيدون لتوسيع الحرب أن الظروف الحالية تمثل "نافذة فرصة" لتغيير الوضع الأمني في الشمال، بينما يدعو آخرون إلى البحث عن حلول سياسية لتجنب تصعيد أكبر.
وبحسب محلل الشؤون الاستخباراتية في "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرغمان، فإن مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي وفي الأجهزة الأمنية يحذرون من "خطوات متسرعة تخطط لها حكومة إسرائيل في الشمال". وفقًا لأحد المسؤولين، "من جهة، هذه الخطوات تنطوي على خطر ملموس للغاية لتفجير حرب شاملة - ليس فقط على الحدود مع لبنان، بل في المنطقة بأكملها. ومن جهة أخرى، لا تضمن إطلاقًا حلاً يسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم".
وتتضمن هذه "الخطوات المتسرعة" تصعيدًا كبيرًا ومتعمدًا، بما في ذلك عملية برية داخل لبنان، وفقًا لهؤلاء المسؤولين. وتأتي نتيجة للضغوط المستمرة على حكومة بنيامين نتنياهو في ظل القصف المتواصل على الشمال ومن قبل السكان الذين تم إجلاؤهم من المنطقة الحدودية مع لبنان. "الحكومة تحتاج إلى إظهار أنها تفعل شيئًا، لكن هذا الشيء هو الأكثر خطورة، والأكثر خطأ. إنه تمامًا ما تم تجنبه طوال العام الماضي. بدلاً من حل المشكلة، قد يؤدي إلى تعقيدها بشكل أكبر".
وأضاف المسؤول: "حكومة إسرائيل تريد الآن دفع الجيش الإسرائيلي إلى مواجهة مع حزب الله، التي من المحتمل أن تتحول إلى حرب شاملة، وكل ذلك للوصول إلى نفس النقطة التي كان من الممكن الوصول إليها دون استخدام الوسائل العنيفة: موافقة نصر الله على اتفاق سياسي يسمح بعودة سكان الشمال إلى منازلهم. لو تم التوصل إلى صفقة أسرى، وتم تعليق الحرب في غزة مؤقتًا، لكان من المرجح جدًا التوصل إلى اتفاق أيضًا في الشمال".
"العسكريون في مواجهة السياسيين"
وبحسب بيرغمان، "تصاعدت الخلافات بين الجيش الإسرائيلي والحكومة حول إستراتيجية الأمن القومي لإسرائيل بشكل كبير خلال الأيام الماضية، على الرغم من تغير الاصطفافات في المعسكرين المختلفين بعض الشيء"، إذ أنه خلافا لما يحاول تصويره مقربون من نتنياهو أن الأخير يدعم التصعيد فيما يعارضه وزير الأمن، يوآف غالانت، فإن الأخير يدعم التصعيد العسكري وليس كما يحاول مكتب نتنياهو تصويره بأنه صراع بين رئيس الحكومة ووزير الأمن؛ ونقل بيرغمان عن مسؤول رفيع قوله إن "القصة الحقيقية هي الصراع خلف الكواليس بين العسكريين والسياسيين".
ولفت التقرير إلى أنه "خلال الأشهر الأخيرة، دعم الجيش الإسرائيلي وغالانت التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى الأسرى تشمل وقف إطلاق النار وانسحاب من غزة، مما يسمح للجيش بالتركيز على الشمال. أطلق وزير الأمن على ذلك تقاطع التسوية أو المواجهة. يعتقد معظم ضباط هيئة الأركان العامة أن الانتهاء من جبهة غزة، ولو مؤقتًا، سيتيح فرصة مناسبة للعملية السياسية التي يقودها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، والتي لم يكن من الممكن التقدم فيها بسبب شرط نصر الله الصارم بعدم مناقشة وقف إطلاق النار إلا بعد إنهاء الحرب على غزة".
واعتبر بيرغمان أن "إنهاء الحرب في الجنوب باتفاق مع حماس ستدفع نصر الله للدخول في مفاوضات عبر الوساطة الأميركية (وربما بمشاركة دول أخرى)، والتي ستلتزم بتقديم ضمانات ترضي إسرائيل وتسمح بعودة السكان إلى منازلهم"، معتبرا أن "الحرب مع حزب الله لن تنتهي، لكن لو تم التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، كان الجيش الإسرائيلي سيحصل على الوقت اللازم للتخطيط الدقيق (بما في ذلك استكمال النواقص، الراحة، وإعادة التنظيم)، لعملية عسكرية واسعة ضد حزب الله، ولكن في الوقت المناسب وبشروط ملائمة لإسرائيل - وليس وهي متفرقة بين جبهتين، تحت تهديد جبهة أخرى في الضفة، وربما جبهات أخرى قد تفتح النار ضد الهجوم الإسرائيلي في لبنان".
هليفي يرى أن الحل يكمن في صفقة تبادل أسرى
واعتبر بيرغمان أن هذه المواجهة بين السياسيين والعسكريين تحصل لأول مرة خلال الحرب التي تشنها إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على قطاع غزة، مشيرا إلى أصوات في الجيش تؤيد شن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حزب الله - جوا وبرا، وهذه الأصوات تشمل قائد سلاح الجو وقائد القيادة الشمالية إلى جانب قادة كبار على الجبهة الشمالية. ولكن الآخرين، وهم الأغلبية، بما فيهم رئيس الأركان، هرتسي هليفي، "يعتقدون أن هذا التحرك سيكون خاطئًا في الوقت الحالي، ولن يؤدي بالضرورة إلى عودة السكان إلى منازلهم، ويتضمن خطرًا كبيرًا جدًا بالتصعيد".
ويرى هليفي أنه "يمكن تحقيق ذلك بإحدى طريقتين: إما صفقة لاستعادة الأسرى وبدء مفاوضات لاتفاق سياسي مع حزب الله، أو في حال عدم التوصل إلى اتفاق، القيام بعملية عسكرية يتبعها اتفاق سياسي". وفي كلتا الحالتين، وفقًا لهليفي، "سنصل في النهاية إلى نفس النقطة: الحاجة إلى تسوية سياسية، حيث يبتعد حزب الله عن المنطقة الحدودية مع وضع آليات مراقبة وإنفاذ لضمان ذلك. ولكن الخيار الثاني يخلق أيضًا حالة من عدم اليقين حول ما إذا كانت العملية العسكرية ستؤدي بالفعل إلى اتفاق أو ستؤدي إلى تصعيد".
وبحسب بيرغمان، فإن كبار المسؤولين العسكريين يعتقدون أن الخطة العملياتية الإسرائيلية الحالية التي تهدف إلى فرض اتفاق سياسي على حزب الله، "مليئة بالثغرات وخطيرة جدًا، وتنطوي على احتمال كبير لتدهور خطير".
--------------------------------------------
هناك فرصة لتغيير الواقع الأمني في الشمال
بقلم: يوسي يهوشوع
كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أنه لن تكون هناك فرصة أفضل للحرب - فجنوب لبنان خالي من السكان حالياً، وكذلك المستوطنات الإسرائيلية والولايات المتحدة قبل الانتخابات الرئاسية، وليس هناك احتمال أن تتخلى عنا. وهناك حجة أخرى: نحن على أبواب الشتاء ولا نريد أن نغرق في الوحل اللبناني
الأيام الحالية مثيرة حقًا، من تلك التي سنتذكرها في قصص الحرب. وهكذا كانت المناقشات أمس في مجلس الوزراء، وكذلك المناقشات في الغرف المغلقة. وحتى لو لم يتمكن نتنياهو من العمل مع غالانت، وكان الاثنان في الواقع لا يستطيعان ذلك، فإن استبدال وزير الدفاع الآن يشكل خطراً حقيقياً، خاصة إذا كان نتنياهو يريد حقاً تغيير الوضع في الشمال.
والمرشح للمنصب جدعون ساعر ليس جنرالا سابقا يعرف النظام العسكري والخطط المتعلقة بالحرب. هذا لا يعني أنه في مرحلة ما لن يكون قادرًا على أداء هذا الدور، ولكن الأمر سيستغرق وقتًا لتعلم النظام والمواد - وحاليا فإن وقت التعلم لوزير الدفاع هو مجرد مورد تمتلكه الدولة. إسرائيل لا تملك. لكن لا بد من القول إنه على الرغم من أن سار لا يتمتع بخبرة أمنية، إلا أن تحليلاته الأخيرة تثبت أنه يتمتع بفهم وكفاءة في هذا المجال، ويعرف أيضًا كيفية تحدي النظام بالأسئلة الصعبة.
ومع ذلك، كيف يمكن لرئيس الوزراء أن يخاطر بتغيير وزير الدفاع في مثل هذه الأيام؟ في بيئة نتنياهو، يعتقدون ببساطة أن الحكومة هي التي تدير الحرب حتى الآن، وليس وزير الدفاع. ويعزون ذلك إلى أن غالانت يفضل حتى الآن المسلسل على الحرب، إلا في الأسبوع الأول من الحرب - عندما أراد شن هجوم مفاجئ على حزب الله. وتحدث عن المسلسل في كل لقاء مع الوسيط الأميركي عاموس هوشستين، وكرره في تصريحاته لوسائل الإعلام.
بالأمس فقط غير موقفه وقال إن الطريقة الوحيدة لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم هي العمل العسكري. وربما كان الواقع السياسي هو الذي دفع إلى ذلك. وحذره هوشستاين من حرب واسعة النطاق وأوضح أن الولايات المتحدة تعارضها، بالتأكيد الآن، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي الذين يؤيدون توسيع الحرب يقولون لـ "يديعوت أحرونوت" إنه من المستحيل القيام بذلك. إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بالاتفاق وحده. وحتى أولئك الذين أيدوا الاتفاق في البداية يقولون إن عدة أشياء مهمة تغيرت: الأول بالطبع هو مدة الحرب، وهي سنة تقريباً، وهي فترة زمنية لم يتوقعها أحد. لقد نفد الصبر، وهناك تفاهم على ضرورة عدم خسارة الأراضي داخل إسرائيل، كما هو الحال مع كامل الشريط الأمني الذي أقيم جنوب السياج الحدودي.
والشيء الآخر هو أن جيش الدفاع الإسرائيلي عرف المزيد عن تصرفات قوة الرضوان التابعة لحزب الله على خط التماس مع إسرائيل، وقد تم بالفعل إخراج إرهابيي قوة الرضوان من الحدود، لكنهم تركوا وراءهم العديد من البنى التحتية ويزعم مسؤولو الجيش أنه إذا لم نفعل ذلك ولن نتمكن من تفكيكها، ومن سيوافق على العودة إلى المستوطنات على الحدود، عندما يعلم أن هناك طريقاً سهلاً لعودة نفس القوات إلى قرى مثل كفر كلا، التي. وبحسب تلك الأطراف، "الجالسة" على سياج المطلة، أليس هناك فرصة أفضل لمثل هذه الحرب بما أن جنوب لبنان خالي من السكان حالياً، فهل المستوطنات الإسرائيلية والولايات المتحدة قبل الانتخابات الرئاسية: مستمرة؟ عشية الانتخابات ليس هناك احتمال أن تتخلى عنا. بعد الانتخابات؟ وليس من المؤكد أن الرئيس المنتخب سيدعم هذه الخطوة. وهناك حجة أخرى: نحن على أبواب الشتاء ولا نريد أن نغرق في الوحل اللبناني. "هناك حاليًا فرصة سانحة - قبل الانتخابات الأمريكية والشتاء الذي سيأتي بعد قليل. إذا لم نفعل ذلك الآن، فلن نتمكن من إعادة السكان في المستقبل المنظور"، قال لي مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي.
وعندما أتحداه وأقول إنه إذا أخذ جيش الدفاع الإسرائيلي الوقت وخصص سنة أو سنتين للتنظيم، فإن القوات ستكون أكثر استعداداً للحرب، يجيب أنه خلال هذا الوقت ستقوم إيران ببناء حزب الله بسرعة أعلى بكثير، ووبتكلفة أقل بكثير، وذلك باستخدام الآلاف من الطائرات بدون طيار والصواريخ الرخيصة. ويقول: "سيستغرق الأمر منا ستة أشهر من لحظة اتخاذ القرار حتى ننتج صاروخًا واحدًا دقيقًا، وسيكلف ذلك الملايين أيضًا. فإيران، بمصانعها للطائرات بدون طيار، تصنع طائرات بدون طيار رخيصة وسريعة. إن فكرة أنه إذا كان هناك تأخير لمدة عامين، فسنعزز أكثر منهم - هي مزحة". ومثله، يزعم المؤيدون الآخرون لهذه الخطوة أيضًا أن أولئك الذين لا يقاتلون حزب الله الآن - سيحصلون على وحش أكبر في سوريا. المستقبل، والإيرانيون لديهم قوة أكبر على الحدود، لذلك، يقول الكبير، يجب أن نبدأ النزيف ونوقفه. مصلحة الإيرانيين هي إنهاكنا مع مرور الوقت، وليس فقط من سوريا والعراق واليمن، في هذا الوقت، سوف يصلون إلى جوهر الأمر. والخلاصة هي أننا بحاجة إلى التحرك على الجبهة الشمالية، ومن ثم بناء القوة وتسخير الأميركيين لمهاجمة إيران معًا - إن لم يكن المشروع النووي، فعلى الأقل. البنية التحتية العسكرية والمنشآت النفطية.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنه على الرغم من تحسن قدرات حزب الله مقارنة بالماضي، وامتلاكه مجموعة كبيرة من الصواريخ والطائرات بدون طيار وقدرات دقيقة، إلا أنه يعاني أيضاً من بطن طري في بيروت، دون أنظمة دفاعية، وحتى بدون رئيس أركان. وخسرت عشرات الآلاف من الصواريخ
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنه على الرغم من تحسن قدرات حزب الله مقارنة بالماضي، وامتلاكه مجموعة كبيرة من الصواريخ والطائرات بدون طيار وقدرات دقيقة، إلا أنه يعاني أيضاً من بطن طري في بيروت، دون أنظمة دفاعية، وحتى بدون رئيس أركان. وخسر عشرات الآلاف من الصواريخ التي هاجمها جيش الدفاع الإسرائيلي وسحبها من ترسانته منذ بداية الحرب. أضف إلى ذلك أن العمق الإسرائيلي أصبح أكثر استعداداً وأحق من أي وقت مضى بدفع الثمن من أجل إعادة إخوانه من الشمال إلى منازلهم.
الحرب لا تبدأ في بيروت وتل أبيب. لديها سلالم توقف. حتى لو قمت بالاختراق، فمن المحتمل أن يتحرك الأمريكيون بسرعة لإيقافه، وربما لمنعه من البدء على الإطلاق.