• هارتس: هكذا تخترِقْ المخابرات الإيرانيّة المجتمع الاسرائيلي.. قلقٌ عارمٌ بالشاباك
    2024-09-15

    فيما تستمِّر وبوتيرةٍ عاليةٍ (حرب الظلال) بين دولة الاحتلال وإيران، كشفت محافل أمنيّة إسرائيليّة، وُصِفَت بالمطلعة، النقاب عن أنّ جهاز الأمن العّام (شاباك) يشعر بالقلق العارم لأنّ عددًا متزايدًا من الإسرائيليين باتوا على استعدادٍ للتعاون مع عملاء إيرانيين ينشطون على مواقع التواصل، بهدف الحصول على الأموال بشكلٍ أساسيٍّ.
    وقال الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، يوسي ملمان في مقال له بصحيفة (هآرتس)، إنّ الطالب، إدين داباس، محتجز لدى الجهات الأمنية، بعد اتهامه بالتواصل مع عميل استخباراتٍ إيرانيٍّ. واعتقل داباس في آب (أغسطس)، وبعد أسبوعيْن، قدمت النيابة ضدّه لائحة اتهام.

     
     
     
     

    ووفقًا للاعترافات، كان داباس على درايةٍ تامّةٍ بأنّه كان يحافظ على علاقات مع ممثل للاستخبارات الإيرانيّة، الذي قدّم نفسه على هذا النحو. وفي لغة الاستخبارات، يُعرف هذا الأسلوب في التجنيد باسم (التجنيد المباشر) أو (النهج المباشر).
    وأوضح ملمان أنّه حتى وقتٍ قريبٍ، كانت معظم جهود الاستخبارات الإيرانية لتجنيد عملاء في إسرائيل من أجل جمع المعلومات أوْ تنفيذ أعمال تخريب تعتمد على الخداع، وكان الإسرائيليون القلائل الذين استجابوا لاتصالات الاستخبارات الإيرانيّة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ إمّا أبرياء أوْ مغرر بهم.
    وكانت المهمة الأولى التي كُلِّف بها داباس إنشاء ملصق يحمل بصمة يد حمراء بالدماء مع نقش (كن على الجانب الصحيح من التاريخ)، والتقاط صورة له.

     
     
     
     

    وينص الاتهام على أنّ ملصقًا يدعو لانقلابٍ عسكريٍّ في إسرائيل قد عُلّق أيضًا في عدة مواقع في مناسبات مختلفة، ومن بين المهام الأخرى التي كُلّف بها داباس شراء دمية وقطع رأسها، ثم طلاء الرأس المقطوع باللون الأحمر لمحاكاة الدم، ووضعه بالقرب من منزل موظف في وزارة الأمن. كما أمره (أنتوني)، وهو الاسم الرمزيّ لضابط الاستخبارات الإيرانيّ، بإشعال النار في سيارة، لكن داباس لم ينفذ هذه المهمة. ولضمان الحصول على المال، بحث عن صورةٍ لسيارةٍ محترقةٍ على الإنترنت، وأرسلها إلى المسؤول عنه كدليلٍ على التزامه.
    كما طُلِب من داباس نشر إعلان وظيفة في مكان عام، وتوجيه المتقدمين إلى الموقع الإلكترونيّ الإيرانيّ، وأنشأ داباس 2200 ملف تعريف وهميًا، وربطهم بموقعٍ مخصصٍ بناءً على طلب الاستخبارات الإيرانية.
    كما طُلب منه شراء قفازات، وشعر مستعار، وهاتف يحتوي على بطاقة SIM لاستخدامها في اتصالاتٍ سريّةٍ مستقبليّةٍ.
    وفي المجمل، وحتى لحظة اعتقاله، حصل داباس على عملات رقمية بقيمة 12000 دولار، التي تمّ مصادرتها عند اعتقاله.
    ووصفت محاميته، داباس بأنّه شاب مهووس بالمال، وليس لديه دوافع أيديولوجيّة، ولم يكن ينوي التجسس لصالح إيران، وقرر الشاباك والنيابة شطب تهمة التجسس، وبدلاً من ذلك تمّ اتهامه فقط بالتواصل مع عميلٍ أجنبيٍّ، وهي جريمة تصل عقوبتها القصوى إلى 15 عامًا في السجن.
    وقال ملمان، إنّ “تنّوع المهام التي كلفت بها الاستخبارات الإيرانيّة، يشير إلى أنّ بعضها كان مهام وهمية، وهي مهام غير مهمة نسبيًا، مصممة لاختبار استعداده للتعاون. بينما تمثل المهام الأخرى جهودًا استخباراتية إيرانية لزيادة الوعي وتنفيذ عمليات التأثير في إسرائيل، تهدف إلى زيادة الفوضى والانقسامات في المجتمع الإسرائيلي، بالتوازي مع تنفيذ عملياتٍ عنيفةٍ”.
    وينبع مصدر القلق الأساسي لوحدات مكافحة التجسس التابعة للشاباك، أنّ عددًا متزايدًا من الإسرائيليين أصبحوا على استعداد للتعاون مع كياناتٍ إيرانيّةٍ عن علم، خاصّةً من أجل الحصول على مكاسب مالية.
    وفي كانون الثاني (يناير) 2022، اعتقل الشاباك أربع نساء وزوج إحداهن، بعد أنْ حصلوا على مكافآتٍ ماليّةٍ، وتلقوا توجيهات طويلة الأمد من عميلٍ إيرانيٍّ.
    وفي تموز (يوليو) 2024، تم اعتقال إليميلخ شتيرن، وهو شابٌ متدّينٌ (21 عامًا) من بيت شيمش بالقرب من القدس، لاتهامه بتنفيذ مهام مشابهة لتلك التي كُلف بها داباس. وكانت الاستخبارات الإيرانيّة قد كلفته بإشعال النار في سيارة خلال مظاهرة، وارتكاب عمليات إحراق في الغابات، وطعن دمية قبل وضعها بالقرب من منزل ديفيد نوسباوم، رئيس بعثة إسرائيل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، المكلفة بمراقبة البرنامج النووي الإيراني.
    وأشار المحلل إلى أنّه قبل عدة سنوات، رصد الشاباك نمطًا من الأنشطة التي ينفذها عملاء إيرانيون، تشمل حملات تأثير وترهيب في إسرائيل. ويعتمدون بشكلٍ رئيسيٍّ على منصات التواصل الاجتماعيّ: تلغرام، واتساب، فيسبوك، إنستغرام، و (إكس) المعروف سابقًا بتويتر، لتجنيد الإسرائيليين لتنفيذ هذه المهام وجمع المعلومات الاستخباراتية.
    واختتم المحلل ميلمان: “عادةً ما يتواصل ضباط الاستخبارات الإيرانيّة مع الإسرائيليين باللغات العبريّة والعربيّة والإنجليزيّة، متظاهرين بأنّهم وكلاء عقارات، أوْ محترفو تسويق، أوْ بائعو طائرات مسيّرة، أوْ مقدمو خدمات توصيل”.
    جديرٌ بالذكر أنّ محكمةً إسرائيليّةً فرضت بالعام 2019 السجن 11 عامًا على الوزير الأسبق غونين سيغف، ضمن صفقة ادعاء في ملفه القضائيّ، اعترف بموجبها بالتجسس وتقديم معلومات خلال اتصالاتٍ اجراها مع إيران.


    http://www.alhourriah.ps/article/94183