• الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 12/9/2024 العدد 1105
    2024-09-14

     الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

    افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

     

    هآرتس 12/9/2024

    نتنياهو يشنّ حرباً نفسية ضد الإسرائيليين!

    بقلم: يوعناه غونين

    صرخت عناوين الصحف في نهاية الأسبوع، قائلةً: إن صحيفة "بيلد" الألمانية نشرت وثيقة استراتيجية تحمل توقيع يحيى السنوار. يارون أبراهام من القناة 12، عرّف الخبر بأنه "خبر مذهل، ببساطة"، وأشار إلى أن استراتيجية "حماس" تتضمن استخدام ضغط نفسي على عائلات المخطوفين "من أجل زيادة الضغط الجماهيري على حكومة العدو"، بحسب الوثيقة.

    بعد يوم واحد، وكما كان متوقعاً، تبين أن الوثيقة لا علاقة لها بالسنوار، وأن الخبر البسيط المذهل تحول إلى عنوان آخر لا يقلّ ذهولاً، بل أكثر صدقيةً بقليل: يحقق الجيش ليعرف مَن هو المسؤول عن تسريب وثائق سرية للإعلام الأجنبي، إذ جرى أيضاً التلاعب بمضمونها من أجل التأثير في الرأي العام الداخلي في إسرائيل.

    لا أريد تشويش مجريات التحقيق، لكن لا حاجة إلى جهود استثنائية لاستخلاص العبر بشأن الجهة الوحيدة التي تستطيع الوصول إلى الوثائق السرية، وأيضاً لها مصلحة في تصوير الاحتجاجات ضد الحكومة على أنها خيانة تخدم "حماس"، كما أنها شخصية فاسدة لا توفر فرصة لتشويه عائلات المخطوفين بالأكاذيب المقرفة.

    والدليل على ذلك أنه ما من أحد قرأ الجملة السابقة، ولم يفهم أن المقصود بنيامين نتنياهو (حتى إنه أيضاً اقتبس الخبر خلال افتتاح جلسة الحكومة، الأحد الماضي). وإذا أضفنا إلى ذلك العلاقة الوطيدة ما بين رئيس الحكومة والصحيفة الألمانية الصفراء "بيلد" ("قصة الحب المستمرة بين نتنياهو وبيلد"، بحسب الصحافي عوفر إفرات في صحيفة "هآرتس" في سنة 2012)، فلا مهرب من الاستنتاج أن حكومة إسرائيل تستخدم الحرب النفسية الوسخة ضد مواطنيها.

    في كتاب "ديكتاتوريو الأخبار الكاذبة"، الذي نُشر في سنة 2022، يتحدث الباحثان سيرغي غورييف ودانيال تريزمان عن نوع جديد من الأنظمة القمعية التي بدأت بالبروز في القرن الحالي. وبحسبهما، بعكس الديكتاتوريين في الماضي، الذين استعملوا العنف للقمع السياسي، فإن الحاليين يعززون سلطتهم بالتلاعب بالمعلومات، ويخصصون وقتهم للسيطرة المخفية على الإعلام وخلق روايات كاذبة.

    فبدلاً من اعتقال المعارضين، يقوم الديكتاتور باستنزافهم بمزيد ومزيد من الأخبار الكاذبة، ويحمّلهم مسؤولية فشله، وبدلاً من التضييق على الإعلام، يمدّه بالمعلومات الكاذبة، ويستخدم صحفاً موالية تخدم حاجاته.

    بهذه الطريقة، ينجح في إقناع جزء كبير من الجمهور بأنه يقوده ويقدم له معروفاً، وأن لا أحد قادر على الحلول مكانه - وفي الواقع، هو يقود دولته إلى الانهيار. وحسبما ثبت في "مذبحة" السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والحرب المستمرة منذ ذلك الوقت - فإن سلوكاً كهذا يمكن أيضاً أن يكلفنا كثيراً من الدماء.

    في هذه الأيام، نتنياهو هو ديكتاتور الأخبار الكاذبة. لا يمكن معرفة ما إذا كان هو المسؤول عن إعطاء هذا العنوان الكاذب لصحيفة "بيلد"، لكن هذا الفعل يتماشى مع ما يفرضه نتنياهو على الرأي العام الجماهيري بالسؤال الغبي "ما الذي يُفرح السنوار"؟ هذا السؤال الذي تحوّل إلى عامل حاسم في مسار اتخاذ القرارات في إسرائيل، بدلاً من الحسابات غير المهمة، مثل حياة الناس، أو المصلحة الجماهيرية.

    إذا كان علينا أن نصدق الحرب النفسية التي تشنها الحكومة علينا، فيبدو أن جميع الأمور التي تُفرح السنوار، هي كل ما يعرّض حُكم نتنياهو للخطر - صدفة مجنونة: بدءاً باحتجاجات عائلات المخطوفين، وحتى المطالبة بتقديم موعد الانتخابات.

    لكن إذا وضعنا البروباغاندا والتلاعب جانباً فسنكتشف أن الحقيقة عكسية كلياً. تتماهى مصلحة السنوار، إلى حد بعيد جداً، مع رؤية نتنياهو وشركائه في الائتلاف: استمرار القتال ما بين إسرائيل و"حماس" من دون نهاية، أو أيّ أفق سياسي، والانجرار إلى حرب متعددة الجبهات تُشعل الشرق الأوسط، وحُكم أبدي لمتطرفين من الطرفين. وهذه الحقيقة المحزنة لن تنجح أيّ حملة تأثير يقوم بها نتنياهو في اخفائها على الإطلاق.

    --------------------------------------------

    معاريف 12/9/2024

    حرب غزة: إخفاق إسرائيلي في "معركة الوعي"

    بقلم: عميت يغور

    خلال أقل من شهر سيتم إحياء الذكرى السنوية الأولى لمجزرة 7 تشرين الأول، وبينما تستعد دولة إسرائيل لنشاطات إحياء الذكرى الوطنية والرسمية والشعبية، لا يزال مشتعلاً، إذ يتضح أن طلاباً إسرائيليين ويهوداً في جامعة ميريلاند عادوا إلى الدراسة، الأسبوع الماضي، وأرادوا تنظيم حفل تأبيني في 7 تشرين الأول، اكتشفوا أن إحدى القاعات الرئيسة في الجامعة محجوزة فعلاً في ذلك اليوم لتنظيم فعالية من طرف أعضاء منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" (SJP).

    تقود هذه المنظمة التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات في الولايات المتحدة. ويمكننا أن نعرف من مجموعات الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين أن تنظيم هذه الاحتفالات يأتي بمناسبة مرور عام على المقاومة، بعد عطلة صيفية لم تهدأ فيها الأجواء، بل تم خلالها التحضير لافتتاح العام الدراسي في هذا السياق.

    نعلم أن منظمة "SJP" تقودها وتموّلها جهات دولية، أو حتى دول وكيانات "إرهابية". وصرّحت جهات حكومية أميركية، خلال العام الماضي، بأن إيران وروسيا تقفان وراء بعض التنظيمات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية والأوروبية.

    هذا يعني أن الحدث ليس مجرد حملة دعائية سياسية تهدف إلى الضغط على صانعي القرار في إسرائيل والعالم، بل هي معركة حقيقية بين محور دول الغرب ومحور المقاومة، على السردية التاريخية المتعلقة بحرب "السيوف الحديدية"، وعلى الشرعية الدولية لحركة "حماس"، والمقاومة و"الإرهاب"، والأهم من ذلك أنها معركة تهدف إلى زعزعة العلاقة التاريخية بين اليهود في العالم وإسرائيل.

    علاوةً على ذلك، جرى في اليوم الأول من العام الدراسي في إحدى الجامعات توزيع نشرة تضمنت دعوة للحصول على إحاطات دورية من قناة تليغرام مرتبطة بحركة "حماس".

    وفي النشرة نفسها، تمت الإشارة إلى مشروع يربط بين يهود أثرياء، أو أصحاب نفوذ في منطقة بوسطن، والدعوة إلى "تعطيل" أعمالهم.

    ووفقاً لبعض المحللين، تحاول المنظمات المؤيدة للفلسطينيين بثّ شعور في نفوس الطلاب، مفاده أن هذه المعلومات هي جزء من عملية التوجيه الرسمية للجامعة.

    وعلى الرغم من ذلك، فإن إسرائيل، كما يبدو، لم تبذل، حتى الآن، جهداً دبلوماسياً وقانونياً مستمراً، ومخططاً له ومنهجياً لخوض هذه المعركة المتعلقة بالسردية التاريخية في العالم، وبدلاً من ذلك، تركز الجهود على النشاطات الداخلية في إسرائيل.

    أُطلقت مبادرات خلال الحرب، لكنها كانت، في أغلبيتها، ردات فعل على مبادرات الطرف الآخر، وغالباً ما تتعلق بالجانب الدعائي (الهاسبارة) أكثر من كونها معركة على كسب الوعي، وهناك فارق شاسع بين الأمرَين.

    يبدو أن الجهد العسكري استحوذ على معظم النشاطات الإسرائيلية المتعلقة بالحرب، وأن الاهتمام بهذا الجانب (أي القتال) لم يترك مجالاً لجهود موازية "متساوية في القوة" في ساحات أُخرى (الساحة الدولية مثلاً)، في حين كانت "حماس"، بدعم من دول المحور، في أتم الجاهزية للنضال على هذه الجبهة.

    هذا الوضع غير سليم، لكن، ما دمنا في خضم المعركة، يمكننا إيجاد مبررات لغياب الجهد الإسرائيلي المركّز.

    لكن الآن، مع انتهاء مرحلة القتال المكثف في غزة وبدء التركيز على قضايا "اليوم التالي"، تعود الساحة الدولية إلى الصدارة، إذ تتركز المعركة المهمة للغاية على السردية التاريخية لـ"مجزرة" 7 تشرين الأول والحرب.

    مَن سينتصر في هذه الحرب سيحظى بالقدرة على "كتابة" التاريخ وصوغ السردية التي تتماشى مع مصالحه.

    وفي الحالة الإسرائيلية، فإن الانتصار في معركة الوعي له أهمية عملية كبيرة: إذ إن هذا الانتصار هو الأداة التي يمكننا من خلالها نبذ "حماس" وجعْلها غير شرعية في القانون الدولي، بل إن الأمر قد يطال إيران. وفي موازاة ذلك، وعلى الصعيد نفسه، تعزيز العلاقة بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل في الوعي الدولي.

    على الصعيد العملاني، يمكننا أن نقول إن الجهد الإسرائيلي مجتزأ وقاصر في هذه المرحلة، ويأتي بناءً على مبادرات فردية من أفراد ومنظمات يهودية في الولايات المتحدة.

    وفي الآونة الأخيرة، تعاونت خمس منظمات يهودية، ونشرت خطوطاً إرشادية للجامعات للتعامل مع العام الجديد. هذا الأمر جيد، لكن لا يمكننا إدارة جهد حربي شديد الأهمية بهذه الطريقة.

    ما هو المطلوب إذاً؟

    - التعامل مع الجهد التوعوي بصفته هدفاً رئيسياً.

    - تغيير تركيبة هذا الجهد بصورة فورية، وتحويل التركيز من الرواية الإسرائيلية الداخلية إلى الرواية الدولية بشأن ما حدث في 7 تشرين الأول.

    - تعيين مدير مشروع يتولى قيادته، ويدمج كل الجهود الفرعية، ويضمن التزامن والتنسيق بين نشاطات وجهود الوزارات الحكومية والهيئات الوطنية، ويقود توزيع الانتباه والموارد الوطنية، بحيث تصبح وظيفته مشابهة لوظيفة رئيس هيئة الأركان الذي يقود الجهد العسكري، أو بدلاً من ذلك، مثل المسؤول الجديد في الجيش الإسرائيلي عن الشؤون الإنسانية في غزة.

    - إطلاق حملة مركزة، ذات هدف واضح، ومن دون تفاصيل غير ضرورية (عبارة + شعار + ارتباط برمز معروف في كل دولة).

    - البدء بجمع معلومات استخباراتية علنية عن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة وأوروبا ونشاطاتها، فهناك عدد كبير من المعلومات التي جمعتها الجماعات والمنظمات اليهودية، والتي يمكن استخدامها.

    - رسم خريطة للمواعيد والنقاط المحورية المؤثرة في التقويم السنوي: الأعياد والعطل؛ بدء العام الجامعي؛ انتهاء الفصل الدراسي؛ بدايته؛ الأحداث الكبرى (مثل تصفيات الـ"سوبر بول" وغيرها) في كل دولة، على غرار أيام الاستقلال؛ نشاطات إحياء الذكرى؛ الاحتفالات الخاصة بكل دولة، إلخ، بحيث يكون كل هذا معروفاً مسبقاً ومخططاً له.

    - إنشاء فريق قانوني لمتابعة النشاطات المتعددة التي تقوم بها الحكومات ضد المتظاهرين من العام الدراسي السابق، ومتابعة العمليات، وتقديم الشكاوى واللوائح الاتهامية، وحتى انتقاد القرارات التي لا تتماشى مع المصلحة الإسرائيلية، أو محاولة منعها.

    - تشجيع المواطنين الإسرائيليين واليهود على تقديم شكاوى ودعاوى رسمية.

    - إنشاء مراكز ضغط على إدارات الجامعات لحظر النشاطات غير القانونية في حرمها، بما يشمل استخدام وسائل الإعلام.

    إن ما سبق ليس سوى غيض من فيض التوصيات التي يجب أن يتضمنها الجهد لبناء الوعي (لا جهود التوعية)، بشرط أن تحددها حكومة إسرائيل كأولوية رئيسة، وأن تعترف بأهميتها التاريخية والقانونية، وأن تخصص لها الموارد المطلوبة، فوراً. أمامنا شهر واحد فقط. وفي نهاية المطاف، علينا أن نتذكر أن الحرب هي مجموع الجهود المتزامنة، وليست فقط جهداً عسكرياً من النار والمناورة.

    --------------------------------------------

    هآرتس 12/9/2024

    كثيرون من أبناء عائلته يخدمون في غزة..

    أحد الجنود البدو أجبر على هدم بيته بنفسه

    بقلم: اورلي فيلنائي

    هو يقوم بعرض صور لأبناء عائلته بالزي العسكري. جميعهم من المقاتلين على مر الأجيال، وهو أيضا كذلك. أشخاص اختاروا التقديم للدولة رغم أنها وكرد على ذلك قامت برفضهم بعد ذلك سحب صور الأنقاض، ما تبقى بعد أن دمرت الجرافة بيته.

    قبل ثلاث سنوات نجح في توفير كل شيكل لبناء البيت. وقد قدم طلبا من أجل الحصول على رخصة للبناء. ومثل كل بدوي جيد هو عرف بأن طلبه سيرفض. وإذا لم يقم بتجاوز الخارطة الهيكلية للقرية في الطابو فعندها كل شيء على ما يرام. هكذا كانت الأمور منذ السبعينيات، لكن بعد تشكيل الحكومة الحالية، كما يقول، كل شيء تغير.

    عندما تسلم أمر الهدم أصيب بالقلق. وقد أوضح بأن أرضه التي فعل كل ما في استطاعته من أجلها، لكن أيضاً المحكمة لم تتأثر بذلك واضطر الى أن يدفع للدولة نفقات المحكمة، مبلغ 3500 شيكل. وحسب قوله فقد شرحوا له بأنه يُستخدم ضغط من أعلى على لجنة التخطيط. رئيس المجلس حاول التدخل ولكنه في نهاية المطاف اقترح على إبراهيم هدم بيته بنفسه كي لا يدفع غرامة الهدم، آلاف من الشواقل.

    في الساعة العاشرة ليلا قام بعملية الهدم. وفي الخامسة صباحا جاءت جرافة الدولة.

    "لقد مات جنود بجانبي في لبنان، ابن أخي قتل أمي ماتت، لكن هذا الأمر كان الاكثر صعوبة ، قال وهو يذرف الدموع. "عندما يجبرك شخص على هدم بيتك فهو يأخذ روحك. أنا لست مستوطنا جاء الى المكان ويقول "هذا لي". هذه وبحق أرضي. 15 من ابناء عائلتي في غزة. ايتمار بن غفير في حالة هستيريا وأنا أدفع الثمن. ولكني أشاهد ما يفعله للمحتجزين، الألم هناك أكبر وأكثر فظاعة". في هذه الاثناء هم ينامون عند اخته في شقة تتكون من غرفتين. وهو لا ينجح في ايجاد عمل ومنهار نفسيا . لا توجد لديه اموال لاخلاء الانقاض. المقاول قال له بأن هناك إجراء جديدا لاستصدار رخص البناء ولكن لا يوجد لديه مال لبناء البيت من جديد. "نحن قبيلة عرب الخلف، بدو مخلصون للدولة، كثيرون منا يخدمون في الجيش. كيف يحدث ذلك؟ أنا أتحدث ولا أستوعب".

    أمهات ضد الحرب ..

    "كيف يمكن تسوية التوتر بين واجب الخدمة في الجيش والاعتراف بأن الحرب ليست هي الطريقة؟". لو أنه فقط قيادة اسرائیل تبنت هذه المسألة التي ستقف في مركز مؤتمر "صرخة الأمهات" ، ربما كان يمكن إيجاد بدائل للواقع المخيف لحياتنا. ولكنهم في مملكة التوسترون التي تفور على قناعة بأن الحرب هي الطريقة التي لا يمكن بدونها.

    لكن هناك جمهور يزداد من أمهات الجنود، ايضا الجنود الذين التناقض بين حب الدولة وبين الاعتراف بأنه تحدث هنا كارثة للطرفين تقض مضاجعه. الدافع الذي يجسر بين الخدمة العسكرية وبين واجب الخروج للحرب هو "عدالة الطريق"، هنا يبدو أن عدالة الطريق ضاعت"، قالت نعمة براك وولفمان، العضوة في جمعية "نساء يصنعن السلام" التي ستشارك في المؤتمر في 12/9. "خلافا للشعور الذي كان سائدا في بداية الحرب فانه الآن هناك اتفاق في اوساط جمعيات النساء الكثيرة"، قالت ميراف کلاین آشر من "صرخة الامهات". "هناك حاجة ملحة للاتفاق بين الجمعيات، اعطاء تعبير للامهات اللواتي أولادهن يخدمون في الحرب. حيث أن هؤلاء الامهات يعتقدن أن هذه الحرب غير مبررة، وبعض الابناء مترددين بخصوصها. الامهات يجب أن يسألن كيف يمكن مساعدتهم في الاختيار بين الافعال التي يجبرون على تنفيذها بأمر وبين الضمير والحياة".

    "رفض الخدمة" يقف في الخلفية. ولكن الامهات يرفضن ذكر ذلك، رغم انه في المؤتمر ستشارك نساء من جمعية " يرفضن". "السؤال هو كيف أنت كام تقفين امام اولاد مترددين ضميريا داخل حرب يظهر أنها عديمة الجدوى وتخدم الحكومة وليس الشعب. من جهة هم تربوا على العطاء والالتزام تجاه زملائهم في غزة ومن جهة اخرى هناك ابناء وبنات يعودون مع الشعور بأن الحرب هي زائدة، وأن الموت الذي شاهدوه هو عبثي"، قالت کلاین آشر تحت الارض هناك عدد كبير من تنظيمات الجنود التي تطالب بوقف الحرب. حسب ضمائرهم فان الخطوة الوطنية هي رفض القتال. "نساء يصنعن السلام" لا تنشغل بالرفض"، قالت براك وولفمان. "نحن نريد علاج النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني من الجذور والتوصل الى اتفاق سياسي في هذه الاثناء النتائج فظيعة، ايضا من ناحية التداعيات على الشعب الفلسطيني كشريك، بأي شكل من الاشكال لا يوجد هنا هدف جيد".

    امهات مشتاقات" - حسب تعبير كاتي بار وهي مؤسسة "أمهات ضد العنف" - كاختيار للحياة بدلا من الحرب والانتقام.

    في شهر تموز الماضي توحدت منظمات اليسار في هذا الحدث، الذي ملأ بالأمل الاستاد في يد الياهو. معسكر اليسار موجود وهو حتى يعرف كيفية العمل معا. المؤتمر في هذا الاسبوع يعكس هذه الروح الى جانب منظمات أخرى، لكنه سيكون في الانترنت خشية الردود العنيفة. أربع أمهات" أدت الى الخروج من لبنان. نحن نأمل أن يحدث أمر مشابه الآن.

    --------------------------------------------

    هآرتس 12/9/2024

    الهدف التالي في سلسلة التطهير العرقي: الاستيلاء على “نبع العوجا” وما حوله

    بقلم: تسفرير رينات

    التطهير العرقي الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين وراء الخط الأخضر يهدد في الفترة الأخيرة وصول آلاف الفلسطينيين إلى هدف حيوي في غور الأردن. الحديث يدور عن نبع العوجا، الذي هو مصدر المياه الأكبر والأهم للسكان في شمال مدينة أريحا. بالنسبة للمتنزهين، هو معروف بسبب نبع الماء الذي يمكن الانزلاق فيه. حتى فترة متأخرة، الكثير من الإسرائيليين زاروا المكان، ولكنهم لم يتمكنوا من السيطرة عليه أو إبعاد سكانه. غير أن الوضع تغير في الأشهر الأخيرة.

     قناة العوجا تعتمد على نبع موجود في المحمية الطبيعية “عين بيت عطاب”. المياه تستخدم للري في القرى القريبة، من بينها رأس العين والمعرجات، التي تعيش فيها تجمعات رعاة، وهي تصل حتى إلى قرى كبيرة في المحيط. بنيت القناة الإسمنتية في القرن الماضي، ومكنت من وجود منظومة لتوزيع المياه على التجمعات الموجودة في المنطقة. وضمن أمور أخرى، في العوجا أراض زراعية تعود لعائلات فلسطينية ذات مكانة اجتماعية واقتصادية، اشترتها قبل حرب الأيام الستة. سيطرة المستوطنين الممنهجة في المنطقة استمرت عقدين تقريباً. الأمر بدأ بمزارع منفردة، تطورت إلى أبعاد كبيرة، وترسخت بين قرى المنطقة. بعد ذلك، أقيمت مزرعة أخرى وعقب ذلك تم إبعاد الفلسطينيين عن أراضي الرعي. في الأشهر الأخيرة، زاد المستوطنون حضورهم. فأقاموا بؤرة استيطانية أخرى قرب النبع، وبدأوا بنشاطات تهديدية وإزعاج ضد السكان الفلسطينيين. وركزوا محاولاتهم على تشويش قدرة الفلسطينيين على استخدام مياه النبع. وبشكل استهدف الإشارة إلى سيطرتهم على المكان، لوّن المستوطنون النبع بألوان العلم، الأزرق والأبيض.

     المستوطنون في السابق سيطروا على عشرات الينابيع وراء الخط الأخضر. ولكن هذا النبع الأكبر من بينها. مجموعة نشطاء باسم “ينظرون إلى الاحتلال بعينيه مباشرة” موجودة دائماً في المكان وتتابع ما يحدث. ومثلما في أماكن أخرى في الغور وفي جبل الخليل، يقوم أعضاء هذه المجموعة بـ “تواجد الحماية”. ثمة نشطاء يتضامنون مع السكان الفلسطينيين ويحاولون مساعدتهم في مواجهة تهديدات مستمرة ينفذها الزعران المستوطنون.

     في الأشهر الأخيرة، تم توثيق أحداث تخريب لأنابيب المياه ومحاولات لمنع ضخ المياه واعتداءات جسدية ضد الفلسطينيين. في إحدى الحالات، أتلف المستوطنون إطارات تراكتور يحمل صهريجاً للمياه. وقبل أسبوع، هدموا جزءاً من القناة وسدوه بالحجارة، كما سدوا جزءاً آخر لمنع تدفقه.

     يصعب توثيق الزعران أثناء قيامهم بهذه الأفعال، لكن هذا التخريب لم يحدث قبل إقامة البؤر الاستيطانية في المنطقة. الشباب من البؤر الاستيطانية يتجولون في المنطقة وهم يرسلون الجمال للتجول في أراضي القرى الفلسطينية القريبة. سكان البؤرة الاستيطانية القريبة من النبع يتعمدون دائماً أن يشعر الفلسطيني بالتهديد طوال الوقت. في الأسبوع الماضي، تجول نشطاء لحقوق الإنسان عند النبع، وعلى الفور وقف أمامهم أحد رؤساء البؤرة وهو يركب حصاناً. وبدون قول أي كلمة، أخذ هاتفه وبدأ يوثق النشاطات ويرسلها إلى أصدقائه ويبلغهم بما يحدث.

     النشاطات ضد الفلسطينيين انزلقت أيضاً إلى المحمية الطبيعية. حاول المستوطنون عدة مرات إبعاد الزوار الفلسطينيين عن المحمية. ولكن الفلسطينيين لم يتجرأوا على معارضة المهددين، إذ لا جهة تساعدهم لصد هؤلاء. سكان البؤر الاستيطانية والمزارع المنفردة يدأبون على السيطرة على المنطقة، من خلال إدخال أغنامهم إلى المناطق التي يستخدمها الفلسطينيون. قبل بضعة أشهر، قال صاحب مزرعة بأن الفلسطينيين هاجموا وسرقوا أغناماً من قطيعه. اعتقلت الشرطة أحد الفلسطينيين بتهمة السرقة والاعتداء. وفي أعقاب إجراء جلسة لتمديد اعتقاله، قبل شهرين ونصف شهر، كتب القاضي المقدم عزرائيل ليفي: “لا خلاف حول عدم إثبات جريمة السرقة. لا أدلة بخصوص باستثناء شهادة “المعتدى عليه”. يجب الإشارة إلى أن شهادته والتشخيص الذي قام به لمن اعتدوا عليه ليست عالية وغير مدعومة بأي دليل آخر”. وقد حكم القاضي بأنه يجب إطلاق سراح المشتبه فيه.

     حتى الآن، نجحت الحماية لنشطاء “ينظرون إلى الاحتلال في عيونه” في كبح المستوطنين بدرجة معينة. طوال الوقت يوجد خوف حقيقي من أن ترسخ هذه البؤر والمزارع سيزيد الاحتكاكات، وسيجد الفلسطينيون أنفسهم أمام عنف متصاعد، في حين أن الجيش الإسرائيلي لا يوفر لهم أي حماية رغم أن هذا واجبه بصفته ممثلاً للجهة التي تسيطر على المنطقة.

     أنشوطة خنق هذه البؤر الاستيطانية وجدت تأييدها في أقوال الوزير سموتريتش ووزيرة حماية البيئة عيديت سلمان بعد عملية إطلاق النار في المنطقة قبل نصف سنة. جاء الوزيران إلى منطقة العوجا وأعلنا عن نية توسيع المحمية الطبيعية، وتحدثوا عن وضع الحقائق على الأرض من خلال البناء والاستيطان.

    --------------------------------------------

    هآرتس 12/9/2024

    اسألوا الصحيفتين.. “الماكينة اليمينية” تستخدم السنوار لإقالة غالانت وتهديد المتظاهرين

    بقلم: أوري مسغاف

    إلى أين وصلنا؟ وصلنا إلى وضع يقوم فيه أحد بـ “عملية تأثير” على مواطني الدولة باستخدام ما تم عرضه وتقديمه كوثائق “مزيفة ومشوهة” أخرجت عن سياقها. في كانون الثاني، ثمة بطاقة كتبت بخط اليد ووجدت الطريق إلى عميت سيغل. تم عرضها في نشرة “أخبار 12” باعتبارها وثيقة غنيمة عثر عليها في نفق قرب المكان الذي كما يبدو كان فيه السنوار. في الأسبوع الماضي، جاء دور صحيفة “بيلد” الألمانية وصحيفة “جويش كرونيكال” البريطانية لوضع اليد على وثائق من حاسوب السنوار الشخصي وحاشيته القريبة. الحديث يدور في الحادثين عن هراءات. هذا أمر سخيف وربما يكون مضحكاً، هذا إذا لم يكن مزعجاً ومخيفاً جداً.

    الخبراء في اللغة العربية، الذين سارعوا في حينه إلى فحص البطاقة التي لوح بها سيغل، لم يسيطروا على أنفسهم بسبب حجم هذه الفضيحة (الخط والصياغة وما شابه). من يعرف القليل عن صحيفة “بيلد” لن يتفاجأ؛ فهي صحيفة ألمانية شعبية متخصصة في العناوين اللامعة والفضائح والشائعات، وصحيفة “جويش كرونيكال” صحيفة معروفة نسبياً في أوساط يهود بريطانيا. هاتان الصحيفتان تتمتعان بود ودفء في بلاط نتنياهو.

    للدهشة، كحال سيغل في كانون الثاني، فإن هذا النشر ردد بدقة صفحات رسائل رئيس حكومة إسرائيل. لقد نسبوا للسنوار رغبته في زيادة الضغط على غالنت وعائلات المخطوفين والمتظاهرين في الشوارع من أجل التوصل إلى صفقة التبادل وإنهاء الحرب. ما هو بين السطور خطير. من بادر ونفذ عملية التأثير أراد خلق علاقة ووحدة مصالح بين حماس ووزير الدفاع الإسرائيلي وعائلات المخطوفين ومعظم الجمهور المؤيد الصفقة. خطوتان، ليس أكثر، من نفث ماكينة الوحل سمها على المتظاهرين (“يجب إقالة غالنت”، “مذبحة كابلان”، “نخبة أخوة السلاح”)، وتهديد عيناف تسنغكاوكر بالقتل.

    هذه ممارسات شائعة في الأنظمة الدكتاتورية، ودعاية وتلاعب بالرأي العام، مع نشر أخبار كاذبة وزرعها في جهة ثالثة. هذه الجهة قد تكون “شخصاً هستيرياً”، أي أنه مستغل ومتعاون رغم أنفه، أو على الأقل ساذج في نواياه. هذا لا يهم. مع مرور السنين، تراكمت في إسرائيل معرفة غنية لهذه التقنية، سواء في جهاز الاستخبارات أو الشركات الخاصة، التي تبيع خدمات الاستشارة وكسب التأييد لحملات سياسية ودكتاتوريين في أرجاء العالم.

    حتى الآن، لا نشهد مثل هكذا نشاطات استخدمت ضد مواطني الدولة نفسها. يصعب شرح خطورة ذلك وعمق إهانته، أثناء الحرب أو بشكل عام، لأن المعنى العميق هو أن مواطني الدولة الذين لا تروق الحكومة مواقفهم ولا أفعالهم، يعتبرون أعداء، حتى وزير الدفاع الذي لا يتساوق مع رئيس الحكومة ومساعديه.

    ليس غريباً أن فتح جهاز الأمن تحقيقاً مستعجلاً هذه المرة، فالمواد المشوهة (أو غير الموجودة على الإطلاق) التي تم تسريبها للبريطانيين أو الألمان جُمعت بعمل استخباري. هذه جريمة أمن معلومات خطيرة جداً. يجب توصية المحققين بالبدء في فحص زيارة باول روزنهايمر الأخيرة إلى إسرائيل، وهو مراسل صحيفة “بيلد”، الذي وقع على النبأ هو ونائب محرر الصحيفة. كان هنا قبل شهر فقط، ومن المهم معرفة من دعاه ومن رافقه ومن الذي التقى معه. حتى قبل ذلك، يجب إجراء تحقيق وانتقاد ذاتي عميق في وسائل الإعلام الإسرائيلية التي سارعت إلى ترديد هذه الهراءات. تذكير: دورهم خدمة الحقيقة والمشاهدين والقراء، وليس نتنياهو.

    --------------------------------------------

    يديعوت أحرونوت 12/9/2024

    من يلجم “الثنائي المتطرف” في سعيه لحرب دينية مع العالم الإسلامي؟

    بقلم: عاموس جلعاد

    تعمل في “يهودا والسامرة” استراتيجيتان متضاربتان: في الأولى، يعمل الجيش و”الشاباك” ووحدات الشرطة الخاصة على نطاقات واسعة وبنجاح مذهل لإحباط أعمال الإرهاب في كل أرجاء الدولة، ونجاحهم ذو مغزى استراتيجي كونه يتيح لإسرائيل التصرف بشكل سليم. كما أنه رغم كثرة عدد المقتولين “يهودا والسامرة” هذا الشهر فقط، كان من شأن الوضع أن يكون أسوأ بشكل دراماتيكي، فقوات الأمن جديرة بالتحية على النجاح الاستثنائي للنشاط العملياتي الدقيق، المستند إلى معلومات استخبارية في غاية النوعية.

    بالمقابل، تمارس استراتيجية عمل بقيادة الوزير سموتريتش، مثلما كتبت عنها ناحوم برنياع في “يديعوت أحرونوت” بتوسع بداية الأسبوع. سموتريتش توجهه أيديولوجيا متصلبة لا يخفيها -وهذا يحسب له- وهدفها سيطرة مباشرة على “يهودا والسامرة”، على أساس المستوطنات والبلدات اليهودية. ولهذا الغرض، ينجح بتفوق في السيطرة على الإدارة المدنية – الذراع الأمنية بقيادة ضابط كبير برتبة عميد، يتبع قائد المنطقة الوسطى ومنسق الأعمال في “المناطق”. إن الغاية الأصلية للإدارة هي التوازن بين السكان اليهود والفلسطينيين، وبذلك السماح بحكم شرعي في “يهودا والسامرة” حتى تحقيق حل دائم، إذا ما تحقق يوماً ما، لكن الواقع اليوم مختلف تماماً: الإدارة المدنية، الغنية بالقوة والصلاحيات، يتحكم بها عملياً النائب المدني لرئيس الإدارة المدنية، الذي يتبع مباشرة للوزير وليس لقائده. وهو يدفع قدماً بسياسة تمييز في صالح السكان اليهود وإثقال العبء على الفلسطينيين، وذلك بالتوازي مع الجهود من جانب الوزير سموتريتش بصفته وزيراً للمالية؛ لإضعاف السلطة الفلسطينية والتسبب بانهيارها، إلى جانب منع الرزق عن 120 ألف معيل رئيس يفترض بهم أن يعيلوا نحو مليون نسمة. إذا لم يتوقف ميل تشديد الضائقة الفلسطينية، فستجد إسرائيل نفسها في جبهة مواجهة متعاظمة، مع عداء متسع وأرض سامة لنمو الإرهاب.

    هذا وأكثر، فالجمهور الإسلامية الإيرانية التي تخط إبادة إسرائيل على علمها، تنتهز كل فرصة لتهريب وسائل القتال والمخربين إلى “يهودا والسامرة” عبر الأردن، وهكذا تحاول ضعضعة استقرار المملكة الهاشمية لإضافتها إلى الحزام الناري حول إسرائيل. لقد سبق لسموتريتش أن عرض حلمه في إبعاد الفلسطينيين عن “يهودا والسامرة”، وهو لا يكن أي احترام للأردن. إذا تحققت رؤياه، فربما نفقد العلاقة مع الأردن كسند استراتيجي. هكذا، فإن تقويض الاستقرار في “يهودا والسامرة” ربما يؤدي إلى فتح جبهة ثامنة قد تصبح حساسة للغاية بسبب موقعها الجغرافي.

    ينبغي أن تضاف إلى هذا محاولات خطيرة للغاية يقوم بها الوزير بن غفير لإيقاظ جبهة جبل البيت والمسجد الأقصى – إحدى بؤر الاشتعال الخطيرة في العالم. إذا ما واصل استفزازاته فربما يشعل النار بيننا وبين العالم الإسلامي كله.

    إن هذا الخليط من أعمال سموتريتش في “يهودا والسامرة” مع إمكانية إشعال مواجهة دينية مع العالم الإسلامي كله، من شأنه أن يمس مساً خطيراً بقدرة إسرائيل على مواجهة التهديد المركزي عليها: التهديد الإيراني. إسرائيل ملزمة بمواصلة أعمال الإحباط الناجعة، لكن عليها التوقف فوراً عن خطوات سموتريتش وبن غفير. ثمة إمكانية للوصول إلى تسوية في غزة وتهدئة الجبهة الشمالية، وإعادة المواطنين الإسرائيليين إلى بيوتهم، والعودة إلى مسار التحالفات الاستراتيجية التي أثبتت نفسها بعد 7 أكتوبر، وتحسين وضعنا الاقتصاد ووقف سياقات خطيرة في المحاكم الدولية. هذا هو الوقت الأخير لوقف سياقات يعود أصلها إلى عدم الحكمة في إسرائيل، فالحل يكمن في الحكمة لوقف التدهور إلى الهوة، والأخذ بخيار سياسي بعد أن أبدع الجيش الإسرائيلي بضرباته ضد حماس. ولكن فوق كل هذا، هناك أمر أخلاقي أعلى: إعادة كل المخطوفين والمخطوفات إلى بيوتهم.

    --------------------------------------------

    إسرائيل اليوم 12/9/2024

    “الحرب وحل الدولتين”.. خطاب هاريس وترامب لـ”الصوت الطائش”: هل يقتنع؟

    بقلم: داني زاكن

    أول أمس، عندما بدأت أكتب هذا المقال، كتبت فقرة تلخص موقف الحزب الديمقراطي في مسألة الحرب عندنا، والمستند إلى الاستطلاعات والجماعات التي تصوت له. وفجر أمس، أطلقت هاريس هذا الموقف مع تعديلات طفيفة وبشكل يجسد الفكرة التي نشأت عن تلك البحوث، وتعبر أيضاً عن ثنائية الديمقراطيين في سياستهم تجاه إسرائيل والحرب. هذه ثنائية ستجد تعبيرها بوضوح إذا ما انتخبت هاريس للرئاسة – إمكانية مستندة إلى أساس في ضوء المناظرة أيضاً التي أعطت فيها جواباً لا بأس به على أسئلة حول شخصيتها وترشيحها.

    شددت هاريس في المناظرة على أعمال الذبح والاغتصاب وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، كما شددت أيضاً على التزام الولايات المتحدة بامتلاك إسرائيل الأدوات (السلاح) للدفاع عن نفسها، ضد إيران ووكلائها أيضاً. وفي الوقت نفسه، تحدثت عن “الطريقة” التي تدافع بها إسرائيل عن نفسها وعن أنه “يُقتل الكثير جداً من الفلسطينيين” – نوع من التلميح بأنها ستتواصل سياسة الإدارة لإبطاء وتأخير إرساليات سلاح معينة كأداة ضغط على إسرائيل.

    هذا مع تقديمها حلوى لمؤيدي الحل السياسي: ليس وقف القتال وإعادة المخطوفين فحسب، بل “ينبغي التقدم إلى حل الدولتين، الذي يضم إعادة بناء غزة وضمان الحقوق الفلسطينية العادلة في الأمن، وتقرير المصير والكرامة”.

    بديل للصوت الطائش

    هذه السياقات المتمثلة بقليل هنا وقليل هناك، وجهتها هيئة هاريس لذاك المقترع الديمقراطي الذي لا يثق بعد بهاريس، وللمقترع المتردد الذي يبحث عن بديل معقول ألا وهو الصوت الطائش.

    حسب مسؤولين اثنين، وكلاهما شخصيتان مركزيتان في هيئة انتخابات هاريس، فإنه وفور التوافق على تبديل بايدن، بدأت مراجعات عميقة لمواقف الناخبين الأمريكيين في مواضيع مختلفة، المتماثلين مع الحزب وبخاصة أولئك الموجودون في الوسط، الصوت الطائش. وقد أجريت المراجعات من خلال استطلاعات من أنواع ونطاقات مختلفة. وكذا في اللقاءات مع مجموعات مركزة. وقد تمت في أرجاء الولايات المتحدة، لكن كميات الاستطلاعات والمجموعات المركزة في الولايات المترددة الأربعة، كانت مضاعفة: ميشغان الصناعية، بتسلفانيا الكبيرة، جورجيا الجنوبية، وأريزونا الغرب المتردد، التي تعد فيها مسألة المهاجرين مهمة على نحو خاص.

    في الاستطلاعات والمجموعات المركزة، طرحت أيضاً أسئلة تتعلق بالحرب في غزة وبالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. لم تكن النتائج جيدة بالنسبة لهاريس؛ فقد تبين أنها لا تستجيب للتطلعات من رئيس أمريكي. وأشار إلى هذا أيضاً استطلاع خارجي أجرته وكالتا AP وNORC في آب، وفيه ستة فقط من عشرة ديمقراطيين أعربوا عن ثقة أكبر بهاريس من ترامب في كل ما يتعلق بمعالجة الحرب في غزة.

    وشهدت النتائج على أن الجمهور الأمريكي، بعامة، ينفر من المظاهرات الصاخبة ضد إسرائيل، وبالتأكيد تلك التي في الجامعات، ويعبر عن عطف كبير لإسرائيل بسبب هجوم 7 أكتوبر. إضافة إلى ذلك، فإنه يؤيد استمرار إرساليات السلاح لإسرائيل، لكن في قسم منه لا يثق بالقيادة الإسرائيلية أن تعرف كيف تستخدمه بطرق لا تمس بأبرياء فلسطينيين. الجمهور الأمريكي يبحث عن حل جوهري للنزاع، والجمهور الديمقراطي في قسمه الأكبر يرى في حل الدولتين الطريق الصحيح.

    التعاطف الأمريكي

    نتائج المراجعات والاستطلاعات رأيناها في المؤتمر الديمقراطي. مسألة غزة دحرت، حتى عندما غضب المتحدثون الصاخبون عن المحافل اللاسامية والمؤيدة للفلسطينيين وهددوا بعدم التصويت، لكن هيئة هاريس لم تستسلم. كما أن وقفة والدي هرش غولدبرغ بولين الراحل، الشاب الذي اختطف وقتل، لعبت على العواطف الأمريكية في الإنسانية والرحمة، والعطف على الضحايا (الأمريكيين)، والحاجة إلى إعادة المخطوفين وإنهاء الحرب.

    لكن هذه الثنائية لا توجد فقط في الرأي العام بل أيضاً في مؤسسات الحكم في واشنطن، في نوع من المواجهة بين البنتاغون ووزارة الدفاع وبين وزارة الخارجية. والشخصيات التي ستتبوأ المناصب في الإدارة التالية في هاتين الوزارتين ستؤثر على السياسة، لكن الموظفين القدامى سيكون لهم أيضاً دور مهم في تصميمها.

    البنتاغون أقرب بكثير من موقف إسرائيل، وبالتأكيد في المسألة الإيرانية، باستثناء خلافات معينة مع وزارة الدفاع عندنا، مثل الدخول إلى رفح. كما أن إدارة الحرب في غزة نالت التأييد، ونالت الثناء في قسمها الأول والقوي من الحرب. الرأي السائد هناك هو أن تصفية قدرات حماس ضرورية لتحقيق حل سياسي. كما يعتقدون هناك بأنه محظور تقييد إرساليات السلاح والذخيرة لإسرائيل إلا في حالات متطرفة؛ لأن تقييداً كهذا يعزز قوة أعدائها ويمس بالردع الإسرائيلي.

    أما وزارة الخارجية فلها رأي آخر، يعتقد أن الحل السياسي سيؤدي أيضاً إلى إسقاط حماس من الحكم، وأن هناك مكاناً لاستخدام كل وسائل الضغط تجاه إسرائيل – من تقييد إرساليات سلاح ضرورية، وحتى تقليص المساعدة في الساحة الدولية ومجلس الأمن ولاهاي، وما شابه.

    حسب مصادر إسرائيلية وأمريكية، في مرحلة ما من الحرب، عندما كانت الحملة العسكرية في لبنان قريبة حقاً، كان تأخير إرسالية معينة أحد أسباب تأجيل الحملة. وسبق هذا التأخير جدال أمريكي داخلي عاصف.

    هذا الجدال سيحتدم في الإدارة الجديدة، بدون قيود حملة الانتخابات. إن وجود رئيسة ديمقراطية أقل عطفاً لإسرائيل من بايدن، من المتوقع أن يقوى دور وزارة الخارجية، فيما ستكون شخصية وزير/ة الخارجية دراماتيكية. أما مع ترامب فسيكون ضغط قوي لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن (حتى كانون الثاني، هكذا أعلن)، لكن من زاوية نظر نصر إسرائيلي، وبلا فرض تسوية سياسية.

    --------------------------------------------

    هآرتس 12/9/2024

    مؤشرات سياسية وميدانية: إسرائيل تستعد لحرب مع لبنان.. بلا هدف

    بقلم: تسفي برئيل

    قائمة طويلة، مفصلة ودقيقة، وربما دقيقة جداً، نشرتها أمس صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله حول المساعدة السخية التي وفرها ويوفرها الحزب للسكان في جنوب لبنان. وهذه المساعدات تشمل 288.617 وجبة طعام، 79.906 منحة مالية شهرية للعائلات “الصامدة”، أي العائلات التي بقيت في قرى جنوب لبنان، وللعائلات المهجرة، ومساعدات من أجل العثور على ملجأ لـ 25.784 شخصاً، الذين تدمرت بيوتهم، و3.188 مخصصات لأجرة الشقة، ومساعدة لـ 6.171 عائلة لشراء أثاث للبيوت، و4.604 منح تعويض لأصحاب البيوت التي تدمرت.. إلخ. التفصيل الكامل الذي يشمل عشرات البنود يشير هو أيضاً إلى أنه مقارنة مع الوضع في حرب لبنان الثانية، فإن حزب الله لا ينتظر في هذه المرة اليوم التالي للحرب، بل يعمل لـ “ملء الفراغ المعروف والمعتاد الذي تركته الحكومة ومؤسساتها ومنظمات المساعدات المحلية والدولية”.

    هذا النشر جزء من حملة حزب الله للتأثير على الرأي العام في لبنان أمام الانتقاد الجماهيري والسياسي الموجه ضده حول الحرب، لكنه غير منفصل أيضاً عما يقرأه ويسمعه حزب الله حول ما يحدث في إسرائيل حيث يسود إحباط ويأس في أوساطـ 100 ألف مواطن إسرائيلي الذين لا يمكنهم العودة إلى بيوتهم، ويد الحكومة الإسرائيلية المقبوضة التي لا تفعل ما يكفي لمساعدة العائلات الإسرائيلية “الصامدة” أو التي أخليت من بيوتها.

    إن تهجير عشرات آلاف المواطنين الإسرائيليين يعتبره حسن نصر الله جزءاً من الانتصار في المعركة مع إسرائيل، كما يعرض أشغال الجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية كإسهام له في “وحدة الساحات”، إسهام يقلل الضغط عن قطاع غزة. ومشكوك فيه إذا كان السكان في جنوب لبنان أو الذين هُجروا من بيوتهم راضين عن مساعدات حزب الله لهم، أو المقارنة مع وضع مواطني إسرائيل. حسن نصر الله في الحقيقة وعد سكان الجنوب بأنه بعد انتهاء عملية “الثأر” التي نفذها كانتقام على تصفية فؤاد شكر، بالعودة إلى بيوتهم بأمان، لكنهم يجدون صعوبة في ملاءمة هذه الدعوة مع الهجمات المستمرة لسلاح الجو الإسرائيلي. هم الآن مثل الحكومة اللبنانية ودول المنطقة والولايات المتحدة، يدركون أنه لا نهاية لهذه الحرب، وأن جميع الأطراف بدأت تستعد “للحرب الواسعة”.

    يفحص اللبنانيون الإشارات الدالة على ظهور مثل هذه الحرب بخوف كبير. إلى جانب التصريحات العدوانية التي تأتي من إسرائيل والتحذيرات التي ترسلها الإدارة الأمريكية للحكومة اللبنانية حول نية إسرائيل، فإن كثافة هجمات إسرائيل تتزايد، والمجال الجغرافي المتضرر، لا سيما قرى الجنوب في محيط مدينة صور، يتم تفسيرها كنيّة إسرائيلية لخلق “حزام عازل” بين الجنوب ونهر الليطاني. في لبنان ينشرون أيضاً عن الإضرار الكبير بمنطقة الأحراش الكثيفة في محيط مدينة صور، التي يتم فيها -حسب الشكوك- تركيز منظومة صواريخ حزب الله للمدى القصير والمتوسط. ويفسرون هذه الهجمات أيضاً كنية لتمهيد الأرض قبل هجوم واسع. والهجوم الكبير على سوريا مساء الأحد الذي قتل فيه 16 شخصاً وتضمن -حسب تقارير المركز السوري لحقوق الإنسان- ثلاث جولات من القصف التي وجهت إلى “مركز الأبحاث العلمية” قرب مدينة حماة، يبرهن -وفقاً لمحللين لبنانيين وعرب- أن ثمة نية تتجاوز الهجوم المحدود لموقع عسكري، الذي هوجم بضع مرات من قبل.

    مرة أخرى، عرضت صحيفة “الأخبار” أمس نظرية أصلية عن خطط إسرائيل، التي بحسبها تخطط لغزو البقاع اللبناني عبر سوريا؛ لفصله عن جنوب لبنان، وأن “جهات لبنانية” فحصت الأمر مع رؤساء منظمات المتمردين السوريين الموجودين في أوروبا حول إمكانية المشاركة مع إسرائيل ضد حزب الله أو الامتناع عن ذلك. كانت المواقف منقسمة، حسب “الأخبار”.

    هناك شك حول فحص هذا الخيار بجدية، لكن نشر هذه الأمور بالذات في الموقع المقرب من حزب الله يدل على غضب الحزب من عدم انضمام سوريا حتى الآن إلى “جبهة المساندة” وعدم مشاركتها في القتال. سوريا في الحقيقة حصلت من حسن نصر الله على “إعفاء” من المشاركة في الثأر على تصفية فؤاد شكر، لكن دمشق لا تحتاج إلى مصادقة حسن نصر الله؛ فموقفها المنسق في الواقع مع إيران يستند إلى تحليل مصالح سوريا والتهديد المتوقع عليها بسبب تدخلها في الحرب.

    في الوقت نفسه، ما زال حزب الله حبيس الإملاء الذي صاغه هو نفسه، القائل بأن المواجهة مع إسرائيل أو وقفها يرتبط بالتطورات في غزة وباتفاق وقف إطلاق النار مع حماس.

    ما دامت هذه المعادلة سارية المفعول، فإن هامش العملية الدبلوماسية لوقف المواجهة في الشمال يرتكز بالأساس على إرسال الرسائل الهجومية والتهديدات الصريحة، سواء لحزب الله أو إيران، بهدف تقليص ساحة المواجهة لمنع اندلاع حرب شاملة. في موازاة ذلك، تستمر المحادثات بين الولايات المتحدة وفرنسا والحكومة اللبنانية، وبشكل غير مباشر حزب الله بواسطة “مفوضه” رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، حول خطة اليوم التالي التي يرتكز أساسها على شكل تطبيق القرار 1701. ولكن وزير خارجية لبنان، عبد الله بوحبيب، فاجأ هذا الأسبوع القيادة السياسية في الدولة عندما أبلغها بأنه تحدث مع “جميع الأطراف المتعلقة بهذا الشأن حول استعداد لبنان إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل حول وقف الحرب”، قال. “نتحدث مع كل الدول ومع مجلس الأمن بأنه عندما يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فعلى مجلس الأمن اتخاذ قرار جديد ليس نسخة معدلة للقرار 1701”.

    ليس واضحاً ما هو الأمر الذي جعل بوحبيب ينشر هذه الأقوال المتناقضة مع موقف حكومة لبنان الثابت، الذي يقول بأنه يجب تنفيذ القرار 1701 بشكل كامل، ربما مع تعديلات صغيرة، لكن بدون تغيير جوهر هذا القرار. تعرض بوحبيب أمس لسيل من الانتقادات وسارع للتوضيح بأن “كل ما قيل حول اتخاذ قرار جديد (بدلاً من القرار 1701) هو أمر نظري ولا يعتبر بديلاً عن القرار الأصلي. ولكننا دائماً منفتحون على إجراء محادثات إيجابية مع كل الشركاء في إطار المبادئ والتفاهمات الداخلية”.

    المبادئ والتفاهمات الداخلية في لبنان تعتبر “موضوعاً نظرياً” أيضاً، لكن يبدو أن أقوال الوزير لا تستند فقط إلى “النظرية”، فمصدرها التفسيرات التي حصل عليها من الولايات المتحدة، وبشكل غير مباشر من إسرائيل، التي يرى بحسبها أن القرار 1701 فقد أهميته أمام التهديد البالستي بعيد المدى لحزب الله. هذا القرار يطلب من حزب الله الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني، وبذلك إبعاد تهديد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف التي تتسبب بأضرار كبيرة، لكن ليس فيها ما يحبط تهديد الصواريخ بعيدة المدى أو تهديد المسيرات. المعنى أنه حتى لو تم التوصل بمعجزة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي سيتبناه حزب الله، فلن يكفي ذلك لتوفير شعور بالأمان وتمكين سكان الشمال من العودة إلى بيوتهم.

    تبرز هنا أيضاً عدم وجود استراتيجية إسرائيلية واضحة تبين التسوية التي تسعى إليها مع لبنان وحزب الله. لأنه مقابل تدمير حماس، أو على الأقل تدمير قدراتها العسكرية والقضاء على سيطرتها المدنية في غزة التي صيغت كجزء من أهداف الحرب، فلا يعتبر تدمير حزب الله هدفاً. ولم تحدد إسرائيل أيضاً تهديد لبنان الذي تطمح إلى تحييده، حيث إن جزءاً كبيراً منه سيبقى موجوداً حتى لو نُفذ القرار 1701. هل إسرائيل شريكة في الموقف “النظري” لوزير خارجية لبنان، الذي يقول بوجوب العمل على اتفاق جديد وقرار جديد في مجلس الأمن؟ يبدو أنه مثلما في غزة، تستعد إسرائيل لحرب في لبنان بدون استراتيجية أو سياسة واضحة حول ما تريد تحقيقه في هذه الحرب.

    --------------------------------------------

    هآرتس 12/9/2024

    هاغاري لـ “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”: افحصوا جواز السفر قبل إعدامهم

    بقلم: جدعون ليفي

    عاد الجيش الإسرائيلي مرة أخرى ليكون “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”. لم تكد تمر أربعة أيام على قتل جنوده للناشطة في حقوق الإنسان، الأمريكية، عائشة نور عزغي ايغي، حتى استكمل التحقيق الذي فتحه، والذي توصل إلى الاستنتاج المبرئ: أصيبت المواطنة بطريقة غير مباشرة وغير متعمدة في إطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي الذي كان موجهاً نحو أحد المحرضين الرئيسيين. إصابة غير مباشرة وغير متعمدة للنار الموجهة. هل فهمتم؟ مشكوك في ذلك.

    في الوقت الذي نزل فيه المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بالحبل للنفق الذي أعدم فيه المخطوفون الستة ليعرض أمام العالم فظاعة الوضع الذي تم احتجازهم فيه (متى سيأخذنا إلى “سديه تيمان” لرؤية ظروف الاعتقال الصادمة للمخطوفين الفلسطينيين المكبلين هناك؟)، صاغ جنود وحدته تفسيراً متعرجاً للقتل الإجرامي لامرأة بريئة.

    من نافل القول التوضيح بأن التحقيق الموسع هدف فقط لإرضاء الأمريكيين، الذين قال رئيسهم بأنه “قلق لقتل مواطنة من بلاده”. وبعد إزالة القلق، كانت رسالة الجيش المتعرجة كافية لتخفيف الانزعاج الرئاسي. الأمر الأخير الذي يقلق البيت الأبيض هو قتل ناشطة متعاطفة مع الفلسطينيين. من كان عليهم الانزعاج من هذا التفسير هم الذين لم يهتموا بالقصة من البداية- الإسرائيليون.

    أعلن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي “الموت للمحرضين”. الجنود أطلقوا النار على محرض لإعدامه، وبالخطأ أصابوا محرضة أخرى. هذا يحدث. بكلمات أخرى: تغيير مبالغ فيه في أوامر فتح النار، والآن أيضاً أصبح رسمياً وعلنياً. إذا كان الأمر يحتاج في السابق إلى إثبات وجود خطر، بات يكفي الآن تشخيص التحريض. من هو المحرض بالضبط؟ هل هو الذي يطالب بتحرير الشعب الفلسطيني أثناء المظاهرات؟ من يطالب بإخلاء البؤرة الاستيطانية الوحشية والهستيرية “أفيتار”؟ من يتظاهر لصالح تأييد حقه في أرضه؟

    ما الذي قلناه؟ “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”. هناك شك إذا كان المتحدث بلسان الجيش الروسي سيتجرأ على الاعتراف بأن جنوده يطلقون النار من أجل قتل المحرضين.

    “التحريض” بالنسبة لسلاح دعاية دانيال هاغاري مهما كان معناه، فهو ذريعة من أجل الإعدام. لم يبق سوى قدرة قنص فاشلة يوجهها أحد الجنود نحو أحد المحرضين (المحرض الرئيسي) ليصيب محرضة أخرى. يسهل وصف السائحة الأمريكية بأنها محرضة؛ فقد كانت تؤيد إعطاء العدالة للفلسطينيين. سيتم توضيح الإجراءات، وسيرسَل والجنود إلى حقل رماية آخر. من فضلكم، افحصوا جوازات السفر قبل الإعدام القادم. من الأفضل عدم المس بالأمريكيين. لو أن الإصابة في ذلك اليوم كانت لفلسطينية ابنة 13 سنة في قرية قريبة، لما حقق أحد في ذلك. لا أحد يقلقه ذلك. ربما هي أيضاً محرضة بوقوفها على شرفة البيت.

    جندي يطلق رصاصة في مظاهرة، فقتلت متظاهرة. ما الأمر الأكثر طبيعية من ذلك؟ لكن الزميل يونتان فولك، الذي كان في القرية أثناء عملية القتل، قال إن الجنود أطلقوا النار على الناشطة بعد عشرين دقيقة على توقف المواجهة. إذا كان الأمر هكذا، فهو قتل بدم بارد. كان هذا نشاط عائشة الاحتجاجي الأول والأخير. أي مجتمع سليم كان على الأقل سيحترمها للمرة الأخيرة على شجاعتها ومبادئها.

    الأمر الذي يجب أن يقلق هو ما يوجد بين السطور في إعلان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: التحريض ذريعة للإعدام. لم يعترض أحد على ذلك! توجد أوجه كثيرة للتحريض. إذا كانت الدعوة لحرية الفلسطينيين تحريضاً عقوبته الإعدام، وإذا كان الاحتجاج ضد سرقة الأراضي الخاصة تحريضاً، فيمكن التدهور بسرعة إلى منزلق لزج. لماذا لم يسمح لرجال الشرطة بقتل المحرضين في “كابلان”؟ وماذا عن المحرضين في مزرعة رونين؟ هم ليسوا محرضين فقط، بل وينفذون تحريضهم. هل نعدمهم؟ وماذا عن المحرضين الكبار في الحكومة وفي وسائل الإعلام الذين يطالبون بـ “تسوية غزة” و”زج” العشب الأخضر فيها؟ جميعهم يستحقون الموت. أيها القناصة، أطلقوا النار، بإذن من هاغاري.

    --------------------------------------------

    إسرائيل اليوم 12/9/2024

    الرد على الهجمة الفلسطينية المرتقبة في الأمم المتحدة خطة عمل لتقويض السلطة

    بقلم: شيريت أفيتان كوهن

    في إسرائيل وفي نيويورك يستعدون لمعركة على خطوات دراماتيكية تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة وستبحث في الأسبوع القادم.

    في مداولات مكثفة أجريت في الكابنت السياسي الأمني، في وزارة الخارجية وفي محافل أخرى اعدت خطط عمل تتضمن خطوات تدريجية حتى ضربة قاضية للسلطة – بينها منع تحويل الأموال وقطع التعاون الأمني.

    ستنشأ الاعمال الاستراتيجية عن القرارات الفلسطينية التي تتم في نيويورك، حيث من المتوقع في الأسبوع القادم سلسلة مقترحات وتصويتات ضد إسرائيل وستكون الذروة في قرار يعرض على الجمعية العمومية يدعو الى فرض حظر سلاح دولي وعقوبات على إسرائيل.

    يوم الاثنين القادم سينعقد مجلس الامن في الأمم المتحدة للبحث في موضوع الوضع الإنساني في غزة بمشاركة سيغريت كاغ منسقة الشؤون الإنسانية العليا في قطاع غزة عن الأمم المتحدة.

    وفي الغداة يوم الثلاثاء تبدأ مداولات في الجمعية العمومية في موضوع مشروع القرار الذي رفعه الفلسطينيون واساسه دعوة لفرض عقوبات وحظر سلاح في ظل تجاهل الاحتياجات الأمنية لإسرائيل وعلى أساس تفسير مشوه ومتطرف لقرار المحكمة في لاهاي.

    ويوم الأربعاء تكون الذروة المضادة لإسرائيل: التصويت على القرار الفلسطيني الذي حسب التقديرات سيجاز بأغلبية كبيرة. ويذكر أنه لا يوجد فيتو في تصويت من هذا النوع في الأمم المتحدة ولهذا فلا يوجد حبل نجاة لإسرائيل.

    وتعد هذه خطوات استمرار مباشرة لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة في شهر أيار والان كخطوة استكمالية سيتواصل تدهور مكانة إسرائيل في نظر العالم.

    وكأن هذا لا يكفي، يوم الخميس سيجرى نقاش “شهري” في مجلس الامن يركز على الضفة. وستديره وزيرة الخارجية السلوفانية، وفي مركزه سيبحث في تنفيذ قرار مجلس الامن 2334.

    وقال داني دانون ان “الفلسطينيين يخوضون ضد إسرائيل إرهابا دبلوماسيا والأمم المتحدة تتعاون – هذا درك اسفل أخلاقي جديد”.

     الهجوم والرد

    الى جانب المشاورات السياسية على اعلى المستويات، وجه وزير الخارجية الإسرائيلي كاتس تعليماته لطاقم لوزارته لاعداد خطوات متدرجة ضد السلطة. واذا ما نفذت هذه كل تهديداتها في الأمم المتحدة وعملت بخلاف ما تقرر في اتفاقات أوسلو، في القدس لن يترددوا في “السير حتى النهاية” على حد قول مصادر سياسية.

    في وزارة الخارجية يستعدون لضرب السلطة الفلسطينية من خلال وقف تحويل الأموال او قطع التعاون الأمني. وحسب مصادر سياسية، في نية وزير الخارجية فرض اتفاقات أوسلو من خلال اغلاق تام لممثليات اجنبية تعمل في نطاق السلطة.

    تشديد الخطوات سيحسمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك بعد اشهر من الضغط الذي يمارسه عليه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للعمل في هذا الموضوع.

    --------------------------------------------

     

     

     

     

    هآرتس 12/9/2024

    الاستيطان في غزة؟ هذا الأمر بدأ

    بقلم: ميخال سيلع

    خطة توطين اسرائيليين يهود في المنطقة التي تسمى شمال قطاع غزة، التي تحدث عنها الوف بن (“هآرتس”، 9/9) ليست إلا تجسيد لخطة دافيد بن غوريون وقادة الاستيطان اليهودي، الاستيطان في كل ارض اسرائيل وطرد كل العرب، بأموال يهود امريكا. هكذا اقيمت في الاعوام 1936 – 1939 بطريقة “السور والبرج” 52 مستوطنة. كل ذلك من اجل الاضرار باقتراح حكومة بريطانيا اقامة دولة ثنائية القومية، وتقليص فضاء عيش الفلسطينيين. هكذا اقيمت في 1946، 11 بؤرة استيطانية في النقب، بما في ذلك نيريم وبئيري، كوسيلة تأثير على رسم خارطة تقسيم البلاد قبل النقاشات في الجمعية العمومية بعد سنة من ذلك.

    الحرب، حرب الاستقلال أو النكبة، اوجدت المحفز والادوات للطرد والقتل وتوسيع المناطق اليهودية في ارض اسرائيل. قطاع غزة بقي، رغم استياء بن غوريون، في يد مصر، لكنه اصبح خلال فترة قصيرة الى مكان لطرد معظم الفلسطينيين اليه الذين يوجدون في المثلث الجغرافي بين يافا وبئر السبع وغزة. بن غوريون لم يهدأ بسبب أن قطاع غزة ليس تحت سيطرة اسرائيل. محاولة فرنسا وبريطانيا في 1956 منع تأميم قناة السويس على يد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، أسرت بن غوريون الذي تحمس لامكانية الانضمام وتحقيق الحلم: السيطرة على قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء حتى قناة السويس. وهو ايضا قام بوضع خطة لطرد جميع الفلسطينيين، حسب رأيه اعادة توطينهم في شبه جزيرة سيناء ومصر والعراق.

    في هيئة الاركان كانت من العام 1954 توجد وثيقة “نابو” التي تتكون من 43 صفحة، خطة توسيع حدود اسرائيل، الحيوية من اجل البقاء. السيطرة على شبه جزيرة سيناء حتى قناة السويس، وتقسيم المملكة الاردنية بين اسرائيل والعراق، والتوسع الى ما وراء الصحراء السعودية والسيطرة على آبار النفط ورسم خط الحدود مع سوريا في جبال الباشان، وفي قطاع غزة اخلاء كل السكان (السيطرة وابادة السكان المعادين الذين يبلغ عددهم اكثر من 1.3 مليون شخص). “سياسة التخفيف” يمكنها حسب وثيقة “نابو” أن تندمج في جهد استيطاني كبير.

    حدود الخط الاخضر لم تعتبر في أي وقت في دولة اسرائيل كحدود دائمة. بالعكس، الجيش تم اعداده لمدة 19 سنة من اجل احتلال كل المنطقة بين النهر والبحر، الوحدات القتالية التي درست الطبوغرافيا وحتى وحدات جمع الوثائق، كل شيء تم اعداده، بما في ذلك تفجير الجسر على الشارع السريع بين عمان والقدس في حرب الايام الستة.

    يبدو أن بن غوريون استخف بقيمة الحياة التي ازهقت. في عملية ثأر قام بالاحصاء “لديهم ثمانية ولدينا ستة”. في سيناء كتب: قتل بالاجمال تقريبا 150. ما الذي تغير منذ ذلك الحين؟ فقط الوحشية، السخرية، دعم معظم اليهود في دولة اسرائيل للرأي الذي يقول بأن الفلسطيني هو قاتل ومثير للاشمئزاز، وأن القتل هو قيمة سامية لأن رسالة الله هي التدمير والتسوية بالارض والسيطرة وفقدان الصورة الانسانية. بعد ذلك تحدثوا عن الاستراتيجية. بعد قتل سكان من كفر قاسم اثناء عودتهم من العمل في الحقول، وضع القاضي بنيامين هليفي مفهوم “علم يرفرف عليه علم اسود”.

    الآن باروخ غولدشتاين ويغئال عمير وعميرام بن اولئيل هم ابطال الثقافة. عندما يديرون عيونهم يتحدثون عن الارض المقدسة بين النهر والبحر. اليهود وليس الفلسطينيين. كل ذلك بعد 76 سنة من الطرد والتهجير والحرمان من مصدر الرزق والحكم العسكري بدون عوائق وخرق بنود اخرى في الاعلان حول حقوق الانسان الذي لم تنضم اليه اسرائيل.

    أن نستوطن في غزة؟ هذا الامر سبق وبدأ. بعد حرب شبه جزيرة سيناء في 1956 استوطنت لفترة قصيرة مجموعات استيطانية. وبعد العام 1967 القصة معروفة. الآن في معظم المنطقة، لا سيما في شمال القطاع الذي طوله حوالي 40 كم، سبق وقامت الطائرات بالتسوية، وبعد ذلك جاءت الجرافات التي تحركت بين تلال الرمال التي ظهرت فجأة فوق انقاض المباني والبشر. لقد وضعوا مباني غير ثابتة لخدمة رجال الجيش، لكن مثلما هو التقليد في الضفة الغربية هذه ستنتقل بالتأكيد الى يد المستوطنين.

    على المسجد الذي تم تدميره من اساسه وضعوا المازوزة. مجموعة من المجموعات اصبحت جاهزة كما وصفت مراسلة الصحيفة (6 ايلول) المجموعة التي استوطنت غابة اشكلون. لقد تطورت المعرفة من اجل أن يتم بين عشية وضحاها اقامة مستوطنات “سور وبرج”، مستوطنة غير قانونية، كما يسمونها الآن باللغة النظيفة السائدة منذ العام 1967.

    عن الطرد والهدم والقتل والحكم العسكري الذي كان موجود ذات يوم، ابناء جيلي يعرفون ذلك من الحياة. بالنسبة للشباب لا يوجد ادنى مفهوم بأنهم وضعوا الناس في طابور في حقول عيلبون (هم لا يعرفون حتى أين ذلك) في 1948 واطلقوا النار عليهم وقتلوهم، وأنه في 1956 وضعوا في خانيونس اشخاص بجانب الحائط وقاموا بتصفيتهم، بابي يار بالنسخة الاسرائيلية.

    ماذا في ذلك؟ قولوا شكرا لأن رئيس حكومة اسرائيل ومعظم مواطني اسرائيل اليهود هم طيبون ويسمحون بتجميع 2.5 مليون شخص (مع خصم الـ 40 ألف الذين تمت تصفيتهم) في خيام في قشرة جوز. أليس هذا جيدا بالنسبة لهم؟ اذا كان الجواب لا فلينهضوا ويذهبوا. في ارجاء الضفة الغربية هذا الامر يعمل بنجاح.

    --------------------------------------------

     

     

     

    معهد بحوث الأمن القومي الاسرائيلي (inss) 12/9/2024

    مفاجأة استراتيجية دائماً؟

    بقلم: عيزر جات

    لقد عادت مفاجأة السابع من أكتوبر، بعد خمسين عاماً بالضبط من السادس من أكتوبر 1973، لتثير بكل جدية السؤال حول سبب وكيفية حدوث المفاجآت الإستراتيجية. فبعد صدمة عام 1973، التي شغلت جهاز الأمن القومي والمؤسسة الأمنية والوعي العام في إسرائيل لعقود من الزمن، عادت كل عناصر تلك المفاجأة بنتائج كارثية.

    من المعروف في أدبيات المفاجأة الإستراتيجية أنه وفقاً للتجربة التاريخية من الصعب للغاية منع نجاحها. وهناك وعي أقل بأن كل محاولات القرن العشرين لتحقيق المفاجأة الإستراتيجية كانت ناجحة، دون استثناء. ويعرض المقال هذه الحقيقة، وهي أن معظم الحالات التي تضمنها معروفة جيداً، حتى وإن كانت النتيجة النهائية أقل إدراكاً. ويضيف المقال أيضاً تفسيرات للنجاح الاستثنائي الذي حققته المفاجأة الإستراتيجية، ويبحث في ما يمكن القيام به في ضوء النتيجة التي لا لبس فيها في هذا الشأن.

     سجل نجاحات المفاجأة الاستراتيجية في القرن العشرين

    المفاجأة الاستراتيجية هي مفاجأة تبدأ حربًا فعلية. وهذا على النقيض من المفاجآت العملياتية أو التكتيكية أثناء الحرب، والتي لها سجل مختلط – بعضها ينجح وبعضها يفشل.

    من المقبول بحق الإشارة إلى أن الفشل في التنبؤ بالهجوم لا يتجذر عادة في الاستخبارات وحدها، بل وأيضًا في المفهوم السياسي الكامن وراءه وفي صفوف القيادة العسكرية. في 6 أكتوبر 1973 و 7 أكتوبر 2023، كما هو الحال في جميع حالات المفاجأة الاستراتيجية في القرن العشرين، لم يكن الأمر مجرد فشل استخباراتي. فيما يتعلق بالمستوى السياسي، فإن الفشل شمله دائمًا أيضًا، وليس فقط على مستوى المسؤولية الرسمية. في هذا السياق، سمعنا ادعاءً مفاده أن رجال الدولة يفهمون أكثر من الاستخبارات حول قادة الجانب الآخر وثقافته وأهدافه. كان هذا الادعاء صحيحا بشكل خاص فيما يتعلق بحكومة إسرائيل في عام 1973، وأعضاء الجيل المؤسس ذوي الخبرة السياسية والأمنية الواسعة، وقبل كل شيء وزير الدفاع في ذلك الوقت، موشيه ديان. ومع ذلك، فمن المشكوك فيه ما إذا كان هذا صحيحا في جميع الحالات التي سيتم ذكرها أدناه، أو فيما يتعلق بـ 7 أكتوبر – وهو ما لا ينفي حقيقة أن الإدراك السياسي لعب دورا كبيرا جدا في الفشل.

    خلال القرن العشرين – عصر المكننة، عندما أصبحت إمكانية توجيه ضربة صاعقة مذهلة في بداية الحرب ذات أهمية عسكرية عالية لأول مرة – كانت هناك حوالي اثنتي عشرة حالة لبدء حرب مفاجئة، وفي جميعها تم القبض على الطرف المهاجم غير مستعد، مع عواقب وخيمة للغاية بالنسبة له على الأقل في الأمد القريب. الحالات نفسها معروفة جيدا وذكر الكثير في أدبيات المفاجأة (باستثناء ربما الحالة الأولى:

    الهجوم الياباني على روسيا عام 1904

    غزو ​​ألمانيا النازية للاتحاد السوفييتي، “بربروسا”، 1941

    الهجوم الياباني على الولايات المتحدة الأمريكية في بيرل هاربور عام 1941

    الغزو الكوري الشمالي لكوريا الجنوبية عام 1950

    الصين تدخل الحرب ضد قوات الأمم المتحدة في كوريا عام 1950

    الهجوم الإسرائيلي على مصر، عملية سيناء، 1956

    الهجوم الصيني على الهند عام 1962

    الهجوم الإسرائيلي على مصر الأيام الستة 1967

    الغزو السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا عام 1968

    مصر وسوريا تهاجمان إسرائيل، يوم الغفران، 1973

    غزو ​​العراق لإيران عام 1980

    الغزو الأرجنتيني لجزر فوكلاند عام 1982

    غزو ​​العراق للكويت عام 1990

    هذه ليست قائمة بحالات المفاجأة الاستراتيجية الناجحة، بل قائمة بكل محاولات المفاجأة في بدء الحرب ــ وكلها، دون استثناء، كللت بالنجاح.

    لا ينبغي لنا أن نفترض أن هناك حالات فشل فيها هجوم مخطط له في بدء حرب لا تتوفر عنها حتى ذرة من المعلومات. ثانياً، حتى لو كان صحيحاً أن المهاجم يمكنه تأجيل هجومه في حالة تقديره أن الطرف الآخر مستعد، إلا أن النتيجة التي مفادها أنه في كل مرة يختار فيها الهجوم المفاجئ، تتوج المفاجأة بالنجاح، ليست أقل من مثيرة.

    كيف يمكننا إذن أن نفسر التتابع المتواصل لنجاحات المفاجأة الاستراتيجية، المفاجأة في بداية الحرب، في القرن العشرين؟

     التفسيرات المقبولة لفشل الإنذار

    إن التفسيرات التي تركز على التحيزات المعرفية والشخصية، والانغلاق المفاهيمي والتفكير معًا ــ حتى لو لم تكن غير صحيحة ــ تفقد صلاحيتها في مواجهة النجاح الشامل الذي حققته المفاجأة الاستراتيجية في القرن العشرين. ولا يوجد تباين في النتيجة من حالة إلى أخرى، وهو ما يمكن أن يعزى إلى فضائل أكثر أو أقل جدارة في هذا الأمر.

    وقد طرحت أسباب أخرى مختلفة للنجاح في أدبيات المفاجأة، وخاصة في كتب ريتشارد بيتس وإفرايم كام. أولاً، إن حالة الحرب نادرة مقارنة بفترات طويلة من عدم الحرب. وكما وصف رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في عام 1973 إيلي زاعيرا الأمر في تحقيق أفيرام بركاي الشامل بعنوان “أجنحة الخطأ” (مركز تراث الاستخبارات، ص 115-117): “لنفترض أن لديك ببغاء أحمر يتنبأ بالحرب كل يوم وببغاء أزرق يقول إنه لا توجد حرب، والببغاء الأزرق على حق يومًا بعد يوم لآلاف الأيام بينما الببغاء الأحمر مخطئ طوال تلك الأيام، فمن ستصدق؟ وأيضًا، وخاصة في حالة الصراع المستمر مثل الصراع العربي الإسرائيلي، حيث يمكن أن يحدث اشتعال دائمًا، فمن الصعب بل من المستحيل الحفاظ على مستويات عالية من الاستعداد واليقظة لاندلاع أي حرب في أي لحظة معينة. وهذا على النقيض من حالة الحرب النشطة، حيث يكون الاستعداد والاستعداد لهجوم العدو أعلى بكثير. وهذا هو السبب بالفعل في أن المفاجآت العملياتية والتكتيكية، على عكس المفاجآت الاستراتيجية، لا تنجح إلا جزئيًا.

    وعلاوة على ذلك، ووفقاً للتفسير الكلاسيكي الذي قدمته رائدة البحث في المفاجأة الاستراتيجية، روبرتا فولستيتر، فإن أجهزة الاستخبارات تغمرها في الفترة التي سبقت الهجوم آلاف القطع من المعلومات (الإشارات)، بعضها إشارات تشير إلى نية الهجوم (علامات)، وبعضها يشير إلى اتجاهات أخرى، في شكل (ضوضاء). ولا يمكن للمرء أن يعرف إلا في وقت لاحق، ويبدو الأمر واضحاً على ما يبدو، ما هو هذا الشيء.

    بالإضافة إلى ذلك، قد تلعب التقييمات الخاطئة فيما يتصل بتوازن القوى بين الأطراف، وبالتالي قوة الردع الحربي، دوراً محورياً في فشل الاستخبارات. وغني عن القول إن هذا العامل برز في مفاجآت السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973 والسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

    ومع ذلك، فإن الغموض الذي يكتنف نجاح المفاجأة الاستراتيجية لا يزال قائماً، وخاصة في ضوء حقيقة مفادها أن الهجمات البرية المفاجئة ــ أقل في الهجمات البحرية وأقل حتى في الهجمات الجوية، كما حدث في عام 1904 (بورت آرثر)، و1941 (بيرل هاربور)، و1967 (موكيد)، و1982 (فوكلاند) ــ تسبق الهجوم بالضرورة حشود هائلة من القوات والمعدات والإمدادات والذخيرة على الجبهة المحددة. ولا يمكن إخفاء هذه الحشود، بل كانت في الواقع مرئية للضحايا في جميع الحالات تقريباً في الفترة التي سبقت الهجوم المفاجئ واندلاع الحرب. ومن المعروف أيضاً أن هذه الحقيقة صالحة فيما يتصل بالحشود الهائلة للجيشين المصري والسوري في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 1973، وإن كانت أقل صلاحية بكثير فيما يتصل بالجيش الإرهابي الخفيف المنظم عبر حدود قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

     تفسيرات إضافية لسجل النجاح الذي حققته المفاجأة الاستراتيجية في القرن العشرين

    حتى عندما تكون تركيزات قوات العدو واستعداداتها اللوجستية عبر الحدود مرئية، يمكن تفسيرها كجزء من حملة سياسية من المجازفة في مواقف التفاوض على الصراع. وفقًا لهذا التفسير، والذي ينطبق بالفعل في العديد من الحالات التي لا تؤدي إلى الحرب، فإن الأمر لا يعدو كونه تهديدًا بالحرب، أو “قرعًا للسيوف”، والذي يجب تفسيره على أنه معقول لغرض ممارسة الضغط على الجانب الآخر، دون نية حقيقية لبدء حرب.

    وبهذه الطريقة جزئيًا، نشر ستالين تركيزات القوات الألمانية على الجبهة الشرقية في الأشهر التي سبقت عملية بارباروسا. وهذا في ضوء التوترات بين الحلفاء وألمانيا فيما يتعلق بتقسيم مناطق نفوذهم في أوروبا الشرقية، وخاصة في رومانيا، التي تحتوي على مصادر نفطية أساسية لألمانيا.

    بالإضافة إلى نشر القوات كوسيلة للضغط الدبلوماسي، يتم تفسير الاستعدادات للحرب أحيانًا على أنها خطوة تهدف إلى الاستهلاك المحلي، في مواجهة الرأي العام المحلي والقوات المقاتلة. لقد تم النظر إلى تهديدات السادات في الحرب منذ عام 1971 على أنها لم تكن موجهة فقط إلى إسرائيل والساحة الدولية، بل وأيضًا بهدف جذب الرأي العام في الساحة المصرية الداخلية، في غياب العمل العسكري الفعلي. لقد فسر مسؤولو شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” التدريب المكثف والمعلن عنه جيدًا والمُراقب لعملية واسعة النطاق عبر الحدود قبل السابع من أكتوبر على أنه يهدف في المقام الأول إلى الحفاظ على التوتر العملياتي والجهادي في وحداتها القتالية.

    وهناك تفسير آخر لتركيز قوات العدو ونشرها عبر الحدود وهو أن العدو هو الذي يخشى الهجوم عليه – وأن استعداداته لأغراض دفاعية. مرة أخرى، هذا هو جزئيا ما كان يعتقده ستالين في عام 1941. وعلى النقيض من نظريات المؤامرة التي انتشرت بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، لم يكن لدى ستالين أي نية لمهاجمة ألمانيا، حتى لو كانت الخطط العملياتية للجيش الأحمر في حالة الحرب هجومية. كان ستالين خائفا للغاية من هتلر وقوة ألمانيا، وكان يأمل في كسب الوقت عندما يتمكن الجيش الأحمر من التعافي من الضرر الناجم عن عمليات التطهير في صفوفه في عامي 1937 و1938. زاد ستالين من شحن المواد الخام من الحلفاء إلى ألمانيا في الأشهر التي سبقت الحرب وحظر أي شيء يمكن تفسيره على الجانب الألماني على أنه استفزاز سوفييتي ونية هجومية، بما في ذلك الدوريات البرية والجوية الاختراقية.

    وكما هو معروف، فإن التفسير الذي قدمته وكالة أنباء الشرق الأوسط في عام 1973 للتمركزات السورية في مرتفعات الجولان كان الخوف السوري من هجوم إسرائيلي في أعقاب المعركة الجوية التي دارت قبل ثلاثة أسابيع من اندلاع الحرب، في الثالث عشر من سبتمبر/أيلول، والتي أسقطت فيها 12 طائرة سورية. وخططت مصر لنشر القوات المدرعة في مواقع متقدمة، حتى فات الأوان، خوفاً من أن يفسر المصريون مثل هذه الخطوة على أنها استعداد لهجوم إسرائيلي.

    وهناك طريقة أخرى لإخفاء النية وراء نشر القوات للهجوم، وهي إخفاؤها باعتبارها تدريباً. ومرة ​​أخرى، فإن الغزو السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا في عام 1968، والذي تم إخفاؤه باعتباره مناورة في إطار حلف وارسو، معروف في هذا السياق. ورغم أن انتباه وكالة أنباء الشرق الأوسط كان موجهاً في ذلك الوقت إلى هذه السابقة، فقد فسرت وكالة أنباء الشرق الأوسط التركيز الهائل للقوات المصرية عبر القناة باعتباره تدريباً ــ تدريباً آخر ضمن روتين مصري متعدد السنوات.

     ما الذي يمكن عمله؟

    إن النتيجة التي تم تقديمها هنا لا لبس فيها: إن تجربة القرن العشرين ــ حيث سمحت الميكنة لأول مرة بضربة صاعقة مفاجئة في بداية الحرب ــ لا تظهر فقط أنه من الصعب للغاية منع المفاجأة الاستراتيجية، وأن مثل هذه المفاجأة تحققت في عدد كبير من الحالات الشهيرة ذات الأهمية الحاسمة؛ بل إنها تعلم أن المفاجأة تحققت في القرن العشرين في جميع الحالات التي جرت فيها محاولة تحقيقها، دون استثناء.

    إن هذا اكتشاف مثير، يثير أسئلة صعبة للغاية فيما يتصل بإمكانية التنبيه إلى الحرب وفيما يتصل بغرض آليات الاستخبارات الواسعة النطاق التي أنشئت لهذا الغرض. وفي الواقع الإسرائيلي، يُنظَر بحق إلى دور هذه الآليات باعتباره بالغ الأهمية. ونظراً للأبعاد المحدودة لإسرائيل ومركزية جيش الاحتياط في القوة الإسرائيلية، فقد تم تعريف التنبيه الاستخباراتي استعداداً للحرب باعتباره أحد الركائز الثلاث لمفهوم الأمن الإسرائيلي، وباعتباره المهمة الوطنية لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي. ومع ذلك، ورغم أن الاستخبارات الإسرائيلية حققت إنجازات مثيرة للإعجاب على المستوى العملياتي، فإن فشل شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” في إعطاء تحذير في الحالتين اللتين تم فيهما شن هجوم مفاجئ على إسرائيل (ويمكننا أن نضيف إلى هذا دخول الجيش المصري إلى سيناء دون اكتشافه، “روتيم” 1960). من الواضح أن الاستنتاج الواضح من هذا – كما هو الحال من سجل أجهزة الاستخبارات في جميع حالات المفاجأة الاستراتيجية في القرن العشرين – هو أنه لا يوجد مجال للاستخبارات لتقديم تحذير استراتيجي للحرب. هذا استنتاج متناقض ومضاد للحدس، ويبدو أنه مبرر بالأدلة. ولكن ما مدى صحته؟

    قبل معالجة هذا السؤال، دعونا أولاً ننتقل من القرن العشرين إلى القرن الحادي والعشرين، إلى الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022. هنا أيضًا، كانت العوامل المعروفة لنجاح المفاجأة فاعلة. قدم الروس نشر قواتهم في دونيتسك وبيلاروسيا كمناورة كبرى؛ ولقد اعتقدت السلطات في أوكرانيا أن حشد القوات الروسية كان جزءاً من حملة تهديدات ومحاولة فرض سياسي من جانب بوتن، وهو ما لن يترجم إلى حرب وغزو. (ونضيف أن جميع الخبراء في إسرائيل الذين سمعهم كاتب هذه السطور يتحدثون عن هذا الموضوع كانوا من الرأي القائل بأنه لن يكون هناك غزو، باستثناء واحد، وهو الوزير زئيف إلكين. ومع ذلك، في مواجهة هذه الحالة الإضافية في سلسلة المفاجآت الناجحة، تجدر الإشارة إلى أن المخابرات الأمريكية أعلنت في الأيام التي سبقت الحرب أن غزواً وشيكاً متوقع، بل وأشارت حتى إلى اليوم الذي سيحدث فيه (تم تأجيله بعد يومين). لا توجد معلومات بشأن مسألة ما استندت إليه المخابرات الأمريكية في إعلانها، لكن الإشارة إلى تاريخ الغزو المخطط له تشير إلى أنه قد لا يكون استنتاجاً يستند إلى أدلة ظرفية، بل معلومات داخلية، ربما من مصدر كبير في القيادة السياسية أو العسكرية الروسية.

    وكما هو الحال مع أي ظاهرة إنسانية، حتى في حالة المفاجأة الاستراتيجية، وحتى لو كانت ذات اتساق متكرر عالي جدًا، فهناك استثناءات وفروقات كبيرة يجب التغلب عليها. ولنتذكر أنه حتى في يوم الغفران 1973، في الليلة التي سبقت الحرب، أعطى أشرف مروان، المقرب من السادات، “الملاك”، الإنذار الحاسم بالحرب، وهو ما أطلق عجلات اليقظة والتعبئة في جيش الدفاع الإسرائيلي. وهذا على النقيض من ذلك لمفاجأة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي لم تكن هناك عودة فيها على ما يبدو، وكذلك أجهزة المخابرات الأخرى، حتى مخبر واحد من بين آلاف مقاتلي نهفا الذين استعدوا أثناء الليل للهجوم في الصباح.

    إن نجاح المفاجآت الاستراتيجية يجعلنا نسمع ادعاءين مترابطين: الأول هو أن التشكيلات والاستعداد يجب ألا يستندا إلى النوايا المفترضة للجانب الآخر، بل إلى قدراته؛ والثاني هو أنه يجب في كل الأحوال الحفاظ على مستوى عال من القوة واليقظة. وكلا الادعاءين يُفحصان بدرجة كبيرة من العدالة باعتبارهما غير عمليين ــ بشكل عام، وخاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، التي تأتي تهديداتها بالحرب من اتجاهات مختلفة، وهي أيضاً غير قادرة على إبقاء الجزء الرئيسي من تشكيلاتها، جيش الاحتياط، في حالة تعبئة في كل مرة ولفترات طويلة. ولكن النظر إلى المسألة من منظور مطلق يخطئ الهدف.

    في أكتوبر 1973، في أعقاب المعلومات الاستخباراتية التي تدفقت حول الانتشار العربي على الحدود – وعلى الرغم من عدم وجود معلومات حول النوايا، وتقييم الجيش الإسرائيلي بأن هذه لم تكن حربًا – تم تعزيز مرتفعات الجولان باللواء السابع. من 77 دبابة تسيطر عادة على القطاع إلى 177. واعتبرت جبهة الجولان أكثر أهمية بسبب قلة العمق كما هو الحال في شبه جزيرة سيناء وقربها من المستوطنات وقلب البلاد أدى تعزيز اللواء 179 من التعبئة السريعة الاحتياطية كجزء من حالة التأهب “أزرق أبيض” إلى إنقاذ مرتفعات الجولان. لذلك كان للعدو تأثير حاسم على استعداد الجيش الإسرائيلي ونتائج الحملة.

    وفي 7 أكتوبر 2023، كان الوضع في هذا الصدد أسوأ بكثير. لقد أخطأت شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” في تقييم نوايا حماس وفي تقييم قدراتها، كما أنها فشلت في إعطاء تحذير محدد بشأن الهجوم على الرغم من الإشارات والتقارير المختلفة التي وصلت خلال الليل، ومن هنا كان النقص الكارثي في ​​جاهزية القوات الميدانية التي قادت الهجوم وعلى الرغم من الدلائل على وجود نشاط غير عادي في حماس، فإن القوات الميدانية لم تكن في حالة تأهب عند الفجر.

    لقد كان لدى إسرائيل تقييم أكثر واقعية لقدرات حزب الله وقوات رضوان على تنفيذ هجوم داخل أراضي البلاد. وعلى الرغم من هذا، فمن المتفق عليه في وقت لاحق أنه على الرغم من التحذيرات التي سمعت في هذا الشأن، لم يكن هناك أي استعداد مناسب على الإطلاق لاحتمال تحقيق هذا التهديد. اعتمد جيش الدفاع الإسرائيلي على قدرة شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”على توفير تحذير موضعي كافٍ، مما يسمح بالاستعداد الكافي قبل مثل هذا الهجوم. من المستحيل معرفة ما إذا كانت شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” قد ترقى بالفعل إلى مستوى التوقعات في هذا الأمر. ومع ذلك، بالنظر إلى الوراء يبدو أنه لم يكن ينبغي الوثوق في ذلك، وأن التشكيل في الشمال – القوات النظامية والاحتياطية والدفاعية من المناطق وفئات الاحتياط المحلية – كان بعيدًا جدًا عن الحد الأدنى المطلوب لمنع كارثة، والتي كان من الممكن أن تكون أكبر من تلك التي حدثت في السابع من أكتوبر.

    إن مسألة التحذير من الحرب لا تنحصر إذن في مسألة التحذير المحدد والمستهدف، والذي حققه الأميركيون بشكل استثنائي في أوكرانيا، وجزئيا عشية يوم الغفران 1973. كما أن مسألة النوايا مقابل القدرات لا تقاس بمبدأ “كل شيء أو لا شيء”. وحتى في غياب التحذير المحدد، من الضروري أن نسأل ماذا سيحدث إذا هاجم عدو يشكل خطره وعداؤه الواضحان ـ ما هو النظام الدفاعي الذي سيوجد إذا تحقق التهديد دون تحذير محدد. هذا هو السؤال الذي طرح، على الرغم من تقييم شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، في الأسبوع الذي سبق حرب يوم الغفران، وقد تم إعطاؤه إجابة حاسمة حتى لو لم تكن كاملة، ولم يتم طرحه بالجدية المطلوبة أمام حماس وحزب الله في عام 2023.

    إن صورة الفشل الاستخباراتي في مواجهة المفاجأة الاستراتيجية هي إذن أكثر شمولا وتماسكا مما يفترض عادة. ومع ذلك، فهي أيضا معقدة ومتعددة الأبعاد وتمنح مجالا للأمل الحذر عند الاقتراب من استخلاص الدروس ـ الاستخباراتية والعملياتية ـ من الفشل الكامل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. من الواضح من سلسلة الإخفاقات السابقة أنه لا ينبغي للمرء أن يتوقع حلاً سحرياً للمشكلة. يجب مواصلة الجهود لزيادة القدرة على الإنذار الخاص بالحرب – استخبارات النوايا والتي لا ينبغي إيقافها، لكن التجربة تظهر أنه لا يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها أبدًا. ومع ذلك، يجب على هذا الجانب ضمان وجود استجابة دفاعية للقدرات الخطيرة للعدو بالعين، والتي ستمنع على الأقل انهيار المنظومة في حالة المفاجأة.

    --------------------------------------------

    إعلام عبري: قوات "إسرائيلية" تسللت إلى منشأة إيرانية بسوريا ودمرتها

     

    نقلت صحيفة هآرتس اليوم الخميس عن مصادر أمنية تأكيدها أن قوات كوماندوز إسرائيلية تسللت إلى منشأة أمنية للحرس الثوري الإيراني في سوريا ودمرتها، خلال الهجوم الإسرائيلي الذي أسفر الاثنين الماضي عن مقتل 16 شخصا وإصابة أكثر من 40، ووصف بأنه الأعنف منذ سنوات.

    وأفادت الصحيفة بأن قوات الكوماندوز الإسرائيلية استولت على أجهزة من منشأة تابعة للحرس الثوري الإيراني بالقرب من مصياف بريف حماة غربي سوريا، قبل أن تنسحب.

    وأوضحت أن العملية بدأت باستهداف الطائرات الإسرائيلية الطرق المؤدية إلى المنشأة التابعة لفيلق الحرس الثوري الإيراني، التي تستخدم لتطوير وإنتاج الأسلحة، بالإضافة إلى مقر تابع للأمن العسكري السوري.

    وأضافت أن مروحيات إسرائيلية نقلت بعد ذلك القوات إلى المنشأة، حيث استولت على معدات ووثائق مهمة، ودمرت المنشأة وانسحبت.

    والاثنين الماضي، استهدف قصف إسرائيلي المنطقة الوسطى في سوريا، وقالت وسائل إعلام رسمية سورية إن إسرائيل شنت نحو 15 غارة على مواقع عسكرية في مصياف ومحيطها.

    في حين قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن السلاح الجوي قصف مركزا لتطوير أسلحة دمار شامل في حماة، بإشارة إلى مركز البحوث العليمة، دون ذكر عملية إنزال جوي.

    من جانبها، نفت الخارجية الإيرانية استهداف مركز مرتبط بإيران في سوريا، مشيرة إلى أن محاولات إسرائيل ربط أي حدث في الأراضي المحتلة الفلسطينية بإيران هي محاولات للهرب من الحقيقة، وأدانت استهداف إسرائيل للأراضي السورية.

    يذكر أن مركز البحوث العلمية في ريف حماة يعد هدفا مفضلا للغارات الإسرائيلية منذ عام 2013، إذ كان قبل هذا التاريخ مختبرا لتطوير الأسلحة تحت إشراف خبراء من كوريا الشمالية، ثم أصبح تحت إدارة خبراء تصنيع أسلحة إيرانيين.

    وخلال السنوات الماضية، نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على سوريا في إطار ما تقول إنها حملة لمنع إيران من ترسيخ وجودها العسكري هناك، في حين توعدت السلطات السورية بالرد مرارا دون تنفيذ ذلك على أرض الواقع.

    ------------------انتهت النشرة------------------


    http://www.alhourriah.ps/article/94143