المعدل يكاد يكون ضعف معدل العام الماضي. أما بالنسبة للاجئين الفلسطينيين السوريين الذين يعيشون في البلاد، وبحسب احصائيات وكالة الأونروا أن 95 بالمئة منهم يعيشون تحت خط الفقر المدقع.
أبو محمد أحد هؤلاء الاشخاص، وهو لاجئ فلسطيني من مخيم الحسينية يقيم حالياً في مدينة صور جنوب لبنان، وأب لثمانية أطفال، يعاني ثلاثة منهم من أمراض مزمنة.
يروي أبو محمد بحسرة وألم ما جرى معه من قصة مؤلمة مر بها الشهر الماضي، حيث اشتكت إحدى بناته من آلام شديدة في المعدة، نقلها على الفور إلى إحدى المستشفيات المتعاقدة مع وكالة الأونروا في مدينة صيدا من أجل علاجها وتقديم الدواء المناسب لها، والتخفيف من وجعها وألمها.
لكن لسوء الحظ، لم يُول الأطباء في ذلك المستشفى اهتماماً كافياً لحالة ابنته، ولم يتم تشخيص حالتها بشكل صحيح، ما اضطره لنقلها إلى مشفى آخر، حيث تم تشخيص إصابتها بانفجار الزائدة الدودية، وأجريت لها عملية جراحية على الفور ومكثت في المستشفى لمدة أسبوع.
يُعرب أبو محمد عن حزنه الشديد لعدم قدرته على تغطية نفقات علاج ابنته، قائلاً وهو يطرق وجهه إلى الأرض ويكاد أن ينفجر من البكاء: "أُجبرت للجوء لعدد من الجمعيات الخيرية وللتسول من أجل سداد قيمة فاتورة المستشفى.
تقول ابنة أم العبد، وهي لاجئة فلسطينية من مخيم اليرموك تقطن في مدينة صيدا جنوب لبنان، " إن والدتها أصيبت بجلطة دماغية منذ ما يقارب 15 يوماًـ وهي ترقد حتى اليوم بالعناية الفائقة في مستشفى الهمشري، وهي محتارة من أين ستؤمن ثمن تكاليف علاج والدتها.
تناشد ابنة أم العبد بينما تعجز عن كبح دموعها أثناء حديثها، فاعلي الخير وأصحاب الأيادي البيضاء من أجل مساعدتها في تأمين تكلفة صورة دماغية لوالدتها، مضيفة أن الصورة غير متوفرة في مستشفى الهمشري ولا تغطيها وكالة الأونروا.
عائلة أم العبد من الأسر المتعففة اجبرهم مرض والدتهم على طلب المساعدة والعون من الناس.
تقول أم موسى لاجئة فلسطينية مهجرة من مخيم السبينة إلى مخيم عين الحلوة، إن زوجي احتاج لإجراء عملية تفتيت حصى بالكلية، توجهنا إلى إحدى المشافي في صيدا للمعاينة ومعرفة تكلفة العملية، حيث اخبرتنا إدارة المستشفى بأن تكلفة العملية 15 مليون ليرة لبنانية، مثبتة بفاتورة نظامية.
قمنا على الفور بتوجه إلى مركز الأونروا للحصول على تحويل لتغطية التكاليف من الأونروا، لكن استدعت الحالة التأخير لمدة شهر وبعدها وجب علينا أن نعيد المعاملة من البداية والحصول على كشف فاتورة جديد من المستشفى، لنتفاجئ بأن التكلفة أصبحت 85 مليون، بعد أن كانت التكلفة قبل شهر 15 مليون وهو ما لا قدرة لنا على دفعها، حتى لو حصلنا تغطية بنسبة 60٪ من وكالة الأونروا.
أما أم خالد لاجئة فلسطينية مهجرة من ريف دمشق إلى مخيم برج البراجنة في بيروت، التي تعرضت ابنتها آلاء 15 عاماً لحادثة سقوط المروحة السقفية على وجهها وهي نائمة، تسببت في جرح كبير وكسر في فكها السفلي، مما الزمها القيام بعمل جراحي عاجل ويجب عليها تأمين ثمن جهاز معدني لتثبيت كسر الفك تكلفته 2500$
أم خالد تلك الإنسانة الصابرة المعيلة إلى اسرتها تعمل في تنظيف المنازل ومدخولها السنوي لا يكفيها لتحمل مثل هذه التكاليف.
من جانبه أشار أبو المعتصم بالله شعبان ناشط اغاثي، إلى أن العائلات الفلسطينية السورية في لبنان تشهد مأساة صحية لا مثيل لها خلال السنوات السابقة، حيث يصعب على معظم هذه العائلات تأمين كلفة الاستشفاء، لافتاً إلى أنه يصله يومياً مناشدات عديدة لمرضى فلسطينيين سوريين غير قادرين على تأمين ثمن علاجهم أو شراء الأدوية.
وعزا شعبان أسباب تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية المزرية للأسر الفلسطينية السورية في لبنان، وحالة الفقر المدقع التي وصلوا إليها، إلى هشاشة أوضاعهم القانونية وحرمانهم من حقهم في التنقل والعمل، وكذلك تقليص المساعدات المالية والإغاثية المقدمة لهم من قبل وكالة الأونروا، وامتناع الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية من تقديم يد العون لهم، منوهاً إلى أن ما تتكفل به منظمة التحرير من تغطية للعمليات الجراحية لا يتعدى نسبة 5٪ من التكلفة الإجمالية.
داعياً الجهات الممثلة للفلسطينيين والمؤسسات الخيرية في لبنان إلى التعاون مع أصحاب الأيدي البيضاء وإنشاء صندوق تكافلي يغطي الحالات الصعبة والتي يصعب عليهم دفع مصاريف العلاج، آملناً أن تلقى مناشدته آذان صاغية لرفع المعاناة عن أبناء شعبنا في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان كافة.
في السياق، لايزال الاستشفاء يُشكّل أحد أبرز التحديات والمشكلات التي واجهها المهجّرون الفلسطينيون السوريون والسوريون في لبنان، فيما لا تزال المعاناة من نقص الخدمات الاستشفائية كبيرة، خصوصاً بعد ضعف نشاط المنظمات والهيئات المحلية والطبية؛ بحجة عدم وجود موارد مالية، وصعوبة تأمين العلاج لمئات اللاجئين