بينما حكومة نتنياهو تترنّح العدّ التنازلي لانهيار
2024-06-20
محمود بري
"انتصار" نتنياهو الدموي باسترجاع أربعة من الأسرى وإلحاق أضرار بعضها مميت بأسرى آخرين، بحسب إعلان الناطق باسم "حماس"، يزيد صورة الوضع العام في الكيان تعقيداً؛ فبدلاً من أن تؤدي العملية إلى تخفيف الضغوط الداخلية على نتنياهو، أعادته ومعه الكيان إلى المربع الأول.
ثمة مشكلة كبيرة في "البلاد"، بحسب المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور، وما جرى لا يحلّها، بخاصة مع وجود 120 أسيراً في قبضة حماس، في حين أن استقالة الوزراء الثلاثة في مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس وغادي آيزنكوت وحيلي تروبير، لم تخفف الضغوط والعزلة الدولية، بل ضاعفتها، ولم تحل المشكلات الداخلية والاقتصادية، ولم تشجع المتدينين على الالتحاق بالجيش.
صحيح أن إسرائيل" لم تعترف بغير مقتل القائد القائد أرنون زامورا، كبير المفتشين وقائد فرقة في وحدة "اليمام" في الشرطة خلال العملية، واستقالة قائد فرقة غزة العميد آفي روزنفيلد، لكن حماس لم تقل كلمتها بعد، ولم تكشف خسائر العدو بالأسماء والصفات والرتب، وحفلة العلاقات العامة وعمليات الطبل والزمر التي أطلقها نتنياهو "احتفاءً" باستعادة امرأة وثلاثة رجال لم ترفع أسهمه في الداخل، إذ لم تبلغ نسبة الذين أعلنوا تأييدهم بقاءه في منصبه أكثر من 15% من الإسرائيليين.
يحدث ذلك بينما تصل البلاد إلى "مفترق طرق تاريخي مصيري يحتّم علينا قبول مقترح بايدن"، حسبما نقلت "إسرائيل هيوم" عن المسؤول السابق في الموساد الإسرائيلي حاييم تومر. أما ناحوم برنياع، نائب رئيس الموساد للاستخبارات والوظائف الخاصة، والرئيس المُعين للجهاز خلفاً ليوسي كوهين، والذي يعمل اليوم محللاً سياسياً في "يديعوت أحرونوت"، فاستنتج أن عملية النصيرات "ذكرتنا بمحدودية القوة...
إذ إن استعادة الرهائن الأربع لم تغير واقع إسرائيل" الإستراتيجي المتأزم... ففي غزة، يوجد الآن قرابة 120 مخطوفاً، نصفهم تقريباً، بحسب تقديرات "الجيش، على قيد الحياة. ولا توجد طريقة لتخليصهم جميعاً، ولا حتى معظمهم، بعمليات عسكرية. وإذا كان هناك شخص ما يؤمن بأن العملية العسكرية الأخيرة ستعفي الحكومة من صفقة، فإنه يعيش في الخيال".
ويختم برنياع معتبراً أن "العملية العسكرية لم تحل أياً من المشكلات التي تواجهها إسرائيل منذ 7 أكتوبر؛ لا المشكلة في الشمال، ولا المشكلة في غزة، ولا المشكلات العديدة التي تهدد إسرائيل في الحلبة الدولية".
يحصل ذلك بينما تواصل الحكومة الغوص في البئر التي حفرتها لنفسها؛ فمن المستحيل تأييد الصفقة واستمرار القتال في الوقت نفسه. ووفقاً لمحلل الشؤون الاستخباراتية في "أحرونوت"، رونين بيرغمان، فإن "عملية النصيرات أشعلت ضوءاً أحمرَ لدى المسؤولين الأمنيين... ولئن أثارت شعوراً إيجابياً لدى الجمهور، إلا أنه شعور خادع، وسيترجم إلى الاستنتاج الأكثر بعداً عن الحقيقة، كأنّ نجاح العملية العسكرية سينعكس على مصير جميع المخطوفين، وهذا بكل بساطة ليس صحيحاً".
"الحكومة تخلت عن إسرائيل ويجب استبدالها... وما يحترق في الشمال ليس المستوطنات فقط، بل الردع الإسرائيلي والشرف الإسرائيلي أيضاً".
هذا ليس تصريحاً لحركة "حماس" ولا لقائد ميداني في المقاومة الإسلامية، بل هو لزعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد الذي وصف حكومة نتنياهو بأنها "حكومة الفوضى الكاملة"، فمعها لم يتغير شيء؛ لا الوضع في الشمال، وهو على شفا فقدان السيطرة، ولا حقيقة اليوم التالي، ولا مشكلة الذخيرة، ولا قوائم المقاطعة التي يتم إدخال "إسرائيل" إليها بوتيرة متصاعدة، ولا مشكلة المخطوفين. كذلك، لم تقلص العملية العسكرية بشكل كبير أوراق المساومة الموجودة بأيدي حماس. وحتى لو كان لديهم 10 جنود ومواطنين فقط، فبإمكانهم مبادلتهم بآلاف الأسرى، ولا يزال لديهم أكثر من ذلك بكثير.
""إسرائيل أسيرة "المأزق الاستراتيجي"، كما عنونت الأخبار اللبنانية. وبالتالي، فالحقيقة باتت واضحة: ليس أن الصورة العامة على خلفية مذبحة النصيرات لم تتغير، بل إن العدّ التنازلي لانهيار "إسرائيل" بدأ، والعبارة لـ"هآرتس".