فشل الكنيست الإسرائيلي مساء اليوم الاثنين، بتوفير أغلبية لإطاحة النائب عوفر كسيف من حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، على إثر تأييده الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وتتهمها فيها بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
وصوّت 85 نائباً لصالح القرار الذي كان يحتاج إلى 90 صوتاً من أصل 120 يشكّلون عدد نواب الكنيست، وعارضه 11، فيما تغيّب نواب آخرون عن الجلسة.
وقال كسيف في خطابه في الهيئة العامة للكنيست قبل التصويت: "ما وراء الكذب الذي يعتمد عليه طلب العزل، هو ملاحقة سياسية وإخراس كل الأصوات المعارضة وكل المواطنين العرب وممثليهم في الكنيست، خاصة عندما يكون الهدف النهائي هو إقصاؤهم بشكل كامل عن الحيز العام والحيز السياسي".
وأضاف: "حتى لو افترضنا أن توقيعي لا يزال يتضمن تصريحاً بأن الحكومة الإسرائيلية ترتكب إبادة جماعية في غزة، فهل هذا والدعوة إلى إنهاء الحرب يدعمان "حماس" أو كفاحها المسلح، كما يقتضي قانون العزل؟".
وتابع كسيف: "أهم قيمة قادتني نحو هذا التوقيع هي قيمة الحياة. ففي نهاية المطاف، تطالب العريضة بشكل أساسي بوقف الحرب ووقف إراقة الدماء. كيف يمكن للمرء أن يظل غير مبالٍ بمقتل عشرات الآلاف من المدنيين، بمن فيهم أكثر من 10 آلاف طفل؟ كيف يمكن للمرء أن يصم الآذان عن الدمار والخراب الرهيب في غزة؟"، معتبراً أن "وقف الحرب ليس مجرد عمل أخلاقي أساسي من أجل مواطني غزة، وبالطبع من أجل إطلاق سراح المختطفين، ولكنه أيضاً الأمر الصحيح لنا جميعاً".
وأضاف: "مناهضة الحرب ليست فقط من أجل كوننا مجتمعاً أخلاقياً، ولكن أيضاً من أجل سلامنا وأمننا"، على حدّ تعبيره.
ويسمح قانون أساس الكنيست للهيئة العامة بعزل نواب في حالة التحريض على العنصرية، أو دعم كفاح مسلح ضد إسرائيل، فقط.
وجاء طلب التصويت على عزل كسيف من قبل النائب عوديد فورير، من حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان.
وحاول حزب "إسرائيل بيتنا" الأسبوع الماضي، ممارسة ضغوط على رئيس المعارضة وحزب "يش عتيد" يئير لبيد، والوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، ورئيس حزب "المعسكر الرسمي" من أجل التصويت مع قرار الإطاحة به، بحجة أن كسيف "داعم للإرهاب"، لكن معظم أعضاء الحزبين تغيّبوا اليوم عن الجلسة.
وأشارت نقاشات جرت في لجنة الكنيست في الأسابيع الأخيرة، إلى أن الطلب الذي تقدّم به النائب فورير لا يتلاءم مع قانون العزل الذي وضع عام 2016. وفي كلّ الحالات، حتى لو تم التصويت على عزل كسيف اليوم، كان يمكنه التوجّه إلى المحكمة العليا ضد القرار، والتي قد تقوم بدورها بإلغائه.
ويأتي تصويت الهيئة العامة بعد أن صوتت اللجنة البرلمانية في الكنيست الإسرائيلي، في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، لصالح عزل النائب عوفر كسيف لتأييده دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
وقال الكنيست في تصريح مكتوب إنه "تم إجراء تصويت اللجنة في ختام نقاش ساخن استمر على مدى يومين، وأيد 14 عضواً الطلب، وصوت اثنان ضده".
وسبق أن حذّرت جهات إسرائيلية عدة من أن عزل كسيف يمسّ بحرية التعبير لدى أعضاء الكنيست.
وفي السياق، أكّدت كتلة "الجبهة والعربية للتغيير"، في بيان لها عقب انتهاء التصويت، أن "فشل محاولات نواب اليمين بالإطاحة بالنائب التقدّمي عوفر كسيف هو انتصار للحق وللشرعية، ولإرادة الجماهير التي يمثلها كسيف وخطه المشرف".
كما أضافت الكتلة أن "مجرد طرح قانون كهذا لعزل نائبٍ عبّر عن رأيه، سابقة خطيرة كان من المفترض ألا تكون من الأساس".
وأكدت الكتلة أنه "على الرغم من تصويت الكنيست ضد هذا القرار إلا أنه تم إسقاطه بشق الأنفس، وهذا دليل على أن الجو الديمقراطي في البلاد في خطر حقيقي بسبب سياسات اليمين المتطرف".