الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 30/1/2024 العدد 922
2024-01-31
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
عن "يديعوت أحرونوت"
كــــيـــف نـــــردّ علــى محكـــمـــة لاهــــاي؟
بقلم: غيورا آيلند
أعطت المحكمة الدولية في لاهاي شهراً للرد على ادعاءاتها، ولدي توصيتان للمحافل الإسرائيلية التي يفترض بها أن تجيب: ألا تدخل فقط في تفسيرات قانونية بل أن تستغل الفرصة وتعطي تفسيرات سياسية عسكرية وألا تكون في مزاج دفاعي بل العكس.
هذه الأمور يفترض بها أن تجد تعبيرها في ثمانية أقوال:
أولاً، الرواية. بخلاف الفرضية الكامنة (لدينا) وكأن غزة هي أرض محتلة، وبخلاف القول الصريح (من جانبنا) بأن الحرب هي ضد حماس فغزة أصبحت دولة قبل 17 سنة (توجد لها كل مزايا الدولة المستقلة)، وعليه فإن ما حصل في 7 أكتوبر هو أن دولة غزة شنت حرباً ضد إسرائيل، قتلت نحو 1200 شخص واختطفت نحو 240 آخرين.
ثانياً، رغم أن غزة هي دولة بحكم الأمر الواقع، فإن الأسرة الدولية، وأساساً الأمم المتحدة، قبلت عملياً رواية حماس بأنه لما كان 75 في المئة من سكان غزة هم "لاجئون"، فليس من مهمة دولة غزة أن توفر للسكان تعليماً أو صحة بل هي مهمة الأمم المتحدة "الأونروا". هذه الحقيقة سمحت لحكومة غزة بتقليص كل مقدرات الدولة (من جباية الضرائب، التبرعات والتهريبات) في صالح بناء قوة عسكرية، في ظل الاستناد إلى جهة أخرى تهتم بالمواطنين.
ثالثاً، القدرات العسكرية التي بنيت في غزة هي قدرة دولة قوية. اصطلاح "منظمة إرهاب" لم يعد ذا صلة، كان صحيحاً قبل عشرات السنين عندما لم تكن منظمات الإرهاب إلا بضع مئات من المقاتلين والسلاح الشخصي. أما اليوم، فإن القدرات العسكرية التي بنيت سواء في غزة، ولبنان أو في اليمن فهي ليست قدرة دولة بل وتعتمد أيضاً على كل مقدرات الدولة ومؤسساتها، مثل كوريا الشمالية بالضبط.
رابعاً، شددت رئيسة المحكمة في لاهاي، في أقوالها على أن مؤسسات تعليم وصحة كثيرة دمرت في غزة.
بالتأكيد دمرت، إذ إنها كلها استخدمت كمخازن لوسائل قتالية أو كأماكن إنتاج للصواريخ. وعليه، فمن الواجب استخدام هذا الموضوع ومواصلة اتهام "الأونروا" بخيانة غايتها.
خامساً، في الحرب بين الدول صحيح ومرغوب فيه، حسب القانون الدولي أيضاً، خلق حصار على الطرف الآخر لأجل استسلامه ويتضمن الأمر أيضاً التجويع حتى الموت لمقاتلي الطرف الآخر شريطة السماح للمواطنين بحلول مثل "ممرات إخلاء". لا لإدخال الغذاء، بل لخروج المدنيين.
هذا مثلاً هو الأمر الصحيح عمله اليوم في شمال القطاع. أكثر من هذا لا يوجد أي مادة في القانون تلزم دولة ما بأن تقدم مساعدة لدولة عدو (بالتأكيد ألا تزودها بالوقود).
في أقصى الأحوال وحتى هذا مشكوك فيه يمكن مطالبتها ألا تمنع توريد الغذاء من جانب دولة ثالثة.
سادساً، عندما سن "قانون المواجهة المسلحة" كان معروفاً أن هناك دولاً تمس بوحشية بسكان دولة أخرى، لم يكن ممكناً تخيل أن حكومة دولة ما، لغزة في هذه الحالة، ليس فقط ألا تهتم بمواطنيها وألا تفرق عند الحصار بين المقاتلين والمدنيين، كما يفترض القانون، بل أيضاً تبذل جهداً أعلى كي يقتل مواطنوها.
سابعاً، من ناحية مهنية ومقارنة بكل حرب أخرى فإن عدد القتلى المدنيين في غزة متدنٍ إذا أخذنا بالحسبان نسبة القتلى المقاتلين مقابل المدنيين، حقيقة أن غزة هي الهدف الأكثر تحصناً في تاريخ الحروب، العدو الذي يفعل كل شيء كي يقتل مواطنوه، الوضع الذي يقتل فيه كثيرون بنار فاشلة لصواريخ أو من بيوت مليئة بمواد متفجرة وأن الكثير من "المدنيين" الذين قتلوا هم عملياً مقاتلون بلباس مدني.
ثامناً، القانون يعترف بأن مدى المس بمدنيي العدو يجب أن يكون متوازناً مع أهمية المهمة. المهمة التي هي أيضاً مهمة للغاية، أخلاقية للغاية وإنسانية للغاية هي إعادة المخطوفين، ولأجل تحقيقها صحيح هو محق خلق ضغط بالحد الأقصى على الطرف الآخر.
---------------------------------------------
إسرائيل اليوم 30/1/2024
وقــت التمــرّد علـى محكـــمــة لاهــــاي
بقلم: آفي برئيلي
ثمة مجال للجدال في مسألة إذا ما كان يتعين على إسرائيل أن تمثل أمام المحكمة الدولية في لاهاي.
لا بد أن نتنياهو أخطأ خطأ جسيماً (وبشكل يتميز به) في قراره أن يرسل إلى هناك قاضياً مثل أهرون باراك، الذي يتبنى فكرة تقديس سيادة الشعب.
باراك، كعادته، أيد إلزام إسرائيل بتوسيع المساعدات للسكان في غزة، دون شروط. لكن حتى لو لم تدافع الحكومة عن نفسها في لاهاي، وقاطعت البحث بالحجة المحقة في أن المحكمة ملزمة بأن تشطب شطباً تاماً الاتهام الحقير الذي وجه لإسرائيل. إنه سيكون لقرارها تداعيات سياسية داخلية سلبية في زمن الحرب، وكانت وحدتها ستتضرر.
في مثل هذه الحالة من شبه المؤكد أن يكون قرار المحكمة مناهضاً لإسرائيل بشكل مباشر وحاد، وبدلاً من الاحتجاج ضده، الوسط – اليسار بمن في ذلك ممثله الرئيس في الحكومة بيني غانتس كان من شأنه أن يقتحم جبهتنا ويتهم الأغلبية في الحكومة بهذا القرار.
كانت الوحدة ستتضرر في زمن الحرب.
في هذه القضية أيضاً انكشف كيف يضعف الوسط – اليسار إسرائيل اليوم: مراعاته أضعفتنا أمام المحكمة في لاهاي، لكن عدم مراعاته كانت ستضعفنا أكثر فأكثر. مع ذلك، علينا الآن أن نرفض طلب المحكمة بأن نرفع التقارير لها عن أعمالنا. القضية هي مفترق مهم في المحاولة المتواصلة من "الأسرة الدولية"، الاصطلاح الوهمي الذي ابتدعه المنظرون، لفرض القانون الدولي على الدول القومية من خلال مؤسسات غير ديمقراطية، كالأمم المتحدة أو المحكمة في لاهاي.
من الصعب فرضه على دول قوية، فما بالك على قوى عظمى. الإخفاق الأخير وقع في هجوم روسيا الأخير على أوكرانيا.
فلا مجال للتوقع بأن تتمكن المحكمة في لاهاي من أن تدافع في المستقبل عن تايوان في وجه الصين. كما أنها بالتالي لن تتمكن من الدفاع عنا، عند الحاجة في وجه الحليف العدواني لهذه القوى العظمى، إيران.
بالمقابل، فإن إسرائيل هي هدف مريح لأعضاء "الأسرة الدولية". من جهة هي تعاني من عزلة بنيوية تضعفها لأن المنطقة التي تعيش فيها تعاديها ولأنها تعاني من لاسامية من مصادر إسلامية، مسيحية وعالمية، بما في ذلك لاسامية ذاتية من يهود "تقدميين".
بالمقابل، هي دولة قومية كديمقراطية بارزة، متجذرة في المصادر التوراتية للقومية وفي الحركة الحديثة للتحرر القومي. لهذا فهي حالة اختبار مهم للساعين إلى اقتلاع السيادة الشعبية الديمقراطية للدول القومية أو على الأقل إضعافها جداً. من السهل أكثر مهاجمتنا عند الضائقة، حين نكون نقاتل في سبيل أرواحنا، وتوجد قيمة مضافة خاصة في إخضاع إسرائيل بسبب مكانتها الرمزية المهمة في العالم الإسلامي، اليهودي والمسيحي. لكن في الصورة المتكدرة، توجد أيضاً أضواء.
"العولمة" في الاقتصاد وفي العلاقات الخارجية كانت تستند أيضاً إلى تسليم عالمي لأنظمة القمع والشر.
وبدلاً منها تتطور مواجهة بين كتلتي القوى العظمى الديمقراطية وبين روسيا والصين.
من المتوقع أن تتسع محاولات هاتين الدولتين لأن تجندا إلى جانبهما أنظمة بربرية مثل النظام الإيراني.
في مثل هذا الوضع سينكشف العبث الكامن في تقديم إسرائيل لمحاكمة قضاة مثل كوريل غافوريغيان من روسيا أو نواف سلام من لبنان.
إن خوف السويد من روسيا مثلاً سيزيد ميلها إلى جانب "ضحايا الاستعمار"، المزعوم.
كلما تعمق الصراع بين العالم الديمقراطي (وليس بالذات "الغربي" إذ إنه يضم أيضاً دولاً مثل الهند، اليابان وكوريا الجنوبية) وبين دول كروسيا والصين ومجروراتهما، فإن العالم الديمقراطي لا يمكنه أن يسمح لنفسه بأن يكون خاضعاً لإمرة خصومه القمعيين.
إسرائيل يمكنها ويجب عليها أن ترسم للعالم الديمقراطي كله الطريق، أن تتمرد على الزيف الذي في مؤسسات الأمم المتحدة مثل "الأونروا" والمحكمة في لاهاي. فهي تدعي أنها تراقبنا بينما نحن ندافع عن أنفسنا وعملياً تمنعنا من اقتلاع الشر النازي الذي نما على حدودنا برعاية "الأسرة الدولية".
أن نخضع أنفسنا لإمرة القانون الدولي، لكن ألا نسمح لرقابة فاسدة ومتحيزة من المحكمة الدولية. يوجد احتمال جيد أن نتمكن من أن نجند لمثل هذا التمرد دعماً دولياً.
--------------------------------------------
هآرتس/ذي ماركر 30/1/2024
منظمة الشفافية الدولية: إسرائيل تهبط في جدول الفساد العالمي
بقلم:شيرا مايكين
تدهورت إسرائيل في جدول الفساد العالمي وتراجعت إلى المرتبة 33 في تصنيف الدول للعام 2023، بعد أن كانت في المرتبة الـ 31 في العام 2022 حيث سجلت قفزة مبهرة لأول مرة منذ سنين. فمحاولة الحكومة برئاسة نتنياهو، المس باستقلالية المحاكم وبحماة حمى الديمقراطية هي أحد الأسباب الأساسية للهبوط في علامة إسرائيل، التي كانت في ميل انخفاض حتى 2022 – سنة حكومة التغيير برئاسة نفتالي بينيت ويئير لبيد.
جدول الفساد العالمي الذي تتخذه منظمة الشفافية الدولية يصنف كل سنة 180 دولة وفقاً للشكل الذي تعتبر فيه فاسدة من قبل رجال الأعمال والأكاديميين والخبراء في أرجاء العالم. حظيت إسرائيل بعلامة 62 (من أصل 100 نقطة) في جدول 2023، مقابل علامة 63 في جدول 2022 وعلامة 59 في جدول 2021. مستوى 50 نقطة فما دون تسمى “الخط الأحمر”، ومنه فما دون دول تعد فاسدة.
“الحصانة القومية لإسرائيل تتطلب حرصاً على سلوك الدولة كديمقراطية جوهرية تقصي عنها ظواهر فساد سلطوي”، قالت القاضية المتقاعدة نيلي أراد، رئيسة جمعية الشفافية الدولية- فرع المنظمة في إسرائيل. وتظهر أراد أن السبب المركزي لتخفيض علامة إسرائيل في 2023 هو “جهود محافل الحكم لإضعاف استقلالية جهاز القضاء والتشكيك بمكانة حماة الحمى”.
وعلى حد قول أراد، فإن الكفاح المدني الواسع حماية للديمقراطية أعفي من تخفيض أكبر لعلامة إسرائيل. وقالت “علينا أن نحرص على حماية القيم الأساس للديمقراطية الجوهرية في إسرائيل من كل ضر، وبخاصة ما يتعلق باستقلالية جهاز القضاء”.
الدنمارك أولى، والولايات المتحدة تراوح في المكان
لم تتلق أي دولة علامة 100 في جدول 2023. وجاءت الدنمارك في المرتبة الأولى مع علامة 90 للسنة الثانية على التوالي، ثم فنلندا مع علامة 87 ونيوزيلندا مع 85 – العلامة الأدنى في تاريخها. أما الولايات المتحدة فتواصل المراوحة في المكان، إذ حصلت على علامة 69 للسنة الثانية على التوالي. هبطت فرنسا إلى علامة 71 وألمانيا إلى 78. وحتى تشيلي، وتايوان، والإمارات، وسيشل، تصنف في مراتب أعلى من إسرائيل؛ أي أنها أقل فساداً.
وحسب المنظمة الدولية، فإن الدول التي تعد فاسدة في جدول 2023 – وبينها إيران، وروسيا، وتركيا، وهنغاريا والصين، تعاني بشكل خطير من فساد سلطوي ومن تنكر لقيم الديمقراطية الليبرالية، وأساس تعابيرها المس بحقوق الإنسان وباستقلالية جهاز القضاء وجعله جهازاً سلطوياً، وإضعاف حماة الحمى، وتقييد الإعلام الحر لدرجة السيطرة على أعماله. ويحذر كُتّاب التقرير من أن الميل العالمي لإضعاف جهاز القضاء يسمح بفساد الازدهار، وليس صدفة أن تلقت بضع دول العلامات الأدنى في تاريخها هذه السنة، وبينها إيران (24)، وروسيا (26)، وهنغاريا والصين (42).
--------------------------------------------
معاريف 30/1/2024
بات هدفاً ثالثاً للحرب.. إسرائيل: “فيلادلفيا” أمننا ولن نودعه دولة أخرى
بقلم: العقيد احتياط دافيد حاخام
بعد أكثر من ثلاثة أشهر من بدء الحرب ضد حماس في القطاع، لم تسيطر قوات الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا. بتحليل عسكري – مهني لصورة الوضع في الميدان، كان يفترض باحتلال خط الحدود الذي يمتد 14 كيلومتراً، الذي يفصل بين القطاع ومصر، أن يكون هدفاً استراتيجياً مهماً وعظيم القيمة وفي أولوية عالية.
إن امتناع الجيش الإسرائيلي عن السيطرة على المحور في مراحل مبكرة من الحرب، خصوصاً في ضوء الاضطرارات حيال مصر، هو اليوم بمثابة خطأ قد يجبي من إسرائيل ثمناً باهظاً في سياق الطريق. ومحاولة إصلاح ذلك في التوقيت الحالي، ونحن في مراحل متقدمة من الخطوة العسكرية، ستكون إشكالية جداً على التنفيذ، وبخاصة في ضوء الاحتشاد العظيم لنحو مليون فلسطيني نازح في مخيمات مؤقتة في أرجاء رفح. إضافة إلى ذلك، فأي وجود إسرائيلي عسكري على طول المحور، يجب أن يكون هدفاً ضرورياً يلزم الحكومة بالعمل على تحقيقه في جدول زمني قصير قدر الإمكان.
أعرف محور فيلادلفيا جيداً من عهد خدمتي في قطاع غزة، تجولت على طوله مرات عديدة حتى قبل اندلاع الانتفاضة الأولى في كانون الأول 1987 وبعدها أيضاً. في أثناء الانتفاضة الثانية، كان محور فيلادلفيا ساحة معركة دارت فيها أعمال إرهابية مكثفة ضد قوات الجيش الإسرائيلي. عقب التنفيذ أحادي الجانب لخطة فك الارتباط في 2005، فتح المصريون معبر رفح كمعبر حركة وتجارة.
في إطار خطة فك الارتباط، اتخذت إسرائيل قراراً بنقل محور فيلادلفيا إلى مسؤولية مصر. ووقع اتفاق في المفاوضات بين الدولتين يسمح لمصر بنشر شرطة حرس الحدود على طوله 750، وأخلته قوات الجيش الإسرائيلي نهائياً في أيلول 2005.
باتت السيطرة على محور فيلادلفيا من أهداف إسرائيل في حربها، فهي تستهدف منع وإحباط محاولات محتملة لتهريب مخطوفين إسرائيليين إلى خارج القطاع، وتسليمهم إلى حماس وعناصر جهادية في سيناء. مثل هذا السيناريو الكابوسي يلقي على إسرائيل مسؤولية مصيرية لاتخاذ كل الوسائل لمنعه. كما تنشأ السيطرة الإسرائيلية على المحور في أقرب وقت ممكن من الحاجة لكشف وتدمير أنفاق التهريب العاملة على طوله. إلى جانب ذلك، فإنها تستهدف منع وإحباط محاولات محتملة لهروب وفرار مسؤولين كبار في قيادة حماس أو نشطاء عاديين، إلى خارج قطاع غزة.
تفيد تجربة الماضي بأن إسرائيل ملزمة بالاعتماد على نفسها. ولا يمكنها أن تودع حراسة مصالحها الأمنية الحيوية في أيدي الآخرين. من هنا يجب أن يكون لقوات الجيش الإسرائيلي وجود قدم على الأرض في مجال محور فيلادلفيا. واضح أن سد المحور يستوجب تنسيقاً وتعاوناً مع مصر، التي تعارض اليوم بشدة الوجود الإسرائيلي العسكري على طول المحور. في هذه الظروف، إسرائيل ملزمة بالعمل حيال مصر في قنوات سياسية – أمنية كي تصل إلى تفاهمات تسمح للطرفين بالعيش المشترك في المنطقة.
في عصر ما بعد الحرب، يجب على إسرائيل ضمان وجود سيطرة عسكرية على طول محور فيلادلفيا. هذا هدف ضروري بأن كل مخطط آخر لضمان المحور قد يسحق إنجازات الحرب ويضيعها هباء.
---------------------------------------------
هآرتس 30/1/2024
من يقرر استراتيجية المنطقة.. طهران أم واشنطن؟
بقلم: تسفي برئيل
بعد أقل من يوم على مهاجمة قاعدة للجيش الأمريكي في شمال شرق الأردن من قبل مليشيات مؤيدة لإيران، تسببت بموت ثلاثة جنود أمريكيين، هوجمت قاعدة أخرى شمالي سوريا بعدة قذائف أطلقتها المليشيات. في الوقت نفسه، تستمر هجمات الحوثيين على وسائل الملاحة التجارية وعلى سفن التحالف البحري في البحر الأحمر، رغم الهجمات الأمريكية على قواعد الحوثيين في اليمن. وعد الرئيس الأمريكي أول أمس بأن بلاده سترد بقوة وسريعاً على الهجمات. في الوقت نفسه، أعلن المتحدث بلسان البيت الأبيض، جون كيربي، أن الولايات المتحدة لا تريد توسيع المعركة أمام إيران، وأبلغ عن محادثات في باريس بمشاركة رؤساء أجهزة المخابرات بهدف التوصل إلى صفقة جديدة لإطلاق سراح المخطوفين.
تجد واشنطن نفسها في حرب ثانوية، ثابتة ومرهقة، أمام تنظيمات ومليشيات وليس أمام دول. تتسبب الحرب بأضرار كبيرة لاقتصاد دول المنطقة، التي أدركت أن استعراض الردع الأمريكي لا يحقق أي نتائج حقيقية. بعض الدول، من بينها مصر والسعودية والإمارات، بدأت في خطوات “خاصة”، غير منسقة مع الولايات المتحدة، ليس فقط مع التنظيمات، بل أيضاً مع إيران. أول أمس، نشر موقع “العربي الجديد” أن رجال مخابرات من مصر توجهوا لقيادة الحوثيين وطلبوا منهم الاكتفاء بهجمات متفرقة تُوجه فقط ضد السفن التي لها علاقة بإسرائيل، إعلان نيتهم المس بهذه السفن فقط. وطلبوا منهم أيضاً تقديم ضمانات علنية بألا يتم المس بالسفن الأخرى. وهو طلب من أجل تقليص حجم الأضرار التي أصابت الملاحة في البحر الأحمر، بالأساس مصر، بعد أن انخفضت حركة الملاحة في قناة السويس 40 في المئة تقريباً. وحسب التقرير، رفض الحوثيون هذا الطلب رغم أن إيران كانت مشاركة في المحادثات، وأن مصر ليست عضوة في التحالف البحري الذي شكلته الولايات المتحدة لضمان الملاحة في البحر الأحمر.
السعودية من ناحيتها، تواصل القيام بخطوات دبلوماسية تهدف للمضي باتفاق السلام بينها وبين اليمن الحوثي، هذا بعد أن تم التوصل إلى خطة متفق عليها تسمح باستخدام كامل لميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، والذي كان تحت الحصار طوال سنوات الحرب، وأيضاً تشغيل مطار صنعاء. إضافة إلى ذلك، تشمل الخطة مساعدات اقتصادية من السعودية تضم دفع الرواتب التي يجب على حكومة اليمن الرسمية أن تدفعها لموظفيها العاملين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. هذا الاتفاق غير النهائي يوفر للسعودية اليوم مظلة حماية من هجمات الحوثيين، والافتراض أن إيران، التي أعلنت أنها غير مسؤولة عن نشاطات الحوثيين ونشاطات المليشيات المؤيدة لها، هي التي تعطي للسعودية الضمانات كي لا تتم مهاجمتها.
كانت الإمارات الدولة الأولى التي حمت ظهرها من هجمات الحوثيين. فقد سحبت قواتها من اليمن في نهاية 2019 ووقعت على عدة اتفاقات تعاون مع إيران، وفي صيف 2021 استأنفت العلاقات الدبلوماسية معها بالكامل. قطر حليفة قديمة لإيران، ليس فقط بفضل الشراكة بين الدولتين في حقل الغاز الأكبر في العالم، “فارس الجنوبي”؛ الذي وقعت الدولتان على اتفاق لاستمرار تطويره في أيار السنة الماضية بمبلغ 10 مليارات دولار. وقد كانت إيران وتركيا أنبوب الأوكسجين الرئيسي لقطر أثناء الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته عليها السعودية والإمارات ومصر والبحرين في العام 2017 والذي استمر طوال أربع سنوات.
غطاء العلاقات، الذي نسجته إيران مع دول الخليج، والذي كانت ذروته في آذار 2023 عندما استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع السعودية إلى جانب جس النبض لاستئناف علاقاتها مع مصر، يخلق حزام أمان يعتبر جزءاً من معادلة الردع التي تحاول الولايات المتحدة إقامتها بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة. والنتيجة أن أي عملية تنوي واشنطن القيام بها ضد إيران تواجه بحاجز الدفاع الذي توفره لها دول الغلاف العربية.
لميزان الردع هذا جوانب سياسية؛ فعندما قررت الولايات المتحدة مهاجمة قواعد المليشيات الشيعية في العراق، بعد أن هاجمت الأخيرة 150 هدفاً أمريكياً في سوريا والعراق منذ بداية الحرب، طلب رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني من الإدارة الأمريكية سحب الـ 2500 جندي أمريكي من العراق. وردت الولايات المتحدة في البداية أنها لا تنوي سحب قواتها، وأنها موجودة في العراق في إطار الحرب ضد “داعش”. ولكن عقدت السبت الماضي الجلسة الأولى للطواقم المهنية، العراقية والأمريكية، لمناقشة الجدول الزمني وترتيبات انسحاب القوات.
إذا تم الاتفاق على انسحاب القوات فسيعتبر هذا نجاحاً فعلياً للمليشيات المؤيدة لإيران ولإيران عموماً. وهذا قد يكون له تأثير على طلب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا أيضاً، حيث 900 جندي أمريكي. الولايات المتحدة تعمل في سوريا بالتعاون مع الأكراد كجزء من الحرب ضد “داعش”، وخلال ذلك تقدم الحماية للأكراد من توق سوريا لتعميق سيطرتها على الأقاليم الكردية في سوريا.
في شرنقة العلاقات هذه التي تقيد قدرتها على الرد الكامل والمباشر ضد إيران، تحاول واشنطن التفاوض مع طهران حول تهدئة المنطقة. في 8 كانون الثاني، قال السفير الإيراني في سوريا، حسين أكبري، في إحدى المقابلات، إنه “قبل عشرة أيام، بعثت الولايات المتحدة رسالة لإيران من خلال دولة خليجية، (لم يذكر اسمها) تفيد بأن واشنطن معنية بتسوية شاملة في المنطقة، وليس فقط التوصل إلى حلول جزئية”. إذا كانت هذه الأقوال صحيحة، لم يتم نفيها حتى الآن، فهي خطوة تتجاوز الرسائل المرسلة لطهران بواسطة سفارة سويسرا في طهران، والتي تمثل الولايات المتحدة. حتى الآن، تم نقل تحذيرات وتهديدات ضد أي تدخل عسكري إيراني في المنطقة.
وثمة تقارير أخرى تتحدث عن أن التدخل الدبلوماسي الكثيف من قبل السعودية وسلطنة عُمان وقطر، ينقل رسائل بين إيران والولايات المتحدة. فالسعودية تشارك أيضاً في العملية السياسية في لبنان بهدف إنقاذ الدولة من أزمتها السياسية والاقتصادية منذ 2019. يبدو أن الرياض تحولت إلى شريكة في الحوار مع طهران، وأنها ستكون مستعدة لتليين المواقف فيما يتعلق بحزب الله، ما دام هذا الأمر مطلوباً من أجل التوصل لمصالحة سياسية حول تعيين الرئيس وتشكيل حكومة جديدة في لبنان؛ ومن أجل تسوية قضية الحدود بين إسرائيل ولبنان بصورة تبعد تهديد مواجهة واسعة بين إسرائيل وحزب الله. المشكلة أن هذه التطورات، التي هي وليدة الحرب في غزة، جاءت لتجد الولايات المتحدة بدون خطة منظمة؛ فهي تلزمها بتحديد استراتيجيتها حسب ردود إيران ونشاطات المليشيات التي تخلق بواسطة الهجمات التكتيكية واقعاً سياسياً جديداً.
---------------------------------------------
إسرائيل اليوم 30/1/2024
الصفقة المقترحة.. حماس بحاجتها وإسرائيل أحوج
بقلم: يوآف ليمور
صفقة المخطوفين التي تلوح في الأفق ستثير خلافاً سياسياً عميقاً؛ فإسرائيل مطالبة بدفع أثمان باهظة، ولن تعيد كل المخطوفين إلى الديار.
تتضمن الصفقة المقترحة تحرير عشرات المخطوفين: نساء، وكبار في السن، ومرضى. بالمقابل، ستكون إسرائيل مطالبة بتحرير آلاف السجناء الفلسطينيين (حسب مفتاح، 100 سجين لكل مخطوف)، والموافقة على وقف نار طويل يمتد بالتراكم لنحو شهر ونصف، وزيادة كبيرة للمساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع. السجناء الفلسطينيون الذين سيتحررون لن يكون بينهم قتلة، كما أن إسرائيل لن تتعهد بوقف القتال وبانسحاب كامل من القطاع. وحسب وكالة “AFP” الفرنسية، فقد أفادت حماس بأنها تريد “وقف نار كاملاً وشاملاً” في غزة مع انسحاب.
للصفقة المقترحة فضلان بارزان: الأول، أنها تكسر أكثر من شهرين من الطريق المسدود في المفاوضات، وترسم مخططاً لإعادة بعض المخطوفين إلى الديار. والثاني أنها لا تمنع إسرائيل من العودة إلى الهدف المركزي الثاني للحرب – هزيمة حماس مثلما فعلت في نهاية الصفقة السابقة التي تحرر في إطارها 85 مخطوفاً إسرائيلياً.
وللصفقة نقيصتان بارزتان أيضاً: الأولى أنها تطرح ثمناً أعلى بكثير لقاء كل مخطوف (في الصفقة السابقة كانت النسبة 3 سجناء مقابل كل مخطوف)، وتلمح بارتفاع الثمن لاحقاً وسيفترض تحرير سجناء تلطخت أيديهم بالدماء، بهدف إعادة مزيد من المخطوفين. الثانية أنها تترك عددا كبيراً من المخطوفين في أيدي حماس، تستخدمهم لتحقيق أهدافها، وعلى رأسها حفظ حكمها.
تصريحات مقابل الواقع
موافقة إسرائيل المبدئية على الصفقة تدل على الضائقة التي علقت فيها الحكومة. بعد 116 يوماً من القتال، وبخلاف الآمال، لم تتمكن إسرائيل من رسم مخطط آخر لنفسها يمكنها من إعادة مخطوفين أحياء إلى البلاد في فترة زمنية معقولة. فالتصريحات بأن الضغط العسكري يدفع قدماً بقضية المخطوفين، لم تحقق نتائج: عملياً، مخطوفة واحدة فقط (اوري مجيدش) حررت في حملة عسكرية، بينما قُتل عدد أكبر بكثير من المخطوفين بنار الجيش الإسرائيلي أو أعدموا على أيدي حماس. هذا فضلاً عن خيبة أمل من تحقيق أي تصفية لبعض قادة حماس في هذه المدة.
إلى جانب الضغط الجماهيري المتزايد في إسرائيل، باتت الحكومة مطالبة بالحسم. وتقرر المضي بالصفقة بعد أن أوضحت محافل مهنية في الجيش و”الشاباك” من قبل أنها تعرف كيف تعود للقتال حتى في نهاية هدنة طويلة نسبياً. تعي إسرائيل بأن الصفقة ستعطي حماس وقتاً طويلاً للانتعاش وترميم بناها التحتية وأطر القتال التي تضررت. ينبغي الاعتراف بأن الجيش الإسرائيلي يحتاج أيضاً إلى الانتعاش: قسم من الوحدات متآكل، كما أن الآليات بحاجة إلى المعالجة. وستسمح الهدنة بتسريح مزيد من رجال الاحتياط وتقليص العبء الثقيل على المرافق الاقتصادية.
ستطرح الهدنة الطويلة معاضل أخرى، أهمها مسألة إعادة سكان الجنوب إلى بيوتهم. وفي ظل غياب القتال والتهديد على الجبهة الداخلية، ليس معقولاً الإبقاء على عشرات آلاف الإسرائيليين في حالة لجوء لفترة زمنية طويلة بهذا القدر. وهذا سيلزم الحكومة أن تتصرف بشجاعة، وتقول للسكان إنه من المحتمل إطلاق صواريخ من غزة، وإن بوتيرة أقل.
في أثناء الهدنة التي أحاطت صفقة المخطوفين السابقة، أوقف “حزب الله” النار أيضاً في الشمال. ربما يتصرف هكذا الآن أيضاً، كونه أعلن بأن حربه تأتي تضامناً مع غزة. وهذا سيتيح إعادة معظم سكان الشمال إلى بيوتهم، باستثناء البلدات التي تلامس الحدود اللبنانية. قد تستغل إسرائيل هذه المهلة الزمنية لمحاولة الوصول إلى اتفاق يبعد “حزب الله” عن الجدار، وإذا فشلت، فستجمع شرعية لمعركة عسكرية واسعة ضد المنظمة في المستقبل.
ستشدد الصفقة المطروحة الخلاف السياسي في الحكومة وبين الجمهور. من جهة، النهج القائل إن للحرب زمناً، وربما سنين، في حين زمن المخطوفين محدود وينفد باستمرار، ويجب العمل على تحريرهم فوراً.
أما النهج القائل بوجوب مواصلة ضرب حماس، حتى تقويضها قبل قضية المخطوفين، فهؤلاء متخوفون أن تكسب حماس وقتاً وتستجمع قواها، وتفقد إسرائيل طاقة وشرعية تبقى بدون كل المخطوفين وبدون تقويض حماس أيضاً. وقد تكون مطالبة بدفع أثمان أكثر في المستقبل.
لقد ألمح نتنياهو بنواياه حين أعطى ضوءاً أخضر للفريق الإسرائيلي للتقدم إلى الصفقة. وستحظى بإسناد المعسكر الحمائمي في حكومته بقيادة غانتس وآيزنكوت وآريه درعي، ومعارضة المعسكر الصقري بقيادة بن غفير وسموتريتش. سيضطر نتنياهو للمناورة بين الالتزام الأساسي من جانب الدولة تجاه المخطوفين والتأييد الجماهيري الواسع للاتفاق، وبين إمكانية نشوء صدوع في الائتلاف على خلفية عدم استنفاد خطوات الحرب – وأساساً إذا ما نفذت صفقات لاحقة تطيل فترة زمنية من عدم القتال، وعلى خلفية الضغط الدولي (الذي من المتوقع أن يزداد) للوصول إلى توافقات على مستقبل القطاع.
ستكون إسرائيل الآن مطالبة بتوضيح نواياها. ادعى سموتريتش بضرورة قيام حكم عسكري في غزة، وشارك وزراء ونواب من اليمين أول أمس في مظاهرة تأييد عديم الذوق لإعادة إقامة مستوطنات إسرائيلية في غزة.
أعلن غالانت أن هذا لن يحصل، واقتبست الولايات المتحدة تصريحات لنتنياهو الذي تعهد بأن ليس لإسرائيل نية حكم غزة.
رغم ميل إسرائيل لاستباق الشؤون السياسية الحزبية على شؤون الدولة، فلا يمكنها التحدث بلسانين. رغبتها في المضي بصفقات أخرى واستئناف القتال تستوجب مناورات مركبة، ويطالب العالم الغربي والعربي الآن بأجوبة وضمانات لجدية نوايا الحكومة.
---------------------------------------------
هآرتس 30/1/2024
“لا أبرياء في غزة” وصفق الحضور.. وزراء ونواب لمؤتمري الترانسفير: لنؤجل الجريمة الكبرى
بقلم: يوعنا غونين
آلاف الأشخاص، من بينهم 27 وزيراً وعضو كنيست في الائتلاف، شاركوا أول أمس في المؤتمر الهستيري “عائدون إلى قطاع غزة”. هتف المشاركون للأفلام التي قال فيها الجنود بأنه لا أبرياء في غزة. وأطلقوا دعوات تؤيد ترحيل مليوني فلسطيني، وطالبوا بإقامة المستوطنات في القطاع على الفور.
الوزير غادي آيزنكوت، الذي ما زال حتى الآن شريكاً لكل هؤلاء المجانين في الائتلاف، وجه انتقاداً لاذعاً للمشاركين في هذا المؤتمر في اليوم التالي. الأمور محل الانتقاد كثيرة، والحديث يدور عن حدث يدعو لارتكاب جرائم حرب مخيفة، ويرسخ أوهاماً مسيحانية تؤدي إلى موت الكثير من الجنود والمدنيين، ويسوق لسياسة ستحول إسرائيل إلى دولة منبوذة، ويقضي على أي أفق سياسي، وبشكل عام تفوح منه رائحة دليل لنقاشات قانونية تجري في لاهاي.
ولكن آيزنكوت فضل التركيز على المهم، “أهمية العمليات التي تحظى باتفاق وطني واسع”، في حين أن هذا المؤتمر يبرز ما يدعو إلى الانقسام بدلاً من التوحد. كما يُقال، التطهير العرقي يقام بإجماع واسع، أو عدم فعله على الإطلاق.
حتى إن وزير التربية والتعليم يوآف كيش، تحفظ من هذا الحدث لأنه “ليس الوقت المناسب لذلك، يجب البقاء في خطاب موحد”. ووزير الرفاه يعقوب ميرغي، قال “هذه فترة حساسة جداً، وسيكون هناك وقت لكل الطموحات الأيديولوجية للجميع”. هذه الانتقادات تعتبر تقريباً انتقادات ساخرة: تأييد جرائم الحرب أمر غير صحيح الآن.
هذه الردود هي الأسوأ والفارغة للتيار العام في إسرائيل: التركيز على الشكل بدلاً من الجوهر. بدلاً من المواجهة المباشرة مع السياسة التدميرية التي تُسوّق في هذا المؤتمر، يفضل منتقدوه الهرب إلى أقوال فارغة، لا تقول شيئاً، لذلك فإنها لا تعرضهم للخطر بأي شكل من الأشكال. وعندما لا يخاف طرف من الصراخ بمواقفه المجنونة بصوت مرتفع ويعرض أهدافاً لا أساس لها، ويردد الطرف الآخر بتلعثم وذعر ويحاول ملاءمة نفسه مع إجماع موهوم، فإن النتيجة المحتمة تحرك دائم للإجماع نحو الأهداف التي لا أساس لها.
عشرات السنين من الاحتلال قادت الجمهور في إسرائيل إلى تطوير القدرة على الإقصاء وعلى القناعة العميقة بأن الأساس ليس هو الواقع، بل الطريقة التي نصفه بها. نجحنا في إبعاد المستوطنات إلى خلف جبال الظلام، وإخفاء الفلسطينيين وراء الجدران والأسوار، وإنكار الشوارع التي يتم شقها، والميزانيات التي تسكب، والتظاهر بأن كل شيء طبيعي. وبعد كل ذلك، ما الغريب في إمكانية إجراء نقاش مهذب حول التوقيت المناسب للدعوة إلى الترانسفير أو بلورة رأي حول الاستيطان في القطاع وفقاً لتأثير ذلك على وحدة الشعب الإسرائيلي الرائعة، وليس حول حياة الـ 2 مليون شخص الذين يعيشون هناك.
الانشغال الاستحواذي بالحوار بدلاً من الواقع هو إرث نتنياهو السياسي. رئيس الحكومة طور قدرة على حرف انتباه الجمهور بشعارات فارغة وتحايل. فترة حكمه الطويلة رسخت نموذج السياسي الإسرائيلي المنتصر: يفعل الكثير ويتكلم القليل، يتخذ القرارات حسب الاستطلاعات وليس حسب السياسة، يغرق في إرضاء قاعدته بدلاً من التركيز على القيادة. مع مرور الوقت، امتلأت الساحة السياسية بتقليد باهت لنتنياهو (الذي أصبح تقليداً شاحباً لنفسه) ويبدو أن آيزنكوت يصمم على الانضمام لهم.
أسلوب نتنياهو لإخفاء الواقع خلف جبال من الكلمات والتملص الماهر من أي حسم سياسي، قادنا إلى الكارثة. بات المجتمع الإسرائيلي الآن بحاجة إلى أشخاص لا يخشون من القول إن المشكلة مع مؤتمر المجانين الذين يدعون إلى ارتكاب جرائم حرب، ليست المس بالوحدة أو الوقت غير المناسب، بل المشكلة في المجانين وجرائم الحرب.
---------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 30/1/2024
النزاع يعود إلى الطاولة
بقلم: روتم ايزاك
"لكل واحد منا، بما في ذلك أنا يوجد ما يسمى حقيبة ولادة. هذه هي الحقيبة الجاهزة لغزة من لحظة الى أخرى"، قالت نشيطة اليمين دانييلا فايس في مقابلة مع امنون ليفي قبل بضعة أيام من مؤتمر "نحتل ونستوطن قطاع غزة". وبالفعل فان المؤتمر الذي عقد يوم الأحد في مباني الأمة في القدس أثبت بأنه غير قليل من "حقائب الولادة" كهذه جاهزة في أرجاء البلاد. صحيح أنه لا توجد فيها بطانات رضاعة، حفاضات أو زيت تدليك، لكن منها أيضا تصدر رائحة تعثر وتجدد استقبالا لما سيأتي.
حملة الحقائب جاهزون، كلهم، لإقامة مستوطنات في قطاع غزة، بإسناد وزراء كبار في الحكومة ممن شاركوا في الحدث، مثل بتسلئيل سموتريتش، ايتمار بن غفير، اوريت ستروك، ماي غولان، شلومو كرعي، حاييم كاتس واسحق غولدكنوف. وزراء كبار يهتفون للترحيل في وقت الحرب وبينما لم تبرد باروكات القضاة في لاهاي.
"الهجرة الطوعية، حتى لو كانت الحرب تجعل الهجرة الطوعية وضعا يفرض على الناس إلى أن يقولوا "أريد""، كما أكد وزير الاتصالات لدولة إسرائيل، كرعي، والجمهور هتف ورقص وفرح إلى أن كدنا ننسى أن في هذا القطاع، المعنية في محافل الحكومة ،أن تجعله لؤلؤة عقارية، ما يزال يوجد مخطوفون ومخطوفات إسرائيليون. آباء وأمهات، أجداد، أطفال، نساء يتعرضون لنوع من العنف إضافي ومخيف، وكذا رضيع أشقر ابن سنة. هل يعرفون أن في هذه اللحظات هذا ما يفعله وزراء في حكومتهم؟ اذا ما ضرب لهم الحظ، فان المقاتلين سيعفونهم من مشاهدة هذا الحدث.
وبينما يمكن للمرء أن يتقيأ من هذا الحدث، فإن الحديث عن التوقيت المنفلت الذي يعرض للخطر حياة المخطوفين وعلاقاتنا الهشة مع حلفائنا يمكن أيضا أن نرى فيه وفي الخطاب حوله حدثا تأسيسيا للمجتمع الإسرائيلي. إذ لم يعد الآن مفر: المجتمع الإسرائيلي ما بعد 7 أكتوبر يعود لينشغل بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، وبعد سنوات طويلة أهمل فيها هذا الموضوع، عن وعي أم عن غير وعي، فإنه يعود إلى مركز الطاولة.
يشهد على ذلك تنكر عضوي الكابينت غادي آيزنكوت وبيني غانتس، اللذان شجبا المؤتمر علنا. وحتى غانتس الرسمي الذي يمتنع (عن قصد أم عن غير قصد) عن مسائل قابلة للتفجير، قرر أنه كفى. الترحيل والاستيطان للقطاع ليسا جزءا من برنامجه السياسي، وعليه فإنه سيكون مطلبا قريبا جدا، وربما الآن، أن يقول ما هو نعم في برنامجه، أي أن يعرض مذهبه في كل ما يتعلق بالنزاع. أن يعرض رؤيا. وهو ليس وحيدا: زملاؤه الزعماء أيضا، أو أولئك الذين يتطلعون لأن يكونوا هكذا، سيضطرون لأن يوجهوا نظرتهم إلى المسألة الدامية، تلك التي حتى دون أن نبحث فيها تصمم لنا الحياة، وأن يعرضوا أجندة واضحة. إذا لم يفعلوا هذا فإن الجمهور سيطالبهم منذ الآن بذلك.
لليمين المسيحاني هدف واضح يحاولون إخفاءه. العكس هو الصحيح. من اعتقد بأن هذه أجندة متطرفة تتبخر من تلقاء ذاتها، كشف بأنها لا تخاف من طريق طويلة. حان الوقت حتى لمن يؤمن بانه يجب النظر إلى الواقع ليس فقط عبر فوهة المدفع، أن يكف عن الخوف من طريق طويلة. هذه الأيام، محطمات الإيمان والروح، هي أيضا فرصة للحديث عن التحدي المركزي في المجتمع الإسرائيلي، ومطالبة الزعماء ممن يحملون "حقيبة ولادة" جاهزة من لحظة إلى أخرى، أن يقترحوا علينا مستقبلا أفضل.
---------------------------------------------
هآرتس 30/1/2024
رداً على المؤتمر الكهاني: “غوش قطيف” لم تكن مزدهرة بل كارثة بيئية تنغص حياة الفلسطينيين
بقلم: نير حسون
في 2/2/2004، قبل عشرين سنة، استدعى رئيس الحكومة في حينه أريئيل شارون، مراسل “هآرتس” يوئيل ماركوس لوجبة فطور في مزرعته “حفات هشكميم”، وعرض عليه تفاصيل خطة الانفصال عن غزة. وخلال بضعة أيام، بدأ المستوطنون في غزة نضالاً عنيداً ضد الخطة. أدير هذا النضال في مبنى مجلس شاطئ غزة، في مستوطنة “نفيه دكاليم”. كان معلقاً على الحائط صور جوية كبيرة للقطاع، قبل وبعد الاستيطان اليهودي. الصورة الأولى كانت لكثبان رمال فارغة تبدو قفراء، والأخرى لمساحات خضراء، دفيئات وحدائق قرميد.
هذه الصور خدمت رواية سكان المستوطنات في غزة ورؤسائهم، الذين اعتبروا أنفسهم طلائعيين أقاموا منطقة مزدهرة في البلاد. هذه هي الروح التي سادت في لقاء النشوة الذي عقد الأحد الماضي في القدس تحت شعار “إعادة الاستيطان في قطاع غزة”. كرر المتحدثون مقولة أن “غوش قطيف” كانت منطقة في طور الازدهار، إلى أن تمت تصفيتها في عملية الانفصال. ولكن نظرة قريبة للصورة الجوية تكشف حقيقة مختلفة عن “غوش قطيف”.
معظم الخضرة التي ظهرت في الصورة الجوية لم تكن مسطحات خضراء أو مزروعات أو أشجار، بل نمو كثيف لشجرة اسمها “أكاسيا” (شجرة الصنت المزرق)، وهي معروفة كنوع من الأنواع الغازية والضارة جداً في البلاد. تم جلبت الشجرة إلى البلاد البريطانيون الذين أرادوا استخدامها لتثبيت الرمال المتحركة، وقد خرجت عن السيطرة وانتشرت على مساحات واسعة، خصوصاً على طول الشاطئ. تنتشر هذه الشجرة في الأراضي الخصبة حيث مس بطبقة الأرض العليا بسبب شق الشوارع أو البناء.
وجدت هذه الشجرة في كل زاوية في “غوش قطيف”، لم تكن الخضرة في الصورة الجوية ازدهاراً، بل كارثة بيئية. ونظرة أخرى إلى الصورة تكشف حفراً ضخمة في بضعة أماكن في “غوش قطيف”، نتيجة للمقالع الرملية الضخمة التي أقامها المستوطنون. الرمال مورد يتناقص باستمرار، ويباع لفرع البناء في إسرائيل، خلافاً للقانون الدولي الذي يحظر إخراج مقالع الرمال من الأراضي المحتلة، الأمر الذي أثرى صناديق المستوطنات في القطاع.
الدفيئات التي ظهرت في الصورة كانت لمزروعات تستخدم قوة بشرية كبيرة، بالأساس المزروعات الورقية والتوابل. المزارعون في إسرائيل وفي الضفة الغربية كان يصعب عليهم منافسة القوة البشرية الرخيصة التي كانت تتدفق كل صباح من خانيونس إلى مستوطنات “غوش قطيف” لتعزيز هذه المزروعات. أما أسطح القرميد فكانت غريبة على المشهد وعلى المناخ في غزة.
“غوش قطيف” لم تكن في يوم ما جزءاً مزدهراً من البلاد، بل كانت تجمعاً لمستوطنات صغيرة جداً، 8 آلاف نسمة في 21 مستوطنة، وبعضها شبه متروكة. كان يمكن الشعور بذلك عندما كانت الرمال تغطي جزءاً من شوارعها. الجميع هناك اعتمدوا على قوة العمل الفلسطينية الرخيصة وعلى استخراج الرمال والعمل في الخدمات العامة.
كانت المستوطنات تنتشر فوق مساحة كبيرة، ربع مساحة القطاع، التي كان يعيش فيها تقريباً 0.5 في المئة من السكان. يجب القول إن “غوش قطيف” أقيمت في المنطقة الأكثر جمالاً في قطاع غزة، شاطئ البحر البري، كثبان الرمال والزراعة التقليدية لقبائل المواصي. ولكن هذا الجمال وعدد السكان القليل نسبياً، كان محاطاً بمنظومة لا تصدق من الحماية العسكرية التي شوهت كل زاوية في هذه الكتلة، جدران من كل الأنواع، وأبراج مراقبة، ومواقع، ودوريات وعدد كبير من الجنود، عملت على تأمين البلدات قليلة السكان والتي يتم إنعاشها بالميزانيات الحكومية.
مساحات شاسعة حول الشوارع والمستوطنات تم تنظيفها من البيوت واكوام الركام المنتشرة حولها. وللمفارقة، جاءت مستوطنة “نتساريم”، التي كانت على مدخل مدينة غزة. وأي خروج أو دخول إلى هذه المستوطنة كان يتم من خلال سيارة عسكرية مصفحة، وليس في حافلة محصنة بل ناقلة جنود محصنة، بمرافقة قوة كبيرة من الجنود. يجب قول الحقيقة: لم يكن لمستوطنات “غوش قطيف” حق في الوجود يوماً ما، بدون أي صلة بقرار أريئيل شارون. هذا صحيح، بدون أي صلة برؤية سياسية.
لم يكن لـ”غوش قطيف”، حتى أكثر من مستوطنات الضفة الغربية، أي حق في الوجود لأسباب اقتصادية واجتماعية وبيئية وتخطيطية. كان الأمر يتعلق بتشويه سياسي أدى إلى تشويه استيطاني وجغرافي، الذي نغص حياة آلاف الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون حوله، ونغص على الجنود الذين قاموا بحراسته، ونغص حتى على سكانه أنفسهم، حتى لو لم يعترفوا بذلك، فالهدف من إقامته لم يكن استيطان جزء من البلاد أو تقديم حل للسكن، بل وضع إصبع في العين واستعراض فارغ للسيادة.
في هذه الأيام التي يصعب تحملها، ورغم المؤتمر الجماهيري الحاشد والانفعالي والكهاني، فإن “غوش قطيف” لن تعاد إقامتها في أي يوم.
---------------------------------------------
صحف عبرية: صبر أمريكا على نتنياهو بدأ ينفد والدعم العسكري قد يتوقف
30 يناير، 2024
قال المحلل الإسرائيلي عاموس هارئيل، إن صبر الإدارة الأمريكية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بدأ ينفذ، لرفضه كل المبادرات المطروحة في مفاوضات هدنة إنسانية وتبادل الأسرى التي تجري بوساطة قطرية ورعاية مصرية بالتعاون مع واشنطن.
وأضاف: استمرار نتنياهو في التهرب من أي شيء يقدم ولو لمحة عن أفق دبلوماسي، من شأنه أن يزيد الاحتكاك مع الإدارة في واشنطن، ومن الواضح أن صبرها ينفد كهروبه من اتفاق بشأن مستقبل غزة، والاعتراف، ولو ضمنيا، برؤية الدولتين، وصفقة الرهائن.
وبين هارئيل: نفى البيت الأبيض تقرير شبكة إن بي سي نيوز (NBC News) الذي أفاد بأنه قرر إبطاء شحنات الأسلحة إلى إسرائيل”.
وعلّق على ذلك بالقول: “في الواقع، لقد حدث العكس، ففي الأسبوع الماضي، توصّل وفد برئاسة المدير العام لوزارة الدفاع إيال زمير إلى اتفاقات مع إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن بشأن تسريع عمليات تسليم الأسلحة”.
وتابع: “ولكن كان لدى الأمريكيين أسئلة صعبة لزمير وفريقه عن الطريقة التي يدار بها القتال في غزة، وبمرور الوقت، إذا استمر نتنياهو في رفضه الدبلوماسي، فسيصبح من الصعب ضمان الدعم العسكري الأمريكي”.
هذا وكان نتنياهو أعلن في الأسابيع الأخيرة أكثر من مرة رفضه لقيام دولة فلسطينية وأصرّ على السيطرة الإسرائيلية على غزة مدة طويلة، وهو ما يتعارض مع المواقف الأمريكية المتكررة في هذا الشأن التي أكدت رفض احتلال القطاع أو الاستيطان فيه أو الاقتطاع منه.
---------------------------------------------
يورونيوز: مخزون إسرائيل من السلاح بدأ ينفد.. فهل تنجح الدولة العبرية في الصمود في غزة أشهرا إضافية
أقر مسؤولون إسرائيليون بأن الجيش الإسرائيلي كان مضطرًا لتقليص عملياته العسكرية في قطاع غزة؛ بسبب نفاد المخزون من الذخيرة.
أصبحت إدارة مخزون الأسلحة مشكلة كبيرة بالنسبة للجيش الإسرائيلي، حيث يتوقع حدوث نقص في المستقبل القريب. قد لا تكون الإمدادات الأميركية الضخمة قادرة على تلبية هذا النقص.
وقال الجنرال الإسرائيلي، قائد قيادة المنطقة الجنوبية اللواء إليعازر توليدانو، بأنه "من واجبنا إدارة قضية التسلح".
ومن جانبه، تطرق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في منتصف كانون الثاني/يناير، إلى هذه القضية علناً، قائلاً "نحن بحاجة إلى الولايات المتحدة لثلاثة أشياء: سلاح، سلاح، سلاح".
وفي محاولة لسد هذه الثغرات، قدمت وزارة الدفاع الإسرائيلية طلبات بمئات الملايين من الدولارات إلى الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة. تشمل قذائف 155 ملم بالإضافة إلى أنظمة "ذخائر الهجوم المباشر المشترك" ( JDAM) التي تنتجها شركة بوينغ، والتي تعمل على تحسين دقة القنابل من خلال استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) متكامل.
وذكر تقرير صادر عن موقع "كلكاليست"، الاقتصادي الإسرائيلي، أن الحرب في غزة تستنزف المخزون الإسرائيلي من السلاح، مما قد يجبر الجيش إلى الاقتصاد والاعتماد على الإمدادات العسكرية الأمريكية.
ومنذ بداية الحرب الدامية التي تخوضها إسرائيل على قطاع غزة، أرجأت 3 شركات كبرى، رافائيل وصناعات الطيران الإسرائيلية IAI وإلبيت سيستمز Elbit Systems توريد أسلحة بقيمة تزيد عن 1.5 مليار دولار لعملائها في مختلف أنحاء العالم من أجل منح الأولوية للإمدادات المخصصة للجيش الإسرائيلي.
وقدمت وزارة الدفاع مساهمتها من خلال تقديم طلبات قياسية بقيمة 2.5 مليار دولار منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر لحوالي مائة شركة إسرائيلية في هذا القطاع.
ويعود هذا النقص في الأسلحة جزئياً إلى إطالة أمد الحرب. ويشير المحللون العسكريون أيضًا إلى التقدم التكنولوجي الذي يسمح بتنفيذ هجمات متعددة ودقيقة على عدة أهداف في نفس الوقت.
خطر الحرب في لبنان
ويشير مسؤول في وزارة الدفاع إلى ضرورة أن يأخذ الجيش الإسرائيلي بعين الاعتبار التهديدات التي تلاحقه على أكثر من جبهة.
ولفت إلى أن الدولة العبرية لا تستطيع أن تستخدم كل ما تملكه من السلاح في قطاع غزة ضد حماس، بينما يلوح خطر الحرب في الشمال مع حزب الله اللبناني.
وبحسب شبكة "إن بي سي"، نقلا عن مسؤولين أمريكيين، إن الرئيس جو بايدن يميل إلى إبطاء شحنات الأسلحة المخصصة لإسرائيل كوسيلة للضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتبديل التكتيكات المتبعة في حربه على غزة، مما قد يعمق الخلاف بين بايدن ونتنياهو.
ويصر الأمريكيون على إنشاء ممر إنساني في قطاع غزة، والحد من الغارات الجوية الإسرائيلية، التي تسببت حتى الآن في مقتل أكثر من 26 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة.
---------------------------------------------
أوساط إسرائيلية: مؤتمر الترانسفير خطير وقادته يقصدون ما يقولون
تواصل أوساط إسرائيلية غير رسمية التحذير من خطورة مؤتمر الترانسفير الذي تم في القدس المحتلة تحت عنوان “الانتصار”، ومن تبعاته على إسرائيل وعلى مستقبل الحرب فيما اعتبرته عائلات المحتجزين في غزة “إصبعا بالعين”.
وفي افتتاحيتها بعنوان ” الطريق للتطهير العرقي” قالت صحيفة “هآرتس” اليوم إن الأوساط المتطرفة التي يقوم عليها هذا الائتلاف برئاسة نتنياهو، كشفت في مؤتمر الكراهية عن الهدف الجديد للحرب على غزة، وهو تطهير عرقي داخل القطاع أي طرد السكان الأصليين وبناء مستوطنات”.
“هآرتس ” الصحيفة العبرية شبه الوحيدة التي تنطلق من الأخلاق والإنسانية لا من حسابات الربح والخسارة والانتهازية فحسب، تحذّر من الاكتفاء بالتعامل مع قادة مؤتمر الترانسفير كنجوم “موسيقى روك” سياسيين، موضحة أن المستوطنين منظمين وأقوياء وقد استغلوا الحرب وقاموا بعمليات تطهير عرقي داخل الضفة الغربية المحتلة وهم يقصدون وينوون ما يقولونه، ويتحدثون عن “نكبة ثانية” داخل القطاع.
كما تحذر الصحيفة من أن حالة الدمار علاوة على وجود جيش الاحتلال في القطاع الآن، يشكلان فرصة نادرة للتطهير العرقي وأن نتنياهو المتمسك بمقعده السياسي لن يصدهم.
وتخلص “هآرتس” للقول في افتتاحيتها إن: احترام حقوق الإنسان ومنع جرائم الحرب والحاجة لحياة مشتركة، كل ذلك عليه أن يجتمع ضد هذه المبادرة الكارثية”.
في هذا المضمار يوضح المحلل العسكري في الصحيفة عاموس هارئيل، أن إطلاقات وتصريحات هاذية صادرة عن الجزء اليمين من الخريطة السياسية الإسرائيلية كما تجلى في مؤتمر الترانسفير، تدللّ لأي مدى يتأثّر تقدم الحرب سلبا من أداء الحكومة بوظائفها.
ويوضح زميله في الصحيفة المعلق إنشيل بيبر إن المتطرفين يرون بـ “مذبحة السابع من أكتوبر” دليلا على أن الخلاص في الطريق، منوها أن اتفاق أوسلو وفك الارتباط عن غزة قد تسببا بشرخ في عقيدة الصهيونية الدينية.
ويقول إنه بعدما تنازل بعض القادة الإسرائيليين عن أجزاء من “أرض إسرائيل” خشي المشاركون في مؤتمر الترانسفير من احتمال تراجع مسيرة الخلاص. كما يقول إنه بالنسبة لهؤلاء فإن الله قلب التاريخ مقابل أعين الإسرائيليين، وفقط العلمانيين المصابين بالعمى لا يقوون على رؤية ذلك.
ويمضي بيبر في تحذيراته:” عدا عن كون هذا المؤتمر في القدس إصبعا بعيون معظم الإسرائيليين- الذين يضحون في الحرب على حماس ومن أجل استعادة المخطوفين ويرفضون العودة للاستيطان داخل القطاع- فإن هذا المؤتمر هو تحد لنتنياهو الذي رد ردا ضعيفا عليه بالقول إن الفكرة غير واقعية”.
هذا العار لنا جميعا
في قراءتها للمؤتمر قالت المعلقة السياسية في “يديعوت أحرونوت” سيما كادمون الثلاثاء، إن “هذا العار لنا جميعا” وتقول إن السؤال ليس نتنياهو بل هو ماذا يفعل أشخاص مثل غانتس وايزنكوت في هذه الحكومة التي تبصق في وجوههم يوميا.
وتضيف”خبر الإسرائيليون منذ السابع من أكتوبر تشكيلة من المشاعر لكن شعورا مختلفا راودهم بعد مؤتمر الترانسفير. شعور بالخجل. الاحتفالات ودوائر الرقص في المؤتمر هي تحقير لإسرائيل أو على الأقل قسم كبير منها. مشاهد مربكة في ظل مشاركة وزراء ونواب في المؤتمر الداعي للاستيطان في قلب غزة والهاتف “الموت للعرب”. مربك لأن نتنياهو مقابل المجتمع الدولي يصمت ويتلعثم والذي بات العالم كله يفهم أنه لا يمكن تحقيق انتصار في الحرب دون إسقاطه”.
وتتساءل كادمون “كيف وصلنا إلى هنا وانتقلنا من حرب عادلة لمهرجان ترانسفير وتسويق لشقق سكنية في مستوطنات يخططون لبنائها داخل القطاع. وتخلص للقول إن رئيس الحكومة الفعلي في إسرائيل هو ليس نتنياهو بل ايتمار بن غفير الذي يفعل ما يحلو له”.
وتبعها زميلها المعلق السياسي في الصحيفة بن درور يميني الذي يقول في مقاله اليوم بعنوان “هدية لكارهينا”، إن الصهاينة الوطنيين الحقيقيين ممن يحملون أعباء الدولة لن يشاركوا بهذه الاحتفالية الراقصة على الدم في ذروة حرب فيها قتلى وجرحى ونازحون.
ويؤكد بن يمين أن مهرجان الترانسفير هو هدية لأعداء وكارهي إسرائيل في العالم خاصة أنه يتزامن مع محاكمة إسرائيل و”كأننا لم نتعلّم شيئا مما حصل”.
وكرس رسام الكاريكلاتير في الصحيفة رسمته اليومية اليوم لتوجيه سهام نقده لشركاء نتنياهو، ويبدو في الكاريكاتير بن غفير وسموتريتش وستروك وكارعي يرفعون لافتة كتب عليها: “بالترانسفير فقط نحقق السلام” فيما يقوم بن غفير بالتقاط “صورة سيلفي”.
وتزامنا مع تنديدات مخفّفة أمريكية وأوروبية نقلت الإذاعة العبرية العامة اليوم عن عائلات المحتجزين الإسرائيليين قولهم، إن المهرجان هو بمثابة إصبع بأعينهم. المفارقة في مثل هذه الأيام أن شخصا أدين في محكمة إسرائيلية بالإرهاب والانتماء لتنظيم يهودي إرهابي، علاوة على إدانته بعشرات المرات في انتهاك القانون هو اليوم وزير للأمن القومي بينما نائب يهودي شيوعي، عوفر كاسيف، يجد نفسه تحت تهديد الطرد من الكنيست اليوم انتقاما منه لتغريده خارج السرب، والقول إن الأمن يتأتى فقط بالحل السياسي وبالحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.
وهذه المفارقة تذكّر بما قاله الشاعر الفلسطيني الراحل ابن غزة وحيفا علي عاشور “باسم الأمن فقدنا الأمن وصار الأمن عدو الأمن”.
---------------------------------------------
عودة الاستيطان إلى غزة.. ورقة اليمين المتطرف لابتزاز نتنياهو
القدس المحتلة- حمل مؤتمر "العودة للاستيطان في قطاع غزة والتهجير للفلسطينيين" الذي نظمته جمعيات استيطانية وأحزاب اليمين المتطرف في القدس المحتلة، رسائل كثيرة تُجمع على تحول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى رهينة لسياسات وأيدولوجيا هذا اليمين.
والمؤتمر، الذي عقد أول من أمس، وجاء عقب قرار محكمة العدل الدولية في "لاهاي" ومطالبتها حكومة الاحتلال باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية وتجنب استهداف المدنيين الفلسطينيين في الحرب على غزة، عكس الخلافات وتباين المواقف الإسرائيلية حيال اليوم التالي للحرب، وكذلك حالة الإرباك التي تشهدها الخارطة السياسية لكيان الاحتلال في ظل استمرار القتال.
ويدعو المؤتمر إلى الاستيطان في كل فلسطين التاريخية بإدعاءات دينية توراتية، ويقول المحللون إنه عمق الشرخ والصراع في المجتمع الإسرائيلي بشأن هوية "الدولة اليهودية"، وعكس حالة الاستقطاب ما بين التيار الديني والعلماني التي خفتت حدتها قليلا مع اندلاع معركة "طوفان الأقصى".
واتفقت تقديرات بأن هذا المؤتمر أتى بضوء أخضر من نتنياهو الذي انتدب بعض وزراء وأعضاء الكنيست عن حزب الليكود للمشاركة بالمؤتمر إلى جانب تحالف "الصهيونية الدينية الجديدة" و"القومية المسيحانية" ومجلس المستوطنات في الضفة الغربية.
ورجّحت تحليلات إسرائيلية أن دعم نتنياهو الخفي لهذا المؤتمر يعكس الاستقطاب بالمشهد السياسي والحزبي بتل أبيب، وكذلك خضوعه لابتزازات التيارات الدينية واليمين المتطرف لمنع تفكك ائتلاف حكومته، وخشية إنهاء مسيرته السياسية والإطاحة به عن كرسي رئاسة الوزراء.
وتحت عنوان "حفلة الشاي المسمومة"، كتب المحلل السياسي أمير بار شالوم، مقالا في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" انتقد فيه المؤتمر وتوقيت انعقاده. وقال إن "الكاهانية احتفلت بأعظم انتصار في تاريخها في كرنفال مسعور من الخطب والأغاني والرقصات التي تعجز كلمة خزي عن وصفها".
وأضاف "يأتي مؤتمر اليمين المتطرف في وقت يخاطر فيه عشرات الآلاف من الجنود بحياتهم في قطاع غزة، فيما يبقى مصير أولئك الذين تم اختطافهم ويُحتجزون في أنفاق حركة حماس مبهما، بينما مناطق بأكملها من البلاد هجرها سكانها الذين أصبحوا نازحين داخليا، والاقتصاد في خطر".
وأوضح المحلل السياسي أن المؤتمر، الذي شارك فيه وزراء وأعضاء كنيست من اليمين والليكود، يأتي عقب قرار محكمة لاهاي حيث أصبحت مكانة إسرائيل الدولية أكثر غموضا من أي وقت مضى.
وتابع "ما لا يقل عن 26 وزيرا ونائبا بالكنيست تحدثوا وغنوا ورقصوا بنشوة في "مؤتمر النصر" الذي يدعو إلى تجديد الاستيطان اليهودي في قطاع غزة، بعد ترحيل الفلسطينيين فيما بات يُعرف لدى اليمين المتطرف بالهجرة الطوعية".
ويعتقد بار شالوم أنه إذا لم يتم كبح جماح الأشخاص الذين رقصوا حول "العجل الذهبي" في "مباني الأمة" في القدس، ودفعهم إلى هامش المجتمع الإسرائيلي، "فسيُغرقون إسرائيل في هاوية أعمق بكثير من تلك التي سقطنا فيها جميعا في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023".
بدوره، أكد الحاخام داني دانييلي، في مقالة بالموقع الإخباري "واللا"، أن ما يسمى "مؤتمر النصر والعودة للاستيطان في غزة يعكس النزعة المسحانية التي سيطرت على السلطة في إسرائيل، وأنه بمثابة جنون ولا يعبر عن حضور الجمعيات والمنظمات اليهودية فقط، بل عن ائتلاف حكومة نتنياهو الفاشل والخطير".
وأوضح دانييلي العضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة "حاخامات لحقوق الإنسان"، أن هذا المؤتمر يشير إلى أن "الشعب اليهودي" لم يستخلص العبر من التجارب وما حصل معه في الماضي. وقال "وكأننا لم نتعلم شيئا من الفظائع التي عاشها شعب إسرائيل".
وأضاف أن هذا المؤتمر سبقته، في الأسابيع الأخيرة، تصريحات كثيرة لشخصيات إسرائيلية عديدة تحدثت وكتبت صراحة عن احتلال قطاع غزة وضم أجزاء كبيرة من شماله وترحيل "طوعي" للفلسطينيين، وإقامة مستوطنات يهودية في الأراضي المزمع احتلالها وضمها.
وأكد أن "كل ذلك يترافق مع لغة انتقامية متطرفة للإسرائيليين تجاه جميع سكان غزة دون تمييز، ومطالبة الحكومة بعدم السماح بإدخال المساعدات الغذائية والإنسانية، وعدم إنهاء الحرب دون تحقيق أهدافها غير الواضحة أصلا".
إن انعقاد هذا المؤتمر في الوقت الحاضر، يقول الحاخام دانييلي "يعكس ويعبر بشكل جيد عن صورة وجوهر اليهودية الإسرائيلية المسحانية المتطرفة التي أكسبتها قبضة محكمة على أنظمة ومقاليد الحكم في إسرائيل، والتي تولي أفضلية للتفوق اليهودي العنصري".
في الجانب السياسي، تقول محللة الشؤون السياسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، موران أزولاي، إن انعقاد المؤتمر وسط القتال في خان يونس ومناطق أخرى في قطاع غزة تسبب في حالة إحراج لبعض قيادات الليكود وحتى نتنياهو الداعم الخفي لهذا التوجه.
ولفتت أزولاي إلى أن حالة الإحراج انعكست في الشعارات والنصوص والتصريحات التي أُسمعت في المؤتمر، والتي كانت ذات يوم ملكا للمتطرفين اليمينيين والأشخاص المهمشين في المشهد السياسي الإسرائيلي.
"معظم وزراء الحزب الحاكم الذين لم يحضروا مؤتمر اليمين شعروا بعدم الارتياح"، تقول أزولاي "لكن، لماذا يخشون الوقوف ضد المؤتمر علنا؟ ولماذا يرفض العديد من أعضاء الليكود طرح وجهة نظرهم المتطرفة؟".
ورجحت أن الصمت في الليكود والتحفظ الخجول من قبل نتنياهو بشأن المؤتمر وتوقيت انعقاده، وحتى مضامينه وشعاراته، يعكس حالة الضرر التي تسبب بها المؤتمر الذي يزيد من الخلاف الداخلي في إسرائيل، وبالتالي الانخراط في سياسة أكثر إثارة للانقسام، كما يمكن أن تنتج عنه تحديات دولية معقدة.
وتعتقد محللة الشؤون السياسية أن نتنياهو محاصر، وبات رهينة لدى تحالف الصهيونية الدينية برئاسة وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، وحزب "عظمة يهودية" برئاسة الوزير إيتمار بن غفير. ورجحت أن التحدي الأكبر لنتنياهو لم يأت بعد، وأن ذلك سيكون مقابل صفقة تبادل ووقف الحرب وهو ما يهدد ائتلاف حكومته.