تحت عنوان "التعايش مع الهزيمة“، نشر المحلل السياسي لصحيفة يديعوت احرونوت، ناحوم برنياع، مقالا حول مخطط لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 3 أشهر يتضمن تحرير كافة الأسرى الإسرائيليين على مراحل.
وقال برنياع، "بغض النظر عن الجهة التي تقدم المقترح وأيا كان اسمه، فإن الاتفاق الذي يتبلور لتحرير المحتجزين يدل على أن الحكومة بدأت بتقبل النتائج المحدودة للحرب على غزة".
وأضاف في مقاله "يفترض بالاتفاق أن يلبي تعزيزا دراماتيكيا لحجم المساعدة الإنسانية لغزة، إلى جانب عودة السكان إلى غزة وشمالها، وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وإقامة إدارة بتمويل دولي لإعمار قطاع غزة".
واعتبر أن الأسوأ في الاتفاق، هو "ضمان شراكة لحركة حماس في السيطرة على قطاع غزة مستقبلا".
ولفت إلى أن المرحلة الأولى من أي اتفاق ستكون إنسانية وتقضي بأولوية الإفراج عن المرضى والجرحى وكبار السن، مقابل تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين.
"بعد حوالي 100 يوم على الإخفاق والخراب في غزة بات الوضع مفهوما بشكل جيد لدى قيادة الجيش الإسرائيلي، لكن السؤال كيف يمكن لنتنياهو ووزرائه سدّ الفجوة بين التوقعات غير المسؤولة التي خلقوها والقرارات القاسية التي يقفون أمامها"، وفق تعبر برنياع.
ويضيف: "إسرائيل كان يسعدها أن تسمح بخروج قيادة حماس، بمن فيهم يحيى السنوار ومحمد الضيف إلى المنفى، في قطر أو في دول أخرى، مكرين ما حصل عليه ياسر عرفات ورجاله في بيروت، في حرب لبنان الأولى، لكن غزة ليست بيروت والسنوار ليس عرفات".
وأشار إلى أن السنوار في هذه اللحظة "لا يبحث عن خروج إلى المنفى، وإنما يخطط لاحتفالات النصر في غزة".
وقال برنياع إن السؤال الأصعب الذي لا يزال قائما هو: هل الأمل بالإفراج عن 136 أسيرا إسرائيليا يبرر أثمانا كهذه.
وأضاف: "أنا أقول نعم، وذلك ليس بسبب حقيقة أن معظمهم مواطنون اختطفوا من بيوتهم بذنب حكومة وجيش تركتهم لمصيرهم في إخفاق لا مثيل له، تركتهم لمصيرهم قبل 7 أكتوبر وتركتهم لمصيرهم في أثناء ذاك اليوم، إنما أيضا لأنه نتنياهو وحكومته مسؤولين عن وضعهم وهذا هو عملهم الأساسي".
وبيّن برنياع أن من بين أعضاء المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي من يفضل أن يشطب عن جدول الأعمال موضوع الأسرى (الإسرائيليين)، بادعاء أنهم مصدر إزعاج، والانشغال بهم يعيق عمل الجيش في الميدان ويعزز "حماس"، ولذلك فمن الأفضل التسليم بمصيرهم والسير إلى الأمام.
ولفت إلى أن هذا الموقف يبرز على نحو خاص في "الوسط الحريدي القومجي" الذي يعتقد أن أحداث 7 أكتوبر لم تكن كارثة بل فرصة تاريخية أمام إسرائيل لتحتل كل غزة، وتطرد سكانها وتسكنها باليهود، "وإذا ما فتحت جبهة في الضفة، فسنطرد الفلسطينيين من هناك أيضا".
ويجزم برنياع أن "حكومة إسرائيل الحالية لا يمكنها أن تدير الحرب، فهي تتمزق بين بن غفير وسموتريتش وبين بايدن وبلينكن مع غانتس وآيزنكوت في الوسط"
ومع كل ما تقدم، يرجح المحلل السياسي أن "حماس" لن ترحل إلى أي مكان، وأن تحقيق القضاء عليها قد يأتي في الجولات التالية، حين تُخرق التسوية التي ستتقرر.
ووفق برنياع أنه لو كانت هناك فرصة لأن يقام في غزة بديل غير مقاوم -وهو طرح مشكوك فيه- لرفضتها حكومة إسرائيل رفضا باتا.
وختم مقاله: "المحتجزون سيعودون إلى الديار، والجيش الإسرائيلي سيتفرغ للجبهة الشمالية، ولعل الإسرائيليين يتفرغون لترتيب أوضاعهم في بيتهم هذا في افضل الأحوال".
أما أسوأ الأحوال، أن لا يكون هناك اتفاق، والجيش الإسرائيلي سيعلق في غزة بدون خطة أمام قرابة مليوني نازح ليس لهم مكان يرحلون إليه، أمام عالم معادٍ وإدارة أميركية منهكة، مع محتجزين لن ينجوا، ومستوطنين مخلين لا يمكنهم العودة إلى بيوتهم، واقتصاد في أزمة، وميزانية متهتكة، وساحة سياسية لا تعرف أن تهتم إلا بنفسها".