• الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 8/1/2024 العدد 903
    2024-01-09
    الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

     

    افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

     


    هآرتس 8/1/2024

     


    الأمل معلّق بالمحكمة الدولية في لاهاي

     

    بقلم: جدعون ليفي

     

     

     

     

    من يروا الاستمرارية غير المجدية للحرب، من يروا أبعاد القتل والتدمير في غزة، من يريدوا إنهاء المعاناة غير الإنسانية لأكثر من مليونَي شخص، يجبْ عليهم الأمل، على الأقل في أعماقهم، بأن تصدر محكمة العدل الدولية في لاهاي، الخميس القادم، أمراً مؤقتاً، إعلانياً، لوقف الحرب. من غير السهل على الإسرائيلي أن يأمل إصدار أمر ضد دولته، الذي يمكن أيضاً أن يؤدي إلى اتخاذ خطوات عقابية ضدها. لكن ألا توجد أي طريقة أخرى لوقف الحرب؟

     

    من غير السهل معرفة أن دولتك قُدمت دعوى ضدها من قبل دولة تعرف أمراً أو أمرين عن أنظمة الظلم والشر، التي زعيمها المؤسس كان شخصية تمثل نموذجاً أخلاقياً لكل العالم. من غير السهل أن تدّعي عليك جنوب إفريقيا. غير سهل أن تكون متهماً بـ"إبادة شعب"، التي تم ارتكابها كما يبدو على يد دولة أقيمت على أنقاض أكبر "إبادة شعب" في التاريخ.

     

    لا يمكن مواصلة تجاهل أنه فوق رأس إسرائيل تحلّق الآن اشتباهات بارتكاب جرائم خطيرة جداً ضد الإنسانية والقانون الدولي. الآن لم يعودوا يتحدثون عن الاحتلال، بل عن الفصل العنصري والتهجير والتطهير العرقي وإبادة شعب، ماذا يوجد أخطر من ذلك؟ يبدو أنه لا توجد الآن أي دولة متهمة بكل هذه الاتهامات.

     

    هذه الاتهامات لا يمكن دحضها بأي شيء، ولا حتى باللاسامية. وحتى لو أن بعضها كان مبالغاً فيه أو دون أي أساس من الصحة، فإن اللامبالاة التي تستقبل بها هذه الاتهامات هنا مع إلقاء اللوم الأبدي على من يقوم بالاتهام هو الطريقة الجيدة للإنكار والقمع، لكنه ليس الطريقة المناسبة لتطهير اسم إسرائيل، وبالتأكيد ليس تعافيها وإصلاحها.

     

    حوالى 22 ألف قتيل في غضون ثلاثة أشهر، من بينهم آلاف الأطفال، والتدمير الكامل لأحياء، كل ذلك لا يمكن ألا يثير الاشتباه بإبادة شعب. التصريحات، التي لا يمكن تصديقها، لجهات رئيسة عن الحاجة إلى تطهير القطاع من سكانه أو حتى تصفيتهم، تثير الاشتباه الكبير بنيّة تنفيذ تطهير عرقي. إسرائيل يمكن أن تمثل أمام المحكمة على الأمرين.

     

    إسرائيل لم تقم بشن هذه الحرب من أجل إبادة شعب، لا شك في ذلك، لكنها تنفذ ذلك فعلياً حتى لو من دون قصد. كل يوم يمر في هذه الحرب، مع مئات القتلى يومياً، يعزز هذا الاشتباه. في لاهاي سيضطرون إلى إثبات النية المسبقة، التي ربما لن يتم إثباتها. فهل هذا سيعفي إسرائيل؟ الاشتباه بمخططات للتطهير العرقي، التي لن تتم مناقشتها حتى الآن في لاهاي، راسخ أكثر. هنا النية هي علنية وصريحة. خط دفاع إسرائيل الذي بحسبه الوزراء غير الرئيسيين لا يمثلون الحكومة، هو خط مضحك. مشكوك فيه أن يتعامل معه أي أحد بجدية. إذا كان رجل الترانسفير بتسلئيل سموتريتش لا يمثل الحكومة، فما الذي يفعله هناك؟ وإذا كان بنيامين نتنياهو لم يقم بإقالة إيتمار بن غفير، فكيف سيكون بريئاً من التهمة؟

     

    لكن فوق الجميع يحلّق المناخ العام في إسرائيل، الذي يجب أن يقلقنا أكثر مما يحدث في لاهاي. روح العصر تشير إلى شرعية واسعة لارتكاب جرائم الحرب. والتطهير العرقي في غزة وبعد ذلك في الضفة أصبح موضوعاً لنقاشات مع وضد.

     

    مشكلة غزة ولدت في 1948 على يد إسرائيل. فهي التي طردت إلى هناك مئات آلاف الأشخاص، الأمر الذي كان بالتأكيد عملية تطهير عرقي مطلق لجنوب البلاد، اسألوا يغئال ألون. إسرائيل لم تتحمل في أي يوم المسؤولية عن ذلك. الآن هناك وزراء يدعون أيضاً لإنهاء العمل في القطاع. الأسلوب المريض للانشغال بمسألة "اليوم التالي"، التي أساسها أن إسرائيل هي التي ستقرر ماذا سيكون في غزة، ومن سيكون في غزة، فقط يظهر أن روح العام 1948 حية. هذا ما فعلته إسرائيل في حينه وهذا ما تريد فعله مرة أخرى.

     

    يجب على محكمة العدل في لاهاي أن تقرر إذا كان هذا كافياً لإدانة إسرائيل بإبادة شعب أو بجرائم حرب أخرى. من ناحية الضمير الإجابة قُدمت.

     

    --------------------------------------------

     

    هآرتس 8/1/2024

     

     

     

     

    نصر الله: ترسيم الحدود، والسير بحذر داخل «معادلة الردع»

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: تسفي برئيل

     

     

     

     

    عندما طرح الرئيس الأميركي، جو بايدن، في تشرين الثاني مفهوم «سلطة فلسطينية محدثة» فقد أطلق الرصاصة الأولى في السباق السياسي الفلسطيني والإسرائيلي قبل خطة «اليوم التالي». ولكن عندما سيصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل في هذا الأسبوع فإنه لن يستطيع بعد أن يسمع من مستضيفيه كيف تنوي الحكومة تطبيق هذه الخطة.

     

    سبب ذلك هو أنه ليس هناك ما سيتم تطبيقه. لا توجد خطة أو اتفاق على الجهة التي ستدير القطاع، ولا توجد رؤية استراتيجية متبلورة حول الطريقة التي تستطيع فيها غزة العودة إلى الحياة الطبيعية بعد الحرب. حتى الآن من غير الواضح أيضا متى وبأي طريقة يمكن لسكان شمال القطاع الذين هربوا نحو الجنوب العودة إلى ما بقي من بيوتهم.

     

    جولة زيارات بلينكن، الزيارة الرابعة منذ بداية الحرب، بدأت في تذكيرنا بالزيارات المكوكية هنا لمبعوثين أميركيين لرؤساء سابقين انتهت دون أي نتيجة حقيقية، باستثناء أوراق عمل تم حفظها عميقا في الجارور. في هذه المرة، هذه الجولة شاملة أكثر وطويلة أكثر، كانت الشركات السياحة ستسوقها تحت عنوان «تسع دول في سبعة أيام».

     

    لقد تم افتتاحها في يوم الجمعة في تركيا، وستشمل الأردن ومصر والسعودية ودولة الإمارات ومناطق السلطة الفلسطينية وقطر واليونان. وإضافة إلى المواضيع الثنائية التي سيتم طرحها في المحادثات مع نظرائه في هذه الدول، فإن التركيز الأساسي لبلينكن هو واحد: تشكيل إطار عربي داعم لفكرة السيطرة الفلسطينية على القطاع. وحتى قبل ذلك تجنيد جهود دبلوماسية أمام ايران من اجل منع تطور المعركة في غزة إلى حرب إقليمية.

     

    الساحة التي لديها الإمكانية الكامنة الأقرب للتدهور هي لبنان. رئيس «حزب الله»، حسن نصر الله، اطلق في يوم الجمعة الماضي في الخطاب الرابع له في سلسلة محاضراته الحالية التهديدات والوعد بالانتقام لتصفية صالح العاروري. بعد يوم، قام بالوفاء بوعده عندما اطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل على أهداف عسكرية. ورغم هذا التصعيد إلا أن الطرفين حتى الآن يحرصان على السير بحذر وعدم تمزيق الحبال في الحلبة من خلال السلوك داخل معادلة الردع المتبادلة.

     

    في الوقت نفسه، كانت لحسن نصر الله مقولة مهمة يمكن أن تدفع قدما بالقناة الدبلوماسية بين إسرائيل ولبنان. «أمامنا فرصة تاريخية لتحرير كل أراضينا بالكامل وترسيخ معادلة تمنع العدو من خرق سيادتنا. هذه فرصة أوجدتها المقاومة اللبنانية». حسن نصر الله قصد موضوع ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، الذي يحاول دفعه قدما المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوخشتاين الذي قام بزيارة إسرائيل، يوم الخميس.

     

    هذه الفكرة ليست جديدة. فقد تم طرحها في شهر حزيران الماضي عندما اظهر تسريب من لجنة الخارجية الأمن بأن «حزب الله» وضع خيمتين وراء «الخط الأزرق» في داخل أراضي إسرائيل. في شهر تموز، على خلفية الخوف من عملية إسرائيلية تؤدي إلى تدمير الخيمتين ومواجهة واسعة مع «حزب الله»، توجه رئيس الحكومة اللبناني، نجيب ميقاتي، للأمم المتحدة وطلب إجراء نقاشات حول ترسيم خط الحدود النهائي بين الدولتين.

     

    «نحن ابلغنا الأمم المتحدة بأننا على استعداد لترسيم كامل لكل الحدود الجنوبية اللبنانية»، قال ميقاتي في حينه في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، عند تطرقه لـ 13 نقطة حدودية مختلف عليها، حيث بالفعل يوجد اتفاق على 7 نقاط منها.

     

    الخط الأزرق الذي انسحبت إليه إسرائيل في أيار 2000 اعتبر بموافقة من الطرفين بأنه خط انسحاب وليس خط حدود دوليا نهائيا بين إسرائيل ولبنان. الافتراض، سواء في الحكومة اللبنانية أو في الإدارة الأميركية، هو أن الترسيم النهائي للحدود لن يؤدي في الحقيقة إلى اتفاق سلام بين الدولتين، لكنه سيسحب من «حزب الله» الادعاء الأساسي الذي يستخدمه منذ العام 2000 وهو أنه يعمل ضد إسرائيل من اجل تحرير أراضي لبنان المحتلة.

     

    لكن استكمال ترسيم الحدود، لا سيما في منطقة مزارع شبعا (هار دوف)، سيقتضي تجاوز عقبة سياسية صعبة لا ترتبط فقط بلبنان أو إسرائيل. إسرائيل تدعي، والأمم المتحدة تؤيد هذا الادعاء، بأن هذه المناطق كانت تحت سيادة سورية وتم احتلالها منها في حرب الأيام الستة. من هنا فإن أي اتفاق حدودي على مزارع شبعا سيتم في إطار مفاوضات مع سورية وليس مع لبنان.

     

    لبنان من ناحيته يدعي بأن هذه المنطقة هي تحت سيادته، ومن اجل إثبات هذا الادعاء فإنه جعل سكانا من أبناء المكان يشهدون بأنهم يعيشون فيها منذ فترة طويلة ولديهم طابو من العهد العثماني. وحتى أنها طلبت من رئيس سورية، بشار الأسد، الإعلان رسميا بأن مزارع شبعا تعود للبنان. الأسد لم يقدم حتى الآن أي وثيقة رسمية تدل على سيادة لبنان في مزارع شبعا. وفي السابق قال، إن أي نقاش حول الحدود بين لبنان وسورية يمكن أن يجري فقط بعد انسحاب إسرائيل من هذه الأراضي. إذا كانت مزارع شبعا اعتبرت حتى آذار 2009 من قبل المجتمع الدولي كأرض محتلة، مثل هضبة الجولان، فإن اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسيادة إسرائيل الكاملة على كل هضبة الجولان سيعقد اكثر إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي. إلا إذا تم الاعتراف بها في نهاية المفاوضات كأرض لبنانية.

     

    مزارع شبعا مشمولة في قرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية، والذي يطالب «حزب الله» وإسرائيل والولايات المتحدة بتطبيقه بالكامل. هذا القرار هو الأساس الرسمي لطلب إسرائيل سحب قوات «حزب الله» إلى ما وراء نهر الليطاني، والمطالبة أيضا بنزع سلاح «حزب الله». هذا القرار يشمل أيضا بندا ينص على أن مجلس الأمن يطلب من السكرتير العام للأمم المتحدة أن يبلور هو واللاعبون الدوليون والأطراف ذات الصلة اقتراحات... من اجل تثبيت حدود لبنان، بالأساس في المناطق المختلف حولها وغير الواضحة، بما في ذلك مزارع شبعا، وأن يعرض على مجلس الأمن هذه الاقتراحات خلال 30 يوما».

     

    «حزب الله» يتمسك بالادعاء الذي يقول، إنه طالما لا يوجد أي اتفاق حول الحدود وإسرائيل لم تنسحب من المناطق المختلف عليها، فإن بنود القرار الأخرى تعتبر غير ملزمة، لأن الأمر يتعلق برزمة واحدة. بالمناسبة، هذا أيضا كان موقف إسرائيل لفترة طويلة عندما رفضت مناقشة قضية ترسيم الحدود بشكل منفصل عن قضية انسحاب قوات «حزب الله» ونزع سلاحه.

     

    احد الاقتراحات السابقة والذي ما زال يحظى بالاهتمام هو اقتراح نقل مزارع شبعا لرعاية مؤقتة للأمم المتحدة إلى حين انتهاء النقاشات حول مكانتها. الحكومة اللبنانية طرحت هذا الاقتراح في 2006، وبعد سنة تم تعيين شخص يرسم الخرائط من قبل الأمم المتحدة لرسم خريطة للمنطقة، ولكن بدون نجاح، وهذا يعود بالأساس بسبب عدم تعاون سورية. الآن يبدو أن هذا الاقتراح قد يحصل على فرصة افضل، لا سيما أن موافقة «حزب الله» العلنية على المضي قدما في موضوع ترسيم الحدود تنبع من الرغبة في عرض انسحاب إسرائيل كانتصار للحزب (الدولة اللبنانية)، لكن حسن نصر الله أضاف تحفظا مهما وهو أن أي نقاش حول الحدود لن يكون إلا بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة.

     

    من المهم أيضا ملاحظة أنه في النقاشات بين إسرائيل والولايات المتحدة والحكومة اللبنانية و»حزب الله» يتم في هذه الأثناء طرح فقط مسألة انسحاب قوات «حزب الله» إلى ما وراء نهر الليطاني وليس نزع سلاحه. ربما أن «حزب الله» سيعتبر الموافقة على انسحاب قواته مقابل انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا فرصة لإنهاء النقاشات حول تجريده من سلاحه في الخطاب الداخلي في لبنان والخطاب الدولي. جدير بالذكر أيضا أن الإدارة الأميركية تجري مفاوضات مع الحكومة اللبنانية التي يوجد فيها ممثلون عن «حزب الله»، وأنه خلافا لمطالبتها بإجراء الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، هي لا تضع شرطا مشابها للمحادثات مع الحكومة اللبنانية.

     

    السؤال المهم هو هل الحكومة اللبنانية وجهود الوساطة الأميركية ستنجحان في فصل العلاقة الوثيقة بين غزة ولبنان، وبالأساس هل الحوار العنيف بين إسرائيل و»حزب الله» لن يلتهم في غضون ذلك الأوراق ويحدث مواجهة شاملة من شأنها أن تتحول إلى حرب إقليمية.

     

    --------------------------------------------

     

    معاريف 8/1/2024

     

     

     

     

    لنبادر بالهجوم

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: المحامي رفائيل يانا

     

     

     

     

    فور المذبحة في 7 أكتوبر، سارعت ايران و"حزب الله" للإعلان بأنهما لم يكونا شريكين بالسر مع "حماس"، التي شنت الهجوم وحدها بشكل مستقل. كما أن "حماس" شددت مؤخرا فقط على أنها شنت الهجوم ضد إسرائيل بسبب مسها بالأماكن المقدسة للشعب الفلسطيني. يبدو أن في إسرائيل أيضا يتبنون هذا الموقف. فقد ادعى الناطق العسكري الإسرائيلي بأن "ايران هي لاعب مهم لكن لا يمكننا أن نقول، إنها خططت الحملة أو تدربت عليها". كما أن رئيس الوزراء نتنياهو قال أمورا مشابهة، وحسب منشورات أجنبية فإن مصادر استخبارية في الغرب تعتقد هكذا أيضا.

     

    ومع ذلك، بعد 7 أكتوبر علينا أن نكون اكثر تواضعا بكثير وان نفهم بشكل عميق انه توجد أمور لا نعرفها. برأيي (الذي لا تسنده مادة استخبارية)، فإن الهجوم كله خططته ايران – وغايته مساعدتها في الاقتحام إلى البرنامج النووي. حسب هذه الخطة، تفاجئ "حماس" إسرائيل، التي ردا على ذلك تحتل غزة وتنزف هناك دما كثيرا على مدى فترة طويلة، وأساسا تتآكل في إطار هذا قوات الجيش الإسرائيلي البرية (سواء من ناحية جسدية أم من ناحية عقلية).

     

    على مدى كل المناورة في غزة، يشغل "حزب الله" إسرائيل في الشمال، لكن بشكل ذكي ومقنون، بشكل لا يجر إسرائيل إلى مناورة برية في لبنان – وان كان سيجعل الجيش الإسرائيلي يضطر إلى نشر حجوم واسعة من قواته في الحدود الشمالية وهكذا يستنزف قوات المشاة (التي تقوم على أساس الاحتياط) بشكل جسدي وعقلي على حد سواء.

     

    بعد أن تمر بضعة اشهر من المراوحة في الوحل الغزي، يصعد "حزب الله" التوتر بشكل يجر الجيش الإسرائيلي إلى معركة برية في لبنان، بينما تكون قوات الجيش الإسرائيلي متآكلة وتعبة، وضع التسليح إشكالي، الاقتصاد الإسرائيلي في ركود رهيب، الجمهور متألم على الخسائر في ميدان المعركة والشرعية الدولية إجمالا والأميركية بخاصة تذوي دراماتيكيا. هنا أيضا سيجر "حزب الله" إسرائيل إلى معركة طويلة ومتحدية حتى اكثر من تلك التي كانت في غزة.

     

    في ختام المعركة في لبنان، حين يكون وضع إسرائيل في أسوأ الأحوال: عسكريا، معنويا واقتصاديا أيضا – ستقتحم ايران إلى الأمام في برنامجها النووي وتنهي الفجوات الأخيرة التي تبقت لها كي تصبح دولة نووية حقيقية (بخلاف كونها دولة حافة مثلما هي اليوم).

     

    في الأسابيع الأخيرة، يمكن أن نرى تلميحات شديدة الوضوح لتحقق هذه الخطوة الإيرانية: صالح العاروري، مسؤول "حماس" الكبير الذي صفي في بيروت قال قبل بضعة اشهر، "نحن نستعد لحرب شاملة ونبحث في هذا في الغرف المغلقة مع كل عناصر ومركبات (محور المقاومة) المرتبطة بهذه الحرب... لمحور المقاومة يوجد الحضور، الدافع والإرادة لأن تقع حرب إقليمية، وتوجد له مصلحة في ذلك".

     

    يحرص "حزب الله" بشكل متشدد على ألا يوتر الحدود – من جهة، يطلق نار مضادات الدروع على قوات الجيش وليس نحو الجبهة الداخلية المدنية، ومن جهة أخرى – لا يخفض مستوى اللهيب بأي شكل ولا يوجد يوم بلا حدث عسكري. وبذلك فإنه يجبر الجيش الإسرائيلي (بما فيها قوات الاحتياط) على التوتر حتى آخر مدى في الانتشار البري على الحدود.

     

    كما أنه في الأيام الأخيرة فقط أعلنت ايران (بالخطأ؟) أن الهجوم نفذ كـ"انتقام على تصفية سليماني" وسارعت "حماس" بنفي هذا. وذلك، إلى جانب استمرار القتال باتجاه فترة الانتخابات في الولايات المتحدة بشكل يقيد تأييد بايدن لإسرائيل، لكن يخيل أن درة التاج التي تؤكد زعمي هي بيان الوكالة الدولة للطاقة الذرية هذا الأسبوع بأن ايران عادت لترفع وتيرة تخصيب اليورانيوم. إن احد الدروس المركزية من 7 أكتوبر هو قدرة العدو على أن يبني لنا خطة تضليل كاملة. لقد بنت "حماس" خطة تضليل تواصلت سنوات طويلة – من التظاهرات على الجدار، إدخال العمال من غزة وخطوات كثيرة ضللتنا للاعتقاد بأن وجهتها إلى التسوية. كجزء من دروس 7 أكتوبر واجب علينا أن نكون المبادرين في الشرق الأوسط وتنفيذ هجمات مفاجئة مسبقة في عموم الجبهات معا أيضا، بينما نحن لا نزال أقوياء نسبيا وليس في ذروة ضعفنا لا سمح الله.

     

    --------------------------------------------

     

    إسرائيل هيوم 8/1/2024

     

     

     

     

    الطريق الى النصر يمر عبر محور فيلدلفيا

     

     

     

     

    بقلم: مئير بن شبات

     

    بعد مرور ثلاثة أشهر على بدء الحرب في غزة، فإن الإنجازات التي حققتها إسرائيل جيدة، لكن المطلوب بذل جهود إضافية ونشاط مطول حتى تحقيق الأهداف.

     

    تواجه النخبة السياسية والأمنية في إسرائيل سلسلة من التحديات والمعضلات فيما يتعلق بالخطوات التالية. ومن أجل تحديدها بشكل صحيح، ينبغي للمرء أن يشاهد أفلامًا من أحداث 7 أكتوبر ليلاً وصباحًا، ويتذكر أن هذه حرب بلا خيار، وقد فرضت على إسرائيل وبدأت في ظل ظروف افتتاحية صعبة للغاية، ولهذا السبب تحديدًا إسرائيل. يجب أن تنتهي بانتصار واضح. ومن أجل تحقيق الأهداف المعلنة، لا بد من مواجهة ثلاثة تحديات رئيسية يمكن لدولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي التعامل معها.

     

    التعامل مع شبكة الأنفاق

     

    لا يمكن لإسرائيل أن تسمح بوجود شبكة أنفاق حماس الوحشية، بكل محتوياتها، في قطاع غزة. لكن ثمن كشف هذه الشبكة وتدميرها باهظ الثمن. إن استمرار الجهود لمعالجة الأنفاق بشكل منهجي سيطيل أمد القتال، وسيكلف قواتنا تكاليف إضافية، وسيزيد أيضًا من الضغط السياسي على إسرائيل.

     

    ومن أجل عدم الوقوع في فخ الزمن وتوجيه الضغوط في هذا الشأن إلى الجانب الآخر، يجب على إسرائيل أن توضح أنه ما دامت هناك أنفاق فإن حالة الأعمال العدائية ستستمر. سيتم تعريف المساحة التي تحتوي على أنفاق على أنها “منطقة قتال”، وأي شخص يتم العثور عليه فيها سيتم اعتباره عدوا ويتم التعامل معه على هذا الأساس، بغض النظر عن الوجود الفعلي للقوات البرية في هذه المناطق (مثل الهجوم الجوي). كل هذا حتى تفكيك الأنفاق، ومن دون سقف زمني.

     

    ومعنى هذا القرار هو أن سكان مدينة غزة وشمال القطاع لن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم ما دامت الأنفاق تحتها. وبعيداً عن فائدة ذلك في التعامل مع الأنفاق، فلا بد من الافتراض أن ذلك سيزيد الضغط والغضب الشعبي على حماس.

     

     

     

     

    رفح ومحور فيلادلفيا

     

     

     

     

    لقد علمتنا التجارب السابقة أنه من غير الممكن منع تهريب الوسائل القتالية إلى قطاع غزة دون السيطرة الفعالة على محور فيلادلفيا والمعبر الحدودي بين غزة ومصر، وقد فشلت آليات المراقبة والاعتماد على ترتيبات أخرى في هذا المجال فشلاً ذريعاً. مع استمرار التدفق الحر لـ الوسائل القتالية من سيناء إلى قطاع غزة، لن يكون من الممكن ضمان نزع السلاح في قطاع غزة، ولن تكون هناك قيمة كبيرة للجهود التي سيستثمرها الجيش الإسرائيلي والشاباك في تحديد المواقع وتدميرها. الا بوجود الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة.

     

    إن إنشاء منطقة عازلة فعالة بين غزة ومصر لن يخدم احتياجات إسرائيل الأمنية فحسب، بل وأيضاً مصلحة الأمن القومي المصري - لمنع وصول عناصر حماس من غزة إلى الأراضي المصرية. وتذكروا أن حركة الإخوان المسلمين هي الخصم اللدود للحكومة الحالية في مصر، وحماس هي أقوى جماعة مسلحة في هذه الحركة.

     

    علاوة على ذلك، فإن المصلحة المصرية هي منع وصول عناصر حماس حتى إلى أراضي سيناء. وفي الآونة الأخيرة، أدى الارتباط بين عناصر حماس من غزة وعناصر الجهاد العالمي في سيناء إلى تفاقم التهديد الأمني تجاه القوات المصرية.

     

    وحتى على افتراض أنه سيكون من الممكن التوصل إلى تفاهم مع المصريين بشأن هذه القضية، فإن الاستجابة لتحديين عمليين ستكون مطلوبة: الطريقة التي سيكون من الممكن بها العمل عسكريًا في المنطقة المزدحمة التي استقبلت آلاف الأشخاص. تم إخلاؤهم من شمال قطاع غزة؛ والطريقة التي يمكن من خلالها حماية الشريط الحدودي الضيق بشكل آمن ولفترة طويلة. وتتذكر المؤسسة الأمنية جيداً الهجمات التي شهدها هذا القطاع في الفترة التي سبقت الانسحاب، وتعطي أيضاً رأيها في الدروس المستفادة حينها.

     

     

     

     

    تقليل أضرار المساعدات المدنية

     

     

     

     

    لقد قيل الكثير عن الثمن الذي تدفعه إسرائيل مقابل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وعلى افتراض أن هذا هو الشرط الذي لن يمرر فيه الدعم والمساعدة الأمريكية، فلا يزال من الممكن التأثير على أن حماس لن تستفيد من الأرباح الكبيرة التي تجنيها حاليا من ذلك.

     

    أولاً، لم يفت الأوان بعد لتحديد منطقة “خفض التصعيد داخل القطاع، حيث وفقط حيث سيكون من الممكن تلقي المساعدات الإنسانية وتوسيعها.

     

    وستكون إسرائيل قادرة على السماح لأي شخص مهتم بإدخال المساعدات الإنسانية إلى هذه المنطقة، ودعوة سكان قطاع غزة للقدوم والاستفادة منها، داخل حدود هذه المنطقة.

     

    ثانياً، حتى في الصيغة الحالية لا يوجد سبب للسماح لحماس بالتحكم في توزيع المساعدات، وبالتالي الحفاظ على قوتها وسيطرتها.

     

    ويجب على إسرائيل مهاجمة أي ضابط شرطة أو أي ناشط آخر في حماس يتم إرساله نيابة عن المنظمة لهذه المهمة. ومن أجل الإطاحة بإدارة حماس فمن الضروري مصادرة سيطرتها على الموارد التي تحافظ على سلطتها في مواجهة الجمهور. ولا يوجد خوف من الفوضى التي قد تنشأ بسبب ذلك. هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستؤدي إلى انهيار حقيقي وليس) ظاهريا) للإدارة في غزة.

     

    واقع جديد في القطاع

     

    إن الانتصار على حماس يتطلب خلق واقع في القطاع لا يسمح بتجدد نمو العناصر الإرهابية. ويوضح المسؤولون الأمنيون بحق أن مثل هذا التغيير الجذري يتطلب عملاً حازماً وطويلاً، دون الوقوف وساعة التوقيت في أيديهم.

     

    وفي قطاع غزة 2024، ومع ارتفاع معدلات الدعم لحركة حماس، وطالما بقيت نواة قوية ومنظمة ومسلحة لهذه المنظمة، فإنها ستكون عامل القوة المركزي في القطاع، مهما كانت هوية الكيان وتعريفه. التي ستدير شؤونها المدنية رسميًا.

     

    إن سيطرة إسرائيل على المنطقة بأكملها، وترك شمال قطاع غزة ومدينة غزة مناطق غير مأهولة، ومصادرة المساعدات الإنسانية من أيدي حماس والإضرار بالشرطة وعناصر سيطرة حماس التي تعبر عن سيطرتها الفعلية على القطاع - سوف يمنح إسرائيل النفوذ اللازم لإطلاق سراح الاسرى أيضًا. وطالما أن حماس غير مقتنعة بأن إسرائيل عازمة على إنهاء وجودها في غزة، فإنها ستستمر في إظهار موقف عنيد حتى في قضية الأسرى.

     

    --------------------------------------------

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    هآرتس 8/1/2024

     

     

     

     

    “بلكي بيوعى الضمير”.. مصدر صحي: نصف مليون غزي قد يموتون في هذه السنة

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: عودة بشارات

     

    في البداية يجب عليّ التوضيح: لا أنوي التوجه إلى ضمائر القراء ليعملوا شيئاً يتعلق بالنصف مليون غزي الذين يتوقع أن يموتوا. ولا أنوي أيضاً تهدئة القلوب أو ذرف الدموع. ولا أريد الشفقة مثل متسولين أو ممن يطرقون باب الأغنياء، من أجل الذين ماتوا أو الذين سيموتون. للأسف، المحيط هنا غريب ومنغلق.

     

    لا أريد من أحد أن يغضب، فأنا على ثقة، حسب تجربتي الصعبة، بأن أي دعوة، باستثناء التعاطف على الأغلب، سيرد عليها بنداءات غاضبة وهجمات مضادة، سواء بقول “جلبوا ذلك لأنفسهم” أو “لا مشاعر لديّ تجاههم”، أو بردود أسوأ. قسوة النفوس هذه تسيطر على كثيرين هنا. أي كلمة تعاطف مع الآخر تعدّ خيانة يجب على المسؤولين عن الأخلاق إسكاتها أو حذفها. فلماذا أطلب تضييع الوقت والجهد على المكان الخطأ؟ إذا كان هناك من يندب سوء مصيره ويبكي لحظه السيئ كونه يعيش في محيط شرق أوسطي متوحش وليس في محيط إسكندنافي في رفاهية، سأضطر أن ألفت انتباهه إلى أنه هو من اختار هذا الواقع لنفسه. وبتعبير أكثر دقة، يمكن القول إنه من المفروض أن نبكي على مصيرنا. لماذا اختار الله اليهود كي يحتلونا؟ لماذا لم يختر الإسكندنافيين لاحتلالنا. فهؤلاء على الأقل لا يدعون باسم “إرث الأجداد” و”قبور الأبرار” و”تخليص الأرض”.

     

    عودة إلى العنوان. لماذا أكتب إذا لم تكن عندي طموحات كبيرة؟ يدور الحديث هنا عن عادة إنسانية قديمة، وهي عدم كبت الألم، بل يجب الصراخ مثلما غنت المطربة اللبنانية فيروز: يا صوتي يلي طاير خبرهم علّي صاير بلكي بيوعى الضمير. إذا كان الأمر هكذا فإليكم النبأ الصادم: رئيسة قسم الصحة العامة في جامعة أدنبرة، البروفيسورة ديبي سردهار، التي تتابع ما يحدث في غزة، حذرت في مقال نشرته في “الغارديان” البريطانية بأنه إذا لم تحدث انعطافة دراماتيكية في غزة، فإن ربع السكان هناك، نصف مليون شخص، سيموتون هذه السنة؛ لأسباب صحية، لأن المنظومة الصحية في القطاع انهارت. نصف مليون شخص متوفى في المستقبل في غزة، بمقارنة نسبية مع عدد سكان دول أخرى، هو مثل 2.5 مليون إسرائيلي و75 مليون أمريكي. أي أن الـ 22 ألف شخص الذين قتلوا في عمليات القصف الأولى هم، عفواً على التعبير، مبلغ تافه مقارنة بما ينتظرنا. هم مقدمة للكارثة التي بدأنا نشعر بها بشأن القطاع. لا يجب الانتظار كثيراً، لأننا نشاهد في هذه الأثناء نتائج الدمار في القطاع، الذي يشبه جهنم أكثر مما يشبه أي مكان على الكرة الأرضية. والروح اليهودية الهائمة التي تصل إلى مكان بعيد في العالم من أجل مساعدة الشعوب التي تتعرض للكوارث الطبيعية، تختار الآن الاستراحة عندما تحدث كارثة إنسانية على بعد مرمى حجر منها، بل من أكبر الكوارث التي شهدها العالم في القرن الحالي.

     

    رغم ذلك، هناك حتى من لا يكفيه كل هذا الحصاد المبارك. شخصية رفيعة اسمها عميحاي إلياهو، لا يستبعد إلقاء قنبلة نووية لتدمير غزة، مرة وإلى الأبد. وتسفي يحزقيلي، محلل الشؤون العربية “يكتفي” بتصفية 100 ألف فلسطيني، لكنه لا ينسى التحفظ والتأكيد على أنها ليست سوى البداية- الضربة الأولى، أما التتمة فآتية بالطبع. بحساب بسيط، إذا كان الـ 22 ألف قتيل الأوائل مع كل هذا الدمار الذي يحيط بهم، يمكن أن يصل عددهم في النهاية إلى نصف مليون قتيل حسب طموح يحزقيلي، ففي السنة القادمة سيموت 2.5 مليون شخص، هكذا نكون قد استكملنا الحصة (2.3 مليون نسمة) إضافة إلى الفائدة. سيتم محو غزة نهائياً. لن ترى لاحقاً أو يسمع بها أحد. سيطبق صمت فوق هذه الهاوية. وستمسي غزة النابضة بالحياة أرضاً للموتى.

     

    ---------------------------------------------

     

     

     

     

    هآرتس 8/1/2024

     

     

     

     

     

     

     

    لقادة إسرائيل وأجيالها: الفلسطينيون باقون على الخريطة مهما فعلتم

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: جاكي خوري

     

     

     

     

    بعد مرور ثلاثة أشهر على الحرب، أخذ السؤال الإسرائيلي عن “اليوم التالي” يتركز على قطاع غزة. منذ 7 تشرين الأول، فضل معظم الإسرائيليين إبعاد هذه اللحظة، التي يجب عليهم فيها إيجاد حل لمصير أكثر من 2.2 مليون نسمة، حيث إنه من الذي يهمه قطاع غزة إذا لم يصدر عنه أي تهديد؟ ولكن أمام الضغوط الدولية والتداعيات الإنسانية المدمرة أصبح هذا السؤال أكثر إلحاحاً، وستضطر إسرائيل عاجلاً أم آجلاً إلى تقديم الجواب عليه.

     

     في هذه الأثناء، يحاول نتنياهو وحكومته التملص. يقول ما لا يجب أن يكون، ليس “حماسستان” ولا “فتحستان”، إنما يبحث عن قيادة محلية تقوم بالإدارة المدنية في حين يواصل الجيش القيام بعمله. عملياً، يريد نتنياهو تطبيق نموذج الضفة الغربية في القطاع: سلطة فلسطينية ضعيفة تعتمد اقتصادياً وأمنياً على إسرائيل، وتدير الشؤون المدنية في القطاع. هذه الصيغة تعطي حرية عمل عسكرية لإسرائيل وتضمن رقابة دولية ضعيفة ليس فيها ما يؤثر على سياسة إسرائيل أو تسريع مشروع الاستيطان.

     

     ترى إسرائيل في هذه الصيغة أفضل الحلول التي يعنى نتنياهو والحكومة الإسرائيلية بالحفاظ عليها طوال سنين بمساعدة مباشرة وغير مباشرة من السلطة الفلسطينية نفسها. ومن شبه المؤكد أن السلطة الفلسطينية ستتملص من هذه المقولة. ولكن عملياً هذا ما يحدث. تسوية سياسية ربما تنتظر إلى ما لا نهاية – إذا كان “أوسلو” قد مُطّ 30 سنة، يمكن إذن الانتظار 30 سنة أخرى.

     

     تعتقد إسرائيل أنه يمكن العيش مع هذه الصيغة إلى الأبد، لكن الواقع يتغير عملياً، وما تطور في الضفة الغربية في الأشهر الثلاثة الأخيرة ليس فقط رداً على 7 تشرين الأول. يجب التذكر بأن التهديد الأمني الفوري على إسرائيل كان موجوداً في الضفة الغربية حتى ذاك السبت الأسود. مخيم جنين للاجئين كان في المركز ونابلس أيضاً. الجمهور في إسرائيل سمع عن كتيبتي جنين طولكرم و”عرين الأسود” أكثر مما سمع عن حماس وكتائب القسام. نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، صالح العاروري، الذي كان المسؤول عن الذراع العسكري لحماس في الضفة والذي اغتيل الأسبوع الماضي، اعتبر أخطر من يحيى السنوار. الخوف الأساسي كان من الاشتعال في الضفة الغربية؛ لأن إسرائيل قدرت بأن القطاع خائف.

     

     منذ 7 تشرين الأول يزداد تسلسل الأحداث في الضفة الغربية ويصبح أكثر تطرفاً. ويتم خنق المدنيين أسبوعاً تلو الآخر. لا خروج للعمال للعمل في إسرائيل، وعدم دخول المواطنين العرب الإسرائيليين يفاقم الضائقة الاقتصادية، واستمرار اعتداءات المستوطنين وتقسيم الضفة بالحواجز يضيف الزيت على النار. على إسرائيل الإدراك بأن النموذج الموجود الآن في الضفة سيشبه النموذج الذي سيتطور في القطاع، لكن بشكل أكثر قسوة وتحدياً. وما دامت إسرائيل مستمرة في رؤية الفلسطينيين “حيوانات يجب ترويضها” بالقوة أو من خلال توفير الغذاء أو أنه يجب تحويطها بالجدران، فستبقى مسألة اليوم التالي بدون جواب جيد.

     

     ربما صفت صفي إسرائيل العاروري وأهانت محمود عباس وصادرت أموال السلطة وحبست مروان البرغوثي حتى وفاته، وربما تضغط على آلاف الفلسطينيين كي يهاجروا، وتعيد توطين “غوش قطيف” وضم المناطق “ج”، ولكن ستضطر حكومات إسرائيل، سواء برئاسة نتنياهو أو غانتس أو أحفادهما، إلى مواجهة مسألة اليوم التالي، في القطاع وفي الضفة أيضاً، لأن الفلسطينيين موجودون هنا على الخارطة أيضاً. ويجب إيجاد جواب عن سؤال الحدود في هذه الخارطة، حتى بعد 7 تشرين الأول.

     

    ---------------------------------------------

     

    هآرتس 8/1/2024

     

     

     

     

    بايدن لنتنياهو: لا نريد حرباً مع “حزب الله” وعليك كبح جماح وزرائك ومصالحك الشخصية

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: عاموس هرئيل

     

     

     

     

    وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، يصل إلى إسرائيل كجزء من جولته في الشرق الأوسط. إلى جانب الاتصالات مع الحكومة وجهاز الأمن بخصوص مواصلة الحرب ضد حماس في قطاع غزة، أمام بلينكن مهمة أخرى مستعجلة، وهي محاولة تهدئة النفوس المشتعلة على الحدود مع لبنان. إطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدروع التي أطلقها “حزب الله” السبت الماضي على وحدة المراقبة الجوية في جبل ميرون، رداً على اغتيال قائد حماس صالح العاروري في بيروت، ضخمت أجواء الحرب. جهات إسرائيلية رفيعة تكثر من التهديد مؤخراً بمواجهة واسعة أكبر مع “حزب الله” إذا لم يتم التوصل إلى تسوية يتم فيها إبعاد “حزب الله” عن الجدار الحدودي.

     

    صحيفة “واشنطن بوست” نشرت أمس أن الرئيس الأمريكي بايدن، كلف رجاله بمهمة “منع حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله”. وحسب الصحيفة، فإن موظفين أمريكيين يخشون من أن يعتبر نتنياهو توسيع الحرب في لبنان مفتاحاً لبقائه السياسي إزاء انتقاد الجمهور لأداء حكومته إزاء 7 تشرين الأول. وحذرت الإدارة الأمريكية نتنياهو من حرب واسعة. لرئيس الحكومة مصلحة واضحة في إطالة فترة الحرب في غزة طوال السنة القادمة، ويصعب تبديد الخوف الأمريكي حيث لم يفحص نتنياهو تسخيناً آخر على الساحة الشمالية.

     

    تقرير لوكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، قدر بأن الجيش الإسرائيلي سيجد صعوبة في مواجهة مثل هذه الحرب بسبب الحاجة إلى توزيع قدراته بين لبنان وغزة. تسريب التقرير للصحيفة يبدو خطوة تعمدتها الإدارة الأمريكية، لكن يجب أخذ التقرير بتشكك ما. توقعت المخابرات الأمريكية أيضاً هزيمة فورية لأوكرانيا عندما قامت روسيا بغزوها قبل سنتين تقريباً.

     

    وقال وزير الدفاع يوآف غالنت، في نهاية الأسبوع الماضي إن إسرائيل تفضل الدبلوماسية على وقف القتال مع “حزب الله”، وتسوية الوضع على الحدود وإعادة السكان إلى بيوتهم. ولكنه أضاف: “نقترب من النقطة التي ستنقلب فيها الساعة الرملية لحل المشكلة “. عضو كابنت الحرب، الوزير بني غانتس (المعسكر الرسمي) قال أمس إن “الوضع الذي لا يمكن لسكان المنطقة الشمالية العودة إلى بيوتهم، يحتاج إلى حل مستعجل. ومن بدأ التصعيد هو “حزب الله”. إسرائيل معنية بالحل السياسي، وإذا لم يحدث ذلك فستزيل الدولة والجيش الإسرائيلي هذا التهديد. جميع أعضاء مجلس الحرب يتفقون معي حول هذا الموقف”.

     

    المشكلة كالعادة مع خط غانتس الرسمي المتعلقة بالشريك المفروض عليه: نتنياهو. قرارات إدارة الحرب في الواقع تتخذ عندما ينجح مجلس الحرب في التوصل إلى قرارات. لكن الوزيرين بن غفير وسموتريتش، اللذين احتفظ بهما نتنياهو خارج هذا المنتدى المصغر، ما زالا يؤثران على سير الأمور. ممثلو اليمين المتطرف يؤججون الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة وداخل المجتمع في إسرائيل، في الوقت الذي هما وغيرهم من الوزراء ينثرون السموم على الجيش الإسرائيلي. يبدو أن نتنياهو أسير لديهما.

     

     

     

     

    الضفة تسخن

     

     

     

     

    ظهر في الضفة الغربية مؤخراً ارتفاع في قوة القتال. قتلت جندية من حرس الحدود بعبوة ناسفة في عملية عسكرية في مخيم جنين للاجئين، وأصيب سبعة فلسطينيين في قصف لمسيرة بعد أن ألقوا -حسب الجيش- عبوة ناسفة على القوات. في شمال رام الله قتل فلسطيني من شرقي القدس، وأصيبت مواطنة عربية إسرائيلية من سكان يافا إصابة بالغة. يبدو أن المخربين قد أخطأوا التشخيص. عمليات الجيش الإسرائيلي الهجومية في الشمال يتركز معظمها في جنين ونابلس وطولكرم، وتشمل استخدام نار كثيف أكثر مما كان متبعاً حتى اندلاع الحرب في غزة. المسيرة التي استخدمت في جنين وسيلة لم تستخدمها إسرائيل حتى تشرين الأول الماضي. لم يبق في الضفة تقريباً أي قوات نظامية للجيش؛ لأن معظمها يشارك في قتال قطاع غزة. وعمليات الاعتقال التي يكون جزء منها مرفقاً بنار كثيفة، ترتكز على قوات الاحتياط التابعة لقيادة المنطقة الوسطى إضافة إلى حرس الحدود ووحدات المستعربين.

     

    الجهة التي تعلق في هذا التصعيد هي السلطة الفلسطينية، التي تخشى من جر الجمهور في الضفة الغربية لمواجهة مع إسرائيل، وهو ما يشوش على محاولة تحسين مكانتها السياسية وفق خطة “اليوم التالي” في القطاع. رغم معارضة نتنياهو العلنية، فإن رام الله ما زالت تعلق الآمال على تسوية تمنح للسلطة موطئ قدم في القطاع. ورغم الخوف من حماس، تعتقد قيادة السلطة الفلسطينية أن الانضمام للدول الأجنبية التي ستقوم بإعمار القطاع بعد الحرب، وعلى رأسها السعودية والإمارات، ستمكن حكومة رام الله من اعتبارها “بابا نويل”، وكأنه سيكون لها دور في ضخ الأموال لتحسين وضع القطاع.

     

    تستمر إسرائيل في التنسيق الأمني بشكل غير علني مع أجهزة السلطة في الضفة رغم الحرب في غزة. وحتى إن الأجهزة تعتقل نشطاء حماس و”الجهاد الإسلامي”، إضافة إلى اعتقالات أوسع يقوم بها الجيش و”الشاباك”. القلق الرئيسي الآن يتعلق بمواصلة جهود إيران لتهريب السلاح إلى الضفة الغربية. قبل الحرب بقليل، كشف عن مسار تهريب من إيران عبر سوريا والأردن إلى الضفة، وبواسطته تم إدخال عبوات ناسفة قوية ومسدسات إلى “المناطق” [الضفة الغربية]. هناك خوف من مواصلة إيران هذه الخطوات في محاولة لتسريع العمليات لضعضعة سيطرة السلطة الفلسطينية الضعيفة أصلاً.

     

    مشكلة فتحات الأنفاق

     

    بدأ الجيش الإسرائيلي في مرحلة إجمال الحرب ضد حماس في شمال القطاع. أمس، نشر الجيش تفاصيل عن القتال في معقل أخير لحماس في المنطقة، حي الدرج وحي التفاح بمدينة غزة. وأول أمس، عرض المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد دانييل هاغاري، تغطية طويلة ومفصلة حول أشهر القتال الثلاثة في القطاع، أكثر من شهرين منها للعملية البرية. وبحسب قوله، دمر الجيش الإسرائيلي لواءين والـ 12 كتيبة لوائية التي شغلتها حماس في المنطقة. يجري القتال ضد لواءين و8 كتائب في مخيمات الوسط وخان يونس، وتضررت كتائب حماس الأربع في منطقة رفح بسبب القصف الجوي.

     

    هذا وصف موثوق للواقع، لكن يجدر الحذر من هذا الميل؛ كي نرى في حماس جيشاً بكل معنى الكلمة. حماس في الحقيقة استخدمت بنية هرمية عسكرية، ودفعت رواتب للمقاتلين وأقامت منظومة تأهيل وتدريب متشعبة. ولكن القتال نفسه لا يجري بشكل عام في إطار جيش. في المرحلة الأولى للهجوم الإسرائيلي في منطقة معينة، استعدت حماس بصيغة الوحدات في محاولة لتعويق الهجوم. بعد ذلك، انقسمت الألوية والكتائب إلى خلايا صغيرة هدفت إلى “لدغ” وضرب القوات المتقدمة (خاصة عند توقفها)، ومحاولة التسبب بخسائر قدر الإمكان. وفي شمال القطاع، بعد أن تم قطع سلسلة القيادة وقتل أو هرب معظم القادة، ثمة شعور بجهد تنظم فيه حماس مقاومة مجددة بخلايا صغيرة منتشرة.

     

    إن تفكيك معظم منظومة حماس العسكرية شمالي القطاع مكن الجيش من تقليص القوات في المنطقة وتسريح الآلاف من الاحتياط وإعادتهم إلى بيوتهم. العملية القادمة في الشمال قد تشمل إعادة الانتشار للدفاع عن المنشأة الأمنية؛ منطقة عازلة خلف الجدار على أراضي القطاع، إلى جانب إبقاء القوات (كما يبدو) في الممر الذي يربط القطاع بوادي غزة. العملية في خانيونس حيث تعمل سبعة طواقم لوائية قتالية، ربما تستمر على الأقل في الشهر الحالي، وستركز على العثور على منظومة السيطرة تحت الأرض التي فيها كبار قادة حماس، حسب التقديرات. عقدت قيادة المنطقة الجنوبية الأسبوع الماضي جلسة عملية لاستخلاص العبر لقادة الاحتياط، عرضت فيها الدروس الأولى من سير القتال حتى الآن. طرحت الجلسة قضية رئيسية تتعلق بالقيود أمام الجيش في معالجة تدمير الأنفاق وفتحاتها. ورغم أن المشكلة ظهرت بكامل الخطورة بعد عملية “الجرف الصامد” التي كشفت وعالجت 32 نفقاً وفتحة هجومية تؤدي إلى أراضي إسرائيل، لكن لم يحدث أي تقدم حقيقي في أسلوب القتال وتدمير الأنفاق منذ ذلك الحين. استعد الجيش الإسرائيلي لعملية برية ضد حماس في القطاع، لكنه لم يبلور عملية لاحتلال أجزاء واسعة من الأراضي.

     

    إن تطوير وسائل التكنولوجيا لتدمير الأنفاق سار ببطء، ويبدو أنه لم تخصص له الجهود والموارد المطلوبة. الآن وعندما تعثر كتيبة عادية على فتحة نفق، فإنها لا تملك الوسائل والأسلوب المناسب لمعالجتها سريعاً، وثمة حاجة لمساعدة من قوات الهندسة، وعلى رأسها فصيل وحدة “يهلوم” في الجيش النظامي والاحتياط. هذا الأمر يضع تحدياً أمام القوات على الأرض رغم تحسين معين لأسلوب العمل في الفترة الأخيرة.

     

    ---------------------------------------------

     

    إسرائيل اليوم 8/1/2024

     

     

     

     

    “كرة ثلج متدحرجة”.. ما الذي تخافه إسرائيل من “لاهاي”؟

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: يوآف ليمور

     

     

     

     

    إن قرار إرسال أهرون باراك للبحث في محكمة العدل الدولية ليس أقل من دراما؛ فهو يدل على أن حكومة إسرائيل في مشكلة قانونية وإعلامية خطيرة للغاية، لدرجة أنها مستعدة لتطلب ممن اعتبرته أحد عظماء خصومها أن يمثلها في البحث إياه.

     

     البحث نفسه، الذي سيجرى يومي الخميس والجمعة من هذا الأسبوع استمراراً للالتماس الذي رفعته جنوب إفريقيا، هو بحث ذو مغزى كما ينعكس في البحث الجماهيري في إسرائيل. عملياً، ربما يكون البحث الأخطر الذي تصدت له إسرائيل منذ الأزل. وهو يجري في محكمة العدل الدولية في لاهاي (وليس في محكمة الجنايات)، استناداً إلى ميثاق منع الإبادة الجماعية من العام 1948. إسرائيل موقعة بالطبع على هذا الميثاق، الذي تعود جذوره إلى الحرب العالمية الثانية والكارثة، كما أنها موقعة على المادة التي تسمح لكل دولة برفع دعوى حتى لو لم تكن طرفاً مباشراً في النزاع، مثلما فعلت جنوب إفريقيا الآن. وهذا هو السبب الذي جعل إسرائيل تشارك في البحث ولا تقاطعه، مثلما درجت من قبل فيما يتعلق بمداولات محكمة الجنايات.

     

     

     

     

    إخراج المدافع الثقيلة

     

     

     

     

     تبحث المحكمة في الالتماسات بهيئة كاملة من 15 قاضياً من العالم كله. وتتواصل المداولات نفسها لسنوات، لكن جنوب إفريقيا طلبت أيضاً إغاثة مؤقتة: أمر احترازي يأمر إسرائيل بوقف القتال فوراً. احتمال هذا ليس واضحاً، وقد تصدر للمحكمة مرسوماً أكثر “نحافة” يأمر إسرائيل بوقف الأعمال التي تعرض مدنيين للخطر، ومعناه العملي مشابه.

     

     لا معنى مباشراً لمثل هذا الأمر، لكن استمراراً له ستطلب دول من مجلس الأمن فرض عقوبات عسكرية واقتصادية على إسرائيل. ربما ترى فيه دول ومنظمات مختلفة تأكيداً على أن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية بحق الفلسطينيين كي توقف اتصالات سياسية واقتصادية معها. هذه كرة ثلج خطيرة لا بد أن يستغلها أعداء إسرائيل، في الوسائط الإعلامية المختلفة وفي الجامعات؛ لخلق رأي عام مناهض لإسرائيل. ثمة تخوف حقيقي من أن يؤثر هذا الضغط على الإدارة الأمريكية بتقييد بيع وسائل قتالية لإسرائيل، وقد يؤدي أيضاً إلى تحقيق في محكمة الجنايات في لاهاي يتقرر في ختامه رفع دعاوى بحق سياسيين وضباط إسرائيليين كانوا مشاركين في القتال.

     

     لقد عرض هذا التحليل في الأيام الأخيرة أفضل الخبراء في البلاد على القيادة السياسية – الأمنية، وإلى جانب ذلك توصية واضحة: إرسال المدافع الأثقل إلى لاهاي. إلى جانب استئجار المحامي اليهودي البريطاني البروفيسور مالكولم شو ليمثل إسرائيل في البحث، تقرر إرسال قاض للجلوس في هيئة القضاة، وذلك وفقاً للنظام الذي يسمح للدولة موضع الدعوى (وكذا للدولة المدعية) للمشاركة في الهيئة من قبل قاض من قبلها.

     

     

     

     

    اختيار ناجح

     

     

     

     

     اختيار باراك ناجح لثلاثة أسباب: الأول، أنه رجل قضاء رفيع المستوى يعرف أكثر من غيره كيف يمثل إسرائيل على النحو الأفضل. الثاني، لأنه يحظى بالاعتبار والاحترام لدى منظومة القضاء الدولية لا يملكه إسرائيلي غيره. والثالث، لأن خلافه العميق مع الحكومة ومع رئيسها يدل على أن الحديث يدور عن موضوع عموم إسرائيلي لا ينتمي لمثل هذه الحكومة أو غيرها.

     

     لن يكون تحدي باراك بسيطاً. جنوب إفريقيا أعدت دعوى جدية، تستند إلى جملة تصريحات لشخصيات عامة إسرائيلية دعت لإبادة/هدم/قصف/تهجير غزة. ستدعي إسرائيل أن هذه الأقوال لا تمثل موقفها الرسمي، لكنها ستكون مطالبة بأكثر من هذا: بإيضاحات واضحة مثلاً من جانب رئيس الوزراء بأن السياسة المقترحة من الوزيرين سموتريتش وبن غفير بتهجير مواطني غزة ليست بناء على رأيه وعلى رأي الحكومة، مثلما تطالب الولايات المتحدة، التي تستعين بها إسرائيل الآن في جهد جبار لكبح قرار محتمل من المحكمة ضدها.

     

     إن لاختيار أهرون باراك جانباً آخر أيضاً. ليس هناك من عانى مثله في هجمات تامة وممنهجة من أعضاء حكومة وأعضاء كنيست ومن آلة سم كاملة عملت بتكليف منهم، بما في ذلك صحافيون كثر. لم يتعرض أحد لمثل ما تعرض له سوى الباراك الثاني، إيهود، في محاولة لشرعنة التشريع القضائي الذي مزق إسرائيل في السنة الأخيرة.

     

     باراك من عظماء المدافعين عن جهاز الأمن الإسرائيلي ومن وقع على جملة قرارات محكمة شرعنت إجراءات أمنية كانت موضع خلاف. في عالم سليم النظام، فإن من خرجوا ضده –وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو ويريف لفين وسمحا روتمان وآخرون- كانوا سيطلبون المغفرة بالتأكيد، لكن للأسف، لن يعرفوا كيف يقدمون الشكر ليهودي مسن ناج من الكارثة وضع كل شيء جانباً وسيخرج هذا الأسبوع إلى لاهاي كي يدافع عن بلاده ضد أعدائها.

     

    ---------------------------------------------

     

    هآرتس 8/1/2024

     

     

     

     

    بلينكن: حولتنا غزة إلى شرطة محلية لدى إسرائيل وبتنا الأحوج إلى صورة نصر

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: تسفي برئيل

     

     

     

     

    الدكتور عبد العزيز بن صقر، مدير مركز الخليج للأبحاث، كتب مقالاً نشرته أمس صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، قال فيه: “على الولايات المتحدة معالجة المرض وليس الأعراض”، عندما تطرق للحرب في القطاع. “يكمن المرض في عدم حل القضية الفلسطينية، حل يستند إلى قاعدة سلام شامل كما تم عرضته المبادرة العربية”. وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، المتوقع وصوله اليوم إلى إسرائيل بعد زيارة تركيا والأردن وقطر والإمارات، ومنها إلى السعودية ومصر، لا يحتاج إلى هذه النصيحة الجيدة، حيث إنه خرج لجولته هذه كمبعوث للرئيس الأمريكي بايدن في محاولة للدفع قدماً بحل الدولتين، كما صاغ ذلك الرئيس في مقال نشره في “واشنطن بوست” في تشرين الثاني الماضي.

     

     لكن قبل تحقيق هذا الحلم الرائع الذي سيجلب السلام العالمي، على بلينكن أن يمر بمسار مليء بالعوائق، الذي هو في هذه الأثناء غير قابل للاجتياز. في كل مكان هبط فيه حتى الآن، سمع بلينكن نفس الرسالة تقريباً؛ أن على الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، ليس وقفاً مؤقتاً إنسانياً أو وقفاً يستهدف إجراء صفقة تبادل للمخطوفين والأسرى، بل وقف كامل لإطلاق نار تبدأ في أعقابه مفاوضات سياسية. ولكن يبدو أن هذا المسار، الذي حوله اتفاق بين زعماء الدول العربية وتركيا، يتضمن علامات استفهام لا إجابة لهؤلاء الزعماء عليها. مفاوضات مع من وعلى ماذا؟

     

     أوضح بلينكن للرئيس التركي أردوغان، بأن حماس “إلى الخارج”. هذه منظمة لن يكون لها دور، سواء في المفاوضات السياسية أو في حل “اليوم التالي”. ولكنه عرض على أردوغان المشاركة في دعم جسم فلسطيني آخر يوافق على تحمل المسؤولية عن إدارة قطاع غزة. وحسب دبلوماسي تركي تحدث مع “هآرتس”، طلب بلينكن من أردوغان إبعاد أعضاء حماس الذين هم في تركيا، وأن يقيم علاقات وطيدة مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وحتى إنه فحص ما إذا كانت تركيا مستعدة لتكون جزءاً من تحالف الدول التي ستعمل على إعادة إعمار غزة بعد الحرب.

     

     حسب المصدر التركي، تساءل أردوغان إذا كان في جيب بلينكن موافقة إسرائيلية على جسم فلسطيني معين، يدير القطاع. وإذا كان الجواب لا، فماذا تنوي واشنطن فعله كي تفرض على إسرائيل الموافقة على إدارة فلسطينية لغزة. كان هذا سؤالاً يشبه السؤال الذي سمعه بلينكن من نظيره الأردني أيمن الصفدي، وبعد ذلك الملك عبد الله الثاني، وهو الزعيم العربي الأكثر قلقاً في هذه الأثناء، والذي كرس الكثير من وقته للتحدث عن الوضع في الضفة الغربية، والخشية من طموح إسرائيل إلى ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن.

     

     حتى قبل عقد اللقاء بين بلينكن وزعماء قطر والإمارات والسعودية ومصر، يمكن التقدير أن هذا السؤال سيقف في مركز المحادثات في اللقاءات. لأنه حتى لو أراد زعماء هذه الدول، لكن هم لا يريدون، المشاركة في إدارة غزة أو الاستثمار في إعادة الإعمار، قبل التوصل إلى موافقة إسرائيل على الطريقة التي ستدار بها غزة، وما دامت الولايات المتحدة لا تستطيع أو لا تريد استخدام الضغط على إسرائيل، فليس هناك ما يمكن التحدث بشأنه.

     

     في ظل غياب التعاون مع الحكومة الإسرائيلية حول الحكم المستقبلي في غزة، وحقيقة أن هذه الحكومة ترفض النقاش في الأمر، فيمكن لواشنطن على الأكثر إدارة سياسة إطفاء الحرائق. وقد أرسلت مع أصدقائها في المنطقة تحذيرات، وحتى تهديدات، لإيران كي لا تسمح للمواجهة بين إسرائيل و”حزب الله” بالتدهور إلى حرب شاملة، وهي تستخدم قوة محسوبة، بالأساس قوة رد، أمام الحوثيين في البحر الأحمر، قامت بلي ذراع إسرائيل كي تسمح الأخيرة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بحجم أكبر، الذي ما زال بعيداً عن توفير احتياجات 2 مليون شخص من المهجرين في القطاع، وهي تطلب من إسرائيل العمل “بجدية” ضد المستوطنين الذين يتعرضون للفلسطينيين في الضفة الغربية.

     

     النتيجة أن الدولة العظمى الأقوى في العالم تعمل كشرطي محلي يعالج كل قطاع على حدة، لبنان، غزة، والبحر الأحمر، بدلاً من مواجهة المهمة الاستراتيجية التي يمكنها ويجب عليها القيام بها. لذلك، ثمة تداعيات خطيرة: أولاً، التسبب بوجود شعور لدى إسرائيل من غياب إلحاحية التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، ولو ظاهرياً، كما أنها تبعد الحاجة لتحديد ما الذي سيعتبر إنجازاً لأهداف الحرب، ليس فقط كشعار مثل “تصفية حماس” و”إزالة التهديد الأمني الذي يواجه سكان الغلاف” أو إعادة المخطوفين، الهدف الذي يبدو الآن بعيداً جداً، من ناحية الدول العربية التي تريد التجند لتطبيق الحل، فالولايات المتحدة تعطي إسرائيل تصريحاً بإدارة وضع ثابت من الحرب التي تراكم تهديداً آخذاً في الازدياد، والذي يجبي منها أثماناً اقتصادية كبيرة، إضافة إلى الخوف من انفجار مدني من قد يضعضع استقرار الأنظمة فيها.

     

     ثانياً، مكانة الولايات المتحدة في المنطقة. في المقال، حذر ابن صقر من أنه “يجب على واشنطن الاعتراف بأنها ليست هي اللاعب الوحيد في المنطقة، وأن مصالحها لا تقتصر على أمن إسرائيل. وعليها الحفاظ على علاقاتها مع السعودية ودول الخليج في إطار المصالح المشتركة والشراكة المجدية. وعليها معرفة أن دول المنطقة تعرف مصالحها، وتستطيع الدفاع عنها، ويمكنها العمل بالتعاون مع كل القوى في العالم”.

     

     ابن صقر، الذي يعكس موقف القيادة في السعودية، أوضح بأن دولاً أخرى مثل الصين وروسيا وإيران تشارك في المنافسة الإقليمية، وكل منها تسعى لترسيخ وتعميق مكانتها الاستراتيجية في المنطقة. وأوضحت السعودية من قبل، أن الولايات المتحدة ليس لها الحصرية على شبكة العلاقات بين الدولتين. الصين التي توسطت بين الرياض وطهران وحققت استئناف العلاقات الدبلوماسية بينها تعد لاعباً ذا وزن ثقيل. وعلاقات الإمارات والسعودية وتركيا مع روسيا ليست في الحقيقة بمستوى الشراكة الاستراتيجية، لكنها تعلمت استخدام هذه الورقة في المساومة التي تديرها مع الولايات المتحدة.

     

     عندما تخفق واشنطن في صياغة أي حل تكتيكي للحرب في قطاع غزة، فهي ترجح في الوقت نفسه كفة الإنجازات لصالح إيران، التي أصبحت دولة محور حيوية لسيطرتها على خطوات “حزب الله” والمليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن. حسب رؤية دول المنطقة وبفضل قدرة إيران على تشكيل تحالف من تنظيمات – وكلاء يعملون بشكل منسق، فإنها تملي أيضاً سياسة الدول التي تعمل فيها هذه التنظيمات. في المقابل، لم تنجح الولايات المتحدة حتى الآن في تشكيل تحالف لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، ولا موقف قريباً لها من موقف إيران في كل ما يتعلق بمعالجة الجبهة اللبنانية، أما وجودها في العراق فمتعلق بنية حسنة للحكومة التي ترتبط بكل الطرق مع القيادة في إيران.

     

     في ظل التنافس على المكانة الإقليمية، ثم الدولية، تحتاج واشنطن إلى صورة نصر أكثر من إسرائيل. ومن حيث طبيعتها، فإن ضرورة إنتاج مثل هذه الصورة جعلها تعتمد على تحركات إسرائيل العسكرية والسياسية. أمام بلينكن الآن مهمة رئيسية واحدة، وهي كبح أن يحيل هذا الاعتماد واشنطن على الانخراط مباشرة في الساحة الإقليمية، لكن ليس مؤكداً أن حقيبته محملة بالبضاعة اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

     

    ---------------------------------------------

     

     

     

     

    هآرتس 8/1/2024

     

     

     

     

     

     

     

    رئيس سابق لـ"الشاباك": لن نخرج من غزة بصورة للنصر

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: عامي أيالون

     

     

     

     

     

     

     

    رئيس جهاز الشاباك السابق

     

     

     

     

    القدس المحتلة - قال خلال استعراضه لسيناريوهات الخروج من الحرب في غزة من وجهة نظره، إن إسرائيل لن تخرج "بصورة للنصر" من هذه الحرب، حتى لو تمكنت من اغتيال يحيى السنوار (رئيس حركة المقاومة الاسلامية).

     

    وقال خلال مقابلة مع صحيفة "هآرتس" "من يعتقد أن الفلسطينيين سوف يستسلمون، لا يعرف الفلسطينيين ولا حماس والحركات الإسلامية في هذا القرن".

     

    ودعا إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، بمن فيهم مروان البرغوثي الذي يرى أنه الشخص الوحيد الذي يمكنه قيادة الفلسطينيين في مرحلة ما بعد الحرب، كجزء من صفقة تتضمن عودة جميع الرهائن.

     

    وقال "يجب علينا إطلاق مروان البرغوثي. وهذه خطوة صحيحة من جانبين، أولا لأن عودة الرهائن الإسرائيليين هي الأقرب إلى "صورة النصر" بالحملة (العسكرية) الحالية في غزة، وثانيا لأن البرغوثي هو الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي يمكن انتخابه ضمن قيادة فلسطينية موحدة وشرعية في الطريق إلى حل سلمي. (مما يمهد) لعملية الانفصال بالاتفاق مع الفلسطينيين.

     

    ورفض أيالون التعليق على سير المعارك في غزة وعلى الحدود الشمالية. كما امتنع عن الحديث عن هجمات الحوثيين من اليمن والبحر الأحمر، وهي مناطق يعرفها جيدًا منذ أن كان قائدًا للأسطول الـ13، ثم قائدًا للبحرية لاحقًا. وقال إن ما يهمه هو الحديث عن "إستراتيجية الخروج" من الحرب، أو ما بات يطلق عليه "اليوم التالي" للحرب، وقد اشترط التركيز على ذلك لإجراء المقابلة.

     

    وقال رئيس الشاباك السابق "في هذه الحملة لن تكون هناك صورة للنصر، على غرار التلويح بالعلم الأميركي في هيروشيما في الحرب العالمية الثانية، ولا مشاهد مثل تلويح يوسي بن حنان (الجندي الإسرائيلي) ببندقية كلاشينكوف في قناة السويس نهاية حرب الأيام الستة.

     

    ووفق أيالون فإنه "في الحروب الماضية كان النصر فيها يتم تحديده من خلال قرار عسكري في ساحة المعركة، وكانت هناك بالفعل صور للنصر ميزت بوضوح (اليوم التالي للحرب) والانتقال للمفاوضات. ولكن في الحرب على (المقاومة) لا ترفع أي راية بيضاء".

     

    ونفى أن يحسب نصرا "حتى لو تم قتل يحي السنوار"، مضيفا من يعتقد أن الفلسطينيين سوف يستسلمون، فهو لا يعرف الفلسطينيين ولا يعرف حماس.

     

    ويعزز أيالون رأيه هذا بالعودة لاعتقال مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين، الذي كان مشلولا ويجلس على كرسي متحرك. ويقول: عندما كان في السجن، كنا قلقين على صحته. وحرصنا على ألا يموت في السجن حتى لا يصبح شهيدا. ونحن في الشاباك عارضنا إطلاق سراحه من السجن. ومن بين جنرالات هيئة الأركان العامة من ضحك قائلاً: ما الذي تخاف منه؟ إنه ليس قائداً، إنه رجل فقير على كرسي متحرك.

     

    وأضاف: علينا أن نفهم أن الشيخ ياسين الذي قام بصفته زعيما للحركة بصياغة ميثاق حماس، كان في نظر الفلسطينيين، إلى حد كبير "بسبب إعاقته ومظهره، رمزا لبؤسهم". وكان الوحيد الذي نجح في توحيد القيادة الدينية والاجتماعية والسياسية والعسكرية التي تجسدت في نفسه.

     

    وقال إنه بمجرد دخول بيني غانتس وغادي آيزنكوت إلى الحكومة اللذين بات من الواضح أن رحيلهما سيؤدي إلى انهيار الائتلاف، أصبحت الاعتبارات سياسية بالضرورة أيضا. ومن دون اتخاذ قرار بشأن الهدف السياسي، لا يمكن للحكومة وضع إستراتيجية للخروج من الحرب ونحن نسير بأعين مفتوحة نحو غروب مستقبلي في رمال غزة.

     

    وقال إنه بدافع الغطرسة، قررت حكومة اليمين قبل عام أن طبيعة النظام بحاجة إلى التغيير، وعليه أجريت تعديلات قضائية أخرجت مئات الآلاف للاحتجاج في الشوارع، وهيئة الأركان العامة ورؤساء الأجهزة الأمنية، أبلغت المؤسسة رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة أن هناك تهديدًا متعدد الأوجه، وأن خطوة الحكومة (التعديلات القضائية) تعرض أمن إسرائيل للخطر. وفي خطاب ألقاه للأمة، حدد وزير الدفاع خطر الحرب بأنه "واضح وفوري". لكن رئيس الوزراء والوزراء في حكومته رفضوا الاستماع، وأوضحوا أن تحذيرات الجيش كان لها دافع سياسي، وهكذا دخلنا في الحملة (العسكرية) الحالية.

     

    وقال إن غياب تحرك سياسي (لحل الصراع) يجعل من حماس الجهة الوحيدة التي تناضل من أجل التحرر الوطني في نظر الفلسطينيين. وهناك اعتقاد (إسرائيلي) خاطئ يفترض أن الفلسطينيين ليسوا شعباً، وإذا سمحنا لهم بالرفاهية الاقتصادية فإنهم سيتخلون عن حلم الاستقلال. وفي نهاية المطاف، فإن الفلسطينيين شعب. وهم مستعدون للقتال والموت من أجل استقلالهم.

     

    ---------------------------------------------

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    هآرتس 8/1/2024

     

     

     

     

     

     

     

    قانون هانيبال باعتراف وشهادتين.. وعائلات القتلى: يجب التحقيق مع الجيش فوراً

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: أسرة التحرير

     

     

     

     

    لا مطلب أكثر عدلاً من مطلب أبناء عائلات القتلى في حدث الرهائن في “كيبوتس بئيري” للتحقيق في أعمال الجيش والحصول على أجوبة على ملابسات موت أحبائها. ولا يجب إبقاء أبناء العائلات وحدهم في مطلبهم. على الجيش الإسرائيلي أن يوفر لهم وللجمهور تفسيراً عن سلوك الجيش في 7 أكتوبر أمام بيت باسي كوهن، والقول إذا كان اتبع نظام “هانيبال” على المدنيين الذين احتجزوا كرهائن. على الجيش الإسرائيلي أن يحقق ويعطي أجوبة الآن، في ذروة الحرب. فالأجوبة ذات صلة بمصير الـ 136 مخطوفاً الذين لا يزالون، منذ 93 يوماً، في أسر حماس في غزة.

     

     اشتباه استخدام الجيش الإسرائيلي نظام “هانيبال” على 14 مواطناً احتجزوا كرهائن في أيدي حماس في بيت عائلة كوهين في “بئيري” يستند إلى شهادات ياسمين فرات وهداس دغان، الناجيتين الوحيدتين في الحدث. فرات، التي احتجزت كرهينة وحررها أحد المخربين في ذروة الحدث، روت في مقابلة تلفزيونية بأن قوات وحدة “اليمام” التي كانت خارج البيت، استجوبوها وسمعوا منها أن في البيت 40 مخرباً و14 مواطناً رهيناً. ودغان، التي كانت في البيت عندما أطلقت دبابة نحوه قذيفتين، وهي الوحيدة من المواطنين التي بقيت على قيد الحياة، أكدت شهادة فرات.

     

     مطلب العائلات من الجيش الإسرائيلي، “لإجراء تحقيق شامل وشفاف عن القرارات والأعمال التي أدت إلى هذه النتيجة المأساوية” ونشرها “أولاً للعائلات ثم للجمهور” يقوم أيضاً على أساس أقوال العميد باراك حيرام، الذي أدار القتال في المنطقة في مقابلة لـ “نيويورك تايمز”. قبل نحو أسبوعين، نشرت الصحيفة تحقيقاً شاملاً أجرته عن هجمة حماس في 7 أكتوبر على “كيبوتس بئيري”. في أحد أجزاء التحقيق الصحافي تحت عنوان “معضلة القائد”، يقول قائد فرقة 99، العميد حيرام، إنه أمر قائد دبابة اقتحام بيت باسي كوهين ولو بثمن المس بالمواطنين.

     

     إن مطلب العائلات إجراء التحقيق فوراً وعدم انتظار انتهاء الحرب موضوعي. على حد قولهم، من المهم التحقيق الآن “حين تبقى الذاكرة حديثة لدى كل المشاركين. وبسرعة قبل أن يهدم البيت في صالح إعادة بناء الحي”. إن المطلب الجماهيري للتحقيق الآن وعدم انتظار انتهاء الحرب أمر مهم أيضاً لأنه يدل على نهج مبدئي للجيش الإسرائيلي في ضوء المعضلة التي تطرحها عليه حرب في الظروف الحالية حين يحتجز العدو 136 إسرائيلياً.

     

     حق الجمهور في المعرفة: هل عمل حيرام وفقاً لروح وأنظمة الجيش الإسرائيلي أم بخلافها؟ هل سيطرت روح “هانيبال” على الجيش الإسرائيلي في حربه ضد حماس؟ الجواب على هذه الأسئلة حرج في مرآة الحاضر. الجيش الإسرائيلي ملزم بالإجابة عن هذا السؤال الآن.

     

    ---------------------------------------------

     

     

     

     

    "بوليتيكو" 8/1/2024

     

     

     

     

     

     

     

    كيف ستواجه "إسرائيل" اتهامات الإبادة الجماعية في لاهاي

     

     

     

     

     

     

     

    بقلم: جيمي ديتمر

     

     

     

     

    تسببت تصريحات المتطرفين في حكومة نتنياهو في إثارة الذعر بين حلفاء "إسرائيل" الغربيين، الذين يشعرون بالفعل بعدم الارتياح بشأن مسار الحرب وارتفاع عدد القتلى المدنيين.

     

    كتب جيمي ديتمر، مقالاً في صحيفة "بوليتيكو" تناول فيه القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، من قبل جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل"، والتي تتهم الاحتلال بارتكابه جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ويشير إلى المسار القضائي وكيف يحاول نتنياهو السيطرة على الوزراء في حكومته ودفعهم لعدم التصريح بشكل تعتبره المحكمة دليلاً للإدانة.

     

    أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى اليمين المتطرف والقوميين المتدينين في حكومته الائتلافية بـ "توخي الحذر في كلماتهم عند الحديث عن الأهداف المرجوة من الحرب على الفلسطينيين، كل كلمة لها معنى عندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية"، محذراً من أن التحدث بدوره يضر بصورة تل أبيب الدولية.

     

    وجاء نداء نتنياهو بتوخي الحذر بسبب سلسلة من التصريحات العلنية المثيرة للجدل التي أدلى بها المتشددون في حكومته، عن "ضم قطاع غزة وطرد الفلسطينيين من القطاع".

     

    وهذه التعليقات غير الحكيمة والغريبة ستتشكل أدلة دامغة على "إسرائيل"، خاصة الآن وهي تتحضر للدفاع عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي حددت جلسة استماع الأسبوع المقبل بشأن اتهامات الإبادة الجماعية التي وجهتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل".

     

    وكان وزير الزراعة آفي ديختر يستمتع بتصريحاته عن أن هذه الحرب هي "نكبة غزة"، المصطلح العربي الذي استخدم للإشارة إلى طرد الاحتلال الإسرائيلي ما يقدر بنحو 700 ألف فلسطيني في عام 1948.

     

    وبالمثل، أعلن الوزير جدعون ساعر أن غزة "يجب أن تكون أصغر في نهاية الحرب"، وأن "كل من يبدأ حرباً ضد إسرائيل يجب أن يخسر الأراضي". وأثار وزير التراث عميحاي إلياهو غضباً دولياً عندما فكر علناً فيما إذا كان "ينبغي على إسرائيل إسقاط قنبلة نووية على غزة"، وهي فكرة أصر لاحقاً على أنها "مجازية".

     

    وبطبيعة الحال، تسبب كل هذا الكلام في إثارة الذعر بين حلفاء "إسرائيل" الغربيين، الذين يشعرون بالفعل بعدم الارتياح بشأن مسار الحرب وارتفاع عدد القتلى المدنيين. وجعلت من الصعب للغاية درء مطالب واشنطن ولندن وباريس لتخفيف محنة المدنيين في غزة والحفاظ على دعمهم للحملة العسكرية لـ "سحق" المقاومة.

     

    كما أن التصريحات هذه وفرت صورة حقيقية عن جرائم دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام المتظاهرين والمؤيدين لحقوق الفلسطينيين.

     

    علاوة على ذلك، تسعى بريتوريا، عاصمة جنوب أفريقيا، الآن إلى استصدار أمر مؤقت عاجل من محكمة العدل الدولية، يعلن أن "إسرائيل" تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. تعرف محكمة العدل الدولية أحياناً باسم المحكمة العالمية، وهي المكان القضائي للأمم المتحدة لحل النزاعات بين الدول.

     

    ومما لا شك فيه أن الإجراءات الكاملة التي أثارتها شكوى جنوب أفريقيا ستستمر لسنوات، ومن المحتمل أن تستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب على غزة. لكن المسؤولين الإسرائيليين يخشون من أن محكمة العدل الدولية قد تصدر أمراً قضائياً مؤقتاً، وهم يبذلون قصارى جهدهم لضمان عدم القيام بذلك.

     

    من شأن صدور حكم من محكمة العدل الدولية ضد تل أبيب، وإن كان مؤقتاً، أن يمنح المدعيين انتصاراً كبيراً، ويضع حكومة نتنياهو في موقف محرج، حيث لا تستطيع تجاهل أمر قضائي من شأنه أن يسبب لتل أبيب صعوبات كبيرة مع حلفائها الغربيين، الذين يعانون بالفعل من اضطرابات وتحديات سياسية داخلية خاصة بهم للتعامل معها. كما أن تل أبيب تخاطر بتآكل الدعم الغربي لهدف الحرب الرئيسي المتمثل بعدم حدوث هجوم مثل "طوفان الأقصى" مرة أخرى، على الأقل في المستقبل المنظور.

     

    ومن المرجح أن يؤدي تجنب الأمر القضائي إلى تعكير صفو السياسة الداخلية الإسرائيلية المحمومة بالفعل أيضاً، والمخاطرة بتحطيم الوحدة الشاملة التي تغذي الوحدة الداخلية خلف الحرب.

     

    مع ذلك، فإن إطاعة الأمر القضائي والدعوة إلى وقف الحملة العسكرية من شأنه أن يخاطر بقلب السياسة الإسرائيلية رأساً على عقب أيضاً، مما قد يؤدي إلى انهيار ائتلاف نتنياهو الحاكم الأهوج.

     

    ويتوق العديد من شركاء نتنياهو في الحكم من اليمين الديني بالفعل إلى حرب أوسع ضد "حزب الله" في لبنان والمقاومة في الضفة الغربية. وبالفعل اندلعت بين ممثلي ائتلاف نتنياهو، بسبب تراجعه عن تعهداته السابقة بمنع قطرة وقود من دخول قطاع غزة، حيث قال المتطرف إيتمار بن غفير، الوزير المشرف على الشرطة الإسرائيلية، "طالما أن رهائننا لا يحصلون حتى على زيارة من الصليب الأحمر، فلا معنى لإعطاء العدو هدايا إنسانية".

     

    ولا يثير الدهشة أن "إسرائيل" تخطط الآن لرفع قضية قوية أمام محكمة العدل الدولية ضد مزاعم الإبادة الجماعية في جنوب أفريقيا، والتي وصفها المتحدث باسمها إيلون ليفي بأنها "تشهير دموي".

     

    ولإعداد قضيتها، تقوم تل أبيب بتجميع فريق من كبار المحامين من (وزارتي العدل والخارجية ومجلس الأمن القومي والجيش الإسرائيلي). كما أن البحث جار عن حقوقيين دوليين بارزين للمساعدة، ويتم ذكر اسم المحامي الأميركي المثير للجدل آلان ديرشوفيتزك "كمدافع" محتمل.

     

    وفي الوقت نفسه، تتواصل الحكومة الإسرائيلية مع الحكومات الغربية للحصول على بيانات دعم. ومن المرجح أن يطلب من أوكرانيا، التي رفعت قضية الإبادة الجماعية ضد روسيا، تقديم أدلة رسمية ضد موسكو لإبعاد الأنظار عن قضية الجرائم الإسرائيلية.

     

    كجزء من الدفاع، من شبه المؤكد أن المدافعين عن "إسرائيل" سوف يعيدون تدوير الاتهامات لحركة "حماس" بارتكاب الفظائع مع أنه ثبت زيفها. وسوف يجادلون بأن لـ "إسرائيل" الحق في "الدفاع عن نفسها"، وأن القيام بذلك دون التسبب في سقوط ضحايا مدنيين أمر "مستحيل".

     

    خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت هذا الأسبوع، حاول ليفي أن يظهر خطوات الجيش لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين في غزة. وقال، "إن حماس تتحمل المسؤولية الأخلاقية الكاملة عن الحرب التي بدأتها".

     

    لكن مهمة الدفاع عن "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية سوف تطارده تصريحات ديختر وشركائه، الذين تستشهد بهم جنوب أفريقيا في ملف القضية القانونية. وعلى الرغم من مناشدة نتنياهو لوزراء ائتلافه، إلا أنهم لم يتوقفوا عن تعليقاتهم، وفي الأسبوع الماضي خصت وزارة الخارجية الأميركية بالذكر وزيرين إسرائيليين يمينيين متطرفين كانا يضغطان من أجل إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، وانتقدت خطابهما التحريضي وغير المسؤول.

     

    بالتالي، قد يندم نتنياهو كثيراً لعدم إخضاع شركائه المتطرفين في الائتلاف لحزم أكبر.

     

    ------------------انتهت النشرة------------------


    http://www.alhourriah.ps/article/86950