تقرير: حكومة الاحتلال تواصل نشاطاتها الاستيطانية وتتنصل من وعودها الكاذبة في العقبة وشرم الشيخ
2023-03-25
نابلس (الاتجاه الديمقراطي) أصدر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان تقريره الاستيطاني الأسبوعي خال الفترة الممتدة من 18-24 آذار (مارس) 2023 المعنون بـ«حكومة الاحتلال تواصل نشاطاتها الاستيطانية وتتنصل من وعودها الكاذبة في العقبة وشرم الشيخ». وهذا نص التقرير:
لم يمض يومان على اجتماع شرم الشيخ بين وفدين أحدهما فلسطيني والثاني اسرائيلي بمشاركة كل من الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية مصر العربية والمملكة الاردنية، وتعهد حكومة تل ابيب للمرة الثانية بعد العقبة قبل أسبوعين بعدم القيام بإجراءات أحادية الجانب، حتى صادقت الهيئة العامة للكنيست الاسرائيلي، بالقراءات الثانية والثالثة، على مشروع قانون «إلغاء قانون الانفصال» في الضفة الغربية وقطاع غزة، بأغلبية 31 عضواً في الكنيست مقابل 18 معارضًا.
ويهدف مشروع القانون هذا الذي قدمه المتطرف يولي إدلشتاين، عضو الكنيست من حزب الليكود ورئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، إلى إلغاء البنود التي كانت تحظر على المستوطنين دخول نطاق أربع مستوطنات أخليت في الضفة الغربية المحتلة في العام 2005، وهي مستوطنات: جانيم، وكديم، وحومش، وسانور، على نحو يفتح المجال أمام إعادة استيطانها من جديد، وذلك في إطار السياسة والاتفاقيات الائتلافية لتشكيل الحكومة والتي تهدف إلى شرعنة بؤر استيطانية عشوائية شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وعلى الرغم من أن القانون المذكور لا يصادق على بناء مستوطنة على الأرض لكنه يمنح إذنا للمستوطنين بدخول أرض فلسطينية تم إخلاؤها، ومن المرجح أن يتبع المصادقة على القانون بدء المستوطنين بمحاولة بناء بؤر استيطانية توطئة لخلق حقائق جيدة على الأرض يجري تسوية أوضاعها لاحقًا كما هي العادة، كما أن هذا القانون سيشكل حجر الزاوية لإعادة بناء مستوطنة «حومش» بشكل خاص على أراض فلسطينية خاصة مسجلة في الطابو، لانه رغم إخلاء «حومش» ما زالت هناك مدرسة دينية وقد باتت تشكل مصدراً كبيراً لعنف المستوطنين ممن يتلقون حماية من جيش الاحتلال لحرمان الفلاحين الفلسطينيين من فلاحة أراضيهم.
وجاء قانون «فك الارتباط» هذا لاحقًا لقرار المجلس الوزاري المصغر في الشهر المنصرم بـ «تبييض» 9 بؤر استيطانية والشروع في إجراءات بناء 7200 وحدة استيطانية وغيرها وفعلياً سيؤدي هذا القانون إلى ضم فعلي لأجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية.
ولم يتردد الوزير بن غفير في التعقيب على هذا القانون قائلاً بتغريداته أنه فخور بالمشاركة في إلغاء القانون، وفي شرعنة مستوطنات جديدة، وفي العودة إلى كل أجزاء بلادنا على حد زعمه . كما قالت وزيرة الاستيطان اليمينية المتطرفة والفاشية أوريت ستروك، التي رفضت النقد القاسي في البيت الأبيض بجملة موجزة، قصيدة شعر قصيرة من الغرور، انغلاق الحس والجهل: «أقترح على الأميركيين ألا يتحدثوا عن الاتفاقات التي لم تحترم».
وفي القدس تتواصل مخططات الاستيطان، حيث من المقرر أن تناقش لجنة التخطيط المحلية الإسرائيلية في بلدية القدس أربع مخططات استيطانية في التاسع والعشرين من الشهر الجاري وهي: مركز واد الجوز للأعمال (وادي السيليكون)، وخطة القناة السفلى، وخطتان للتوسع الكبير في مستوطنة راموت. خطة القناة السفلى هذه هي لمستوطنة جديدة في جنوب القدس على امتداد الخط الأخضر وتقترب من خطواتها النهائية قبل الموافقة عليها، وستتم مناقشة المخططين لتوسيع مهم في مستوطنة راموت للمرة الأولى، حيث تقدم السلطات الإسرائيلية خطة وادي السيليكون على أنها توفر فرص عمل وتعزز اقتصاد القدس الشرقية، ولكن من الناحية العملية يمكن أن تؤدي إلى إغلاق وإخلاء حوالى 200 منشأة فلسطينية، لتحل محلها شركات إسرائيلية، حسب مصادر اسرائيلية.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الأشهر الثمانية عشر الماضية شهدت زيادة في الترويج لمخططات استيطانية، بما في ذلك هذه المخططات الأربعة، إلى جانب خطط أخرى مثل خطة عطاروت الاستيطانية، وخطة توسيع مستوطنة نوف تسيون، وخطة لمضاعفة حجم مستوطنة جفعات هاماتوس.
وبشأن مخطط مركز أعمال وادي الجوز (وادي السيليكون)، الذي أطلقته سلطة تطوير القدس، فهو لمركز أعمال على مساحة 80 دونماً في المركز الحضري للقدس الشرقية - ليس بعيداً عن البلدة القديمة. وقد انتهت فترة تقديم الاعتراضات على المخطط في 26 شباط، حيث تم تقديم عدد كبير من الاعتراضات التي اشارت إلى أن المواطنين قلقون بشأن التأثير السلبي للخطة على حقوق الملكية وسبل عيشهم (59 اعتراضاً من أصحاب الأراضي وأصحاب الأعمال في المنطقة المعنية). وعلى الرغم من مرور شهر فقط على انتهاء فترة تقديم الاعتراضات، فإن الخطة تقترب بالفعل من مناقشة ستقربها من الموافقة النهائية بهذه السرعة العالية بشكل استثنائي بفعل إصرار السلطات الإسرائيلية . جدير بالذكر ان المنطقة المخططة لوادي السيليكون هي منطقة تجارية مزدحمة بها متاجر وكراجات وغيرها من الأعمال الصغيرة وجميعها يتهددها خطر الهدم واستبدالها بمباني مكاتب شاهقة لشركات التكنولوجيا الفائقة.
كما تتضمن الخطة 194 وحدة سكنية. وتثير الخطة مخاوف بشأن تأثيراتها السلبية الجوهرية خاصة وانها تنطوي على إخلاء معظم المصالح القائمة، إن لم يكن جميعها، دون الحصول على أي تعويض. ويقدر أصحاب المتاجر المحلية أن إغلاق الشركات القائمة يعني أن 2000 عامل سيفقدون وظائفهم، حيث من المرجح أن تقوم الشركات الإسرائيلية أو الدولية بتوظيف عمال إسرائيليين بالدرجة الرئيسية. هذا إلى جانب حقيقة أن المنطقة المعنية تربط بين الشيخ جراح حيث تعمل منظمات المستوطنين على إخلاء العائلات الفلسطينية والبلدة القديمة، وهو ما يثير القلق. فتحت ستار التنمية الاقتصادية، قد تعمل السلطات الإسرائيلية على بدء توسيع نطاق إخلاء الشركات الفلسطينية واستبدالها بمستوطنة «تجارية» إسرائيلية في حوض البلدة القديمة.
أما خطة مستوطنة القناة السفلية، فهي في التوجه العام لبناء مستوطنة جديدة على مساحة 190 دونماً على جانبي الخط الأخضر. وهي خطة بادرت اليها سلطة الأراضي الإسرائيلية، وتشمل بناء 1230 وحدة سكنية استيطانية. ومن شأن ذلك أن يربط المنطقة المعنية بين مستوطنتي هار حوما وجفعات هاماتوس. لذلك، فإن بناء مستوطنة إسرائيلية هناك سيزيد من قطع الممر بين القدس الشرقية وبيت لحم بشكل خاص وجنوب الضفة الغربية في اتجاه الخليل بشكل عام. وتشمل الخطة أيضا طريق وصول يمر عبر أراضٍ فلسطينية خاصة. وبالتالي، ستنطوي الخطة أيضاً على مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح البناء للإسرائيليين.
وفي ما يتعلق بتوسيع مستوطنة راموت، فهي خطة جديدة لتوسيع هذه المستوطنة باتجاه الشمال الشرقي باتجاه الجدار الفاصل وجيب بير نبالا. وتشمل الخطة بناء 1318 وحدة سكنية على مساحة 65 دونماً. ومن المتوقع عقد الجلسة الأولى للتقدم بالخطة في وقت قريب وبعدها سيتعين على لجنة المنطقة اتخاذ قرار بشأن الإيداع المستقبلي للخطة للمراجعة العامة. أما الخطة الثانية الخاصة بمستوطنة راموت، فهي في المنطقة المتاخمة لراموت كما أنه يوسع المستوطنة شمال شرق باتجاه الجدار الفاصل وجيب بير نبالا. وتشمل الخطة بناء 600 وحدة سكنية على مساحة 28 دونماً .
وتعمل سلطات الاحتلال ضمن مخطط استيطاني جديد لإقامة «مطلة ومقهى» تهويدي فوق المدرسة التنكزية وحائط البراق، والأبنية المطلة على المسجد الأقصى المبارك. وتُشرف بلدية الاحتلال وما يسمى «صندوق إرث المبكى» على إقامة هذا المقهى التهويدي، لصالح المستوطنين المتطرفين الذين يقتحمون المسجد الأقصى.
عن تفاصيل المخطط التهويدي، بدأ الاحتلال العمل على إقامة «المقهى والمطلة»، بعدما وضع كل الترتيبات والإجراءات اللوجستية والفنية اللازمة لذلك، من كاميرات مراقبة، وإضاءة، وسلالم حديدية، وغيرها من التجهيزات، سيقام على مساحة 300 متر مربع فوق المنطقة المذكورة.
كما تغطي المشاريع الاستيطانية التي تخطط لها سلطات الاحتلال بقية المحافظات في الضفة الغربية ، فقد أصدرت هذه السلطات قراراً بالاستيلاء على أراضٍ في محافظتي رام الله وسلفيت وذلك بوضع اليد على أرضٍ بمساحة 49 دونماً من أراضي قرية رنتيس في رام الله ومثلها في دير بلوط بسلفيت، لأغراض عسكرية. ويتضمن القرار تجديد وضع اليد على 27.6 دونماً، بالإضافة إلى وضع اليد على 21.39 دونمًا جديدًا حتى عام 2027، وهي قرارات قابلة للتجديد، كما أصدرت سلطات الاحتلال قراراً بالاستيلاء على أراضٍ في قرية صفّا غرب رام الله، لأغراض عسكرية.
فضلاً عن ذلك نشرت سلطات الاحتلال يوم الاربعاء الماضي مناقصات لبناء 1029 وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، في انتهاك لتعهداتها في اجتماع شرم الشيخ، الذي عقد في التاسع عشر من آذار الجاري، بتجميد العطاءات الاستيطانية لفترة محدودة منها 940 وحدة سكنية جديدة في مستوطنتَي إفرات وبيتار عيليت بالدرجة الرئيسية و89 في القدس الشرقية في استهتار واضح بوعودها، وهي وعود كاذبة، وفي استهتار بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومعارضة المجتمع الدولي بما في ذلك حلفاء اسرائيل في الولايات المتحدة وفي دول الاتحاد الاوروبي في محاولة لتهدئة التوترات بالمنطقة قبل شهر رمضان. وسوف يجري قسم من مخططات البناء هذه في مستوطنات صغيرة نسبياً، ما يعني أنه سيتم توسيعها بصورة كبيرة. ويقع 80% من مخططات البناء هذه في مستوطنات في عمق الضفة الغربية ما يؤشر على استحالة إقامة دولة فلسطينية في أية تسوية سياسية محتملة.
على صعيد آخر وفي تطور فيه تطاول على التاريخ وتزويرًا لحقائقه، التي لا تنكرها حتى الأساطير التوراتية، واصل وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموترتيش، تحريضه على الشعب الفلسطيني ودعا إلى محو وجوده من الذاكرة الانسانية. فبعد أن دعا إلى محو بلدة حوارة الى الجنوب من مدينة نابلس من الوجود، تابع خلال زيارة له إلى فرنسا، للمشاركة بأمسية أقيمت بالعاصمة الفرنسية باريس تكريمًا لجاك كوبفر، الناشط الصهيوني الراديكالي والرئيس السابق لحزب الليكود في فرنسا أنه «لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، فهو اختراع وهمي لم يتجاوز عمره 100 سنة». وبحسب التصريحات التي نقلها الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، قال سموترتيش إن جده الذي كان في القدس من الجيل الثالث عشر هو الفلسطيني الحقيقي وجدته التي ولدت في تولا منذ أكثر من 100 عام لعائلة من الرواد، فلسطينية.
وأضاف معبراً عن جهله وحماقته وعنصريته أن على المرء أن يقول الحقيقة دون الانصياع لأكاذيب وتحريفات التاريخ، ودون الخضوع لنفاق حركة المقاطعة والمنظمات الموالية للفلسطينيين، على حد قوله. وتساءل متنكراً حتى لأسفار توراته، من كان أول ملك فلسطيني؟ وما هي لغة الفلسطينيين؟ هل هناك عملة فلسطينية من قبل؟ هل هناك تاريخ أو ثقافة فلسطينية؟، ليجيب بالقول «هناك عرب في الشرق الأوسط وصلوا إلى أرض إسرائيل في نفس الوقت مع الهجرة اليهودية وبداية الصهيونية. إنهم يخترعون أمة وهمية ويطالبون بحقوق وهمية في أرض إسرائيل لمجرد محاربة الحركة الصهيونية». وختم تصريحاته بأن العرب اخترعوا شعبًا وهميًا من أجل التصدي للحركة الصهيونية ومحاربتها «وتلك هي الحقيقة التاريخية، التي يجب أن تسمع في جميع أنحاء العالم، يجب سماع هذه الحقيقة هنا في قصر الإليزيه، يجب أن يسمعها اليهود في دولة إسرائيل المرتبكون، يجب أن تسمع بالعاصمة الأميركية واشنطن وفي البيت الأبيض».
وعلى كل حال لم يكن سموتريتش المسؤول الصهيوني الأول الذي تنكر لحقيقة وجود شعب فلسطيني، فقد سبقته رئيسة حكومة إسرائيل الراحلة غولدا مئير، التي قالت في حديث للتلفاز البريطاني عام 1970 إنه لا يوجد شعب فلسطيني، وتساءلت في حينه كما يتساءل سموتريتش بعدها بخمسين عامًا ضمن محاولات نفي حقيقة الشعب الفلسطيني بالقول «ما الفرق بين العرب في شرق نهر الأردن والعرب في غربه؟ متى ولد الفلسطينيون؟ ماذا كان هذا المكان قبل حرب العالمية الأولى؟ عندما تلقت بريطانيا الانتداب على فلسطين كانت هذه بلاداً ممتدة بين البحر المتوسط وبين الحدود العراقية» ■