«من هم أصحاب البيت هنا » ... عنوان الاستيطان في حكومة نتنياهو، بن غفير وسموتريتش
2022-12-03
نابلس (الاتجاه الديمقراطي)
أصدر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان تقريره الاستيطاني الأسبوعي المعنون بـ«من هم أصحاب البيت هنا»، سلط الضوء على أن حكومة الانقلاب الثاني في النظام السياسي الاسرائيلي لم تتشكل بعد، غير ان المعطيات تشير إلى أن بنيامين نتنياهو في الطريق إلى تشكيلها مع ايتمار بن غفير وبيتلئيل سموتريتش، زعيمي الأحزاب الفاشية الجديدة في اسرائيل، الأول مستوطن يسكن في مستوطنة كريات اربع في محافظة الخليل والثاني أيضاً مستوطن ويسكن في مستوطنة كدوميم في محافظة قلقيلية. وعندما نقول الانقلاب الثاني، فإنما نعطف بذلك على الانقلاب الأول، الذي جاء بمناحيم بيغن الى السلطة عام 1977 . تداعيات الانقلاب الذي قاده مناحيم بيغن على الاوضاع الفلسطينية تحت الاحتلال كانت إطلاق شيطان الاستيطان من القمقم، وكذا هو المتوقع من الانقلاب الثاني، الذي جاءت به انتخابات الكنيست الخامس والعشرين في الاول من نوفمبر الماضي، خاصة وأن بن غفير على رأس حزب «القوة اليهودية» مستوطن ومثله كذلك سموتريتش على رأس حزب «الصهيونية الدينية»، وكلاهما مسكون بجنون السؤال، «من هم أصحاب البيت هنا».
مع حزب بن غفير «القوة اليهودية» توصل نتنياهو الى تفاهمات جعلت من بن غفير حارساً لأطماع اسرائيل الاستيطانية التوسعية، فقد فاز بما بات يسمى «وزارة الامن القومي» بصلاحيات موسعة تجيز له إطلاق موجة من النشاطات الاستيطانية بتمويل حكومي لا تقتصر تداعياتها على تسوية أوضاع ما يسمونه «الاستيطان الفتي»، وتحويل البؤر الاستيطانية الى مستوطنات شرعية وفق قوانين الاحتلال تتمتع كل منها بحكم محلي وترتبط بشبكة طرق ومياه وكهرباء وبمخصصات كبيرة وربما بتعيين حاخام في كل منها. هذه الصلاحيات تسمح لبن غفير التصرف كرئيس حكومة موازية في الضفة الغربية معززا بصلاحيات واسعة تضع تحت تصرفه الشرطة وحرس الحدود والحرس الوطني، الذي قررت حكومة يئير لبيد المنصرفة تأسيسه كميليشيا رسمية للمستوطنين. ومع سموتريتش تبدو ملامح الاتفاق الائتلافي في طريقها الى التبلور بصلاحيات تسمح له هو الآخر التصرف كرئيس حكومة «يهودا والسامرة». يقرر ما الذي يجب ان تكون الامور عليه في حومش، وفي أفيتار، وفي الخان الأحمر وفي باقي باقي البؤر الاستيطانية فضلاً عن المستوطنات من خلال توسيع صلاحيات وزارته لتغطي مجالات عملها بعض الصلاحيات المنوطة بما يسمى «الادارة المدنية» في الضفة الغربية او «يهودا والسامرة» وفق مصطلحات الاحتلال .
في هذا السياق قدم وزير الجيش بيني غانتس، وصفاً يعكس حتى مخاوف الداخل الاسرائيلي حين قال إن «الاتفاق الائتلافي الذي جرى توقيعه بين حزبي الليكود و«القوة اليهودية» الفاشي، وتعيين رئيس الأخير إيتمار بن غفير، وزيرا للأمن الداخلي، وتغيير اسم هذه الوزارة إلى «وزارة الأمن القومي» ستكون له تداعيات خطيرة على إسرائيل لأنه يعني «إقامة جيش خاص لبن غفير». لأن فصل قدرات وصلاحيات الإدارة المدنية بين وزارتي الأمن والمالية، وممارسة القوة الأمنية في ما يسميه «يهودا والسامرة» بين وزارتي الجيش والأمن القومي ، قد تجلب على دولة الاحتلال ضغوطا دولية شديدة حول «ضم فعلي» في «يهودا والسامرة» من دون أن نستفيد شيئا، لا في الأمن ولا على الأرض. وهذا يؤدي إلى ضعف إداري وضعف أمني كبير. وفكرة إنشاء «جيش خاص» لبن غفير في الضفة تشكل خطرا على ممارسة القوة وستنتج أخطاء أمنية جدية».
وفي السياق كذلك تتطلع الحكومة الإسرائيلية المقبلة برئاسة بنيامين نتنياهو ضمن خطة تجري بلورتها إلى شرعنة البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية المحتلة والتي أقامتها ما يسمى «شبيبة التلال»، وتقضي الخطة بمصادرة آلاف الدونمات بملكية خاصة للفلسطينيين لتطوير البنى التحتية وشق الطرق الاستيطانية، ورصد ميزانيات لتحديث وتطوير ما يسمى «المستوطنات الفتية» (الاسم الحركي للبؤر الاستيطانية) ووضع معايير جديدة وتوسيع صلاحيات «الإدارة المدنية» للمصادقة على الأراضي التي سيتم تخصيصها للاستيطان والتوسع الاستيطاني وتبيض البؤر الاستيطانية.
أما عراب هذه الخطة فهو وزير الأمن القومي المعين، إيتمار بن غفير، الذي أوضح أنه يسعى من خلالها إلى تبيض وشرعنة جميع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، وذلك من خلال الخطة الحكومية التي تقضي شرعنة 60 بؤرة استيطانية من منطقة جبل الخليل حتى المناطق الشمالية بالضفة الغربية، على أن تعرض الخطة على حكومة نتنياهو للمصادقة عليها، وذلك بعد 60 يومًا من الإعلان عن تشكيل الحكومة.ووفقا للاتفاق الائتلافي بين الليكود وبن غفير، فإن الخطة تقضي بإصدار قرار حكومي ينص على توفير جميع العوامل والميزانيات والآليات من أجل شرعنة البؤر الاستيطانية وتطوير «المستوطنات الفتية»، واستكمال عمليات التنظيم والتخطيط والتبييض لجميع المستوطنات في غضون 18 شهراً، كما سيتم إجراء تعديلات على قانون الكهرباء، والذي سيتيح التوصيل والربط الفوري بشبكة لكهرباء والبنية التحتية لجميع البؤر الاستيطانية بعد ذلك، ومن أجل تطبيق القرار، ستخصص الحكومة ميزانية تقارب 180 مليون شيكل سنويا للبنية التحتية لـ«المستوطنات الفتية» . وتظهر المعطيات الى وجود نحو 130 بؤرة استيطانية بالضفة الغربية والأغوار يقطنها قرابة 25 ألف مستوطن، غالبيتهم العظمى ممن يسمونهم «شبيبة التلال» الذين ينشطون في ترويع الفلسطينيين وتنفيذ جرائم «تدفيع الثمن»، والاعتداء على الفلسطينيين وتدمير محاصيلهم الزراعية ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم.
وفي النشاطات والمخططات الاستيطانية تحاول الحكومة المنصرفة تقديم نفسها باعتبارها أيضا ترعى الاستيطان والنشاطات الاستيطانية، فقد تحدث وزير جيش الاحتلال المنتهية ولايته بني غانتس الاسبوع الماضي في مقابلة للقناة 13 بانه لا يعرف حتى الآن من سيخلفه في المنصب فأكد مصادقته على الأف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس. ودعا الى تسمين المستوطنات وحماية غور الأردن وتعزيز النشاطات الاستيطانية قائلاً: «لقد فعلت ذلك، لقد وافقت على 10.000 وحدة استيطانية في الضفة الغربية».
وبدورها ادعت وزيرة الداخلية في حكومة لبيد المنصرفة، أييليت شاكيد، أن وزارتها أنجزت مخططات لبناء 9 آلاف وحدة سكنية وتجارية استيطانية على أراضي مطار قلنديا بالقدس المحتلة، وتشمل المرحلة الأولى من المخطط الشروع ببناء 3800 وحدة استيطانية، وبعد فحص معايير جودة البيئة، سيتم توسيعها بآلاف الوحدات الاستيطانية تضاف إليها المرافق العامة والمناطق التجارية والصناعية التشغيلية. وتوجهت شاكيد عشية نهاية ولايتها إلى اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس بغية التسريع في المصادقة على المخطط الاستيطاني والشروع بإجراءات تنفيذ المخططات على أراض الواقع، ويعرف المخطط إسرائيلياً على أنه «توسع استيطاني في عطروت»، حيث أرادت شاكيد ومع انتهاء ولايتها، وقبيل تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، الانتقال إلى الإجراءات العملية لتنفيذ المخطط الاستيطاني .
إلى ذلك أبلغت لجنة التنظيم والبناء اللوائية أنه حتى الآن لم يتم الانتهاء من المسح البيئي للموقع الذي سيقام عنده المشروع الاستيطاني والتجاري، ما يعني عدم المصادقة النهائية على المخطط الاستيطاني. ويشمل المخطط الاستيطاني بناء نحو 9 آلاف وحدة استيطانية وفنادق ومرافق وحدائق عامة ومناطق صناعية، على أرض المطار، البالغة مساحتها 1243 دونما، كما يشمل المخطط إقامة مجمعات تجارية بمحاذاة شارع رقم 45 وتحويل الصالة الرئيسية في مطار القدس المهجور إلى «مرفق سياحي».
وكان المخطط الاستيطاني شمال القدس قد وضع قبل عدة سنوات، وتم تجميده في أكثر من مناسبة بسبب الضغوط السياسية الدولية الرافضة للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. ويحظي المخطط الاستيطاني بدعم كبير من رئيس بلدية الاحتلال في القدس، موشيه ليئون، ورئيس كتلة المعارضة في البلدية، ووزير الإسكان في حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية، زئيف إلكين.
برنامج حكومة المستوطنين لا يقتصر على إطلاق موجة عالية من النشاطات الاستيطانية ، بل يتجاوز ذلك الى إعلان الحرب على المقدسات الاسلامية . فقد أعلن زعيم حزب «القوة اليهودية» إيتمار بن غفير اعتزامه اقتحام المسجد الأقصى الشهر المقبل. وقد سبق لبن غفير أن اقتحم المسجد أكثر من مرة في الماضي بصفته عضو كنيست غير ان اقتحامه المقبل سيكون الأول بصفقته وزير الأمن القومي في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية تنفيذاً لوعده الانتخابي باستمرار اقتحاماته حتى بعد تعيينه وزيراً. ولم يستبعد السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى.
وبدورها ُتخطط «جماعات الهيكل» المزعوم لاقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك، فيما يسمى عيد «الأنوار/الحانوكا» اليهودي، الذي يبدأ في 18 ديسمبر/كانون أول المقبل. فقد شرعت الجماعات المتطرفة بحشد أنصارها لذلك خلال العيد اليهودي، والذي يستمر لمدة ثمانية أيام وسط محاولات لإضاءة شمعدان «الحانوكا» داخل المسجد . وعادةً ما يتخلل العيد اليهودي تنظيم حملات ومسيرات استيطانية استفزازية تنادي باقتحام المسجد الأقصى بشكل جماعي وموسع، بالإضافة إلى محاولات لإضاءة الشمعدان في المسجد. وتنشط في العيد «منظمات الهيكل»، مثل «نساء لأجل الهيكل»، «طلاب لأجل الهيكل»، «برنامج هليبا التوراتي»، و«اتحاد منظمات الهيكل» بدعوة المستوطنين للمشاركة الواسعة في اقتحامات مكثفة ومستمرة للأقصى، بذريعة إقامة طقوس وشعائر تلمودية للاحتفال بـ«عيد الحانوكاه».
وفي معطيات صادرة عن الجيش الإسرائيلي ، في تلخيص لأنشطته ضمن العملية العسكرية التي أطلق عليها «كاسر الأمواج»، والتي بدأت في آذار/ مارس الماضي، تضاعفت هجمات الإرهاب اليهودي التي يمارسها مستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة ووفقا لتلك المعطيات فقد شهد العام الماضي ارتفاعا حادا في هجمات الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين لتصل إلى 838 اعتداءا في عام 2022 ، أي ما يقرب من ضعف اعتداءات المستوطنين المسجلة عام 2021 على اختلاف أشكالها، بما في ذلك إلقاء الحجارة وإتلاف ممتلكات فلسطينية خاصة، كانت قد بلغت عام 2020 نحو 353 اعتداءً، و339 في عام 2019. ■