«المكتب الوطني» يحذر من عواقب تسيير المستوطنين لدوريات مسلحة في شمال الضفة
2022-09-24
نابلس (الاتجاه الديمقراطي)
حذّر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان من عواقب شروع المستوطنين مؤخراً، وفي سابقة خطيرة تنذر بعواقب وخيمة، بتسيير دوريات مسلحة في بعض المناطق المأهولة بالسكان الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، وذلك في اختبار اولي لردود الفعل على ممارسات تشكل الوجه الأخر لأعمالهم الإجرامية.
وقال المكتب الوطني، إن «مستوطنين متطرفين من مستوطنة «يتسهار» وبالتعاون مع رؤساء مجلس المستوطنات في منطقة شمال الضفة الغربية، قد شكلوا مليشيا مسلحة تحت مسمى «الحرس المدني» للقيام بعمليات تمشيط ليلية، على «الطريق 60» الذي يمر ببلدة حوارة جنوب نابلس.
وتستخدم عناصر هذه المليشيا المسلحة، الأسلحة النارية الشخصية المرخصة من الادارة المدنية. وعلى الرغم من إصرار هذه المليشيا على اقتصار دورها على دوريات لمساعدة جيش الاحتلال وتأمين مرور المستوطنين على الطرق التي تمر بمناطق مدنية فلسطينية الحماية فإن الخطر يكمن في قيامها باعتداءات على المواطنين في المنطقة والذين يعانون اشد المعاناة من منظمات الارهاب اليهودي الذين يتحصنون في المستوطنة المذكورة وفي عدد من البؤر الاستيطانية المحيطة بها.
وفي السياق، وفي الوقت الذي لم تعلق قيادة الجيش على تشكيل مثل هذه الميليشيات من مستوطنين متطرفين، فإن اوساطاً في يسار الوسط في إسرائيل لا تبدي ارتياحا لمثل هذا التطور الجاري في أكثر من منطقة في الضفة الغربية.
ففي مطلع العام الحالي أقر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي «عومر بارليف» من حزب العمل الاسرائيلي بأن المستوطنين يمارسون إرهاباً منظمًا ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بعد ان تضاعف معدل اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية وتخريب وحرق الممتلكات والمزارع على مرأى من جنود الجيش الإسرائيلي. مخططات الاستيطان في القدس
وفي مخططات الاستيطان التي لا زالت تعصف بالقدس المحتلة، صادقت ما تسمى «اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الإسرائيلية»، على مخطط استيطاني «الحديقة الوطنية – الغزلان» في مستوطنة «بسغات زئيف» وذلك بعد أقل من أسبوع على تقديم المخطط.
وكشفت مؤسسات استيطانية عن حصولها على قرار موقع من رئيس اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس، شيرا بطليموس بابائي، بشأن المخطط لإنشاء حديقة طبيعية حضرية تغطي مساحة تقارب 700 دونم في المنطقة، حيث تعيش قطعان من الغزلان وأنواع فريدة من النباتات والحيوانات، حسب المؤسسات الأستيطانية التي ستشارك مع البلدية وسلطة الطبيعة في بناء تلك الحديقة.
وتعتبر مستوطنة «بسغات زئيف» شمال القدس الشرقية المحتلة أكبر المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالمدينة، حيث يتجاوز عدد المستوطنين فيها 55 ألفًا، وهي من المستوطنات الدائرية الخمسة التي تحاصر القدس من الشمال وتفصل الأحياء الفلسطينية عن بعضها البعض وتتوسع على حساب أراضي 5 قرى، هي: شعفاط وبيت حنينا، غرب حزما، جنوب مستوطنة النبي يعقوب، وشمال عناتا ومخيم شعفاط لللاجئين، وبعد بناء جدار الفصل العنصري أصبحت المستوطنة داخل الجدار العازل في القطاع الشمالي من القدس بينما استثني مخيم شعفاط وتم إخراجه خلف الجدار وتم بناء معبر عسكري يفصل المخيم وجزء كبير من أراضي شعفاط وعناتا عن وسط القدس الشرقية والذي يعد أقرب الأحياء للبلدة القديمة.
ويعتبر قرار المصادقة هذا تثبيتا لقرارات المصادرة لنحو 1170 دونمًا من أراضي شعفاط وبيت حنينا وعناتا، إذ يقضي هذا القرار على المساحة الوحيدة المتوفرة لتوسع المقدسيين والتي أصبحت محصورة بين قطاعين من البناء الاستيطاني الذي يفصل شعفاط عن بيت حنينا، والخط الاستيطاني الثاني، الذي يفصل بيت حنينا عن حزما.
ومن الملفت للانتباه أن الشركات الاستيطانية وسلطة الطبيعة وبلدية الاحتلال تدرك أن خطة بناء هذه الحديقة على أراضي شعفاط وبيت حنينا وحزما كانت بمبادرة قام بها المستوطنون المتطرفون من "بسغات زئيف" التي تلقت دعمًا كبيرًا من حكومات الاحتلال المتعاقبة ودعمًا من بلدية القدس ورئيس البلدية المتزمت موشيه ليون.
في الوقت ذاته، قرر وزير شؤون القدس المتطرف زئيف الكين، تخصيص 2.5 مليون شيكل لما يسمى إنقاذ الشارع الرئيس القديم -الكاردو- في البلدة القديمة من القدس المحتلة بحجة الحفاظ عليه بعد ظهور تصدعات وتشققات نتيجة الحفريات والأنفاق التي تجريها جمعية "العاد" الاستيطانية أسفل احياء البلدة وخاصة في المنطقة الجنوبية من باب المغاربة وحارة المغاربة ومنطقة القصور الاموية جنوبي المسجد الأقصى.
ووفق وزارة شؤون القدس والتراث الإسرائيلية، كشف تقرير هندسي خاص تم تقديمه مؤخرًا إلى الوزارة، أن هناك خطرًا مباشرًا بانهيار شارع «كاردو» في البلدة القديمة، حيث اجمعت الدوائر الرسمية الخاصة بالوزارة مع لجنة القدس العليا بقيادة الوزير الكين على رصد ميزانية فورية قابلة للزيادة وفق الاحتياجات لتقوية وترميم هذا الموقع المهم في البلدة القديمة من القدس.
ويخترق هذا الشارع القديم في القدس حي المغاربة «الحي اليهودي» في البلدة القديمة، وهو أثري قديم تم اكتشافه بعد حفريات وتنقيب جرت بعد حرب الأيام الستة عام 1967، حيث يشتمل الشارع القديم على طريق من الأعمدة المحفوظة من أيام الاحتلال الروماني للقدس ، وأقبية وأقواس حجرية.
وإلى ذلك كشفت وزارة شؤون القدس الاسرائيلية عن مجموعة مشاريع استيطانية تهويدية للبلدة القديمة واكدت ان الوزير الكين والمدير العام لوزارة القدس والتراث ناثانيال إسحاق، قاما بجولة في الحي بقيادة مدير عام شركة تطوير الحي هرتزل بن آري، الأسبوع الماضي، الذي أوضح لهما عن مشروع ترميم كاردو والتقدم المحرز في بناء مصعد حائط المبكى، وترميم كنيس (مجد إسرائيل)، وهما مشروعان مهمان صادق عليهما الوزير الكين، وستبدأ أعمال ترميم (الكاردو) في الأسابيع المقبلة من قبل الشركة لتطوير الحي اليهودي.
ولفت الكين إلى الأهمية التاريخية للكاردو الذي يحظى بزيارة مئات الآلاف من اليهود والسياح الاجانب كل عام يستلزم الحفاظ عليها وحفظه من الانهيار، وقال: «وزارة القدس والتراث برئاستي تقوم حاليًا بثورة في البنى التحتية والسياحة في الحي اليهودي باستثمار عشرات الملايين من الشواكل».
وفي القدس كذلك، أوصت بلدية الاحتلال اللجنة اللوائية الإسرائيلية بإيداع 3 مخططات لبناء 706 وحدات على أنقاض مباني في حي الطالبية ضمن ما تسمى الآن «تلبيوت»، وتشمل الخطة الأولى هدم ۷ مبان سكنية مـن 3 إلى 4 طوابق، تتألف من 104 وحدات، وسيتم بناء مجمع سكني فـي مكانهـا، يتكون مـن 4 أبراج تضم ٢٥ طابقاً تحتوي على 390 وحدة.
كما تتضمـن الخطة مزيجًا مـن المراكز التجارية ورياض الأطفال ومراكز الرعاية النهارية، وكنيساً يهودياً في منطقة المباني السكنية، وإلى جانبها، سيتم تخصيص مساحة حوالي 3 دونمات ضمن الخطة، لقطعـة أرض جديدة لمدرسـة، وحوالي دونم للأماكن العامة المفتوحة. أما الخطة الثانية، فتقع في تقاطع متنزه السكك الحديديـة ومحطة القطـار الخفيـف، وتغطي مسـاحة المخطط 3 دونمات وفي مساحتها 3 عمارات سكنية كل منها 4 طوابق، 16 وحدة في كل عمارة بإجمالي 48 وحدة. وتنطوي الخطة على إخلاء المباني الثلاثة القائمة، وبناء مبنيين مكانها من 19 إلى 25 طابقا، بما في ذلك 168 وحدة سكنية، وطابق أرضي تجاري باتجاه محور القطار الخفيف.
أما المخطط الثالث في المجمع فهو عبارة عم مبان صناعية ومحطة وقود، وتنطوي الخطة على عمليات إخـلاء وبناء مجمع متعدد الاستخدامات في مكانها يشمل المباني السكنية والتوظيفية والتجارية، جنبا إلى جنب مع مبنى عام ومساحة عامة مفتوحة في المنطقة الصناعية، على مساحة 7.491 دونم وتضم 148 وحدة سكنية في برجين، وتجمع بين مناطق العمل والمناطق التجارية. وكانت بلدية الاحتلال قد كثفت في السنوات الأخيرة من عمليات البناء في القدس الغربية بهدف زيادة أعداد اليهود بالمدينة. استهداف الأغوار
الأغوار الفلسطينية بدورها باتت مستهدفة بسياسة التهويد التي تمارسها دولة الاحتلال في أكثر من منطقة في الضفة الغربية، فقد قامت سلطات الاحتلال بتسييج مساحات من أراضي "خربة إحميّر" التابعة لخربة الفارسية في الأغوار الشمالية المحتلة، التي يجري تجريفها منذ أشهر لإقامة مشاريع بنية تحتية للمستوطنين فوقها بهدف الاستيلاء عليها لصالح المشاريع الاستيطانية.
يذكر أن ما يسمى «مجلس المستوطنات» ينفذ أعمال تجريف في الخربة منذ خمسة أشهر، حيث تم تجريف 30 دونما على مقربة من خيام المواطنين، بهدف إقامة مشاريع استيطانية، ويتزامن ذلك مع تضييقات على المواطنين ومصادر رزقهم، وهو ما يهدد بالتهجير القسري لما تبقى من سكان الخربة.
في سياق عمليات التهويد من خلال التوسع في المشاريع الاستيطانية في مختلف مناطق الضفة الغربية عمدت سلطات الاحتلال إلى إنشاء تطبيق خاص يسمى «عامود عنان» وهو تطبيق يتم استخدامه في الخرائط والملاحة ويعتبر أحد أهم التطبيقات التفاعلية المستخدمة من قبل المستوطنين في الضفة الغربية لنسج صلات روحية وقومية زائفة ومفتعلة وأخرى سياحية مع الجغرافيا الفلسطينية.
تم إنشاء التطبيق في العام 2004، وتم عرضه للاستخدام العام عام 2007. وتم تطويره من قبل المستوطن يوآف روفا، الذي قال في معرض تسويقه للتطبيق إنه يريد أن يخلق ارتباطاً بين الطلاب والصغار الذي يتجولون في أرض إسرائيل والجغرافيا نفسها، حيث لا يدرك المتجولون الصهيونيون أين هم في أرض إسرائيل، وما هي المواقع التي تمتد على طول المسار الذي يسلكونه على حد زعمه.
وفي آذار 2022، تم تحديث الخرائط من خلال إضافة طبقة ثلاثية الأبعاد تتيح للمتجولين المرور بتجربة تبين الارتفاعات، التضاريس الجغرافية، بالإضافة إلى المعلومات التوراتية المستوحاة من الأساطير وتزوير جغرافية فلسطين.
وأكثر ما يمكن أن يلفت الانتباه في هذا التطبيق، هو عدم اعترافه بالخط الأخضر، وتعامله مع كل البلاد كفضاء مفتوح للسياحة اليهودية، وكحيز واحد لا يتجزأ، كما أن التطبيق يلمح بشكل غير مباشر إلى خطر السكان «الآخرين» القاطنين داخل الضفة الغربية.
وعلى الرغم من عدم قدرة الإسرائيليين على الذهاب إلى بعض المناطق في محافظة سلفيت مثلا كقراوة بني زيد وغيرها فإن الأمر لا يجب أن يعني، من وجهة نظر رواد التطبيق أن تبقى خارج الرواية التوراتية. وينطلق التطبيق من مبدأ استعماري نموذجي يتم من خلاله رفد الاستيطان الزاحف للأراضي الفلسطينية بطبقة أيديولوجية تعيد تشكيل ذاكرة المكان وتصوغها لتتناسب مع المستوطن الجديد ولا تترك متسعاً للسكان الأصليين الذين يتم تصويرهم وكأنهم غزاة، أو عابري سبيل.
ويعد هذا التطبيق من أكثر التطبيقات استخداماً، خصوصاً من قبل سائقي الدراجات الهوائية والنارية، والمتنزهين الإسرائيليين، ومجموعات السير الطلابية والمخيمات الشبابية التابعة للشبيبة الاستيطانية. ■