كونغرس الصحفيين في مسقط يتحوّل إلى «مُؤتمر شيرين أبو عاقلة»
2022-06-19
مسقط- كتب هيثم زعيتر
يُمكن وصف مُؤتمر الاتحاد الدولي للصحفيين «الكونغرس» الـ31، الذي استضافته سلطنة عُمان، وعُقِدَ في «مركز عُمان للمُؤتمرات والمعارض» في مسقط، على مدى 4 أيام، بأنّه «كونغرس» شيرين أبو عاقلة بامتياز، لما تضمّنه من إيلاء قضية اغتيالها برصاص قنّاص الاحتلال الإسرائيلي عن سبق إصرار وترصّد بدمٍ بارد، وما تُشكّله من جريمة ضد الإنسانية يندى لها الجبين!
طغى حضور شيرين على المُؤتمر، بتفاصيله كافة، من جلسة الافتتاح التي وقف فيها الجميع دقيقة صمت حداداً على روحها، مع عرض فيلم يُجسّد مراحل حياتها كافة، من الكلمات، إلى تبنّي قضيّة مُلاحقة الاحتلال في «المحكمة الجنائية الدولية»، لمُحاكمة المسؤولين عن هذه الجريمة.
* * *
شكّل المُؤتمر حدثاً إعلامياً هامّاً نجحت خلاله جمعية الصحفيين العُمانية، التي يترأس مجلس إدارتها الدكتور محمد بن مبارك العريمي بتحقيق مكاسب للصحافة العالمية عامة، والعُمانية والعربية بشكل خاص.
يُمكن تسجيل شهادة دولية لمكانة سلطنة عُمان الريادية، وجمعية الصحفيين العُمانية، بالتأكيد على مساحة وحرية الصحافة والتعبير عن الرأي.
كذلك استضافة فعاليات الحدث الهام، وتوفير كل سُبُل النجاح بعقده بمُشاركة 350 قيادياً نقابياً و70 صحفياً يُمثّلون أكثر من 120 دولة، تضم 187 اتحاد ونقابة وجمعية يُمثّلون أكثر من 600 ألف صحفي من مُختلف قارّات العالم.
على الرغم من تعدّد الجنسيات والأعراق والألوان واللغات والأعمار، استطاعت سلطنة عُمان أنْ تصهر نقاشاتهم، وتستفيد من الكفاءات الدولية المُشاركة، والخروج بقواسم مُشتركة، كما أنْ تُرسّخ في أذهان وعقول المُشاركين النموذج الراقي الذي تتمتّع به، فأصبح كل منهم يُردّد اسم عُمان، مُتحدّثاً عن حسن الاستقبال، وكرم الضيافة، وإبداع التنظيم، والتفوّق بتوفير كل مُتطلّبات النجاح، لنقاشٍ حُرٍّ وراقٍ، من روّاد الكلمة والصورة على المُستوى العالمي.
تضامن عربي حقّق إنجازات
ما كان لافتاً، هو تضافر جهد الوفود العربية المُشاركة التي تضامنت واتحدت في ما بينها، وتمكّنت من تحقيق إنجازاتٍ هامة على مُستويات عدّة.
* الاتحاد الدولي للصحفيين:
- انتُخِبَ نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر نائباً لرئيس الاتحاد، في خطوة هامة تتمثّل بها فلسطين والمجموعة العربية في هذا المركز.
- في المجلس التنفيذي للاتحاد نجحت المجموعة العربية بأنْ تفوز بـ5 مقاعد من أصل 16، وهي نسبة جيدة.
وتمثّل لبنان للمرّة الأولى من خلال رئيس لجنة الحريات في نقابة مُحرّري الصحافة اللبنانية علي يوسف، وانتُخِبَ كل من: رئيس جمعية الصحفيين العُمانية الدكتور محمد العريمي، أمين صندوق جمعية الصحفيين الكويتية دهيران أبا الخيل، نقيب الصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي وأمين عام نقابة الصحفيين في الصومال عمر فاروق العثمان.
جاءت نتائج المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين الدوليين، لولاية 3 سنوات، وفق الآتي:
- رئيس الاتحاد الدولي دومينيك بادلي (فرنسا).
- النائب الأول لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين زوليانا لينيز (البيرو) للمرة الثانية.
- نائب الرئيس ناصر أبو بكر (فلسطين) وسابينا أندرجيت (الهند).
- أمين الصندوق: جيم بوملحة (بريطانيا).
وتنافس 27 مُرشّحاً على 16 مقعداً، وجاءت النتائج، وفق الآتي: جينيفر مورو (كندا)، ماريا خوسيه براجا (إسبانيا)، لويز مينيندز (إسبانيا)، أدريانا هورتادو (كولومبيا)، يوميم كريبلش (ألمانيا)، لاري جولدبتر (أميركا)، محمد العريمي (عُمان)، رافييلي لوروسو (إيطاليا)، ماريون يديوأوبام (الكاميرون)، عمر فاروق عثمان (الصومال)، علي يوسف (لبنان)، فيليون مدينا (النمسا)، دهران أبا الخيل (الكويت)، محمد ياسين الجلاصي (تونس)، ماريا لويزا ريجيرو (أنغولا) وآدم بورتاي (أستراليا).
بعدها عقد المجلس التنفيذي أولى اجتماعاته. * الاتحاد الآسيوي:
جرى إقرار تأسيس اتحاد آسيا والمُحيط الهادئ للصحفيين، الذي يتكوّن من مُمثّلي نقابات الصحفيين فيها، لتكون المجموعة الإقليمية الرابعة. وتم اعتماد مسقط مقراً للاتحاد.
وانتخبت الأمينة العامة لاتحاد الصحفيين الهندي ونائب رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين سابينا إنديرجيت، كأول رئيسة للاتحاد الاسيوي للصحفيين، وفاز في انتخابات المكتب التنفيذي للاتحاد، عن المجموعة العربية 4 أعضاء، هم: نائب رئيس جمعية الصحفيين العُمانية سالم الجهوري نائباً لرئيس الاتحاد، عضو نقابة مُحرري الصحافة اللبنانية علي يوسف، رئيس جمعية الصحفيين الإماراتيين محمد الحمادي ورئيس نقابة الصحفيين السوريين موسى عبد النور. كما انتخب: ولي تونكين، جوناثان دي سانتوس وبدري أعضاءً. * اتحاد «الجندرة»:
النوع الاجتماعي، الذي يهتم بالمرأة، وجرى انتخاب أعضاء اللجنة التوجيهية للمجلس لولاية 3 سنوات، وتمثلت المجموعة العربية بـ3 أعضاء من أصل 15، وحققت نائب رئيس نقابة الصحفيين السوريين رائدة وقاف، انجازاً بانتخابها نائباً لرئيس الاتحاد، فيما انتخب لعضوية الأمانة العامة سيدتين، هما: عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين أمل طومان وونزكاة حسين (كردستان العراق).
جاءت النتائج، وفق الآتي:
الرئيسة: ماريا أنجيليس سامبيريو (إسبانيا)، نائب الرئيس رائدة الوقاف (سوريا)، سكرتيرة بيريز سانشيز (كوستاريكا)، أعضاء اللجنة التوجيهية:
- أفريقيا: باتريسيا هانو أدجيسيكو (توغو) وكادياتو ثييرنو ديالو (غينيا).
- آسيا والمحيط الهادئ: ناني أفريدا (إندونيسيا) وصميم سلطانة أحمد (الهند).
- أوروبا: كريستوس كريستوفيدس (قبرص) ومانويلا بيرموديز (فرنسا).
- أميركا اللاتينية: أدريانا هورتادو (كولومبيا) وسميرة دي كاسترو كونها (البرازيل).
- الشرق الأوسط والعالم العربي: أمل طومان (فلسطين) ونزكاة حسين (كردستان العراق).
- أميركا الشمالية: ديميتريا وامبيا (الولايات المُتحدة الأميركية) وجنيفر مورو (كندا).
في جلسات التصويت على تعديل القوانين أو إقرار الأنظمة أو في الانتخابات، كان واضحاً التنسيق بين رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية الدكتور محمد بن مبارك العريمي ونقيب مُحرّري الصحفة اللبنانية جوزيف القصيفي، نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر ونقيب الصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي، وكيف كان يلتف الجميع حول مُستشار اتحاد الصحفيين العرب الهاشمي نويرة، من الجنسية التونسية، يجمعهم بأخوّةٍ وأُبوةٍ، وما كسبه خبرةً ودهاءً من سنوات عُمره السبعينية، فكان حسمه للأمور يعني تصويت المجموعة العربية بأكثر من 50 صوتاً.
وكيف كان عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين موسى الشاعر، يتمسّك بأوراق أصواته الخمسة، وما أنْ يرفعها حتى يرفع باقي أعضاء الوفود العربية أوراقهم! • المُشاركة الفلسطينية:
توزّع الأعضاء الـ350 من قياديين نقابيين و70 صحفياً على 120 دولة، وتفاوتت نسب تمثيل كل وفدٍ، لكن انطلقوا وعادوا إلى البلد الذي يُمثّلونه.
وحده وفد نقابة الصحفيين الفلسطينيين، تميّز عن باقي الوفود، بأنّه الأكبر عدداً، ومُؤلّف من 13 عضواً، يُمثّلون «موزاييك» الانتشار الفلسطيني: الضفة الغربية، قطاع غزّة والشتات الفلسطيني، وفق الآتي:
- الضفة الغربية 7 أعضاء: ناصر أبو بكر، موسى الشاعر، محمد اللحام، نبهان خريشة، جهاد قواسمي، مُنتصر حمدان ورانيا الخياط.
- قطاع غزّة 5 أعضاء: تحسين الأسطل، أمل طومان، عاهد فروانة، رامي الشرافي ووسام زغبر.
- الشتات الفلسطيني 1: هيثم زعيتر.
لم يأتِ هذا الوفد من مكانٍ واحد، بل من أمكنة عدّة، مُتحمّلاً الظروف وتعقيدات السفر، ولا يدري منهم من يكون الضحية التالية للاحتلال، قنصاً برصاصة أو اعتقالاً.
لكن، حمل الوفد قضية نقل المُعاناة اليومية التي يعيشها أبناء شعبه، ومُجرّد عرضها، فهي صورة واقعية عن احتلال غاشم يقتل ويُدمّر ويهجّر بجرائم حربٍ وضد الإنسانية و»الأبارتهايد»، ما يستحق مُحاكمته عليها.
توزّع أعضاء الوفد خلية نحل، لعرض قضيتهم كإعلاميين، وقضية شعبهم، للوفود، وتمكّنوا من تحقيق الإنجازات الهامة، انتصاراً لفلسطين وكل صحفية وصحفي فلسطيني، واستفتاءً للصحفيين حول العالم أنّهم مع فلسطين.
فضلاً عن إجماع انتخاب نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر، نائباً لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين، المكانة التي ظهرت واضحةً عن مدى علاقاته واحترام رأيه.
لعل إحدى أكثر اللحظات تأثّراً، التي دمعت فيها العين، عندما صعد إلى المنبر أمين عام نقابة الصحفيين في كينيا إريك أودور، المُرشّح للمُنافسة على منصب نائب الرئيس، ليُعلن انسحابه لصالح مُرشّح فلسطين، وسط تصفيق الحاضرين وانهمار الدموع.
تلك الدموع التي سالت عند افتتاح جلسة أعمال المُؤتمر والوقوف دقيقة صمت حداداً على روح الشهيدة شيرين أبو عاقلة، وعرض فيلم لمسيرة حياتها.
فيما كان الزُملاء في نقابة الصحفيين الفلسطينيين يرفعون صورها، بعدما مُنِعَتْ شالات تحمل صورتها من الوصول!
لحظةٌ مُؤثّرةٌ، بأنْ تمَّ إقناع رئيس اتحاد الكُتّاب الصحفيين الأميركيين لاري غولتنبرغ بالمُوافقة على انضمام الاتحاد، وبالإجماع، على رفع دعوى باغتيال شيرين أبو عاقلة والصحفيين الفلسطينيين أمام المحكمة الجنائية الدولية. (الجنائية الدولية):
أيضاً، عندما عرضت مُحامية الاتحاد الدولي للصحفيين جينفير روبنسون، المُكلّفة من الاتحاد الدولي مُتابعة الشكوى الرسمية المرفوعة من قبل الاتحاد ونقابة الصحفيين الفلسطينيين و»المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين» بالتعاون مع مُحامين بارزين إلى «الجنائية الدولية»، عن المراحل التي قطعتها القضية، والتي أقر المُدعي العام للمحكمة كريم خان، رسمياً في 25 نيسان/إبريل 2022، استلام الشكوى، التي تتّهم جيش وشُرطة الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم ضد الصحفيين، وقبول الدعوى باستشهاد الصحفيين ياسر مرتجى (الذي عرض شقيقه مُعتصم مرتجى شهادته عن الجريمة)، وأحمد أبو حسين (استُشهدا خلال تغطيتهما مسيرات العودة في قطاع غزة في العام 2018)، والجريحين الصحفيين مُعاذ عمارنة ونضال اشتية (أُصيب كُل منهما في عينه خلال التغطية الإعلامية في الضفة الغربية العام 2020)، لتنضم إليهم قضية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، بهدف مُحاكمة مُجرمي الحرب الإسرائيليين ومُحاصرتهم بالقانون الدولي لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
فيما المُؤتمر مُنعقد، وصل نبأ اغتيال الاحتلال الشهيدة غفران وراسنة، لتنضم إلى قافلة أكثر من 55 شهيداً صحفياً فلسطينياً سقطوا على أيدي الاحتلال الإسرائيلي مُنذ العام 2000.
رافق أعمال المُؤتمر العديد من المُحاضرات والندوات.
كما أُقيمت سلسلة من النشاطات، منها افتتاح معارض وعروضات عن السياحة والتراث في سلطنة عُمان.
كما جرى افتتاح المتحف الوطني و»الأوبرا» وأقيمت ليلة عُمانية تخللتها «أوركسترا» بحضور وزير شؤون البلاط السلطاني نصر بن حمود الكندي.■