أكد فهد سليمان نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، على أن قرار مشاركة الجبهة في اجتماعات المجلس المركزي الذي عقد مؤخرًا في رام الله، تم بتأييد أغلبية ساحقة داخل مؤسسات الحزب، وأنه اتخذ بعد حوار جدلي تفاعلي مثمر.
وقال سليمان في حوار نشر في صحيفة القدس المقدسية وموقعها الإلكتروني «القدس دوت كوم» يوم الخميس (10/3/2022)، إن الجبهة سعت إلى جانب الآخرين للحفاظ على القرارات السياسية للمجلس الوطني في دورته المنعقدة في 2018، وتطوير بعض قراراته التي تضمن بسط السيادة الفلسطينية على كامل أراضيها، وتعليق الاعتراف بدولة الاحتلال بشكل مباشر.
ونفى سليمان أن تكون الجبهة الديمقراطية رهنت مشاركتها في المجلس المركزي بصرف مستحقاتها من الصندوق القومي لمنظمة التحرير، مشددًا على أن الجبهة لا تقايض مواقفها مقابل مواقعها في المنظمة أو غيرها.
وأكد القيادي في الجبهة الديمقراطية على أن علاقتهم بحركتي فتح وحماس وكافة الفصائل جيدة، وأنها لم تتأثر بموقفها من المشاركة من عدمه باجتماعات المجلس المركزي وما صاحبه من جدل.
وتحدث سليمان خلال المقابلة عن مواقف الجبهة الديمقراطية تجاه جملة من القضايا السياسية الفلسطينية وحالة الانقسام والوضع الميداني المتفجر سواء داخل سجون الاحتلال أو خارجها.
وإليكم نص المقابلة:
س: أثار موقف الجبهة الديمقراطية من حضور اجتماعات المجلس المركزي الكثير من المواقف التي هاجمت الجبهة وربما حتى داخليًا كان هناك رفض لهذه المشاركة.. ما الأسباب التي دفعتكم للمشاركة؟، وهل نتائجه لبت طموحاتكم؟ وهل كان هناك موقف موحد من جميع من شاركوا في تجهيز البيان الختامي أم كان هناك تحفظات؟ وما مصير ما تم الإعلان عنه في البيان الختامي .. هل هو قابل للتطبيق؟
ج: لا بد من التأكيد أولاً، أن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حزب سياسي مسؤول، يلتزم بالبرنامج الوطني المشترك وما يُشتق منه من سياسيات تعبر عن الإجماع الوطني الذي يعكس المصلحة الوطنية العليا، وعلى هذه القاعدة تمارس الجبهة دورها، بما فيه دورها في المعارضة السياسية المسؤولة، كلما استدعى الأمر ذلك، في صفوف الحركة الجماهيرية بكل أشكالها وأساليب عملها، وكذلك داخل مؤسسات منظمة التحرير ، بدءاً باللجنة التنفيذية، وباقي المؤسسات.
وللتذكير، فإن الجبهة الديمقراطية هي فصيل مؤسس لمنظمة التحرير، وبالتالي فإن مشاركتها في دورات المجلس الوطني أو المجلس المركزي، هي القاعدة الغالبة والأساس، أما الاستثناء فهو تعليق المشاركة في دورات محددة لأسباب يتم دائمًا توضيحها في حينها، أمام الرأي العام الفلسطيني.
وهنا نشير إلى أن المطالبة المحقة بتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، يكون أيضًا من خلال انتظام اجتماعات هيئاتها، بما فيه تلك المعنية بالوظيفة التشريعية، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار أنه من بين المرجعيات التشريعية الثلاث التي يقوم عليها النظام السياسي الفلسطيني، لم يبق فاعلاً سوى المجلس المركزي بعد أن تم حل المجلس التشريعي (2018)، وبعد أن قرر المجلس الوطني أن تكون الدورة 23 (2018) هي الدورة الأخيرة التي تنعقد بالملاك القائم، ما ترتب عليه تخويل المجلس المركزي بصلاحيات المجلس الوطني ومهماته في فترة غيابه.
نحن شاركنا في دورة المجلس المركزي، بعد أن أدار مكتبنا السياسي حوارًا معمقًا في، ومع الهيئات القيادية بمختلف أقاليم الجبهة الديمقراطية، وبمشاركة حوالي 300 عضو، وأتت الموافقة على المشاركة بأكثرية ساحقة، ضمن أجواء ديمقراطية مريحة في سياق حوار جدلي تفاعلي مثمر.
في الجانب التنظيمي، أنجزت دورة المجلس المركزي الأخيرة القضايا المستحقة، والتي كان سيترتب على تأجيل بتها، إلحاق المزيد من الخسائر والسلبيات بالمؤسسة –الأم- ذات الأوضاع الصعبة أصلاً، وفي مقدمة هذه الاستحقاقات تندرج مسألة انتخاب مكتب رئاسة جديد للمجلس الوطني، بعد أن فقد مكتب الرئاسة السابق قدرته على أداء دوره بالمستوى المطلوب، لاعتبارات إنسانية مفهومة (وفاة، مرض، وغيره)، فضلاً عن ملء عدد من الشواغر في اللجنة التنفيذية، وبخاصة انتخاب رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي، الذي لم تتوقف الدورة 22 للمجلس الوطني (2009) أمام ضرورة شغله، وأسقطته الدورة 23 (2018) من جدول أعمالها، والذي أُحيلت صلاحياته منذ شغوره إلى رئيس اللجنة التنفيذية، ما كان مدعاة لانتقادات واسعة ركزت على تفشي ظاهرة الهيمنة والتفرد، ومخاطر إلحاق مؤسسة الصندوق القومي بوزارة المالية في السلطة، أي إلحاق الأصل بالفرع، هذا فضلاً عن استمرار التجاوز على النظام الأساسي لمنظمة التحرير، والقاضي بتشكيل مجلس إدارة للصندوق القومي، يتقدم بتقاريره بانتظام وبشكل دوري إلى المجلس الوطني.
هنا اتخذ المجلس المركزي قرارات واضحة تؤكد على ضرورة الالتزام بآليات واضحة في انتظام عمل واجتماعات هيئات منظمة التحرير، كاجتماعات اللجنة التنفيذية، والمجلس المركزي، ومكتب رئاسة المجلس، واللجان البرلمانية في المجلس الوطني، وغير ذلك من الإجراءات التي عبرها وبالتراكم يضحى بالإمكان تكريس قواعد الائتلاف الوطني، ومحاصرة سياسة التفرد والهيمنة على القرار السياسي والتنظيمي والإداري.
أما في الجانب السياسي، فقد سعينا إلى جانب آخرين للحفاظ على القرارات السياسية للدورة 23 للمجلس الوطني الفلسطيني (2018)، وعدم التراجع عنها، والهبوط بسويتها، ونجح المجلس المركزي في ذلك، لا بل أحدث بعض التطويرات على قضايا بعينها، كما بإضافة فقرة تنص على بسط سيادة دولة فلسطين على كامل أراضيها، أو النص على قرار بتعليق الاعتراف بدولة “إسرائيل” بشكل مباشر، دون المرور بمحطة تكليف اللجنة التنفيذية، ويبقى الأهم من كل هذا، هو التزام اللجنة التنفيذية بوضع الآليات التي تنقل هذه القرارات إلى حيز التطبيق.
ومن هنا نقول، إن النص السياسي، على أهميته، يفقد قيمته إذا لم يطبق، ومقياس التعاطي مع الهيئات المعنية بالتطبيق، أي اللجنة التنفيذية ومكتب رئاسة المجلس بالتخصيص، والتي على أساس منها سوف تُقيم وتُحاكم، تنظمه القاعدة الذهبية التي تقول: “إنما العبرة بالتنفيذ”، وعدم الالتزام بهذه القاعدة سوف يوسع هوة عدم الثقة التي تعززت في السنوات الأخيرة بين القيادة الرسمية من جهة، والرأي العام الفلسطيني من جهة أخرى.
كانت الجبهة الديمقراطية أثناء أعمال المجلس واضحة في موقفها، عندما طالبت بألا تلقى القرارات السياسية نفس مصير القرارات المتخذة في المجلسين الوطني والمركزي منذ العام 2015، التي جرى التلويح بها، والسعي للمقايضة عليها، مقابل شروى نقير، بدلاً من اجتراح الآليات لتطبيقها.
س: هل صحيح أن التقارب في بعض المواقف مع حركة فتح ومنها حضور اجتماعات المجلس المركزي جاء بعد صرف مخصصاتكم من الصندوق القومي؟ وما هي تطورات هذا الملف بعد تجميد صرفها سابقًا؟
ج: إن حقوقنا في الصندوق القومي، إنما هي ترجمة لقرار المجلس الوطني وليست مِنَّة من أحد، وعندما جرى التعدي – نعم التعدي- على هذه الحقوق، أصدرنا العديد من بيانات الإدانة، دون أن يمس ذلك موقفنا من مؤسسات منظمة التحرير.
نحن لا نقايض بين موقعنا في المنظمة، وموفقنا حيالها، وحيال السياسات الرسمية الصادرة عنها، وبين أي من العروض المالية مهما بلغت إغراءاتها، موقعنا في منظمة التحرير راسخ، ترجمة لقناعات ورؤى سياسية وبرنامجية وفكرية تتصل بموقفنا المبدئي في ضرورة توطيد أركان الكيانية الفلسطينية، ولا علاقة لها البتة باعتبارات أخرى، ونحن نرفض أن تتحول حقوق أي فصيل من فصائل المنظمة إلى أداة ضغط، أو وسيلة عقاب لتغيير سياساته، نقول هذا، ونعني بذلك كافة الأطراف الأعضاء في المنظمة دون تمييز.
س: هل كان لكم علاقة بالبيان الموقع باسم القيادة العامة للمقاومة الشعبية، وما هي الخلافات التي وقعت خلال الاجتماع الذي عقد في رام الله وأدى لامتناع بعض الفصائل التوقيع على البيان؟
ج: الاجتماع الذي دعي له في رام الله لتشكيل القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة جاء في سياق تطبيق مخرجات اجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020 التي أعيد التأكيد عليها في قرارات المجلس المركزي في دورته الأخيرة، وكنا بالطبع شركاء في الاجتماع، كما نحن شركاء في الميدان في المقاومة الشعبية.
إن الجبهة الديمقراطية كانت في مقدمة من دعوا إلى توحيد المركز القيادي للمقاومة الشعبية لإخراجها من صيغتها الحالية المشتتة، ولذلك فنحن نؤكد على ضرورة وأهمية مشاركة جميع القوى الفلسطينية من فصائل، وفعاليات مجتمع مدني، وغيره، وفي هذا الإطار، وعلى أهمية الملاحظات التي تُبدى على صيغة العمل هذه، والتي نلتقي مع عدد منها، لوجاهتها، فنحن نعتقد أن السبيل الأفضل لتوحيد الرؤى وتسوية التباينات، هو مشاركة الكل الفلسطيني في الهيئة القائمة، لتطوير دورها وأدائها بالتفاعل الإيجابي البناء بين مختلف أطرافها.
س: كيف تنظرون لمحاولة دمج منظمة التحرير بمؤسسات دولة فلسطين، وكيف تنظرون أيضًا للتعيينات الأخيرة في اللجنة التنفيذية؟
ج: إذا كان المقصود ما ورد في المادة الأولى من القرار بقانون “بشأن دعاوى الدولة” التي احتسبت مؤسسات ودوائر منظمة التحرير من ضمن “دوائر الدولة”، فإن الجبهة الديمقراطية سارعت بالمطالبة بسحب القرار المذكور من التداول، وكأنه لم يكن، انطلاقًا من كونه، فيما يتعلق بـمنظمة التحرير يشكل تجاوزًا فظًا على مكانة، صلاحيات، ومسئوليات المنظمة ومؤسساتها، وبخاصة المجلسين الوطني والمركزي.
ونذكر بتصريحنا الذي صدر حينها أن المنظمة هي التي أنشأت دولة فلسطين بموجب وثيقة إعلان الاستقلال عام 1988، وهي البيت المعنوي لشعبنا الفلسطيني في أماكن تواجده كافة، وممثله الشرعي والوحيد.
أما الإضافات والاستبدالات في عضوية اللجنة التنفيذية، والتي شملت 3 مقاعد، فقد جرت وفق نظام العمل المعتمد، وليس لنا أن نعلق على استبدالات طالت مواقع مخصصة لفصائل بعينها، فهذا من شأن التنظيم المعني، بما في ذلك الجبهة الديمقراطية بطبيعة الحال.
س: كيف هي العلاقة مع حماس بعد التطورات الأخيرة وخاصة انتقاد الحركة لحضوركم اجتماعات المجلس المركزي؟
ج: ما يجمعنا مع حركة حماس وسائر فصائل المقاومة هو الهوية الفلسطينية والقضية الوطنية في إطار النضال المشترك ضد الاحتلال الإسرائيلي والحصار والاستعمار الاستيطاني، وضمن هذه الرؤية المبدئية، والأسس المشتقة منها، نتجاور ونعمل مع الإخوة في حركة حماس، وسائر فصائل العمل الوطني في جميع الأطر التي تستهدف توحيد وتنظيم العمل الوطني، الذي يغذى ويطور الدور والفعالية في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستدام على شعبنا وحقوقه الوطنية، وفي هذا نأخذ بالاعتبار الدور النضالي المهم الذي تضطلع به حركة حماس في ساحة العمل الوطني، والذي هو موضع تقدير واعتزاز من قبل الجميع.
س: ما هي رؤية الجبهة الديمقراطية للوضع الفلسطيني الحالي في ظل حالة التشرذم والتفرقة السياسية؟
ج: الانقسام الفلسطيني المتواصل فصولاً منذ العام 2007 من أخطر ما تتعرض له الحركة الوطنية الفلسطينية، إن لم يكن القضية الوطنية برمتها، لأنه لا يقتصر على خلافات سياسية باصطفافات متقابلة، كما كان الحال فيما مضى، كانت تجد طريقها إلى الحل بشكل أو بآخر في نهاية المطاف، بل هو انقسام مؤسسي وجغرافي في آن، تحول إلى صراع بين سلطتين، انبتت على ضفافهما مصالح مادية ومعنوية تحملها شرائح اجتماعية بعينها، سلطتان تتعرضان – في الوقت نفسه – لتأثير وتجاذبات إقليمية، ليس من المصلحة الوطنية بشيء الوقوع في شباكها، بل كل الحكمة في الابتعاد عنها، محصنين بالوحدة الداخلية.
الانقسام ألحق، ومازال، أفدح الأضرار بالقضية الوطنية، حيث أن داخليًا، انقسمت الحركة الجماهيرية المناهضة للاحتلال، وانفرط عقد البرنامج المشترك، صمام أمانها وإسمنت وحدتها في الشعار والميدان، واهتزت وحدانية التمثيل خارجيًا، ومعها أحد الشروط الأساس للاعتراف والقبول بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
وإدراكًا منها لخطورة النتائج السلبية المترتبة على الانقسام، سعت الجبهة الديمقراطية، قولاً وعملاً مع عديد القوى، بما فيه دول شقيقة وصديقة، وضع الانقسام بتعبيراته خلف الظهر، ولهذا الغرض أطلقت عديد المبادرات، أولاها بعد أيام من انقلاب 14/6/2007، وآخرها في 15/1/2022 بالتحديد، تاريخ إصدار مبادرة لإنهاء الانقسام القائم بين السلطتين، مبادرة تستند إلى أساس سياسي متين، هو محصلة التوافقات الوطنية منذ وثيقة الوفاق الوطني حتى مخرجات اجتماع الأمناء العامين في3/9/2020، ومخرجات حوارات القاهرة مرورًا بقرارات المجلس الوطني الـ 23، وقرارات الاجتماع القيادي في 19/5/2020، وكلها تقوم على إنهاء العمل بالمرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو بما يترتب عليها من التزامات، وبكل ما يتطلبه ذلك من خطوات عملية، تعيد النظر بالعلاقة مع دولة الاحتلال.
أما في الجانب التنظيمي فإن المبادرة تستند إلى حلول تقوم على خطوات متوازية ومتوازنة، تجمع ما بين عقد دورة استثنائية للمجلس المركزي تضم الكل الفلسطيني تنبثق عنها الهيئات القيادية لـمنظمة التحرير على قاعدة التمثيل الوطني الشامل، وبين تشكيل حكومة وحدة وطنية تضطلع بمهمة توحيد الوزارات والإدارات المنقسمة على نفسها، على أن تتولى الهيئات المذكورة مهمة التحضير لانتخابات عامة بنظام التمثيل النسبي الكامل.
لقد حاولنا – ولم ننجح لسوء الحظ – في أن تكون الدورة 31 للمجلس المركزي هي الدورة الاستثنائية للكل الوطني التي دعونا لها في مبادرتنا، غير أن الصعوبات كانت غير قابلة للتغلب عليها، لذلك ستبقى مبادرتنا مفتوحة على الملأ، مطروحة على جميع القوى والفعاليات السياسية والمجتمعية، في التزام منا بالعمل الحثيث والدؤوب لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، وإعادة بناء نظامنا السياسي الفلسطيني ومؤسساته الوطنية، لتكون مؤسسات جامعة دومًا، تحت راية وسقف المنظمة، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، ببرنامجها الوطني الذي لا برنامج سواه، برنامج العودة وتقرير المصير والاستقلال الناجز.
س: هل هناك إمكانية لحدوث اختراق في ملف المصالحة الفلسطينية في ظل الأزمات الداخلية؟
ج: إنهاء الانقسام قضية مدرجة بشكل دائم على جدول أعمال حركتنا الوطنية، هذا ما نستطيع – على الأقل- أن نؤكده عن أنفسنا، والعمل لإنهاء الانقسام له محاوره المختلفة: منها تفعيل الحالة الشعبية لتواصل ضغوطها، والتمسك بالحوار الوطني، وتقديم المبادرات الواقعية، والتفاعل إيجابًا مع المبادرات العربية، وبالتالي، وأمام هذه الصورة لا يمكن أن نتحدث مدى زمني بعينه لاختراق، أو لاختراق ما في ملف المصالحة الفلسطينية، خاصة في ظل حركة شعبية فلسطينية ناهضة في مواجهة الاحتلال والاستيطان وفي ظل وضع يعترف العدو نفسه أنه قابل للانفجار في كل لحظة، الأمر الذي من شأنه أن يضعنا أمام معطيات جديدة قد تسهم في إزالة العقبات لصالح وحدة ميدانية بأقله، على غرار الوحدة الميدانية التي شهدتها مقاومتنا الفلسطينية وعموم أبناء شعبنا في معركة القدس في نيسان/ أيار الماضي على كامل الأراضي الفلسطينية [67+48]، وفي الشتات.
س: هناك حديث في الأيام الأخيرة عن إمكانية أن يكون هناك اجتماعات جديدة في الجزائر، هل من تطورات بهذا الشأن وفي حال صحة ذلك ماذا ستبحث الاجتماعات؟
ج: دُعينا إلى الجزائر بمبادرة مشكورة من مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية حيث أجرينا مشاورات في أكثر من اجتماع، وقدمنا للإخوة في الجزائر، مبادرتنا لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، كما أجرت الجزائر مشاورات مع باقي الأخوة في فصائل العمل الوطني، ونُقدِر أن القيادة الجزائرية بعد هذه المشاورات بصدد دراسة النتائج التي توصلت إليها، وتقييم نتائج هذه الجولة من المداولات، وأيًا كانت النتائج فإننا نعتقد أن الدور الجزائري إلى جانب الدور المصري، يتكاملان في العمل على إعادة توحيد الحالة الوطنية رغم الصعوبات الكبرى التي تواجهها هذه المسألة.
س: موقفكم من الأوضاع وحالة الغليان داخل سجون الاحتلال؟
ج: الحركة الأسيرة الفلسطينية جبهة من جبهات القتال والصمود ضد الاحتلال بالأشكال التي توفرها الظروف، والهدف الرئيس لهذه المواجهة هو كسر قضبان الزنازين والفوز بالحرية، إن على طريقة وأسلوب أبطالنا الستة الذين شقوا بسواعدهم، طريق الحرية، أو في خطوة نهائية يتحرر فيها كل شعبنا من قيود الاحتلال، ورفاقنا الأسرى حريصون دومًا على صون وحدة الحركة الأسيرة باعتبارها الضمانة الأهم للصمود البطولي، وانطلاقًا من كونها الرافعة الرئيسية التي تشكلها وحدة الحركة الأسيرة في الجهود المضنية الرامية إلى استعادة الوحدة الداخلية على الصعيد الوطني العام.
في المقابل، ندعو على الدوام، كما نتحمل المسؤولية في توفير ما يمكن توفيره من عناصر الدعم للأسرى، إن في رعاية عوائلهم، أو في تدويل قضيتهم على غرار المؤتمر الأوروبي لنصرة الأسرى الفلسطينيين الذي ينعقد بانتظام كل عام في أوروبا، ويحشد في دعم الأسرى شخصيات مهمة تساهم على الدوام في كشف عنصرية الاحتلال وفاشيته.
س: كيف تنظرون لتصاعد المواجهات في الضفة الغربية والأحداث في القدس والشيخ جراح وهل يمكن أن تؤدي لمواجهة مع غزة؟
ج: نحن نقرأ في ما يجري في الضفة الغربية أنها بوادر الانتفاضة الثالثة عبر أشكال مشتتة من المقاومة الشعبية، في مواجهة بؤر الاستيطان وتعديات المستوطنين وعدوان قوات الاحتلال، وفي دعوتنا إلى تشكيل مركز قيادي موحد للمقاومة الشعبية، ندعو كافة القوى دون استثناء، وكافة الأطراف بمن في ذلك السلطة وهيئات منظمة التحرير، ومؤسساتها للتهيؤ لاستقبال استحقاقات الانتفاضة القادمة لا محالة، استقبالها سياسيًا، أمنيًا، اجتماعيًا، إعلاميًا، إداريًا، دبلوماسيًا، وعلى كافة الصعد المحلية والدولية، بالاستناد إلى الاستراتيجية الكفاحية التي رسمت عناوينها دورة المجلس الوطني الـ23 ودورة المجلس المركزي الأخيرة.
س: هل هناك أي تطورات في ملفات تتعلق بواقع غزة سواء من الحصار أو غيره والجهود المصرية بهذا الصدد؟
ج: همنا الرئيس في قطاع غزة هو إعادة إعمار ما دمره العدو الإسرائيلي وكسر حلقات الحصار على القطاع، وتخفيف الاعتماد على السوق الإسرائيلي لتوفير فرص عمل لأبناء القطاع، هذه هي العناوين الرئيسية التي نعمل من أجلها إلى جانب باقي القوى الفلسطينية وفي مقدمها حركة حماس، وبالتعاون مع الإخوة في مصر.
وفي هذا السياق لا نألوا جهدًا في الضغط على السلطة الفلسطينية في رام الله لتأمين احتياجات القطاع المالية وغيرها، بما يوفر له استقرارًا اجتماعيًا، كما ندعو أشقاءنا العرب لاستقبال اليد العاملة من القطاع، لحل مشكلة البطالة، حتى لا يتحول أبناؤنا إلى عمال في بناء الاقتصاد الإسرائيلي وبأرخص الأثمان، ما يعزز سطوة الاحتلال ويعقّد الأوضاع الوطنية ■