الدائرة القانونية بـ«الديمقراطية»: هل يجب على محمود عباس تقديم مذكرة إلغاء أوسلو للأمم المتحدة؟
2020-10-17
بيروت (الاتجاه الديمقراطي) عقبت الدائرة القانونية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حول اتفاقية أوسلو والتساؤل المطروح أن إلغائها يتطلب تقديم مذكرة للأمم المتحدة من عدمه، بالقول وفق التالي:
تنقسم المعاهدات الدولية إلى قسمين، المعاهدة الدولية الثنائية بين دولتين والمعاهدات الدولية المتعددة بين اكثر من دولة، حيث ان النوعين من هاتين المعاهدتين يجب ان تسجل في الامم المتحدة عندما تكتمل شروطها، لكن الامم المتحدة تستثني تسجيل المعاهدات أو الاتفاقيات فيما يخص القروض، الهبات، والتفاهمات والبروتوكولات، وبما ان اتفاقية اوسلو هي اتفاقية تفاهمية وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي كونها شخصية قانونية دولية لها حق إبرام الاتفاقيات، فلم يتم تسجيل هذه الاتفاقية في الامم المتحدة.
وقد شاعت في الحرب العالمية الاولى المعاهدات السرية عبر التحالفات التي وقعت عليها الحكومات، إلى أن ظهرت في أوروبا حركة لمكافحة سرية العلاقات الدولية، حيث أصرت على أن يتضمن الدستور مادة يحظر بموجبها اي اتفاق لم يوقع عليه البرلمان الأوروبي، أما الحركة الثانية فقد ألحقت بعصبة الامم بموجب المادة 18 التي حظرت الدبلوماسية السرية وبطلان معاهداتها السرية وعدم قدرتها على النفاذ ما لم تسجل في الامانة العامة لعصبة الامم، على الرغم من ذلك لم تتوقف المعاهدات السرية التي ظهرت في الحرب العالمية الثانية، حيث أدرجت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقوبة عدم تسجيل المعاهدات في الامم المتحدة بحسب المادة 102 وحسب قواعد الجمعية العامة.
شملت عقوبة عدم تسجيل المعاهدات على عدم قدرة النقاش بها أمام أي جهة من الأمم المتحدة، وأهمها مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية حيث ترفض تفسير أي اتفاقية غير مسجلة أو حتى الاضطلاع عليها.
وطالما ان اتفاقية اوسلو لا تودع في الامم المتحدة لتسجيلها، يجوز فسخها دون ابلاغ اي جهاز دولي بها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وان كانت احادية الجانب.
ومن هنا نرى موقف المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فيما يخص أوسلو، اثر إعلان رئيس السلطة الفلسطينية بأنه حل من جميع الاتفاقيات مع الاحتلال، بأن التفكك من هذه الاتفاقيات لن يؤثر على مجريات التحقيق.
ويجوز الانسحاب من المعاهدات او الاتفاقيات الثنائية بإبلاغ الطرف الاخر كتابيا وان كان من جانب واحد، وبدون رضا الطرف الآخر، على الرغم من ذلك فقد حددت اتفاقية أوسلو مدة انتهائها عام 1998 دون تحقيق بنودها الكاملة، وبما ان المعاهدات التي تتضمن مدة زمنية محددة لا يجوز الانسحاب منها الا برضا الطرف الاخر، فإن اتفاقية اوسلو قد انتهت مدتها منذ 1998 دون تحقيق اهدافها، لذلك فهي منتهية من حيث المدة الزمنية ما يؤدي الى بطلانها دون طلب الانسحاب.
ألا انه يبقى هناك ثغرة في القانون الفلسطيني، ان المشرع لم يحدد السلطة المختصة بالتصديق او التوقيع على المعاهدات ولم يحدد قيمتها القانونية، وقد اصدر مجلس الوزراء القرار 51/2004 بتاريخ 12/4/2004 المنعقد في رام الله، حيث اشار هذا القرار الى توقيع الاتفاقيات الثنائية وقد نص في المادة الأولى: «يمنع توقيع أي اتفاقية دولية ثنائية من قبل اي جهة رسمية فلسطينية الا بعد مصادقة مجلس الوزراء».
أما المعاهدات الشارعة أي التي يبرمها غالبية اشخاص القانون الدولي العام فهناك فراغ قانوني بشأنها، ومن الناحية العملية يوقع عليها رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية والذي هو اليوم شخصاً واحداً، مع وجوب عرضها على المجلس التشريعي وذلك عرف قانوني وإذا لم يقرها البرلمان فلا تعتبر قانونية.
وقد اعتبرت المحكمة الدستورية في رام الله بالدعوى 5/2017 الصادرة بتاريخ 12/03/2018 أن المعاهدات الدولية أسمى من التشريع العادي وأدنى من الدستور.
فمن هنا يجب على البرلمان الفلسطيني حسم هذا الأمر وذلك بتعديل القانون الاساسي الفلسطيني وإضافة فقرة «يعتبر باطلاً كل اتفاق أو انضمام لأي معاهدة دولية أو غيرها تجريه السلطة الفلسطينية سواء كانت الاتفاقيات ثنائية او متعددة دون موافقة البرلمان عليها». وبعد إضافة هذه المادة تعتبر اوسلو باطلة، وبما انها غير مسجلة في الامم المتحدة، فلا يجب للانسحاب منها إبلاغ الأمم المتحدة بذلك.