بعد اسبوعين فقط على قرار المحكمة العليا الاسرائيلية القاضي بإخلاء وهدم مبان في البؤرة الاستيطانية العشوائية “متسبيه كراميم” خلال ثلاث سنوات تجندت الحكومة الاسرائيلية للبحث عن مخرج يمنع تنفيذ القرار من خلال سن قانون في الكنيست . جاء ذلك بعد مطالبة وزير الاستيطان ، تساحي هنغبي ، ومدير عام مكتب رئيس الحكومة ، رونين بيرتس، ورئيس مجلس مستوطنات “بنيامين” في منطقة رام الله ، يسرائيل غانتس، ومستوطنون من “متسبيه كراميم” سن مثل هذا القانون، الذي يضفي شرعية على البناء الاستيطاني في أراض بملكية فلسطينية خاصة .
رئيس الوزراء البديل ووزير الأمن الإسرائيلي ، بيني غانتس ، رئيس حزب “كاحول لافان” عبر هو الآخر عن دعمه للمستوطنين في سعيهم إلى إلغاء قرار المحكمة العليا بهدم وإخلاء مبان في تلك البؤرة الاستيطانية العشوائية ، حيث بعث غانتس رسالة إلى المستشار القضائي للحكومة ، أفيحاي مندلبليت، طالبه فيها العمل على إلغاء قرار المحكمة ، وكتب غانتس في رسالته أن “بالإمكان تقديم طلب إلى المحكمة العليا من أجل عقد مداولات أخرى”، زاعما أن “قرار الحكم يؤدي إلى نتيجة قاسية ومن الجدير مطالبة المحكمة بأن تنظر مرة أخرى بقرارها “. كذلك طالب وزير القضاء الإسرائيلي ، آفي نيسانكورين ، وهو أيضا من “كاحول لافان”، بأن تعيد المحكمة العليا النظر في قرارها.
ويتجه وزير الجيش بيني غانتس للتصديق على بناء 5000 وحدة استيطانية جديدة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وأن الوحدات الاستيطانية الجديدة، ستتم إقامتها في كتل استيطانية كبيرة، ومستوطنات معزولة، حيث ينوي غانتس دفع مخططات بناء في الكتل الاستيطانية الكبرى، ولكن أيضا خارج تلك الكتل مثل مستوطنات” بيت أيل، وشيلو، ونيكوديم، وهار براخا ، والطلب من المجلس الأعلى للتخطيط، الاجتماع في القريب العاجل من أجل التصديق على بناء هذه الوحدات”.
وكجزء من التوجه لاستيعاب المزيد من المهاجرين الجدد باشرت سلطات الاحتلال مؤخرا ببناء عمارات سكنية تتكون من 10 طوابق في عدد من المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية استعدادًا لاستقبال المزيد من المستوطنين اليهود. ونقل عن الرئيس التنفيذي لشركة “كاديما” للأعمال والبناء غابرييل كلوغمان ، تأكيده أن شركته تبني حاليًّا مبنيين حديثين مكونين من 10 طوابق في مستوطنة “بيت إيل” شمال رام الله . وأوضح أن كل مبني سيضم أحدث التصاميم والتكنولوجيا على غرار المباني الفاخرة في “تل أبيب”، بما يسمح بتعويض ميزات البناء المنفصل والحديقة في المستوطنات ، مقابل الجودة والرفاهية التي سيتم توفيرها في الشقق السكنية، لتشجيع المستوطنين الجدد. وأشار إلى أن هذا البناء المتعدد الطوابق سيكون في كل المستوطنات في يهودا والسامرة (الاسم اليهودي للضفة الغربية)، بما يضمن استيعاب أعداد كبيرة من المستوطنين .
وفي هذا السياق صادقت الحكومة الإسرائيلية الخميس الماضي على زيادة الميزانية العامة الإسرائيلية بمبلغ 11 مليار شيكل ، تخصص معظمها للجيش الإسرائيلي، وتشمل زيادة مخصصات المعاقين وتعزيز “هجرة” يهود الفلاشا ، وتعزيز البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة. ووفقًا لخطة الحكومة الإسرائيلية سيتم تخصيص الزيادة الجديدة على الميزانية لصالح الأمن الذي يحصل على “أكثر من 3 مليار شيكل” زيادة (دون تحديد المبلغ الدقيق)؛ وزيادة مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة (900 مليون شكيل)، واستقبال 2000 “مهاجر” من يهود الفلاشا (180 مليون شيكل).ولم تحدد الحكومة المبالغ للقطاعات التي تعتزم زيادة ميزانيتها والتي أوردتها بالقرار. وتشمل في البند الرابع تعزيز وتقوية دائرة الاستيطان، والتعليم الحكومة الديني، وتقوية الهوية اليهودية، ومعاهد تعليم التوراة “اليشيفوت”وتعزيز البناء الاستيطاني في الضفة، وتعزيز وتقوية الجالية الإثيوبية، وجهاز التعليم، وغيرها من المنح والمساعدات للمتضررين من أزمة كورونا.
في الوقت نفسه أقرت سلطات الهجرة ووزارة الداخلية في حكومة الاحتلال مؤخرا لعشرات المتطوعين المسيحيين الإنجيليين المؤيدين للحركة الصهيونية ، دخول إسرائيل رغم إغلاق المطارات رسميا بفعل فيروس كورونا، والوصول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لمساعدة المستوطنين في قطف كروم العنب التي أقاموها على أراض تم الاستيلاء عليها لصالح المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. وقد اصدرت وزارة داخلية الاحتلال إذنا استثنائيا لهؤلاء المسيحيين الإنجيليين لدعم المستوطنين في قطف كروم عنب المستوطنين ، على الرغم من أن أراضي هذه الكروم هي ملكية خاصة لفلسطينيين. وحتى الاسبوع الماضي سمح الاحتلال لنحو 70 متطوعا على الأقل من أنصار المسيحيين الإنجيليين للقدوم للعمل في قطف العنب في المستوطنات.وتقع هذه الكروم في مستوطنات إسرائيلية يقطنها مستوطنون متطرفون، وهي “بساغوت” المقامة على أراض من قرية البيرة، و”كيرم نفوت”، و”هار برخاه”، وسوسيا (قرب الخليل) و”ألون موريه” و”عوفرا” و”شيلو”. وتمتد كروم العنب التي تقوم على أراض فلسطينية في الضفة الغربية على نحو 4350 دونما وفق تقرير من العام 2016 لصحيفة “سيحاه ميكوميت”، اليسارية، نشر بتاريخ 14 يوليو/تموز من العام المذكور.
وفي سياق خطوات الضم الذي تقوم به حكومة الاحتلال على الارض أخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتغيير خريطة مفصلة لأراضي شرق وغرب بيت لحم ، لصالح المستوطنات،وحسب المعلومات المتوفرة فإن الخريطة الجديدة تفيد بإلغاء طرق وفتح آخرى في المنطقة ما يمهد لإنشاء مشاريع استيطانية في بادية بيت لحم الشرقية، خاصة بعدما استولت سلطات الاحتلال على مساحات واسعة من الاراضي في تلك المنطقة بهدف تنفيذ مخطط تتم من خلاله إقامة متنزهات على هذه الأراضي ومراافق عامة ما ينذر بضم صامت لهذه البادية الممتدة حتى ضفاف البحر الميت . ويشمل المخطط الإسرائيلي أراضي في بادية بيت لحم الشرقية سيتم تغييرها من مناطق صحراوية إلى مناطق سكنية لصالح الاستيطان ، ما يعني تغيير خارطة حوض “4”، في منطقة “أبو مهر” من أراضي بلدتي تقوع وجناتا الواقعة بمحاذاة مستوطنة “نوكديم”.أما في غرب بيت لحم فيتضمن مخطط “الإدارة المدينة” تغيير الخارطة في حوض “7” موقع وادي “شخيت” من أراضي بلدية نحالين، بمحاذاة مستوطنة “ألون شفوت”، لتغيير التخصيص من منطقة أرض “مركز مدني” وأرض “زراعية” إلى منطقة سكن (ب) وسكن (ج)، ومنطقة مباني مؤسسات عامة” ، وتبلغ مساحتها 500 دونم ، إضافة إلى مخطط لتغيير موقع “أبو مهر” الواقع قرب بلدة بيت أُمر إلى الشمال من الخليل، وتبلغ مساحته أيضاً 500 دونم، وهي أراضٍ مختلطة ما بين محافظتي بيت لحم والخليل وتعود لقرى وبلدات بيت أُمر والخضر وبيت جالا والمعصرة وجورة الشمعة . وتتعمد سلطات الاحتلال بشكل واضح اصدار هذه الاخطارات ونشرها على لوحة الاعلانات في مقر الحكم العسكري الكائن بمجمع غوش عصيون الاستيطاني كي تكون مشاهدته ضيقة من قبل المواطنين لتنتهي المهلة دون التقدم باعتراضات.
على صعيد آخر استولت سلطات الاحتلال الصهيوني الاسبوع الماضي على قلعتين أثريتين في محافظة سلفيت في خربة “دير سمعان” الأثرية ، الواقعة شمال غرب بلدة كفر الديك وموقع دير قلعة الاثري في محافظة سلفيت ، بعد ان نشرت اعلانًا مكتوبًا باللغة العبرية يفيد بالاستيلاء على الموقعين المذكورين ، وتعتبر هذه المنطقة المستهدفة دير سمعان منطقة أثرية ومسجلة حسب المالية بقطعة رقم 2 تحت اسم خربة دير سمعان الأثرية“ . وكانت قوات الاحتلال قد شرعت في الآونة الأخيرة بإحاطة خربة “دير سمعان” بوحدات سكنية استيطانية ، ووضعت لافتة تشير إلى بؤرة استيطانية جديدة باسم “ليشيم” على أراضي قريتي دير بلوط وكفر الديك زاعمة أنه يحق لأصحاب الاراضي التي صدر بحقها قرار بالمصادرة الاعتراض خلاب 60 يوما من صدور الاعلان . هاتان القلعتان بنيتا في القرن الرابع الميلادي وتضمان آبارا وبركا ومنازل منحوته في الصخر وطرقاتها مرصوفة بالفسيفساء . وتسعى سلطات الاحتلال للسيطرة على الموقعين الآثريين منذ سنوات وكانت قد شرعت مؤخرا بإحاطة خربة دير سمعان بوحدات استيطانية سكنية علاوة على سعيها لضم دير قلعة الى مستوطنة بيدوئيل المقامة على اراضي المواطنين بعد ان وضعت مؤخرا لافتة تشير الى اقامة بؤرة استيطانية جديدة باسم ليشيم قرب الموقع الأخير . وقد كثفت سلطة الاثار الاسرائيلية بحماية قوات الاحتلال من اقتحاماتها للمنطقة وعمدت الى تصوير المباني الاثرية والمقامات الدينية في المحافظة . وتحوي القلعتان على مجموعة من المعالم الاثرية الهامة بما فيها أديرة ومبان عامة ومنشآت تصنيع وأبار ومقابر وشواهد متعددة وفسيفساء لا تمت لروايات الاسرائيليين بأية صلات .