رفع سن حضانة المُطلقة لأطفالها بين إجحاف القانون وإرتباك المؤسسات النسوية
2020-08-05
غزة (الاتجاه الديمقراطي) (تقرير ياسمين أبو حليمة)
«بأي حق يأخذون طفلي مني بعدما كان أملي الوحيد بالحياة»؟ هكذا بدأت سهى حديثها، والدموع تنهمر من عينيها، قائلة «كنت أعتقد عندما ينتهي المطاف بي بالطلاق، أن كل شيء سوف يصبح جميلاً، لاكتشف أني أبدأ مرحلة جديدة من المعاناة، بعد 10 أعوام قضيتها مع رجل دائم الشتم والضرب».
وتقول سهى (اسم مستعار) «لجأت كثيراً لبيت أهلين لإدمان زوجي على المخدرات، ودائماً كانوا يقولون لي تعاملي معه بالحسنى، بعد انفصالي عنه انتقلت للمحاكم، لأطالب بحضانة أطفالي، فأنا أستحق حضانتهم أكثر من والدهم الذي لا يهتم برعايتهم، منحتني المحكمة الحكم بحضانة طفلي الذي لا يتجاوز الثلاثة أعوام، فيما فقدت حضانتي لطفلي الآخر، والذي هو في بداية حياته الدراسية، مما يتوجب مني كأم متابعته». وأضافت بأن القانون مجحف وغير منصف، عندما يحرمني من طفلي ابن التاسعة أعوام.
لا يختلف حال سهى عن (ف.ه) التي تزوجت في الخامسة عشر من عمرها، من شخص يكبرها بـ 12 عاماً تقول «تعرضت للخيانة من زوجي، و من أقرب صديقة لي ابنة خالته، وتحملت كي لا أحرم من أطفالي الثلاثة، الذين أصبحوا فيما بعد ضحايا للزواج الفاشل». وتضيف «اتخذت قراري بالانفصال، مقابل التنازل عن كل حقوقي، وحتى عن أطفالي». وتابعت «رفضت حضانة طفلي ابن السادسة، لأعوّد نفسي على الحرمان». حضانة الأرملة
صرخت في وجه قاضي المحكمة «عن أي قانون بتحكي، حرام والله تخلوني أشوف ولادي مرة كل أسبوعين»، بعد صدور الحكم برؤيتها لأطفالها مرة كل أسبوعين لمدة 24 ساعة. وتساءلت «لماذا لا يحق لي رؤية أطفالي كلما أريد، وليس مرة كل أسبوعين، وحال تأخرهم بضع دقائق يحرمونني من رؤيتهم في المرة القادمة»؟
بدورها، رأت مديرة مركز الاستشارات والدراسات القانونية، زينب الغنيمي، أن النصوص المتعلقة بحضانة الأم لطفلها الذكر في سن (7) سنوات، والأنثى في (9) سنوات غير منصفة. مضيفة: «استطعنا في عام 2009 تعديل سن الحضانة للمرأة الأرملة، شريطة أن تحبس نفسها عن الزواج لصالح بقاء طفلها معها دون عائق، وما زلنا منذ ذلك الوقت نناضل، لتعديل سن حضانة المطلقة لـ(15) عاما،ً وقابل للتمديد لـ(18) عاماً».
وبينت الغنيمي أن مصلحة الطفل تقتضي أن يبقى مع والدته، لذا يبقى السؤال «لماذا ينتهي دور الأم في تربية أطفالها حال الطلاق، وتكتفى بالمشاهدة فقط»؟ مضيفة أن « رئيس القضاء الشرعيين الدكتور حسن الجوجو، يرحب بمطالب تعديل نصوص سن الحضانة، في قانون الأحوال الشخصية، لجهة رفعه فيما يتفق مع القانون الأردني المعمول به لسنة 2010». مصلحة الطفل
وأوضحت ماجدة المصري، عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، أن كافة الحملات النسوية تجاه رفع سن حضانة الأم لطفلها، ليست بالمستوى المأمول. لذا المطلوب تحليل البيئة المحيطة بالطفل، مع مراعاة الوضع النفسي والسيكولوجي، بما يتفق مع المعيار الدولي، وقانون الطفل الفلسطيني المعدل.
ورأت المصري الأساس في «الحضانة» بأنها مصلحة الطفل بجانب والدته، مع توفير مستلزمات الرعاية السليمة للطفل. وهذا مما تتفق عليه كافة الأطر النسوية في فلسطين، وتطالب به منذ عدة أعوام. وتعلّق المصري حول المشكلة الرئيسة في ذلك القانون، معتبرة إياها تكمن في إنحياز القاضي لتفكيره الذكوري، حيث يتم فصل الأم عن طفلها، دون قياس البيئة المحيطة له. أشكال الحضانة
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد بدير، مدير نقابة المحاميين الشرعيين بقطاع غزة، وجود ثلاثة أشكال للحضانة، وهي المشاهدة، والاستضافة، والاستزارة، إذ تتم المشاهدة مرة أسبوعاً لعدة ساعات، والاستضافة بالطلب باستضافة الأبناء 24 ساعة كل أسبوعين، بينما الاستزارة تكون بعد بلوغ الطفل سن (15) عاماً.
وأضاف بدير، «العديد من الاعتداءات تحدث للأطفال في حالات الطلاق، بعد تسلميهم لوالدهم، دون البحث والتقصي والتأكد من أهليته لتربية أطفال، لذا فتسهيل إثبات أهلية الوالد لحضانة الطفل، هو الخطوة المهمة».
ويرى بدير أن الحل المرحلي، هو تطبيق قانون الطفل الفلسطيني الذي حدد عمره لغاية (18) عاماً، وتطبيقه على نصوص الحضانة الواردة في قانون الأحوال الشخصية، ورغم قناعتنا بتعديل هذه النصوص، إلا أن هذا الأمر مرهون بالمشرع الفلسطيني داخل المجلس التشريعي، وقرارته التي لا بد من الإلتزام بها■ ملاحظة: نشر في مجلة الحرية الفلسطينية- العدد 1785