«الرأسمالية المعاصرة في أطرافها»، بطبعته الثانية، يجدد إطلاق إحدى الوثائق الرئيسية للمؤتمر الوطني العام الثالث للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين- 1994، التي كانت موضع تداول على نطاق واسع – داخلياً وفي الوسط المهتم – منذ طبعتها الأولى في أيلول (سبتمبر) 1993.
القضايا التي تتوقف أمامها هذه الوثيقة، بمقارباتها، وخلاصاتها، مازالت تحتفظ براهنيتها، رغم انقضاء ما يقارب ثلاثة عقود على طرحها. وهذا ما سنترك للقارئ الحكم عليه، بعد اطلاعه على موضوعات هذا الكتاب، وعلى الذي سيليه بعنوان: «الرأسمالية المعاصرة في مراكزها».
الوثيقة تطرح للبحث أموراً تتصل بما تنطوي عليه المرحلة الجديدة من تطور الرأسمالية المعاصرة، وما هي تجلياتها في بلدان مراكز الرأسمالية وأطرافها، وهل تضع التغييرات التي طرأت على الرأسمالية، موضع تساؤل المفاهيم الأساسية التي صاغها ماركس لتحليل نمط الإنتاج الرأسمالي، الخ...
هذه الوثيقة، بكتابيها، مساهمة علمية رصينة، تقدم إجابة على هذه الأسئلة، وغيرها، باعتماد منهج الجدل المادي في تطبيقه على التاريخ وتطور المجتمع، بمفاهيمه ومقولاته، بقوانينه المشتقة، وبالمعطيات الإمبريقية والإحصائيات المتوفرة من مصادرها الأولية■
■■■
■ القسمان الأول والثاني من هذا الكتاب يجملهما عنوان: «مقدمات نظرية»، يتفرع بدوره إلى مبحثين:
• المبحث الأول، «في الإقتصاد السياسي لنمط الإنتاج الرأسمالي» يضم 4 فصول: الأول، خصص لعرض رؤية ماركس لتناقضات الرأسمالية وقوانين تطورها؛ والثاني، يقدم رؤية لينين للرأسمالية في مرحلتها الإمبريالية، مستكملاً ما بدأه ماركس في عصره؛ ويأتي الفصل الثالث، ليخلُصَ إلى الموضوعات الرئيسية التي تشكل جوهر الرأسمالية المعاصرة؛ وختاماً يأتي الفصل الرابع، ليتناول بالشرح المفاهيم والمقولات الرئيسية للإقتصاد السياسي الماركسي.
• المبحث الثاني، «الطبقة العاملة، الفئات الوسطى، أزمة علم الإقتصاد البورجوازي» يقوم على فصلين: أولهما، يدحض – بالمنهج ووقائع الميدان – نظرية منحى الطبقة العاملة للإضمحلال بفعل الثورة العلمية – التكنولوجية، وما تؤدي إليه من أتمتة متسارعة تحل تدريجياً مكان العمل الحي، ما يجعل الطبقة العاملة تقترب من الفئات الوسطى وتندمج فيها؛ و ثانيهما، يتوقف أمام أزمة «علم الإقتصاد البورجوازي»، بدءاً من مرحلة المؤسسين، مروراً بـ «الكينزية»، وإنتهاءً بـ «النيوليبرالية»، ومدرسة «النقوديين»، ليصل إلى خلاصة مفادها: عجز هذا العلم، بمختلف مدارسه، عن اجتراح حلول استراتيجية للمعضلات التي تطرحها اقتصاديات الرأسمالية المعاصرة، والأزمات التي تجتاحها دورياً■
■■■
■ القسم الثالث، «في الإقتصاد السياسي .. نموذج البلدان النامية»، يضم فصلين: أولهما، يتناول رأسمالية الأطراف، من زاوية تكثيف النهب الإمبريالي، وتعاظم السمات الكومبرادورية لرأس المال الطرفي؛ وثانيهما، يركز على النهب الإمبريالي للبلدان النامية (أو المتخلفة، أو العالم الثالث..) وآثاره الإقتصادية، وتداعياته الإجتماعية. وكل هذا، في إطار العولمة المتسعة دوائراً لنمط الإنتاج الرأسمالي، والتدويل المتسارع لعملية إنتاج رأس المال، وتمركزه الإحتكاري الذي يتخطى الحواجز القومية، ما أدى، ويؤدي، في بلدان الأطراف، إلى تعميق معالم التطور الرأسمالي التبعي، وإلى إحكام السيطرة الإستعمارية الجديدة عليها■
■■■
■ القسم الرابع، «الإقتصاد السياسي ... نموذج البلدان العربية»، يستكمل ما سبق في 4 فصول: الأول؛ حول معالم التطور الرأسمالي التبعي في العالم العربي؛ والثاني، يركز على نموذج البلدان العربية ذات الإقتصاد النفطي الراجح؛ الفصل الثالث، يتوقف أمام نموذج البلدان العربية شبه النفطية وغير النفطية؛ أما الفصل الرابع، فيتناول ملف العجز عن تحقيق التنمية في البلدان العربية، وحال ومهام حركة التحرر الوطني والديمقراطي العربية.
■ من أهم ما يتوصل إليه القسم الرابع من الكتاب، هو إبراز توفر العناصر الضرورية لدى الدول العربية لبناء اقتصاد متوازن، يرتكز على الإنتاج في قطاعاته الرئيسية، والإعتماد على الإدخار المحلي المتأتي من ثرواتها النفطية والمعدنية والبحرية، وقدراتها الصناعية والزراعية، مستندة إلى ثروة بشرية على درجة عالية من التكوين، لينتهي إلى البحث بالتطورات الأبرز التي شهدتها الخارطة الطبقية في المجتمعات العربية، بتياراتها الرئيسية الثلاثة: القومي، واليساري، والإسلام السياسي، وما شهدته هذه التيارات من تطورات على مستوى البنية والبرنامج، فضلاً عن السياسات المتبعة، على إيقاع المتغيرات الدولية، وفي ضوء الحراك العربي الموصول اقتصادياً، إجتماعياً، وسياسياً..، ليصل إلى اشتقاق المهمات النضالية المشتركة الملقاة على عاتق حركة التحرر الوطني والديمقراطي، بما في ذلك توحيد الحركة الشعبية■
■■■
■ هذا الكتاب، هو الرقم 17 من سلسلة «في الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر»، يشكل أساساً متيناً للبناء عليه في قراءة اللحظات والأوضاع الإقتصادية الراهنة، تدقيقاً، وتطويراً للخلاصات التي يصل إليها، واتجاهات العمل التي يقترحها سواء على مستوى المنطقة العربية، أو بلدان العالم الثالث، وسيتلوه الكتاب الرقم 18 من نفس السلسلة، الذي سيتناول موضوع الرأسمالية المعاصرة في بلدان المتروبول■