القدس في عين عاصفة المخططات الاستيطانية
2020-04-18
نابلس ( الاتجاه الديمقراطي)
قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير في تقريره الاسبوعي حول الاستيطان 11/4/2020- 17/4/2020 : " يواصل الاحتلال الاسرائيلي استغلال أزمة كورونا ، لتثبيت أقدامه ومخططاته لضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ، بما فيها القدس من جهة، واتخاذ الخطوات التمهيدية لبسط السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت من جهة اخرى . وفي هذا السياق تعتزم الحكومة الإسرائيلية الربط بين مستوطناتها في مدينة القدس المحتلة عبر مد خط سكة حديد للقطار الخفيف ، حيث تفيد المصادر أن مداولات أجرتها ما تسمى باللجنة اللوائية للتنظيم والبناء تظهر دخول القطار الخفيف لمستوطنة (أرمون هنتسيف) المقامة على جبل المكبر في شرقي القدس في خطة تهدف إلى زيادة وتكثيف البناء الاستيطاني بنسبة كبيرة ، وجذب مزيد من المستوطنين عن طريق توسيع بناء المنازل الاستيطانية. وكان المركز العربي للتخطيط البديل كشف قبل أيام عن مخطط تهويدي بدأ الاحتلال التحضير له لبناء خطي سكة حديد تربط التجمعات اليهودية بتخوم المسجد الأقصى المبارك ، الخط الأول تحت الأرض يصل ما بين الجزء الغربي من مدينة القدس المحتلة ومنطقة باب المغاربة وصولا إلى تخوم المسجد الأقصى ، والثاني سكة حديد فوق الأرض تجوب أحياء القدس المختلفة. وينضم هذا المخطط إلى سلسلة مشاريع أخرى تنفذ بالخفاء في القدس ، مثل “نفق الهيكل” الذي يمتدّ تحت أحياء البلدة القديمة ويهدد سلامتها واستقرارها ، ومشروع “مدينة داود” الذي تهدد منشآته المختلفة حيّ سلوان ومنطقة باب المغاربة “.
وكشفت اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في بلدية الاحتلال في القدس عن مشروع استيطاني على أراضي جبل المكبر جنوب القدس المحتلة بواقع 410 وحدات استيطانية، ومرافق عامة وفندق 100 غرفة، وربط الحي الاستيطاني الجديد بشبكة القطار الخفيف وتلك الشبكة العامة بسكة الحديد في البلاد حتى 2024. كما قررت تلك اللجنة ضمن مخططاتها الاستيطانية ، التي لا تتوقف ايداع مخطط استيطاني في مستوطنة “جيلو” جنوب المدينة . ويتضمن المخطط الذي يركز على بناء 1300 وحدة سكنية استيطانية و 100 الف متر مربع للمباني العامة و25 الف متر مربع مناطق تجارية و20 الف متر مربع لمشاغل و15 الف دونم مناطق مفتوحة ، ومخطط بمساحة ( 83 دونما ) شمال شرق المستوطنة قرب مسارين للقطار الخفيف لاقامة مدرسة ونادي رياضي وثقافي كما يتضمن المخطط اقامة ثلاثة دواوير تشكل مدخل الحي الجديد تقام في محيطها محال تجارية ومشاغل ويتضمن المشروع بناء عشرة مباني سكنية بارتفاع 10 -12 طابقا وسبعة ابراج من 25-35 طابقا تشكل بديلا عن مركز الاستيعاب القديم المكون من حوالي 290 وحدة سكنية.
في الوقت نفسه تواصل سلطات الاحتلال سياسة التضييق على المواطنين الفلسطينيين في القدس . فقد حررت شرطة الاحتلال ، نهاية الاسبوع مخالفات مالية للمشاركين في المظاهرة الاسبوعية في حي الشيخ جراح ، في مدينة القدس ، قيمة كل مخالفة خمسة آلاف شيقل . وكانت الشرطة قد حاصرت سبعة متظاهرين وصادرت هوياتهم وحررت لكل واحد منهم مخالفة قيمتها 5 الاف شيقل ، بمجموع 35 الف شيقل. ويتظاهر اهالي الحي منذ عام 2009 مع نشطاء من اليسار الاسرائيلي ومتضامنين اسبوعيا، ضد سياسة الاستيلاء على المنازل في الحي لصالح المستوطنين ، واستمرت التظاهرة خلال الشهرين الاخيرين “منذ الاصابات في الفيروس” وضمن الشروط والاجراءات المتبعة. وكان المتظاهرين تواجدوا ضمن الاجراءات الوقائية من فيروس كورونا بوضع الكمامات والحفاظ على مسافة تتجاوز المترين ، علما أن كافة القرارات التي اتخذت لتقييد الحركة خلال الاسابيع الماضية لم تمنع التظاهر .
وفي القدس كذلك وعلى خلفية الكثير من ممارسات الاحتلال حذرت قيادات مقدسية من استغلال الاحتلال الإسرائيلي وصول فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” إلى الفلسطينيين في القدس الشرقية ؛ لإعلانها مناطق “موبوءة” وبالتالي إغلاقها بشكلٍ كامل ، الأمر الذي يمكن ان يمهد في المستقبل لتطهير عرقي وديمغرافي صامت للفلسطينيين في عدد من أحياء المدينة على ايدي سلطات الاحتلال ، حيث ان هناك مناطق مستهدفة على المستوى السياسي والأمني في القدس الشرقية كـمنطقة سلوان والبلدة القديمة والطور ومناطق مكتظة أخرى ومساحاتها ضيقة بمخيم شعفاط وقلنديا وكفر عقب ، هذه المناطق بالتحديد اضافة الى كافة الأحياء العربية الفلسطينية في القدس تسعى اسرائيل للوصول الى إفراغها من سكانها بمبررات كثيرة ولكن الخطر الكبير هو استغلال الاحتلال فايروس كورونا وانتشاره في هذه المناطق للإعلان عنها كمناطق موبوءة وصولا الى مبرر لتطهير عرقي واسع وسريع لهذه المناطق.
ويواصل المستوطنون استفزازاتهم ضد المواطنين الفلسطينيين مستغلين في ذلك حالة الطوارئ التي تعيشها الاراضي الفلسطينية . ففي الوقت الذي يتم فيه تقييد حركة المواطنين في وادي قانا في ضوء تعليمات حالة الطوارئ ، التي اعلنتها الحكومة الفلسطينية ومنعت الفلسطينيين من التنزه في الوادي وذلك ضمن الإجراءات الوقائية لمنع انتشار فيروس كورنا الخطير ، إلا ان المستوطنين من المستوطنات المحيطة يستغلون ذلك للتواجد المكثف في الوادي ما بات يشكل خطرا على صحة المواطنين في تلك المنطقة التي تقع بين ثلاث محافظات هي نابلس وقلقيلية وسلفيت ويزيد من احتمالية نقل الفيروس للمزارعين الفلسطينيين الذين صمدوا بالوادي بالرغم كل محاولات الطرد المستمرة لهم من قبل قوات الاحتلال خاصة وأن المستوطنات المحيطة بالوادي قد أصبحت وفقا لرئيس بلدية دير استيا بؤرا لفيروس كورونا ، وهو ما تؤكده الإحصائيات في هذا المجال فضلا عن ان المستوطنين في المستوطنات المجاورة لا يلتزمون بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا ويتجولون في الوادي بشكل استفزازي على شكل جماعات ما يشكل خطرا على المزارعين الفلسطينيين الذين يزيد عددهم عن 70 مزارعا من أصحاب بيارات ومن مربي النحل والرعاة ويقول المواطنون في الوادي والمناطق المحيطة أنهم اصبحوا يعيشون في حالة من الخوف عند القدوم إلى الوادي للعناية بمزروعاتهم الشتوية فماما يشاهدونه من المستوطنين يثير قلقهم خاصة وأن الوادي محاط بثمانية مستوطنات انتشر فيها الوباء.
وفي تطور لافت وغريب اعتدى مستوطنون ينتمون الى منظمة “شبيبة التلال” الإرهابية على مواطنين فلسطينيين الاسبوع الماضي وأحرقوا سيارتين كانتا في المكان قرب شارع 90 في الأغوار المحتلّة. وكان أعضاء “شبيبة التلال” ملثّمين وقذفوا حجارة على الفلسطينيين ورشّوا عليهم غازًا مسيلا للدموع . وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد جمع عشرين عضوًا في هذه المنظمة الإرهابية ووضعهم في الحجر المنزلي في منشأة تابعة له قرب مكان الاعتداء ، بسبب احتمال تعرّضهم للإصابة بفيروس كورونا ، وقد زوّدهم الاحتلال بالأسرّة والطعام ومولّد كهرباء ومعدات إضافيّة. وقبل أن يصل هؤلاء إلى المنشأة ، فروا من الحافلة العسكريّة التي كانت تقلّهم وقاموا بالاعتداء على الفلسطينيين ، ومن الجدير ذكره بان اعتداءات المستوطنين تتم بغطاء وإسناد من جيش وحكومة الاحتلال ، وأسفرت خلال السنوات الأخيرة عن استشهاد وإصابة عدد من الفلسطينيين في عمليات منظمة ، وقف خلفها ما يعرف بتنظيم “شبيبة التلال” وحركة “تدفيع الثمين” الإرهابيين ، وكان أبرزها جريمة إحراق منزل عائلة دوابشة في قرية دوما، ما أدى إلى استشهاد سعد دوابشة وزوجته رهام وطفلهما علي ، وخطف وإحراق الطفل المقدسي محمد أبو خضير ، واستشهاد المواطنة عائشة الرابي .وحظي الإرهابيون مرتكبو هذه الجرائم ، المعروفون جيدا لجيش الاحتلال وشرطته بإعفاءات وشهادات براءة من المحاكمة .
وفي سياق آخر تتوالى ردود الفعل على الاتفاق الذي توصل اليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع شريكه المعارض بيني غانتس بشأن ضم إسرائيل للأغوار الفلسطينية ومنطقة شمال البحر الميت ، وهو الاتفاق الذي أشار اليه تقرير الاستيطان الاسبوعي الأخير ، الذي أصدره المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ، وحول حقيقة الطاقم الأمريكي للسلام وطبيعة السياسات الخارجية الأمريكية الإسرائيلية المشتركة على هذا الصعيد . ففي ندوة ضمت بريان ريفز ، مدير العلاقات الخارجية في “ حركة السلام الآن “، وليور أميهاي، المدير التنفيذي لمنظمة “ييش دين “ طرحت لارا فريدمان ، رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط ، التي أدارت الندوة العديد من التساؤلات التي بقيت معلقة من بينها : هل واشنطن وتل أبيب اتفقتا على خرائط الضم وسط انشغال العالم بالحرب على “كورونا”؟ وما صحة ما طرحة رونين بيرتس ، مدير عام ديوان نتنياهو بأنّ الفريق الأمريكي الإسرائيلي الذي يقوده السفير الأمريكي ووزير السياحة الإسرائيلي أنجز الاتفاق والخرائط لضم المناطق التي يجوز لإسرائيل ضمها ؟ ، وهل حقاً لن تسمح إسرائيل للفلسطينيين باستخدام الشوارع الالتفافية الذي يستخدمها المستوطنون ؟ وهل شارك رؤساء مجالس المستوطنات في الضفة الغربية في رسم الخرائط ؟ وهل طاقم ترامب وإدارته أقروا المشروع الاستيطاني الأخطر “E1” الذي سيؤدي إنجازه إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها ويقضي نهائياً على حل الدولتين ؟
وفي السياق يمكن ملاحظة أنه بعد أكثر من نصف قرن من الجدل بشأن مستقبل الاراضي العربية الفلسطينية المحتلة والتي تسميها حكومة الاحتلال “يهودا” و”السامرة”، وبعد ربع قرن على اتفاقيات أوسلو، وفي غضون سنة واحدة فقط ، أصبحت مسألة تطبيق السيادة الإسرائيلية محل إجماع واسع في اسرائيل وأحد الخطوط الأساسية لأية حكومة اسرائيلية قادمة حيث جدد مدير مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي رونين بيرتس التأكيد بأن أعمال ترسيم حدود المستوطنات في إطار “صفقة القرن” متواصلة على الرغم من انتشار فيروس كورونا. وتحدث بيرتس عن أن النشاط الاستيطاني شهد خلال العامين الأخيرين “ثورة كبيرة” تمثلت في إقرار بناء 15 ألف وحدة استيطانية، بالإضافة إلى التخطيط المتقدم لبناء 10 آلاف وحدة، بالإضافة إلى تبييض أكثر من 15 بؤرة استيطانية والعمل على شق العديد من الطرق الالتفافية.
وتتوالى ردود الفعل الدولية على سياسات اسرائيل وانتهاكات سلطات الاحتلال لحقوق الفلسطينيين . فقد قد أكدت الأمم المتحدة رفضها أي توجه لاتفاق بين “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية بشأن ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية ، معتبرةً ذلك “تقويضا لعملية السلام”.جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام أنطونيو غوتيريش، عبر دائرة تليفزيونية مغلقة مع الصحفيين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك. وردًا على تقارير إعلامية بشأن اتفاق وشيك بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” بشأن خريطة المناطق بالضفة الغربية التي سيتم ضمها لاسرائيل قال حق: “نحن ضد أي خطوات أحادية الجانب تقوض عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي”. كما حذر المجلس النرويجي للاجئين من أن استمرار السلطات الإسرائيلية في هدم واستهداف المنازل ومرافق المياه والصرف الصحي في الضفة الغربية المحتلة، يقوض الجهود المبذولة للحد من إنتشار فيروس كورونا “كوفيد_19″، خاصة مع احتدام جائحة كورونا. وقال المجلس ، في تقرير له تعرض عمليات الهدم المستمرة والتهديد بالترحيل القسري ، بالإضافة إلى خطط الحكومة الإسرائيلية المقبلة لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ، أمان وصحة الآلاف من الفلسطينيين للخطر. كما أن الاستيلاء على الأراضي يحرم الفلسطينيين ويقلص أمالهم في الحصول على حقهم الشرعي في تقرير المصير.