الأسرى في«رؤية ترمب ـ نتنياهو».. معايير الاحتلال ترسم مصيرهم
2020-02-11
«الحرية» - غزة من عبد الرحيم أبوكويك
■لا زالت تداعيات «رؤية ترمب» التي أعلن عن بنودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، تتوالى بالتزامن مع رفض فلسطيني وعربي ودولي لهذه الرؤية المشؤومة التي تسعى لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية.
وكانت قضية الأسرى الفلسطينيين حاضرة ضمن بنود «رؤية ترمب» لتكمل الإدارة الأميركية وفي إطار مشترك مع دولة الاحتلال حربها الشرسة على الاسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بالإجهاز على ما تبقى من حلم الدولة، والتي بدأتها في القدس عبر فرض السيادة الإسرائيلية عليها، وشطب حق العودة وتشريع الاستيطان.
وقد طرحت الرؤية المزعومة بنداً محدداً تحدثت فيه عن الأسرى ومصيرهم حال تطبيقها، واشترطت في بنودها أن إطلاق سراحهم، سيكون على مرحلتين بالسماح بالنقل المنظم وإعادة التوطين، على أن يصبح جميع الأسرى الذين سيطلق سراحهم مواطنين في دولة فلسطين، والتي ستشمل القاصرين من النساء، والسجناء الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، والسجناء الذين يعانون من الأمراض، ومن أمضوا أكثر من ثلثي مدة محكوميتهم، وجاء في نص الخطة: «ينص اتفاق السلام الإسرائيلي - الفلسطيني على إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الإداريين الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، باستثناء (1) المدانين بالقتل أو محاولة القتل، و(2) المدانين بالتآمر لارتكاب جريمة القتل، و(3) المواطنين الإسرائيليين».
حملة ضد الأسرى
وقد رافق إعلان الرؤية الأميركية حملة إسرائيلية شرسة ضد الحركة الأسيرة، أما الرد من الأسرى إزاء ذلك فقد أكدوا رفضهم الجامع والقاطع لها. وقال الأسرى في بيانهم، إن «الرؤية الأميركية هي بحد ذاتها مشروع لإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية، ونحن كأسرى فلسطينيين جزء أصيل من الشعب الفلسطيني ولا يمكن أن نكون جزءا من هذه المؤامرة التي تحاك ضد مشروعنا النضالي، وعليه لا يمكن ولا للحظة أن نتعاطى مع هذه الصفقات والأوهام».
وشدد الأسرى على أن مواجهة هذه المؤامرة غير ممكنة إلا في حال تحقيق الوحدة الوطنية، ما يتطلب دعم المقاومة الفلسطينية، وتنظيم المزيد من الفعاليات الجماهيرية الرافضة لها، ودعا الأسرى إلى ضرورة تشكيل أوسع حالة التفاف جماهيري في كافة أماكن الوجود الفلسطيني، وتكثيف التغطية الإعلامية لمجابهة هذه المؤامرة.
من جهته، أكد رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في شؤون الاسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، في حوار مع «الحرية» أن الرؤية الأميركية مرفوضة جملةً وتفصيلا من قبل شعبنا الفلسطيني، وشروط إطلاق سراح الاسرى وفقها لا تلبي طموحات أسرانا، ونضالهم الوطني.
رؤية سيئة الصيت
وحول ما ورد بما يتعلق بالأسرى، قال فروانة، إن «هذه الخطة الأميركية تسيئ لقضية الأسرى، نظراً لانحيازها التام لجانب الاحتلال وهي تعزز روايته في تجريم نضالات الاسرى في الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم، وعبر فرض المزيد من العقوبات المجحفة بحقهم وإطلاق مصطلحات تخدم الاحتلال، ووصف الأسرى بأنهم «إرهابيين وأياديهم ملطخة بالدماء»، وهذا ما ينفيه الواقع».
وطالب فروانة بالعمل على إعداد رؤية وخطة واضحة، ومتوافقة مع الجميع، تدافع عن حقوق الاسرى وتعمل على فضح جرائم الاحتلال، مُطالباً في الوقت ذاته، الجهات الرسمية بتفعيل ملف الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه المستمرة ضد الاسرى.
بدوره، أكد ياسر مزهر مدير مؤسسة مهجة القدس لـ«الحرية» أن قطاع غزة سيشهد مزيداً من الوقفات والحراك الجماهيري بالتنسيق مع المؤسسات الحقوقية ولجنة الصليب الأحمر للذهاب لمحكمة الجنايات الدولية، والطلب منها وقف هذه الجريمة تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية، والمخالفة للقانون الدولي، منوهاً أن هذه الرؤية ستفشل، ولن يكتب لها النجاح أمام الجهود الفلسطينية والحراك الدولي والمناصرة العالمية. ودعا مزهر جميع سفارات دول فلسطين بالخارج للتحرك مع الدول الموجودة فيها لتوحيد الجهود ورفع ملف «صفقة القرن» لمحكمة الجنايات الدولية.
رفض رؤية ترمب ـ نتنياهو
من جانبه، اعتبر سمير زقوت نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في حوار مع «الحرية» الرؤية الأميركية، وما يخص فيها من جانب قضية الأسرى هي مرفوضة بالنسبة لنا جملة وتفصيلاً كونها لا تراعي أحكام القانون الدولي، ولا قرارات الأمم المتحدة، بل وتضرب كل قرارات الشرعية الدولية والنظام الدولي بأكمله، وتقوض أساس حلم الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 بعاصمتها القدس الشرقية.
وقال زقوت، إن «التعريج على جانب قضية الأسرى وما تشمل من شروط للإفراج عنهم، يعد كلاماً غير منطقي وخارج المضمون»، مطالباً المجتمع الدولي بتحرك عاجل وفاعل للاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، وبذل كافة الجهود السياسية والاقتصادية والدبلوماسية الكفيلة بتمكين الفلسطينيين من انتزاع حقوقهم، وكبح جماح الخطة الأميركية لمنع تدهور الأوضاع وزج المنطقة في آتون صراع عنيف سيمتد لأجيال. داعياً أحرار العالم إلى حملة تضامن مع الشعب الفلسطيني لدعم جهوده في مقاومة الخطة الأميركية والعمل على إحباطها.
وتبقى قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين معيارا أساسياً لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة، ولا يمكن للسلام أن يتحقق دون إنجاز الحقوق الوطنية وإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس وتطبيق القرار الأممي 194 فيما يتعلق بعودة اللاجئين. المصدر: مجلة الحرية الفلسطينية في عددها 1761