المحميات الطبيعية والحدائق الوطنية مناطق احتياط للتوسع الاستيطاني
2020-01-18
نابلس ( الاتجاه الديمقراطي)
قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير في تقريره الأسبوعي حول الاستيطان إن :" وزير الجيش نفتالي بينيت صادق الاسبوع الماضي على قرار الاعلان عن سبع محميات طبيعية جديدة في الضفة الغربية تبلغ مساحتها 130 ألف دونم ، معظمها اراضي دولة والباقي حسب التقديرات 20 ألف دونم من الاراضي هي اراض بملكية فلسطينية خاصة. وهذا هو الاعلان الاول عن محميات طبيعية وحدائق وطنية في الضفة الغربية منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو. ومع ذلك وخلال السنوات ، التي اعقبت التوقيع على اتفاقية اوسلو كانت توجد تغييرات في حدود المحميات الطبيعية القائمة . اعلان بينيت يشمل ايضا المصادقة على توسيع 12 محمية قائمة . وتشكل هذه الخطوة من المستوى السياسي مصادقة على عملية تخطيط بدأت في العام 2008 في الادارة المدنية. ويشمل الاعلان ضمن امور اخرى محمية وادي المالحة، وجميعها على اراضي فلسطينية خاصة (14.236 دونم)، محمية وادي تيرتسا (200 دونم من الاراضي الخاصة ، ومحمية وادي أوغ (5700 دونم من الاراضي الخاصة .
ويروج نفتالي بينيت لقراره بالادعاء ان وزارة الجيش تقدم تعزيزا كبيرا لارض اسرائيل ونواصل تطوير الاستيطان اليهودي في مناطق ج. بالافعال وليس بالاقوال ، ففي منطقة يهودا والسامرة حسب زعمه توجد مواقع طبيعية فيها مناظر خلابة. نحن سنوسع القائم منها وسنطور ايضا اماكن جديدة. ليطلب في ضوء ذلك من جميع مواطني اسرائيل التجول في البلاد والقدوم الى يهودا والسامرة والتنزه واكتشاف ومواصلة المشروع الصهيوني .
وفي إعلانه المشار إليه أوعز نفتالي بينيت للإدارة المدنية بنقل “المحميات الطبيعية” الجديدة إلى مسؤولية “سلطة الطبيعة والحدائق” من أجل فتحها أمام الجمهور . وللتوضيح فقد شمل هذا الاعلان عددا كبيرا من المواقع من بينها مغارة سوريك ، وتعرف أيضا باسم كهف الحليمات العليا أو مغارة الشموع ، القريبة من قرية بيت سوريك ا ؛ وادي المقلك ، عند المنحدرات الشرقية لجبل الزيتون في القدس ؛ وادي ملحة عند مجرى نهر الأردن الجنوبي ، ووادي الفارعة بوابة الاغوار الشمالية . كما اعلن عن توسيع 12 “محمية طبيعية” قائمة وهي : قمم الجبال الواقعة غربي البحر الميت ، فصائل في غور الأردن ؛ أم زوكا في الأغوار ؛ عين الفشخة ، المشاطئة للبحر الميت ؛ قرية خروبة الفلسطينية المهجرة، شرقي الرملة وداخل الضفة ؛ وادي سيلفادورا، شمالي البحر الميت؛ جبل غادير، شرقي طوباس في الأغوار؛ عيون كانا، شمالي البحر الميت؛ وادي المالحة ، وسط الأغوار؛ وقمران، في منطقة أريحا، ما يعني وضع اليد على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية المصنفة “ج ” . وبحسب ما نشر على موقع مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم” فإن إسرائيل أعلنت أن نحو 20% من أراضي الأغوار قد اصبحت ” ـمحميّات طبيعيّة ” و”حدائق وطنيّة”
وبذريعة الحفاظ على المحميات الطبيعية والتنوع البيئي فيها , تمنع السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين في كافة محافظات الضفة الغربية المحتلة من استغلال أراضيهم الواقعة في مناطق تلك المحميات ، وتبدي الادارة المدنية كما هي العادة وللتعمية على مشاريعها الاستيطانية المستقبلية حرصا على ضمان التصرف بتلك المناطق باعتبارها محميات طبيعية ولكن الى حين ، فيما تفتح مشاريع أبوابها لتوسيع المستوطنات عندما ترى ذلك مناسبا كما خدث في اكثر من مناسبة . ففي العام 2014 منعت الادارة المدنية وبالتعاون مع سلطة الحدائق والطبيعة شق طريق استيطاني في محمية وادي قانا في محافظة سلفيت لربط البؤرة الاستيطانية الاسرائيلية , “الوني شيلو” بتجمع قدوميم الاستيطاني . غير أن نفس الادارة المدنية لم تتردد في الوقت نفسه من قطع الالاف من أشجار الزيتون بشكل خاص عندما اجناحت الاليات التابعة لسلطة حماية الطبيعة الاسرائيلية وبالتنسيق مع جيش الاحتلال الاسرائيلي آلاف غراس الزيتون في منطقة واد قانا, في منطقة عين ” البصة” بالإضافة الى تسليم أوامر اخلاء عسكرية للعديد من المزارعين الفلسطينيين في المنطقة بذريعة أن الاراضي المستهدفة هي “محمية طبيعية” ويحظر على الفلسطينيين استخدامها. بعد ان اعلنت عن اغلبية الاراضي في تلك المحمية باعتبارها “أراضي دولة” وحولتها لاحقا الى مناطق محميات طبيعية وذلك للحد من التمدد العمراني الفلسطيني المستقبلي في المنطقة , بينما بالمقابل تسمح السلطات الاسرائيلية بتوسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية في المنطقة , بهدف السيطرة عليها.
وإذا عدنا لتظهير الصورة كما هي على نموذج وادي قانا ، فقد أعلنت سلطات الاحتلال منتصف ثمانينات القرن الماضي عن تخصيص 14 ألف دونم في وادي قانا كمحمية طبيعية ، ويبدو ذلك الإعلان لأهالي المنطقة ليس من أجل حماية الطبيعة ، بل لحجز تلك الأراضي وإبعاد الفلسطينيين عنها ، خاصة بعد أن بدأ الاحتلال بإقامة مستوطنات عدة حول الوادي ، وقد تواصل البناء الاستيطاني حتى وصل عدد المستوطنات إلى ثمانٍ ، إضافة لمعسكر لجيش الاحتلال ، يحيط بالوادي. وقد اتضحت صورة النوايا الاسرائيلية بعد ذلك بسنوات حيث كانت الذروة بين عامي 2010 و 2016 ، عندما بدأت الجرافات باقتلاع 2500 شجرة زيتون زرعها أصحاب الأرض ، وتدمير عدد من العزب (بيوت أو غرف صغيرة) التي يستخدمها المزارعون . ما أدى الى تناقص اعداد الفلسطينيين ، فبعد ان كان يقطن الوادي 300 اسرة فإن عدد من تبقي من هذه الاسر لا يتجاوز الآن 15 أسرة تسكن في بيوت شيّدت قبل تاريخ إعلانه محمية ، ويرجع سبب ذلك الى القيود المشددة التي تفرضها سلطات الاحتلال ضمن سياسة تشبه التهجير الناعم.
وفي سابقة خطيرة ، تؤكد تقديرات ومخاوف الفلسطينيين ، كان قائد المنطقة الوسطى للاحتلال قد أصدر في حزيران 2019 إخطارًا عسكريًا تحت الاسم “أمر بشأن إلغاء الإعلان عن غابة محمية “الفي منشيه”(2019-5779) والمتضمن تحويل صفة الاستخدام لأراضي المحمية الطبيعية المجاورة للمستوطنة من الجهة الغربية والتي تعود لأراضي قرية النبي إلياس في محافظة قلقيلية بالضفة الغربية، وذلك تمهيدًا لضم أراضي هذه المحمية الطبيعية (الغابة) إلى نفوذ المستوطنة الجاثمة على أراضي القرية والقرى المجاورة. وتعمل المجالس الاستيطانية خارج صلاحياتها وتسيطر على الأراضي الفلسطينية خاصة في المناطق المصنفة ( ج ) ، التي تشكل 60% من مساحة الضفة، وأكثر من 900 ألف دونم من مساحتها مناطق مغلقة، ولا تترك للفلسطينيين سوى 285 ألف دونم.
وادي قانا ليس حالة منفردة ، فمستوطنة “جبل أبو غنيم – هارحوما ” أقيمت على أراضي الفلسطينيين شمالي بيت لحم في عام 1997 ، بعد محو غابة حرجية كانت في المكان . وكان الاحتلال قد أعلن سابقاً مكان مستوطنة “هارحوما” محمية طبيعية ووضعت المخططات الهيكلية بناء على ذلك ، ولكنه أعاد تصنيفها منطقة بناء ، لتتم إزالة 60 ألف شجرة حرجية من مكان المستوطنة ، وكان الحال مشابهاً عند إقامة مستوطنة “ريخس شعفاط ” على أراضي القدس. وهكذا فإن المعيار الرئيسي لدى سلطات الاحتلال لإعلان هذه المنطقة او تلك محمية أو إلغاء ذلك الإعلان ، هو مصلحة المستوطنين
وبشكل عام يوجد 700 كيلومتر مربع في الضفة الغربية جرى الاعلان عنها ” محميات طبيعية “، إضافة إلى 78 كيلومتراً مربعاً كغابات ، لتصل نسبة تلك الأراضي إلى 13.7 في المائة من مساحة الضفة الغربية ، يقع معظمها في المناطق المصنفة “ج” وفقاً لاتفاق أوسلو ، أي تحت السيطرة الإسرائيلية. وتبقى المساحات الواسعة المقدرة بـ13.7 في المائة من الضفة الغربية عرضة لإعادة تدوير الاحتلال لقراراته العسكرية ، من أجل استغلالها لصالح الاستيطان ، حيث توجد قرابة 50 محمية ، وأهم المناطق التي تحويها هي مناطق الأغوار الشمالية التي يروج رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لخطته بفرض السيادة الإسرائيلية عليها في حال فاز في الانتخابات ، ووادي قانا في سلفيت، ومناطق محميات طبيعية في محافظات بيت لحم والخليل. ولا يقتصر تدوير القرارات على المحميات ، بل هناك أساليب مختلفة ، أهمها إقامة قواعد عسكرية ، أو إعلان منطقة تدريب عسكري ، أو إعلان الأراضي تابعة للدولة .
المحميات الطبيعية ليست سوى إحدى الوسائل للسطو على اراضي الفلسطينيين والأراضي العامة ، والى جانب هذه الوسيلة هنالك ايضا ما يسمى بالحدائق الوطنية ، حيث يغمد الاحتلال وأذرعه التنفيذية وسيلة تحويل الأراضي الفلسطينية وخاصة في القدس الى أراضٍ خضراء يطلق عليها اسم الحدائق الوطنية ، لكنها في الحقيقة حدائق توراتية حول المسجد الأقصى والبلدة القديمة وفي محيط مدينة القدس المحتلة ، تصل مساحاتها الاجمالية الى آلاف الدونمات . وتتضمن معظم الحدائق الوطنية التوراتية مشاريع استيطانية تهويدية ، تهدف أولا إلى مصادرة الأرض ووقف التمدد السكاني للفلسطينيين وتحويلها لمحطات رئيسية لتمرير الرواية التلمودية بطريقة تعسفية ، وهي تقوم على أراضٍ بملكيّة فلسطينيين وفي مناطق سكنيّة أو مناطق تابعة لأحياء أو قرى فلسطينيّة ، وتقوم ما تسمى سلطة الطبيعة بتحويل بعض صلاحياتها إلى جمعية ” إلعاد “، بهدف تعميق الاستيطان اليهودي في عمق الاحياء الفلسطينية في القدس الشرقية. مثل هذه الحدائق الوطنية نجد لها نماذج مختلفة في اكثر من منطقة في الضفة الغربية ، أما الغرض فهو الاستيلاء على اراضي الفلسطينيين بملكيتها الخاصة والعامة على حد سواء ووضعها في تصرف وخدمة الاستيطان اليهودي والمستوطنين
على صعيد آخر وفي سياق المشاريع الاستيطانية أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أوامر عسكرية بالاستيلاء على 350 دونما زراعيا من أراضي الخضر وأرطاس، جنوب محافظة بيت لحم وتحديدا في مناطق “باكوش، وخلة ظهر العين، وثغرة حماد، والشغف، وزكندح، وعين القسيس، وشوشحلة، والرجم”. بهدف توسيع الشارع الالتفافي الاستيطاني “رقم 60″، ما يعني التهام المزيد من الأراضي، إضافة لارتداد بنحو 150 مترا، عدا عن منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
واستولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على 127 دونما من أراضي بلدتي بروقين وكفر الديك غرب سلفيت، بزعم أنها أملاك دولة. وشرعت قوات الاحتلال الاسرائيلي ، بتنفيذ المرحلة الثانية من إنشاء خط مياه جديد على أراضي محافظة قلقيلية ، الذي يمتد من داخل أراضي الـ48 حتى حدود محافظة نابلس، لتغذية المستوطنات بالمياه، وكانت المرحلة الأولى بحفر أراض للخط من قرية النبي الياس شرق قلقيلية، في حين بدأت المرحلة الثانية بالحفر في أراض من قرية كفر لاقف شرق قلقيلية. وهذا المشروع الذي اعلن عنه عام 2018 يبلغ طوله اكثر من سبعة كيلو متر وسيؤدي لتدمير ما يزيد 1000 شجرة زيتون ومصادرة مئة دونم من أراضي المحافظة.
وفي القدس تراجعت المحكمة المركزية عن قرارها السابق بإلغاء تمكين الجمعيات والمؤسسات الاستيطانية من الاستيلاء على عقارات وفنادق كبيرة ومحلات تجارية قرب باب الخليل في القدس القديمة والتي تعود ملكيتها الى بطريركية الروم الارثوذكس ، المحكمة نفسها وخلال فترة قصيرة. اتخذت هذا القرار والعودة بالأمر إلى النقطة الأولى أي تمكين المستوطنين من الاستيلاء عليها، وعلى البطريركية أن تعود الى المحكمة مرة أخرى وتبدأ المطالبة من جديد بهذه الممتلكات. ومن الناحية القانونية فان القرار الجديد كان مفاجئا من حيث الشكل والمضمون، كما يقول المحامي ماهر حنا الذي يدافع عن فندق الامبريال وينقصه التعليل والشرح ويتناقض مع كل القرارات السابقة والأغرب أن المحكمة أصدرت قرارها دون حتى عقد جلسة للبحث في الالتماس الذي قدمه المستوطنون ولم تفسر أو تعلل وفق السوابق القانونية المعمول بها. والأسوأ في قرار المحكمة المتناقض هذا أنها طالبت العائلة التي لها حق الحماية في الفندق بمبلغ عشرة ملايين شيكل والحجز على أية أملأك لها كما طالبت بتفعيل قرار بنزع حق الحماية وضرورة الإخلاء.وهكذا تجاهلت المحكمة أيضا وجود أدلة على تزوير الصفقة المشبوهة التي تمت بين عامي ١٩٩٦ – ١٩٩٧ وقدمتها بطريركية الروم إلى المحكمة التي اتخذت قرارها الأول استنادا إلى ذلك. ويتضح من هذا أن القضاء يخدم الاستيطان والمستوطنين ويتجاهل في قضايا كهذه، أية قوانين أو حقوق.
والى الجنوب من مدينة نابلس انتشرت مجموعات من المستوطنين على عدد من الطرق ، خاصة شارع حوارة الرئيسي وطريق “يتسهار” وفي أراضي بلدة عوريف، وتعطلت الدراسة بمدرسة عوريف الثانوية، عقب تجمع ما يقارب 100 مستوطن على مقربة من المدرسة الواقعة في المنطقة الشرقية، وحاولوا الاعتداء على المدرسة، ما استدعى تعطيل الدراسة خوفاً على سلامة الطلبة. وفي الوقت نفسه تصدى اهالي قرية مادما لهجوم شنه مستوطنون من مستوطنة “يتسهار” على منازل المواطنين في المنطقة الجنوبية من القرية حيث هاجموا عددا من المنازل بالحجارة وحاولوا الدخول اليها واعتلاء اسطحها ، الا ان اهالي القرية هبّوا لنجدة اصحاب المنازل التي شملتها الاعتداءات
وفي محافظة سلفيت أقدم المستوطنون على أعمال تجريف وتوسعة لمستوطنة بروخين غربي مدينة سلفيت حيث واصلت جرافات المستوطنين عمليات تجريف وتهيئة الأرض والبنية التحتية للمزيد من البناء الاستيطاني على حساب أراضي بلدة بروقين وبلدة بديا وكفر الديك وقرية سرطة غرب محافظة سلفيت . وكانت حكومة الاحتلال أعلنت في وقت سابق عن توسيع مستوطنة “بروخين” بمئات من الوحدات الاستيطانية الجديدة ما دفع مستوطنو “بروخين” المقامة على اراضي بلدتي بروقين وكفر الديك غرب سلفيت على القيام بتجريف 127 دونما في منطقة ظهر صبح في الجهة الشمالية من البلدة بحجه انها مصنفة “ب ج” وانها املاك دولة رغم ان اصحابها اشارزا الى انهم يمكون الاوراق التي تثبت ملكيتهم لتلك الارض
وفيما يبدو استباقا لعمل المحكمة الجنائية الدولية اعترفت وزارة الأمن الإسرائيلية ، بأن استشهاد الفلسطينية عائشة الرابي (45 عاما) على يد مستوطن على حاجز زعترة الى الجنب من مدينة نابلس في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هو “عمل عدائي” وقع لأسباب قومية.وفي 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، استشهدت الرابي وهي أم لثمانية أبناء، من بلدة بديا، غربي مدينة سلفيت، إثر اعتداء بالحجارة نفذه مستوطن استهدف سيارة كانت تستقلها برفقة زوجها الذي أُصيب بجروح.