البلاغ السياسي الصادر عن دورة اجتماعات المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
2019-11-11
دمشق (الاتجاه الديمقراطي)
■ في ختام دورة إجتماعات عقدها برئاسة الأمين العام نايف حواتمة، في نهاية النصف الأول من شهر تشرين الثاني(نوفمبر) 2019 «دورة الشهداء والأسرى» أصدر المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بلاغاً سياسياً تناول فيه القضايا السياسية المدرجة على جدول أعمال الحركة الوطنية الفلسطينية، والمسار السياسي للقضية الفلسطينية، كالإنتخابات، وإعادة تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال، والإنفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي، وقضايا اللاجئين وحق العودة، والعلاقات الوطنية وأوضاع م.ت.ف ومؤسساتها، كما تناول أوضاع الجاليات الفلسطينية في بلدان المهاجر واللجوء، والأزمة التي يعانيها النظام السياسي الفلسطيني. كما ألقى البلاغ نظرة على الأوضاع العربية، بما تشهده من حراكات شعبية في أكثر من قطر،
وفيما يلي النص الكامل للبلاغ:
عقد المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، برئاسة الأمين العام نايف حواتمة، دورة إجتماعات/ دورة الشهداء والأسرى/ في منتصف شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، ناقش فيها القضايا المدرجة على جدول أعماله، وأصدر في ختامها البلاغ السياسي التالي نصه:
1- الإنتخابات
■ رحب المكتب السياسي للجبهة بالدعوة للإنتخابات ودعا لأن تكون إنتخابات شاملة، للرئاسة والتشريعي، في السلطة الفلسطينية، والمجلس الوطني لمنظمة التحرير في الوطن والشتات، في مواعيد متفق عليها، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، عملاً بقرارات الإجماع الوطني في حوارات القاهرة (شباط فبراير 2013) وعمان ورام الله.
وأكد المكتب السياسي أن الإنتخابات الشاملة هي استحقاق وطني ودستوري من الطراز الأول، وهي حق من الحقوق المقدسة لشعبنا في إختيار ممثليه في المؤسسات الوطنية، خاصة وأنها كلها تجاوزت مداها القانوني، ما ألحق الضرر الشديد بالنظام السياسي الفلسطيني، وتحول، بفعل سياسة التفرد والإستفراد، من نظام برلماني ديمقراطي، بشكل تعبيراً عن الإئتلاف الوطني، والشراكة الوطنية للقوى الوطنية وفعاليات المجتمع المدني في مرحلة التحرر الوطني، إلى نظام رئاسي، فردي، تدار شؤونه بالمراسيم الفوقية، مستقوية بتشريعات قضائية وقانونية مازالت موضع خلاف سياسي بين مكونات الحياة السياسية وفصائل العمل الوطني الفلسطيني.
دعا المكتب السياسي إلى إغتنام فرصة الدعوة للإنتخابات، من أجل العودة إلى طاولة الحوار الوطني، بحضور ممثلين عن الفصائل كافة، وعن ممثلي المجتمع المدني، بمستوى مقرر، للتوافق على مجريات الإنتخابات، وضمان الإعتراف بنتائجها، في ظل من الحرية والديمقراطية والشفافية والنزاهة، بحيث تشكل خطوة نحو إنهاء الإنقسام، وإعادة تشكيل وتوحيد المؤسسات الوطنية على أسس دمقراطية، والعمل، بموجب التفاهمات الثنائية بين طرفي الإنقسام، فتح وحماس والتفاهمات الوطنية، لمواصلة الطريق قدماً نحو إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية، بما يوفر لشعبنا العناصر الضرورية لمواصلة النضال، في مواجهة المشاريع الأميركية – الصهيونية، وفي مقدمها «صفقة ترامب – نتنياهو»، ولأجل الفوز بحقوقه الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير والإستقلال والسيادة.
وإنطلاقاً من تقديره لأهمية الإنتخابات الشاملة في إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، كخطوة مهمة وإستراتيجية على طريق إستنهاض الأوضاع الوطنية، أكد المكتب السياسي على ضرورة أن يتم تجاوز كل العقبات والعثرات، من أمام طريق إنتخابات ناجحة وديمقراطية ونزيهة، في القدس، والضفة الفلسطينية، وقطاع غزة، لمؤسسات السلطة الفلسطينية، وفي الداخل والخارج، وحيث أمكن، لمجلس وطني جديد، كلها وفق نظام التمثيل النسبي، بإعتباره من أرقى الأنظمة الإنتخابية والشراكة الوطنية في مرحلة التحرر الوطني، ومنعاً لتكرار النتائج الإنقسامية المأساوية لإنتخابات المجلس التشريعي في 25/1/2006، والتي جرت بموجب نظام إنتخابي إنقسامي إستقطابي، قاد إلى التجاذب الثنائي وإفساد الحياة السياسية الوطنية، وإلى الإنقسام الدموي المدمر، الذي مازال شعبنا يدفع ضريبته الغالية من مصالحه الوطنية ■
2- المسار السياسي للقضية الفلسطينية
■ أكد المكتب السياسي أن «صفقة ترامب – نتنياهو» (صفقة القرن) هي الخطر الرئيس الذي يتهدد المصالح والحقوق الوطنية لشعبنا الفلسطيني، وشعوب المنطقة العربية، وأن التباطؤ في الكشف عن شقها السياسي، إلى حين تشكيل حكومة جديدة لدولة الإحتلال، لا يعني أن «الصفقة» قد وضعت على الرف من قبل أصحابها، أو أن الإدارة الأميركية تراجعت عنها. فمفاعيل «الصفقة» مازالت سارية المفعول في الإجراءات اليومية لسلطات الإحتلال، في بناء أمر واقع، هدفه قطع الطريق على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران/يونيو/67 سياسة إسرائيلية عدوانية سافرة، مدعومة بإسناد أميركي غير محدود، يعبر عنه بكل وضوح سفير إدارة ترامب ديفيد فريدمان، وفي سلسلة الخطوات التي أفشلها شعبنا، كدعوة سفارة الولايات المتحدة في القدس لمؤتمر شبابي فلسطيني، ومؤتمر مماثل للمثقفين والصحفيين ورجال الإعلام والمال والأعمال، في محاولة مكشوفة لإختراق المجتمع الفلسطيني والعبث بمكوناته، وزرع البلبلة في صفوفه، من خلال زرع الأوهام بالرخاء الإقتصادي المزعوم الذي سيحمله لشعبنا «السلام الأميركي – الإسرائيلي»، ولكن دوماً على حساب الحقوق الوطنية المشروعة، ودوماً لصالح دولة مشروع وعمليات إسرائيل الكبرى.
في هذا السياق يؤكد المكتب السياسي على ضرورة أن تنتقل السلطة وقيادتها من دائرة الرفض الإعلامي دون خطوات عملية ملموسة على الأرض في مواجهة صفقة «ترامب – نتنياهو»، إلى دائرة الرفض العملي، من خلال تطبيق قرارات المجلس الوطني [الدورة 23 (في 30/4 – 3/5/2018] ودورتي المجلس المركزي الـ 27 (5/3/2015) والـ 28 (15/1/2018) خاصة القرارات التي لا تحتاج إلى آليات وخطط وخطوات لإنجازها زمنياً، كسحب الإعتراف بدولة الإحتلال إلى أن تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران 67، ووقف كل أشكال الإستيطان الإستعماري والتوسعي والتهويد وقفاً تاماً، ووقف التنسيق الأمني مع سلطات الإحتلال، إذ سبق اللجنة التنفيذية في م.ت.ف إن اتخذت قراراً مماثلاُ دون خطط مسبقة في تموز (يوليو) 2017 إبان هبة بوابات الأقصى.
دعا المكتب السياسي السلطة الفلسطينية وقيادتها إلى الإسراع في الكشف عن نتائج أعمال لجنة وقف العمل بالإتفاقيات الموقعة الذي اتخذه الاجتماع القيادي الفلسطيني، في رام الله 25/7/2019، ومازالت نتائج أعمالها مجهولة لدى الرأي العام الفلسطيني؛ وإلى وضع قرارات وتوصيات هذه اللجنة موضع التنفيذ العملي، صوناً لمصالح شعبنا وحقوقه الوطنية المشروعة.
في السياق نفسه أكد المكتب السياسي أن إتفاق أوسلو ومشروعه السياسي قد وصل إلى نهاياته، في تحقيق أهداف الإحتلال الإسرائيلي، وبناء وقائع ميدانية تلحق الضرر والكوارث بمصالح شعبنا وحقوقه وحياته اليومية، وإن ما يتم بناؤه الآن، تحت السقف المزعوم لإتفاق أوسلو، وبروتوكولاته، هو تطبيق من جانب واحد، هو الجانب الإسرائيلي، في وقت نفقت فيه العملية السياسية للإتفاق ولفظت أنفاسها الأخيرة، بعد أن اتضح أن سقف ما يمكن أن «يتنازل» عنه الجانب الإسرائيلي لن يتجاوز حدود «الحكم الإداري الذاتي» للسكان، في ظل السيادة الشاملة والتبعية الإقتصادية والأمنية لدولة الإحتلال. ما يتطلب، على الصعيد الوطني طي صفحة الدعوات لإستئناف المفاوضات الثنائية، علنية كانت أم سرية، والتوقف عن اللهاث وراء سراب إستئناف هذه المفاوضات، من أي جهة كانت، والعمل، بموجب قرار المجلس الوطني في الدورة 23، من أجل الدعوة لمؤتمر دولي، ترعاه الأمم المتحدة وبموجب قراراتها ذات الصلة، وبإشراف مباشر من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بقرارات ملزمة، وسقف زمني محدد، بما يكفل لشعبنا الفوز بحقوقه كاملة، في رحيل الإحتلال، وتفكيك الإستيطان، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران 67، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948 ■
3- الإنفكاك الاقتصادي عن دولة الإحتلال
■ توقف المكتب السياسي أمام خطوات حكومة السلطة الفلسطينية الهادفة إلى الإنفكاك الإقتصادي مع دولة الإحتلال، ولاحظ أنها تعثرت أكثر من مرة، بما يهدد بإفشال تنفيذ القرار بكل ما يحمله من أهمية إستراتيجية ووطنية كبرى، إن في معالجة حكومة السلطة لأموال المقاصة أو مقاطعة البضائع الإسرائيلية، منها إستيراد اللحم الحي من دولة الإحتلال، والتهديد الإسرائيلي بإجراءات من شأنها أن تربك الأسواق الفلسطينية والحركة التجارية فيها، وأن تعود على المنتج الفلسطيني بنتائج عكسية في حال لجأت سلطات الإحتلال إلى عرقلة تصديره إلى الخارج.
ورأى المكتب السياسي أن من أسباب التعثر هو سياسة الإرتجال التي تتبعها حكومة السلطة وإفتقارها إلى إستراتيجية وطنية، تمكنها من تعبئة المجتمع الفلسطيني بفئاته المختلفة، وتسليحه بقرارات عملية ملموسة توجع دولة الإحتلال.
وأضاف المكتب السياسي أن السبيل للإنفكاك الإقتصادي مع دولة الإحتلال لن يكون بالمشاورات والمناشدات، بل بخوض المعركة السياسية أولاً، لوضع دولة الإحتلال في مكانها الصحيح باعتبارها دولة عدوان واستعمار إستيطاني كولونيالي، وتمييز عنصري، فاشي، الأمر الذي يتطلب، كخطوة أولى وأساسية إعادة تحديد العلاقة مع إسرائيل، عبر سحب الإعتراف بها، ووقف التنسيق الأمني مع سلطات الإحتلال، بما يخرج الحالة الوطنية الفلسطينية من تحت سقف أوسلو وشروطه واستحقاقاته، ويحررها من قيوده، وينقل في الوقت نفسه العلاقة مع دولة الإحتلال من علاقة تعايش يومي مع السلطة الفلسطينية، عبر مسارات مختلفة، إلى علاقة تصادم سياسي على المستويات المحلية والإقليمية، والدولية، وينقل سياسة الإنفكاك الإقتصادي، من كونها مجرد قرارات وخطط إدارية، إلى معركة سياسية تخوضها السلطة الفلسطينية، ومؤسساتها، كما يخوضها إلى جانبه شعبنا بكل فئاته الإجتماعية، من المواطنين العاديين إلى رجال المال والأعمال وكبار التجار والمصدرين والمستوردين.
وحذر المكتب السياسي من أن يقود الفشل، تلو الفشل، في الانفكاك الاقتصادي، في ظل غياب الخطط والخطوات على الأرض وفي الميدان المدروسة والرؤية السياسية الصائبة. إلى زرع الإحباط في صفوف الشعب، بما يوفر للفئات المستفيدة من الواقع الحالي، والتي بنت مصالحها على أساسه أن تروج لمفاهيم إستسلامية تدعي باستحالة الخروج من أوسلو، والتحرر من قيوده، وقيود بروتوكول باريس الإقتصادي ■
4- اللاجئون ووكالة الأونروا وحق العودة
■ استعرض المكتب السياسي أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الوطن والشتات، وأدان بشدة الحملة الشعواء التي يشنها التحالف الأميركي – الإسرائيلي ضد الحقوق الوطنية المشروعة للاجئين، في مقدمها حق العودة، إلى الديار والممتلكات، وضمان استمرار خدمات وكالة الغوث (الأونروا) التزاماً بالقرارين 302 و 194، والحق في العيش الكريم في الدول المضيفة، وبما يكفل لهم حقوقهم المدنية والاجتماعية، في العمل، والتملك، والعلم، والصحة، والاستشفاء، وسلامة البيئة، وغيرها من الضرورات الحياتية والإنسانية.
وأشار المكتب السياسي من خطورة المحاولات المحمومة للمس بحق العودة من خلال محاولات نزع الصفة القانونية عن ملايين اللاجئين لحرمانهم من حق العودة وخدمات الوكالة، كما حذر من خطورة المحاولات للمس بوكالة الغوث، من خلال إستغلال تهم الفساد، أو فرض الحصار على الوكالة وتجفيف مصادرها، لنقل خدماتها إلى الدول المضيفة.
ودعا المكتب السياسي دائرة شؤون اللاجئين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية، بالقدر الذي تتطلبه مسألة حماية اللاجئين وحقوقهم، من خلال برامج تنموية وخدمات يملي الواجب الوطني على الدائرة تبنيها، وتوفير الموازنات اللازمة لإنجازها في كافة المخيمات، خاصة التي ما زالت تعاني آثار الأزمة السياسية والإقتصادية، كما في سوريا، أو تعاني من سياسة الحصار القانوني والأمني، كما في لبنان.
ودعا المكتب السياسي، في هذا السياق، منظمات الجبهة الحزبية والجماهيرية، النقابية والمهنية وفي صفوف المثقفين والشباب وأكثر في أماكن تواجدها كافة، لتعزيز انخراطها المنظم في حركة اللاجئين، واستنهاض قواها، والمساهمة بتسليحها بالبرامج والخطط والمبادرات، دفاعاً عن حقها في العودة إلى الديار والممتلكات التي هجر منها اللاجئون، وعن حقوقها المدنية والإجتماعية، وإدامة خدمات وكالة الغوث وتطويرها.
كما دعا منظمات الجبهة في الدول الأوروبية، والأمريكتين، إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية في تطوير دورها في ما تقدمه لمخيمات اللاجئين من دعم وإسناد مادي وسياسي ■
5- الجاليات الفلسطينية في بلدان الهجرة واللجوء
■ استعرض المكتب السياسي أوضاع جاليات شعبنا الفلسطيني في بلدان الهجرة واللجوء، بما في ذلك في أوروبا، والأميركيتين، ووجه التحية لدورها في أداء واجباتها الوطنية نحو شعبنا وقضيته وحقوقه الوطنية، في دعم وإسناد مخيمات اللاجئين، وتقديم القضية العادلة لشعبنا إلى الرأي العام المحلي، إلى الأحزاب والنقابات والدول والتصدي لأكاذيب الدعاية الصهيونية، وتعزيز العلاقة مع القوى اليسارية والديمقراطية والليبرالية، والقوى المحبة للسلام، ومؤسسات حقوق الإنسان، وأطر «حملة المقاطعة» (B.D.S.).
ودعا المكتب السياسي منظمات الجبهة في بلدان الهجرة واللجوء إلى تعزيز انخراطها في الأطر النضالية الفلسطينية والمحلية، وتعزيز دور الجاليات الفلسطينية في أطر جماهيرية وديمقراطية، بما يخدم المصالح والحقوق الوطنية لشعبنا، خاصة أطر «حملة المقاطعة» وأطر الدفاع عن الأسرى البواسل، التي أثبتت جدارتها، باعتبارها أحد المحاور الكبرى في مواجهة الاحتلال والاستيطان الاستعماري، وإحدى أدوات النضال الفاعل في كشف الحقائق الاستعمارية والفاشية لدولة الاحتلال.
وفي السياق نفسه أكد المكتب السياسي حرصه على وحدة حركة الجاليات الفلسطينية، في أطر ديمقراطية وإئتلافية، بعيداً عن كل أشكال الهيمنة والتفرد والاستفراد والتسلط على الحركة الشعبية. ودعا المكتب إلى التمييز بينن الوحدة الوطنية التي تصون لشعبنا حقوقه ومصالحه، والتي تقوم على قواعد الديمقراطية والائتلاف الوطني والشراكة الوطنية والمساواة في الحقوق والواجبات، وبين دعوات الوحدة الشكلية الهادفة إلى فرض الهيمنة على الآخرين، ومصادرة إرادة الحركة الشعبية، والتسلط عليها بهياكل بيروقراطية وإلحاقية ■
6- العلاقات الوطنية والأوضاع في م.ت.ف
■ توقف المكتب السياسي أمام حالة العلاقات الوطنية، وسجل قلقه من طبيعة الأوضاع التي تسود م.ت.ف، ومؤسساتها. فقد تراجع الدور القيادي للجنة التنفيذية، التي تم انتخابها في المجلس الوطني الأخير (30/4/2018) وتكاد، بقرار منفرد، أن تتحول إلى مجرد هيئة استشارية، لا يؤخذ حتى بآرائها واقتراحاتها، مما أفرغ دورها القيادي، وجوّف مسؤولياتها وجعل منها مجرد هيكل لا يملك سلطة القرار التي تمت مصادرتها، لصالح سياسة التفرد والإستفراد، وسياسة اللجوء إلى المراسيم الفوقية في معالجة الشأن العام. ولعل الدعوة للإنتخابات، من على منبر الأمم المتحدة، دون البحث المسبق لمثل هذا القرار الإستراتيجي في اللجنة التنفيذية دليل كافٍ لتظهير مدى التهميش الذي باتت تتعرض له اللجنة التنفيذية في م.ت.ف بما هي عنوان الإئتلاف الوطني والشراكة الوطنية، وبما هي الرأس القيادي لمنظمة يفترض أن تشكل جبهة وطنية متحدة لشعبنا وقواه السياسية ومؤسساته المجتمعية.
كما سجل المكتب السياسي نقده الحاد لمحاولات تهميش الإتحادات الشعبية، في بعض الفروع والأقاليم، وتعطيل مؤتمراتها، لصالح صفقات فوقية، تؤدي إلى حرمان القواعد الشعبية من ممارسة حقها المشروع في اختيار قياداتها النقابية والمجتمعية، وفقاً لنظام التمثيل النسبي، الأمر الذي من شأنه أن يكفل للبعض استمرار الهيمنة والتسلط الفوقي، وإفراغ هذه المؤسسات من مضمونها وتعطيل برامجها النضالية، وشل قدراتها على الفعل السياسي والمجتمعي، في إطار سياسة عامة هدفها شل الحركة الشعبية، وتعطيل دورها في صناعة القرار السياسي الوطني، وفي معركة الخلاص من الإحتلال والإستيطان، والدفاع عن حقوقها ومصالحها النقابية والإجتماعية، ومكافحة مظاهر الفساد وهدر المال العام في دوائر م.ت.ف، والسلطة الفلسطينية ووزراتها ومؤسساتها المختلفة.
ودعا المكتب السياسي منظمات الجبهة إلى تعزيز إنخراطها في صفوف الحركة الشعبية، والنضال من أجل تطوير تنظيماتها، والإرتقاء بدورها، عبر بث الديمقراطية في صفوفها، ومكافحة كل مظاهر البيروقراطية ومحاولات التهميش والإقصاء.
كما دعا المكتب السياسي اللجنة التنفيذية في م.ت.ف، إلى إستعادة دورها القيادي على رأس م.ت.ف، وإعادة تنظيم أوضاعها، ودورية إجتماعاتها المقررة، وإستعادة ما نزع منها من دوائر في مقدمها الدائرة السياسية، ودوائر المثقفين والإعلام والتربية والتعليم ودائرة شؤون المغتربين والصندوق القومي وغيرها، وتفعيل هذه الدوائر، بخطط عمل وموازنات مالية، بما يعزز من دور منظمة التحرير وموقعها التمثيلي، ويمد، بينها وبين تجمعات شعبنا، في الوطن والشتات، صلات التفاعل عبر برامج عمل، تستنهض عناصر القوة في الحركة الشعبية الفلسطينية، وفي مؤسسات م. ت. ف، بعيداً عن سياسات الهيمنة والبيروقراطية والتسلط والتهميش والإقصاء.
وفي السياق نفسه توقف المكتب السياسي أمام سياسة الحصار التي تفرضها القيادة المتنفذة في م. ت. ف، على الجبهتين الديمقراطية والشعبية بما في ذلك حرمان الجبهتين، بقرار تعسفي، من حقوقها المالية المشروعة في الصندوق القومي، بما يشكل انتهاكاً لقرارات المجلس الوطني الفلسطيني، ولمبادئ العلاقات الوطنية الائتلافية، ومبادئ الشراكة الوطنية لقوى مؤتلفة في إطار حركة تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال.
وأكد المكتب السياسي فشل محاولات استعمال المال السياسي أداة الضغط على الجبهة، أو إضعافها، أو الدفع بها نحو تعديل سياساتها الوطنية، وتمسكها بالبرنامج الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأعلن إن الجبهة تعرضت لأكثر من مرة لمثل هذه المحاولات الفاشلة عبر تاريخها النضالي المجيد، ولقد صمد مناضليها، كما صمدت عائلات أسراها وشهدائها، ما يوجب على أصحاب القرار التراجع عن قرارهم، والتوقف عن سياسة توتير العلاقات الوطنية، وإزالة كل العراقيل والعقبات، التي ماتزال تعطل إمكانية أن تستعيد م. ت. ف، موقعها التمثيلي بما يليق بها، إطاراً وطنياً متماسكاً، يشكل القيادة اليومية لشعبنا في نضاله ومسيرته الكفاحية ضد الإحتلال والإستيطان وعلى طريق إنجاز الحقوق الوطنية المشروعة ■
7- الأزمة الإسرائيلية وأداء «القائمة المشتركة»
■ كما توقف المكتب السياسي أمام الأوضاع في داخل «إسرائيل»، وفشل الأحزاب الصهيونية، في الإنتخابات الثانية على التوالي، تشكيل حكومة جديدة، ما يؤشر بوضوح إلى حجم الأزمة السياسية التي يعاني منها النظام السياسي الإسرائيلي، في ظل التحولات الإجتماعية والإقتصادية والحزبية المتسارعة التي تشهدها إسرائيل، بما في ذلك تأثير القضية الفلسطينية على الأوضاع الداخلية والحزبية فيها. ورأى المكتب السياسي أن حالة الجمود التي تمر بها القيادة السياسية في الحالة الفلسطينية فوتت على شعبنا الفلسطيني فرصة تاريخية لإستغلال أزمة الكيان والنظام السياسي الإسرائيلي، بما يخدم المسيرة النضالية لشعبنا، وتحقيق أهدافه الوطنية.
كما توقف المكتب السياسي أمام السياسة الصائبة التي تتبعها «القائمة المشتركة» في تكتيكاتها اليومية، بما عزز دور العامل السياسي لشعبنا في إسرائيل، في التأثير في الأوضاع العامة، وتقديم القضية القومية لشعبنا في إسرائيل إلى الرأي العام، وما يعانيه على يد منظومة القوانين الصهيونية من تمييز عنصري.
وثمن المكتب السياسي وعي «القائمة المشتركة» الضرورة التاريخية لصون وحدة شعبنا عبر صون وحدة حقوقه الوطنية، حين ربطت في شروطها لأي إئتلاف سياسي محلي، بين الحقوق السياسية والمجتمعية لأبناء شعبنا داخل إسرائيل، وبين الحقوق الوطنية لأبناء شعبنا في المناطق المحتلة في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة، بما في ذلك رحيل الاحتلال، والاعتراف بالحق المشروع لشعبنا في دولة فلسطينية مستقلة وعودة للاجئين.
وأكد المكتب السياسي ضرورة النضال والعمل من أجل توفير الصيغة الوطنية التي تلبي قيام التنسيق السياسي بين القوى الفلسطينية داخل إسرائيل، وبين القوى الفلسطينية، خارجها، بما يصون وحدة شعبنا، وفي الوقت نفسه الخصوصية القانونية والسياسية لأهلنا في الـ 48 ■
8- الحراك الديمقراطي للشعوب العربية
■ على الصعيد العربي أكد المكتب السياسي وقوف شعبنا الفلسطيني إلى جانب شعوب الجزائر، وتونس، ولبنان، والسودان، والعراق، في حراكها الديمقراطي والسلمي، من أجل حريتها وأمنها وازدهارها بناء مستقبلها المأمون، عبر قيام أنظمة سياسية ديمقراطية، تستند إلى قوانين عصرية، تكفل لشعوبها الحرية والديمقراطية والمساواة التامة بين الرجل والمرأة، وتعزيز دور الشباب، والنساء، وتوفير العدالة الاجتماعية، ومكافحة البيروقراطية والفساد، وهدر المال العام، وتسييس القضاء، والزج بالأجهزة الأمنية في الحياة السياسية والقضاء على المحاصصة الحزبية المذهبية والطائفية.
كما أكد المكتب السياسي أن مثل هذه التطورات، على تفاوت نضوجها وظروفها، بين قطر عربي وآخر، إنما تصب في خدمة إنتقال عالمنا العربي من مرحلة التخلف والإنسداد الإجتماعي، إلى مراحل التطور الحداثي، والاجتماعي، وتطوير أنظمة التعليم، والتشجيع على التفكير والبحث الحر، وبناء اقتصاد وطني، متحرر من التبعية لاقتصادات الغرب، واشتراطات صندوق النقد الدولي، ووصفات البنك الدولي، وقيام الدولة المدنية.
ورأى المكتب السياسي أن هذا من شأنه أن يعزز انتماء المواطن العربي لوطنه، أن يعزز في الوقت نفسه انتماءه لقضايا الشعوب الشقيقة، في مقدمها قضية شعبنا الفلسطيني ■
وختم المكتب السياسي بلاغه بتوجيه التحية إلى الأسرى المناضلين في سجون الإحتلال، وإلى عائلاتهم، وذكرى الشهداء الأبرار، مؤكداً تصميم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على مواصلة السير على طريق العودة وتقرير المصير، والاستقلال مهما غلت التضحيات ■