«القبة الحديدية».. فشل جديد في حماية مستوطنات «غلاف غزة»
2019-09-28
غزة (الاتجاه الديمقراطي) (الحرية) (تقرير تامر عوض الله)
دوت صفارات الإنذار (19/9) في المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، تبعها إطلاق صواريخ من منظومة «القبة الحديدية»، اعتقد الجميع أنها اعترضت قذائف صاروخية أطلقتها المقاومة الفلسطينية من القطاع، لكن المفاجأة كانت بأن الأخيرة لم تطلق أي من صواريخها، وهو ما أكده جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد دقائق معدودة بأن الصواريخ الاعتراضية انفجرت في الاجواء دون العثور على أهدافها. إنذارات كاذبة
وجاء تفعيلها نتيجة إنذار كاذب بعد إطلاق بضع طلقات نارية من الرشاشات الثقيلة في أجواء القطاع، لتسجل المنظومة الاسرائيلية المخصصة لاعتراض القذائف الصاروخية قصيرة المدى، فشلاً جديداً يضاف إلى سلسلة الفشل والاخفاقات التي حلت بها منذ دخولها إلى الخدمة العسكرية في العام 2011، والتي تعددت إخفاقاتها سواء باستجابتها لطلقات نارية من أسلحة رشاشة، وسقوطها داخل أراضي الـ48، وفشلها في اعتراض صواريخ غزة.
ولم يكن هذا الخطأ هو الأول من نوعه. ،فعندما شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية (12/9) غاراتها على مواقع المقاومة شمال بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، تصدت المقاومة لطائرات الاحتلال في تلك المنطقة بإطلاق نيران رشاشاتها الثقيلة، ما أدى إلى تفعيل صفارات الإنذار وإطلاق صواريخ من «القبة الحديدية» التي دوت انفجاراتها في الاجواء، ما أثار حالة من الهلع والذعر في صفوف المستوطنين الذين يسكنون المستوطنات المحاذية لشمال القطاع.
ويأتي تفعيل «القبة الحديدية»، وإطلاق صواريخها بفعل أعيرة نارية صغيرة الحجم، لا تصنف كقذائف، وفي مرمى بعيد نسبياً عن خطوط عملها، ما يكشف عن حجم الفشل الكبير في تلك المنظومة، الذي طالما ادعى الاحتلال أنه جلب من خلالها الأمن والأمان لمستوطنيه بمحاذاة القطاع.
وتكرر المشهد، عندما هزت عشرات الانفجارات الناتجة عن اطلاق صواريخ تلك المنظومة بتاريخ 25 آذار/ مارس 2018، بعد أن دوت صافرات الانذار في مستوطنات «غلاف غزة»، وتسارع حينها آلاف المستوطنين إلى الملاجئ المحصنة للاحتماء من صواريخ المقاومة التي لم تصل إليهم لأنها لم تطلق أصلاً، فيما نقلت وسائل اعلام اسرائيلية الأنباء حول إطلاق وابل من الصواريخ من غزة، جرى اعتراض بعضها، ثم تراجعت عن هذه الأنباء، ليتبين أن ما جرى جاء بسبب إنذار كاذب بعد إطلاق المقاومة لأعيرة نارية من رشاشتها الثقيلة خلال مناوراتها العسكرية التي كانت تجريها داخل القطاع.
ونشرت وسائل الاعلام الاسرائيلية في 25 آب/ أغسطس الماضي، مقطع فيديو لسقوط أحد صواريخ «القبة الحديدية» على منزل للمستوطنين بجانب مهرجان غنائي كان يقام في مستوطنة سديروت، خلال محاولتها اعتراض صواريخ أطلقت من غزة، وفر على إثرها المئات من الاسرائيليين إلى الملاجئ. تداعيات الفشل
من جهته، قال عصمت منصور الباحث والمختص في الشأن الاسرائيلي، إن عدم اعتراف إسرائيل بالفشل في توفير الحماية من الصواريخ التي تطلق على المستوطنات المحاذية للقطاع، ومحاولتها إخفاء هذا الامر، له انعكاسات أمنية خطيرة، ما يجعل المقاومة قادرة على الضغط على اسرائيل.
وأضاف منصور لـ«الحرية»، أن هذا الفشل يجعل قدرة تأثير المقاومة على فرض معادلات الردع أقوى وأكثر تأثيراً على متخذي القرار في اسرائيل، ما يجعل الخيار البري هو الخيار الأنجع، مستبعداً ذلك كون هذا القرار ليس لديه مؤيدين خاصة من المؤسسة العسكرية نظراً لكلفته الباهظة، وبالتالي فإنه يعطي المقاومة ورقة مهمة في مواجهة اسرائيل وصد عدوانها، وفرض كسر الحصار وغيرها من المطالب الملحة لشعبنا في قطاع غزة.
وحول قوة ردع المقاومة وما فرضته من معادلات،أوضح الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حسام الدجني، أن الفشل الذي أصاب منظومة «القبة الحديدية»، له انعكاسات كبيرة على دولة الاحتلال، من خلال التأثير على حجم المبيعات في الصناعات العسكرية الاسرائيلية أولاً، ثم على ثقة الجمهور الاسرائيلي في مدى الحماية التي توفرها هذه المنظومة في ظل تزايد إطلاق الصواريخ والقذائف المحلية الصنع من غزة.
واعتبر الدجني في حوار خاص مع «الحرية»، أن الخلل في تلك المنظومة يربك حسابات حكومة الاحتلال الاسرائيلي، حيث بات واضحاً من خلال حرص اسرائيل على تحسين جودتها وأدائها، بما يضمن أنها لا تتعاطى مع كل شيء حراري، فعندما تطلق أعيرة رصاص سيتم تشغيلها، وهو بكل تأكيد مرهق من ناحية الموازنة العامة، ومرهق من الناحية الأمنية والنفسية للمجتمع الاسرائيلي.
واعتقد الدجني، أن الفشل سيؤثر على سوق التجارة العسكرية الاسرائيلية، لان هناك العديد من الدول التي تخلت عن شرائها لهذه المنظومة كالصين والهند وغيرها، فيما تجري بعض الدول إعادة تقييم لهذه الصفقات التي ستوثر على الصناعات العسكرية في اسرائيل.
وأشار الدجني، إلى أن مؤشرات التصعيد العسكري على القطاع تزداد وستكون أكثر زيادة بعد الانتخابات الاسرائيلية، لاسيما في حال بقي الامر على ما هو عليه في القطاع المحاصر، لأن الاحتلال يواصل التلكؤ والمماطلة في تنفيذ إجراءات «التهدئة مقابل فك الحصار»، ومحاولة اللعب في هذا الملف.
لاسيما في ظل تدهور الحالة الفلسطينية والمشروع الوطني المستهدف، وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس، خصوصاً بعد تعهد نتانياهو بضم الأغوار وشمال البحر الميت، في حال قام بتشكيل الحكومة القادمة، مؤكداً أن هذه التحديات تزيد من احتمالية الانفجار.
أثبتت الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في الآونة الأخيرة عبر «غرفة العمليات المشتركة»، جهوزيتها الكاملة في التصدي والرد على عدوان الاحتلال وفرض معادلات ردع جديدة، وكشفت عن الفشل الذريع لدى المنظومة الأمنية التي طالما تفاخرت بها اسرائيل.■