طبول الحرب الأميركية تُقرع مرة أخرى في الخليج!
2019-05-22
كتب محرر الشؤون الدولية في مجلة الحرية الفلسطينية
جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيره لإيران مما أسماه «ارتكاب أي عمل عدائي يستهدف المصالح الأميركية أو مصالح حلفائها في المنطقة». وجاء ذلك إثر تصاعد التوتر في المنطقة، بعد أن ادعت إدارة ترامب أنّ طهران، أو حلفاءها في الشرق الأوسط، «يستعدون لتنفيذ هجمات وشيكة على المصالح الأميركية». وجاء في بيان صادر عن المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأميركي (14/5)، إن «هناك تهديدات وشيكة محتملة للقوات الأميركية في العراق، التي صارت الآن في حالة تأهب قصوى».
وكانت واشنطن قامت بإرسال حاملة طائرات وسفينة حربية وقاذفات بي 52 وبطارية صواريخ باتريوت إلى المنطقة، في الوقت الذي أبدى الرئيس الأميركي استعداده لإجراء محادثات مع القادة الإيرانيين، ولكن بهدف التوصل إلى اتفاق جديد بديل عن الاتفاق النووي لعام 2015.
وجاء أخيراً تعرّض أربع ناقلات نفط قبالة السواحل الإماراتية إلى أعمال تخريب، ليثير هواجس العديد من الدبلوماسيين والمحللين من احتمال انفجار صراع عن طريق الخطأ في ظل التصعيد الحاصل، حيث اعتبر مسؤول أميركي أنّ من وصفهم «وكلاء» متعاطفين مع طهران أو يعملون لحسابها، «ربما هم من هاجموا الناقلات، وليس القوات الإيرانية نفسها».
وما زاد من مخاطر الانزلاق نحو حرب جديدة في المنطقة، ورود أنباء من واشنطن عن حصول اجتماعات شارك فيها وزارة الدفاع وأعضاء فريق الأمن القومي ورؤساء وكالة المخابرات المركزية والأجهزة المخابراتية الأخرى لعرض خطة حشد عسكري جديد يصل عديدة إلى 120 ألف عسكري في منطقة الخليج، أي بما يعادل حجم القوات التي استعملت في عملية غزو العراق في عام 2003. وفي السياق، قام وزير الخارجية مايك بومبو بجولة على عدد من العواصم منها بغداد، وبزيارة أخرى إلى بروكسل (13/5)، لتبادل ما وصف بـ«المعلومات السرية حول الملف الإيراني مع نظرائه الأوروبيين».
وهكذا تبدو الاستعدادات الأميركية للقيام بعدوان عسكري ضد إيران تسير على قدم وساق، وربما لم يعد ينقص سوى الطلقة الأولى التي تعلن بدء المواجهة العسكرية، والتي تزعم واشنطن أنها لن تكون البادئة بها، بل تنتظر من طهران القيام بها، على أمل أن يعطي ذلك إدارة الرئيس دونالد ترامب المبررات القانونية والسياسية اللازمة لشن ضربة تتحيّنها وتتهيأ لها منذ فترة.
فمنذ انتخاب ترامب رئيساً وحتى الآن، قام بعدد من الخطوات العدائية تجاه طهران، أهمّها انسحابه من الاتفاق النووي المبرم معها، وإعادة فرض عقوبات مشدّدة عليها توّجت بسعيه إلى «تصفير» صادرات النفط الإيرانية، مع تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني تنظيماً إرهابياً، ومع ذلك كلّه، التزمت طهران سياسة ضبط النفس بشكل حديدي، حسب غالبية المراقبين، قبل أن تعلن أخيراً على لسان الرئيس حسن روحاني أنها «لن تتقيد بكل بنود الاتفاق النووي الذي وقعته مع أميركا والقوى الدولية الأخرى التي تعرف بمجموعة «5+1».
سياسة الحصار والاستفزاز
خبراء ومسؤولون أميركيون سابقون كانوا نبّهوا من مخاطر سياسة ترامب تجاه إيران، هذه السياسة القائمة على محاصرة طهران واستفزازها، عبر رفع الضغط الاقتصادي والسياسي والعسكري إلى أقصى حد في وجهها، مع اعتبار أي حادث ضد أي أهداف تابعة لأميركا أو حلفائها في المنطقة بمثابة «إعلان حرب» إيراني يسمح بـ«رد دفاعي» أميركي، وهم يحذرون الآن من مغبة اندلاع حرب معها، محمّلين مسؤولية أي مواجهة عسكرية محتملة إلى صقور إدارة ترامب، وفي مقدّمهم مستشار الأمن القومي جون بولتون، أحد رموز الحرب الأميركية على العراق، والمسؤول الأكثر تشدّداً حالياً تجاه طهران والمؤيد لاستخدام القوة العسكرية ضدها.
وفي جانب متصل، طلبت واشنطن من موظفيها الحكوميين «غير الضروريين»، العاملين بسفارتها لدى بغداد وقنصليتها في أربيل، «مغادرة العراق على الفور». جاء ذلك في بيان نشرته السفارة الأمريكية في بغداد، على موقعها الإلكتروني (15/5). كما طلبت السفارة من الأميركيين عدم السفر إلى العراق، ودعت مواطنيها هناك إلى اليقظة وتجنب الأماكن التي يرتادها الأميركيون.