الاستيطان في تصاعد واسرائيل تسخر جهاز القضاء للتستر على جرائم الجيش والمستوطنين
2019-05-18
رام الله ( الاتجاه الديمقراطي)
قال تقرير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الإستيطان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في تقريره الاسبوعي : « أحيا الفلسطينيون الذكرى الـ71 للنكبة والتي تأتي هذا العام في ظل تحديات كبيرة تتعرض لها القضية الفلسطينية، وفي مقدمة هذه التحديات تصعيد الاحتلال لهجمته الاستيطانية التهويدية ضد القدس والمقدسات بشكل خاص وعموم الأراض الفلسطينية المحتلة بعدوان حزيران 1967 بشكل عام ».
ويأتي ذلك وسط دعوات ومطالبات لفرض القانون الاسرائيلي على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، كمقدمة لفرض السيادة الكاملة على أجزاء واسعة منها ، وسط مؤشرات بان هناك زيادة بنسبة 39 ٪ في الإنفاق على الطرق والمدارس والمباني العامة في مستوطنات الضفة الغربية بعد العام 2017 ، حيث ضاعفت حكومة بنيامين نتنياهو الإنفاق على مستوطناتها بالضفة الغربية المحتلة بعد انتخاب الرئيس دونالد ترامب ، المتعاطف مع الاستيطان ما ادى إلى بناء إضافي في مستوطنات الضفة الغربية ، وشجع الحكومة الإسرائيلية على تجاهل النداءات الدولية التي تطالبها بوقف نشاطاتها الاستيطانية والامتثال لقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وفي تأكيد على تقدير حركة الاستيطان للرئيس الأميركي ترامب بشأن موقفه المؤيد للاستيطان ، يواصل قادة المستوطنين الاشادة بالرئيس الاميركي . ففي يرنامج تلفزيوني إسرائيلي أشاد هؤلاء بخطة إدارته للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتي ستقترح إبقاء المستوطنات تحت السيادة لإسرائيلية في إطار أي اتفاق سلام دائم، وأن الإدارة الأميركية لن تعارض توسيع نطاق القانون الإسرائيلي ليشمل مستوطنات الضفة الغربية، حيث دعا رئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات، هار حفرون، يوحاي دماري، رئيس الوزراء نتنياهو إلى الإعلان فورا، بعد تشكيل الحكومة، عن أنه سيقوم بتوسيع نطاق القانون الإسرائيلي ليشمل جميع المستوطنات اليهودية كأساس لأي عرض قد يأتي" وأن على الحكومة الاسرائيلية الاستفادة من هذه الفرصة خلال إدارة ترامب بعد نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان السوري المحتل حيث حان الوقت لفرض السيادة الاسرائيلية في يهودا والسامرة" فيما أكد رئيس المجلس الإقليمي يسرائيل غانتس، أن الحكومة لا يمكنها تفويت هذه الفرصة التاريخية (بوجود ترامب في البيت الأبيض) كونه من غير المؤكد أن تحدث مرة أخرى" في حال انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة بدلا من ترامب.
وتسود في النقاشات بين الليكود والقوى التي يسعى الى تشكيل ائتلافه الحكومي معها أجواء تؤكد على الاستمرار في السياسة الاستيطانية التي سارت عليها حكومات اسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو منذ العام 2009 . وفي هذا الصدد أفادت حركة "السلام الآن" في تقرير جديد لها ، إنه تم بناء نحو 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، منذ تسلم بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية عام 2009 للمرة الثانية وحتى نهاية 2018. وأن حوالي 630 ألف مستوطن يقيمون في مستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية ، وأن الإنفاق الإسرائيلي في الضفة الغربية ارتفع من 1.19 مليار شيكل (426 مليون دولار) في عام 2016 إلى 1.65 مليار شيكل (459.8 مليون دولار) في عام 2017، وهو العام الأول لترامب في السلطة. وتعد أرقام الإنفاق على بناء المستوطنات عام 2017 الأعلى خلال 15 عاما وفقا للبيانات التي قدمتها وزارة المالية الإسرائيلية، وتشمل هذه الأرقام الإنفاق الحكومي فقط، أي أنها لا تتضمن عمليات البناء وشراء المنازل التي يقوم بها أفراد او شركات او جمعيات استيطانية ، كما لا تشمل الإنفاق على الشرطة والتعليم والصحة والإنفاق العسكري كما لا تتضمن الإنفاق في القدس الشرقية المحتلة، التي تعتبرها إسرائيل عاصمتها ، رغم أن الغالبية العظمى من العالم لا تعترف بضمها.
وفي المقابل جاء في معطيات نشرتها دائرة الاحصاء الاسرائيلية انه تم بناء 18502 وحدة استيطانية في الضفة الغربية خلال هذه الفترة الثانية من حكم بنيامين نتنياهو .وانه منذ نهاية 2008 وحتى نهاية 2017 تم نقل 120 الفا و518 مستوطن الى الضفة الغربية . وخلال عقد من حكم نتنياهو حولت الحكومات الاسرائيلية المختلفة اكثر من 10 مليارات شيكل (2,8) مليار دولار الى المستوطنات من بينها 1,1 مليار شيكل في العام 2016 و 1,6 مليار شيكل في العام 2017كما تم الشروع في اقامة 2100 وحدة استيطانية جديدة في عام 2018 وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 9% عن المعدل السنوي في السنوات الاخيره . واشارت الى ان 73% من اعمال البناء (1539) وحدة استيطانية هي في مستوطنات معزولة كما تم دفع مخططات لبناء 5618 وحدة استيطانية في 79 مستوطنة في الضفة الغربية ونشر مناقصات لبناء 3808 وحدة جديدة في عام 2018 وهو ما يمثل رقما قياسيا ، هذا فضلا عن نشر مناقصات لبناء 603 وحدات استيطانية في القدس الشرقية خلال عام 2018 .
وفي أجواء الشعور بالتوافق بين اطراف اليمين واليمين الاسرائيلي المتطرف ، الذي فاز في انتخابات الكنيست الاخيرة على توجهات الحكومة القادمة واستثمارها الدعم الاميركي للنشاطات الاستبطانية ووسط الاحتفالات بما يسمى عيد استقلال دولة الاحتلال وافقت ما تسمى ـ"لجنة التخطيط والبناء المحلية " التابعة لبلدية الاحتلال في القدس ، على خطتي بناء جديدتين في مدينة القدس.حيث سيتم بناء مجمع استيطاني جديد على الجانب الشمالي من الحي الاستيطاني " جفعات مشفآة "، يتضمن 706 وحدات منها مبانٍ عامة وأخرى للتجارة وسوق العمل ومناطق مفتوحة للمستوطنين. ووفقاً لخطة أخرى سيهدم مبنى في شارع 5 في حي بمستوطنة النبي يعقوب شمال القدس وتبنى مكانه 4 مبانٍ جديدة مكونة من 13 و14 و15 طابقاً، وستتضمن 235 وحدة استيطانية.
وفي الاغوار الفلسطينية الشمالية يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تطبيق التطهير العرقي الصامت وسياسة إجلاء رعاة المواشي وعائلاتهم اللذين يعيشون في المنطقة ، وهي المنطقة التي أعلن عنها في أوائل السبعينيات كمنطقة إطلاق نار رقم 903، وتمكن أوامر الإخلاء جيش الاحتلال من إجراء تدريبات إطلاق النار الحي مما ينتقص من قدرة السكان على رعاية أغنامهم ، وعلى الرغم من إخلاء السكان المستمر إلا أن الاحتلال لا يوفر لهم مكانا بديلا فيضطرون للنوم في الوادي القريب دون مأوى.وقد تسببت مناورات الاحتلال العسكرية بالذخيرة الحية في محيط أراضي خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية، في اندلاع الحرائق بأنحاء متفرقة في المراعي. تحديداً المراعي التي كان يؤمها رعاة المواشي، وذلك بفعل الذخيرة الحية التي يستخدمها جيش الاحتلال الذي شرد العشرات من أهالي منطقة حمصة الفوقا من مساكنهم البدائية .حيث كانت قوات الاحتلال قد أخطرت أهالي منطقة حمصة بإخلاء مساكنهم لإجراء تدريبات عسكرية في المنطقة، حيث ستتم التدريبات على مدار ثلاثة أسابيع بواقع ثلاثة أيام أسبوعياً.
وليست مناطق شرق نابلس وشفا الأغوار ومناطق جنوب الخليل بأفضل حالا من مناطق الاغوار الشمالية ، حيث تمارس سلطات الاحتلال سياسة تطهير عرقي صامت بنفس الأساليب ونفس الأدوات . فقد هدمت قوات الاحتلال خيمة سكنية في قرية سوسيا بمسافر يطا جنوب الخليل، للمرة الخامسة خلال اقل من شهرين للمواطن حسين راضي النواجعة واستولت عليها، وهددته بسحب تصريح عمله هو واولاده اذا أعاد نصبها مرة خرى .يذكر أن الاحتلال يستهدف منطقة مسافر يطا ويمنع المواطنين من السكن في اراضيهم وحفر الابار وبناء الخيم ، ويطاردهم في المراعي ، بحجة انها منطقة تدريب عسكرية وأراضي دولة ، فيما أجرت قوات الاحتلال ، تدريبات عسكرية بين المنازل والمزارع بخربة طانا الى الشرق من مدينة نابلس .حيث اقتحم العشرات من جنود الاحتلال ، بعضهم بلباس مدني ، بالإضافة إلى عدد من الجيبات وناقلات الجنود ، خربة طانا وشرعوا بتدريبات عسكرية وسط ضجيج قوي وطرق على ألواح الصفيح في منطقة العين التحتا والفوقا .فيما اوقفت قوات الاحتلال الاسرائيلي العمل رسميا بشق طريق زراعي بطول 800 متر وعرض 6 امتار في منطقة "الكيعجه" لخدمة مئات المواطنين في المنطقة الشرقية من قرية سالم شرق نابلس بتمويل من مؤسسات دولية لخدمة مئات المواطنين الزراعيين ومنعتهم من الوصول الى اراضيهم واستصلاح اراضيهم وهددت بمصادرة الجرافة التى تقوم بعملية شق الطريق ومنعت العمال من مواصلة العمل بزعم ان جزءا من الطريق الطريق يقع في منطقة المصنفة ( ب ) فيما الجزء الآخر يقع في المنطقة المصنفة ( ج ) ورغم ان الطريق بعيد عن منطقة المستوطنات او حتى الطريق الالتفافي لمستوطنه "الون مورية". فيما يواصل المستوطنون انتهاكاتهم واعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم . فقد نصب مستوطنون عدة كرفانات في أراضي بلدة دير الحطب شرق مدينة نابلس، تمهيدا لإقامة بؤرة استيطانية جديدة تابعة لمستوطنة "ألون موريه" في منطقة لا تبعد سوى 400 متر عن المدرسة الثانوية للبلدة ، ما يدفع أهالي البلدة الى التواجد في محيط المدرسة أو الاقتراب من المتنزه القريب منها ، بسبب تواجد ضابط أمن المستوطنة طوال الوقت في المنطقة ، فضلا عن اضرام عدد من المستوطنين من مستوطنة "ايتسهار النار بعشرات الدونمات الزراعية بعد ان هاجموا قرية عصيرة القبلية في المنطقة الجنوبية والقوا الحجارة على منازل المواطنين
على صعيد آخر شهد الأسبوع الأخير في إسرائيل إصدار قرارات تكشف بشكل سافر عن تواطؤ سلطات القضاء وتطبيق القانون الإسرائيلية مع جرائم المستوطنين وجنود الاحتلال في تأكيد جديد بان محاكم الاحتلال وقراراتها جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال، حيث قررت محكمة الاحتلال تبرئة قاتل عائلة دوابشة والذي يعتبر تشريعا رسميا بقتل الفلسطينيين ودعوة صريحة لعصابات المستوطنين بمواصلة جرائمها بحق الفلسطينيين واستباحة دمائهم بكل الطرق والأساليب ويثبت من جديد أن الدور الحقيقي المنوط بالقضاء الإسرائيلي، هو توفير الغطاء والحماية لانتهاكات المستوطنين تماشيا مع قوانين الاحتلال العنصرية التي شرعتها الكنيست ضد الفلسطينيين . ففي قضية قتل وإحراق عائلة الدوابشة ، أعلنت النيابة الإسرائيلية العامة عن التوصل إلى صفقة مع أحد المتهمين بتنفيذ الجريمة التي وقعت قبل نحو أربع سنوات، تقضي بإسقاط تهمة القتل المتعمد من لائحة الاتهام وعدم اتهامه بقتل وحرق عائلة الدوابشة ، والاكتفاء فقط بتهمة التخطيط لحرق بيت في دوما وليس التآمر للقتل. بحيث توجه للقاتل من عصابة إحراق عائلة الدوابشة ، وفقا للصفقة، تهم مخففة تقتصر على أربع محاولات لتنفيذ عمليات إشعال النيران والمس بالممتلكات وحذف أي اتهام يتعلق بمحرقة عائلة الدوابشة . يُشار إلى أنه في العام 2015 نفذ مستوطنون جريمة حرق عائلة دوابشة في منزلهم بقرية دوما في محافظة نابلس، واستشهد في الجريمة الرضيع علي وعمره 18 شهراً، ووالده سعد دوابشة وأمه ريهام حسين، وبقي على قيد الحياة شقيقه أحمد .
وفي نفس السياق ايضا قررت المحكمة المركزية في اللد ، الإفراج عن المستوطن قاتل الشهيدة عائشة الرابي ويأتي قرار الإفراج عن القاتل (16 عاما) على الرغم من تقديم لائحة اتهام ضده نسبت له تهمة “القتل غير العمد”، علما أنه تم إطلاق سراح أربعة مشتبه بهم آخرين من الاعتقال إلى الحبس المنزلي .وتتهم النيابة العامة المستوطن بإلقاء صخرة تزن نحو كيلوغرامين باتجاه المركبة التي سافرت فيها الشهيدة رابي مع زوجها وابنتها، في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2018، بـ”هدف إصابة ركاب المركبة، وبدافع اللامبالاة حيال التسبب بموتهم كما جاء في لائحة الاتهام ، التي استندت إلى فحص الحمض النووي على الصخرة، علما أن الجريمة ارتكبت بـ”دافع إيديولوجي يقوم على العنصرية والعداء للعرب لمجرد أنهم عرب”.
والى جانب هذا كله أعلنت النيابة العسكرية الإسرائيلية عن إغلاق ملف التحقيق في جريمة قتل الشهيد ابو ثريا ، التي وقعت خلال مشاركته بفعاليات مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، دون اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد أي من الجنود والضباط، وأدعت أنّه لم يتم إيجاد أي دليل على أن أبو ثريا قتل بنيران مباشرة من الجيش الإسرائيلي وهو على كرسيه المتحرك يحتضن العلم الفلسطيني . وكان أبو ثريا، وهو مقعد تعرض للبتر في قدميه عام 2008 جراء غارة إسرائيلية على القطاع، قد أصيب يوم 15 كانون أول/ ديسمبر 2018، برصاص الاحتلال الإسرائيلي أثناء المواجهات التي جرت بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال على الحدود الشرقية لمدينة غزة .