• لافروف: أميركا تراجعت عن مبدأ «الأرض مقابل السلام» وطريق «صفقة ترامب» مسدود دون حل الدولتين
    2019-04-06

    موسكو (الاتجاه الديمقراطي)

    أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن روسيا لم تطلع على مضمون صفقة ترامب، وأن الحديث يدور أن هذه المقترحات ستؤدي إلى السلام بین العرب وإسرائيل دون الاعتماد على الأطر القانونية الدولية المعترف بها لتسوية قضية الشرق الأوسط، مؤكدا إننا على یقین أنه طریق مسدود فمن البديهي أنه بدون تنفيذ حل الدولتين للقضبة الفلسطينية، لا یمكن التوصل إلى السلام العادل والدائم والشامل في المنطقة.

    وقال لافروف في حوار مع صحيفة «الأهرام» المصرية، أن روسيا تواصل بذل الجهود مع الشركاء بما في ذلك في مجلس الأمن للأمم المتحدة ، وفي إطار الرباعية الدولية بهدف توفیر الظروف المناسبة لاستئناف الاتصالات بین الفلسطینیین والإسرائیلیین.
    وأوضح لافروف، أن الرئيس الروسي فلادیمیر بوتين اقترح في خريف 2016، عقد القمة الفلسطينية الإسرائيلية في موسكو دون شروط مسبّقة، منوها أن روسيا لاتزال مستعدة لاستضافة زعيمي فلسطين ‪ وإسرائيل، مؤكدا أن مثل هذه المحادثات رفیعة المستوى یمكن ان تسهم في الخروج من المأزق الحالي كما اننا نحرص‪ بالتنسيق مع مصر على مواصلة الاسهام في التغلب على الانقسام الفلسطيني على أساس القاعدة السیاسیة لمنظمة التحرير الفلسطينية، لأن هذا هو شرط مسبق ضروري لاستئناف التسوية الفلسطينية الإسرائيلية.
    وتحدث لافروف، عن الاجتماع الذي عُقد في موسكو في فبرابر من العام الحالي وللمرة الثالثة، الاجتماع الذي جمع قيادات 12 من أهم الأحزاب والحركات الفلسطينية الرئيسية بما فبها فتح وحماس، معبرا عن أمله في تواصل عملية المصالحة الفلسطينية بوساطة مصرية رئيسية، لأنه من الضروري اليوم وعلى ضوء ما فقدته واشنطن من ثقة في كونها وسيطا محايدا في تسوية النزاع العربي الفلسطيني، العمل من أجل تنشيط جهود المجتمع الدولي كله لتهيئة الظروف اللازمة للخروج بالشرق الأوسط من المأزق الراهن.
    نص المقابلة كاملا لأهميتها:
    زيارة مصر تعني بالنسبة لي أهمية خاصة . كما ان بلدينا يرتبطان فيما بينهما باواصر تعاون وصداقة وثيقة يعود تاريخها الى سنوات طويلة. ويحفل سجل التعاون بين بلدينا بالكثير مما قدمناه من دعم لاصدقائنا المصريين. وفي هذا الصدد نشير الى ان الخبراء الروس أسهموا في بناء زهاء مائة من منشآت البنية التحتية والصناعية في مصر ومنها السد العالي ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومصنع الالومنيوم في نجع حمادي . وها نحن نشهد اليوم تعزيز هذه التقاليد المجيدة يوما بعد يوم ، وأقصد بذلك الاتفاق حول إنشاء المنطقة الصناعیة الروسیة، وبناء أول محطة نوویة مصریة.
    وسوف نستعرض مع وزير الخارجية المصرية، في هذه الزيارة، تنفیذ التفاهمات التي تم التوصل إلیها خلال الزیارة الرسمیة لفخامة الرئیس عبد الفتاح السیسي إلى روسیا في أكتوبر 2018 . ومن المنتظر ايضا ان تجري مناقشة موضوعیة بشأن آفاق توسیع العلاقات الثنائیة في إطار اتفاقیة الشراكة الشاملة والتعاون الإستراتیجي الموقعة بین زعیمینا، وذلك الى جانب دراسة كل القضایا الملحة حول العلاقات التجارية والاقتصادية التى لم ينضب معينها ولم تبلغ ذروة آفاقها بعد ، فضلا عن متابعة الاستعدادات الخاصة باعلان عام 2020 عاما للتعاون الثقافي والعلاقات الانسانية .
    كما نتطرق ايضا وبطبيعة الحال، الى بحث مجمل المسائل المتعلقة باستئناف الرحلات الجوية بالكامل (المقصود رحلات التشارتر –الأهرام) بين بلدينا ، خاصة بعد ان شهد هذا الملف تطورات إيجابية. ومن الواضح في هذا الصدد ان موضوع توفير المستوى المناسب لأمن مواطنينا الروس يظل اهم المقدمات المطلوبة لعودتهم الى المنتجعات الرائعة على شواطئ البحر الاحمر .
    كما ان التنسیق الوثیق للسیاسات الخارجیة بین موسكو والقاهرة یلعب دورا مهما في استقرار الشرق الأوسط بمجمله . إننا متفقون حول ضرورة تسویة النزاعات في المنطقة بالوسائل السیاسیة والدبلوماسیة بما يتفق تماما مع قواعد القانون الدولي. ونحن نعتزم تبادل الآراء بشكل عميق حول الوضع في سوریا ولیبیا والیمن وكذلك الأراضي الفلسطینیة بما في ذلك المصالحة الفلسطینیة التي تلعب مصر دورا خاصا فیها. وسوف نناقش سبل الحد من النزاعات في المنطقة بما في ذلك آفاق إنشاء المنطقة الخالیة من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط‪.
    ‪ ومن المنتظر كذلك ان تشغل قضیة مكافحة الإرهاب والتطرف مكانة خاصة خلال مباحثاتنا في القاهرة . كما اننا،  وانطلاقا من رئاسة مصر للاتحاد الافريقي في عام ٢٠١٩ ،سوف نتابع التحضیرات لقمة روسیا-إفریقیا المزمع عقدها في مدینة سوتشي الروسیة في ٢٤ أكتوبر ٢٠١٩.
    سؤال:‪ كيف ترون آفاق التنسيق والتعاون بين القاهرة وموسكو ، ولا سيما في مكافحة الارهاب؟
    لافروف: یوجد تفاهم روسي مصري حول التحدیات التي تواجهها منطقة الشرق الاوسط ومن بینها الارهاب الدولي. اننا نواصل مع شركائنا المصریین المشاورات على مستوى الخبراء ولقاءات العمل حول هذا الموضوع. كما نشارك في التدریبات المشتركة الخاصة بمكافحة الإرهاب‪.  كما ان موسكو تؤید تأییدا تاما ما تبذله القاهرة من جهود على صعيد مكافحة الإرهاب، بما في ذلك ما يتعلق بفرض استقرار الأوضاع في سیناء. إننا على یقین من أن القضاء على الجماعات المتطرفة والإرهابیة في شبه جزیرة سيناء التي تسعى نحو نشر نفوذها في المناطق الأخرى من البلاد وتفریق المجتمع المصري یتوافق لیس مع مصالح المصریین وحسب، بل وأيضا لجمیع دول الشرق الأوسط‪. كما اننا ننطلق من أنه لا یمكن اجتثاث جذور الإرهاب إلا بتضافر جهود المجتمع الدولي كله على أساس القانون الدولي. ونؤكد ان المبادرة التي سبق وأن طرحها الرئیس فلادیمير بوتین بشأن تشكيل تحالف واسع لمكافحة الإرهاب تحت رعایة الأمم المتحدة تهدف إلى حل هذه القضیة‪.
    سؤال:   وماذا يمكن القول عن تعاون موسكو مع القاهرة في موضوع التوصل الى تسوية النزاعات القائمة في ليبيا
    لافروف:   نحن نعلم ان الصراع الداخلي الذي طال أمده في لیبیا نجم مباشرة عن التدخل العسكري غیر الشرعي من جانب الناتو. وقد تسبب كل هذا في انزلاق البلاد نحو الفوضى، فيما تحول إلى مصدر عدم استقرار في المنطقة وأرض خصبة للارهاب‪.  وتقوم موسكو والقاهرة بالتنسیق المكثف لخطواتهما على المسار اللیبي. مهمتنا الان هي من ید العون للیبیین من اجل تجاوز الخلافات القائمة والتوصل إلى اتفاقات ثابتة خاصة حول معايير المصالحة الوطنية. ولدینا رؤیة مشتركة تجاه السبل الملائمة لاعادة بناء الدولة اللیبیة عبر الحوار الوطني الشامل بمشاركة ممثلي كل الفصائل السیاسیة والعسكریة الرئیسیة والمجتمع المدني والمناطق المختلفة في البلاد. وفي هذا الصدد ندعم جهود المبعوث الخاص للأمین العام للأمم المتحدة في لیبیا غسان سلامة الهادفة إلى تنفیذ ما طرحه من خریطة طریق  خاصة بتطبيع الاوضاع في لیبیا عبر إجراء الانتخابات العامة الحرة ‪ والعادلة والإصلاح الدستوري. ونأمل في أن المؤتمر اللیبي الذي یعقده المبعوث الخاص في منتصف أبریل في مدینة غدامس سوف يسمح بإحراز التقدم نحو تحقیق هذه الأهداف‪.
    سؤال: عدتم مؤخرا من زيارة لعدد من بلدان الخليج .. هل لمستم تغيرا في مواقف هذه البلدان إزاء سوريا ؟
    لافروف: أشیر بارتیاح إلى ما تحقق من مظاهر تطبیع للاوضاع حول سوریا. ویتعلق ذلك بما جرى من تطورات إیجابیة في استئناف العلاقات بین دمشق وبقیة الدول العربیة وآفاق عودة الجمهوریة العربیة السوریة إلى جامعة الدول العربیة‪. سوریا هي احدى الدول المحوریة في الشرق الأوسط وتعتبر جزءاً لا یتجزأ من العالم العربي، ولا يمكن استئصالها من السیاق الإقلیمي، مجاملة للأجندات التي يمكن وصفها بالقصيرة النظر والمسیسة والانتهازیة. وبهذا الصدد نحن نرحب ونؤید عودة دمشق إلى العائلة العربیة. هذه العملیة الطبیعیة والموضوعیة دلیل واضح على انتهاء النزاع وعودة البلاد تدریجیا إلى الحیاة السلمیة الطبيعية‪. ومن دواعي السرور أن العدید من البعثات الدبلوماسیة العربیة تعمل حالیا في دمشق. وتم استئناف الرحلات الجویة بین سوریا وتونس وتجري إعادة العلاقات التجاریة والاقتصادیة بین سوریا والأردن والعراق ولبنان. وفي دیسمبر ٢٠١٨ ،قام رئیس السودان عمر البشیر بزیارة العاصمة السوریة. كما ان الوفد البرلماني السوري شارك في مارس ٢٠١٩ في الدورة العادیة للاتحاد البرلماني العربي في عمان‪. نرى أن تطبیع الوضع داخل سوریة وحولها سوف یسهم لیس في اعادة التوافق العربي وحسب، بل وفي تحسین الأوضاع في المنطقة وتعزیز الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط بأسره.
    ‪   سؤال: نلمس تراجع الكثير من البلدان التي سبق أن دعمت الحرب ضد الحكومة الشرعية في سوريا واستهدفت الاطاحة بالرئيس الاسد عن سياساتها السابقة تجاه النزاع القائم هناك، وهو ما يعني عمليا الاعتراف بمسئوليتها عما حل بسوريا من دمار وخراب. فهل من الممكن استصدار القرارات الدولية التي تلزم هذه البلدان بالاضطلاع ماليا بدفع التعويضات المالية، والاسهام فى إعادة بناء سوريا؟
    لافروف:المواقف المبدئیة لروسيا الخاصة بتسویة الأزمة السوریة معروفة. اننا نؤيد بشكل ثابت ومبدئي التسویة السیاسیة على أساس احترام سیادة وسلامة الاراضي السوریة والالتزام بقواعد القانون الدولي. وفي هذا السیاق لا يمكن الا ان یسعدنا انه ، ومع استقرار وتحسن الاوضاع في سوریا، وصل إلى هذه الحقیقة من سبق أن دعم مواقع الجماعات المعارضة والمتطرفة في بدایة الأزمة، مطالبين بتغییر نظام بشار الأسد. وها نحن الان لا نسمع الیوم مثل هذه الأصوات العدائية بحق الحكومة السوریة. ومن الواضح انه ومع تطبیع الاوضاع في سوریا والقضاء على بؤر الارهاب الرئیسیة وعودة البلاد إلى الحیاة السلمیة تتقدم مسائل اعادة الاعمار في مرحلة ما بعد الأزمة وتوفیر المساعدة الانسانیة إلى الامام‪. وتستمر روسیا في تقدیم المعاونة الشاملة لسوریا في اعادة بناء البنیة التحتیة وإرسال المساعدات الانسانیة على اساس ثنائي وعبر الاليات الدولیة بما في ذلك النظام الأممي‪. ولعل الارقام تتحدث عن نفسها. فقد تم ومنذ یولیو 2018 وبمساعدة روسیة، بناء أكثر من 800 مؤسسة تعلیمیة وطبیة واصلاح اكثر من 1000 كم من الطرق وانشاء نحو 1000 كم من خطوط نقل الكهرباء واعادة تشغیل 130 من مشروعات المیاه. فيما یقوم مركز المصالحة الروسي یومیا بالعملیات الانسانیة وإیصال المساعدات اوالمؤن الغذائية والطبیة إلى مختلف المحافظات السوریة . كما تجرى الكثير من عمليات ازالة الالغام، في تدمر وحلب الشرقیة اضافة إلى 2000 هكتار من اراضي البلاد. وأسهمنا بملیون دولار في میزانیة الادارة التابعة للامم المتحدة الخاصة بنزع الالغام من أجل تمویل عملها في سوریا . ومن الواجب في هذا الصدد أن یكون تأیید إعادة إعمار سوریا وفقا لمعاییر القانون الانساني الدولي ومبادئ الحیاد والنزاهة. ولا بد من تقدیم المساعدة للسوریین المحتاجین دون طرح اى شروط مسبقة، وبعيدا عن تسییس مثل هذه القضیة. وفي هذا الصدد نعرب عن اسفنا تجاه مواقف الولایات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبى التي ما زالت تشترط لتمویل إعادة إعمار سوریا بعملية التحول السیاسي، بما في ذلك ما تطرحه على الملأ من تصريحات حول هذا الموضوع. فماذا يمكن ان يكون ذلك، اذا لم يكن تسییسا لموضوع تقديم المساعدة الانسانیة؟
    ویمكننا ان نقول الشيء نفسه بالنسبة للعقوبات الاقتصادیة التي فرضتها بعض البلدان الغربیة، بعيدا عن اطار مجلس الأمن التابع للامم المتحدة، وهي التي تتضرر منها الفئات الأكثر ضعفا.‪  كما ان هناك قضیة مهمة اخرى، وهي تأیید عودة اللاجئین إلى دیارهم. وقد اعرب عدد من بلدان المنطقة عن دعمهم للمبادرة الروسیة ذات الصلة،وهو ما نعمل مع شركائنا على تحقیقه. ‪
    ‪   سؤال: الأوساط السياسية في مصر والعالم العربي تتابع بالكثير من الاهتمام توطد علاقات روسيا مع عدد من البلدان المجاورة لسوريا ومنها اسرائيل. ما رأيكم فيما يقال حول تراجع موسكو عن تشددها ومواقفها التي أعلنتها عقب إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية في سبتمبر 2018 ، تجاه استمرار تكرار اسرائيل لقصفها للمواقع السورية؟
    لافروف:   لیس هناك تغیرات في موقفنا المبدئي من قصف الاراضي السوریة. كنا دائما نعبر عن موقفنا في هذا الشأن بصورة واضحة‪.  اننا نؤكد ضرورة الاحترام الصارم لسیادة سوریا واستقلالها وسلامة أراضیها. ونحن نرفض تحول أراضي هذه البلاد إلى ساحة للمواجهة العسكریة بین مختلف اللاعبین الإقلیمیين.‪ لقد بذلنا جهودا كثیرة لاستقرار الاوضاع في سوریا، بما في ذلك في جنوب وجنوب غرب البلاد. وأود ان أعید إلى الاذهان أنه وبموجب قرار «تركيا الأستانة» تم إنشاء منطقة تخفیف التوتر، مما سمح بوقف العنف. ونحن نشهد الآن فرض الحكومة السوریة لسيطرتهاعلى هذه المناطق‪. كما تبذل الشرطة العسكریة الروسیة الكثير من الجهود الرامية الى ضمان السلام وسیادة القانون‪. فضلا عن اننا نؤكد وخلال اللقاءات مع جمیع الأطراف المعنیة اهمیة الحيلولة دون ازدياد مستوي التوتر والتصعید الخطیر في سوریا، وهو ما یهدد بالعواقب الوخیمة لیس للبلدان المجاورة وحسب، بل ولكل منطقة الشرق الأوسط بأسرها‪.
    سؤال:  كيف تقدرون تناقض سياسات وتصريحات الرئيس الاميركي ترامب، بما فيها الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارته اليها، وأخيرا تصريحاته حول الاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان السورية؟
     لافروف:  في الحقیقة لیست هناك تناقضات. ان ما اتخذته الولایات المتحدة من خطوات، ماهي الا حلقات في سلسلة واحدة. ومن البدیهي أن واشنطن تسعى إلى تقویض كل جهود المجتمع الدولي وتدمير القاعدة القانونیة المعترف بها دولیا والتي تجري بموجبها كل الجهود الرامية الى تسوية الاوضاع في الشرق الأوسط. ان اعتراف الولایات المتحدة بضم الجولان المحتلة من طرف إسرائیل، ما هوإلا انتهاك صارخ  لكل من میثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وجملة قرارات مجلس الأمن الدولي حول تسویة الصراع العربي الإسرائیلي، وقبل كل شيء القرار 479‪  ویعني هذا القرار تراجع واشنطن الواضح عن مبدأ «الأرض مقابل السلام» الذي جرت صياغته تحت رعاية روسيا والولايات المتحدة خلال مؤتمر مدرید للسلام في 1991 والمنصوص علیه في مبادرة السلام العربیة عام 2002 . ویقلل هذا القرار الأميركي من فرص تحقيق السلام العادل والمستقر والطويل الامد في الشرق الأوسط، كما يشكل ذلك خطرا على الالتزام باتفاقیة فك الاشتباك بین سوریا وإسرائیل. واذكر في هذا الصدد أن قادة الولایات المتحدة وإسرائیل طلبوا منا المساعدة في تهيئة الظروف اللازمة لتنفیذ هذه الاتفاقیة وقد فعلنا ذلك، وبفضل الشرطة العسكریة الروسیة التي سیطرت على المواقف المجاورة للجولان تمكنت قوات الأمم المتحدة لفك الارتباط من استئناف الوفاء بمهامها في منطقة الفصل بما في ذلك لصالح ضمان امن إسرائیل.
     إن اعتراف الولایات المتحدة بضم الجولان التي تحتلها إسرائیل یمكن أن يهدم ما جرى التوصل اليه بصعوبة من استقرار. ‪ كما یبدو أن الموقف الأمریكي حول التسویة العربیة الإسرائیلیة یتوافق مع نهج واشنطن تجاه تقويض الاتفاقیات الدولیة الأساسیة واستبدال القانون الدولي بما هو اشبه بـ نظام مّا يستند إلى قواعد . ‪
    إن الموقف الروسي حول مرتفعات الجولان لا یزال ثابتا وإنها بلا شك ارض سوریة، ولا نزال نتمسك بقرار مجلس الأمن رقم ٤٩٧ الصادر في ١٧ دیسمبر١٩٨١ والذي ینص على بطلان وانتفاء الشرعية الدولية، لقرار إسرائیل الخاص بفرض قوانینها وصلاحیاتها وادارتها في الجزء السوري أراضي سوریا المذكور أعلاه.  تتمسك الأغلبیة الساحقة من أعضاء المجتمع الدولي بما في ذلك اقرب حلفاء الولایات المتحدة بنفس النهج. ولعل الموافقة على قرار “مرتفعات الجولان السوریة المحتلة” على أساس سنوي، وفي إطار استعراض البند الـ55 لدورة الجمعیة العامة للأمم المتحدة كل عام لهو دليل واضح على ذلك‪.
    ‪ سؤال: كثير من الضوضاء يتعالي حول ما يسمى بصفقة القرن سبيلا الى حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، كيف ترى روسيا مايقال بهذا الصدد، وماذا يمكن ان تطرحه سبيلا الى التوصل الى تنفيذ القرارات الاممية بهذا الشان بما فيها حل اقامة الدولتين؟
    لافروف: لم یطلعنا الأمریكیون على مضمون «الصفقة». الشائعات تقول إنه یُزعم ان تؤدي هذه المقترحات إلى السلام بین العرب وإسرائیل دون الاعتماد على الأطر القانونیة الدولیة المعترف بها لتسویة قضیة الشرق الأوسط ‪. إننا على الیقین أنه طریق مسدود. من البدیهي أنه بدون تنفیذ حل الدولتین للقضیة الفلسطینیة ، لا یمكن التوصل إلى السلام العادل والدائم والشامل في المنطقة‪.  ونؤكد ان روسیا تواصل بذل الجهود مع الشركاء بما في ذلك في مجلس الأمن للأمم المتحدة ، وفي إطار الرباعیة الدولية بهدف توفیر الظروف المناسبة لاستئناف الاتصالات بین الفلسطینیین والإسرائیلیین. ونذكر ان الرئیس الروسي فلادیمیر بوتین اقترح في خریف ٢٠١٦ عقد القمة الفلسطینیة الإسرائیلیة في موسكو دون شروط مسبّقة. ونحن لا نزال مستعدین لاستضافة زعیمي فلسطین ‪ وإسرائیل. ونرى أن مثل هذه المحادثات رفیعة المستوى یمكن ان تسهم في الخروج من المأزق الحالي كما اننا نحرص‪ بالتنسیق مع مصر على مواصلة الاسهام في التغلب على الانقسام الفلسطیني على أساس القاعدة السیاسیة لمنظمة تحریر فلسطین. هذا هو شرط مسبق ضروري لاستئناف التسویة الفلسطینیة الإسرائیلیة. ونذكر ايضا انه عُقد في موسكو في فبرایر من العام الحالي وللمرة الثالثة، اجتماع قيادات ١٢ من اهم الاحزاب والحركات الفلسطینية الرئيسية بما فیها فتح وحماس. ونأمل في تواصل عملیة المصالحة الفلسطینیة بوساطة مصرية رئيسية. وانه من الضروري اليوم وعلى ضوء ما فقدته واشنطن من ثقة في كونها وسيطا محايدا في تسویة النزاع العربي الفلسطیني ،  العمل من اجل تنشیط جهود المجتمع الدولي كله لتهيئة الظروف اللازمة للخروج بالشرق الأوسط من المأزق الراهن. وفي هذا الشأن يمكن القول إن دور مصر مطلوب ومُرَحًب به.
    لافروف، أن روسيا لم تطلع على مضمون صفقة ترامب، وأن الحديث يدور أن هذه المقترحات ستؤدي إلى السلام بین العرب وإسرائيل دون الاعتماد على الأطر القانونية الدولية المعترف بها لتسوية قضية الشرق الأوسط، مؤكدا إننا على یقین أنه طریق مسدود فمن البديهي أنه بدون تنفيذ حل الدولتين للقضبة الفلسطينية، لا یمكن التوصل إلى السلام العادل والدائم والشامل في المنطقة.
    وقال لافروف في حوار مع صحيفة «الأهرام» المصرية، أن روسيا تواصل بذل الجهود مع الشركاء بما في ذلك في مجلس الأمن للأمم المتحدة ، وفي إطار الرباعية الدولية بهدف توفیر الظروف المناسبة لاستئناف الاتصالات بین الفلسطینیین والإسرائیلیین.
    وأوضح لافروف، أن الرئيس الروسي فلادیمیر بوتين اقترح في خريف 2016، عقد القمة الفلسطينية الإسرائيلية في موسكو دون شروط مسبّقة، منوها أن روسيا لاتزال مستعدة لاستضافة زعيمي فلسطين ‪ وإسرائيل، مؤكدا أن مثل هذه المحادثات رفیعة المستوى یمكن ان تسهم في الخروج من المأزق الحالي كما اننا نحرص‪ بالتنسيق مع مصر على مواصلة الاسهام في التغلب على الانقسام الفلسطيني على أساس القاعدة السیاسیة لمنظمة التحرير الفلسطينية، لأن هذا هو شرط مسبق ضروري لاستئناف التسوية الفلسطينية الإسرائيلية.
    وتحدث لافروف، عن الاجتماع الذي عُقد في موسكو في فبرابر من العام الحالي وللمرة الثالثة، الاجتماع الذي جمع قيادات 12 من أهم الأحزاب والحركات الفلسطينية الرئيسية بما فبها فتح وحماس، معبرا عن أمله في تواصل عملية المصالحة الفلسطينية بوساطة مصرية رئيسية، لأنه من الضروري اليوم وعلى ضوء ما فقدته واشنطن من ثقة في كونها وسيطا محايدا في تسوية النزاع العربي الفلسطيني، العمل من أجل تنشيط جهود المجتمع الدولي كله لتهيئة الظروف اللازمة للخروج بالشرق الأوسط من المأزق الراهن.
    نص المقابلة كاملا لأهميتها:
    زيارة مصر تعني بالنسبة لي أهمية خاصة . كما ان بلدينا يرتبطان فيما بينهما باواصر تعاون وصداقة وثيقة يعود تاريخها الى سنوات طويلة. ويحفل سجل التعاون بين بلدينا بالكثير مما قدمناه من دعم لاصدقائنا المصريين. وفي هذا الصدد نشير الى ان الخبراء الروس أسهموا في بناء زهاء مائة من منشآت البنية التحتية والصناعية في مصر ومنها السد العالي ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومصنع الالومنيوم في نجع حمادي . وها نحن نشهد اليوم تعزيز هذه التقاليد المجيدة يوما بعد يوم ، وأقصد بذلك الاتفاق حول إنشاء المنطقة الصناعیة الروسیة، وبناء أول محطة نوویة مصریة.
    وسوف نستعرض مع وزير الخارجية المصرية، في هذه الزيارة، تنفیذ التفاهمات التي تم التوصل إلیها خلال الزیارة الرسمیة لفخامة الرئیس عبد الفتاح السیسي إلى روسیا في أكتوبر 2018 . ومن المنتظر ايضا ان تجري مناقشة موضوعیة بشأن آفاق توسیع العلاقات الثنائیة في إطار اتفاقیة الشراكة الشاملة والتعاون الإستراتیجي الموقعة بین زعیمینا، وذلك الى جانب دراسة كل القضایا الملحة حول العلاقات التجارية والاقتصادية التى لم ينضب معينها ولم تبلغ ذروة آفاقها بعد ، فضلا عن متابعة الاستعدادات الخاصة باعلان عام 2020 عاما للتعاون الثقافي والعلاقات الانسانية .
    كما نتطرق ايضا وبطبيعة الحال، الى بحث مجمل المسائل المتعلقة باستئناف الرحلات الجوية بالكامل (المقصود رحلات التشارتر –الأهرام) بين بلدينا ، خاصة بعد ان شهد هذا الملف تطورات إيجابية. ومن الواضح في هذا الصدد ان موضوع توفير المستوى المناسب لأمن مواطنينا الروس يظل اهم المقدمات المطلوبة لعودتهم الى المنتجعات الرائعة على شواطئ البحر الاحمر .
    كما ان التنسیق الوثیق للسیاسات الخارجیة بین موسكو والقاهرة یلعب دورا مهما في استقرار الشرق الأوسط بمجمله . إننا متفقون حول ضرورة تسویة النزاعات في المنطقة بالوسائل السیاسیة والدبلوماسیة بما يتفق تماما مع قواعد القانون الدولي. ونحن نعتزم تبادل الآراء بشكل عميق حول الوضع في سوریا ولیبیا والیمن وكذلك الأراضي الفلسطینیة بما في ذلك المصالحة الفلسطینیة التي تلعب مصر دورا خاصا فیها. وسوف نناقش سبل الحد من النزاعات في المنطقة بما في ذلك آفاق إنشاء المنطقة الخالیة من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط‪.
    ‪ ومن المنتظر كذلك ان تشغل قضیة مكافحة الإرهاب والتطرف مكانة خاصة خلال مباحثاتنا في القاهرة . كما اننا،  وانطلاقا من رئاسة مصر للاتحاد الافريقي في عام ٢٠١٩ ،سوف نتابع التحضیرات لقمة روسیا-إفریقیا المزمع عقدها في مدینة سوتشي الروسیة في ٢٤ أكتوبر ٢٠١٩.
    سؤال:‪ كيف ترون آفاق التنسيق والتعاون بين القاهرة وموسكو ، ولا سيما في مكافحة الارهاب؟
    لافروف: یوجد تفاهم روسي مصري حول التحدیات التي تواجهها منطقة الشرق الاوسط ومن بینها الارهاب الدولي. اننا نواصل مع شركائنا المصریین المشاورات على مستوى الخبراء ولقاءات العمل حول هذا الموضوع. كما نشارك في التدریبات المشتركة الخاصة بمكافحة الإرهاب‪.  كما ان موسكو تؤید تأییدا تاما ما تبذله القاهرة من جهود على صعيد مكافحة الإرهاب، بما في ذلك ما يتعلق بفرض استقرار الأوضاع في سیناء. إننا على یقین من أن القضاء على الجماعات المتطرفة والإرهابیة في شبه جزیرة سيناء التي تسعى نحو نشر نفوذها في المناطق الأخرى من البلاد وتفریق المجتمع المصري یتوافق لیس مع مصالح المصریین وحسب، بل وأيضا لجمیع دول الشرق الأوسط‪. كما اننا ننطلق من أنه لا یمكن اجتثاث جذور الإرهاب إلا بتضافر جهود المجتمع الدولي كله على أساس القانون الدولي. ونؤكد ان المبادرة التي سبق وأن طرحها الرئیس فلادیمير بوتین بشأن تشكيل تحالف واسع لمكافحة الإرهاب تحت رعایة الأمم المتحدة تهدف إلى حل هذه القضیة‪.
    سؤال:   وماذا يمكن القول عن تعاون موسكو مع القاهرة في موضوع التوصل الى تسوية النزاعات القائمة في ليبيا
    لافروف:   نحن نعلم ان الصراع الداخلي الذي طال أمده في لیبیا نجم مباشرة عن التدخل العسكري غیر الشرعي من جانب الناتو. وقد تسبب كل هذا في انزلاق البلاد نحو الفوضى، فيما تحول إلى مصدر عدم استقرار في المنطقة وأرض خصبة للارهاب‪.  وتقوم موسكو والقاهرة بالتنسیق المكثف لخطواتهما على المسار اللیبي. مهمتنا الان هي من ید العون للیبیین من اجل تجاوز الخلافات القائمة والتوصل إلى اتفاقات ثابتة خاصة حول معايير المصالحة الوطنية. ولدینا رؤیة مشتركة تجاه السبل الملائمة لاعادة بناء الدولة اللیبیة عبر الحوار الوطني الشامل بمشاركة ممثلي كل الفصائل السیاسیة والعسكریة الرئیسیة والمجتمع المدني والمناطق المختلفة في البلاد. وفي هذا الصدد ندعم جهود المبعوث الخاص للأمین العام للأمم المتحدة في لیبیا غسان سلامة الهادفة إلى تنفیذ ما طرحه من خریطة طریق  خاصة بتطبيع الاوضاع في لیبیا عبر إجراء الانتخابات العامة الحرة ‪ والعادلة والإصلاح الدستوري. ونأمل في أن المؤتمر اللیبي الذي یعقده المبعوث الخاص في منتصف أبریل في مدینة غدامس سوف يسمح بإحراز التقدم نحو تحقیق هذه الأهداف‪.
    سؤال: عدتم مؤخرا من زيارة لعدد من بلدان الخليج .. هل لمستم تغيرا في مواقف هذه البلدان إزاء سوريا ؟
    لافروف: أشیر بارتیاح إلى ما تحقق من مظاهر تطبیع للاوضاع حول سوریا. ویتعلق ذلك بما جرى من تطورات إیجابیة في استئناف العلاقات بین دمشق وبقیة الدول العربیة وآفاق عودة الجمهوریة العربیة السوریة إلى جامعة الدول العربیة‪. سوریا هي احدى الدول المحوریة في الشرق الأوسط وتعتبر جزءاً لا یتجزأ من العالم العربي، ولا يمكن استئصالها من السیاق الإقلیمي، مجاملة للأجندات التي يمكن وصفها بالقصيرة النظر والمسیسة والانتهازیة. وبهذا الصدد نحن نرحب ونؤید عودة دمشق إلى العائلة العربیة. هذه العملیة الطبیعیة والموضوعیة دلیل واضح على انتهاء النزاع وعودة البلاد تدریجیا إلى الحیاة السلمیة الطبيعية‪. ومن دواعي السرور أن العدید من البعثات الدبلوماسیة العربیة تعمل حالیا في دمشق. وتم استئناف الرحلات الجویة بین سوریا وتونس وتجري إعادة العلاقات التجاریة والاقتصادیة بین سوریا والأردن والعراق ولبنان. وفي دیسمبر ٢٠١٨ ،قام رئیس السودان عمر البشیر بزیارة العاصمة السوریة. كما ان الوفد البرلماني السوري شارك في مارس ٢٠١٩ في الدورة العادیة للاتحاد البرلماني العربي في عمان‪. نرى أن تطبیع الوضع داخل سوریة وحولها سوف یسهم لیس في اعادة التوافق العربي وحسب، بل وفي تحسین الأوضاع في المنطقة وتعزیز الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط بأسره.
    ‪   سؤال: نلمس تراجع الكثير من البلدان التي سبق أن دعمت الحرب ضد الحكومة الشرعية في سوريا واستهدفت الاطاحة بالرئيس الاسد عن سياساتها السابقة تجاه النزاع القائم هناك، وهو ما يعني عمليا الاعتراف بمسئوليتها عما حل بسوريا من دمار وخراب. فهل من الممكن استصدار القرارات الدولية التي تلزم هذه البلدان بالاضطلاع ماليا بدفع التعويضات المالية، والاسهام فى إعادة بناء سوريا؟
    لافروف:المواقف المبدئیة لروسيا الخاصة بتسویة الأزمة السوریة معروفة. اننا نؤيد بشكل ثابت ومبدئي التسویة السیاسیة على أساس احترام سیادة وسلامة الاراضي السوریة والالتزام بقواعد القانون الدولي. وفي هذا السیاق لا يمكن الا ان یسعدنا انه ، ومع استقرار وتحسن الاوضاع في سوریا، وصل إلى هذه الحقیقة من سبق أن دعم مواقع الجماعات المعارضة والمتطرفة في بدایة الأزمة، مطالبين بتغییر نظام بشار الأسد. وها نحن الان لا نسمع الیوم مثل هذه الأصوات العدائية بحق الحكومة السوریة. ومن الواضح انه ومع تطبیع الاوضاع في سوریا والقضاء على بؤر الارهاب الرئیسیة وعودة البلاد إلى الحیاة السلمیة تتقدم مسائل اعادة الاعمار في مرحلة ما بعد الأزمة وتوفیر المساعدة الانسانیة إلى الامام‪. وتستمر روسیا في تقدیم المعاونة الشاملة لسوریا في اعادة بناء البنیة التحتیة وإرسال المساعدات الانسانیة على اساس ثنائي وعبر الاليات الدولیة بما في ذلك النظام الأممي‪. ولعل الارقام تتحدث عن نفسها. فقد تم ومنذ یولیو 2018 وبمساعدة روسیة، بناء أكثر من 800 مؤسسة تعلیمیة وطبیة واصلاح اكثر من 1000 كم من الطرق وانشاء نحو 1000 كم من خطوط نقل الكهرباء واعادة تشغیل 130 من مشروعات المیاه. فيما یقوم مركز المصالحة الروسي یومیا بالعملیات الانسانیة وإیصال المساعدات اوالمؤن الغذائية والطبیة إلى مختلف المحافظات السوریة . كما تجرى الكثير من عمليات ازالة الالغام، في تدمر وحلب الشرقیة اضافة إلى 2000 هكتار من اراضي البلاد. وأسهمنا بملیون دولار في میزانیة الادارة التابعة للامم المتحدة الخاصة بنزع الالغام من أجل تمویل عملها في سوریا . ومن الواجب في هذا الصدد أن یكون تأیید إعادة إعمار سوریا وفقا لمعاییر القانون الانساني الدولي ومبادئ الحیاد والنزاهة. ولا بد من تقدیم المساعدة للسوریین المحتاجین دون طرح اى شروط مسبقة، وبعيدا عن تسییس مثل هذه القضیة. وفي هذا الصدد نعرب عن اسفنا تجاه مواقف الولایات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبى التي ما زالت تشترط لتمویل إعادة إعمار سوریا بعملية التحول السیاسي، بما في ذلك ما تطرحه على الملأ من تصريحات حول هذا الموضوع. فماذا يمكن ان يكون ذلك، اذا لم يكن تسییسا لموضوع تقديم المساعدة الانسانیة؟
    ویمكننا ان نقول الشيء نفسه بالنسبة للعقوبات الاقتصادیة التي فرضتها بعض البلدان الغربیة، بعيدا عن اطار مجلس الأمن التابع للامم المتحدة، وهي التي تتضرر منها الفئات الأكثر ضعفا.‪  كما ان هناك قضیة مهمة اخرى، وهي تأیید عودة اللاجئین إلى دیارهم. وقد اعرب عدد من بلدان المنطقة عن دعمهم للمبادرة الروسیة ذات الصلة،وهو ما نعمل مع شركائنا على تحقیقه. ‪
    ‪   سؤال: الأوساط السياسية في مصر والعالم العربي تتابع بالكثير من الاهتمام توطد علاقات روسيا مع عدد من البلدان المجاورة لسوريا ومنها اسرائيل. ما رأيكم فيما يقال حول تراجع موسكو عن تشددها ومواقفها التي أعلنتها عقب إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية في سبتمبر 2018 ، تجاه استمرار تكرار اسرائيل لقصفها للمواقع السورية؟
    لافروف:   لیس هناك تغیرات في موقفنا المبدئي من قصف الاراضي السوریة. كنا دائما نعبر عن موقفنا في هذا الشأن بصورة واضحة‪.  اننا نؤكد ضرورة الاحترام الصارم لسیادة سوریا واستقلالها وسلامة أراضیها. ونحن نرفض تحول أراضي هذه البلاد إلى ساحة للمواجهة العسكریة بین مختلف اللاعبین الإقلیمیين.‪ لقد بذلنا جهودا كثیرة لاستقرار الاوضاع في سوریا، بما في ذلك في جنوب وجنوب غرب البلاد. وأود ان أعید إلى الاذهان أنه وبموجب قرار «تركيا الأستانة» تم إنشاء منطقة تخفیف التوتر، مما سمح بوقف العنف. ونحن نشهد الآن فرض الحكومة السوریة لسيطرتهاعلى هذه المناطق‪. كما تبذل الشرطة العسكریة الروسیة الكثير من الجهود الرامية الى ضمان السلام وسیادة القانون‪. فضلا عن اننا نؤكد وخلال اللقاءات مع جمیع الأطراف المعنیة اهمیة الحيلولة دون ازدياد مستوي التوتر والتصعید الخطیر في سوریا، وهو ما یهدد بالعواقب الوخیمة لیس للبلدان المجاورة وحسب، بل ولكل منطقة الشرق الأوسط بأسرها‪.
    سؤال:  كيف تقدرون تناقض سياسات وتصريحات الرئيس الاميركي ترامب، بما فيها الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارته اليها، وأخيرا تصريحاته حول الاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان السورية؟
     لافروف:  في الحقیقة لیست هناك تناقضات. ان ما اتخذته الولایات المتحدة من خطوات، ماهي الا حلقات في سلسلة واحدة. ومن البدیهي أن واشنطن تسعى إلى تقویض كل جهود المجتمع الدولي وتدمير القاعدة القانونیة المعترف بها دولیا والتي تجري بموجبها كل الجهود الرامية الى تسوية الاوضاع في الشرق الأوسط. ان اعتراف الولایات المتحدة بضم الجولان المحتلة من طرف إسرائیل، ما هوإلا انتهاك صارخ  لكل من میثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وجملة قرارات مجلس الأمن الدولي حول تسویة الصراع العربي الإسرائیلي، وقبل كل شيء القرار 479‪  ویعني هذا القرار تراجع واشنطن الواضح عن مبدأ «الأرض مقابل السلام» الذي جرت صياغته تحت رعاية روسيا والولايات المتحدة خلال مؤتمر مدرید للسلام في 1991 والمنصوص علیه في مبادرة السلام العربیة عام 2002 . ویقلل هذا القرار الأميركي من فرص تحقيق السلام العادل والمستقر والطويل الامد في الشرق الأوسط، كما يشكل ذلك خطرا على الالتزام باتفاقیة فك الاشتباك بین سوریا وإسرائیل. واذكر في هذا الصدد أن قادة الولایات المتحدة وإسرائیل طلبوا منا المساعدة في تهيئة الظروف اللازمة لتنفیذ هذه الاتفاقیة وقد فعلنا ذلك، وبفضل الشرطة العسكریة الروسیة التي سیطرت على المواقف المجاورة للجولان تمكنت قوات الأمم المتحدة لفك الارتباط من استئناف الوفاء بمهامها في منطقة الفصل بما في ذلك لصالح ضمان امن إسرائیل.
     إن اعتراف الولایات المتحدة بضم الجولان التي تحتلها إسرائیل یمكن أن يهدم ما جرى التوصل اليه بصعوبة من استقرار. ‪ كما یبدو أن الموقف الأمریكي حول التسویة العربیة الإسرائیلیة یتوافق مع نهج واشنطن تجاه تقويض الاتفاقیات الدولیة الأساسیة واستبدال القانون الدولي بما هو اشبه بـ نظام مّا يستند إلى قواعد . ‪
    إن الموقف الروسي حول مرتفعات الجولان لا یزال ثابتا وإنها بلا شك ارض سوریة، ولا نزال نتمسك بقرار مجلس الأمن رقم ٤٩٧ الصادر في ١٧ دیسمبر١٩٨١ والذي ینص على بطلان وانتفاء الشرعية الدولية، لقرار إسرائیل الخاص بفرض قوانینها وصلاحیاتها وادارتها في الجزء السوري أراضي سوریا المذكور أعلاه.  تتمسك الأغلبیة الساحقة من أعضاء المجتمع الدولي بما في ذلك اقرب حلفاء الولایات المتحدة بنفس النهج. ولعل الموافقة على قرار “مرتفعات الجولان السوریة المحتلة” على أساس سنوي، وفي إطار استعراض البند الـ55 لدورة الجمعیة العامة للأمم المتحدة كل عام لهو دليل واضح على ذلك‪.
    ‪ سؤال: كثير من الضوضاء يتعالي حول ما يسمى بصفقة القرن سبيلا الى حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، كيف ترى روسيا مايقال بهذا الصدد، وماذا يمكن ان تطرحه سبيلا الى التوصل الى تنفيذ القرارات الاممية بهذا الشان بما فيها حل اقامة الدولتين؟
    لافروف: لم یطلعنا الأمریكیون على مضمون «الصفقة». الشائعات تقول إنه یُزعم ان تؤدي هذه المقترحات إلى السلام بین العرب وإسرائیل دون الاعتماد على الأطر القانونیة الدولیة المعترف بها لتسویة قضیة الشرق الأوسط ‪. إننا على الیقین أنه طریق مسدود. من البدیهي أنه بدون تنفیذ حل الدولتین للقضیة الفلسطینیة ، لا یمكن التوصل إلى السلام العادل والدائم والشامل في المنطقة‪.  ونؤكد ان روسیا تواصل بذل الجهود مع الشركاء بما في ذلك في مجلس الأمن للأمم المتحدة ، وفي إطار الرباعیة الدولية بهدف توفیر الظروف المناسبة لاستئناف الاتصالات بین الفلسطینیین والإسرائیلیین. ونذكر ان الرئیس الروسي فلادیمیر بوتین اقترح في خریف ٢٠١٦ عقد القمة الفلسطینیة الإسرائیلیة في موسكو دون شروط مسبّقة. ونحن لا نزال مستعدین لاستضافة زعیمي فلسطین ‪ وإسرائیل. ونرى أن مثل هذه المحادثات رفیعة المستوى یمكن ان تسهم في الخروج من المأزق الحالي كما اننا نحرص‪ بالتنسیق مع مصر على مواصلة الاسهام في التغلب على الانقسام الفلسطیني على أساس القاعدة السیاسیة لمنظمة تحریر فلسطین. هذا هو شرط مسبق ضروري لاستئناف التسویة الفلسطینیة الإسرائیلیة. ونذكر ايضا انه عُقد في موسكو في فبرایر من العام الحالي وللمرة الثالثة، اجتماع قيادات ١٢ من اهم الاحزاب والحركات الفلسطینية الرئيسية بما فیها فتح وحماس. ونأمل في تواصل عملیة المصالحة الفلسطینیة بوساطة مصرية رئيسية. وانه من الضروري اليوم وعلى ضوء ما فقدته واشنطن من ثقة في كونها وسيطا محايدا في تسویة النزاع العربي الفلسطیني ،  العمل من اجل تنشیط جهود المجتمع الدولي كله لتهيئة الظروف اللازمة للخروج بالشرق الأوسط من المأزق الراهن. وفي هذا الشأن يمكن القول إن دور مصر مطلوب ومُرَحًب به.

    http://www.alhourriah.ps/article/54596