• «مسيرات العودة وكسر الحصار».. عام من المواجهة والتحدي
    2019-03-28
    غزة- كتب تامر عوض الله
    ■تدخل «مسيرات العودة وكسر الحصار» السلمية في قطاع غزة عامها الثاني، والتي انطلقت في 30آذار/مارس2018 بمناسبة يوم الأرض الخالد. وقد أبدع خلالها الفلسطينيون في المقاومة الشعبية عبر ابتكار أساليب جديدة  وبسيطة في نضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي بعزيمة قوية أربكت حساباته، وواجهت محاولات تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، بالرغم من مواجهة الاحتلال لها بالعنف القوة المفرطة، واستخدام أسلحة القتل المختلفة، التي أدت إلى استشهاد مئات الفلسطينيين وإصابة عشرات الآلاف منهم.
    إنجازات كبرى
    ولقد حققت «مسيرات العودة وكسر الحصار» انجازات كبيرة ، تتمثل في إعادة القضية الفلسطينية من جديد إلى واجهة الاهتمام، بالتأكيد على أنها قضية سياسية وليست إنسانية، وكشفت مجددا عن وجه إسرائيل الحقيقي على مختلف الأصعدة، إقليميا ودولياً ، بعد أن كانت إسرائيل تزعم أمام العالم أنها دولة القانون والديمقراطية، كان آخرها ما صدر عن تقرير لجنة التحقيق الأممية حول مسيرات العودة، الذي أكد استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لعمليات القنص المتعمد ضد المتظاهرين العزل في القطاع، وهو إجراء غير قانوني، وتشكل جريمة ضد الإنسانية، داعيةً للتحقيق مع مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للمحاكمة، وصادق عليه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (22/3) تزامناً مع الجمعة الـ 51 للمسيرات والتي سميت بجمعة «المسيرات خيارنا».
    ومايميز هذه المسيرات هو بناء جسم وطني جامع يقود هذه المسيرات، ويوجهها بالاتجاه الصحيح هو «الهيئة الوطنية العليا» والتي تضم القوى الوطنية والإسلامية (الجبهة الديمقراطية- حماس- الجهاد- الشعبية وقوى وفعاليات وطنية)، وشيدت مخيمات العودة على امتداد الحدود الشرقية لمحافظات القطاع الخمس،وجندت طاقتها في إدارة المسيرات، وعملت على تقييمها بشكل دوري سواء على صعيد الحشد الشعبي والأدوات أو الالتزام بالتوجهات الوطنية. فيما أطلقت مُسميات على كل جمعة لدفع وحشد أكبر قدر ممكن من المشاركين، وإيصال رسائل متعددة في سياق النضال الوطني الفلسطيني المتواصل ضد الاحتلال الإسرائيلي.
    ومع اشتداد اعتداءات الاحتلال بحق الفلسطينيين العزل الذين يتظاهرون سلميا في وجه الاحتلال،استدعى الأمر إلى تشكيل «الغرفة المشتركة» لفصائل المقاومة الفلسطينية، وتضم كافة الأجنحة العسكرية المقاتلة (كتائب المقاومة – القسام- سرايا القدس – أبو علي مصطفى ... إلخ)، والتي لاقت ترحيباً شعبياً واسعاً، وتمتعت بحاضنة شعبية كبيرة، يتم من خلالها تنسيق الجهود وإرباك الاحتلال، وتغيير قواعد الاشتباك معه، من خلال جولات المواجهة العسكرية التي جرت مؤخراً في القطاع.  حيث جرى الإعلان عن عمليات إطلاق القذائف والصواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع عبر «الغرفة المشتركة»، على عكس ما كان بالسابق من إعلان كل فصيل بشكل فردي، وأوصلت رسالة مفادها بأن الوحدة الميدانية الفلسطينية هي الخيار الناجع في مواجهة الاحتلال، على اعتبار الجميع بدون استثناء «شركاء في الدم.. شركاء في القرار».
    تضحيات وصمود
    وقد واجهت قوات الاحتلال الإسرائيلي المسيرات بقوة البارود والنار، واستخدمت القوة المفرطة والمميتة ضد الفلسطينيين العزل المشاركين في المسيرات، وأطلقت الرصاص الحي والمتفجر والغازات السامة والمسيلة للدموع والقذائف المدفعية  تجاههم بكثافة، ما رفع عدد الشهداء لـ 274 شهيداً من بينهم 41 طفلاً، وسيدتان، و8 من ذوي الإعاقة، و3 مسعفين من بينهم  الرفيقة المسعفة رزان النجار، وصحفيان، فيما تواصل سلطات الاحتلال احتجاز 11 شهيداً لم يدرجوا ضمن كشوفات وزارة الصحة في غزة حتى الآن، وأصيب نحو 30 ألف بجراح مختلفة واختناق بالغاز، منها 15528 إصابة تم دخولها لمشافي القطاع من بينهم 500 إصابتهم خطرة. وتعمدت قوات الاحتلال في استهداف الطواقم الطبية والمسعفين والصحفيين خلال المسيرات، رغم ارتدائهم شارات تميزهم عن المتظاهرين السلميين.
    إبداعات المواجهة
    ابتكر الفلسطينيون أساليب وأدوات للمقاومة الشعبية خلال المسيرات، حيث باتت تشكل قلقا للاحتلال، وحولت السياج الحدودي الفاصل بين القطاع وأراضي الـ 48، إلى منطقة مواجهة مشتعلة مع قوات الاحتلال بعد أن كانت منطقة عسكرية محظورة، ومنذ انطلاق المسيرات أنشأ الشباب عدداً من الوحدات الميدانية التي استطاعت أرباك جنود الاحتلال وسكان المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع «غلاف غزة»، ومن الأساليب التي أنشأها الفلسطينيين وأبدعوا في استخدامها:
    -      «وحدة الكاوتشوك وقص السلك»: فقد نجحت هذه الوحدة في استنزاف قوات الاحتلال على مدار عام من عملها على حدود القطاع وأراضي الـ 48، واستطاع هؤلاء الشبان في هذه الوحدة من اجتياز السياج الحدودي الفاصل وسحبه إلى داخل القطاع بعد قصه، والوصول إلى ثكنات الجنود وإحراقها واغتنام بعض معداتهم ومقتنياهم.
    -      «وحدة الطائرات والبالونات الحارقة» حيث يطلق الفلسطينيون الطائرات والبالونات المذيلة بالمواد الحارقة تجاه الأحراش والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع. وبحسب مصادر إسرائيلية فقد احرق الفلسطينيون 34 ألف دونما مما تسببت في اندلاع أكثر من 1855 حريقاً، لم تفلح إسرائيل في الحد منها، ولجأت إلى ملاحقة مطلقيها من خلال استهدافهم بصواريخ الطائرات وقذائف الدبابات.
    -      وحدة الإرباك الليلي، والتي يشارك فيها مئات الشباب في ساعات الليل، على امتداد الحدود الشرقية للقطاع، وتشكلت لإزعاج الجنود الإسرائيليين على الحدود، وكسر حالة الهدوء الليلي، وتهدف للضغط على الاحتلال لتحقيق أهداف المسيرات، ونجحت في خلق حالة من الرعب لدى مستوطني «غلاف غزة».
    «مليونية الأرض والعودة»
    ويستعد الفلسطينيون في قطاع غزة، للمشاركة بزخم في «مليونية الأرض والعودة»، في 30 آذار/ مارس ، تزامناً مع الذكرى الـ 43 ليوم الأرض الخالد، وتزامناً مع اختتام المسيرات لعامها الأول، بشحذ الهمم والطاقات الشبابية، مع الحفاظ على الطابع الشعبي كعمل نضالي جماهيري وتصعيد حالة الاشتباك مع الاحتلال، في حين يستعد الفلسطينيون في الضفة الفلسطينية والقدس المحتلة لتوسيع دائرة الاشتباك والمواجهة في نقاط التماس مع الاحتلال.
    ودعت «الهيئة الوطنية العليا» للمسيرات إلى إضراب شامل في قطاع غزة والضفة الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة، وإلى المشاركة العارمة في كافة أماكن تواجد شعبنا الفلسطيني.■

    http://www.alhourriah.ps/article/54417