رسالة من الجبهة الديمقراطية الى رئيس «قمة التنمية الاقتصادية الرابعة» في بيروت
2019-01-18
بيروت (الاتجاه الديمقراطي)
وجهت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين رسالة الى رئيس «قمة التنمية الاقتصادية الرابعة» المقامة في بيروت والى الملوك والرؤساء والامراء العرب المشاركين في القمة جاء فيها:
«فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشيل عون المحترم
رئيس «قمة التنمية الاقتصادية الرابعة» في بيروت
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو المحترمين
السادة اعضاء الوفود العربية المحترمين
من شعب فلسطين نبعث اليكم بتحية العودة، تحية الارض الفلسطينية التي تقاوم سرطان الاستيطان الصهيوني، تحية القدس وصمود اهلها في مواجهة مشاريع تهويدها وأسرلتها، تحية كل الشعب الذي يواجه بدمه وبلحمه الحي تطبيقات المشروع الامريكي الإسرائيلي «صفقة القرن». مع كل الامل المعقود بدعم الاخوة والاشقاء العرب لنضالنا الوطني على طريق ازالة الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وضمان حق اللاجئين بالعودة وفقا للقرار (194).. متمنين لكم النجاح في تحقيق طموحات شعوبنا العربية على جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية وعلى مستوى الارتقاء بالعمل العربي المشترك بما يحقق لدولنا العربية تطلعاتها ويمكنها من صياغة مستقبلها السياسي والاقتصادي بعيدا عن كل اشكال التبعية والوصاية الاجنبية..
فخامة الرئيس أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
ننظر بعين الامل الى العناوين الطموحة المطروحة على جدول اعمال قمتكم، سواء ما له علاقة بالأمن الغذائي العربي وانجاز التكامل والتبادل التجاري بين الدول العربية واستكمال قضايا الاتحاد الجمركى والاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة 2030 والسوق العربية المشتركة للكهرباء، او لجهة التوافق حول رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي والسعي للقضاء على الفقر نهاية عام 2030 انسجاما مع رؤية الامم المتحدة.. أو بدعم اقتصاد الشعب الفلسطيني خاصة في مدينة القدس وحماية وكالة الغوث، سياسيا وماديا، وتوفير الدعم الاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين.
وإذ نأمل ان تأخذ هذه العناوين الهامة طريقها في مجال التطبيق العملي وصولا الى بلورة رؤية عربية تعكس الموقف العربي حيال التحديات الراهنة، فإننا نتقدم منكم بهذه الرسالة التي تحمل بعض العناوين نأمل ان تحظى باهتمامكم وبالمعالجات المطلوبة: أوضاع الاقتصاد الفلسطيني:
تنعقد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة تحت شعار «الإنسان محور التنمية»، ونحن كشعب فلسطيني نصارع ونناضل منذ زمن من اجل تكريس حقنا كباقي شعوب الارض في اختيار نظامنا السياسي والاقتصادي المستقل وان ننعم بتنمية حرة خارج اطار تبعية وسطوة الاحتلال الاسرائيلي، خاصة بعد فشل جميع التجارب التنموية الفلسطينية نتيجة استهدافها المباشر من قبل الاحتلال الاسرائيلي، ليتأكد ان لا امكانية للتعايش مع الاحتلال والاستيطان ولا امكانية فعلية لتحقيق تنمية اقتصادية فعلية في الضفة الغربية وقطاع غزه والقدس وقادرة على الصمود في ظل وجود الاحتلال الاسرائيلي الذي يسرق الارض، ما فوقها وما تحتها ويتحكم ليس فقط في حركة المعابر بل وبكل تفاصيل الدورة الاقتصادية..
وتكفي الاطلالة على أحدث معطيات التقارير المقدمة من المؤسسات الدولية المعنية بشأن الاقتصاد الفلسطيني للتعرف على حجم وطبيعة المشكلة. فقد جاء في تقرير لوكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) «إن المواطنين الفلسطينيين عالقون في اقتصاد بلا أفق وغير قابل للاستدامة، في ظل نسب بطالة مرتفعة هي الأعلى في العالم، مع تراجع حاد في الإنتاج الزراعي». وترافق هذا مع تدني قيمة المساعدات الدولية في السنوات العشر الاخيرة الى اقل من نصف ما كان يقدم في عام 2008.
وإذا كان الاحتلال الاسرائيلي هو السبب الرئيسي والمباشر للتشوهات العميقة التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني فان اتفاق باريس الاقتصادي كرس حالة التبعية وعزل الاقتصاد الفلسطيني وجعله تابعا للاقتصاد الاسرائيلي.. بسبب القيود المفروضة على مختلف القطاعات الاقتصادية الفلسطينية ونتيجة عشرات الحواجز العسكرية المنتشرة في طول الضفة الغربية وعرضها واعتداءات المستوطنين المتواصلة على اراضي المواطنين الفلسطينيين. ما يطرح مهمة ملحة على الاشقاء العرب في دعم الشعب الفلسطيني للتخلص من الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية والقدس الذي يعتبر عائقا رئيسيا امام اي تنمية، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في رسم مستقبله الاقتصادي بعيدا عن جميع الصيغ المؤطرة باتفاق باريس الاقتصادي والذي اكدت المؤسسات الوطنية في أكثر من مناسبة على ضرورة الغائه باعتباره أحد المعوقات الاساسية لقيام تنمية حقيقية بعيدا عن حالات التبعية والالحاق.. المساعدات الغذائية:
في بداية العام الحالي، اعلن برنامج الأغذية العالمي بان عدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها المادية تجاه عمل البرنامج في فلسطين ادى الى تخفيض البرنامج لمساعداته الغذائية، وان البرنامج يحتاج لنحو 57 مليون دولار كي يحافظ على المستوى الحالي من المساعدات، وان عدم توفير المبالغ المالية المطلوبة سيقود الى حرمان أكثر من 190 ألف فلسطيني (غالبيتهم من النساء والاطفال) من تقديمات البرنامج من اصل 360 ألف شخص يقيمون في قطاع غزة والضفة الغربية ويحتاجون للمساعدة في 2019، نتيجة سوء الاوضاع الاقتصادية وارتفاع مستوى الفقر في قطاع غزة ليصل الى نحو 53%.
ان هناك آلاف الاسر الفلسطينية تعتمد في معيشتها بشكل كامل وجزئي اما على وكالة الغوث او على برامج الدعم التي تقدم من مؤسسات دولية. ومن شأن وقف برنامج الأغذية العالمي لمساعداته في ان يضاعف المشكلات الحياتية التي يعاني منها أكثر من 46 في المائة من السكان الذين هم بحاجة فعلية إلى مساعدات غذائية خاصة في ظل الحصار المفروض على قطاع غزه وما يشكله ذلك من مشكلات سواء على الصعيد الصحي والاجتماعي أو أزمة الكهرباء وغيرها من الازمات او القيود المفروضة على تنقل المواطنين والسلع في الضفة. لذلك فان الانعكاسات السلبية لهذا القرار ستتخطى حدود الأمن الغذائي المعرض للانهيار ليطال المجتمع الفلسطيني برمته ما سيؤدي الى انفجارات اجتماعية لا أحد يعرف نتائجها.. وكالة الغوث والازمة المالية:
على امتداد عام 2018، تعرضت وكالة الغوث (الاونروا) لعملية ابتزاز سياسي ومالي واضح ومعلن لم يسبق ان عاشته منظمة دولية، نتيجة قرار الادارة الامريكية بوقف مساهماتها المالية عن وكالة الغوث، في إطار استهداف قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، ما ادى الى وقوع ميزانية الاونروا بعجز كبير تجاوز (450) مليون دولار ما انعكس سلبا على الخدمات التي تراجعت مستوياتها بشكل كبير ووضعت اللاجئين الفلسطينيين امام مستقبل مجهول..
لقد انتصرت الارادة الحرة لشعوب العالم عندما تم افشال المساعي الامريكية والاسرائيلية عام 2018 باستهداف وكالة الغوث وخدماتها، وجاء صوت العالم موحدا ومدويا بالتمسك بوكالة الغوث وما تشكله من التزام سياسي وقانوني بقضية اللاجئين. غير ان التحدي الاكبر هو في العام 2019 الذي سيكون عام العدالة والقانون الدولي سواء لجهة اعادة تجديد ولاية الاونروا لمدة ثلاث سنوات جديدة او لضمان عدم حصول عجز مالي كبير في الموازنة العامة في ظل اصرار الادارة الترامبية على قطع المساهمة المالية الامريكية..
وإذ نقدر كل الجهود الدولية والعربية التي بذلت في العالم 2018 وساهمت في جعل الاجراءات الامريكية بلا مضمون فعلي، فإننا ندعو الدول العربية الى مواصلة جهودها واتصالاتها السياسية لحشد الدعم والتأييد لصالح بقاء الاونروا وابعادها عن دائرة الاستهداف السياسي.. واعتبار ان عام 2019 هو عام تأكيد الالتزام السياسي والقانوني والاخلاقي للمجتمع الدولي تجاه وكالة الغوث وعام حماية الاونروا وافشال المشروع الامريكي الاسرائيلي الذي يستهدفها..
كما أن الدول العربية مطالبة بتحمل مسؤولياتها لجهة توفير مقومات الصمود الاجتماعي للشعب الفلسطيني ودعم وكالة الغوث ماليا وفقا لتوصيات مؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة ووفقا للقرار الصادر عن مجلس الجامعة العربية رقم 4645 لعام 1987 برفع نسبة مساهماتها في موازنة الاونروا إلى ما كانت عليه عام 1981 بحيث لا تتجاوز نسبة التمويل (7.8 بالمائة) من الموازنة الاجمالية لوكالة الغوث، مع الحذر الشديد من المساعي الامريكية والاسرائيلية التي تهدف وتحت عناوين مساعدة اللاجئين الفلسطينيين الى العبث بالتفويض الممنوح لوكالة الغوث وطرح مسألة التعريب على بساط البحث كمشروع جدي يجب التنبه من مخاطره..
والى جانب ذلك، فان الدول العربية مدعوة الى وضع استراتيجية عمل سياسية واقتصادية لدعم اللاجئين في المخيمات ماديا سواء بشكل مباشر عبر اللجان الشعبية والمؤسسات الاهلية العاملة في الوسط الفلسطيني وتوفير الاموال للمساهمة في اعمار ما دمر من منازل في قطاع غزة واستكمال اعمار مخيم نهر البارد واعادة اعمار مخيمات اليرموك وحندرات ودرعا الى جانب اقامة مشاريع تنموية توفر دعما فعليا للمجتمع الفلسطيني خاصة الطلبة والعمال وتبني حالات مرضية للعلاج في الدول العربية وتوفير الادوية خاصة للأمراض العضال والصعبة، وبما يقدم الحالة الرسمية العربية بصورة مختلفة ومغايرة باعتبارها حالة داعمة للشعب الفلسطيني.. التطبيع وسبل مواجهته:
تعيش المنطقة العربية العديد من الازمات والصراعات المدعومة امريكيا واسرائيليا بهدف اشغال الشعوب العربية بصراعات عبثية تخدم المشروع الامريكي الذي لا يستهدف الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية فحسب بل ايضا كل الشعوب العربية المطالبة بإعادة الاعتبار لدورها القومي في نصرة القضايا العربية المحقة والعادلة ومواجهة سياسات خلق الصراعات الوهمية وتقديمها على الصراع الاساس الذي هو سبب لجميع الازمات في المنطقة ما يتطلب كمهمة مباشرة اقفال جميع ابواب التدخلات الاجنبية وتبني سياسات وطنية تلبي حاجات المجتمعات العربي ورفض كل عمليات التطبيع بكل اشكالها وتفعيل المقاطعة الاقتصادية للمنتوجات الامريكية والاسرائيلية.. وتشكيل حاضنة عربية للقضية الفلسطينية بجميع عناوينها خارج اطار الصراعات الاقليمية، بما يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للعرب وان اسرائيل هي العدو الرئيسي لجميع الشعوب العربية.. الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لفلسطينيي لبنان:
يقيم في لبنان، وفقا للأرقام المعلنة، ما يزيد قليلا عن (250) الف نسمة يتوزعون على عدد من المخيمات التي تفتقر الى الحد الادنى من مقومات الحياة، في ظل ازمة اقتصادية واجتماعية صعبة تترجمها المعطيات الرقمية للمؤسسات المعنية والتي تشير احداها الى ان معدلات الفقر المدقع بين اوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تجاوزت (5 بالمائة) مقارنة مع معدلات الفقر العام التي تجاوزت نسبة (65) بالمائة ناهيك عن الدمار الذي لحق بمخيم نهر البارد وتشرد اهله والوضع الامني القلق نتيجة انعكاس الصراعات الاقليمية على المخيمات. وهذا ما يتطلب تصحيح العلاقات الفلسطينية – اللبنانية خاصة على المستوى الرسمي للدولة اللبنانية التي وان كان موقفها السياسي متقدما لجهة دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية ورفض المشروع الامريكي الاسرائيلي، الا انها في العلاقة مع فلسطينيي لبنان تعتمد، وبشهادة اللبنانيين أنفسهم، سياسة تفتقد الى المعايير الانسانية المطلوبة، او لجهة تخفيض خدمات وكالة الغوث، واقفال الدول العربية، خاصة الخليجية لأبوابها امام العمال والخريجين. الامر الذي يدفع نحو تهجير للمنافي البعيدة للبحث عن لقمة عيش وهذا ما يضعف نضال اللاجئين ولا يسهم في تعزيز الموقف الفلسطيني اللبناني المشترك للحفاظ على حق عودتهم والتصدي لمشاريع التوطين والتهجير.
إن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في الوقت الذي يجددون تمسكهم بحقهم في العودة الى ديارهم وفقا للقرار 194 يدعون ومن موقع الاخوة القومية والانسانية لمعالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي بات يشكل استمرارها خطرا على المجتمع الفلسطيني. الى تحصين الحالة الفلسطينية باتباع سياسة اقتصادية – اجتماعية توفر شبكة امان اجتماعي للاجئين وتعزز مواقفهم الرافضة لصفقة القرن التي تستهدف الفلسطينيين واللبنانيين في آن. وهذا ما يتطلب دعما عربيا مباشرا سواء لجهة اخراج المخيمات الفلسطينية من واقع البؤس الذي ترزح تحت وطأته او لجهة استجابة الدولة اللبنانية لإقرار الحقوق الانسانية والاجتماعية خاصة حق العمل والتملك واعمار مخيم نهر البارد والمساهمة في معالجة الاوضاع الصحية والبيئية التي تعيشها المخيمات وغيرها من مشكلات تحتاج الى حلول، الى جانب الحفاظ على الأونروا وتحسين خدماتها الصحية والتعليمية والاغاثية...»
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
بيروت في 20 كانون الثاني 2019