تقليص برنامج الأغذية العالمي.. عجز في التمويل أم ابتزاز سياسي؟
2018-12-30
غزة (الاتجاه الديمقراطي) (تقرير وسام زغبر)
أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (19/12/2018) أنه يواجه عجزًا كبيرًا في التمويل، مما سيؤثر على حوالي 193 ألف شخص، من الفئات الأشد احتياجاً وفقراً في قطاع غزة والضفة الفلسطينية بدءاً من كانون الثاني/ يناير 2019.
وأثار هذا الإعلان العديد من التساؤلات حول توقيت وقف البرنامج مساعداته لنحو 27 ألف شخص في الضفة الفلسطينية وتقليص المساعدات للمستفيدين الباقين في الضفة والقطاع لـ80% من مستحقاتهم الشهرية، في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني.
ليست المرة الأولى التي يُخفض البرنامج مساعداته في فلسطين، فمنذ أربع سنوات يشهد «الأغذية العالمي» سلسلة من التقليصات تستهدف عدد المستفيدين وقيمة البطاقة الشرائية الالكترونية، متذرعاً أنه يواجه نقصاً حاداً في التمويل بنحو 57 مليون دولار يهدد تقديم مساعداته لنحو 360 ألف شخص في الضفة والقطاع خلال العام 2019. الفئات الأشد احتياجاً
وقال ستيفن كيرني، ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره في فلسطين: إن «مساعدات برنامج الأغذية العالمي يستهدف الفئات الأشد احتياجاً والأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي الذين يصنفون على أنهم في حالة من الفقر المدقع؛ حيث تكافح الغالبية العظمى منهم للعيش بأقل من دولار واحد في اليوم، كما أنهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء، والملبس، والمسكن».وأضاف كيرني: أن «سحب وتقليص استحقاقاتهم الغذائية قد يجعل تلك الفئات تلجأ للتخلي عن المزيد من الوجبات، وتحمل أعباء ديون إضافية، وتسريب أولادهم من المدارس، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية السائدة وعدم الاستقرار في قطاع غزة».
من جهته، قال وكيل وزارة التنمية الاجتماعية في الحكومة الفلسطينية داوود الديك، إن «برنامج الأغذية العالمي يغطي 360 ألف شخص في الضفة والقطاع من غير اللاجئين، ويوفر الأمن الغذائي للأسر الفقيرة والمحرومة». مضيفاً: «التخفيض في البرنامج سيطال 27 ألف شخص في الضفة في المرحلة الأولى بدءاً من العام 2019، ولدينا خشية أن تطال التقليصات 193 ألف شخص في الضفة والقطاع منتصف العام القادم».
وأوضح الديك، أنه ليست المرة الأولى التي يُخفض البرنامج مساعداته في فلسطين، فمنذ أربع سنوات يشهد البرنامج سلسلة من التقليصات تستهدف عدد المستفيدين من البرنامج وقيمة البطاقة الشرائية الالكترونية. مشيراً إلى أن البرنامج سيخفض قيمة المساعدات والسلع الأساسية للفرد الواحد خلال الشهر من 10 دولارات إلى ثمانية. تسييس المساعدات الإنسانية
وأضاف«نحن نرى أن التقليصات جاءت نتيجة تسييس المساعدات الانسانية والابتزاز السياسي جراء وقف الولايات المتحدة الأميركية تمويل المؤسسات الدولية التي تقدم خدماتها للشعب الفلسطيني. حيث أن 40% من موازنة برنامج الأغذية يعتمد على الولايات المتحدة». مطالباً المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء تلك التقليصات التي تطال برنامج الأغذية العالمي.
وبين الديك، أنه في حال توقف برنامج الأغذية وعدم توفر بدائل له، سيؤثر على الأسر الفقيرة وقدرتها على تلبية احتياجاتها الغذائية العاجلة، وسيزيد من هشاشتها وخاصة الأطفال، كما سيؤثر على المستوى البعيد على رأس المال البشري الفلسطيني، ويلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، عن طريق شبكة تضم 185 متجراً في قطاع غزة والضفة الفلسطينية تتعاقد مع هذا البرنامج، وخاصة في ظل التقليصات التي تطال وكالة «الأونروا» للاجئين. الأطفال والنساء الأكثر تضرراً
واتفق أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة الأزهر بغزة د. سمير أبو مدللة مع وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، انه في حال توقف البرنامج أو تطاله التقليصات، سيلحق الضرر على الأسر المحتاجة التي تعتاش على البرنامج، وأصحاب المحلات التجارية والمؤسسات الغذائية وقطاع الصناعات الزراعية، ومنتجي الألبان المحليين، والمزارع الصغيرة التي تعتمد على 90% من مبيعاتها على البرنامج في الضفة والقطاع.
وأوضح أبو مدللة، أن مشروع المساعدات الذي يموله برنامج الأغذية العالمي وتنفذه وزارة التنمية الاجتماعية يسد احتياجات نحو 120 ألف شخص في قطاع غزة بالمواد الأساسية، عبر نظام القسائم الشرائية.
وأكد أبو مدللة أن وقف البرنامج أو تقليصه سيزيد من نسبة انعدام الأمن الغذائي التي تصل في قطاع غزة إلى 70%، وسيزيد فقر الدم في صفوف الأطفال (250 ألف طفل في قطاع غزة بحاجة إلى تغذية وفق اليونيسيف)، ولدى النساء الحوامل. لافتاً إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة 54% مقارنة بـ18% في الضفة الفلسطينية وفق مركز الإحصاء الفلسطيني، فيما أن 53% من سكان القطاع فقراء بينما 80% يتلقون مساعدات من مصادر مختلفة (مليون نسمة من وكالة «الأونروا» + 80 ألف أسرة من وزارة التنمية الاجتماعية بنحو نصف مليون شخص، فيما الباقي من برنامج الأغذية وبرامج أخرى).
وقال أبو مدللة، إن «ما يقدم لبرنامج الأغذية نحو 57 مليون دولار هو مبلغ بسيط بالنسبة للمانحين وبإمكان الأمم المتحدة تغطيته». مستدركاً، «لكن في كل شهر من كل عام يجري الحديث عن عجز في البرنامج وتطاله التقليصات».