■ في دول العالم الثالث، حيث لم تترسخ الديمقراطية بشكل قوى، تكون سلطة القانون ضعيفة، وتكون الفواصل بين السلطات غائمة، ومتحركة، بحيث يمكن لسلطة أن تتغول على سلطة أخرى، خاصة السلطة الأمنية، أو السلطة السياسية التنفيذية على السلطة القضائية؛ وبحيث يكون لذهاب رئيس، بعد أن يكون قدقضى فترة زمنية طويلة على رأس السلطة، ولمجيء رئيس جديد، أثره الكبير، وبصماته الواضحة على طبيعة النظام السياسي القائم. فكيف الحال بنظام سياسي لسلطة فلسطينية تحت الاحتلال، مقيدة بقيود أوسلو وبروتوكول باريس، وقيود التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال؟ وكيف الحال في نظام سياسي، لم تتبلور بعد شخصيته النهائية. فلا هو سلطة ذات سيادة، ولا هو في الوقت نفسه حركة تحرر وطني متحررة من القيود: قيود الاحتلال، وقيود السلطة في تنسيقها مع الاحتلال. خاصة وأنها حركة تحرر وطني، افتقرت إلى نقطة ارتكاز خلفية تساندها، كنقاط الارتكاز التي توفرت لحركات التحرر في الجزائر [تونس والمغرب] واليمن الجنوبي [اليمن الشمالي] وفيتنام الجنوبية [فيتنام الشمالية] وكوبا [مناطق محررة تحت السيطرة الكاملة لحركة المقاومة].
هذا هو السؤال البارز الذي فرض نفسه على الحالة السياسية الفلسطينية بعد وصول الرئيس محمود عباس إلى السلطة، خلفاً للرئيس عرفات. خاصة وأنه وصل إلى السلطة، بعد طول اعتكاف بسبب خلافات محتدمة مع سلطة عرفات، أدت به إلى الاستقالة من رئاسة الحكومة، ومقاطعة اجتماعات اللجنتين التنفيذية في م.ت.ف، و«المركزية» لحركة فتح. وأنه، عند ترشيحه للرئاسة، اصطدم بمعارضة شرسة، من تيار مروان البرغوثي، مما اضطر فاروق القدومي، رغم خلافه المعلن مع عباس، إلى التدخل، بصفته أمين سر اللجنة المركزية لفتح، وتهديد المعارضين لعباس بالفصل من الحركة، ومما اضطر عباس أيضاً، للدخول في تسوية مع تيار البرغوثي، التزم فيها عباسبمنح قيادات في هذا التيار مواقع متقدمة في لوائح ترشيح فتح في انتخابات المجلس التشريعي الثاني.
(2)
حين وصل عباس إلى السلطة أدلى بتصريح من شقين:
• الأول: أعلن أنه تسلم كل شيء مدمراً. في محاولة للغمز من قناة الراحل عرفات، وفي إشارة أراد منها أن يقدم نفسه باعتباره رجل المؤسسات، وإن خطوته الأولى تمتثل في إعادة بناء هذه المؤسسات وإطلاق سراحها لتتحمل أعباء مسؤولياتها.
• الثاني: أنه أعلن التزامه بالمفاوضات خياراً وحيداً للحل مع الجانب الإسرائيلي، وكرر رفضه لكل أشكال العنف، وتمسكه بما أسماه «الانتفاضة والمقاومة السلمية»، دون أن يقدم تعريفاً أو نموذجاً لمثل هذه الانتفاضة أو هذه المقاومة.
وفي هذا السياق، سياق رفض «العنف» والتمسك بالمفاوضات خياراً وحيداً، خطا الرئيس عباس خطوتين، واحدة داخل فتح، والأخرى مع الجانب الإسرائيلي.
• داخل فتح، عمد إلى حل «كتائب الأقصى» الذراع العسكري للحركة. علماً أنه كان منذ الأساس ضد تشكيل هذه «الذراع»، واتهم عرفات، في أحد اجتماعات اللجنة التنفيذية، أنه [أي عباس] كان آخر من يعلم بقرار تشكيل «كتائب الأقصى»، علماً أنه عضو في اللجنة المركزية لفتح [التي لم تتخذ قراراً بالتشكيل ــ حسب قوله] وأنه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرر الفلسطينية. وطلب إلى مساعديه الدخول في مفاوضات لتسوية أوضاع عناصر «الأقصى» مع سلطات الاحتلال بمن فيهم «المطاردون» والذينلجأوا إلى مقر الرئيس عرفات (المقاطعة) للاحتماء.
• أما على الصعيد الوطني، فقد التقى رئيس حكومة إسرائيل (آنذاك) شارون في شرم الشيخ في 8/2/2005، واتفق معه على وقف لإطلاق النار في المناطق الفلسطينية المحتلة. أي الإعلان عن نهاية الانتفاضة الثانية. وفي الحالتين، خطا الرئيس عباس خطواته، دون التشاور مع باقي الأطراف، إن داخل م.ت.ف، أو خارجها، وهم جميعهم شركاء في الانتفاضة [القوى الخمس: ديمقراطية، فتح، شعبية، حماس، والجهاد].
ولأن الرئيس عباس لم يكن قد ثبت أقدامه بعد، في مواقعه الجديدة [ رئيساً لفتح، واللجنة التنفيذية، وللسلطة الفلسطينية] عمد، وبالتشاور مع القاهرة، للدعوة لحوار وطني شامل (أي يضم الجميع) لتأكيد قرار وقف إطلاق النار الذي توصل إليه مع شارون في 8/2/2005. وقد رغب الرئيس عباس أن يتغيب عن الحوار، باعتباره حواراً فصائلياً، وباعتباره هو رئيساً للسلطة، وليس طرفاً في الحوار. غير أن إصرار الفصائل الفلسطينية على حضوره الحوار، مثله مثل باقي الأمناء العامين، دفع القاهرة للضغط عليه، فحضر جولة آذار (مارس) 2005. وكاد أن يخرج، في تفاهم جانبي مع حماس، بقرار يتيم من هذا الحوار، هو الموافقة على وقف إطلاق النار، حتى نهاية العام 2005، على أن يبحث تجديده في الموعد المناسب. غير أن تدخل نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أجهض هذه الخطوة الثنائية، وقال مخاطباً أبو مازن: «نحن لم نأتِ إلى القاهرة لنبحث وقف إطلاق النار، فقد اتفقت على هذا الأمر مع شارون. نحن هنا لنعيد بناء المؤسسة الوطنية الفلسطينية التي اعترفت أنت أنك تسلمتها مدمرة».
وهكذا عاد الحوار إلى نقطة الصفر، بحيث تم بحث أوضاع النظام السياسي من أساسه، وضرورة إدخال إصلاحات جوهرية عليه. وبحيث تكون عملية الإصلاح عملية جماعية، تتوافق على عناصرها وأهدافها القوى السياسية الناشطة في الساحة الفلسطينية.
(3)
أربع قضايا كبرى طرحت في سياق إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، وإعادة بناء مؤسساته.
• القضية الأولى، هي إعادة انتخاب المجالس البلدية والمحلية المعطلة والقائمة على التعيين، بكل ما في عملية التعيين من فساد وإفساد وهدر للمال وشراء الذمم وتكريس الزبائنية.
• القضية الثانية، هي انتخاب مجلس تشريعي جديد، بعد انتهاء الولاية القانونية للمجلس التشريعي الحالي، والمشكل بشكل كامل من فتح، بعد أن قاطع الجميع الانتخابات في حينه.
• القضية الثالثة: وهي التي طرحها رئيس وفد «الديمقراطية» (حواتمة)، حين طالب بقانون انتخابات جديد وعصري، يقوم على نظام التمثيل النسبي، «حيث لا يكون لأحد فرصة الاستحواذ على الأغلبية المطلقة(أي النصف+1) وبحيث يتم تكريس مبادئ الائتلاف والشراكة الوطنية بالقوانين، ونغادر بشكل نهائي صيغة «الكوتا» من جهة، وصيغة الأغلبية التي تشطب الأقلية وتستحوذ على كل شيء وتهميش الآخرين وتقصيهم، حتى ولو بأغلبية الصوت الواحد». وأكد حواتمة أن هذا القانون «هو الذي من شأنه أن يحدث الإصلاح الحقيقي وأن يفتح الباب لأوسع طيف في المجتمع للانتساب إلى المؤسسة عبر الانتخابات، وأن هذا النظام هو الذي من شأنه أن يعطي لكل طرف ما يستحق بما يتناسب مع نفوذه الجماهيري.
هذه الخطوة المفصلية، التي اقترحها حواتمة، قوبلت من قبل فتح وحماس بالتالي:
- حماس أخرجت نفسها من معركة تكريس قانون انتخابات جديد، ومعركة إصلاح النظام السياسي، حين قال رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل: «حماس مع أي قانون تتفقون عليه». واكتفى بذلك. بحيث بقيت «الديمقراطية» وأطراف أخرى وحدها في أرض المعركة.
ــــــ وفد فتح تذرع بأن هذا الحوار لا نملك صلاحيات القرار، وأن السلطة باتت سلطة مؤسسات. وأن المجلس التشريعي (وكله من فتح) هو الوحيد المخول بتعديل قانون الانتخابات، ونحن في هذا الحوار لا تملك سلطة إلزام المجلس التشريعي بشيء.
وكان واضحاً أن حماس كانت تراهن على قوتها، وأنها تضمن فوزها في أية انتخابات، أياً كان قانون الانتخابات ونظامها.
أما فتح فقد تخوفت أن يؤدي هذا القانون الجديد إلى إضعاف حصتها، خاصة وأنها كانت على ثقة أنها في الانتخابات القادمة، المحلية والتشريعية، ستبقى هي الطرف الأكبر، والمهيمن على المؤسسة.
وبعد احتدام النقاش قيل بصراحة: إن التشريعي كله من فتح. وموافقة قيادة فتح ورئيسها على القانون الجديد، يفترض أن تكون، من الزاوية «الحركية» ملزمة لأعضاء التشريعي. إذ كان واضحاً أن بعض قيادة فتح كانت تتخوف من النظام الجديد، من أن يؤدي إلى استبعاد البعض لصالح آخرين. أي أنها حسابات من جهة حركية فئوية، ومن جهة أخرى حسابات شخصية ولو على حسابات إصلاح النظام السياسي وتطويره وتعزيز مكانته ومكانة وقدرة الحالة الوطنية على الصمود في المعركة الوطنية.
• القضية الرابعة: تبلور النقاش بضرورة اعتماد صيغة حوار 2005 كصيغة دائمة مع تطويرها، بحيث تضم اللجنة التنفيذية والأمناء العامين، ورئيس المجلس الوطني، وشخصيات مستقلة تمّ التوافق على تسميتها.
لماذا هذه الصيغة؟
جوهر القضية تمثل بالتالي: أن الحوار تناول أوضاع السلطة (بلديات ومجالس محلية ومجلس تشريعي) ولم يتناول أوضاع م.ت.ف. وبالتالي لا بد من وجود صيغة تكون معنية بالعمل على مراجعة أوضاع م.ت.ف، وتفعيل وتطوير مؤسساتها. فالمجلس الوطني معطل منذ 1996. وهناك أطراف فلسطينية خارج اللجنة التنفيذية، كما أن المجلس التشريعي، اتخذ قراراً اعتبر أعضاء التشريعي أعضاء في المجلس الوطني، وبالتالي فإن أية انتخابات للتشريعي، تشارك فيها حماس أو الجهاد، أو غيرها، معناها أن هذه القوى دخلت إلى «الوطني» من بوابة «التشريعي»: فضلاً عن هذا كله، باتت هناك قناعة لدى الأطراف كلها أن م.ت.ف، هي «الخيمة الأخيرة» الواجب أن يصونها الجميع. من هنا تشكلت هذه الهيئة التي يطلق عليها تارة «الإطار القيادي الموحد»، وتارة، أخرى «هيئة تفعيل وتطوير مؤسسات م.ت.ف»، (وهي الهيئة التي إجتمعت في القاهرة على مدار السنوات الماضية عدة مرات لبحث قضايا الانقسام، وتطوير قوانين الانتخابات وقضايا إصلاحية أخرى).
(4)
انتقل قرار الإجماع الوطني الفلسطيني بإصلاح النظام الانتخابي، بقانون انتخابات جديد، وعصري، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، إلى المجلس التشريعي، ليقره بقانون ، كان المجلس كله مشكلاً من نواب حركة فتح. غير أنه اتخذ من مشروع القانون الجديد موقفاً سلبياً ورافضاً لما تم الإجماع عليه في القاهرة، وظهرت كتلة كبيرة في «التشريعي» متمسكة بنظام الأكثرية والأقلية، وهو نظام إقصائي تهميشي غادرته دول العالم، واتجهت نحو نظام جديد عصري ومتطور. أصر نواب فتح، على التمسك بنظام انتخابي هو الأكثر تخلفاً في العالم. وتوزعت معارضة القانون الجديد في الاتجاهات التالية:
• اتجاه يعتقد أن فتح، في الانتخابات القادمة، سوف تستحوذ على أغلبية الأصوات، وإنها حتماً ستفوز مرة أخرى بالمقاعد كافة، وفق نظام الدائرة الفردية، وأنها لن تجد قوة سياسية فلسطينية تستطيع منافستها وانتزاع ولو دائرة واحدة منها. لذلك رفضت التمثيل النسبي حتى لا تفتح الباب لآخرين للفوز هنا وهناك.
• اتجاه يعتقد أن زعامته المحلية، الموروثة عن العائلة، هي الكفيلة بتأمين الفوز له. وبالتالي إذا اعتمدت لائحة التمثيل النسبي الكامل، فمن المحتمل عندئذ، أن لا يضمن له موقعه في اللائحة الفوز في الانتخابات. لذلك رفض التخلي عن قانون الدائرة الواحدة. وشدد على التمسك به.
لكن ما جرى لاحقاً، شكل صدمة كبرى لفتح حين جرت الدورة الثانية من الانتخابات المحلية والبلدية، ونافستها فيها حماس، التي فازت بمعظم المجالس البلدية والمحلية، وخرجت فتح من هذه الانتخابات الخاسر الأكبر.
عندها توقفت فتح لتتأمل ولتخلص إلى أنه لو تمت الانتخابات المحلية بنظام التمثيل النسبي، لأمكن الفوز في معظم البلديات، في شراكة مع حركة حماس ومع قوى أخرى من فصائل م.ت.ف. ولأمكن عندها تنظيم تحالفات داخل المجالس المحلية والبلدية المتلونة فصائلياً، ولأمكن الفوز بالرئاسة، والحفاظ على موقع فتح القيادي والحفاظ على «هيبتها» باعتبارها «الفصيل الأكبر» في الساحة الفلسطينية.
وعلى قاعدة هذه الخلاصة، والتي جاءت متأخرة، اقتنع صف من نواب فتح بضرورة تعديل قانون الانتخابات. وعندها تم استعراض ثلاثة قوانين:
• قانون التمثيل النسبي الكامل، بحيث تكون الضفة والقدس والقطاع دائرة واحدة. وتخاض الانتخابات باللوائح، وتطوى صفحة الدائرة الفردية.
• قانون المناصفة، بحيث تكون نصف المقاعد دوائر فردية، ويكون النصف الآخر بالتمثيل النسبي.
• قانون آخر، تكون ثلاثة أرباع المقاعد بالدائرة الفردية، والرابع فقط بالتمثيل النسبي.
وكان واضحاً أنوراء هذا الخلاف، حول أي من القوانين يعتمد «التشريعي»، مصالح فردية وفئوية، ولم يتم أخذ المصلحة الوطنية بالاعتبار، بحيث يتم توحيد القوى السياسية تحت سقف المجلس التشريعي بطريقة ديمقراطية عادلة يكون الفصل فيها، للشارع في تحديد أحجام القوى.
وفي إطار صراع غير مبدئي، توصل نواب فتح إلى اعتماد مبدأ المناصفة، أي انتخاب نصف المقاعد بالدائرة الفردية، والنصف الآخر بالتمثيل النسبي.
(5)
رغم التحذير من خطورة هذا القانون، إلا أن فتح، أصرت على العمل به. والعودة إلى نظام الدائرة الفردية. وجرت الانتخابات التشريعية في 20/1/2006، وأسفرت عن نتائج أحدثت هزة في الحالة الفلسطينية.
• فقد حازت حماس بالدائرة الفردية على 45 مقعداً.
بينما لم تفز فتح إلا ب17 مقعداً لا غير، أي أقل من حماس بـ 28 مقعداً.
وفاز 4 مستقلون بأربعة مقاعد، تبين أنهم تلقوا دعماً من حماس. أي أن حماس حصلت في الدائرة الفردية على 49 مقعداً؛ من الناحية العملية.
• أما في التمثيل النسبي فقد كانت النتائج مغايرة.
إذ حصلت حماس على 29 مقعداً فقط
بينما حصلت فتح على 28 مقعداً أي أقل من حماس بمقعد واحد.
بينما حصلت الكتل الأخرى على باقي المقاعد.
أي أن حماس حصلت على أكثر من نصف مقاعد المجلس التشريعي، وبالتالي أصبحت سلطة التشريع بيدها، هي وحدها، إلا بما يتعلق بتعديل الدستور، والذي يتطلب ثلثي الأصوات، وهو مالم تحققه في الانتخابات.
وهكذا بتنا أمام نظام سياسي يحمل الالوان التالية:
• الرئيس من حركة فتح. ويحمل برنامجاً سياسياً، هو تطبيق اتفاق أوسلو، والالتزام بقيوده السياسية والأمنية والاقتصادية.
• المجلس التشريعي، بأغلبيته المطلقة، ورئاسته، من حركة حماس، التي ترفع مبدأ إسقاط أوسلو، وإقامة الدولة الإسلامية. (آنذاك)، ولا تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وتقدم نفسها بديلاً للمنظمة.
• رئيس حكومة (إسماعيل هنية) وعموم وزراء حكومته من حماس.
وقد حاول رئيس السلطة أن يستدرك الأمر، قدر المستطاع، بأن استبق تشكيل حكومة حماس، بأن أحال الكثير من صلاحيات ومهام رئيس الحكومة إلى صلاحيات ومهام رئيس السلطة، خاصة قضايا الإعلام والمال والأمن. وهي، كما هو معروف في عالم السياسة، عصب السلطة وأداتها الرئيسية.
وكان واضحاً للمراقبين أن الحالة الفلسطينية، وتحت وطأة قانون الانتخابات المتخلف، والذي أصر نواب فتح على التمسك به ظناً منهم أنه سيكفل لهم مصالحهم الفئوية والفردية، قد انقسمت إلى سلطتين، لكل سلطة مشروعها السياسي، وأن كل طرف منها بدأ يدق طبول الحرب:
• فتح من جانبها لاستعادة نفوذها المفقود. ظناً منها أن الأمر يتعلق بأخطاء إدارية ارتكبت في الانتخابات ويمكن معالجتها بإجراءات إدارية.
• حماس التي وقف رئيس مكتبها السياسي يصرح قائلاً: «بالأمس البلديات، واليوم المجلس التشريعي، وغداً منظمة التحرير الفلسطينية».
وهكذا بات واضحاً أن الحالة الفلسطينية باتت تعيش في ظل نظام سياسي فاشل، منقسم على نفسه، أخذت أطرافه المتصارعة بتحضير العدة لخوض المعركة القادمة: الحرب الأهلية.■