أدرجت إسرائيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» على سلم استهدافاتها، وأصبح إنهاء وجودها في القدس الشرقية هدفاً مباشراً، إذ وضعت بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس الشرقية المحتلة خطة لإغلاق كافة مؤسسات الوكالة بما فيها المدارس والعيادات ومراكز الخدمات المعنية بالأطفال تمهيداً لإنهاء عملها.
وكشفت قناة الأخبار الإسرائيلية في تقرير إعلامي (4/10/2018)، أن «إسرائيل ستغلق كافة مؤسسات «الأونروا» في القدس الشرقية، وستعمل على إلغاء تعريف مخيم شعفاط شمالي القدس كـ«مخيم للاجئين»».
وأفاد التقرير أن إسرائيل بصدد مصادرة جميع مباني الوكالة في القدس، ونقل ملكيتها إلى بلدية الاحتلال، مشيراً إلى أن هذا المخطط الذي تمت صياغته بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، سيعرض على الحكومة للمصادقة عليه، دون تحديد موعد لذلك، إذ ستصدر وزارتا التعليم والصحة أوامر فورية بإغلاق جميع المؤسسات التابعة لـ«الأونروا».
وأضافت القناة التلفزيونية، أن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في آب الماضي، إيقاف مساعدات واشنطن المالية لـ«الأونروا»، شجع رئيس بلدية الاحتلال نير بركات، الذي ينهي عمله قريباً، إلى المضي قدماً في اتخاذ إجراءات بحق الوكالة الأممية في القدس المحتلة.
وقال بركات، إن ««الأونروا» كانت مذنبة في الحد من التنمية في القدس الشرقية»، على حد زعمه، وأضاف: «سنغلق مدارس «الأونروا» ونسمح للمقيمين باختيار المدارس التي يمكنهم إرسال أطفالهم إليها، وسيكون لديهم نفس الفرص مثل 99% من سكان القدس».
وفي سياق حملات التضييق المتواصلة على عمل «الأونروا»، اقتحم طاقم من وزارة الصحة الإسرائيلية معزز بقوات من جيش الاحتلال (8/10/2018)، عيادة «الزاوية الهندية» التابعة لـ«الأونروا» في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، بذريعة فحص الأدوية الموجودة في صيدليتها.وتدير «الأونروا» مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين، وهو المخيم الوحيد في المدينة ويزيد عدد سكانه عن 20 ألفاً بينهم، 11 ألفاً مسجلون لدى الأونروا.
وقالت «الأونروا» في بيان لها،( 5/10/2018)، إنها« تدير العمليات الإنسانية في توافق مع ميثاق الأمم المتحدة، والاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف التي لا تزال سارية، وقرارات الجمعية العامة ذات العلاقة»، وأضافت، أن «الوكالة مكلفة تحديداً من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقديم الحماية والمساعدة للاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، إلى حين التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي».
وأوضحت «الأونروا» أن تصريحات رئيس بلدية الاحتلال تتعارض مع المبادئ المحورية للعمل الإنساني النزيه والمستقل ولا تعكس الحوار والتفاعل النشط والمنظم الذي تحافظ عليه كل من الأونروا مع إسرائيل تقليدياً.
تصفية عمل «الأونروا»
من جانبه، اعتبر رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أبو هولي، تصريحات بركات تصعيداً خطيراً تتحمل حكومة الاحتلال تبعاته، محذراً في الوقت ذاته من النتائج الخطيرة المترتبة على لجوء حكومة الاحتلال لطرد «الأونروا» من القدس أو المساس بمؤسساتها ومقراتها، على أمن واستقرار المنطقة، ودعا المجتمع الدولي للوقوف أمام مسؤولياته لحماية وكالة الغوث والحفاظ على حياة اللاجئين الفلسطينيين.
وشددت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، في بيان لها (5/10/2018)، أن خطة بلدية الاحتلال تهدف لتصفية عمل «الأونروا» في القدس الشرقية وإيقاف عملها، بما يشمل إغلاق سبع مدارس تقدم خدماتها التعليمية لحوالي 1800 طالب وطالبة، والسيطرة على ملاعب رياضية ومراكز للتعليم المهني والتقني، وإغلاق عيادات صحية، مضيفة أن «إسرائيل تسعى لتهويد القدس الشرقية ومحو هويتها الفلسطينية».
ويسعى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى تفكيك «الأونروا» وشطب حق العودة. ففي شهر يناير/كانون الثاني الماضي أعلن نتنياهو أن «الأونروا» تهدف إلى إدامة «حكاية ما يسمى بحق العودة من أجل القضاء على دولة إسرائيل، ولذلك ينبغي أن ترحل «الأونروا» عن هذا العالم»، وبعد أن حقق نصراً معتبراً بإقناع ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وضع نتنياهو عينيه على جائزة إستراتيجية أخرى، ألا وهي تصفية قضية اللاجئين.
إجراءات التهويد
وأصدرت «اللجنة القطرية للتخطيط والبناء الإسرائيلية» مخططاً لإقامة 4700 وحدة استيطانية على أراضي قرية الولجة الواقعة إلى الجنوب الغربي لمدينة القدس الشرقية، والغنية بالآثار والمياه الجوفية والينابيع.
وتواصل إسرائيل عملياتها التهويدية والاستيطانية التوسعية في القدس الشرقية بخطى متسارعة لفرض وقائع جديدة لتهويد المدينة والتضييق على سكانها الفلسطينيين لتهجيرهم، بتشجيع من إدارة ترامب بعد الاعتراف الأميركي بالقدس الشرقية عاصمة لإسرائيل وإيقاف تمويل «الأونروا» والعمل على تجفيف مواردها المالية في خطوات متدحرجة في إطار تطبيق خطة «صفقة العصر».
وتعمل إسرائيل على عزل القدس الشرقية عن الضفة الفلسطينية وابتلاعها بالاستيطان اليهودي، والتي كان آخرها قرارها بشأن إخلاء وهدم قرية الخان الأحمر شرقي القدس لتوسيع مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم وتنفيذ مشروعها الاستيطاني المسمى «E1» لتفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني في إطار تطبيق ما يسمى «قانون القومية» الذي يعتبر تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية وتعمل الدولة اليهودية على تشجيعه ودعم إقامته.
وتصّعد إسرائيل حربها على الوجود الفلسطيني ومؤسسات «الأونروا» في القدس الشرقية، فيما تقف القيادة الرسمية الفلسطينية مكتوفة الأيدي أمام الخطوات الإسرائيلية المتسارعة، وتكتفي باللغة الكلامية دون خطوات عملية لدعم صمود أبناء القدس الشرقية ومواجهة سياسة التهويد والاقتلاع والحصار الإسرائيلية.