يتوقع توماس فريدمان حرباً قريبة بين إسرائيل وإيران، بعد أن تحصل إسرائيل على حرية التعامل مع إيران، ما يشكل خطراً كبيراً على منطقة الشرق الأوسط. لكن الجديد في الموضوع هو دخول قوات عربية إلى سورية يكون ضمن مخطط الحرب التي ستحل كل مشاكل المنطقة، وتفرض واقعاً جديداً يرغم الجميع على القبول به. لكن التكهن حول نتائج الحرب أمر مستحيل، باستثناء أن تقسيم العراق وسورية سيكون أمراً واقعاً. إن القوانين الطبيعية لا تسمح أن تستقر التناقضات في كيان لا ينسجم معها. ولذلك تحدث الحركة بفعل التنافر والتضاد في عملية خلق استقرار أو انسجام في ما نسميه الواقع. الحرب، رغم بشاعتها، تعتبر من الوسائل التي تنتج الحل عندما تتعقد الإشكالات وتعجز العقول عن إيجاد صيغة لمعادلة مقبولة من خلال السياسة. وفي خضم التشابك القائم حالياً تعتبر أميركا موضوع التقسيم من أهم المشاريع التي وضعتها للمنطقة، فشرط الانسحاب الأميركي من العراق تضمن الموافقة على تقسيمه وفق مخطط وضعته الإدارة الأميركية، وتم الاتفاق عليه بين أميركا وإيران بموافقة بعض دول الخليج، ووقّع عليه كبار السياسيين ممن يديرون العملية السياسية في العراق، وبينهم الحزب الإسلامي والأكراد وجميع القيادات السنية والشيعة. لكن السؤال متى ولماذا التأجيل؟ في قراءة الواقع السياسي العراقي، تمثل التنظيمات المسلحة في المناطق الغربية العائق الأول أمام تأجيل قرار التقسيم. وليس المقصود التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و «القاعدة»... فهذه عبارة عن أدوات أميركية وإيرانية يمكن من خلالها تنفيذ أجندة التقسيم، لا سيما أن اللعبة مكشوفة، فإيران تستخدم «الدعشنة» أو «القاعدة» ضد كل من يعارض مشروعها التوسعي في العراق، حيث أن كل قوة مناهضة للمشروعين الأميركي والإيراني متهمة بالإرهاب، بينما «داعش» الحقيقي هو تنظيم استخباراتي تديره أميركا. إن مشروع الحل الشامل الذي تجري حوله مباحثات سرية بين الدول الكبرى سيجعل سورية والعراق في «سلة واحدة»، وهناك خطط موضوعة في هذا الشأن لم تكتمل حتى الآن، لأن روسيا وإيران تعرقلان المخطط. أما بالنسبة إلى تركيا فان «السلطان العثماني» يلعب على كل الحبال. وفي النتيجة أما أن يتوصلوا إلى اتفاق كامل يلبي الشروط وأما أن يذهبوا إلى الحرب. وفي الوقت نفسه هناك وساطات دولية تحاول تأجيل حتمية الصدام والذهاب إلى حرب إقليمية لإعطاء فرصة من أجل الوصول إلى حل سياسي، وهنا يمكن تفسير دور المحور الروسي– الإيراني. ففي الواقع لا يوجد أصلاً حلف بين روسيا وإيران، وكل ما يربطهما هي مصالح مشتركة في سورية وبعض العلاقات الاقتصادية. عندما دخلت روسيا إلى سورية كان هدفها الضغط على أميركا وأوربا في ملفات أخرى تخص أوكرانيا وغيرها. ومن الطبيعي أن روسيا لا تريد أن تخرج من سورية من دون تحقيق أهدافها. وألف باء العلوم السياسية تقول، إن الروس لديهم مشكلات كثيرة مع أميركا والغرب، وهم يحاولون تصفيرها على حساب سورية، لا سيما أن روسيا تستخدم إيران في هذا الموضوع، وعندما تتحقق أهدافها ستترك إيران وحدها في سورية والعراق.
http://www.alhourriah.ps/article/50599