
الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 14/4/2025 العدد 1282
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس/ ذي ماركر 14/4/2025
البورصات ارتفعت، لكن الكابوس يستمر
بقلم: دفنه ميئور
الارتفاع الحاد الذي سجلته في الاسبوع الماضي مؤشرات الاسهم في الولايات المتحدة خفف قليلا الخسائر الباهظة التي سجلت في الشهر والنصف الاخيرين. ولكن محظور الخطأ: الارتفاع الحاد في يوم الاربعاء ويوم الجمعة لا تعتبر مؤشر ايجابي بالنسبة للمستثمرين في الاسهر. بالعكس، هذه اشارة على سوء لا يقل عن الهبوط الحاد.
إن التذبذب الكبير هو من خصائص الازمة. والقيام بخطوة الى الامام وخطوتين للوراء هو شيء معروف لمن شاهدوا ازمات سابقة. في الشهر في اعقاب انهيار “الاخوة ليهمان” في 2008، الذي اعتبر ذروة الازمة المالية الكبيرة، سجل تراجع كل يوم يبلغ 4 – 5 في المئة وحتى 9 في المئة لمؤشر اس.آند بي 500. ايضا كان هناك ارتفاع كل يوم 4 – 6 في المئة، وحتى 11.6 في المئة. بالاجمال كان في ذلك الشهر سبعة ايام تجارة مع هبوط كل يوم، 3.8 في المئة، ولكن كانت اربعة ايام فيها قفزة تبلغ 4 في المئة واكثر.
التذبذب الحاد يوجد له تأثير كبير على الاسواق، بما في ذلك نقص السيولة، الحيوية لعمل الاسواق. في الظروف الحالية، التي فيها خطوة متعمدة لرئيس الاقتصاد الاكبر في العالم تؤدي الى ازمة، التداعيات العميقة والاكثر صعوبة، سواء بالنسبة للولايات المتحدة أو مكانتها كهدف هام واكثر شعبية للمستثمرين في ارجاء العالم.
الجميع يشخصون الى سوق الاسهم
بالنسبة لمعظم الجمهور فان الهبوط الشديد في بورصات وول ستريت تشير اكثر من أي شيء آخر الى الدمار الذي تسببت به خطواته في مجال التجارة للرئيس الامريكي ترامب. اسواق الاسهم تحتل اهتمام الجمهور والعناوين في الاخبار. منذ بدأ ترامب بالفعل في اصدار، بشكل متعثر وعديم الفائدة والمنطق، قرار فرض الجمارك الثقيلة على معظم الاستيراد للولايات المتحدة هبطت مؤشرات بورصات وول ستريت بشكل حاد، وجرت معها كل بورصات العالم.
عوائد مؤشرات اسواق الاسهم تظهر بوضوح أن الولايات المتحدة هي الخاسر الرئيسي بسبب خطوة ترامب، التي يقول بأنها تهدف الى اعادتها الى العظمة. ترامب يؤكد على أن الخسارة ستختفي على المدى المتوسط والبعيد. وحتى أنه قال في هذا الاسبوع “هذا هو الوقت المناسب للشراء”.
في الاسبوع الماضي انتهى بارتفاع في مؤشرات وول ستريت، لكن عوائدها منذ بداية السنة تظهر بأن الولايات المتحدة هي الخاسرة الاكبر، فقط مؤشر “نيكي” (54.39 – 0.02 في المئة). في اليابان هبط بشكل اكبر. اضافة الى ذلك العوائد التي تظهر هنا هي اسمية، أي أنها تذكر بالعملة المحلية. اذا قمنا بمقارنة العوائد بمفهوم الدولارات فسنكتشف أن مؤشر نيكي هبط 7 في المئة مقابل هبوط 8.8 في المئة في مؤشر اس.آند بي 500، والمؤشرات باليورو أو عملات اخرى تعطي عوائد اعلى بمفهوم الدولارات.
مقابل البورصات التي خسرت فان هناك بورصات كبيرة ارتفعت هذه السنة، رغم أنها عانت هي ايضا من ضعضعة الاسبوع الماضي. وول ستريت ليست من بينها. فعوائدها اعلى عندما نقوم بتحويل العملات الى دولارات.
الخسارة في اسواق الاسهم تخلق ضرر كبير للمودعين، واصحاب رؤوس الاموال. ولكن سوق الاسهم الامريكية هي فقط جزء من الصورة المالية الشاملة.
العقارات التي تشير الى الاضرار بالثقة في امريكا
التشخيص الذي يقول بأن ترامب تسبب بضرر كبير بالعقارات الامريكية يصبح حاد اكثر عند النظر الى سوقين هامتين كبيرتين: سوق العملة الاجنبية وسوق السندات. في الازمات المالية، اسواق الاسهم تميل الى المعاناة من هزة سريعة. عندما يخاف العالم من ازمة فان المستثمرين يسارعون الى ملجأ آمن، الدولار الامريكي والسندات الحكومية الامريكية هي الملجأ الاول الذي يذهب اليه المستثمرون في الفترات التي يريدون فيها الحصول على الحماية من الاخطار. اذا نظرنا الى الازمة المالية في 2008 فسنرى أن مؤشر الدولار – سعر الدولار مقابل ست عملات تجارية اخرى – قفز في فترات الهزات القاسية. في أي ازمة اقتصادية قفزة ايضا السندات الحكومية في امريكا. خلال الاشهر القريبة من الازمة في 2008 فان عوائد السندات في عشر سنوات هبطت تقريبا الى النصف – العائد يهبط عندما يرتفع السعر.
في سوق العملات الاجنبية هبط الدولار مقابل معظم العملات في العالم في هذه السنة. هذا الهبوط تسارع في الاسبوع الماضي ازاء المناورات، التراجع والفوضى التي اوجدتها الادارة الامريكية. ترامب بدأ في فرض الجمارك الاكبر في التاريخ تقريبا على كل دول العالم. بعد ذلك قام بالغاء جزء كبير منها، لكنه ابقى على جمرك موحد، 10 في المئة، على الاستيراد الامريكي من جميع الدول، وصعد الحرب التجارية امام الصين، الدولة العظمى التجارية في العالم، الى 125 في المئة. ولكن بعد بضع ساعات تبين أن الجمارك هي في الحقيقة 145 في المئة، لأن المتحدثين بلسان الحكومة نسوا أن هناك 20 في المئة من الضرائب مفروضة على الصين كعقوبة على انتاج مواد خام لمادة التخدير البنتنيل.
-------------------------------------------
هآرتس 14/4/2025
اسرائيل ستبقى بحاجة الى تركيا، التي ثمل القوة لها في سوريا سيكون سيئا لها
بقلم: عومر بارليف
عندما اقتحم الجيش الاسرائيلي قبل بضعة اشهر المنطقة الفاصلة السورية واحتل قمة جبل الشيخ، أنا استغربت. المنطقة الفاصلة السورية التي لا يوجد فيها أي موقع مشغول، اعرفها جيدا من عشرات المرات التي تسللت فيها الى الاراضي السورية عندما توليت قيادة عملية سرية. قمة جبل الشيخ عرفتها بشكل جيد كأحد قادة دورية هيئة الاركان ووحدة المتسلقين عندما تم احتلالها في 1974، قبل التوقيع على اتفاق فصل القوات بين اسرائيل وسوريا. المشهد من قمة جبل الشيخ ورؤية العاصمة دمشق كان في حينه يحبس الانفاس. الآن أنا أتساءل ما هو السبب العملياتي لاحتلال هذه المناطق بالذات الآن؟.
لا حاجة الى أن يكون المرء استراتيجي كي يعرف بأن سوريا، أو ما بقي منها بعد سقوط الاسد، هي اكثر ضعفا مما كانت قبل سقوطه (في حينه ايضا كانت ضعيفة). منذ ثماني سنوات اسرائيل تستخدم اسلوب “المعركة بين حربين” في سوريا، وكانت لها ثلاثة اهداف رئيسية هي تقليل نقل السلاح المتقدم من ايران الى حزب الله في لبنان عبر سوريا، تقليص تمركز ايران في سوريا والاضرار بتمركز حزب الله في جنوب دمشق. في هذه السنوات لم يتم طرح أي طلب، سواء من المستوى الامني أو المستوى السياسي، لخرق اتفاق فصل القوات بين الدولتين الذي تم التوقيع عليه في 1974 بعد حرب يوم الغفران، والسيطرة على المنطقة منزوعة السلاح، بشكل جزئي أو كامل.
هل ظهر لهذا الاحتلال أي دافع استراتيجي بالذات الآن؟ بعد أن طرد الحاكم السوري الجديد، احمد الشرع، الايرانيين من سوريا، وبعد أن تعرض حزب الله لضربة شديدة في حرب “السيوف الحديدية”، ومنذ ذلك الحين يختبيء في لبنان؟. الآن بالذات يجب خرق الاتفاق الذي حرص الطرفين على الالتزام به بشكل كامل تقريبا خلال خمسين سنة؟. البعض سيقولون بأنه سنحت الفرصة بعد سقوط نظام الاسد. ولكن هذا سيكون مثل الادعاء بأنه بعد سقوط نظام حسني مبارك في مصر وتولي الاخوان المسلمين للحكم برئاسة محمد مرسي، كانت هناك ذريعة لاعادة احتلال شبه جزيرة سيناء.
آخرون سيقولون بأن الحديث الآن لا يدور عن الخوف من جيش سيفاجيء ويقتحم هضبة الجولان، كما حدث في حرب يوم الغفران، بل الخوف من المليشيات الاسلامية المتطرفة التي ستحاول تقليد هجوم حماس الوحشي في 7 اكتوبر. صحيح أنه يوجد مثل هذا التهديد، لكن مشكوك فيه اذا كان ترياقه هو الغاء المنطقة الفاصلة في سوريا (مساحة تبلغ بضع كيلومترات شرق الخط الاخضر الذي يعتبر الحدود بين اسرائيل وسوريا)، وذلك من خلال احتلال اراضي في دولة مجاورة، وخرق اتفاق ثابت وقعت عليه اسرائيل.
هذه منطقة فاصلة، ومن اجل غرض الانذار هي اوسع بكثير من الممر المطلوب على طول حدود القطاع (منطقة على طول خط الحدود مع القطاع التي يخطط لها بأن تكون بعرض بضع مئات الامتار). أنا غير ضليع بحجم القوات الدقيق الذي يحتفظ به الجيش الاسرائيلي الآن في الاراضي السورية. أنا لا أشك بأنه لو كانت هذه القوات تم وضعها على طول الخط الازرق من الغرب، حيث في الشرق توجد منطقة فاصلة بدون قوات سورية من أي نوع، فان هذا كان سيعطي رد جيد ضد هجوم مفاجيء لمنظمات ارهابية.
إن طموح اسرائيل الى أن تبقى سوريا ضعيفة بدون تواجد قوات اجنبية، هو طموح واضح جدا. مع ذلك، لن يبقى أي فضاء فارغ من تدخل اجنبي في المناطق التي فيها الحكم المحلي ضعيف، بالتأكيد في الشرق الاوسط. قبل سنوات لاحظت روسيا، وايران ايضا، ضعف سوريا في اعقاب الحرب الاهلية، وتمركزت فيها. في اعقاب الحرب بين روسيا واوكرانيا خفت نفوذ روسيا في سوريا، وايران بعد سقوط الاسد تم ابعادها من سوريا. هكذا نشأ فيها فراغ، تركيا تحاول الدخول اليه بقوة كبيرة.
تدمير اسرائيل لا يعتبر حجر الزاوية في استراتيجية تركيا. ايضا لا يوجد لديها برنامج نووي، الذي بينه وبين القنبلة النووية يقف فقط قرار الحاكم. لذلك فانه واضح للجميع بأن سوريا في ظل النفوذ التركي ستكون اقل خطرا على أمن اسرائيل من سوريا في ظل النفوذ الايراني. من هنا، غير مفهوم لماذا تصمم اسرائيل على مواجهة تركيا، بالذات في هذه الاثناء.
من خلال رؤية عميقة للمستقبل ربما سيكون هناك قرار اسرائيلي وامريكي لمهاجمة المنشآت النووية في ايران. في هذا الوضع سيكون من المهم ربط تركيا بهذه العملية، حتى لو فقط من اجل السماح للطائرات القتالية بالطيران في سمائها. من اجل فهم ذلك فانه لم تكن حاجة الى كلمات “المحبة” التي اغدقها الرئيس ترامب على الرئيس التركي اردوغان بحضور نتنياهو.
لماذا اسرائيل مع ذلك تفعل ما تفعله؟ هناك ثلاثة اسباب محتملة وربما يوجد دمج بينها. السبب الاول هو غياب تفكير سياسي استراتيجي. السبب الثاني هو رغبة رئيس الحكومة حرف الانتباه عن المخطوفين الذين يحتضرون في الانفاق في غزة، في الوقت الذي يعرف فيه بأنه لا توجد أي عملية عسكرية ستؤدي الى تحريرهم. والسبب الثالث هو ثمل القوة.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 14/4/2025
الحديث مع ايران: ترامب سيتراجع أولا
بقلم: ايال زيسر
في هذا الفيلم – دونالد ترامب مقابل ايران – سبق أن كنا قبل نحو عقد. ومع ذلك، لا يمكن أن ننفي بان مشهد البداية للولاية الثانية للرئيس الأمريكي كان قويا على نحو خاص وبعث أملا بان في ان نهاية الفيلم في هذه الولاية ستكون هذه المرة مختلفة.
صحيح أن ترامب انسحب قبل نحو عقد من الاتفاق النووي مع ايران ودعا الى تشديد الضغط الدولي عليها، لكن تصريحاته وكذا تهديداته لم تترافق وأفعال. وهكذا أتيح لإيران أن تواصل ما كانت عليه بل وان تحقق هدفها الاستراتيجي وتصبح دولة حافة نووية توجد على مسافة لمسة – لاشهر وفي اقصى الأحوال لسنوات قليلة – من الوصول الى قنبلة ذرية.
مع دخوله الى البيت الأبيض في كانون الثاني الماضي، كان يبدو ان هذا ترامب جديد، اكثر تجربة وتصميما واساسا واثق من نفسه. وقد سارع الى توجيه انذار للايرانيين بان عليهم أن يقبلوا شروطه، أن يتراجعوا عن مشروعهم النووي وان يوقفوا دعم منظمات الإرهاب في اليمن وفي لبنان والا ستفتح على ايران “بوابات الجحيم”.
لكن بحجم التوقعات يكون حجم المفاجأة بل والعجب، ما أن تبين ان ترامب هو أول من يتراجع. الايرانيون رفضوا تهديداته، واصلوا دعم الحوثيين وحزب الله كما أنهم يواصلون الدعوة لابادة إسرائيل بل ولابادة الولايات المتحدة. غير أن الرد الأمريكي على الاستفزاز الإيراني كان اعلانا عن بدء المفاوضات معها، مما ينطوي على منح شرعية بل وتشجيع لنظام ايات الله في طهران.
تبعث خطوات الرئيس الأمريكي على التساؤل في نواياه وأهدافه. فبعد كل شيء، من ينبغي لنا أن نصدق؟ الرئيس ترامب الذي يعد بضرب ايران اذا لم تستسلم وتصفي مشروعها النووي، الإعلانات التي رافقها بناء قوة عسكرية أمريكية بحجم غير مسبوق في الشرق الأوسط – المزيد فالمزيد من السفن، الطائرات، الوسائل القتالية والجنود الذين يصلون الى هنا استعدادا لمواجهة محتملة مع ايران؟ ام ربما علينا أن نستمع لنائب ترامب، جيدي فانس الذي اعلن بانه يعارض الحرب ضد ايران كونها خطوة تبذيرية باهظة الثمن لن تخدم المصالح الامريكية؟ ترامب هو رجل اعمال محنك، لكن يجدر بالذكر أنه اذا كانت هناك جائزة نوبل في إدارة المفاوضات – فالايرانيون هم من كانوا بالتأكيد سيفوزون بها. فهم يديرون منذ ثلاثة عقود مفاوضات مع الولايات المتحدة وينجحوا في خداعها، تمديد الوقت، وفي هذه الاثناء مواصلة ما بدأوه والتقدم ببطء لكن بثفة كل الطريق الى النووي والى بناء قوة عسكرية وفروع إرهاب تشكل تهديدا على الاستقرار في المنطقة وفي العالم.
على ترامب أن يتذكر بانه لا يدير مفاوضات مع خصم او عدو ذي تفكير غربي للربح والخسارة. هذا نظام إسلامي متطرف الفرق الوحيد بينه وبين السنوار هو أن طهران لا تستعجل وهي مستعدة لان تبدي براغماتية ومرونة اذا كانتا تخدما هدفها بعيد المدى الذي كان ولا يزال إبادة إسرائيل وفرض الهيمنة الإيرانية على الشرق الأوسط.
من الخطأ أن نرى في مسألة النووي الإيراني كل شيء. فهذا عرض للمرض الذي يكمن في مجرد وجود نظام راديكالي يشجع الإرهاب في الشرق الأوسط، يطور ترسانة صواريخ بعيدة المدى وأخيرا يعمل أيضا كي يحصل على سلاح نووي.
اذا لم نعالج جذر المشكلة لا نكون فعلنا شيئا. ايران تسعى لكسب الوقت. فهي على أي حال أصبحت دولة حافة نووية. وعليه فهي مستعدة لان تدير مفاوضات بل وان تصل الى صفقة في اطارها تتعهد الا تسير خطوة واحدة أخرى، وتصبح دولة نووي.
مقابل “التنازل الايراني”، تطلب رفع العقوبات الخانقة لاقتصادها. غير أنه لا يوجد خطأ اكبر من قبول العروض الإيرانية. كل ما تبقى هو الامل بان يفهم ترامب أيضا بانه مع النظام الإيراني لا يوجد ما يمكن الحديث فيه أو الوصول الى تسوية. النظام الايراني يجب ضربه ومشروعه النووي يجب تدميره وليس تجميده او تأخيره.
-------------------------------------------
معاريف 14/4/2025
سلوك رئيس الأركان وقائد سلاح الجو سيؤدي الى منزلق سلسل
بقلم: افي اشكنازي
“كلما واظبت حماس على رفضها ستشتد عمليات الجيش الإسرائيلي في ظل مواصلة استهداف نشطائها وتدمير بناها التحتية. غزة ستصبح معزولة وأصغر، والمزيد فالمزيد من سكانها سيضطرون الى اخلاء مناطق القتال”، هذه الرسالة وجهها ليلة أمس وزير الدفاع إسرائيل كاتس في ضوء الاعمال المتصاعدة للجيش الإسرائيلي في اثناء العيد في غزة.
يعمل الجيش في الأيام الأخيرة في عدة مناطق في غزة: قوات من لواء 401 للمدرعات ناورت مع كتيبة 601 من الهندسة القتالية في حي الدرج والتفاح في شمال وسط غزة. دخول القوة ترافق ونار المدفعية ونار من سفن الصواريخ لسلاح البحرية والطائرات القتالية. الجيش يعمل بشكل يتمثل بحزام ناري على المجال الذي يفترض بالقوات المناورة ان تعمل.
بالتوازي، الجيش، بمساعدة الشباك، يعثر على قيادات حماس، انفاق استراتيجية، وكذا نشطاء في مستويات قيادة مختلفة ويضربهم بشكل مركز. هذا ما حصل امس في عدة عمليات نفذتها قوات الجيش في شمال القطاع، التي دمرت قيادات في دير البلح وصفت نشيطا من حماس كان مسؤولا عن منظومة القنص. سلاح الجو هاجم في اثناء العيد 90 هدفا في غزة.
بالتوازي، أنهت فرقة 36 السيطرة على كل محور موراغ، 12 كيلو متر عن خط الحدود، في منطقة الرمال وحتى البحر ومحور فيلادلفيا. هدف الخطوة هو عزل لوائي حماس: رفح وخانيونس. الخطوة الثانية هي الاستيلاء على الأرض، بالضبط مثلما وصف ذلك وزير الدفاع إسرائيل كاتس.
السؤال الكبير هو هل ستؤدي الخطوة العسكرية لتحرير مخطوفين؟ الجواب على ذلك ليس قاطعا، وصحيح حتى الان هذا الضغط لم يؤد الى تحرير المخطوفين. واذا ما انصت أصحاب الاذن الموسيقية للعزف الذي يصدر عن الولايات المتحدة، فيبدو أن المشكلة في عدم تقدم المفاوضات هي على الاطلاق في الجانب الإسرائيلي.
منذ تغيير الطاقم الإسرائيلي للمحادثات: دادي برنياع، رونين بار، واللواء نيتسان الون وبدلا منهم الوزير رون ديرمر، المفاوضات عالقة. حرص الامريكيون على أن ينقلوا عدم رضاهم عن سلوك الوزير ديرمر في الاتصالات بل ونقلوا ذلك الى السي.ان.ان فان محافل في جهاز الامن في إسرائيل لم تتفاجأ في نهاية الاسبوع بالنقد في الولايات ا لمتحدة. في الأيام الأخيرة، تثار الأمور هنا أيضا في إسرائيل. الإحساس هو أن ديرمر ارسل كي يعرقل المفاوضات لا ان يدفعها الى الامام.
لعل هذا هو السبب الذي عمل فيه رئيس الأركان الفريق ايال زمير وقائد سلاح الجو اللواء تومر بار في نهاية الأسبوع بهستيريا وبرغبة في إرضاء المستوى السياسي، حين نحيا رجال طاقم الجو، مواطنين من رجال الاحتياط ممن دعوا الى تحرير المخطوفين حتى بثمن وقف الحرب.
ان سلوك رئيس الأركان وقائد سلاح الجو كفيل بان يؤدي الى منزلق سلسل، فيما انهما، بقرارهما “كم الافواه” بطريقة فظة خلقا نتيجة معاكسة وفتحا حوارا سياسيا واستقطابا دخل عمليا الى داخل الجيش.
المستوى السياسي يوجد الان في ساعة اختبار. كل يوم يمر بدون اتفاق مخطوفين هو فشل إسرائيلي. بمعنى أن حقيقة ان نظرية المستوى السياسي بان القوة ال سكرية ستؤدي الى تحرير المخطوفين لا تنجح في الاختبار العملي. في هذه الاثناء، يبدو أن إسرائيل تكون مطالبة بموعد ثان للاختبار.
-------------------------------------------
هآرتس 14/4/2025
في موقف انتظار في كل الجبهات
بقلم: عاموس هرئيلِ
يبدو أنه تقريبا نصف مشاكل العالم توجد الآن على كتف رجل واحد هو ستيف ويتكوف. فمبعوث الرئيس الامريكي دونالد ترامب يعالج في نفس الوقت محاولة التوصل الى اتفاق نووي جديد مع اسرائيل، وقف اطلاق النار وعقد صفقة تبادل بين اسرائيل وحماس في قطاع غزة، وقف الحرب بين روسيا واوكرانيا. رجل العقارات، المحامي الذي في لحظة اصبح دبلوماسي كبير، يحارب في كل هذه الجبهات المتحدية في الوقت الذي يواصل فيه المسؤول عنه تنفيذ تدمير الاقتصاد الامريكي ويتفاخر بانتصاره في لعبة الغولف ويستعرض سلوك متغطرس في كل مناسبة ممكنة.
يوجد لويتكوف مشكلة اخرى وهي استبدال الادارة في واشنطن في كانون الثاني الماضي وموجة الاقالات الكثيرة التي اعقبت ذلك، ابقت الادارة الجديدة بدون عدد كاف من الخبراء في القضايا التي تحتاج الى التجربة المهنية العميقة وذاكرة تنظيمية للمدى البعيد. ولكن ترامب كان متحمس جدا من اقالة جنرالات ودبلوماسيين عندما عاد الى البيت الابيض، الى أن بقي مع حفنة موظفين كبار وعدد كبير من الوظائف الشاغرة. هذا احد الامور الذي يقلق جهاز الامن في اسرائيل على خلفية محاولة التوصل الى اتفاقات في ايران وفي غزة.
بعد اسبوع على السفر السريع لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من بودابست الى واشنطن فانه من الواضح أن هذه الزيارة انتهت بفشل ذريع. ترامب قام باستدعاء نتنياهو على خلفية التغيير في سياسة الجمارك الامريكية وحاجته الى استعراض الاستخذاء من زعماء دول برعاية الولايات الامتحدة. على الطريق اعلن الرئيس بشكل علني وبحضور نتنياهو عن قرار اجراء مفاوضات مباشرة (في الواقع تقريبا مباشرة حيث أن الوفود لم تجلس معا) مع الايرانيين في سلطنة عمان. ما بقي لنتنياهو ليفعله عند عودته الى البلاد هو الاعلان بأن العلاقات جيدة مثلما هي دائما، والتوضيح بأن ترامب يريد على النظام في طهران اتفاق يفكك بالكامل المشروع النووي الايراني مثلما فرضت ادارة الرئيس جورج بوش مثل هذا الاتفاق على ليبيا في 2003، عندما ذهبت الولايات المتحدة الى حرب الخليج الثانية ضد العراق. ابواقه في وسائل الاعلان تكرر باخلاص هذه الرسالة.
من الواضح أن الواقع مبهج اقل بالنسبة لرئيس الحكومة. ترامب يريد ترامب واعطى توجيهات لويتكوف لمحاولة التوصل اليه. يبدو أن النهاية متعلقة بالاساس بقدرة الولايات المتحدة وايران على بلورة التفاهمات وليس بتحفظات القدس. الجيش الاسرائيلي مجبور على اعداد نفسه لاحتمالية انهيار المفاوضات، وفي النهاية سيعطى ضوء اخضر لهجوم اسرائيلي (بدعم وربما بمساعدة امريكا) ضد المنشآت النووية الايرانية. ولكن في هذه الاثناء يبدو أن الرئيس الامريكي يريد فحص التوصل الى اتفاق بالطرق السلمية.
الخوف، الذي يبدو أن نتنياهو شريك فيه، لكن بالتأكيد لا يريد التعبير عنه بصوت مرتفع، هو أن ترامب سيوقع على اتفاق مؤقت، وحتى سيء، الذي لن يرفع من الاجندة التهديد الايراني، لكن اسرائيل ستضطر الى التسليم به بصمت خوفا من رد امريكي شديد. لقاء المفاوضات في عُمان يوم السبت الماضي انتهى بنشر بيانات مقبولة على الطرفين بشأن محادثات جيدة وبناءة. الاستمرارية ستأتي قريبا، ربما في اوروبا. ما بقي على اسرائيل الآن فعله هو البقاء في موقف الانتظار. في حالة نتنياهو من المرجح الافتراض بأنه يأمل فشل المفاوضات.
مسألة وقت
قبل العيد اسمع ترامب وويتكوف ايضا تنبؤات متفائلة فيما يتعلق باحتمالية التقدم في صفقة المخطوفين. هذا ايضا سؤال يتعلق بالجدول الزمني. الرئيس الامريكي يتوقع أن يصل خلال شهر في زيارة اولى في ولايته الحالية الى السعودية. العائلة المالكة في الرياض تتوقع منه انهاء الحرب في القطاع أو على الاقل استئناف وقف اطلاق النار المؤقت حتى ذلك الحين. على الاجندة يقف اقتراح وساطة مصري جديد، نوع من الحل الوسط بين مطالب اسرائيل وحماس. القاهرة تتحدث عن اطلاق سراح ثمانية مخطوفين اسرائيليين (هناك 59، بينهم 21 كما يبدو على قيد الحياة)، مقابل اطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين ووقف اطلاق النار لمدة شهرين. يبدو أن الادارة الامريكية تأمل أن يكون بالامكان في هذه المرة وضع نتنياهو على مسار لا عودة عنه. بعد وقف القتال سيستخدم ضغط كاف لا يمكنه أن يسمح لنفسه في ظله بالعودة الى القتال.
من الجدير التذكر بأن اسرائيل، وليس حماس، هي التي بادرت الى الخروقات الجوهرية لاتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوقيع عليه في منتصف كانون الثاني. نتنياهو لم يبدأ المفاوضات على مواصلة الصفقة في اليوم الـ 16 كما نص الاتفاق وقام بوقف ادخال المساعدات وامتنع عن اخلاء محور فيلادلفيا كما تعهد، وفي النهاية استأنف القتال في 18 آذار بهجوم جوي كثيف. هذه هي خلفية تصريحات جهات رفيعة في حماس مؤخرا. يهمهم بدرجة اقل سؤال كم هو عدد السجناء الفلسطينيين وعدد المخطوفين الذين سيتم اطلاق سراحهم في المرحلة القادمة المؤقتة في الصفقة، هم يبحثون عن تعهدات وضمانات بأنه سيتم بهذا انهاء القتال وبعد ذلك يتم التوصل الى اتفاق يتضمن اخلاء جميع قوات الجيش الاسرائيلي من القطاع. نتنياهو سيجد صعوبة في الوفاء بذلك لأن الامر سيقتضي التنازل عن هدف الحرب المعلن – اسقاط حكم حماس في غزة. وهو ايضا يخشى من أن شركاءه في الائتلاف من اليمين المتطرف سيسقطون ردا على ذلك الحكومة.
ايضا في حماس يلاحظون كما يبدو بداية توتر جديد بين واشنطن والقدس. وحتى أن اسرائيل تحتل بالتدريج مناطق اوسع في شمال وجنوب القطاع، ويبدو أن حماس تقلل من الاحتكاك مع القوات البرية للجيش الاسرائيلي. حماس ارسلت عدد من رجالها من منطقة رفح الى الشمال، الى اماكن الايواء الانسانية في المواضي، كي لا تنتهي قواتها. في هذه المرحلة الحرب تجري في معظمها بوجود طرف واحد فقط.
حماس تنتظر استغلال نقاط ضعف في استعدادات اسرائيل، لكنها في نفس الوقت تحافظ على وحداتها على أمل تدخل امريكي قريب ينهي الحرب. ايضا اسرائيل في موقف الانتظار، فهي تتأثر كما يبدو من التخوف في هيئة الاركان بشأن حجم دعم الاحتياط للخطوات الهجومية.
الجيش الاسرائيلي رد بشكل شديد على الرسالة ضد استمرار الحرب، التي نشرت في سلاح الجو، واعلن بأنه سيقصي من الخدمة الفعلية الموقعين القلائل نسبيا الذين ما زالوا في الخدمة. ردا على ذلك نشرت رسائل كثيرة اخرى من وحدات واجهزة اخرى. ولكن السؤال الحقيقي هو كيف سيؤثر هذا المناخ المشحون على دافعية رجال احتياط آخرين، الذين ترددهم يتعلق اكثر بعبء العائلة، وبدرجة اقل بالنقاش المبدئي حول اهداف الحرب. في هذه الاثناء اعلن امس المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي عن تصفية نائب قائد خلية القناصة في حماس، وعن كشف وتدمير نفق بطول 1.2 كم بعد سنة ونصف على الحرب، فقط اتباع نتنياهو المهووسين ما زالوا يصدقون أننا في الطريق الى النصر المطلق.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 14/4/2025
حيال الطيارين، الجيش يختار غزة
بقلم: ناحوم برنياع
يوم الاثنين الماضي عقد لقاء في مبنى هيئة الأركان. وتقرر اللقاء في مكتب نائب رئيس الأركان، لاجل السماح لرئيس الأركان، في الجانب الاخر من الطابق الـ 14 لان ينضم ويقول كلمته. شارك فيه، من جانب ما، قائد سلاح الجو تومر بار وقائدا سلاح الجو في السابق عيدو نحوشتان واليعيزر شيكدي. من الجانب الاخر غي بوران وكوبي ديختر من مبادري كتاب الطيارين. اما رئيس الأركان الأسبق دان حلوتس فقد دعاه الطرفان.
وكان دعا الى اللقاء اللواء تومر بار. بار هو شخصية أساسية في التطورات التي فتحت من جديد الشرخ في داخل سلاح الجو وفي داخل جيش الاحتياط كله. في اثناء نهاية الأسبوع انضمت 20 مجموعة أخرى من رجال الاحتياط، من أسلحة مختلفة، لاحتجاج الطيارين. عدد المحتجين من رجال الاحتياط والمتقاعدين يصل الان الى الالاف.
توجد هنا دراما. فضلا عن ذلك توجد هنا مسائل تحتاج الى استيضاح. الأولى هي ما الذي يفعله الجيش الإسرائيلي في غزة وهل هو يفعل هذا، مثلما ادعى الطيارون في كتابه، “أساسا بسبب مصالح شخصية وسياسية وليس مصالح امنية”؛ مسألة ثانية هي ما هي طبيعة الحوار بين قيادة الجيش والحكومة الحالية، بل انحرافاتها ومخادعاتها؛ مسألة ثالثة هي ما هو سلم أولويات رئيس الأركان الجديد، ايال زمير. مسألة رابعة، لماذا، بخلاف المواجهة السابقة مع الطيارين، في ذروة الاحتجاج، قرر الجيش هذه المرة تنحية الموقعين من الخدمة الفاعلة وماذا يعني هذا على مستقبل الجيش الاسرائيلي.
قبل أن نتوجه الى القصة العملية، بضعة اقوال مسبقة. الأول، بقدر ما هو معروف لي، رئيس الأركان لم ينجر الى الدخول المتجدد من الجيش الإسرائيلي الى غزة: لا نتنياهو، لا كاتس دفعوه الى هناك. الهجوم هو هجوم. يمكن رفض خطته ويمكن تبنيها – لكن لا يمكن القول ان الجيش اضطر لان ينفذ خطة املاها عليه المستوى السياسي. قادة الامن والشباك يؤمنون بان الضغط العسكري في غزة يلين مواقف حماس ويفتح احتمالا لصفقة جزئية في اطارها يتحرر 8 – 9 مخطوفين. اذا رفضت حماس فستتحول الخطة الى مرحلة أولى بخطة أوسع. وستعرض على المستوى السياسي خطتان على الأقل احداهما تقترح احتلالا كاملا للقطاع.
قول ثاني: الجدول الزمني قصير. في أيار يفترض بالرئيس ترامب ان يصل الى السعودية، وربما ايضا الى تركيا ودول أخرى في المنطقة. معقول الافتراض بان حرية عمل الجيش الإسرائيلي في القطاع ستتلقص، مؤقتا على الأقل.
قول رابع: الجيش الإسرائيلي يعمل حاليا في القطاع أساسا من خلال الوية نظامية. يوجد جنود احتياط لكنهم ليسوا كثيرين. التفسير هو التآكل الشديد الذي اجتازته الوية الاحتياط في السنة والنصف من الحرب. ويفهم من هذه السطور أيضا الخوف من جدالات على غاية الحرب هناك، تؤثر على معدلات التجنيد ووحدة الصفوف في الوحدة.
قول رابع: المستوى السياسي أي نتنياهو وكاتس، يعمل على توسيع الشرخ الداخلي في المجتمع الإسرائيلي والجيش في داخله. الشرخ الداخلي هو مصلحته الوجودية. الجيش طلب ان يعالج الازمة في داخل الجيش لكن نتنياهو وكاتس رفضا الاستماع. البيان الذي أصدره نتنياهو في اعقاب اعلان الطيارين كان يستهدف تسخين موقعي البيان ومعارضيهم على حد سواء.
***
كما كان مخططا دخل رئيس الأركان الى اللقاء مع قائد سلاح الجو في اثنائه. قطع لقاءً في موضوع امني هام، دخل لربع ساعة وذهب. واذا كان توقع ان ينضم الى حوار رفاقي وربما الى تهان في العيد، فقط خاب امله. الرجال نهضوا احتراما له لكن ساد بينهم الصمت أساسا.
زمير قال ان العملية في غزة لا تعرض المخطوفين للخطر. كل خطوة تتم باذن من اللواء نيتسان الون، قائد الوحد ة التي اقيمت في الجيش لموضوع المخطوفين. يوجد للعملية هدف واحد: دفع حماس الى الصفقة. وهذا يتم من خلال تقطيع القطاع، إعادة احتلال بيت حانون والشجاعية، تحريك السكان، وقف المساعدات الإنسانية في ظل التـأكد من انه لا توجد مجاعة وخلق ممر بين خانيونس ورفح.
لحماس يوجد في خانيونس لواء كتيبتا لم تعالجا في الماضي. لواء حماس في رفح مبني على كتائب عولجت. اغلاق المحور يسمح بهدم الانفاق التي تربط بين اللوائين.
الموقعون على الكتاب لم يقتنعوا. “حتى لو كان الجيش الإسرائيلي لا يقتل مخطوفين فان من شأن ضغطه أن يدفع حماس لان تقتل مخطوفين”، قال بوران. سنة ونصف يقولون لنا ان الضغط العسكري يلين موقف حماس: وهو لا يلين.
أساس أقواله وجهه زمير لدان حلوتس قائد سلاح الجو ورئيس الأركان الأسبق واليوم هو احد قادة الاحتجاج. “انا كنت قائد لواء 7 في زمن فك الارتباط، ذكر زمير حلوتس. “كانت هذه قصة قاسية. انت هاتفتني لتعززني. اما شكيت بذل، بدان هرئيل (قائد المنطقة الجنوبية في ذاك الوقت) وبغي تسور (رئيس هيئة قيادة الجنوب) بانكم سياسيون. فلماذا تشكون بان قادة الجيش هم اليوم سياسيون؟ انت أمرتني بان اتصرف بتصميم وحساسية. أنت نحيت الرافضين في حينه. والان حين يقول قائد سلاح الجو لكم لا تنشروا كتابكم، فانكم لا تسمعون له؟”.
تومر بار هو الشخصية التراجيدية في هذه المواجهة. في الاحتجاج قبل 7 أكتوبر حين هدد 1700 من رجال طواقم الجو في وقف التطوع، ادار محادثات روح ، شرح، طلب ومنع ازمة كان من شأنها أن تجعل الأمور صعبة على سلاح الجو في الحرب. اما الان فهو يتصرف بشكل مختلف: رغم أنه ليس في البيان تهديد لوقف التطوع الا انه هدد الموقعين بالتنحية وجر هيئة الأركان كلها وراءه. لعل هذه هي الدروس التي استخلصها من الجولة السابقة، صدمته النفسية التي اضافت اليها اهداف 7 أكتوبر القوة ولعله فعل هذا لان التهديد الحقيقي هذه المرة اصغر، في هذه المرحلة على الأقل: فهو يشمل اقل من مئة موقع.
والاهانة قائمة أيضا: هل مصير المخطوفين يمس شغاف قلبي اقل مما يمس بشغاف قلوبكم؟ وماذا عن الفنيين، عن الطواقم الأرضية، هل هم أيضا اقل اكتراثا؟
ناهيك عن ان الاحتجاج السابق أيضا كان ضد الانقلاب النظامي؛ عندما يكون الاحتجاج ضد خطوة يقودها الجيش تكون اصعب على الجيش ان يحتويها.
التنحية هي قرار يصعب تبريره: بغياب تهديد بالرفض فان المنشور هو بالاجمال اعراب عن الراي من مواطنين، ضباط في الاحتياط او متقاعدين. يوجد معنى لحقيقة أنهم يوقعون بصفتهم ينتمون الى الأسلحة وبرتبهم. لكن هكذا أيضا فعل الموقعون على بيانات في الماضي من اليمين ومن اليسار واحد لم ينحيهم.
حجة بار هي أن طيارا او ضابطا في غرفة العمليات او قائد منطقة يعارض الحرب لا يمكنه ان يشارك فيها. هو لا يعتقد حقا بان طيارا يصعد الى طائرة كي يقصف غزة سيقصف تل أبيب او يلقي القنابل في البحر؛ هو لا يعتقد حقا بان ضابطا أراد ان يوقع على المنشور وتراجع عنه بسبب التهديد بالتنحية سيكون اكثر ولاء من ضابط موقع. 76 سنة دولة علمتنا بان ما يقرر هو وحدة الصف في القتال وليست وحدة الصف في البيانات.
سألت دان حلوتس امس عن التنحيات. فقال: “هذا غير معقول. هذا يعني أن 400 الف من رجال الاحتياط سيتعين عليهم ان ينتظروا حتى نهاية الحرب كي يعربوا عن ارائهم. هم مواطنون. من حقهم أن يحاولوا التأثير.
رئيس الأركان وقائد سلاح الجو يريدان ان يضعا حدا بين العالمين: تظاهروا، اغلقوا الطرق، اضرموا النار في إطارات السيارات، لكن لا تفعلوا هذا مع رتبكم في الجيش الإسرائيلي. اما الموقعون فيعتقدون خلاف ذلك: الاحتمال الوحيد لكبح الحكومة هو استخدام رتبهم ومكانتهم في الجيش. يحتمل ان يكون هؤلاء واولئك مخطئون: ليس مؤكدا ان في الوقع الحالي يمكن نصب جدار؛ لست واثقا من أن نتنياهو يتأثر اليوم باحتجاج في داخل الجيش. يخيل ان رد الفعل المفعم بالكراهية والشقاق الذي أصدره ردا على الإعلان كتب في ميامي وليس في إسرائيل.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 14/4/2025
بدون مخطوفين وبدون حسم: الحكومة تهرب من الحل
بقلم: يوآف ليمور
المئات ممن فضلوا التنازل عن ليل فصح عائلي في مساء العيد وجاءوا الى ميدان المخطوفين لخصوا جيدا المشاعر الجماهيرية: سنة ونصف من الحرب وإسرائيل تغرق مجددا في المستنقع الغزي دون أن يكون لها اتجاه واضح كيف تعتزم تحقيق الهدفين العلويين اللذين وضعتهما بنفسها – إعادة المخطوفين وحسم حماس.
صحيح أن الجيش الإسرائيلي يأمر في كل يوم السكان الفلسطينيين باخلاء مزيد من المناطق وبينها تلك التي سبقت أن اخليت من قبل ولكن أساس الاعمال تتركز في ا لمرحلة الحالية للاستيلاء على الأرض في اطار غارات جوية توقع بحماس ضررا وخسائر محدودة. يخيل أن ليس في هيئة الأركان حماسة لقتال بري قوي يرافقه مصابون وبالتأكيد ليس لتجنيد احتياط واسع يكون واجبا اذا ما تقرر الشروع في هجوم كامل.
في إسرائيل يأملون بان الاستيلاء على المناطق الفلسطينية، في ظل ابعاد السكان ووقف المساعدات الإنسانية – ستشكل ضغطا كافيا يدفع حماس لان تلطف مواقفها في المفاوضات. الصيغة التي توجد على الطاولة معروفة: تحرير بين 5 و 11 مخطوفا احياء (وعدد مشابه من المخطوفين الموتى) مقابل وقف الحرب لـ 50 – 70 يوما، استئناف التموين لغزة وتحرير سجناء فلسطينيين.
تجري هذه المفاوضات، وفقا لمحافل مختلفة، ببطء مقلق فيما أن إسرائيل لا تبادر بل تنجر في الرد على الاقتراحات (أساسا من جانب مصر). وحسب تلك المحافل فان المسؤولية عن ذلك هي على الوزير رون ديرمر الذي يقود الطاقم الإسرائيلي ويبدي على حد قولها “اهتماما محدودا” في الموضوع، مثلما تبين أيضا من قلة لقاءاته مع عائلات المخطوفين. كما يذكر فان ديرمر حل محل رئيسي الموساد والشباك اللذين اكثر من طرح اقتراحات تسعى لتحقيق اختراق للطريق المسدود. في منظور بضعة اشهر ينبغي التساؤل هل كان نتنياهو أطاح بهما لانه فقد الثقة بهما كما ادعى أم أنه فقد الرغبة في حل المسألة خوفا على مستقبل حكومته.
نتنياهو لا يقترح عمليا أي حل عملي: لا للحرب في غزة ولا للمخطوفين. وحتى لو تحقق اتفاق جزئي ستبقى إسرائيل مع عشرات المخطوفين في القطاع، عشرات منهم على قيد الحياة. هذا يضمن استمرار الضغوط المختلفة بما في ذلك من داخل الجيش الإسرائيلي. فالكتب المختلفة التي نشرت في الأيام الأخيرة عن مجموعات مختلفة تقلق جدا هيئة الأركان لانها تدل على إحساس واضح: الناس مستعدون لان يعرضوا انفسهم للخطر وان يسيروا حتى النهاية حين يكون هدف كبير وواضح؛ لكنهم ليسوا مستعدين لان يتصرفوا هكذا حين يكون الهدف موضع خلاف وحين يكون أصحاب القرار مشبوهين بدوافع غريبة.
وهكذا فانه من المتوقع للانشغال في مواضيع المخطوفين وغزة ان يتعاظم في الأسابيع القادمة على خلفية زيارة الرئيس ترامب ا لى السعودية في منتصف الشهر القادم أيضا. وكان وزير الدفاع الأمريكي انبأنا بانه سيوقع اتفاق للطاقة النووية المدنية بين واشنطن والرياض. كان هذا الاتفاق مخططا بالاصل لان يوقع كجزء من الصفقة السعودية الكبرى التي درة التاج فيها كانت ستكون اتفاق التطبيع بين ا لسعودية وإسرائيل. ان اتفاقا أمريكيا سعوديا إسرائيل ليست جزءاً منه سيء لإسرائيل ليس فقط لانه يهمل إمكانية توسيع دائرة السلام الإقليمية بل لانه يثبت في السعودية قدرة من شأنها أن تسمح لها بالوصول في المستقبل الى قدرة نووية مستقلة.
رهان نتنياهو
يحتمل أن تكون هذه المنشورات جزء من ضغط تسعى واشنطن ان تمارسه على طهران كجزء من المفاوضات التي بدأت يوم السبت على اتفاق نووي جديد. وحتى لو اخذنا بضمان محدود التقارير عن أن الأمريكيين وضعوا على الطاولة مسودة اتفاق لا تتضمن تفكيكا كاملا للبرنامج النووي (مثلما طلبت إسرائيل)، فان هذه المحادثات مقلقة لانه يخيل أن نفوذ إسرائيل فيها محدود.
تقع المسؤولية عن ذلك خيرا أم شرا كلها على نتنياهو الذي ادعى على مدى كل سنواته انه “سيد واشنطن” و “سيد النووي”. الطريق لا تزال طويلة، لكن اذا ما تحقق اتفاق اشكالي او جزء لا يبعد ايران عن القنبلة بشكل كاف فلا يمكن لنتنياهو ان يتهم الا نفسه: كان بوسعه أن يستغل نافذة الفرص الشاذة التي فتحت في أكتوبر ويأمر سلاح الجو بمهاجمة ايران كما اوصاه كثيرون. رئيس الوزراء تلبث لانه انتظر ترامب والان هو وإسرائيل يخضعان لنزواته.
وتتناقض الحراكات في القيادة السياسية مع التنسيق الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة في المستويات الأمنية. فاعتراض الصاروخ الذي اطلق امس من اليمن تم بمنظومة ثاد الامريكية، وعلم أيضا بزيارة قائد سلاح الجو تومر بار في واشنطن. المؤسسة الأمنية الامريكية مشاركة أيضا في ما يجري في سوريا وفي لبنان حيث يخيل أن الضغط العسكري الإسرائيلي على حزب الله ينجح في هز الساحة السياسية الداخلية.
كل هذه الأمور ثانوية بالنسبة للمسألة الأساس: المخطوفون في غزة. كلما ابتعدت إسرائيل عن الحل، فانها تجرب لنفسها احتدام الصراع الداخلي وتشديد الضغوط الخارجية. تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بان بلاده ستؤيد إقامة دولة فلسطينية بدون حماس كانت نتيجة فشل متواصل في السياسة الخارجية الإسرائيلية. وهجمة تغريدات ابن رئيس الوزراء التي جاءت بعد ذلك دلت كما هو الحال دوما على ما يجري في محيطه: سواء كانت هذه الاقوال تمثل رأي نتنياهو أم لا فان ضررها عظيم. وحقيقة أن المغرد يتمتع بقدرة وصول حرة لصاحب القرار الأساس وكذا من خدمات فاخرة لدولة إسرائيل تعظم فقط جنون المنظومات.
-------------------------------------------
هآرتس 14/4/2025
الاعتراف بحقوقهم خيانة.. و”اذهب للجحيم”: هكذا يصنف اليمين الإسرائيلي العالم
بقلم: نوعا ليمونا
آلة السم لم تعد تكتفي بتشويه رؤية الإسرائيليين للواقع على خلفية ما يحدث في البلاد، بل تتوجه الآن إلى السياسة الخارجية. رغم الإغراء الذي تحمله تغريدة غاضبة ليئير نتنياهو بأنها عفوية، ومضطربة وصبيانية، لكن يجب الفهم بأنها جزء من آلية كاملة، لها منطق داخلي وهدف واضح، هو تقويض فهم أساسي لدى المواطنين الإسرائيليين فيما يتعلق بخريطة العالم، من معنا ومن ضدنا، ما هو شرعي وما هو غير شرعي، من الذي يجب أن نحبه ومن الذي يجب أن نكرهه.
ما أثار غضب نتنياهو الابن، هو تغريدة الرئيس الفرنسي، التي طلب فيها العمل على عقد اتفاق يجلب الأمن والسلام لإسرائيل وتحرير جميع المخطوفين وإقامة دولة فلسطينية بدون حماس. في عهد دبلوماسي متميز، رد الابن الذي يعيش في المنفى بشتيمة وجهها للرئيس، “اذهب إلى الجحيم”، وتحديد المناطق الجغرافية بالتفصيل، والأقاليم التي تسيطر عليها فرنسا. في المنطق القائل “كل شيء لك”، دعا نتنياهو أن يمنحها الاستقلال، وكأن هناك تشابهاً بين سكانها المواطنين الفرنسيين المتساوين في الحقوق، والفلسطينيين.
لكن الحقائق غير مهمة أصلاً. التصريحات التي تصدرها صناعة التمويه والتشويش لا تعمل في مجال اختير وفقاً للحقيقي والمزيف. لو كان هذا هو الوضع، لكانت محاربته أسهل بكثير. مقولة نتنياهو الابن، هي ما سماه الفيلسوف اللغوي جون أوستن بـ “عملية كلام”، وليست مقولة يمكن القول بأنها حقيقية أو كاذبة، بل تعبير يشكل فعل في العالم. هذا الإجراء يعتبر بمثابة تصنيف لماكرون، زعيم الدولة الديمقراطية، الذي أعلن عن اعترافه بالدولة الفلسطينية، بأنه عدو.
في الوقت نفسه، هذه الآلية تصنف زعماء يمين شعبوي فاشي في العالم كأصدقاء لإسرائيل، رغم أن كثيرين منهم يغازلون أفكاراً لاسامية بأشكال مختلفة، رغم أن الجاليات اليهودية في دولهم تشمئز منهم، على الرغم من أنهم يعتبرون مخربين للديمقراطيات في دولهم. هكذا احتفلوا هنا بفوز ترامب المشوش، الذي يهدد الديمقراطية واقتصاد الولايات المتحدة والغرب كله- وكأنه إنجاز لإسرائيل.
إن نجاح هذه العمليات الخارجية يستند إلى حقيقة أنه استكمل نشاط آلة التشويه الممنهجة في الجبهة الداخلية كلياً. بعد عمل دؤوب وجهود استمرت لسنوات، نجحت هذه الآلية في ترسيخ، حتى في أوساط معارضي نتنياهو، الاعتقاد بأن الاعتراف بحقوق الإنسان للفلسطينيين يشبه الخيانة، وأن التعاطف معهم يشبه في قيمته كراهية الشعب اليهودي، وأن “السلام” كلمة فظة، وأن اليسارية عكس الوطنية.
عند وضع الأسس المنطقية لهذه الرؤية المشوهة، ليس أمامنا إلا استكمال المهمة بتوسيع المعادلة. تكرار الرسائل إلى أن تتسرب ويتم استيعابها جيداً: معارضة إهمال المخطوفين، وتخليد الحرب والانقلاب النظامي، جميعها تعادل اليسارية، التي كما قلنا تعادل خيانة الدولة. المأساة أنه بدلاً من معارضة من يعارضون سياسة الحكومة، نرى ـن الافتراضات الأساسية للمعادلة التي تطبق عليهم بقوة آخذة في التزايد، التي تبدو اليسارية بحسبها معادلة للخيانة. هم يعارضون كل ما يشخصهم كيساريين. على سبيل المثال، صيغت رسالة الطيارين كدعوة لإعادة المخطوفين “حتى بثمن وقف الحرب”، رغم أن إنهاء الحرب -كما يرى الجميع- لا يعتبر تنازلاً من أجل المخطوفين، بل هدف جدير بحد ذاته.
ترياق السم لن يرتكز إلى قبول آلة السم ورفض جزئي فقط لأعراضه، بل علينا معارضة منظومة الدعاية التي خدعت حواسنا، وحجبت منطقنا البسيط، وأضعفت معايير الأخلاق التي يجب أن ترشدنا.
-------------------------------------------
هآرتس 14/4/2025
ما معنى الإبادة الجماعية إذا لم تكن تلك التي في غزة؟
بقلم: أسرة التحرير
الأربعاء، قصف الجيش الإسرائيلي مبنى سكنياً في حي الشجاعية بمدينة غزة. وكان هدف الهجوم قتل هيثم الشيخ خليل، الذي بتعريف الجيش الإسرائيلي كان قائد كتيبة الشجاعية في حماس. قتل معه في الهجوم 35 شخصاً آخر، معظمهم -وفقاً للتقرير- نساء وأطفال. لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي يقتل فيها سلاح الجو عشرات المواطنين كي يمس بشخص واحد. عملياً، مثل هذا الحدث يسجل كل يوم بيومه تقريباً منذ استؤنف القتال في 18 آذار.
ألقي بمبدأ التوازن جانباً في الحرب الحالية. فقتل عشرات المواطنين للمس بقائد صغير في حماس لا يعتبر أمراً شاذاً رغم أن الحديث يدور عن جريمة حرب. كما ألقي أيضاً بمبادئ وقيم أخرى وفقاً لمبدأ التوازن مثل: الحفاظ على طهارة السلاح، وإطاعة القانون الدولي، ومراعاة معاناة المواطنين الأبرياء والتفكير باليوم التالي للحرب.
منذ استأنفت إسرائيل القتال، قتلت في القطاع أكثر من 1500 شخص. 500 من القتلى على الأقل هم نساء وأطفال، و15 من القتلى مسعفون ومن عاملي النجدة الذين أطلق جنود الجيش الإسرائيلي عليهم من مسافة قريبة جداً ثم دفنهم في قبر جماعي. في نهاية الأسبوع، هاجم الجيش الإسرائيلي مبنى داخل مجال المستشفى الأهلي، ودمر مبنى العمليات الجراحية ومنشأة إنتاج الأوكسجين. كل هذا يجري على خلفية سياسة معلنة تستهدف تجويع سكان غزة. غزة مغلقة تماماً منذ ستة أسابيع أمام كل تموين. التقارير عن سوء التغذية والجوع وتفشي الأمراض آخذة في الاتساع. وفي إطار ذلك، يواصل الجيش الإسرائيلي حث المواطنين المنكوبين والمجوعين للانتقال من مكان إلى مكان. هذه السياسة الوحشية تجاه السكان المدنيين أساءت إلى سمعة إسرائيل إلى الأبد، والأثمان التي سندفعها عليها سواء بالمقاطعة العلنية والخفية، والضرر الاقتصادي وضعضعة الشرعية الدولية وأساسات الأخلاق والإنسانية للمجتمع الإسرائيلي، ستكون عالية.
السبت، في الوقت الذي جلس فيه الإسرائيليون على طاولة الفصح، نشر أمس شريط فيه تذكير بأن ثمن استمرار القتال لا يدفعه إلا سكان غزة. ويبدو في الشريط أن الجندي المخطوف، عيدان ألكسندر، يستجدي حياته ويطلب وقف القتال.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال الأسبوع الماضي، ما هو معروف: “المسار الممكن هو المسار السياسي”، وأعلن بأنه يؤيد إقامة دولة فلسطينية. وكان ابن رئيس الوزراء، يئير نتنياهو، قد رد على هذا القول بهذر محرج وشتائم غردها. لكن ماكرون محق، وبالذات الآن: الطريق الوحيد الذي يمكن فيه لإسرائيل النجاة كدولة ديمقراطية وغير منبوذة هو وقف الحرب فوراً، والوصول إلى اتفاق لتحرير المخطوفين ومفاوضات سياسية، في نهايتها إقامة دولة فلسطينية. لا طريق آخر.
-------------------------------------------
زمان إسرائيل 14/4/2025
حرب غزة: نتنياهو أمام خيارين سيئين
بقلم: شالوم يروشالمي
فاجأت الدعوة التي أطلقها مئات الطيارين السابقين والحاليين وطواقم الطائرات لوقف الحرب، فوراً، رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في لحظة حرجة، وربما هذا هو السبب أيضاً وراء رده الحاسم وغير الضروري ضد موقعي العريضة.
وسارع نتنياهو إلى التعبير عن دعمه لرئيس الأركان وقائد سلاح الجو، اللذين قررا طرد نحو 60 من الموقعين على العريضة من الجيش الإسرائيلي ممن ما زالوا يخدمون في الخدمة الاحتياطية.
وقال نتنياهو: "الرفض هو الرفض حتى عندما يتم التعبير عنه ضمناً وباستخدام لغة غير واضحة".
وأضاف: "التصريحات التي من شأنها إضعاف الجيش الإسرائيلي وتعزيز قوة أعدائنا في زمن الحرب غير مبررة". وهذه مجموعة متطرفة تحاول مرة أخرى كسر المجتمع الإسرائيلي من الداخل.
"لقد حاولوا بالفعل القيام بذلك قبل السابع من تشرين الأول، وفسرت "حماس" دعوات الرفض على أنها ضعف".
ولم يطالب الطيارون والموقعون على العريضة برفض الأمر، وهم يعكسون رأي مئات الآلاف من الجمهور الإسرائيلي الذين لا يرون أي جدوى من استمرار الحرب. واختار نتنياهو إدخال هؤلاء القادة والجنود بسرعة 200 كيلومتر في الساعة. لو كنت مكانه، كنت سأشرع في حملة إقناع، مستخدماً الحجج الجيدة التي يعتقد أنه يمتلكها ضد إنهاء الحرب.
وربما سيكون هذا أكثر فعالية من الضربة غير الضرورية التي ستوجه إلى طواقم الطائرات، والتي لن يؤدي إبعادها إلا إلى الإضرار بمجهود الحرب الذي يريد نتنياهو تكثيفه.
يدرك نتنياهو أنه في وضع معقد. ويريد مواصلة الحرب، لأسباب انتقامية شخصية أيضاً. ولا داعي للإصرار على أن السبب في ذلك هو خوفه فقط من استقالة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
يفكر نتنياهو مثلهم، ويعتقد حقاً أنه إذا أوقف الحرب فإن إسرائيل ستواجه خطراً رهيباً ومتجدداً من غزة.
"لن تكون هناك حماس، ولن تكون هناك خلافة إسلامية في غزة"، يقول نتنياهو، "لهذا السبب تستمر الحرب، ولهذا السبب أغلقت محور فيلادلفيا، الذي يشكل قاعدة وجود حماس. ولا تزال هناك أنفاق مفتوحة على الجانب المصري".
من ناحية أخرى فإن استمرار الحرب يعرض حياة الرهائن للخطر بشكل كبير، والموقعون على العريضة على حق في هذا الصدد. وهم مُحقّون أيضاً بشأن جنود الاحتياط الذين أُنهكوا حتى النخاع لمدة عام ونصف العام، ويدفعون ثمناً باهظاً من عائلاتهم وأماكن عملهم.
يستغل رئيس الوزراء الشقوق في "حماس"، ويزعم أن التظاهرات في رفح وخان يونس "قضية حقيقية، ولو لم تكن خطيرة لما أقدمت حماس على إعدام زعماء المتظاهرين". ليس لديه أي فكرة حقاً عن المدة التي ستستغرقها الحرب، وما يعتبره انتصاراً كاملاً.
في هذه المرحلة، أصبح لديه رصيد أميركي يسمح له بالاستمرار، وهو ما لم يكن الحال مع الإدارة السابقة، أو كما يقول أحد كبار المطلعين: "الأميركيون يريدون إنهاء الحرب، ولكن بعد الانتصار الإسرائيلي".
وفيما يتعلق بالرهائن، يزعم نتنياهو أن الجيش حذر، رغم إطلاق النار الكثيف، لكن من الواضح أن كل يوم يبقون فيه على قيد الحياة في غزة هو معجزة مفتوحة. وهذه هي الرسالة العاجلة التي وصلت إلى نتنياهو بعد إطلاق النار على إلباغ والرهائن الآخرين الذين تم إطلاق سراحهم.
خلال زيارتي الأخيرة إلى بودابست، ذكّرت رئيس الوزراء بما يراه الكثيرون في البلاد ــ وربما أغلبية البلاد ــ كحل مؤقت: إنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن، الأحياء منهم والأموات.
ستعطينا "حماس" أسباباً وجيهة لخرق الاتفاق واستئناف الحرب، وبعدها نستطيع استكمال الحرب دون عائق. لماذا لا تفعل ذلك؟
استبعد نتنياهو هذا الاحتمال. وزعم أن "حماس" والعالم لن يوافقوا على هذا الأمر مسبقاً. وقال نتنياهو: "إنهم ليسوا أغبياء، ولن يتعاونوا مع ما يبدو لهم عملية احتيال شفافة". وبحسب قوله فإن مثل هذا الاتفاق يتضمن ضمانات دولية، بما في ذلك من قبل الأميركيين، وإذا تم انتهاكه فإننا سنواجه عقوبات دولية وقرارات قاسية ضدنا في مجلس الأمن.
يزعم نتنياهو أن الجمع بين الضغط السياسي والعسكري نجح في المرحلة الأولى من الحرب، ما أدى إلى إطلاق سراح 80 رهينة في تشرين الثاني 2023. وتحرك الجيش الإسرائيلي على نحو يشبه ما وصفه نتنياهو في لغته بـ"قطيع من الأفيال"، ثم تغير الوضع.
"انقلبت العجلة السياسية ضدنا بسبب الخسائر في غزة. لم يعد الضغط المزدوج يجدي نفعاً". الخميس الماضي، وبعد الزيارة إلى أميركا واللقاءات مع الرئيس دونالد ترامب، برزت نبرة تفاؤل في المحادثات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين بشأن صفقة الرهائن. سوف ننتظر ونرى.
في هذه الأثناء، الوضع سيئ بالنسبة لرئيس الوزراء: استمرار الحرب يعرض هدف الحرب الأول (إطلاق سراح الرهائن) للخطر، ووقف الحرب يعرض هدف الحرب الثاني (القضاء على "حماس") للخطر.
-------------------------------------------
حان الوقت لتقوم إسرائيل بدورها كقوة إقليمية
بقلم: عوديد عيلام
حان الوقت لتتبنى إسرائيل دورها كقوة إقليمية. في الفيلم الفكاهي البريطاني الكلاسيكي "الفأر الذي زأر"، تعلن أمة خيالية وصغيرة الحرب على الولايات المتحدة، ليس على أمل الانتصار، بل لتخسر وتحصل على مساعدات سخية بعد الحرب.
وبدلاً من ذلك، وبفضل سلسلة من الحوادث الكوميدية، تجد المملكة الصغيرة نفسها منتصرة عن طريق الخطأ، وتتحول إلى قوة نووية، وعلى الرغم من طابعه الفكاهي والعبثي، يسلط الفيلم الضوء على حقيقة مثيرة للجدل: حتى الدول الصغيرة قادرة على تغيير الديناميات العالمية من خلال نية استراتيجية، وتوقيت مناسب، وهدف واضح.
إسرائيل، التي غالباً ما يُنظر إليها على أنها أمة صغيرة محاطة بعدم الاستقرار، ليست شخصية كوميدية، لكن الوقت حان لتبنّي واقع جريء: بإمكان إسرائيل، ويجب عليها، البدء بالتصرف، ليس فقط كدولة تسعى للبقاء، بل كقوة إقليمية فاعلة تشكّل مستقبل الشرق الأوسط.
من قوة عسكرية إلى قيادة استراتيجية
أبرزت الإنجازات العسكرية الأخيرة لإسرائيل قدراتها غير المسبوقة في المنطقة، إذ أدّى تدمير البنى التحتية لـ "حزب الله"، وشلّ الهياكل القيادية لـ"حماس" في غزة، والرد المحسوب على الاستفزازات الإيرانية، والتي بلغت ذروتها في نجاحات عملياتية كبيرة، إلى تأكيد تفوّقها التكتيكي الساحق.
إيران، التي كانت منذ زمن طويل المنافس الأشدّ عدوانية على الهيمنة الإقليمية، الآن، تجد وكلاءها يضعفون، واقتصادها يختنق، ونفوذها يتراجع في ظل اضطرابات داخلية وانتقادات دولية، كما أن سقوط نظام الأسد في سورية يزيد في تفكيك محور النفوذ الإيراني في المنطقة.
ومع ذلك، لا يزال هناك تهديد وجودي لم تتم معالجته، وهو البرنامج النووي الإيراني، إذ لم يعد تأخيره أو ردعه كافياً، بل يجب على إسرائيل أن تقود ائتلافاً دبلوماسياً، أو عسكرياً، لتفكيك القدرة النووية الإيرانية، سواء عبر التوافق، أو بالقوة، أو من خلال مزيج من الاثنين. إن الغموض في طموحات إيران، والتردد في موقف المجتمع الدولي، يجعلان هذا الخط الأحمر أمراً لا يمكن تجاوُزه.
جبهة تركية جديدة
في الوقت نفسه، تحولت تركيا من مشارك صامت إلى وسيط ناشط، ولا سيما في سورية. إن انتشار القوات التركية في الشمال السوري، بالتوازي مع الرؤية العثمانية الجديدة لأردوغان، يشكّل تهديداً جديداً، فتمركُز القوات التركية على الحدود الشمالية لإسرائيل، داخل سورية الهشّة والمحرومة من الطاقة، يُعدّ ورقة متفجرة.
هذا التمركز يعقّد العمليات، ويزيد في خطر التصعيد في الصراع، وقد يعزز فصائل إسلامية منافِسة، تحت رعاية تركية، وبالتالي لا يمكن التغاضي عن هذا الواقع.
تسعى تركيا لبسط نفوذها من خلال مزيج من الحنين العثماني والاقتصاد الحديث، وتُعيد تموضُعها كجسر بين الشرق والغرب. وإيران، على الرغم من إخفاقاتها، فإنها لا تزال تصدّر أيديولوجيا متطرفة وحالة من عدم الاستقرار إلى المنطقة.
في الوقت نفسه، يعمّق اللاعبون العالميون، مثل الصين وروسيا، وجودهم في الشرق الأوسط بصمت. فمبادرة "الحزام والطريق" الصينية ترتبط بهدوء الموانئ والطرقات والشبكات الرقمية، من الخليج إلى بلاد الشام، بينما روسيا، التي تلقّت ضربة بعد انهيار نظام الأسد، تعيد الآن بناء نفوذها وعلاقاتها مع الحكومة الجديدة في سورية.
في هذا المشهد المتنازَع عليه، تبرز إسرائيل كدولة مستقرة، مبتكرة، متفوقة عسكرياً، وتزداد كفاءة على الصعيد الدبلوماسي. فإذاً، لماذا نستمر في رؤية أنفسنا كأطراف هامشية، وليس في وسط المركز؟
ما بعد البقاء: قوة الهوية
تشكّلت الصورة الذاتية الاستراتيجية لإسرائيل على مدى عقود بفعل صدمة البقاء: ديمقراطية وحيدة تحت الحصار. لكن هذا العصر يتغيّر. ومثلما يقول المثل: "مَن يعتقد أنه مهزوم، فهو كذلك".
إن تصوُّرنا لأنفسنا كقوة تقوم على ردة الفعل، أو الدفاع فقط، يقيّد نفوذنا الدبلوماسي ويخنق الشراكات الإقليمية.
الدولة التي تتصرف كقائدة تجذب الآخرين، إذ تفضّل الدول الانضمام إلى قوة عظمى قوية ومستقرة تقود برؤية وثقة.
ومن خلال إظهار القوة، ليس فقط عسكرياً، بل أيضاً دبلوماسياً واقتصادياً، يمكن لإسرائيل أن تصبح مركز جذب في الشرق الأوسط للدول والاستثمارات، وتصبح أكثر تأثيراً.
"الجار قبل الدار"
في الثقافة العربية، يؤكد هذا المثل أهمية حُسن الجوار، حتى قبل جودة البيت نفسه.
ولكي تقود إسرائيل إقليمياً، فإن التطبيع الاستراتيجي مع الدول السّنية المعتدلة أمر ضروري. كانت اتفاقيات أبراهام مجرد بداية. إن تعميق العلاقات مع دول، مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان والمغرب، لا بل تجديد العلاقات مع الأردن ومصر من خلال الاحترام والحوافز المتجددة، أمور حيوية.
يجب ألا تقتصر هذه الشراكات على الأمن فقط، بل أن تتطور إلى تحالفات اقتصادية، وتكنولوجية، وتعليمية، وثقافية.
يُمكن لاتفاق واسع بشأن الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط، أو ائتلاف للابتكار في مجال المياه، أو تطوير أدوات تكنولوجية مشتركة، فتح عهد جديد من الاعتماد المتبادل، تكون فيه إسرائيل في موقع القيادة.
إن صعود الخصوم الإقليميين لا يعني بالضرورة لعبة ذات محصّلة صفرية. يمكن خلق توازُن مع تركيا، من خلال بناء شراكات أمنية وبنى تحتية أعمق مع اليونان، وقبرص، ودول البلقان.
تبقى مصر ورقة عامة. وبينما تتأرجح بين عدم الاستقرار والنزعة القومية، يجب على إسرائيل أن تقدّم دعماً استراتيجياً هادئاً، من تعاوُن اقتصادي، وتبادُل تكنولوجيا المياه، ومبادرات مشتركة لمكافحة "الإرهاب"، لضمان بقاء القاهرة قريبة، بدلاً من أن تبتعد وتتحوّل إلى طرف بارد.
الفن والولاء: المرساة الأميركية
تظل الولايات المتحدة الحليف المركزي لإسرائيل، لكن في الوقت الذي تعيد واشنطن توازُن مجالات تركيزها على المستوى العالمي، يجب على إسرائيل أن تضمن استمرارية هذه العلاقة، مع الاستعداد لاستقلالية استراتيجية.
إن بلورة اتفاقيات دفاعية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة لا تقتصر على الدعم العسكري فقط، بل تشمل أيضاً التعاون التكنولوجي والاستخباراتي، والذي قد يضمن دعماً أميركياً للرؤية الإقليمية الإسرائيلية.
في الوقت نفسه، يجب أن تُستكمل هذه الاستراتيجيا من خلال مدّ اليد إلى أوروبا والهند ودول أفريقية مختارة، لإظهار أن إسرائيل ليست مجرد لاعب شرق أوسطي، بل هي حلقة وصل بين أوراسيا من خلال الابتكار والمرونة.
إدارة التنين والدب
ماذا عن الصين وروسيا؟ لا يمكن تجاهُل أيٍّ منهما.
الصين عملاق اقتصادي، ويجب أن تكون المشاركة معها براغماتية وحذِرة: الترحيب بالاستثمارات في القطاعات غير الحساسة (مثل البنى التحتية، أو الطاقة النظيفة)، مع الحفاظ على حماية التكنولوجيا المركزية وميادين الأمن السيبراني.
الشفافية والتنسيق مع الولايات المتحدة في هذه الشراكات سيساهمان في تجنّب ردات فعل دبلوماسية حادة.
أمّا البصمة الإقليمية لروسيا، فهي في الأساس عسكرية وانتهازية. وبينما يجب الحفاظ على بروتوكولات منع الاشتباك، يجب على إسرائيل عدم تجميل علاقتها بموسكو، وبدلًا من ذلك، ينبغي لها أن تستثمر بهدوء في نماذج إقليمية لما بعد النفوذ الروسي، وخصوصاً في مجال الطاقة، إذ يمكن لإسرائيل وحليفاتها في شرق البحر المتوسط: اليونان وقبرص ومصر، وحتى قطر، إعادة رسم خريطة الغاز في أوروبا.
إيران: الاحتواء، العزل، والتفكيك
تبقى إيران التحدي الرئيس في المدى الطويل، ويجب أن يكون تغيير النظام هدفاً سياسياً، لكن احتواء النظام يجب أن يأتي أولاً. ويشمل ذلك:
- تعزيز المعارضة الداخلية من خلال قنوات رقمية وإنسانية.
- مواصلة الردع السيبراني.
- تعطيل خطوط الإمداد الإقليمية وتمويل الوكلاء.
- الحفاظ على خيارات عسكرية موثوق بها وعلنية.
- والأهم من ذلك، تفكيك قدرتها النووية، فالدبلوماسية قد تؤخرها، لكن القوة يجب أن تبقى مطروحة على الطاولة.
الانخراط في هذا المسار من موقع قوة ليس ضعفاً، وإذا خفّت نبرة طهران في يوم من الأيام، يجب أن تكون إسرائيل مستعدة لتغيير المسار بمرونة دبلوماسية، شرط أن تظل الضمانات الأمنية مستقرة.
إسرائيل كقوة إقليمية: خطوات عملية
- استراتيجية وطنية: إنشاء مجلس استراتيجي للتأثير الإقليمي، يضم قادة في المجالات الأمنية والدبلوماسية والاقتصادية والتكنولوجية.
- دبلوماسية عامة: إطلاق مبادرة لإعادة تموضُع صورة إسرائيل إقليمياً، بمحتوى موجّه باللغة العربية، ومشاركة الشباب، والمنصات التفاعلية.
- دبلوماسية البنية التحتية: قيادة مشاريع إقليمية كبرى في مجالات المياه وأمن الغذاء والذكاء الاصطناعي.
- تحديث العقيدة العسكرية: الانتقال من الدفاع والاستجابة لعقيدة استباقية ذات عمق استراتيجي.
- برامج تعليمية: إنشاء برامج منح دراسية للطلاب العرب والأفارقة في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في إسرائيل.
مزايا التفكير الأكبر
- الأمن: جيران مستقرون وأطر تعاون مشتركة، أمور تقلّص التهديدات الوجودية.
- الاقتصاد: أسواق إقليمية وممرات لوجستية يمكنها تسريع وتيرة النمو.
- الهيبة: تتحول إسرائيل من دولة تردّ على الأحداث إلى دولة تصوغ السياسات.
- الابتكار: شراكات متنوعة تدفع عجلة التكنولوجيا والبحث العلمي.
- فخر في الشتات: ترى الجاليات اليهودية حول العالم في إسرائيل ليس دولة معزولة، بل منارة قيادية.
معيقات الدور الإسرائيلي كقوة إقليمية
- بعض الأنظمة السّنية هشّة، أو مزدوجة الوجه.
- الانقسام السياسي الداخلي قد يعيق رؤية طموحة.
- إيران ووكلاؤها سيواصلون حربهم غير النظامية.
- التنافس بين القوى الكبرى قد يقيّد هامش الحركة السياسية.
- خصوم إقليميون، مثل تركيا وقطر، سيحاولون المناورة دبلوماسياً.
لكن كما يقول المثل العربي: "مَن جدّ وجد"، بمعنى مَن يسعى بجدّ ينجح. وربما، فقط ربما، حان الوقت لنتوقف عن انتظار أن يمنحنا العالم الشرعية، وكما في ذلك الفيلم العبثي الممتع، قد نكتشف نحن أيضاً أن لعبة أكثر جرأة تصنع الواقع الذي ننشده.
إسرائيل تزأر، والآن، يجب أن تقود.
-------------------------------------------
معاريف 14/4/2025
أسبوع الهزائم: تصدّعات في جدار قوة نتنياهو
بقلم: ألون بن دافيد
يبدو أنه لم يسبق لنا أن احتفلنا بعيد الفصح في إسرائيل قط، بينما يخيّم تهديد واقعي وفوري على حريتنا بهذا القدر. ليس فقط على إخوتنا المختطفين الذين يعانون في الأنفاق، بل إنه تهديد لنا جميعاً، كأمة كاملة تم اختطافها، بعضُها طوعاً، على يد مَن لا يحاول حتى إخفاء نيته فرض حكم مطلق علينا. لكن في هذه الليلة من العيد، وبعد أسبوع تكبّد فيه بنيامين نتنياهو الهزيمة تلو الأُخرى، ربما يكون هناك مجال لأمل حذِر بأن المعركة لم تُحسم بعد.
وسط سيل الأخبار الدراماتيكية التي تنهال علينا، يومياً، غابت قليلاً الحقائق المزلزلة التي وُصفت في الرسالة التي قدّمها رئيس "الشاباك"، رونين بار، إلى المحكمة العليا، وفي الإفادة التي قدّمها سلفه، يورام كوهين. كلاهما وصف بالتفصيل كيف يحاول نتنياهو، بشكل ممنهج وعلى مدى سنوات، تسخير القدرات الكبيرة لجهاز "الشاباك" لخدمته الشخصية، سواء في التعامل مع خصوم سياسيين، أو لإسكات الاحتجاجات، أو لمساعدته على الإفلات من قبضة العدالة.
قبل أعوام، كان ظهور وثيقتين من هذا النوع كفيلاً بهزّ أركان المجتمع الإسرائيلي ومؤسساته، لكن شعب صهيون، المنهك فعلاً منذ عام ونصف العام من الحرب التي لا تنتهي، والغارق في بحر من الحزن والفقدان، بات يتحول، بالتدريج، إلى اللامبالاة. هذا بالضبط هو المناخ الذي تنمو فيه الديكتاتوريات، وإن كان لدى أحد شك، فإن تصريحات رؤساء "الشاباك" أوضحت تماماً أن نتنياهو يوجّه بوصلته نحو هذا الهدف تحديداً: حكم فردي يقضي على كل مَن يهدده.
لذا، فإن العرض الذي قدّمه دونالد ترامب، الإثنين الماضي، وفّر لحظات طويلة من الارتياح. ولعدّة دقائق، جلس بنيامين نتنياهو هناك كطالبٍ معاقَب بابتسامة مصطنعة، وكان يمكن أن نرى كيف بدأ الهواء الساخن، الذي كان ينفخ صدره قبل لحظات، يتلاشى شيئاً فشيئاً. إن الصفعات المؤلمة التي تلقّاها من الرئيس الأميركي، سواء بشأن إيران، أو بشأن الرسوم الجمركية، أو حتى بشأن تركيا، تركت آثارها على وجهه، على الرغم من طبقات المكياج الثقيلة.
في اليوم التالي، جاءت صفعة أُخرى من المحكمة العليا، والتي رسمت لنتنياهو خطاً واضحاً لحدود السلطة. لقد قاد نتنياهو آخر ثلاثة حرّاس للبوابة ما زالوا موجودين في إسرائيل: رئيس "الشاباك"، والمستشارة القضائية للحكومة، ورئيس المحكمة العليا، إلى مفترق طرق تكون فيه الخيارات: إمّا الاستسلام أو النضال. رونين بار وغالي بهراف - ميارا اختارا النضال، أمّا رئيس المحكمة العليا، اسحق عميت، فلم يُظهر بعد إذا ما كان سيسير في طريق المواجهة، لكنه أثبت في الوقت الراهن أنه لا يطأطئ الرأس، ففي القرار المتّزن والواضح الذي أصدره منح رونين بار دفعة دعم، وبهراف - ميارا جرعة تشجيع.
نتنياهو، الذي أعلن بصوتٍ مدوٍّ أنه لن يلتزم حُكم المحكمة إذا قررت منع إقالة رونين بار، صمت فجأة، ففي حين سارع الهامش المتطرف في حكومته، بتسلئيل سموتريتش وشلومو كرعي، إلى إطلاق صيحات الاحتجاج ساد الصمت من جهة نتنياهو.
أصبحت تحركات نتنياهو لتغيير نظام الحكم في إسرائيل، من ديمقراطية برلمانية إلى نظام سلطوي، ممكنة بعد أن حوّل حزب الليكود، الذي كان في السابق حركة نابضة بالحياة ومليئة بالحيوية، إلى قطيع من الخراف المذعورة التي لا تتنافس سوى على التملق للزعيم. لكن داخل هذا القطيع الخاضع، ما زال هناك أشخاص يتطلعون إلى الحياة والمستقبل. فهل ستظل هذه الفئة الخاضعة على حالها حتى عندما تظهر علامات الضعف على الزعيم؟
ما مكّن نتنياهو أيضاً من دفع الانقلاب قدماً هو وجود معارضة ضعيفة ومهذبة في مواجهته، وقطاع عام نجح في زرع الخوف في صفوف كبار مسؤوليه، وقد تجلّى هذا الخوف هذا الأسبوع في رد الفعل الهستيري لرئيس الأركان وقائد سلاح الجو على رسالة منتدى الطيارين.
الرسالة نفسها عبّرت عن موقف مبدئي بشأن الأهمية القصوى لتحرير الأسرى على حساب استمرار الحرب، ولم تتضمّن كلمة واحدة، أو تلميحاً إلى دعوة للعصيان، أو عدم الالتحاق بالخدمة. في أيّ حال، فإن معظم الموقّعين لم يعودوا يخدمون في الاحتياط.
على الرغم من ذلك، فإن رئيس الأركان وقائد سلاح الجو قرّرا إقالة جميع العناصر الناشطين الذين وقّعوا هذا النداء العلني. وهدفهما، بحسب قولهما: "منع إدخال السياسة إلى الجيش". لكن جيش الاحتياط لدينا يتكوّن من مواطنين، ويُسمح للمواطنين، على الأقل في الوقت الراهن، بالتعبير عن موقف مبدئي.
في حرب لبنان الأولى، والتي كانت موضع جدل، كان هناك جنود احتياط قاتلوا طوال شهر في بيروت، وعندما عادوا إلى منازلهم خرجوا للتظاهر في الميدان. في ذلك الوقت اعتقدنا أن هذا التصرف جزء من قوة الديمقراطية الإسرائيلية: القدرة على التعبير عن رأي حرّ عندما تخلع الزيّ العسكري، وعندما ترتدي الزيّ تتحمّل عبء الانضباط الرسمي وتنفّذ سياسة لا تؤمن بها. المفهوم السابق للمسؤولية الرسمية استُبدل، اليوم، بالولاء للملك، ومن المؤسف أن الملك ينجح في بثّ الرهبة في نفس رئيس الأركان، الذي أظهر حتى الآن مؤشرات إلى الاستقلالية.
البارقة الإيجابية، هذا الأسبوع، جاءت من مكان غير متوقع: مفوّض الشرطة ـ داني ليفي، الذي أصرّ على التأكيد أمام الكاميرات أنه سيلتزم قرار المحكمة، على الرغم من المحاولات المتكررة من الوزير إيتمار بن غفير لإسكاته.
من المبكر القول، إذا ما كان هذا بمثابة إعلان استقلال من المفوّض، لكن ربما ينجح داني ليفي في كشف التصدّع في جدار الخوف، ويختار أن يكون في الجانب الصحيح من التاريخ.
إن سلسلة الانتصارات الصغيرة هذه لا تشير بعد إلى الاتجاه الذي تتخذه المعركة من أجل حريتنا. نتنياهو، هو الآخر، يناضل هنا من أجل حريته الشخصية، وقد أثبت فعلاً أنه في هذه المعركة لا يملك أيّ كوابح أو محرمات.
-----------------انتهت النشرة-----------------
أضف تعليق