01 نيسان 2025 الساعة 00:21

تقرير: “بتر الجسد والروح.. النساء في غزة ضحايا للإبادة الجماعية”

2025-03-27 عدد القراءات : 75

 غزة: أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، يوم الاربعاء 26 مارس 2025، تقريرًا بعنوان “بتر الجسد والروح: النساء في غزة ضحايا للإبادة الجماعية”، يكشف عن الانتشار الواسع لحالات بتر الأطراف بين النساء جراء الهجوم العسكري الإسرائيلي.

 
 
 
 

ويوضح التقرير أن هذه الإصابات لم تقتصر على الأذى الجسدي فحسب، بل امتدت إلى معاناة نفسية عميقة، فرضت على الضحايا تحديات قاسية في ظل انهيار النظام الصحي والحصار المشدد.

ويؤكد التقرير أن هذه الإصابات، ولا سيما حالات بتر الأطراف، تندرج ضمن الفعل الثاني من جريمة الإبادة الجماعية، المتمثل في “إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأعضاء من الجماعة،” كما ورد في المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وكذلك المادة السادسة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

إذ تؤدي هذه الإصابات إلى إعاقات دائمة، تحدّ من قدرة المصابات على العمل والحركة والاندماج الاجتماعي، فضلًا عن التسبب في صدمات نفسية واضطرابات مستمرة تؤثر جذريًا على حياتهن.

يوضح التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي، في سياق حرب الإبادة الجماعية، قد شنَّ قصفًا همجيًا وعشوائيًا على قطاع غزة، استهدف النساء دون تمييز، متسببًا في مئات الإصابات التي أفضت إلى بتر الأطراف نتيجة استخدام أسلحة فائقة التدمير.

 
 
 
 

ووفقًا لوزارة الصحة، تعرضت 391 امرأة للبتر من بين 4,500 حالة مسجلة منذ السابع من أكتوبر. وتزامن ذلك مع انهيار المنظومة الصحية إثر استهداف المستشفيات والطواقم الطبية، إلى جانب الحصار الخانق الذي حرم القطاع من الإمدادات الأساسية.

وفي ظل النقص الحاد في الطواقم الطبية والمعدات، لجأ الأطباء إلى عمليات البتر حتى للحالات التي كان يمكن علاجها، وغالبًا دون تخدير أو في ظروف غير إنسانية، ما تسبب في مضاعفات خطيرة تعيق تركيب الأطراف الاصطناعية وتفاقم الإعاقة.

وبعد مغادرة النساء المبتورات المستشفيات، يواجهن مصيرًا قاسيًا في أماكن النزوح التي تفتقر إلى أدنى مقومات الرعاية الطبية والدعم النفسي، ما يفاقم آلامهن الجسدية وصدمتهن النفسية، ويجعل التعافي والتكيف مع الإعاقة أمرًا شبه مستحيل.

وقد وثَّق التقرير 17 شهادة لنساء فقدن أطرافهن جراء القصف الإسرائيلي على غزة، مسلطًا الضوء على حجم الأذى الجسدي والنفسي الذي تعرضن له. عبّرت النساء عن لحظات الرعب التي عشنها أثناء الانفجارات، وعن معاناتهن بعد البتر وسط انهيار النظام الصحي وغياب أي دعم نفسي.

 
 
 
 

فقدن حياتهن الطبيعية، وأدوارهن كأمهات، وقدرتهن على العمل والإنتاج، ليجدن أنفسهن في مواجهة واقع قاسٍ من العجز والتبعية. وفي ظل غياب أي رعاية طبية أو تأهيلية، لم يعد أمامهن سوى انتظار رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، على أمل الحصول على أطراف صناعية تعيد إليهن جزءًا من حياتهن المسلوبة.

يؤكد التقرير أن إصابات بتر الأطراف لدى النساء في غزة تندرج ضمن الفعل الثاني لجريمة الإبادة الجماعية، الذي يتمثل في “إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأفراد من الجماعة”، وذلك طبقًا لما نصت عليه المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والمادة السادسة من نظام روما الأساسي.

ويُعرَّف الضرر الجسيم في هذا السياق بأنه إلحاق إصابات جسدية خطيرة، مثل التشويه والبتر، بينما يشمل الضرر النفسي الصدمات النفسية التي تؤثر بشكل بالغ على الحياة الاجتماعية والقدرة على الاندماج في المجتمع.

 
 
 
 

وعلى الرغم من أن الضرر لا يشترط أن يكون دائمًا، فإنه يجب أن يتسم بالخطورة الكافية ويؤثر بشكل طويل الأمد على قدرة الشخص في مواصلة حياة طبيعية وبناءة.

ومن خلال الشهادات الحية التي وثقها التقرير فقد تعرضت العديد من النساء في غزة لبتر أطرافهن جراء الهجمات الإسرائيلية العشوائية، مما أسفر عن إعاقة دائمة أثرت بشكل عميق على أدوارهن كأمهات وعاملات ومنتجات وغير مجرى حياتهن إلى الأبد.

ولم يقتصر البتر على الأذى الجسدي الجسيم فحسب، بل تجاوز ذلك ليشكل إعاقة دائمة تترتب عليها تبعات نفسية طويلة الأمد، أبرزها العزلة الاجتماعية، تراجع العلاقات، وفقدان الأمل في المستقبل. بالنسبة للنساء، يكون التأثير النفسي أكثر شدة، حيث يواجهن تحديات مضاعفة تتعلق بدورهن الإنجابي والاجتماعي.

وتعاني النساء المبتورات من ردود فعل نفسية سلبية نتيجة شعورهن بنقص دورهن، مما يؤدي إلى الاكتئاب، والصدمات النفسية العميقة. كما أن مشاعر الإحباط قد تدفع البعض إلى العزلة، مما يزيد من تفاقم حالتهن النفسية ويقلل من قدرتهن على المشاركة الفعّالة في المجتمع اقتصاديًا واجتماعيًا.

 
 
 
 

يوصي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار وإنهاء جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

كما يجب على الدول فرض حظر شامل على توريد الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك تعليق جميع الاتفاقيات المتعلقة بتجارة الأسلحة، ومنع نقل العناصر ذات الاستخدام المزدوج التي قد تُستخدم في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. علاوة على ذلك، يتعين تعزيز الجهود الدولية لضمان استمرار وقف إطلاق النار لحماية النساء والسكان في غزة، واتخاذ إجراءات حاسمة لمحاسبة إسرائيل وقادتها عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وضمان تقديمهم إلى العدالة. كما ينبغي تكثيف الضغط لفتح جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، لضمان إجلاء النساء المصابات وتمكينهن من الحصول على العلاج العاجل.

 

أخيرًا، يجب وضع برنامج متكامل لإعادة تأهيل النساء اللواتي فقدن أطرافهن في غزة، يشمل تقديم الأطراف الاصطناعية والرعاية الصحية المستدامة، مع توفير فرص تمكين اقتصادي وإدماج اجتماعي للحد من آثار الإعاقة القسرية.


أضف تعليق