29 آذار 2025 الساعة 06:20

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 23/3/2025 العدد 1266

2025-03-24 عدد القراءات : 82

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

هآرتس/ ذي ماركر 23/3/2025

 

 

لن تكون هنا نفس إسرائيل يوم الخميس، تم وضع الجدول الزمني لانهاء الديمقراطية

 

 

بقلم: البروفيسور آفي بار ايلي

 

هذا الصباح، الساعة الحادية عشرة، سيجتمع وزراء الحكومة للمرة الثانية في غضون أربعة أيام، ومرة أخرى لن يناقشوا استئناف الحرب في غزة وفي لبنان، أو سقوط الصواريخ المتجدد على الجبهة الداخلية، أو الشك الخطير حول تسلل استخباري لدولة معادية الى قدس اقداس مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أو الرقم القياسي لعدد القتلى في حوادث السير، 98 حالة منذ بداية العام 2025، أو الرقم القياسي لعدد القتلى في المجتمع العربي، 52 شخص منذ بداية السنة.

على جدول الاعمال اظهار عدم الثقة بالمستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، ضمن أمور أخرى، بذريعة أنها هي المسؤولة عن إخفاقات إدارة الحرب، والجريمة المتصاعدة في الوسط العربي وما شابه.

سيتم عرض مشروع قرار على الوزراء قدمه وزير العدل ياريف لفين، والذي برره في 84 صفحة. حجم الأكاذيب والتشويه والتحيز في هذه الوثيقة لا يصدق. يكفي التصفح من اجل معرفة أن العنوان المناسب له هو “من يحكم بوجود عيب في الآخر هو نفسه غير لائق”، وإلا كيف يمكن شرح أن مستشارة قانونية يتم عزلها من منصبها بذريعة معارضة تعيين مدانين من قبل الوزير دودي امسالم.

عند انطلاق هذه الخطوة غير المسبوقة، اقالة بهراف ميارا، سيتم إعطاء الضوء لافتتاح أسبوع مصيري لمواصلة إسرائيل كونها دولة ديمقراطية.

للأسف الشديد، اقالة رئيس الشباك رونين بار في يوم الخميس الماضي، وبعد ذلك تجميد الخطوة من قبل المحكمة العليا وإعلان رئيس الحكومة والوزراء عن عدم احترام تعليمات المحكمة، حتى بثمن حدوث ازمة دستورية، كانت المقبلات. اذا لم يحدث أي تغيير في اللحظة الأخيرة فان إسرائيل ستنهي الأسبوع القادم بنظام مختلف عن النظام الذي بدأت فيه. حسب الجدول الزمني المخطط له فانه في ظهيرة يوم الخميس القادم لن تكون عندنا نفس دولة إسرائيل.

مثلما تمت اقالة بار فان قرار اقالة المستشارة القانونية للحكومة يتوقع المصادقة عليه بالاجماع. بعد ذلك سيتم عرض الموضوع على اللجنة الاستشارة لتعيين كبار موظفي الدولة، “لجنة غرونس”.

اللجنة تعاني من غياب عضوين من الخمسة أعضاء فيها، عضو الكنيست من الائتلاف، الذي هو عضو في لجنة الدستور، ووزير العدل أو المستشارة القانونية السابقة. وبسبب صعوبة تجنيد الأخير فان الحكومة يمكنها التذاكي وعرض طريق التفافي من اجل المصادقة على الإقالة.

في هذه الاثناء هي ستواصل تجاوز المستشار القانوني من خلال الدفع قدما بتشريع خاص في الكنيست، مثلا، في الساعة الحادية عشرة اليوم ستشرعن لجنة التعليم مشروع قانون عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ (قوة يهودية)، المصادقة على الفصل بين الذكور والاناث حتى في مستويات التعليم العليا.

في الساعة الثانية عشرة ستناقش لجنة الدستور مبادرة رئيسها، عضو الكنيست سمحا روتمان (الصهيونية الدينية)، من اجل منع استخدام مصطلح الضفة أو الضفة الغربية، واستبداله بيهودا والسامرة.

اجراء تحقيق حول ميزانية جنائية؟ ماذا في ذلك.

في الساعة التاسعة صباح اليوم ستعقد اللجنة المالية لاستكمال النقاشات في مشروع قانون الميزانية لسنة 2025. بعد المصادقة في الخامسة فجرا على قانون التسوية وقانون أطر الميزانية، بقي للائتلاف أن يحضر للمصادقة الميزانية نفسها بالقراءة الثانية والثالثة.

المصادقة على الميزانية ستنهي إمكانية اسقاط تقني للحكومة، على الأقل حتى آذار 2026، الامر الذي يعطي للائتلاف “رأس هاديء” كي يستطيع التفرغ للدفع قدما بخطوات الانقلاب الأخرى والمصادقة على تهرب الحريديين من الجيش وشرعنة الضم والتحيز الانتخابي.

على طاولة لجنة المالية سيوضع اليوم الفصل الأخير المختلف عليه من حيث الانحرافات في الميزانية المتعلقة بالتعليم. هناك ستتم مناقشة بالأساس تخصيص المليارات السياسية وسيتم الكشف عن المكافأة الكبيرة للحريديين مقابل تأييد الميزانية. الحديث يدور عن قنوات رسمية وأقل رسمية التي عبرها سيعوض جمهور الحريديين بسبب تقليص الدعم للمدارس الدينية ومراكز الرعاية النهارية (بسبب عدم وجود اعفاء ساري المفعول من التجند للجيش الإسرائيلي). القنوات الرسمية هي التي عبرها يتم ضخ بشكل دائم الأموال شبه المراقبة لمؤسسات تعليم حزبية، التي بعضها مناهض للصهيونية، وبعضها لا يعلم المواضيع الرئيسية كسياسة. كل ذلك في الوقت الذي فيه ضد بعضها يجري تنفيذ اقتصادي، بما في ذلك تحقيق جنائي مفتوح ضد الوزير المسؤول (حاييم بيتون)، في حين أن الخفي أكبر من المكشوف فيما يحدث مع 3.5 مليار شيكل من هذه الأموال، التي يتم ارسالها الى شبكتي التعليم الحزبيتين الرئيسيتين، شبكة معيان، (نبع تعليم التوراة)، وشبكة التعليم المستقلة التابعة لديغل هتوراة.

حسب الخطة، ومن اجل تعيين قضاة لجميع الهيئات، ستكون حاجة الى اغلبية عادية، 5 من بين 9، التي فيها على الأقل ممثل واحد من الائتلاف وممثل من المعارضة، من اجل تعيين قاض في المحكمة العليا هناك حاجة الى اغلبية من أوساط الممثلين السياسيين فقط، وبدون الحاجة الى موافقة القضاة.

 

في حالة عدم التوافق بين المعارضة والائتلاف يتم اقتراح آلية تحطم التساوي الذي بحسبه كل معسكر يعرض ثلاثة مرشحين للقضاء، الطرف الثاني يجب عليه انتخاب واحد منهم. هكذا تتم شرعنة تصنيف سياسي للقضاة، الذين من الآن فصاعدا يجب عليهم الانتماء الى “معسكر يمين” أو “معسكر يسار”، وإلا فانه لن تتم ترقيتهم (كل طرف سياسي سيطمح الى موازنة انتخاب الطرف الثاني). ونتيجة لذلك فان جهاز القضاء سيتم تلويثه بالسياسة.

في محاولة لتأجيل النهاية، قدمت المعارضة 71 ألف تحفظ على القانون، من اجل تجنب استخدام المادة 98 في القانون الداخلي للكنيست تقليص قسري لمناقشة التحفظات، فان المعارضة والائتلاف يتوقع أن يجملا النقاش الماراثوني الذي سيستمر 20 ساعة تقريبا، أي أن التصويت على تعديل القانون سيتم في ظهيرة يوم الخميس. عندها سيتم أيضا هزيمة السلطة القضائية.

 

 

----------------------------------------

 

 

هآرتس 23/3/2025

 

 

عندما حدث هنا الانقلاب النظامي الأول، نتنياهو السياسي لم يكن قد ولد بعد

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

 

معسكر مصاب باليأس والرعب مما هو قادم. احداث الفترة الأخيرة، من بينها استئناف الحرب واقالة رئيس الشباك ومرورا بالازمة الدستورية، خلق الشعور بالصدمة. من كان يصدق أننا سنصل الى هذا الوضع؟ كل شيء مرة أخرى يلقونه وبحق على اكتاف بنيامين نتنياهو العريضة، فهو الذي قام بكل الخطوات الصادمة منذ 7 أكتوبر، هو الذي يقود الانقلاب القانوي؛ هو الرئيس وهو المتهم. ولكن الحضيض الذي وصلت اليه إسرائيل توجد له جذور أعمق بكثير، نحن لم نولد بالأمس ولم يبدأ كل شيء مع نتنياهو. من تفاجأ الآن من الحضيض المتدني يجب عليه سؤال نفسه هل حقا الحديث يدور عن الرعد في يوم صاف. لا، إسرائيل تسير في مسار الانتحار هذا منذ عشرات السنين. ونتنياهو فقط سرع وزاد الخطوات.

 

 

ليغفر لي القراء بسبب العنوان المبتذل، لكن الامر اصبح مستحيل الآن بدونه: الخطيئة الاصلية هي الاحتلال، هو أبو الدنس، هو لا يفسر كل شيء، لكن بدونه كانت ستكون لنا دولة مختلفة. لقد حان الوقت لقول ذلك بصوت مرتفع وواضح، وبالتحديد في هذه النقطة المنخفضة. من سيزيل الغبار عن عيون الأنبياء العظام، يشعياهو لايفوفيتش والذين وقعوا على وثيقة “ماتسبين” (“الاحتفاظ بالمناطق المحتلة سيحولنا الى أمة قتلة ومقتولين”، أيلول 1967، عندما كان عمر الاحتلال ثلاثة اشهر)؟. هؤلاء العظام يضيفون وبحق بأن الدولة ولدت في الخطيئة، ليس ولادتها بل ولادتها في الخطيئة، حيث أنها منذ بدايتها عملت على طرد شعب البلاد الذي يعيش فيها، ومنذ ذلك الحين لم تغير للحظة تطلعاتها.

 

 

الانقلاب القانوني الأول كان الخضوع المهين لجهاز القضاء للاحتلال. من اليوم الأول كان جهاز القضاء المرساة المهمة للاحتلال المجرم. بفضله تمت شرعنته، وبعجزه الفضائحي تم ترسيخه. السياسي نتنياهو لم يكن قد ولد بعد، وكان قد اصبح عندنا انقلاب قانوني بحسبه يوجد نظام لتفوق اليهود في إسرائيل السيادية، بما في ذلك حكم عسكري على أساس العرق، بمصادقة المنظومة القضائية المبجلة. خارجها، وفي أراضي الاحتلال، تأسس نظام ابرتهايد، الذي أيضا كان بمصادقة المحكمة العليا.

 

 

الانقلاب القانوني الأول الذي سمح به جهاز القضاء، والذي يقوض المساواة ويتجاهل القانون الدولي، لم يكن ضرره أقل من الانقلاب الثاني، انقلاب نتنياهو وياريف لفين. قلائل جدا عارضوا الانقلاب الأول، وتمت ادانتهم بأنهم خونة. هذا أمر يستحق تذكره أيضا. لو أن جهاز القضاء صمد في بداية الاحتلال لكان سيصعب تقويضه الآن، في الوقت الذي يتمكن فيه المستوطنون الذين يعيشون على أراض مسروقة (!) من أن يصبحوا قضاة في المحكمة العليا، الامر الذي يعني أن هناك شيء فاسد في المملكة قبل لفين بفترة طويلة. أما القول بأنها حصن فلا.

 

 

في نفس الوقت تم تأسيس نظام الاستبداد الوحشي في المناطق، الذي بدونه لا يوجد احتلال. لقد وصل الآن الى ذروة الدناءة والوحشية، لكن أيضا هو لم يولد الآن، عندما كانوا يكسرون العظام في 1987 ويقتلون آلاف الأطفال والرضع في 2025. عندما يفعلون ذلك فانهم يصبحون دولة منبوذة، حتى بدون نتنياهو. الاعمال البربرية في المناطق لا يمكن أن تتوقف عند الخط الأخضر. لا يمكن أن تكون ديمقراطية في إقليم وديكتاتورية في إقليم آخر. لا يمكن أن تكون هناك روح ديمقراطية في دولة جزء من مواطنيها يخدمون كجنود يستخدمون البطش ويعتبرون ابطال في نظر الجميع. عندما يتم تدريب أجيال على استخدام العنف الجامح فان عاصفة العنف ستنتشر هنا.

الشرطة التي تلقى بعض ضباطها تعليمهم في المكان الذي يسمح لهم فيه بكل شيء، لا يمكن أن تصبحوا حراس القانون عندما يتم نقلهم الى منطقة أخرى. والشعب الذي قيل له لسنوات بأن الاستبداد مشروع ضد شعب آخر، وأنه يحظر عليه التظاهر والتفكير، الحركة والعمل، وحتى التنفس والعيش، لا يمكن أن يكون شعب ديمقراطي. الآن نتنياهو يقوم بقطف الثمار المسمومة التي نمت في هذه الأصص العفنة، ويستخدمها لاغراضه الخاصة. لا يمكن الاعتقاد بأنه عند رحيله ستزول اللعنة، كل اللعنة.

------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 23/3/2025

 

 

إسرائيل تستعد لاحتلال غزة والسيطرة الكاملة على السكان

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

 

عائلات المخطوفين الذين يحملون الجنسية الامريكية والمحتجزين لدى حماس في قطاع غزة، سمعوا مؤخرا من كبار رجالات إدارة ترامب تنبؤات كئيبة بشأن احتمالية التوصل الى صفقة أخرى. المشاركون في المباحثات تولد لديهم الانطباع بأنه في هذه المرحلة المفاوضات عالقة تماما وأن الرئيس ترامب لا ينوي استخدام الضغط على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للعودة والتقدم في خطة للتوصل الى صفقة. بالعكس، في هذه الاثناء يبدو أن ترامب ينوي دعم نتنياهو في حالة قرر الأخير الانتقال الى عملية برية واسعة، استمرارا للقصف الجوي الكثيف لإسرائيل في منتصف هذا الأسبوع الذي أدى الى انهيار وقف اطلاق النار.

 

 

في أوساط عائلات المخطوفين يسود قلق كبير إزاء التطورات. قبل القصف الإسرائيلي الذي قتل فيه حسب حكومة حماس اكثر من 400 فلسطيني (بعد ذلك تم الإبلاغ عن اكثر من 300 قتيل آخر في هجمات أخرى)، ناقش الطرفان بواسطة دول الوساطة سلسلة من الاقتراحات التي طرحها الامريكيون لاطلاق سراح مخطوفين آخرين مقابل تمديد وقف اطلاق النار. الآن يبدو أن احتمالية عودة سريعة الى هذه الخطط أصبحت ضئيلة جدا.

 

 

هل حقا هذه ستكون النهاية؟ ليس بالضرورة. في مقابلة مطولة اجراها مع المذيع اليميني تاكر كارلسون قال أول أمس المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف إن موقف نتنياهو بخصوص المفاوضات يناقض موقف غالبية الجمهور الإسرائيلي. حسب قوله “بيبي يشعر بأنه يفعل الامر الصحيح. هو يقف امام الرأي العام (الإسرائيلي) الذي يريد عودة هؤلاء المخطوفين”. وقد وصف اللقاء مع العائلات في ميدان المخطوفين، الذي امتنع نتنياهو عن الوصول اليه كـ “تجربة روحية”.

 

 

ويتكوف أضاف “نحن يجب علينا إعادة هؤلاء الأشخاص. أنا اتحدث مع بيبي وديرمر عن ذلك. لكن يوجد لهما أيضا موقف استراتيجي في مسألة كيف يجب معالجة حماس. نيتهما جيدة، وسياسة الرئيس هي أن حماس لا يمكن أن تواصل الوجود هنا”. الى جانب التملق للمسؤول عنه، ترامب، حرص ويتكوف على اغداق الثناء على الوسيطة قطر، التي تحصل مؤخرا على انتقاد كبير في إسرائيل إزاء علاقاتها مع حماس.

 

 

ستارة من الدخان

 

 

إسرائيل في الواقع ركزت حتى الآن بالأساس على الهجمات من الجو، الى جانب اقتحامات برية صغيرة في شمال القطاع، في الجزء الشرقي لممر نيتساريم، في وسط القطاع، وفي منطقة رفح في الجنوب. ولكن في نفس الوقت ما زالت هناك استعدادات تجرى لتطبيق الخطة الكبيرة لرئيس الأركان الجديد ايال زمير، هجوم بري واسع في القطاع بواسطة تجنيد عدة فرقة تشمل وحدات احتياط كثيرة. زمير قال للوزراء بأنه يعتقد أن خطته يمكن أن تؤدي في هذه المرة الى تحقيق الهدف الذي لم تحققه إسرائيل خلال سنة ونصف من الحرب، وهو التدمير المطلق لسلطة حماس وقدرتها العسكرية.

 

 

مصادر امنية قالت لـ “هآرتس” بأن إسرائيل ما زالت تبقي مجال لصفقة مؤقتة، التي خلالها يتم اطلاق سراح مخطوفين. ولكن حسب اقوال هذه المصادر وإزاء الضغط السياسي للحكومة بفضل توسيع القتال فانه يبدو أن هذه حقا سيشتد بدون تحقيق صفقة. خطة نتنياهو طموحة جدا ولا تواجه تحفظات مهمة وواضحة من قبل كبار ضباط الجيش والشباك. النية هي استغلال العملية العسكرية بقيادة زمير لفرض الحكم العسكري في القطاع، أو في جزء كبير منه، مع نقل السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية للجيش الإسرائيلي. رئيس الأركان السابق، هرتسي هليفي، عارض ذلك بشدة وحذر من أنه محظور السماح بوضع يقتل فيه الجنود اثناء توزيع الطحين على السكان المدنيين الفلسطينيين.

 

 

يبدو أن إسرائيل تنشر الآن سحابة دخان حول نوايا الحكومة والجيش الحقيقية، مع انتظار بشرى في المفاوضات، التي مشكوك فيه أن تصل، ويمهدون الأرض للعملية الواسعة لاحتلال القطاع وإعادة سيطرة إسرائيل الكاملة عليه. هذا سيحدث في الوقت الذي فيه الأحزاب اليمينية المتطرفة في الحكومة تدفع الى إعادة الاستيطان والطرد القسري للفلسطينيين الذي سيعرض على أنه “هجرة طوعية” بدعم ترامب. العميد احتياط عوفر فنتر يستعد الآن بانفعال والاعداد لعمل إدارة تشجع الهجرة بادارته. في حين أن استطلاع لجهاز الامن في أوساط الفلسطينيين يتوقع أنه تقريبا ربع السكان وافقوا على الهجرة، رغم أنه من غير الواضح أي دولة ستوافق على استيعاب سكان من غزة.

 

 

الصحافي عميت سيغل، الضليع جدا فيما يجري في بلاط نتنياهو، كتب في يوم الجمعة الماضي في صحيفة “يديعوت احرونوت” بأن توجه نتنياهو هو تغيير مطلق لقواعد اللعب، بدعم كامل من ترامب. وحسب قوله فان “ما اقنع الرئيس اكثر من أي شيء آخر بالعودة الى الحرب هو بالتحديد اللقاء مع المخطوفين (الذين تم اطلاق سراحهم). هم جاءوا لاقناعه بأنه يجب اخراج الجميع الآن، وقد اقتنع بأنه قبل ذلك يجب اخراج حماس الآن. مرة تلو الأخرى سأل اذا كان هناك أبرياء أو صديقين ساعدوهم في غزة، وأجيب بالسلب.

 

 

الادراك بأن الحرب توشك على التوسع مع الخطر على حياة المخطوفين الذين بقوا على قيد الحياة وعلى حياة جنود الجيش الإسرائيلي، يثير مجددا النقاش في جيش الاحتياط. في الخلفية يتراكم أيضا الغضب في أوساط معارضي الحكومة على قرار نتنياهو اقالة رئيس الشباك رونين بار. للمرة الأولى منذ بداية الحرب يطرح الكثير من رجال الاحتياط، بينهم طيارون في سلاح الجو، إمكانية وقف التطوع للخدمة ردا على التطورات. آخرون كثيرون، بما في ذلك في الجيش النظامي، يناقشون سيناريو لـ “الرفض الرمادي”، أي عدم الامتثال بدون الإعلان عن سبب عملهم الحقيقي.

 

 

عن بار وقطر

 

 

المحكمة العليا أصدرت أمس أمر مشروط ضد اقالة بار. المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، أرسلت في اعقاب ذلك رسالة لنتنياهو حذرته فيها من أن المنع يسري على المس بمكانة بار واجراء مقابلات لتعيين وريث له، طالما أنه لم يتم توضيح الخوف من وجود تضارب المصالح الذي يوجد فيه رئيس الحكومة. نتنياهو ينشر إشارات بأنه يفحص عدم احترام هذا الامر، في حين أن وزراء وأعضاء كنيست في الاستلاف يهاجمون بشدة المحكمة والمستشارة القانونية.

 

 

يبدو أن جزء من الضغط على رئيس الحكومة يتعلق بتقدم التحقيق في الاشتباه بأن ثلاثة مستشارين اعلاميين له حصلوا على الأموال من قطر أو كانت لهم معها علاقات تجارية بدون أي افصاح مناسب وإجراءات لفحص تضارب المصالح. تعميق التحقيق في هذه القضية وفي القضية المتعلقة بها – تسريب وثائق لشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” لصحيفة “بيلد” الألمانية في اطار حملة نشر معلومات كاذبة ضد صفقة المخطوفين – يثير التوتر في محيط نتنياهو. مثلما في السابق فانه من المرجح أن الخوف هو من شهود الدولة بأن يلقوا ما يعرفونه أيضا على سلسلة متخذي القرارات التي توجد فوقهم. الحلقة الضعيفة في منظومة تطبيق القانون هي الشرطة، التي هي تشارك في التحقيق القطري، لكن في ظل الوزير الذي عاد الى وزارة الامن الوطني ايتمار بن غفير، تكرس معظم الاهتمام لفرض الرعب على المتظاهرين ضد الحكومة.

 

 

نتنياهو ومكتبه حاولوا القاء التهمتين على بار، حول عملية اقالته. حسب التهمة الأولى فان أداء بار واصدقاءه في طاقم المفاوضات (من بينهم رئيس الموساد دادي برنياع والجنرال احتياط نيتسان الون)، شوش على التقدم في صفقة المخطوفين الى درجة أن نتنياهو قام باستبداله بطاقم جديد برئاسة الوزير ديرمر. حسب التهمة الثانية، التي تأتي مباشرة من مكان التآمر، فان بار عرف لساعات عن هجوم حماس في 7 أكتوبر قبل حدوثه، لكنه لم يقم بالاتصال مع نتنياهو، وهكذا لم يمنع الكارثة. هذه اقوال هستيرية تماما وخطيرة، ولا يقل عنها خطرا الاقوال التي سمعت في جلسة الحكومة في مساء يوم الخميس، التي فيها تمت المصادقة على قرار اقالة بار بالاجماع. لقد ذهب الديمقراطي الكبير، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بعيدا عندما طالب بإزالة أحد اهداف الشباك، الدفاع عن الديمقراطية، من قانون الشباك.

 

 

جو بولين، والد هيرش غولدبرغ بولين، المخطوف الذي قتلته حماس مع خمسة من أصدقائه في نفق في رفح في آب الماضي، هاجم ادعاءات نتنياهو. في منشور نشره أمس في الفيس بوك كتب بولين بأنه “يأمل بأن القصة الحقيقية للمفاوضات الفاشلة لتحرير المخطوفين سيتم كشفها ذات يوم. أنا استمر في الاعتقاد بأن الحكومة لم تعط في أي يوم تفويض كبير بما فيه الكفاية وجدي للطاقم الإسرائيلي. جزء من طاقم المفاوضات دفع بشدة لكن بدون نجاح، من اجل إعطاء تفويض اكبر. شكرا لك، يا رونين بار، لأنك أحد الذين دعموا ذلك.

في هذه الاثناء يبدو أن الازمة الدستورية حول اقالة بار ونية اقالة بهراف ميارا، ستندمج في النقاش المتصاعد حول طبيعة الحرب في القطاع. يصعب استبعاد احتمالية أنه من ناحية نتنياهو فان هذا هو التوجه المطلوب – مواجهة بقوة عالية، في عدة جبهات، التي خلالها تشتد الخطوات تجاه معارضيه، وسيحاول تحقيق هدفه الأسمى: البقاء في الحكم مع تأجيل الإجراءات في محاكمته الجنائية. ولكن في تقاطع توجهات التصعيد، الدستوري والأمني، توجد ميزة واحدة وهي أن المعسكر الذي يدافع عن الديمقراطية استيقظ من سباته ويبدو أنه بدأ في النزول الى الشوارع باعداد كبيرة مرة أخرى.

------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 23/3/2025

 

 

بلا كوابح الصراع يعود الى الشارع

 

بقلم: ناحوم برنياع

كان مكتظا أمس في ميدان هبيما وفي الشوارع المجاورة. لم يكن فرح في المظاهرة رغم الطبل والزمر؛ ولئن كان غضب فقد كان مكظوما. لكن كان امتثال مكثف للنواة الصلبة، خطوة بداية لسلسلة اعمال احتجاج يومية، راديكالية اكثر وراديكالية أقل.

ان استئناف المظاهرات الكبرى هو بشرى طيبة لكل من يخشى على وجود إسرائيل كدولة حرة. والمقارنة بين إسرائيل والولايات المتحدة يجب أن يملأنا بالفخار. ففي أمريكا يتولى رئيس يتآمر على الدستور وعلى اللعبة الديمقراطية. نصف أمريكا ترد بقلق لكن حاليا احد لا يخرج الى الشوارع. اما عندنا فالشوارع آخذة بالامتلاء.

حكومة إسرائيل الحالية ورئيسها اكتسبا باستحقاق كل المظاهرات ضدهما، تلك التي كانت وتلك التي ستأتي. يمكن حتى القول ان هذا هو الامر الوحيد الذي اكتسباه باستحقاق. لكن ها هي الشوكة: المظاهرات تكون فاعلة فقط عندما تكون مؤلمة للحكام. اذا لم يكن ألم فلا يكون خوف، لا يكون لجام، لا تكون كوابح. نتنياهو اليوم، كما يخيل، محرر من الألم. هذا ليس نتنياهو 2011، الذي بحث من تحت الأرض عن حل يهديء احتجاج روتشيلد الذي قلب العالم من أجل نبأ إيجابي في موقع “واللا”، لم ينم في الليل بسبب هبوط 1 في المئة في الاستطلاعات. هو رجل آخر: ما يشعر به الإسرائيليون صغير عليه. هو واثق بانه مع نصف الشعب يعرف كيف يتدبر حاله؛ اما النصف الثاني فهو يمقته. هم جزء من مؤامرة خبيثة تسعى لتصفيته.

لا سبيل لايلامه لان كل ما يؤلم رؤساء الوزراء لم يعد يؤلمه. هو ينظر الى عشرات الاف المتظاهرين الذين يهتفون “احتقارا” حين يرون صورته على الشاشة وهذا لا يؤلمه. ان يأتي مئات الالاف للتظاهر ضده – هذا أيضا لا يؤلمه؛ ان يعلن اضراب عام في الاقتصاد يكلف مئات الملايين – هذا لا يجعله يتراجع. المال لا يؤلمه – طالما كان هذا مال الدولة؛ قرارات محكمة العدل العليا كانت ذات مرة تؤلمه. في اللحظة التي اعلن فيها انه لن ينفذ قرارات محكمة العدل العليا انقضى الألم.

اخفاق 7 أكتوبر لا يؤلمه: فقد اقنع نفسه بان هذا هو اخفاق الاخرين: مصير المخطوفين وعائلاتهم لا يؤلمه: هو ألم الاخرين. المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قال في نهاية الأسبوع ان نتنياهو لا يرى أولوية في تحرير المخطوفين. وأضاف نصف احتجاج: نتنياهو يعمل هكذا بخلاف الرأي العام في إسرائيل. ويتكوف لا يفهم انه في عالم نتنياهو الجديد الرأي العام هو موضوع هامشي.

نتنياهو تحرر من الألم في ضوء ما يحصل في المطلة، في الغلاف، في الجيش، في الشباك، في جهاز القضاء، لا يؤلمه: مثل ترامب اقنع نفسه بان كل من يتبوأ وظيفة هو دولة عميقة، كلهم ضده. يجب اقالتهم، الثأر منهم وليس اشفاء آلامهم.

التحرر من الألم هو قوة. هو يسمح للحكومة بان تدفع قدما بانقلابها النظامي في ذروة الحرب وان تستغل الحرب كي تسكت المعارضة وتسرع الانقلاب. هكذا تصرف موسوليني في إيطاليا بنجاح لا بأس به. هكذا تصرف فرانكو في اسبانيا. نتنياهو، كما درج على القول، يعرف التاريخ.

لبيد وغولان، الخاطبان المركزيان في المظاهرة في هبيما، دعيا الى العصيان. كل بطريقته. لم يشرحا كيف يتم هذا، ماذا نقول بالضبط لموظف تقدير الضريبة، للشرطي، للقائد في الجيش. منذ اليوم يوجد في جيش الاحتياط رفض هاديء، بشكل عام لاعتبارات شخصية وضغط اقتصادي وعائلي لكن أيضا بسبب تملص الحريديم والحرب التي لا نهاية لها. فهل هذا يؤلم نتنياهو وحكومته؟ حاليا لا. هم يعملون وكأن المقاتلين هم مقدرات غير محدودة. للسعوديين يوجد نفط، لحكومتنا يوجد جنود.

نتنياهو تعلم من ترامب قوة الاصبع في العين: اذا كان نصف الإسرائيليين يتألمون لاقالة المستشارة القانونية للحكومة، فان النصف الثاني سعيد لان يروهم في ألمهم. اقالة المستشارة تستهدف تحرير الحكومة من إمرة القضاء. الأغراض هو العلاوة. هو ينجح على نحو رائع على القاعدة. افقأ لنا عينا واحدة، يطلب البيبيون. اذا فقأت للطرف الآخر العينين ستجعلنا سعداء.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يديعوت احرونوت 23/3/2025

 

مواجهات الجيش الإسرائيلي وتهديدات الضم

 

 

بقلم: يوآف زيتون

 

رغم أن استئناف الحرب في غزة يبدأ هذه الأيام على خلفية ضجيج مثل انقسام خطير في الشعب بلا الاجماع الوطني الذي كان بعد 7 أكتوبر؛ مؤشرات على رفض الخدمة في الجيش؛ سن قانون تملص من الخدمة للحريديم؛ ثورة قضائية؛ واحتجاج متعاظم ضد الحكومة، في هيئة الأركان الجديدة يبقون على غموض شاذ حول الأهداف الحقيقية للمعركة المتجددة، رغم اثمانها الباهظة التي تلوح في الأفق.

تلميحان لما سيأتي تلقيناهما في ملاحظات جاءت تقريبا بالمناسبة في نهاية الأسبوع الماضي من وزير الدفاع إسرائيل كاتس وممن كان حتى بضعة أيام مضت رئيس الطاقم الهجومي في قيادة المنطقة الجنوبية العميد احتياط ايرز فينر.

في بوست على الفيسبوك دحرج فينر روايته لحدث الوثائق السرية التي فقدها قبل نحو شهرين في موقف السيارات في برج مكاتب في رمات غان. وكانت القضية انكشفت الأسبوع الماضي في “يديعوت احرونوت” وفي “واي نت” وهكذا أيضا علم بها رئيس الأركان ايال زمير وقائد المنطقة الجنوبية الجديد ينيف عاشور اللذين نحيا فينر من الخدمة فورا.

“يحزنني أنه بعد سنة ونصف من “دفع العربة” في طلعة الجبل حين بدا أخيرا أننا وصلنا الى السطر الأخير والقتال سيلقى الانعطافة (التي كان مطلوبا اعطاؤها له قبل سنة) الصحيحة، فاني لن أكون قرب الدفة”، كتب فينر ضمن أمور أخرى كما يبدو كتلميح لما هو الجيش كفيل بان يفعله في الأشهر او في السنوات التالية في قطاع غزة.

في وظيفته على مدى 500 يوم من الحرب كان فينر مؤتمنا، بما في ذلك في الأسبوع الأخير، على تخطيط الخطوات الهجومية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بمعانيها التكتيكية وبتداعياتها الاستراتيجية بعيدة المدى. كما أن فينر لم ينفِ اتصالاته، ظاهرا، بخلاف الأوامر مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على مدى اشهر الحرب، التي في اثنائها يدفع سموتريتش المرة تلو الأخرى نحو إقامة حكم عسكري في قطاع غزة.

قيادة الجيش السابقة ووزير الدفاع السابق يوآف غالنت، عارضتا ذلك بسبب اثمان الخطوة: آلاف الجنود الذين سيعملون في جهاز سلطوي – عسكري جديد في القطاع يعرضون حياتهم للخطر في توزيع الطعام وإدارة الحياة اليومية للغزيين. ولهذا فقد اوصوا بالدفع قدما بحكم فلسطيني آخر في القطاع، ليس حماس، حتى وان كانت أجزاء منه متماثلة مع السلطة الفلسطينية وطالما كان لهذا تشجيع امريكي، رعاية مصرية وتمويل خليجي، من اتحاد الامارات مثلا.

في تلميح إضافي نشر وزير الدفاع إسرائيل كاتس بيانا كتب فيه ما بدا كسياسة استيلاء على مناطق جديدة تنتهجها الحكومة: “وجهت تعليماتي للجيش الإسرائيلي للاستيلاء على مناطق أخرى في غزة، في ظل اخلاء السكان وتوسيع المناطق الأمنية حول غزة في صالح حماية البلدات الإسرائيلية وجنود الجيش. كلما واصلت حماس رفضها تحرير مخطوفين فانها ستفقد المزيد فالمزيد من الأرض التي ستضم الى إسرائيل”.

الكلمات الأخيرة في بيان كاتس، التي اقرت بطبيعة الأحوال لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ليست أقل من مذهلة: حسب هذه السياسة، فان خطوات التقدم البطيئة لقوات الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة الى مزيد من مقاطع الأرض في القطاع، لا تستهدف بالضرورة القتال ضد حماس بل احتلال تلك الأماكن واعادتها على ما يبدو مقابل المخطوفين – واذا واصلت حماس الرفض، فانها ستضم الى دولة إسرائيل. بكلمات أخرى: الأرض مقابل الدم. حتى الان اتخذوا في إسرائيل جانب الحذر من التلميحات بإعادة الاستيطان في قطاع غزة كجزء من القتال الطويل، وذلك أيضا لاجل مواصلة التمتع بشرعية دولية للقتال في زمن طويل بهذا القدر.

في هذه اللحظة لا يتضمن الاستيلاء على الأرض قتالا بل احتلال واحتفاظ فقط وفي مناطق ضيقة في القطاع: مثل مواقع حول ما كان ممر نتساريم الذي انسحب منه الجيش الإسرائيلي قبل نحو شهرين والان يتواجد فيه مقاتلو الاحتياط للواء 16 مرة أخرى، وهكذا أيضا في شاطيء بلدة بيت لاهيا في شمال القطاع، وفي اجتياح مكرر بحي الشاغورة في غزة.

في الجيش لا يتحدثون

تمهيدا للخطوة الجديدة في الجيش يقلون من شرحها للجمهور الذي سيدفع اثمانها الباهظة. الناطق العسكري (حتى الان) العميد دانييل هجاري، لا يخرج الى الكاميرات ليشرح للجمهور ما سيحصل في القطاع بشك يقلل الشكوك بعض الشيء، وفي الجيش بشكل عام يستصعبون شرح أهداف الخطوة باستثناء شعار “تشديد الضغط على حماس” التي من جهتها لا تبدي مؤشرات انكار، في الوقت الذي يذوي فيه عشرات المخطوفين في الانفاق.

صاخب للغاية صمت رئيس الأركان الجديد زمير. الخطوة “الاستفزازية” الوحيدة التي تجرأ على أن يقوم بها في الأسبوع الأخير هي تأييد رفيقه الذي على شفا التنحية، رئيس الشبان رونين بار، من خلال صور نشرها في وسائل الاعلام، له ولبار، مرتين، يديران معا استئناف القتال في الجنوب. هذه الصور هي اكثر من بث العمل كالمعتاد، في العمل المشترك بل ترمز الى اعراب عن تأييد صامت لبار.

في خطابه الأول كرئيس اركان، قبل ثلاثة أسابيع، اصدر الفريق زمير قولين هامين. “علينا أن نستعد لحرب استنزاف متعددة الساحات”، قال، و “حماس لم تهزم في الحرب”. معنى القول الثاني – حيال نتنياهو، كاتس، ورئيس الأركان المنصرف هرتسي هليفي الذين جلسوا على يمينه – لا يحتمل الوجهين: إسرائيل والجيش الإسرائيلي فشلا في محاولة هزيمة حماس التي ليس فقط لم تقوض بل اعيد بناؤها مع كتائبها، وحسب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مع اكثر من 20 الف نشيط مسلح.

القول الأول تلقى تعبيرا منذ نهاية الأسبوع: لم يخدش أي إسرائيلي، جسديا على الأقل، لكن في غضون اقل من يوم واحد اطلقت الى إسرائيل، من المطلة عبر تل أبيب وحتى عسقلان، تنقيطات صواريخ ومقذوفات صاروخية من لبنان، من غزة ومن اليمن.

النار من لبنان، التي اطلقت امس في محيط الساعة 7:30 صباحا هي الأولى بعد ثلاثة اشهر ونصف. وانطلقت الصافرات في المطلة والجيش اعلن عن اعتراض ثلاثة صواريخ اجتازت نحو أراضي البلاد. اغلب الظن ثلاثة صواريخ أخرى اطلقت لم تجتاز الى أراضي إسرائيل. صحيح أن حزب الله نفى أمس في بيان رسمي كل صلة باطلاق الصواريخ نحو المطلة، لكن سلاح الجو هاجم فورا ردا على ذلك عشرات الأهداف لحزب الله في جنوب لبنان، وانطلق الى جولة هجمات أخرى أمس أيضا. “لن نسمح لواقع اطلاق نار من لبنان على بلدات الجليل. وعدنا بالامن لسكان الجليل وهكذا بالضب سيكون”، أوضح وزير الدفاع كاتس. “حكم المطلة كحكم بيروت”. حسب الجيش فانه على مدى نهاية الأسبوع هاجم في سوريا، في لبنان، في القطاع اكثر من 200 هدف.

 

عائق عدم الامتثال للخدمة

 

في هذه الاثناء في الجيش لا يعربون عن تخوف من بوادر الرفض التي برزت في الأسبوع الماضي في أعقاب الثورة النظامية، والتي ضمت مساعد طيار قتالي في سلاح الجو وضابط احتياط من وحدة 8200 توقفا عن الخدمة كاحتجاج على خطوات الحكومة، ونحيا. التخوف الكبير في قيادة الجيش هو من الرفض الصامت، القاتم. فعلى أي حال الاف عديدة ممن يستدعون لا يمتثلون الى الخدمة – كذلك واساسا في وحدات قتالية كالكتائب والالوية لاسباب أخرى ومعروفة من التآكل النفسي والجسدي، العبء المتطرف وازمات في البيت، في العائلة وفي العمل.

كل رجال احتياط يمكنه ان يستخدم هذه الأسباب كي يتلقى اعفاء من الامتثال للاستدعاء لخدمة الاحتياط القريبة، وربما أيضا لتلك التي بعدها دون أن يتهم بالرفض حتى وان كانت هذه عمليا ليست الأسباب الحقيقية لطلبه. ويقول ضابط التجنيد في أحد الالوية ان “لن يكون للجيش أي سبيل في مواجهة هذا الرفض الصامت بسبب نطاقه وطبيعته”.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 23/3/2025

 

لمن فتحت بوابات الجحيم؟

 

 

بقلم: ايال زيسر

 

في الأسبوع الماضي عاد الجيش الإسرائيلي وهاجم حماس في غزة. هذه المرة، هكذا شرح للجمهور، يدور الحديث عن هجوم قوي لم يشهد القطاع له مثيل.

التقارير عن هجمات ناجحة أخرى من الجو وعن قتلى آخرين من بين كبار رجالات حماس رافقت اعلان وزير الدفاع بان هذه المرة، بخلاف الماضي، فتحت بوابات الجحيم على غزة.

غير أن عمليا يدور الحديث عن ضربات مقنونة غايتها ممارسة الضغط على حماس كي ترضى وتتوصل معنا، وفي واقع الامر مع إدارة ترامب الى صفقة محسنة تؤدي الى تحرير مزيد من المخطوفين.

 

وبالفعل، بعد الضربة الجوية التي يمكن تفسير نجاحها بعنصر المفاجأة وكذا بالمعلومات الاستخبارية التي جمعت على طول اشهر وقف النار جاءت أيام قتالية تذكر بما سبق أن رأيناه في جولات القتال السابقة على مدى الـ 15 شهرا الأخيرة.                                  

امامنا إذن جولة قتال قوية ستؤدي على ما يبدو الى صفقة جزئية ومحدودة أخرى، تنتهي بطريق مسدود يؤدي الى استئناف القتال وهكذا وهلمجرا. الورقة الوحيدة التي لدى حماس هي المخطوفون، وهذه تفصل بين تصفيتها وبين استمرار حكمها في غزة. وبالتالي، من يعتقد أن حماس ستوافق على تحرير المخطوفين حتى تحت ضغط عسكري مكثف – لا يعرف ما يقول. من ناحية حماس من الأفضل الموت كشهداء في الحرب على الموافقة على صفقة تؤدي الى تصفيتها كقوة عسكرية وسياسية.

غير أن إسرائيل منشغلة بالتكتيك – العسكري والسياسي – لكنها ترفض، بل وتهرب، بسبب العاب الكراسي السياسية الداخلية من كل محاولة لبلورة استراتيجية شاملة حول مستقبل غزة وانهاء الحرب فيها.

واضح أن سلوك إسرائيل على مدى الـ 15 شهرا الأخيرة لم يؤدي الى النتائج المرجوة. صحيح أنه تحققت إنجازات هامة مثل تحرير جزء من المخطوفين وتصفية جزء من القدرات العسكرية لحماس، لكن بغياب رؤيا او نظرة استراتيجية لم تجلب هذه الإنجازات تغييرا حقيقيا للواقع في غزة.

على إسرائيل أن تقرر اذا كانت مستعدة لان تقبل غزة مجردة من السلاح بإدارة عربية او فلسطينية ليست حماس او السلطة، ام ربما تريد أن تحكم بنفسها في القطاع وتديره.

ان استمرار الخوف الشال سيؤدي الى أن يقرر الاخرون، واساسا إدارة ترامب نيابة عنا. بالضبط مثلما حصل عشية الصفقة السابقة حين فقد المبعوث ويتكوف صبره وفرض على نتنياهو وعلى حماس الصفقة التي اعدها.

كان ممكنا التوقع بان تحت إدارة ودية، مستعدة لان تساند تقريبا كل خطوة لنا، ان تفكر إسرائيل بشكل ابداعي بل وجريء، واساسا من خارج الصندوق.

فها هي اسرائيل مثلا تعمل في سوريا على سياسة بعيدة الأثر، موضوعها احتلال أراض واسعة وتحويلها الى حزام امني على طول حدودنا – وان كنا في لبنان بالذات نمتنع عن العمل، حتى في ضوء فشل الجيش اللبناني القيام بواجبه في اتفاق الهدنة ونزع سلاح حزب الله.

لكن في غزة نحن نواصل السير في طريق بلا مخرج نسير فيه منذ بداية الحرب. كان يمكن التفكير باقتراح يتحدى العالم العربي، وموضوعه سيطرة عربية في القطاع في ظل طرد حماس منه. لكن لما كان لا يمكننا ان نعتمد الا على أنفسنا فهاكم فكرة: الأرض والشرف يأتيان متكاتفان الى العالم العربي. فلماذا لا نقرر ثمنا ونسيطر على أراض في القطاع، او حتى عليه كله، بدلا من المواصلة في مناورات عديمة الجدوى في اعقابها ينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة وحماس تعود وتثبت فيها قوتها؟

يجب التوقف عن الخوف من التفكير على نطاق واسع واتخاذ القرارات واساسا محظور ان تملي السياسة الصغيرة اعتباراتنا وسياساتنا.

من يعول على الا نقرر وان نواصل بقوة القصور الذاتي في ما نفعله اليوم، ينبغي أن يتذكر بانه وان كان هذا ينجح أحيانا مثلما في لبنان حيث السلوك المتردد والمتلعثم على طول اشهر أدى، بالصدفة وبالحظ، الى هزيمة حزب الله. لكن ليس مؤكدا ان يعمل الحظ ساعات إضافية في غزة أيضا.

-------------------------------------------

 

هآرتس 23/3/2025

 

 

المتهم نتنياهو: “أنا القانون”… هل تتجه إسرائيل لـ “حرب أهلية”؟

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

في محاولة للتشبه بمناحيم بيغن، غرد رئيس الوزراء نتنياهو أول أمس بأنه “لن تحدث حرب أهلية”. لكن على الفور، أوضح الفرق بين الرجلين، وأضاف بأن إسرائيل دولة قانون. وحسب القانون، الحكومة هي التي تعين رئيس “الشاباك”. بكلمات أخرى، الحكومة هي المرجعية الوحيدة، وهي التي يحق لها عمل كل ما يحلو لها دون أي رقابة ويحق لها أن تتجاهل حماة الحمى.

يعرف نتنياهو أنه يعمل بخلاف القانون القائم في إسرائيل منذ الأزل. لا حاجة للسير بعيداً إلى بيغن وإلى “سمو القضاء”. فنتنياهو نفسه، في الأيام التي سبقت إقرار القانون لإلغاء علة المعقولية قبل أقل من سنتين، قال: “حتى بعد التعديل… ستواصل المحكمة الرقابة على قانونية أعمال الحكومة وتعييناتها. الحكومة والوزراء لا يمكنهم اتخاذ اعتبارات غريبة، والعمل في تضارب مصالح أو تعيينات غير مؤهلة”. لذا، فإن الادعاء بالصلاحيات المطلقة “حسب القانون” التي لا رقابة عليها – حتى حسب نهج “نتنياهو نفسه وكل من أيد التعديل في حينه – هو فكرة ثورية ولا أساس لها على الإطلاق – تناسب الأنظمة الاستبدادية.

يعرف نتنياهو أنه يعمل بخلاف القانون القائم في إسرائيل منذ الأزل

ستكون المحكمة العليا ملزمة، وبلا هوادة، بإلغاء إقالة رئيس “الشاباك”؛ بسبب تضارب المصالح الحاد للرجل الذي يحقق في مكتبه في قضية أمنية خطيرة، ويسعى إلى وقف التحقيق من خلال إقالة الرجل المسؤول عن هذا التحقيق ليستبدل به رجلاً “موالياً”. وهكذا أيضاً في موضوع المستشارة القانونية للحكومة، التي يفترض اليوم بدء إجراء وقف ولايتها. فهي المدعية العامة في دولة إسرائيل، ومن صلاحياتها أن توقف محاكمة نتنياهو أو تتوصل إلى صفقة قضائية مخففة. فلا يعقل أن يقيل المتهم وحكومته من تدعي عليه؛ فلا تضارب مصالح أوضح من هذا.

إذا قررت الحكومة خرق أوامر محكمة العدل العليا، فستدخل إسرائيل إلى أزمة دستورية كاملة، وستخرج من دولة القانون. عندما تخرق الحكومة القانون، فلماذا يتعين على المواطنين إطاعته؟ عن حق، أعلن رؤساء المرافق الاقتصادية عدم قبولهم وضعا كهذا وأن في نيتهم “إيقاف الاقتصاد”. هذا استحقاق. وهكذا يجب أن يعمل رؤساء جهاز الأمن أيضاً؛ عليهم إعلان أنهم سيقفون إلى جانب من يحترم القانون ويطيع المحاكم. عليهم أن يكونوا موالين للمملكة، وليس للملك. كما أن هناك أهمية هائلة لعمل الجمهور: للاحتجاج، للتظاهر، للكفاح في الشبكات وفي وسائل الإعلام – كل من يحب الحرية والديمقراطية ملزم بمساندة المحكمة، كي لا تخشى من إصدار قراراتها حسب القانون. على الجمهور الإسرائيلي أن يوضح بأنه ليس مستعداً للعيش في دولة مستبدة، رئيس حكومتها هو من يقرر ما يقوله القانون وما هو تفسيره، ويتجاهل قرارات المحكمة. في هذا الوضع، تضطر الحكومة أن تتراجع أو تستقيل وتتوجه إلى الانتخابات، وبعدها يبدأ ترميم الدولة من الأرض المحروقة التي خلفتها وراءها.

-----------------انتهت النشرة-----------------


أضف تعليق