05 نيسان 2025 الساعة 18:07

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 18/3/2025العدد 1262

2025-03-19 عدد القراءات : 15

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 18/3/2025

 

 

السلطة الفلسطينية في محاولة لحل الخلاف بينها وبين حماس

 

 

بقلم: يوحنان تسوريف

 

إن موجات الانتقادات المتزايدة لحماس عقب مجزرة السابع من أكتوبر، والضرر الكبير الذي ألحقته بالقضية الفلسطينية، تُقرّب النقاش بين الحركة وفتح من الحسم. يستغل عباس الوضع الراهن ويسعى لتسريع الإصلاحات التي رفضها سابقًا، وذلك لمنع “تصفية” القضية الفلسطينية، أي إزالتها من جدول الأعمال، ولتحديد ما سيحدث في اليوم التالي. الدول العربية المؤيدة لهذا الاتفاق والساعية للحوار مع الغرب تُوافقه الرأي، وتأمل أن تنسحب حماس وقواتها المسلحة من قطاع غزة وتُعارض خطة ترامب للهجرة. هذه طاقة إيجابية تولدت في المنطقة عقب الحرب، ويمكن لإسرائيل استغلالها لمصلحتها، وتحقيق إطلاق سراح الرهائن، وتعزيز أمنها ومكانتها في المنطقة من خلال جهد دبلوماسي حازم.

لقد وضعت موجات الانتقادات المتزايدة لحركة حماس في وسائل الإعلام العربية والفلسطينية ومن قبل المنافسين والمعلقين وباحثي الصراع في العالم العربي المنظمة في موقف دفاعي وفاقمت الانقسامات داخل صفوفها بين أولئك الذين شاركوا في معرفة وتخطيط هجوم السابع من أكتوبر وأولئك الذين أجبروا على الدفاع عنه في وقت لاحق. وفي الأشهر الأخيرة، واجهت حماس أيضًا التحديات التي فرضتها إدارة ترامب والحكومة الإسرائيلية في شكل فكرة “الهجرة الطوعية” لسكان غزة، وإخراج حماس من أراضيها، ومنع السلطة الفلسطينية من العودة إليها. وهكذا، تواجه “المشكلة الفلسطينية” تهديدًا خطيرًا، تهديدًا لم تعرفه في الماضي، يُهدد جميع الإنجازات التي حققتها منظمة التحرير الفلسطينية على مر السنين. في ظل هذه الخلفية، تتزايد الانتقادات الموجهة لحماس، التي تُصوَّر على أنها منظمة من السفهاء الجهلة، الذين يجهلون قواعد النظام الدولي، ويتجاهلون موازين القوى التي تميل بوضوح لصالح إسرائيل وحلفائها. خالد حروب، أردني من أصل فلسطيني، ابن عائلة لاجئة من منطقة بيت لحم، باحث في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومقرب من حماس، يدّعي أنه خلال القرنين الماضيين، لم تشهد حركة معارضة للاحتلال موجات انتقادات حادة كتلك التي واجهتها حركات المقاومة في قطاع غزة وقادتها منذ بداية الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

يبدو أن هذه الحرب، وتسلسلها ونتائجها، تدفع إلى حافة الحسم النقاش القديم بين فتح وحماس حول مسألة التعامل مع الوجود الإسرائيلي في المنطقة، كما تدفع إلى الحسم النقاش القديم الذي يدور في العالم العربي بين التيار القومي الذي يطمح إلى تطوير المجتمع والخروج من قيود الدين والتقاليد والتواصل مع الغرب وثقافته، والتيار الإسلامي المحافظ الذي يخشى فقدان الهوية والقيم التي تقوم عليها هذه المجتمعات.

عباس الذي طالما أدان وانتقد ضحايا إرهاب حماس ومنظمات المعارضة قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لم يدن هجومها الإجرامي هذه المرة. لقد شهد هو وشعبه التعاطف الذي أثاره هذا الهجوم في الأشهر الأولى بعده في شوارع الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي ضعفهم خافوا من التعبير علناً عن الغضب الذي شعروا به تجاه حماس وأفعالها. لكن نبيل أبو ردينة، المستشار الإعلامي المقرب من عباس، وصف الحرب في أشهرها الأولى بأنها حرب حماس وليست حرب الشعب الفلسطيني. وسعى إلى التنصل من أفعالها ومقارنتها بالمسار الذي تحاول السلطة الفلسطينية الترويج له، وهو تجنب النضال العنيف. وفي وقت لاحق، اتهم عباس حماس بتدمير قطاع غزة، واستفزاز إسرائيل، وتزويدها بالأسباب لتبرير أعمالها ضد القطاع وسكانه. وفي الواقع، ومع اتضاح حجم الخسائر والدمار الفلسطيني في قطاع غزة، تتزايد الانتقادات الموجهة لحماس في الساحة الفلسطينية وعلى القنوات الإعلامية العربية التي تغطي الحرب وعواقبها بشكل متكرر. الرسائل أصبحت أكثر حدة وقوة، والمطالبة باعتراف حماس بالفشل ومغادرة القطاع أصبحت أكثر إلحاحاً وصراحة.

وفي الساحة الفلسطينية، تشتد المنافسة بين التيارين الوطني والديني بشكل خاص، لأن الاحتكاك الدائم مع إسرائيل يتطلب المواجهة واتخاذ الموقف واتخاذ القرارات. في بياناتها الأولى وفي الميثاق الذي نشرته حماس بعد أشهر قليلة من تأسيسها في عام 1988، تحدثت حماس بلغة متغطرسة، متهمة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية بالانهزامية، ومدعية أنهما ابتعدتا عن القيم الإسلامية وبالتالي أصبحتا ضعيفتين، وحذرت من التغيير الذي تحدثانه في علاقتهما مع إسرائيل. وقد استمر الصدع الذي نشأ بين التيارين مع اندلاع الانتفاضة الأولى في التعمق منذ ذلك الحين. وكانت محاولات حماس لتخريب عملية تنفيذ اتفاقات أوسلو منذ البداية منظمة ومدروسة وفعالة. وأحرجت هذه الاتفاقيات السلطة الفلسطينية وعززت قوة المعارضة الإسرائيلية لهذه الاتفاقيات.

إن الانقسام بين المخيمات، والذي اتخذ أيضاً طابعاً جغرافياً بعد انتخابات عام 2006 والانقلاب الذي نفذته حماس في قطاع غزة عام 2007، عميق، يتغلغل في كل بيت وكل عائلة في المجتمع الفلسطيني، ويخلق شرخاً واسعاً يصبح مكوناً مهماً من هوية كليهما. على عكس عرفات، خاض أبو مازن نقاشًا علنيًا وصادقًا وحازمًا مع حماس، دعاها فيه إلى الاستفادة من تجربة فتح، وأوضح أن الكفاح المسلح ضد إسرائيل قد فشل بالفعل. ومن أبرز الرسائل التي وجهها معارضو حماس ضدها:

حماس لا تتعلم من تجارب الآخرين وتخاطر بحياة الفلسطينيين ومستقبل القضية الفلسطينية.

حماس لا تفهم قواعد اللعبة الإقليمية والدولية، وترفض قبول الفجوة الكبيرة في القوة والسلطة التي تصب في صالح إسرائيل وحلفائها في الغرب.

حماس لا تفهم ما هو هدف المقاومة للاحتلال، وأن هذه المقاومة تنتهي في اللحظة التي يوافق فيها الاحتلال على التحدث معها.

ما فائدة الذهاب إلى الحرب عندما يكون هناك في النهاية مطلب العودة إلى الوضع الذي كان موجودًا قبلها؟ أليس هذا اعترافا بالفشل؟

 لقد تجاوزت حماس طبيعتها كحركة معارضة للاحتلال عندما شنت حرباً على إسرائيل. لقد نفذت هجوما نموذجيا لجيش أي دولة، وهو ليس إلا نتيجة للغطرسة والنشوة بالسلطة.

إن أسر النساء والأطفال المدنيين كان عملاً خطيراً وغير أخلاقي، وكان ينبغي على حماس إعادتهم إلى إسرائيل على الفور ودون أي تعويض.

إن نتائج الحرب خطيرة إلى درجة أن حماس يجب أن تعترف بالفشل، وتسحب قواتها المسلحة من القطاع، وتسمح لأولئك القادرين على إدارة المنطقة بالقيام بذلك.

خلال النقاش بين الفصائل، اتهمت حماس عباس مرارا وتكرارا بنزع الشرعية عن المقاومة ضد “الاحتلال الإسرائيلي” في جميع أنحاء العالم، والمساهمة في تبرير تعريف عناصر “المقاومة” على الساحة الدولية كمنظمات إرهابية، ووضع المفاوضات السياسية باعتبارها السبيل الشرعي الوحيد لإنهاء الصراع مع إسرائيل. ومع ذلك، بعد مرور عام ونصف العام تقريباً على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بدأ يتبين مدى فشل حماس وغيرها من منظمات “المقاومة” في تحقيق هدف الاستقلال السياسي للشعب الفلسطيني. إن ثقافة الصمود، التي ترى النصر في مجرد بقاء منظمة “المقاومة”، لم تعد مقبولة لدى السلطة الفلسطينية والدول العربية التي تعارض حماس.

وفي ظل هذا الواقع، بدأ أبو مازن في الأشهر الأخيرة باتخاذ خطوات تهدف إلى إظهار القوة والحضور، كما بدأ بتنفيذ إصلاحات كان يرفضها أو يتجنبها في السابق بسبب ضعف موقفه وخوفه من أن تفسر على أنها امتثال لإملاءات خارجية تقوض استقلالية صنع القرار في السلطة الفلسطينية. من بين أمور أخرى:

قد تم وضع آلية لاختيار بديل له في حال أصبح غير قادر على أداء مهامه. ففي مرسوم أصدره في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قرر عباس أن الرئاسة ستنتقل في مثل هذه الحالة إلى رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، الذي سيجري انتخابات رئاسية خلال 90 يوماً، ويمكنه الحصول على تمديد لنفس الفترة إذا لم يتمكن من إجراء الانتخابات في الموعد الأول المحدد.

تلقت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تعليمات بالتحرك ضد المسلحين في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية ــ وهي الخطوة التي تم تجنبها لفترة طويلة بسبب ضعف السلطة وتعاطفها مع حماس. وعملت الآليات لمدة شهرين تقريباً من بداية شهر كانون الأول/ديسمبر 2024 في مخيم جنين للاجئين ضد كتيبة جنين وعناصر مسلحة أخرى في المخيم. انتهت العملية باتفاق مع المسلحين دون جمع أسلحتهم، بل قاطعتها قوات جيش الدفاع الإسرائيلي، التي فضّلت العمل بنفسها داخل المخيم. عمليًا، حاصرت آليات السلطة الفلسطينية المسلحين داخل المخيم، ومنعت أي تحرك ضد المستوطنين والجنود من هناك، بل وواصلت مطاردتهم حتى أثناء تنفيذ قوات جيش الدفاع الإسرائيلي لعمليتها.

أُعلن العفو ال​​عام عن كل من تم طرده من حركة فتح، بما في ذلك ضمناً محمد دحلان وأتباعه الكثر.

أعلن عباس عن نيته تعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الخطوة التي تم تجنبها حتى الآن على الرغم من الضغوط الكبيرة.

وفي كلمته أمام القمة العربية التي عقدت في القاهرة في الرابع من مارس/آذار الماضي، أعلن عباس قراره بضخ دماء جديدة في القيادة وكل آليات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، واستعداده لإجراء انتخابات خلال عام.

وتعيد هذه الخطوات عباس إلى الواجهة مع الدول السنية التي انتقدته مراراً في السنوات الأخيرة. كما أنه تبنى الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة والتي اعتمدتها جامعة الدول العربية، وزعم أنها تتلاءم مع خطته لإعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة. وفي كلمة ألقاها في اجتماع القمة، أعلن أن السلطة مستعدة لتولي المسؤولية عن قطاع غزة مرة أخرى دون مشاركة حماس، وأوضح أن معارضة حماس لمبدأ “سلاح واحد، قانون واحد” الذي تنادي به السلطة الفلسطينية هو السبب في عدم تحقيق إرادة الشعب الفلسطيني، الذي يطالب باستمرار حماس وفتح بالتوصل إلى المصالحة الوطنية.

لقد دفعت الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 طاقات إقليمية ودولية جديدة نحو المنطقة. بعد أكثر من 16 شهراً من الحرب، نجحت إسرائيل في تغيير وجه الشرق الأوسط. لقد حوّل محور المقاومة إلى وعاء مكسور، وقرّب النقاش الداخلي الفلسطيني من الحسم لصالح التيار الوطني الذي اعترف به وكان مستعداً للعيش إلى جانبه. إن الاشمئزاز من حماس والغضب من تصرفات المنظمة هي المشاعر السائدة في الدول العربية التي تسعى إلى استقرار المنطقة بالتعاون مع إسرائيل والولايات المتحدة. ومن هذا المنظور فإن القضاء على حماس، وخاصة جناحها العسكري، يشكل شرطاً أساسياً لتحقيق هذا الهدف، حيث أن الفظائع التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول منحت الشرعية لهذا الشرط. حتى اليوم، لا يُظهر الرئيس ترامب أي اهتمام، على الأقل علناً، بالقضية الفلسطينية. ولكن التعاون مع الدول العربية والاندماج في خطتها لإعادة إعمار قطاع غزة قد يساعد عباس في التعامل مع الرئيس ترامب، الذي أضعف السلطة الفلسطينية إلى حد كبير خلال فترة رئاسته السابقة، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك.

 على إسرائيل أن تستغل هذه الطاقات لتشكيل تحالف إسرائيلي عربي دولي بقيادة الولايات المتحدة، والذي سوف يشترط لإعادة تأهيل قطاع غزة نزع السلاح من المنطقة وانسحاب كل القوات المسلحة منها، بعد إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس وإطلاق سراح المزيد من السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. إن أحد الشروط لتحقيق هذه الخطوة هو موافقة إسرائيل على ضم السلطة الفلسطينية أو أي كيان نيابة عنها إلى القوة التي ستدير وتسيطر على قطاع غزة، فضلاً عن تخلي الولايات المتحدة عن برنامج “الهجرة الطوعية” من القطاع. ومن المرجح أن ترفض حماس هذا المطلب، ولكن من الممكن أن يؤدي هذا إلى خلق ديناميكية من شأنها أن تؤدي إلى تسريع تآكل شرعية المنظمة، وبالتالي تعزيز شرعية السلطة الفلسطينية، أي التيار الوطني في الساحة الفلسطينية.

 

 

----------------------------------------

 

 

هآرتس 18/3/2025    

 

 

رجال قانون: الشباك في خدمة رئيس الوزراء سيعرض الديمقراطية للخطر

 

 

بقلم: حن معنيت

 

 

في الرسالة القصيرة التي ارسلتها المستشارة القانونية للحكومة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التي ابلغته فيها بأنه محظور عليه البدء في اجراء اقالة رئيس الشباك رونين بار. فقد اوضحت له بأن منصب رئيس الشباك هو “ليس منصب ولاء لرئيس الحكومة”. ايضا بار نفسه اشار في الرد على بيان اقالته بأن “توقع رئيس الحكومة لواجب الولاء الشخصي يناقض المصلحة العامة، وهو توقع باطل من اساسه وغير قانوني”. هكذا فان الخوف الكبير لمن يحبون الديمقراطية الآن ليس بالتحديد أن رونين بار الذي يتحمل ايضا المسؤولية عن الفشل في 7 اكتوبر سينهي منصبه، بل أن نتنياهو سيعين بدلا منه في هذا المنصب الحساس والمهم شخص مطيع يكون مخلص له، بدلا من أن يكون مخلص للقانون والجمهور. هكذا فان رئيس الحكومة سيستكمل السيطرة على جهاز الامن العام (الشباك).

 

 

رجال قانون تحدثوا مع “هآرتس” حذروا من أنه اذا كانت القوة الكبيرة التي توجد لدى الشباك، القيام بالتعقب واختراق الخصوصية واجراء تحقيقات، ستخدم رئيس الحكومة وستتم اساءة استخدامها فان ذلك من شأنه أن يعرض للخطر النظام الديمقراطي وحريات المواطن في اسرائيل. هذا الامر يسري بدرجة اكبر عندما يدور الحديث عن حقوق الضعفاء أو عن حقوق الذين يعارضون السلطة والذين ينتقدونها.

 

 

البروفيسور عميحاي كوهين، زميل كبير في المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، ومحاضر في الكلية الاكاديمية اونو، يؤكد على أن منطلق النقاش هو أن التوقع الذي يقول بأن رئيس الشباك سيكون مخلص وسيمتثل فقط لرئيس الحكومة، يناقض مطالب هذا المنصب مثلما هي موجودة في قانون الشباك من العام 2002. المادة 4 (ج) في هذا القانون تنص على أن “الجهاز سيعمل بصورة رسمية؛ لن تلقى عليه مهمة الدفع قدما بمصالح حزبية – سياسية”. كوهين يقول بأنه “يوجد لرئيس الشباك صلاحية في القانون ليضع حدود لصلاحيات رئيس الحكومة والمستوى السياسي” – تقييد ينبع من أن الشباك لديه صلاحيات وقدرات مهمة داخل الدولة، لذلك، هناك خوف من أن يقوم رئيس حكومة بمحاولة استخدامها سياسيا. “بن غوريون استخدم الشباك من اجل ملاحقة خصومه السياسيين”، ذكر كوهين واضاف بأن رئيس الشباك السابق، يورام كوهين، وصف في مقابلة كيف أنه طلب منه رئيس الحكومة التحقيق في تسريبات، وكيف وضع امامه حدود واوضح له بأن الامر ليس في اطار وظيفته. “كلما كان رئيس الشباك خاضع اكثر وينفذ كل ما يطلبه منه رئيس الحكومة فانه بذلك لا ينفذ واجبه حسب القانون”، قال البروفيسور كوهين.

 

 

المحامي غيل غان مور، مدير وحدة الحقوق الاجتماعية في جمعية حقوق المواطن، قال إن الاغراء الموجود لرئيس الحكومة، الذي هو قبل أي شيء آخر سياسي، استخدام صلاحيات الشباك، هو اغراء كبير على خلفية قوة هذا الجهاز. غان مور قال إن قانون الشباك هو قانون ضبابي ويتضمن تعبيرات كثيرة يمكن تفسيرها بشكل واسع. لذلك، حسب قوله، يمكن تفعيل الشباك لاهداف المسافة بينها وبين الاحباط والمس بأمن الدولة، كبيرة. “مثلا، الشباك هو المسؤول عن كشف اسرار الدولة”، شرح غان مور واضاف. “هذا الامر من شأنه أن يترجم الى توجيه لرئيس الحكومة للشباك، للقيام بملاحقة صحافيين نشروا معلومات محرجة ضد الحكومة”.  الشباك ايضا هو المسؤول عن حماية رئيس الحكومة وشخصيات اخرى، يبدو أن هذا الامر يمكن أن يسمح باعطاء توجيه للقيام بملاحقة متظاهرين، بذريعة أنهم يعرضون للخطر أمنها.

 

 

غان مور اضاف أن مفهوم “الحفاظ على أمن الدولة” الذي يظهر في القانون ايضا، هو مفهوم عام وغامض، وهناك خشية من أن يطلب من الشباك الانشغال بمواضيع مدنية بشكل واضح، مثل مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، بذريعة أن منظمات الجريمة يمكن أن تقوم بالاتجار بالسلاح مع التنظيمات الارهابية أو التعاون معها. هكذا، يتم ادخال نشاطات الشباك الى مجال مدني كليا. “اضافة الى ذلك رئيس الحكومة يمكن أن يأمر الشباك بالتحقيق أو التجسس على احزاب المعارضة أو جمعيات بذريعة منع النشاطات السرية، وهو مفهوم ضبابي آخر يظهر في القانون ويمكنه أن يشمل صور كثيرة من معارضة السلطة”، شرح غان مور. وحسب قوله فان الخطر هو أن رئيس الشباك، الذي يتم انتخابه على اساس الولاء السياسي، سينفذ المهمات المشكوك فيها هذه بدون تردد.

 

 

المحامية سوسن زاهر، المتخصصة في حقوق الانسان وتمثل العرب في المحكمة العليا، قالت إن معظم المجتمع العربي يعتقد أن المس بسلطة القانون وحقوق العرب موجودة ويتم الشعور بها ايضا بدون صلة باقالة بار. “المس بحقوق العرب تم التعبير عنه في السياسة الممأسسة في اسرائيل، التي حتى الآن تعتبر المواطنين العرب والفلسطينيين اعداء، وتسمح بسهولة بالمس بحقوقهم”، قالت زاهر. وحسب قولها فان هذا الامر واضح، ضمن امور اخرى، ايضا في الملاحقة التي يقوم بها الشباك للعرب وفي الاعتقالات الادارية لعرب استنادا الى أدلة سرية توجد في أيدي الشباك، وفي تدخل الشباك في التعيينات في الوزارات الحكومية.

 

 

زاهر، التي كانت في السابق نائبة مدير عام مركز عدالة لحقوق الاقلية العربية، قالت إن “العرب هم في الاصل هدف سهل للسلطات”. ولكن حسب قولها فان “هذه المقاربة ستتفاقم اذا كان رئيس الشباك مخلص لرئيس الحكومة. المقارنة المناسبة بالنسبة لي هي اعطاء ايتمار بن غفير، وزير الامن الوطني السابق، فرصة لتولي مسؤولية الشرطة والسيطرة عليها”. وقالت إن الضحايا الاوائل لاستيلاء بن غفير على الشرطة هم المواطنون العرب. “في اكثر من حالة حظر عليهم التظاهر ضد الحرب في غزة، والكثير من العرب تم التحقيق معهم بدون أي مبرر بسبب تصريحات لهم في الشبكة. حسب زاهر فانه اذا كان حتى الآن يمكن احيانا تسليط الضوء على المس بالمواطنين العرب وتوفير الحماية لهم، “فان سيطرة رئيس الحكومة على الشباك يمكن أن تؤدي الى وضع اكثر ظلامية وصعوبة بالنسبة لهم. أنا وبحق لا اعرف الى أين يمكن أن نصل”، لخصت اقوالها.

 

 

غان مور ذكر بأن الخطر في سيطرة سياسي على الشباك لا ينعكس فقط في اساءة استخدام قوة الجهاز، بل ايضا في منع استخدامه. حسب قوله رئيس الحكومة يمكنه الضغط على رئيس الشباك لمنع اجراء تحقيق أو القيام بعمل بطريقة معينة لا تساعده سياسيا. “مثلا، نشر أن الشباك اشتكى من أن الشرطة امتنعت عن استخدام صلاحيتها ضد المستوطنين المشاغبين الذين يمارسون الارهاب ضد الفلسطينيين”، قال غان مور. “اذا حدث شيء مشابه في الشباك فعندها لن يكون هناك من يقوم باحباط الارهاب اليهودي. رئيس الشباك الذي سيتم انتخابه على اساس الولاء السياسي لن يصمد امام الضغط”.

 

 

كوهين يذكر بأنه على المستوى الملموس هناك مواضيع موجودة على طاولة بار – نتنياهو يخشى من هذه المواضيع. الاول هو تحقيق الشباك في علاقات مستشاري رئيس الحكومة مع قطر. الثاني، المعلومات التي توجد لدى الشباك عن موقف المستوى السياسي قبل الفشل في 7 اكتوبر. هو يقول إنه “حول قضية العلاقات مع قطر يوجد أمر منع نشر. ولكن فيما يتعلق بالمعلومات التي لدى الشباك عما فعله المستوى السياسي قبل 7 اكتوبر، فان هناك شعور غير لطيف، أن رئيس الحكومة غير معني بالتحقيق في هذه الامور”. حسب قول كوهين فان رئيس شباك مثل رونين بار يصعب جدا على نتنياهو أن يطلب منه عدم نشر المعلومات، “مقابل رئيس شباك آخر، مطيع، ويسمح بمعالجة متساهلة”.

 

 

يوجد للشباك كجهاز وقائي صلاحية كبيرة للتجسس والتعقب لمواطني الدولة وسكانها. وهو مخول ايضا بتنفيذ عمليات تنصت سرية على أي شخص بمصادقة من رئيس الحكومة وبدون تدخل قاض. ورئيس الحكومة يحصل على نتائج التنصت. الآن التنصت ليس فقط على المكالمات الصوتية بل يمكن تنفيذه ايضا بواسطة برامج تجسس مثل بيغاسوس. الشباك يمكنه الاطلاع على قاعدة البيانات الخاصة باتصالات كل مواطني اسرائيل، حتى الذين يستخدمون البنية التحتية للاتصالات في اسرائيل. قاعدة البيانات تتيح للشباك أن يرسم صورة شخصية واسعة لكل مواطن، والوصول اليه غير مرهون بواجب الحصول على أمر قضائي معين. غان مور يقول بأنه “اذا اراد رئيس الحكومة فانه يمكنه استغلال تاثيره على الشباك للتجسس على خصوم سياسيين ومعارضين للنظام وحراس عتبة بهدف جمع معلومات عنهم تخدمه سياسيا”. ويضيف غان مور بأن المتابعة المبالغ فيها للمواطنين مع المس بالخصوصية يمكن أن تتم ايضا من خلال الاعتقاد بأن هذا هو الامر الصحيح الذي يجب فعله، كما حدث في فترة الكورونا. كما نذكر في حينه اجبر رئيس الحكومة الشباك على استخدام قدرته على التعقب من اجل العثور على مكان مرضى الكورونا ومكان من قام بالاتصال معهم، من اجل ادخالهم الى العزل. واذا لم يكن كل ذلك كاف، فان هناك اقتراح حكومي يريد توسيع صلاحياته. هذا وجد تعبيره في مذكرة قانونية نشرت قبل سنة تقريبا، فيها صلاحيات لجمع معلومات عن جهات خاصة لاستخدام برامج تجسس والقيام بتفتيش مواد الحواسيب.

 

 

غان مور اشار الى أن مراقبة الشباك ضعيفة وأنها ترتكز بالاساس على المراقبة الجارية للمستشارة القانونية للحكومة ورجال طاقمها. ولكن ذلك يتم بأثر رجعي ويرتكز الى تقارير الشباك نفسه. اضافة الى ذلك هناك رقابة برلمانية، لكنها ايضا تتم بأثر رجعي، والواقع يعلمنا أنها غير ناجعة.

غان مور يقول ايضا: “الاهمية الاضافية تكمن في أن من يترأس الجهاز سيتبنى نهج مهني ورسمي، اضافة الى الخوف الشديد من أن يكون الامر يتعلق بشخص تم اختياره على اساس الولاء السياسي”.

------------------------------------------

يديعوت 18/3/2025

 

 

قد تكون اقالة بار قانونية، لكنها تركل المصلحة العامة وتخلق الانشقاق في الشعب

 

 

بقلم: بن درور يميني

 

 

هذه ليست قانونية الخطوة. فللحكومة مسموح ان تقيل رئيس الشباك. كما أنه ليس واضحا على ماذا ولماذا تطلب المستشارة القانونية للحكومة التشاور المسبق معها. لكن حقيقة أن نتنياهو مخول لان يعقد الحكومة كي يقيل رئيس الشباك لا تجعل هذه الخطوة غير مناسبة. انها الملابسات التي تجعل هذه الخطوة خطيرة. فلنتنياهو توجد سيطرة كاملة على الحكومة وعلى الكنيست. ووفقا لارادته تتحقق الأمور. إذا أراد يمكنه أن يحول مليارات أخرى الى المدارس الدينية المتملصة من الخدمة، وان يقلص ميزانيات التعليم والامن. وإذا أراد يمكنه أن يسحق رجال خدمة الاحتياط، ان يستدعيهم لمئات أخرى من أيام الاحتياط، ان يترك المخطوفين لمصيرهم بل وان يسن قانون المتملصين. كله وفقا للقانون. وإذا ما اغاظته المستشارة، فانه سيسرع عملية اقالتها التي توجد منذ الان على طاولة الحكومة.

 

 

لكن هذه ليست أياما عادية. لانه في هذه الأيام بالذات يجري تحقيق من الشباك ضد محيط نتنياهو، قطر غيت، بسبب الاتصالات والدفعات التي ربما تلقاها مستشاروه الكبار من قطر. هذه دولة تعمل ضد مجرد وجود دولة إسرائيل، بدء بتمويل حماس وحتى تمويل جامعات الكراهية في الولايات المتحدة. ينبغي الامل في أن يتبين بان هذه الأمور لم تكن على الاطلاق. لكن يحتمل أن يكون هذا حصل ويحتمل ان بطرق ملتوية أثر هذا على السياسة. وهذا يرتبط بالشباك لان الشباك إياه، الذي يجعل نتنياهو قادته “جبهة ثامنة” أي عدوا بكل معنى الكلمة، هو الذي اقترح عليه المرة تلو الأخرى تصفية قيادة حماس. ونتنياهو هو المسؤول أكثر من أي شخص آخر في إسرائيل، منذ عقد ونصف عن تنمية حماس وحماية قادة المنظمة. هو الرئيس. والسياسة كانت سياسته. هو الذي ربى الوحش الذي ثار علينا في 7 أكتوبر. كثيرون وطيبون حذروا، اما هو فأصر.

 

 

حتى المعارضون لعرف المعقولية الموسعة من انتاج محكمة العدل العليا يتفقون مع العرف الإنجليزي الأصلي الذي يقضي بان القرار يكون مرفوضا “اذا كان القرار الذي تتخذه السلطة في الموضوع الذي في صلاحياتها هو غير معقول لدرجة أنه لا يحتمل لاي سلطة معقولة ان تتخذ قرارا كهذا في أي مرة”. محكمة العدل العليا ستحسم اذا كان هذا هو الحدث الذي نقف امامه.

 

 

أكثر من مسألة قانونية، هذه مسألة وطنية. لان نتنياهو – بعلم وبقصد – يوسع الشرخ في الشعب. هذه نهجه. هذا بالضبط ما يفعله حين يتصدر سياسة تركل المواطنين وتمول المتملصين وتشرع قوانين تشجع التملص أكثر. حتى لو كان هذا قانونيا، واضح انه ركلة للمصالح القومية وللمقاتلين. هذا مس بالمناعة القومية وهذا غير معقول على نحو ظاهر. وعندما يقيل رئيس الشباك، ربما أيضا كي يوقف التحقيق ضده فانه يعمل بالنهج ذاته. يمس بالمصلحة العامة التي لا تريد نبشا قطريا في مكتب رئيس الوزراء. وعندما على مدى سنين يطالب بلجنة تحقيق رسمية لكنه يعارضها بالضبط عندما نحتاجها، على حد نهجه، اثر من أي حدث آخر في الماضي فانه مرة أخرى يركلنا جميعا. هو مرة أخرى يقسم. هو مرة أخرى يستهتر بمطلب الأغلبية الذي حتى وقت غير بعيد كان مطلبه هو نفسه.

 

 

ان اقالة رونين بار هي فقط القشة التي من شأنها أن تقسم ظهر البعير. وهذا الظهر هو أولئك الذين يحملون هذه الدولة على اكتافهم. ملوا السلوك السائب. هم يحبون الدولة. هم ينتجون من اجلها. هم يقاتلون من اجلها. هم يُقتلون ويصابون وأحيانا حتى يُخطفون. هم أيضا مستعدون لان يطيعوا الحكومة التي انتخبوها. إذ هكذا هو الحال في الديمقراطية. لكن نتنياهو يشد الحبل. وهذا الحبل لم يعد قويا. هذا الحبل قد ينقطع.

 

 

نتنياهو يريد أن يقود إسرائيل الى جولة أخرى من القتال. يدور الحديث عن اضطرار. لكن لاجل الخروج الى القتال نحن بحاجة الى المناعة القومية. نحن لا نحتاج الى شرخ آخر والى انشقاق آخر. نتنياهو يعرف ان اقالة رئيس الشباك، ولاحقا أيضا المستشارة يتسبب باليأس لدى الكثير من المقاتلين. فهم يعرفون بان هذه هي اقالة بسبب اعتبارات شخصية. ليس بسبب اعتبارات قومية. وماذا يفعل نتنياهو؟ يقود إسرائيل الى معركة فيما هو من يتسبب لها ان تكون أضعف بكثير. حماس نظرت الينا منذ زمن الخلاف الصعب والاليم في الأشهر ما قبل 7 أكتوبر.

 

 

نتنياهو يعرف ان حماس تنظر الينا اليوم أيضا. ورغم هذا يأخذنا الى المكان ذاته. في حينه لم نعرف اننا نسير الى القتال اما اليوم فنحن نعرف.

اشكر الرب انني لا انتمى الى معسكر الكارهين. فأول أمس فقط كتبت هنا ان الكراهية لنتنياهو تغشي العيون. فهي تتسبب لبعض من كبار معارضيه التدهور الى مطارح هاذية. هذه ليست الطريق. لكن يجب أن نضيف بان نتنياهو يضر عشرة اضعاف من كارهيه. كراهيته لكل من ليس مؤيدا له تخرجه عن طوره. هو لا يركل معارضه. هو يركل الدولة. مشكوك أن ينقذنا جهاز القضاء. الطريق الوحيد هو الانضمام الى الاحتجاج. لا مكان لليأس. اليأس هو استسلام. اليأس هو تخلي. نحن بحاجة لليل غالنت آخر ولاحتجاج كل محبي إسرائيل. ربما، فقط ربما، الشارع ينقذنا.

------------------------------------------

 

هآرتس 18/3/2025  

 

اذا تجاهل نتنياهو المستشارة القانونية للحكومة وواصل اقالة بار، يجب اخراجه الى حالة عدم الاهلية

 

 

بقلم: مردخاي كرمنتسر

 

قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يقدم للحكومة اقتراح لاقالة رئيس الشباك رونين بار هو باطل – من ناحية اجرائية وجوهرية. من ناحية الاجراء، هو تم في تناقض مع توجيهات المستشارة القانونية للحكومة بدون فحص اساسي لاهلية الحكومة ورئيسها في اتخاذ هذه الخطوة، وبدون أن يتم وضع بنية تحتية واقعية وقانونية التي من شأنها أن تبرر الاقالة. هذا في الوقت الذي يتعين أن يكون فيه حرص محدد على اجراء مناسب بسبب اهمية الشباك وحقيقة أننا في حالة حرب. من ناحية جوهرية فان الحكومة ورئيسها يوجدون في حالة تناقض مصالح وقرارهم تشوبه اعتبارات غريبة. بناء على ذلك محظور عليهم اتخاذ قرار بشأن استمرار ولاية رئيس الشباك.

يبدو أنه قبل اتخاذ القرار تشاور نتنياهو مع رجال قانون نجحوا في اجتياز الدراسات القانونية بدون أن يتعلموا أي شيء. أو ربما أنهم يريدون ارضاءه بتقديم استشارة قانونية تروق له، حتى لو كانوا يعرفون أنه لا أساس لها من الصحة. التفسير القانوني الذي كما يبدو استند اليه نتنياهو هو أنه اذا كان لديه صلاحية في القانون بأن يقدم للحكومة اقتراح لاقالة رئيس الشباك، فانه مخول بفعل ذلك – ولتكن الاسباب والدوافع مهما كانت. حسب هذا التفسير فان السلطة القانونية تسمح له بهامش تقديري غير محدود.

مع ذلك، حسب القانون الاداري في اسرائيل فان الموظف العام الموجود في حالة تضارب مصالح يجب عليه الامتناع عن اتخاذ قرار، عندما لا يكون في حالة تضارب مصالح فان قراره لا يمكن أن يتم اتخاذه استنادا الى اعتبارات غريبة أو أن يكون غير معقول بشكل واضح. أول أمس (الاحد) اوضحت المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، لنتنياهو بأنه متسرع اكثر من اللزوم وأن اقالة رئيس الشباك تقتضي فحص للوقائع وفحص قانوني، بما في ذلك فحص قضية تضارب المصالح.

أمس علمنا أنه لا توجد مفاجآت لدى نتنياهو. رئيس الحكومة يعادي المستشارة القانونية ويريد أن يثبت للعالم بأنه صاحب البيت وأن لا أحد يقف في طريقه ويقول له كيف عليه أن يتصرف. لقد رفض طلب المستشارة القانونية فحص هل هو في حالة تضارب مصالح فيما يتعلق باقالة بار. نحن لا نعرف كيف سيتصرف نتنياهو فيما بعد. اذا اختار تجاهل اقوالها فانه سيخرق القانون الذي يقول بأن رأي المستشارة القانونية ملزم، إلا اذا قررت المحكمة غير ذلك. خرق قانون كهذا، علنا وعلى رؤوس الاشهاد، سيقتضي من المستشارة اخراج رئيس الحكومة الى حالة عدم الاهلية.

حقيقة أن سلطات انفاذ القانون تعاملت حتى الآن مع نتنياهو بقفازات من حرير فقط زادت وقاحته. اذا كانت سلطة القانون تسري ايضا على رئيس الحكومة، فانه يجب أن نضع حد لتطاوله وهيجانه. عندما يقوم رئيس السلطة التنفيذية، المسؤول عن انفاذ القانون، بسحق هذا القانون فانه يطلب من الجمهور التصرف مثله. في دولة قانون لا يمكن التسليم بمثل هذه الظاهرة.

 

رسالة رئيس الشباك

 

في اساس قرار نتنياهو هناك افتراض خاطيء فيما يتعلق بطبيعة العلاقات بين رئيس الحكومة ورئيس الشباك. رئيس الحكومة يعتقد أن منصب رئيس الشباك هو منصب ولاء. نتنياهو يفضل مناصب الولاء على مناصب عامة عادية، التي توجد لها اجراءات تعيين منظمة، لأنها تعطيه قوة غير محدودة. على اساس هذا الافتراض هو يتوقع من رئيس الشباك ولاء اعمى – ولاء لحامل الادوات الذي لا يحق له أن يكون له رأي خاص به، اذا كان يختلف عن رأي رئيس الحكومة.

هذه الرؤية لرئيس الحكومة تمس بقدرة المستوى المهني على أداء مهماته بصورة سليمة والاهتمام بأمن الدولة. وهي ايضا تناقض تماما نية المشرع في قانون الشباك، التي بحسبها الجهاز سيعمل بصورة رسمية كـ “جهاز دولة”، وطبقا لجوهر الخدمة العامة. الاسوأ من ذلك هو أن هذا الامر يعرض البلاد لخطر امني خطير وربما حتى خطر وجودي.

هذه هي نفس المقاربة المشوهة التي وقفت في اساس قرار اقالة وزير الدفاع يوآف غالنت في تشرين الثاني الماضي. رغبة رئيس الحكومة في ولاء اعمى هي أمر كارثي، مثلما تم الاثبات في فترة الانقلاب النظامي التي سبقت هجوم 7 اكتوبر. في تلك الفترة لم يستمع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لتحذيرات المستوى التنفيذي، بما في ذلك رئيس الشباك، بشأن نتائج الانقلاب والخطر الذي ينطوي عليه على أمن الدولة. حتى أنه رفض الالتقاء مع كبار قادة جهاز الامن الذين جاءوا الى الكنيست لكي يوضحوا له خطورة الوضع.

امام لجنة التحقيق التي حققت في كارثة ميرون، قال نتنياهو إنهم لم يمسكوه من ياقته ولم يحذروه من الخطر. في فترة الانقلاب النظامي تبين أن هذا غير كاف. الخطر في أن يكون بالامكان اثبات أنهم حذروه من الخطر الامني هو اكثر خطورة في نظره من الخطر الذي يكمن بالخطر الامني نفسه. حسب رؤيته المشوشة فان رئيس الشباك الذي يحذره من الخطر، وهكذا يوفر المادة المجرمة بأنه تم تحذيره، هو رئيس شباك غير جدير بالمنصب، حيث أنه يجب أن يكون واضح لرئيس الشباك بأن مهمته الوحيدة هي ضمان أن لا يلحق أي سوء برئيس الحكومة ولتذهب الدولة الى الجحيم. من ناحية نتنياهو، رونين بار وضع عائق امام الانقلاب النظامي، وهو شاهد خطير امام لجنة تحقيق رسمية، لذلك يجب ابعاده عن موقع المحذر والرادع. بار لم يكتف ايضا بهذه “الذنوب”. هو ايضا اظهر الالتزام العميق بتحرير المخطوفين، وعمل بمهنية، وحسب ضمير قيمي واخلاقي. لا يوجد لنتنياهو مثل هذا الضمير، هو لا يرى في تحرير المخطوفين هدفا ساميا.

 

في خضم تضارب المصالح

 

الحكومة ورئيس الحكومة يوجدون في تضارب مصالح فيما يتعلق بقضية رئيس الشباك لسببين. الاول، يرتبط بتحقيق الحرب ومذبحة 7 اكتوبر. تحقيق الشباك يشير، الى جانب تحمل الجهاز للمسؤولية عن دوره في الفشل، ايضا الى مسؤولية المستوى السياسي عن الفشل الفظيع. في المقام الاول يشير التحقيق الى السياسة المتسامحة والمستوعبة للمستوى السياسي تجاه “ذخر” حماس، بما في ذلك تمويل  حماس بمصادقة الحكومة. يضاف الى ذلك ايضا تأييد بار في تشكيل لجنة تحقيق رسمية.

في الحكومة يعرفون جيدا أنه لا يمكنهم تبرئة انفسهم من المسؤولية عن الفشل اذا تم اجراء تحقيق مستقل وموضوعي. لذلك، هم يعارضون تشكيل لجنة، ويحاولون افشال ذلك. رغم أن أمن الدولة يقتضي تشكيل لجنة تستخلص الدروس لمنع تكرار كارثة مشابهة. المصالح الشخصية ومصالح بقاء الحكومة ورئيسها تصطدم وجها لوجه مع مصلحة أمن الدولة.

المصلحة الشخصية – السياسية لهم تؤدي بهم الى القاء كل المسؤولية على المستوى التنفيذي، بما في ذلك الشباك، واعفاء انفسهم من المسؤولية. بناء على ذلك فان قضية دور رئيس الشباك لا يمكن أن تكون موجودة في يد من توجد له مصلحة في منع تحقيق يكشف الحقيقة ويزيل عنهم المسؤولية عن المذبحة. الآن يتبين لماذا كان مهم جدا للائتلاف أن يضمن ذريعة المعقولية – من اجل أن توفر لنفسها رخصة للتصرف كما تريد، حتى لو كانت افعالها مشوبة بعدم معقولية شديدة.

تضارب المصالح الآخر يرتبط بالتحقيق في العلاقات بين اعضاء مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبين جهات مرتبطة بقطر – وهي دولة معروفة بدعمها لحماس ومعاداتها لاسرائيل. في خلاف تام مع كل منطق سلطوي وكل معيار من المعقولية، لكن بصورة تذكر بنشاط منظمات الجريمة، القى رئيس الحكومة كل ثقله لصالح المشبوهين وضد المحققين. كل رئيس حكومة معقول كان سيؤيد تحقيق ينزل الى جذر القضايا ويصل الى الحقيقة، وحتى ذلك الحين كان سيبعد على الفور المشبوهين من مكتبه.

التغطية التي اعطاها نتنياهو لمستشاريه تقف في تضارب مصالح لسلطة القانون، التي كان يمكن أن تكون المرشد لرئيس الحكومة. لقد تولد الانطباع بأن اقالة بار هي “هدية” لأنه عمل في اطار القانون وأدى مهماته بصورة سليمة ونزيهة. ايضا يثور شك كبير في أنه اذا تم استبدال رئيس الجهاز فانه سينتخب وريث له سيقوم باحباط التحقيقات. يصعب تخيل ضرر اكبر من هذا بأمن الدولة وسلطة القانون والمساواة امام القانون وحراس العتبة.

من كل ذلك يتبين أنه ليس فقط اعتبارات رئيس الحكومة غريبة وغير موضوعية، بل هي ايضا تتصادم مع المصلحة العامة. نتنياهو يعرف أنه ليست في جعبته أي سهام ضد بار. لذلك، هو يلقي عليه تهمة باطلة وخطيرة، لكن ليس لها أي اساس من الصحة، التي تقول بأنه ابتزه بالتهديد.

الى جانب ذلك يجب التذكير بما لا يصدق: وزير العدل وكبار زعماء الائتلاف يقاطعون رئيس المحكمة العليا ويشلون النشاط السليم لجهاز القضاء ويشنون حرب ضروس ضد المستشارة القانونية للحكومة فقط لأنها تقوم بعملها بشكل سليم. لذلك، يصعب رؤية علامة الاستفهام الكبيرة البلاغية التي تحلق فوق رأس رئيس الحكومة: هل هو مؤهل لأداء مهمات منصبه؟. اذا نجح نتنياهو في البقاء بعد الخلل الذي يوجد في الاجراء المتسرع والاستخفاف بموقف المستشارة القانونية للحكومة، فانه لن يستطيع التغلب على العائق الجوهري – قراره الخاطيء باقالة رئيس الشباك اثناء الحرب لأنه فقط تجرأ على أداء مهماته بصورة سليمة.

ايضا المحكمة التي تنادي بالسلبية القضائية لا يمكنها التسامح مع هذا التشويه الصارخ. فالانتقاد القضائي، اكثر مما يحدده منظار القاضي للعالم، يحدده مستوى انحراف تصرفات الحكومة عن أي معيار منطقي ومسؤول. المحكمة لا يمكنها تجاهل الخوف من أن يفعل نتنياهو بالشباك ما فعله بن غفير بالشرطة. بدلا من مؤسسة رسمية في الدولة ستحصل اسرائيل على تنظيم سري مليء بالقوة والصلاحيات، الذي يخدم نظام الحكم وليس مواطني الدولة، وأن كبار قادته سيتم تعيينهم حسب مستوى اخلاصهم غير المشكوك فيه للحاكم. في هذه الحالة الحديث يدور عن حاكم يضع مصالحه الشخصية والسياسية فوق كل المصالح العامة، الذي يسعى الى أن يجمع في يديه كل القوة السلطوية والتحرر من قيود القانون. جهاز الشباك الذي رئيسه هو أسير لرئيس الحكومة، أمر حيوي وحاسم لتنفيذ الانقلاب النظامي – انقلاب يسعى الى تحويل اسرائيل (داخل حدود الخط الاخضر) من دولة يهودية ديمقراطية الى دولة عنصرية ديكتاتورية.

امام خطورة الخطر وازاء قوته حتى حراس العتبة الجيدين جدا بحاجة الى دعم الجمهور. الشعب مخول ويجب سماع اقواله. المواطنون، الذين يحبون الدولة والمستعدين للمخاطرة بحياتهم من اجلها، يجب أن يهبوا لانقاذ اسرائيل.

-------------------------------------------

 

معاريف 18/3/2025  

 

اقالة رئيس الشباك جاءت لصرف الانتباه عن المشاكل الأمنية التي تواجهها إسرائيل

 

 

بقلم: افي اشكنازي

 

تنشغل دولة إسرائيل في الأيام الأخيرة بضجيج الخلفية. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ينفذ مناورة تضليل مع الكثير من الضجيج، الدخان والفوضى كي يتملص من الأمور الشجاعة التي تعرض للخطر أمن جنود الجيش الإسرائيلي والمخطوفين في غزة وأمن إسرائيل.

لقد جاءت اقالة رئيس الشباك رونين بار على ما يبدو لاجل مناورة سياسية عشية التصويت الحاسم على إقرار ميزانية الدولة. والهدف: إرضاء سياسيين اثنين هما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش والنائب ايتمار بن غفير اللذين كانا في الماضي “موضع متابعة” من الشباك.

قصة بار كانت منتهية. فقد سبق أن أعلن بانه يتحمل المسؤولية عن فشل الشباك في 7 أكتوبر وأضاف بانه لن يكمل أيامه في المنصب. وبالتالي كان سيأخذ أسبوعا آخر، شهرا آخر وربما أكثر بكثير. المشاكل التي توجد الان على العتبة هي اكثر تعقيدا. فمنذ قرابة أسبوعين والجيش الإسرائيلي يوجد في حالة عدم قتال في غزة. المخطوفون يوجدون في خطر على الحياة، متروكين لمصيرهم من قبل دولتهم. ومن الجهة الأخرى، حماس تتسلح، تعيد بناء نفسها، تبني منظومات وتعد نفسها ليوم الامر. عندما سيكون الجيش الإسرائيلي مطالبا بالمناورة في غزة سيجد امامه عدوا مخندقا وأكثر قوة بكثير مما كان عشية وقف اطلاق النار.

في لبنان يعمل حزب الله ويحاول فحص اين يمكنه أن يتحدى إسرائيل. في جبهة الجولان – حماس الخارج بتوجه إيراني تحاول بناء منظومة عمليات ضد إسرائيل. في الحدود المصرية يتعاظم حجم التهريبات في كل يوم، ولا يهربون فقط القرود، التماسيح والأسود بل الأسلحة والكثير منها، المخصصة أيضا للضفة، حيث لم تتوقف الحرب ولو للحظة. ولا يزال لم نتحدث بعد عن الحوثيين في اليمن، وفوق كل شيء – مسألة النووي الإيراني وكيف نوقفها في ظل نافذة الفرص الناشئة.

الضجيج الذي ثار حول الاحبولة الإعلامية الدولية لرئيس الوزراء استهدف صرف الانتباه عن جدول الاعمال الحقيقي – كيف بعد سنة ونصف فشلنا في تحقيق أي هدف من اهداف الحرب في غزة: لم نهزم حماس – لا عسكريا ولا سلطويا، لم نستعد المخطوفين، لم نعيد الامن الى الغلاف، ولا يقل خطورة عن ذلك – انهكنا وحدات النظامي والاحتياط في الجيش الإسرائيلي. في الجيش لا ينجحون في ان يجندوا ما يكفي من رجال الاحتياط لاعمال الوحدات في كل الجبهات، مقاتلو النظامي لا يرون بيتهم لاسابيع إثر أسابيع، والقادة يبذلون جهودا هائلة للحفاظ على كل مقاتل ومقاتل، وكل هذا، كما هو معروف، هو نتيجة مباشرة لفشل الحكومة في تجنيد كل الشبان فوق الـ 18 من كل القطاعات والاجناس.

يمكن اسقاط المشاكل والامراض على أجهزة الدفاع: الجيش الإسرائيلي، الشباك، الموساد، الشرطة، ويمكن المرة تلو الأخرى التملص من المسؤولية: من كارثة الكرمل، من كارثة ميرون، من كارثة 7 أكتوبر. يمكن اجراء مناورات تملص، اسقاط المسؤولية على مأمور الاطفائية، وزير الداخلية، وزير الامن الداخلي، المفتش العام، رئيس الأركان، رئيس شعبة الاستخبارات، وزير الدفاع ورئيس الشباك. يمكن الشرح بانهم لم يوقظونه من نومه، لم يشدوا اهداب معطفه.

لكن لم يعد ممكنا اكثر مع أصوات البرميل الفارغ الذي يتدحرج في منحدر الشارع بضجيج يصم الاذان، فيما يكون واضحا انه رغم كونه فارغا من المضمون، الا انه يحتل طاقة هائلة وفي النهاية كفيل بان يتفجر ويمس بنا جميعا، نحن سكان هذه البلاد. كفى للاحابيل. توجد دولة ومنظومة امنية لادارتهما. هنا والان.

-------------------------------------------

 

يديعوت 18/3/2025  

 

كل الخيارات امام إسرائيل سيئة، لهذا من الأفضل التوجه الى تنفيذ الصفقة

 

 

بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين

 

تجمعت مؤخرا إشارات تدل على ما يبدو على أنه لا يوجد انسجام تام بين القدس وواشنطن في موضوع المخطوفين: بدء بالاتصالات التي اجراها ادام بولر مع حماس، عبر لقاء ستيف ويتكوف مع خمسة وزراء خارجية عرب بالنسبة للمبادرة العربية لانهاء الحرب وإقامة نظام جديد في غزة، وانتهاء بإعلان ترامب بانه لا يؤيد طرد الفلسطينيين من القطاع من خلال تنفيذ رؤياه حول مستقبل المنطقة.

الفجوات التي انكشفت غطت بسرعة في إعلانات علنية عن تطابق الآراء في موضوع غزة، لكن بقي الإحساس بان في واشنطن يوجد من يتساءل ما هي في واقع الامر استراتيجية إسرائيل. فضلا عن ذلك، فان الخطوات الامريكية الأخيرة تخلق انطباعا بان دافع الولايات المتحدة للدفع قدما بصفقة اكبر من صفقة حكومة إسرائيل، الامر الذي تأكد أساسا في اعقاب لقاء ترامب مع المخطوفين المحررين من أسر حماس.

تفضل حكومة إسرائيل، على ما يبدو، العودة الى القتال، لكنها تواصل التلويح بشعارات تفيد بانه يمكن تقويض حكم حماس وتحرير المخطوفين في آن معا وذلك بدلا من أن تقول للجمهور الحقيقة القاسية وهي أنه يمكن اختيار إمكانية واحدة فقط. هذا تواصل لخيالات عرضت منذ 7 أكتوبر بدلا من استراتيجيات مرتبة، بما فيها: “مزيد من القوة ستجبر حماس على تحرير المخطوفين”، “سننجح في اقناع المنظمة باخلاء غزة ووضع سلاحها”، سنعمل على نزع التطرف للفلسطينيين”، “سنقيم حكما ليس حماس وليس عباس”، وبالطبع – “سنفرغ غزة من سكانها”.

وهكذا بعد 17 شهرا من نشوب الحرب الاقسى في تاريخ النزاع، يبدو أن تعلم وفهم إسرائيل لحماس بقيا محدودين مثلما كانا في عهد مفهوم التسوية. كل هذا، دون الفهم بان هذه منظمة متزمتة تفضل استمرار القتال بل والانتحار الجماعي على رفع علم أبيض.

في الطريق المسدود الذي علقت فيه المحادثات على الصفقة لا توجد الا امكانيتان. الأولى: العودة الى الحرب مثلما يطالب أصحاب قرار كثيرون في إسرائيل – سيناريو احتمالية تخليص المخطوفين فيه، بخاصة الاحياء، طفيفة؛ الثانية: عودة الضغط الأمريكي على إسرائيل، مثلما كان قبل اكثر من خمسين يوما وادى الى تحرير المخطوفين حتى بالثمن الباهظ لوقف القتال وانسحاب الجيش من مناطق أساسية في القطاع.

وفي هذه الاثناء، في الميدان في غزة – درجات الحرارة ترتفع بالتدريج. يكاد يكون كل يوم تهاجم إسرائيل خلايا لمخربين يحاولون ترميم البنى التحتية، زرع عبوات او جمع معلومات عن قواتنا. الذروة وقعت يوم السبت، حين قتل تسعة مخربين في شمال القطاع. حسب إحصاء حماس، فان نحو 150 غزيا قتلوا منذ دخل وقف اطلاق النار حيز التنفيذ. الربط بين الاحتكاك الأمني المتزايد والازمة المتواصلة في المفاوضات من شأنه أن يوجه الطرفين، حتى دون تخطيط مرتب، الى تصعيد تدريجي بل والى العودة الى قتال شديد.

كل الخيارات التي امام إسرائيل سيئة، وعليها ان تختار الأقل سوء، بل وأن توزع أهدافها وفقا للابعاد الزمنية. تقويض حكم حماس يستوجب احتلال كل غزة وتواجد طويل في المنطقة في ظل دفع ثمن اقتصادي، امني وسياسي باهظ مشكوك أن تكون إسرائيل جاهزة له في هذه اللحظة. لهذا السبب من الأفضل في هذه المرحلة التوجه الى تنفيذ الصفقة، الامر الذي سيساعد على اشفاء المجتمع الإسرائيلي، حتى بثمن استراتيجي أليم. ان المهمة التاريخية والضرورية، للقضاء على حماس من خلال احتلال وتواجد في غزة مطلوب ان يعد بشكل معمق وطويل من الأفضل ان يقود الامر قيادة سياسية وأمنية لم تكن مشاركة في مفهوم 7 أكتوبر.

-------------------------------------------

 

هآرتس 18/3/2025

 

 

قريبا سيكون فات الأوان

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

فور بيان بنيامين نتنياهو عن إقالة رئيس الشاباك رونين بار، سارعت المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا للإيضاح له بأنه لا يمكنه أن يقيله إلى أن يتبين بأنه لا يوجد تضارب مصالح لنتنياهو بسبب التحقيق ضد مستشاريه في قضية قطر غيت.

تحاول بهرب ميارا مكافحة حملة الهدم التي يقودها نتنياهو، لكن مشكوك أن تنجح على مدى الزمن. لا يمكن النزول إلى جذر الخطر الكامن في إقالة بار إذا ما قرأناها على نحو منقطع عن الخطة الكبرى لنتنياهو ولحكومته للسيطرة سياسيا على كل منظومات الدولة من خلال التطهيرات السياسية، إزاحة حماة الحمى و/أو كل جهة مستقلة – مهنية وسن قوانين الانقلاب النظامي التي تمنحهم السيطرة على التعيينات وإمكانية التشريع بلا ألجمة وكوابح ورقابة قضائية.

نتنياهو يريد ان يلحق الشاباك به سياسيا. هو لا يريد السماح بوجود قوانين، وظائف أو مؤسسات يمكنها أن تلجم قوته، تحقق معه أو لا سمح الله توقفه لاندفاعه إلى الحكم المطلق. الخطة هي أن كل أصحاب الوظائف المستقلين يكونوا تعيينات سياسية أو تابعين سياسيا للحكم برئاسته. الكل بما في ذلك الكل: المفتش العام، رئيس الأركان، الجيش، القضاة، رئيس المحكمة العليا، مأمور شكاوى القضاة، المستشار القانوني للحكومة، النائب العام للدولة، مراقب الدولة وكل حامي حمى بصفته هذه.

لا يمكن البحث في الخطر الذي في إقالة بار دون الفهم بانه سبقتها سيطرة على الشرطة صراع عنيد ضد تعيين اسحق عميت رئيسا للمحكمة العليا ورفض الاعتراف برئاسته، ودفع رئيس الأركان إلى الاستقالة فيما هو معروف أن المستشارة القانونية هي التالية في الدور.

إذا كان نتنياهو وحكومته سينجحون في مؤامرتهم العامة، فإنهم سيتمتعون بسيطرة مطلقة وكل من لا يتماثل معهم سياسيا سيكون تحت خطر الملاحقة. تحت تصرف نتنياهو ستكون الشرطة والشاباك، شرطة سرية لملاحقة معارضيه، يحددون كأعداء الدولة. وفي حالة أن يبرأ هؤلاء في المحاكمة – القضاة على أي حال سيكونون موالين للحكم. في مثل هذه الدولة لن تكون وسائل الإعلام حرة، بحيث أن القدرة على مكافحة الحكومة وإحلال التغيير ستكون محدودة حتى غير قائمة.

تحاول المستشارة القانونية منع إقالة بار. لكن هي أيضا في الطريق إلى الإقالة. بدونها الإقالة ستتدحرج إلى قضاة محكمة العدل العليا الذين يعرفون منذ الآن ما هو المصير المرتقب للقضاة الذين سيقفون في طريق نتنياهو. في المستقبل القضاة أيضا لن يشكلوا مشكلة، حين ينتهي يريف لفين من السيطرة على لجنة انتخاب القضاة.

إذا لم تتجند المعارضة والجمهور لكبح الحكومة، في المرة القادمة التي يريدون فيها أن يثوروا ضد خطوة ما لها، فلن يكون هذا قانونيا.

-----------------انتهت النشرة-----------------


أضف تعليق