الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 27/1/2025 العدد 1219
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 27/1/2025
من “حرب نتنياهو” إلى “حرب سموتريتش”: سنكون كابوسهم في الضفة أيضاً.. بدءاً بأطفالهم
بقلم: نوعا ليمونا
التحرير المرحب به للأربع مراقبات ولم شملهن مع عائلاتهن، احتل كل اهتمام وسائل الإعلام ووسائل التواصل في نهاية الأسبوع. الصور التي تم بثها بدون توقف، مصحوبة بتصريحات تلقائية من المراسلين والمقدمين، كررت نفسها بصورة لانهائية. مع غياب أس جديد، يكررون القول وبث الشيء نفسه. الحاجة العاطفية للانشغال مفهومة بعد أشهر طويلة، ولكن عندما تتركز كل الأنظار على شيء واحد فيجب السؤال: ما الشيء الذي ينصرف عنه كل هذا الاهتمام؟ ما الذي بقي خارج ذروة المشاهدة ومن يخدم هذا الإهمال؟
في وقت كنا مذهولين من مشهد ليري ونعمه ودانييلا وكارينا وهن يعانقن الوالدين، فاتنا مشهد طفلة عمرها سنتان، ليلى الخطيب، التي قتلت السبت بنار قناص إسرائيلي في قرية قرب جنين. منذ بدء وقف إطلاق النار في القطاع، انتقلت الحرب بقوة إلى الضفة الغربية: قتلى وجرحى وعشرات المعتقلين بملابس بيضاء يحتلون مكان من تم الإفراج عنهم في الصفقة؛ قرى محاصرة وسيارات عسكرية تقوم بأعمال الدورية. الشوارع فارغة، وتجمعات يتم طردها، ومواقع يتم الاستيلاء عليها، وعشرات الحواجز على طرقات الضفة، جعلت حياة الفلسطينيين كابوساً أكبر من المعتاد.
المبرر الرسمي لهذه العملية هو مبرر أمني: الرد على العمليات الإرهابية في قرية الفندق وفي تل أبيب، والخوف من عمليات إطلاق نار وزرع عبوات ناسفة على الشوارع، والحاجة إلى قمع حماس ومنعها من رفع الرأس هناك. ولكن هذه العملية تخدم حماس على المدى البعيد؛ أولاً، كلما زاد القمع والعنف واليأس يزداد التطرف والتوجه نحو الإرهاب، لأنه سيكون الطريقة الوحيدة للخلاص. ثانياً، ستظهر حماس للفلسطينيين قوتها مقابل ضعف السلطة، التي تعرضت لانتقاد شديد بسبب عملياتها في جنين في الفترة الأخيرة. قبل أسبوعين، تم التوصل إلى اتفاق بين الفصائل في مخيم جنين والسلطة الفلسطينية، انتشرت الشرطة الفلسطينية هناك بالاتفاق. والآن يظهر الجيش الإسرائيلي للسكان بأن السلطة الفلسطينية لن تحميهم، وهو يشارك في تعزيز مكانة حماس بشكل غير مباشر.
اشتعال الضفة يخدم اليمين المتطرف ونتنياهو. الدافع المباشر للاشتعال لم يكن عملية إرهابية ضد إسرائيليين، بل المذبحة التي نفذها المستوطنون في القرى الفلسطينية كرد غاضب على تحرير السجناء في الصفقة. وعند إضافة الشروط التي وضعها سموتريتش من أجل بقائه في الحكومة (منها تنفيذ عملية عسكرية في الضفة الغربية)، وقرار إسرائيل كاتس إلغاء أوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين المعتقلين، واستحواذ الإسرائيليين فيما يتعلق بـ “احتفالات” الفلسطينيين (تقييد الحركة استهدف التشويش على هذه الاحتفالات)، والإعلان عن استقالة رئيس الأركان هليفي، التي يعد أحد أسبابها -حسب بعض المحللين العسكريين- تدخل سياسي في قرارات عملياتية – كل ذلك يشير إلى أن ما وراء العملية العسكرية ليس سوى دوافع سياسية. ليس غريباً أن جهات سياسية تسمي العملية الحالية “حرب سموتريتش”، وتعتقد أن نتنياهو “أعطاه” العملية مقابل بقائه في الحكومة.
بكلمات أخرى، السياسيون الذين هم أقلية هامشية في أوساط الجمهور، يجرون إسرائيل إلى تورط عنيف في الضفة، الذي لن يجعل حياتنا هنا أكثر أمناً، بل بالعكس؛ سيخلد دائرة القمع والإرهاب والحرب ويزيدها؛ خدمة لليمين المتطرف وطموحات الضم والاستيطان، وخدمة لنتنياهو وهدفه الخالد في إضعاف السلطة وحرمانها من السيطرة على القطاع في المستقبل؛ وخدمة لحماس أيضاً. وربما يخرب أيضاً تقدم صفقة إعادة المخطوفين واستكمالها.
-------------------------------------------
هآرتس 27/1/2025
إسرائيل رفضت الاكتفاء بوعود حماس، وتصميمها ادى الى تبكير تحرير ثلاثة مخطوفين
بقلم: عاموس هرئيلِ
في مفاوضات مليئة بالصعود والهبوط، ومليئة بالبشائر القاسية حول صفقة المخطوفين، تسلمنا ليلة أمس بعد منتصف الليل بشرى إيجابية. تصميم إسرائيل امام حماس برر نفسه في هذه المرة والنتيجة كانت تبكير احدى النبضات لاعادة المخطوفين. اذا لم يحدث أي تغييرات أخرى وصعوبات في اللحظة الأخيرة فانه ستتم إعادة الى إسرائيل مخطوفتان ومخطوف في يوم الخميس القادم، وبعد ذلك ثلاثة من المخطوفين في يوم السبت القادم.
في غضون ذلك أعلنت إدارة ترامب أنه تقرر تمديد اتفاق وقف اطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، ضمن الشروط القائمة، لثلاثة أسابيع أخرى، حتى 18 شباط القادم. في هذه الفترة يمكن للجيش الإسرائيلي إبقاء قواته في بعض المناطق في جنوب لبنان. القرار تم اتخاذه في نهاية يوم صاخب قتل فيه الجيش الإسرائيلي 22 لبناني، معظمهم من المدنيين، وأصاب العشرات، عندما حاولوا العودة الى الجنوب، الى القرى التي تم تركها.
الازمة في المفاوضات حول صفقة المخطوفين بدأت في نهاية الأسبوع. حماس وضعت عقبات امام تطبيق النبضة الثانية في المرحلة الحالية للصفقة، عندما اعادت مجندة بدلا من النساء المدنيات المخطوفات، التي كان يجب أن يعدن في يوم السبت، وهي أربيل يهود من كيبوتس نير عوز. إسرائيل بعد تردد وتهديد قررت مواصلة تطبيق الاتفاق، لكن عند عودة الأربع مراقبات من بين الخمس مراقبات، قامت بخطوة عقابية. فقد أجلت عودة سكان شمال القطاع الى المدن والقرى المدمرة عبر ممر نتساريم الذي يفصل القطاع بشكل عرضي. جنود الجيش الإسرائيلي اطلقوا النار من اجل ابعاد عشرات آلاف المواطنين عن الممر الذي تجمعوا قربه، بالأساس في النقطة التي يصب فيها وادي غزة في البحر المتوسط، في الطرف الغربي للممر.
التشدد أثمر. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اشترط أمس عودة سكان القطاع الى الشمال بالحصول على إشارة حياة موثوقة من أربيل يهود. وقد رفض الاكتفاء بوعد حماس ودول الوساطة، مصر وقطر، الذين اعلنوا أن يهود على قيد الحياة وسيتم اطلاق سراحها في يوم السبت القادم. إضافة الى يهود ستتم إعادة في النبضة في يوم الخميس اغام بيرغر، المراقبة الأخيرة التي بقيت في الاسر، ومخطوف آخر هو رجل مسن.
إن تصميم نتنياهو اثبت نفسه في هذه المرة كما يبدو. فبعد محادثات مطولة مع دول الوساطة تمت الموافقة على طلبات إسرائيل: إعادة ستة مخطوفين في نبضتين، في يوم الخميس وفي يوم السبت. وفاء حماس بوعدها تسليم قائمة تفصل وضع جميع المخطوفين الذين سيعودون في المرحلة الأولى للصفقة الحالية (33 شخص، بينهم 7 مخطوفات تمت اعادتهن). جزء صغير من الباقين ليسوا على قيد الحياة. في المقابل، إسرائيل سمحت في هذا الصباح بحركة الفلسطينيين نحو شمال القطاع.
إسرائيل حلت بذلك عدم الوضوح بخصوص وضع يهود وسرعت قليلا إعادة المخطوفين. وهي أيضا اثبتت لنفسها بأن هناك افضليات للتصميم على طلباتها، حتى بمفاوضات قاسية مع منظمة إرهابية. حماس تتعرض لضغط كبير من سكان القطاع، الذين يعانون من ظروف قاسية، جزء كبير منهم يفضلون في حالة اليأس التي يعيشون فيها، العودة الى البلدات المدمرة في الشمال بدلا من مواصلة كونهم عالقين في الخيام في منطقة المواصي في الجنوب. هذا لا يعني بالضرورة أنه في المراحل القادمة من تطبيق الاتفاق سيكون الامر اكثر سهولة.
هناك نقطة أخرى يفضل ملاحظتها. فالرجال الذين سيعودون من الآن فصاعدا هم من كبار السن في معظمهم، اكبر من النساء اللواتي تم اعادتهن. ومن سيعودون في المرحلة الأولى هم المرضى والجرحى. من المرجح أنه تم احتجازهم في ظروف قاسية جدا. وعودتهم ستتضمن في الواقع مشاهد مفرحة ومؤثرة، لكن هذه المشاهد يمكن أن تكون اقل فرحا من مشاهدة المجندات الشابات في الالتقاء مع عائلاتهن.
عن الواقع المعقد في غزة كان يمكن أن نعرف من بعض الملاحظات الجانبية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتهى السبت. لقد سبق ونسينا مدى تأثير التأملات المفاجئة والتفكير خارج الصندوق للرئيس الأمريكي على الاجندة العالمية خلال ولايته الأولى. والآن ظهرت فجأة فكرة اخلاء سكان قطاع غزة الى مصر والأردن للتمكين من إزالة الأنقاض في غزة وإعادة اعمارها. وهذا هو آخر ما يريده زعماء الأردن ومصر. ولكن زعماء المنطقة بدأوا يتساءلون بالفعل عن ماهية العبقرية التالية التي سيقدمها ترامب.
قبل يومين من ذلك نشر أن الإدارة الامريكية بشكل عام تفحص التوجه الى اندونيسيا من اجل أن تستوعب 2 مليون غزي. نتنياهو يتوقع أن يسافر الى واشنطن خلال أسبوعين من اجل الالتقاء مع الرئيس الأمريكي. ربما في حينه سيكون بالإمكان فهم ماذا تخطط له الإدارة للمراحل القادمة من اتفاقات وقف اطلاق النار. اللقاء بين الاثنين يبدو حاسم بخصوص مستقبل الخطوات القادمة في المنطقة. في هذه الاثناء إشارات ترامب لا تتساوق مع الآمال التي علقتها عليه أحزاب اليمين في إسرائيل.
في غضون ذلك، نتنياهو يحاول تهدئة شركائه، بالأساس حزب الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش، الذين في الواقع يهددون بالانسحاب من الحكومة، لكنهم يؤجلون القرار الى أن يتضح اذا كانت ستنجح في احباط المرحلة الثانية للصفقة بعد اقل من خمسة أسابيع. الادعاء هو أن نتنياهو وترامب يعملان على أمور كبيرة من وراء الكواليس، ومن المؤسف تخريب هذه الخطط بسبب أمور تافهة. ضمن أمور أخرى، تم التلميح الى أن السلام الإقليمي لترامب سيتضمن سيطرة إسرائيل على أجزاء في قطاع غزة واستئناف الاستيطان هناك، كما يحلم الوزير سموتريتش. هذا يذكر قليلا بوعود “سيادة في اليوم الأول” التي اسمعها رجال نتنياهو لنفس الجمهور عند التوقيع على اتفاقات إبراهيم في 2020. في تلك المناسبة الوعود تبددت تماما، وحتى الآن عندما يدور الحديث عن ترامب فانه يفضل الحذر من أي نبوءات.
في هذه الاثناء في الشمال
الاتفاق الذي تبلور قبل شهرين بواسطة أمريكية بين حكومة إسرائيل وحكومة لبنان تضمن التعهد بالانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان حتى أمس. ولكن إسرائيل حذرت في الأسابيع الأخيرة من أن الجيش اللبناني لا يقوم بالوفاء بوتيرة الانتشار المطلوبة في المنطقة، في حين أن حزب الله يقوم بخرق الاتفاق – بصورة حسب قولها، تلزمها بالبقاء في هذه المرحلة في بعض القرى في جنوب لبنان.
الخطوة التي اتخذها أمس حزب الله في لبنان ليست الفريدة في نوعها. ففي أيار 2000، عشية الانسحاب احادي الجانب والمخطط له من قبل الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وبقرار من حكومة اهود باراك، اهتم حزب الله بالمبادرة الى مسيرات حاشدة للمواطنين الى داخل المنطقة الأمنية، التي كانت توجد فيها قوات الجيش الإسرائيلي وقوات جيش لبنان الجنوبي. من اجل منع سفك الدماء الزائد قرر باراك في حينه تبكير الانسحاب، الذي خطط له بعد ستة أسابيع. والوحدات خرجت خلال يومين في الوقت الذي كان فيه اللبنانيون يقومون بالاحتفال بالنصر.
أيضا في هذه المرة الحديث يدور عن مسيرات لسكان القرى الشيعية، التي خلف فيها الجيش الإسرائيلي دمار كبير بعد انسحاب حزب الله. المنظمة الشيعية تشارك في هذه الاحداث من وراء الكواليس. أمس وقعت مواجهات كثيرة على طول القاطع حيث كانت قوات الجيش الإسرائيلي تطلق النار على قوافل المدنيين الذين حاولوا اجتياز الحواجز التي وضعها الجيش. 22 لبناني قتلوا، من بينهم حسب التقارير جندي في الجيش اللبناني وناشط من حزب الله. قبل منتصف الليل، وقريبا من الإعلان عن حل الازمة في قضية المخطوفين، اعلن البيت الأبيض بأن موعد الانسحاب في الاتفاق مع لبنان سيتأجل الى 18 شباط القادم. هذا تطور إيجابي، لكن يصعب التعهد بأن هذا هو العائق الأخير.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 27/1/2025
لقادة إسرائيل: احذروا من صفقات ترامب وماسك “التجارية” لترتيب الشرق الأوسط
بقلم: آفي بارئيلي
عاد ترامب ليعلن، قبل الانتخابات وبعدها، بأن وجهته ستكون إلى صفقات من قبيل الصفقات التجارية لترتيب شؤون العالم بما فيه الشرق الأوسط.
وهذا النهج سيؤدي إلى تضارب بل وربما إلى صدام مع مصالح إسرائيل الحيوية في ساحات الحرب الحالية. ثمة خطر في أن يؤدي النهج التجاري إلى صفقات سياسية ضارة مع إيران وإلى صفقات مع الإسلاميين السُنة في غزة وفي سوريا، تحت رعاية “شركاء” ينوون الشر لإسرائيل، كتركيا وقطر. هذا التقدير، على التضارب الذي قد ينشأ، يتفاقم حين نأخذ بالحسبان تعيينات ترامب في وحدات الإدارة التي تعنى بالشرق الأوسط.
صحيح أنه عين مؤيدون واضحون لإسرائيل للمستويات العليا: وزير الخارجية روبيو، مستشار الأمن القومي فالتس، وزير الدفاع هيغسيث، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية راتكليف، والسفيرة إلى الأمم المتحدة ستفنيك، والسفير إلى إسرائيل هكبي، لكنه عين في المستويات الوسطى أناساً مثل مديرة الاستخبارات الوطنية غابارد، والمبعوث إلى الشرق الأوسط ويتكوف، ونائب وزير الدفاع غولبي، ومساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط دنينو. وينبغي أن يضاف لأولئك قسم كامل في وزارة الخارجية الأمريكية، الذي يعتقد بأن الحلف مع إسرائيل يجر الولايات المتحدة إلى حرب غير مرغوب فيها. هؤلاء الموظفون، حين يرتبطون بنهج صفقات ترامب وماسك الدبلوماسية ربما يدفعون قدماً باستراتيجية المصالحة مع إيران التي اتخذتها إدارتا أوباما وبايدن في تطلع لاستقرار الشرق الأوسط من خلال صفقات مع إيران وتركيا وقطر. وربما يدفعون قدما الآن بهذه الاستراتيجية البائسة تحت شعار “أمريكا أولاً” مع نكهة انعزالية بل وفي هوامشها لاسامية.
شعار “أمريكا أولاً” ليس دعوة للانعزالية أو لانغلاق الولايات المتحدة في قارتها، وبالتأكيد ليس فيها بحد ذاتها لاسامية أو تحفظ من إسرائيل. طرحها ترامب كي يحدد سياسة تخدم مصالح أمريكية وليس مدينة فاضلة عالمية – أي أن “أمريكا أولاً” هي دعوة لسياسة فاعلة ومكثفة للولايات المتحدة في الساحة العالمية وليس انسحاباً منها. لكن عندما ترتبط “أمريكا أولاً” الترامبية بدبلوماسية “خذ واعطِ” شبه تجارية، ستؤدي إلى “خذ” خطيرة تعطى لإيران، في شكل تكيف مع كونها دولة حافة نووية أو تؤدي إلى التسليم باستمرار تهديد جيوش الإرهاب في قطاع غزة ولبنان وربما أيضاً في سوريا.
لهذه الرؤية وضعت بنية تحتية ما في تعيينات ترامب. من جهة، فكرة “أمريكا أولاً” فيها أساس لتعاون فكري واستراتيجي مع إسرائيل، إذ إن المصالح الأمريكية والإسرائيلية متداخلة على أن تفهم إدارة ترامب بأن مصالحها نفسها تفترض اقتلاع الجهادية الإسلامية. يمكن لإسرائيل أن تنخرط في ميل ترامب لترتيب الشرق الأوسط من خلال سياسة شبه تجارية، فقط عندما تراعي هذه السياسة مصالح إسرائيل الحيوية ولا تقضمها.
في المفترق الحالي، إسرائيل ملزمة وقادرة على الحسم أمام أعدائها، إيران وحماس. وعليها أن تنهي المهمة في غزة ولبنان دون مساعدة أمريكية مباشرة. محظور التكيف مع جيوش الإرهاب على حدود إسرائيل في حل وسط يكون مقدمة لهجمات بربرية أخرى. ومحظور التسليم ببقاء التهديد الإيراني بل من الحيوي هزيمته بشكل قاطع.
لقد أظهر الإيرانيون قدرتهم على المساومة للإبقاء على مشروعهم النووي وتطويره. هجمات الولايات المتحدة في العراق أظهرت ما قد يحصل لإيران أيضاً، ولهذا ففي بداية سنوات الألفين خفض الإيرانيون الرأس وجمدوا التطوير النووي، وبعد ذلك استأنفوه في اللحظة المناسبة، لكنها اللحظة المناسبة من ناحية عملياتية واستراتيجية لإسرائيل، ومحظور لـ “الصفقات” أن تبددها.
هل اتفق نتنياهو مع ترامب على منع “تنازلات تجارية” مع الإسلاميين المهددين لنا؟ وكبديل، هل يعرف كيف يقف في وجه “صفقات” من شأن ترامب أن يبادر إليها؟ نأمل ألا تكون الصفقة الحالية مع حماس تبشر بـ “صفقات” خطيرة.
-------------------------------------------
هآرتس 27/1/2025
ما أثر اقتراح ترامب بترحيل الغزيين على التسويات الاستراتيجية مع الدول العربية؟
بقلم: تسفي برئيل
“الأردن لن يكون الوطن البديل للفلسطينيين ذات يوم”، هذا ما قاله الملك عبد الله، ملك الأردن، في خطاب ألقاه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أيلول الماضي. في حينه، كان على الملك مواجهة تهديدات اليمين المتطرف في إسرائيل فقط. أما في هذا الأسبوع، فقد أقلقه أن سمع على لسان الرئيس ترامب تحويل الأردن إلى وطن للفلسطينيين ويكون السياسة الرسمية للبيت الأبيض. الملك نفسه لم يرد بعد علناً، ولا نعرف ما الذي قاله ترامب، لكن اقتراح الرئيس “الإنساني” أثار عاصفة عامة شديدة. يبدو أن الأردن ومصر تنويان تجنيد السعودية ودول عربية أخرى تعتبر حليفة للولايات المتحدة لإنزال ترامب عن هذه الشجرة.
الأردن، الذي يستضيف على أراضيه الآن نحو مليون لاجئ سوري وعراقي وغيرهم، إضافة إلى أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني، يقف الآن أمام تهديد تهجير الفلسطينيين في سنة 2019 عندما اقترح ترامب نفسه استيعاب مئات آلاف الفلسطينيين مقابل مساعدات مالية في إطار “صفقة القرن. في حينه، رفض الأردن هذا العرض. والآن يعود هذا التهديد، ويرى فيه الأردن مشكلة بالحفاظ على هويته خصوصاً في دولة ثلثا مواطنيها من أصل فلسطيني، الذين يهزون الدولة في كل مرة يكون فيها حدث مهم في “المناطق” [الضفة الغربية].
خلال عقدين فحص الأردن بتشكك وخوف الحوار في إسرائيل حول إقامة وطن بديل للفلسطينيين. وكان مطلوباً في كل مرة تصريحات تهدئة من قبل زعماء إسرائيليين للتوضيح بأن إسرائيل لا تنوي تغيير هوية المملكة الديمغرافية. في فترة الحرب في غزة، عندما ظهرت إمكانية طرد آلاف الغزيين إلى مصر ودول أخرى مرة أخرى، حصل الأردن ومصر على وعود من إسرائيل بأنه لا نية للبدء في عملية الترانسفير من القطاع. مصر لا تثق بتعهدات إسرائيل، وحتى إنها جربت في العام 2008 “اقتحام” مليون ونصف فلسطيني لحدودها بعد قيام حماس بتفجير جزء من الجدار الفاصل بين غزة وسيناء. في بداية الحرب في غزة، كثفت المنظومة العسكرية على طول الحدود وحذرت من أنها لن تسمح لأي فلسطيني باجتياز حدودها بدون تصريح. في الحقيقة، ليس للأردن حدود مشتركة مع غزة، لكنه أوضح لإدارة الرئيس بايدن، التي فحصت إمكانية نقل آلاف الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، بأنه إذا حصلت هذه العملية على الشرعية فستستغلها إسرائيل لتنفيذ عملية ترحيل من الضفة إلى الأردن. خوف الأردن فعل فعله، فقد أوضح وزير الخارجية أنتوني بلينكن علناً في كانون الثاني الماضي بأن على “المواطنين الفلسطينيين العودة في اللحظة التي تسمح فيها الظروف بذلك. محظور الضغط عليهم للخروج من غزة. ووعد نتنياهو بأن سياسة إسرائيل ليست التشجيع على الهجرة الطوعية من القطاع”.
بايدن وبلينكن ذهبا ومعهما رفع “السور الدفاعي” الذي وفراه ضد هستيريا اليمين في إسرائيل، التي تحصل الآن على رياح داعمة من ترامب. ولكن الأردن يعتمد على المساعدات التي يحصل عليها من الولايات المتحدة. وقع الأردن معها في 2022 على اتفاق مساعدات سخي لعشر سنوات، بمبلغ 10 مليارات دولار. باستثناء ذلك، يبلغ حجم تجارة الأردن مع الولايات المتحدة 3 مليارات دولار في السنة. وبعد تجميد ترامب كل المساعدات الخارجية التي تعطيها الإدارة لدول العالم في الأسبوع الماضي، باستثناء مصر وإسرائيل، فمن غير الواضح ماذا سيكون مصير هذا الاتفاق الذي استهدف إنقاذ الأردن من الأزمة الاقتصادية الشديدة التي وجد نفسه فيها، بعجز يبلغ 2.2 مليار دولار في الميزانية، ونسبة بطالة 21 في المئة.
المطلوب من الأردن الآن السير على أطراف الأصابع لضمان سلامة المساعدات وعدم المس بالتسهيلات الضريبية التي يحصل عليها من الولايات المتحدة. ولكن في المقابل، كل إضافة للاجئين فيه تعني عبئاً اقتصادياً غير محتمل. تقدر تكلفة “استضافة” اللاجئين في الأردن الآن بنحو 2 مليار دولار في السنة، والمساعدات التي يحصل عليها مقابل ذلك آخذة في التناقص. في الفترة الأخيرة، قررت المملكة فرض رسوم على رخص العمل التي يحصل عليها الغزيون الذين لا يحملون الجنسية الأردنية، بعد أن ألغت هذا الاعفاء للاجئين آخرين من هذه الرسوم المرتفعة البالغة 500 دولار في السنة.
هنا يكمن التهديد الآخر الذي تضعه فكرة الترانسفير الفلسطيني على الأردن. استيعاب اللاجئين من سوريا والعراق لا يلقي فقط تكاليف زائدة على البنى التحتية المدنية مثل المياه والكهرباء والصحة والتعليم، بل يتسبب أيضاً بفقدان آلاف أماكن العمل للمواطنين الأردنيين – تم استبدالهم بقوة بشرية رخيصة وفرها اللاجئون. أجرة الشقة ارتفعت بشكل دراماتيكي ومعها غلاء المعيشة، إلى درجة أن جزءاً من الطبقة الوسطى هبط إلى ما تحت خط الفقر.
من ناحية نظرية، على فرض أن على الأردن استيعاب حوالي نصف مليون غزي من المليون ونصف مواطن الذين يقترح ترامب إخلاءهم، فربما يأتي هذا الترانسفير مع رزمة مساعدات حقيقية بمبلغ 2 مليار دولار في السنة على الأقل – بحساب تخصيص 3 آلاف دولار لكل لاجئ في السنة. هذا مبلغ الحد الأدنى، وهو كاف، ولكن بصعوبة لتغطية الاحتياجات الجارية. هل سيوافق ترامب على تمويل هذه الرزمة؟ ولأي فترة؟ لا يدور الحديث فقط عن الأردن؛ لأن مصر أيضاً التي -حسب الحسابات النظرية يتعين عليها استيعاب مليون غزي- ستطالب بمساعدات مشابهة؛ أي حوالي 4 مليارات دولار في السنة. هناك شك كبير إذا كان ترامب باستطاعته تجنيد الدول المصرفية المعتادة – السعودية والإمارات وقطر – لتوفير هذا التمويل، في الوقت الذي تنشغل فيه بتخطيط إعادة إعمار سوريا ولبنان، ولاحقاً سيطلب منها المساعدة في إقامة سنغافورة على شاطئ غزة، حسب رؤية ترامب.
في مصر، مثلما في الأردن، قضية ترحيل الفلسطينيين تهز المشاعر الوطنية، التي تطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وليس أقل من ذلك الخوف الأمني والاقتصادي. مصر، التي تواصل حرباً لا هوادة فيها ضد المنظمات الإرهابية الإسلامية في شبه جزيرة سيناء لا تحتاج إلى إضافة مليون فلسطيني، لأنه حتى لو تم وضعهم في سيناء فربما يقيمون قواعد لنشاطات إرهابية، ليس ضد إسرائيل فحسب، بل ضد مصر نفسها أيضاً. وإذا كان الأمر هكذا، فإن مصر التي يعيش فيها الآن 100 ألف لاجئ غزي، من بين الـ 9 ملايين لاجئ ومهاجر عمل يعيشون فيها، تبنت سياسة متشددة من خلال نية منع التمركز الفلسطيني فيها.
على سبيل المثال، يجب على معظم اللاجئين الفلسطينيين العيش في العريش، التي هي محبوسة داخل جدران وحواجز عسكرية. لا يسمح لهم بالعمل وتأشيرات المكوث مؤقتة، وفي معظمهم يعتبرون ماكثين غير قانونيين، الذين يمكن طردهم وحتى اعتقالهم في أي لحظة. مقارنة مع الأردن، فإن مصر لا تسمح للأونروا بالعمل في أراضيها، باستثناء ممثلية رمزية، وهي تضع قيوداً مشددة على نشاطات منظمات الإغاثة الأخرى. من ناحية رسمية، وافقت مصر على استيعاب 5500 مريض ومصاب من غزة، لكن المطلوب من هؤلاء تلبية شروط مكوث مشددة – محظور عليهم مغادرة حدود المستشفى إلا بمرافقة رجل أمن، ولا يمكنهم إدخال معدات خاصة أو حتى ألعاب للأطفال.
في الحقيقة، مصر تحصل من أمريكا على مساعدات أمنية بمبلغ 1.3 مليار دولار في السنة، مثلما جاء في اتفاق كامب ديفيد، وعلى مساعدات اقتصادية بمبلغ متغير. ولكن مقارنة مع الأردن، فإن المساعدات الأمريكية جزء صغير من إجمالي المساعدات التي تحصل عليها من الدول العربية مثل السعودية وقطر والإمارات. القيمة الحقيقية للمساعدات الأمريكية تكمن في حقيقة أنها تعطي لمصر الدعم المطلوب للحصول على القروض من مؤسسات التمويل الدولية. ولكن إذا كان ترامب ينوي التمسك باستيعاب القاهرة لمئات آلاف الغزيين، فربما يدفعها ذلك إلى مفترق طرق خطير قد يحدد مصير تعاونها مع الولايات المتحدة، وحتى وضع اتفاق السلام مع إسرائيل في الاختبار.
لكن حلم الترحيل لترامب لا يعتبر مشكلة أردنية أو مصرية فقط؛ لأنه قد يؤثر على شبكة العلاقات بين الدول العربية والولايات المتحدة، ويختبر قدرة الأنظمة العربية، منها الأنظمة التي تعتبر حليفة استراتيجية للولايات المتحدة، على التعامل مع الضغوط العامة التي قد تثيرها خطة كهذه. في هذا الوضع، فإن حلم التطبيع بين إسرائيل والسعودية قد يكون الضحية الهامشية لمشروع ترامب العقاري في قطاع غزة.
-------------------------------------------
هآرتس 27/1/2025
من ترانسفير إلى “ترامبسفير”..لـ”المبتكر ترامب”: بقي أن تطرح المريخ خياراً لـ “نقل” الفلسطينيين إليه
بقلم: أسرة التحرير
يواصل الرئيس الأمريكي ترامب، البحث عن مكان لنقل سكان قطاع غزة إليه، دون مراعاة أن الحديث يدور عن مليوني رجل وامرأة وطفل والقطاع هو بيتهم وأرضهم. في الأسبوع الماضي، علم أن إدارة ترامب تنظر في “إعادة تموضع” لسكان قطاع غزة إلى إندونيسيا لترميم القطاع. ليس لإبداعية ترامب الجغرافية السياسية حدود: لتحويل قطاع غزة إلى سنغافورة سيجري “إخلاء – بناء” لمليوني نسمة إلى إندونيسيا. أما الآن فيقترح ترامب نقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن. في حديث مع صحافيين في طائرة “اير فورس 1” قال ترامب إن القطاع “موقع هدم حقيقي في هذه اللحظة. يكاد يكون كل شيء مدمراً، والناس يموتون هناك، كنت أود أن تأخذهم مصر والأردن… نحن نتحدث على ما يبدو عن مليون ونصف نسمة. وببساطة، سننظف هذا الموضوع كله”.
وتبدو خطة الولايات المتحدة هي لنقل الفلسطينيين من القطاع لثلاث دول عربية ودولة أخرى في آسيا لمدة نصف سنة حتى سنة، ثم خروجهم منها بداية 2026، لكن ليس عودة إلى القطاع بالضرورة. بكلمات أخرى: ترانسفير (ترحيل). أو إن شئتم ترامبسفير.
لقد سبق لترامب أن تحدث في هذا الشأن مع الحكام ذوي الصلة: عبد الله الثاني ملك الأردن، وعبد الفتاح السيسي رئيس مصر. فقد قال لعبد الله: “يسرني أن تأخذوا على أنفسكم أكثر، لأني أنظر إلى كل قطاع غزة في هذه اللحظة، وهذه فوضى. حقاً فوضى”، وكما كان متوقعاً، بلغت مصر الولايات المتحدة بأنها لن تستقبل حدودها لاجئين فلسطينيين.
بهذه الوتيرة، كفيل بترامب إرسال سكان غزة “طوعاً” إلى الفضاء ليسكنوا المريخ بروح وعده أثناء خطاب اليمين القانونية “لتوسيع حدود الممكن إلى ما وراء النجوم، ورؤية علم الولايات المتحدة يرفرف على المريخ”. فلماذا ليس علم فلسطين أيضاً؟ ربما يتكبد شريكه إيلون ماسك عناء الأمر الآن.
من انقض على الفكرة كغنيمة عظيمة هم ممثلو اليمين المتطرف في إسرائيل ممن يحلمون منذ عقود بترحيل الفلسطينيين. “فكرة مساعدتهم في إيجاد أماكن أخرى لبدء حياة جيدة جديدة تبدو فكرة رائعة”، قال سموتريتش، أما النائب بن غفير الذي يواصل طريق مئير كهانا فاقترح أن تنفذ الحكومة الفكرة بنفسها. قل لي من يتحمس لأفكارك أقل لك مدى هذيانهم.
النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني لا يمكن تسويته بحلول سحرية. بالتأكيد ليس حين تتحلى بالترانسفير وتتضمن تطهيراً عرقياً. يجمل ألا تطرح أفكار تعطل اتفاقات السلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن.
------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 27/1/2025
لترامب: الفلسطينيون يدركون المؤامرة.. ويفضلون الخيام على اقتراحك
بقلم: رون بن يشاي
صفقة تحرير المخطوفين مقابل وقف القتال الذي يريده ترامب، تصطدم بمصاعب تهدد بتفجيرها، لكنه يتسارع نحو اليوم التالي. الرئيس الوافد، كما يخيل، يؤمن بأن ما لا يحققه في المئة يوم الأولى من ولايته، سيصعب عليه تحقيقه لاحقاً.
خطة “إخلاء – بناء” التي طرحها السبت، فكرة صحيحة، كحل ممكن لمسألة “اليوم التالي” ولتحييد ضائقة الغزيين الاقتصادية التي تبقي دافعهم للمس بإسرائيل. إعادة بناء غزة بدون أغلبية سكان القطاع كما يقترح ترامب، لن تسمح لحماس ومنظمات الإرهاب الأخرى العاملة في القطاع بناء بنى تحتية إرهابية كالأنفاق ومنصات لإطلاق الصواريخ المدفونة في ظل إعادة بناء القطاع.
1.9 مليون من بين 2.2 مليون فلسطيني في غزة، يسكنون في المنطقة على شاطئ البحر، التي هي ربع مساحة القطاع في بيوت متهالكة وخيام. عندما يعود النازحون من شمال القطاع إلى بيوتهم ويجدون جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا مدمرة تماماً، سيقيمون مآويهم هناك، وسيكون هذا أسوأ بكثير لغياب البنى التحتية والمسائل الصحية بالحد الأدنى.
إلى جانب ذلك، ليس واضحاً بعد إذا كان ترامب ورجال إدارته درسوا الفكرة مع حكومة إسرائيل ومع دول مثل قطر والإمارات والسعودية، التي يفترض أن تمول المشروع. لكن الواضح أن فكرة إعادة التموضع لجزء هام من سكان القطاع إلى مكان آخر إلى أن تبنى، بحثتها الإدارة الجديدة حتى قبل أن يؤدي ترامب اليمين القانونية رئيساً. والآن، يبدو أن ترامب يقصد بجدية كبيرة خطة “إخلاء بناء” غزة، بل وتحدث مع ملك الأردن، وسيتحدث فيه مع رئيس مصر.
مع ذلك، نعلم من حديث ترامب مع الصحافيين السبت، أن ملك الأردن لم يعطِ رداً إيجابياً، لكنه لم يرد بالسلب أيضاً؛ ربما لأنه تخوف من إغضاب الرئيس الأمريكي. لكن كل الجهات العربية، المشاركة أو الكفيلة بأن تكون مشاركة في هذه الخطة، بشكل مباشر أو غير مباشر، ستعارضها.
في إسرائيل تأييد للفكرة لأنها تتيح تأجيل حل مسألة الحكم المدني في غزة إلى بضع سنوات على الأقل، تتواصل فيها أعمال إعادة البناء للقطاع بشكل يسمح لإسرائيل بالإشراف على البناء من جديد، بحيث لا يستغل لإقامة بنى تحتية عسكرية لمنظمات المخربين من تحت ومن فوقها. إضافة إلى ذلك، فإنها تسمح لإسرائيل بالتأثير على مبنى القطاع وعلى ترتيبات الأمن فيه، ناهيك عن المرابح التي ستكون نتيجة توريد المواد وعبور البضائع لإعمار القطاع عبر موانئ إسرائيل ومعابر الحدود مع غزة.
لكن معظم الغزيين، كم يفترض الاعتقاد، وكذا الفلسطينيون في الضفة، سيعارضون الفكرة بكل قوة. منذ بداية المناورة البرية، ادعى الفلسطينيون، بمن فيهم رجال سلطة أبو مازن وحماس، بأن هدف الحرب الإسرائيلية في القطاع هو دفع الفلسطينيين للهجرة منه لإدخال مستوطنين إسرائيليين للاستيطان فيه. هذا الادعاء كان أحد المعاذير التي استخدمتها مصر كي لا تسمح للاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا عن مناطق القتال في القطاع للفرار والسكن في مخيمات لاجئين تبنى لهم في شبه جزيرة سيناء، في المنطقة القريبة من رفح المصرية.
وعليه، ربما نتوقع ألا يرى الفلسطينيون في فكرة إعادة التموضع التي طرحها ترامب فكرة إيجابية، بل محاولة فظة لنفيهم إلى الأبد عن أرضهم أو ما يسمونه الآن “نكبة ثانية”. ترامب كرجل عقارات وكذا مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، رجل عقارات هو أيضاً، يريان في خطتهما مشروعاً يهدئ المنطقة ويجني أرباحاً جميلة لمن يمولها وينفذها، بما في ذلك تركيا مثلاً. لكن الفلسطينيين الذين لا يزال يتذكرون ما يسمونه “النكبة الأولى” التي أرسلتهم إلى مخيمات لاجئين في دول وأرجاء الشرق الأوسط لن يوافقوا. وإذا لم يكن هذا بكاف، فمن المتوقع أن يخربوا حتى مسيرة إعادة البناء للقطاع، رغم أنها في صالح أبناء شعبهم.
ملك الأردن هو الآخر، الذي لم يعرب عن معارضة واضحة في حديثه مع ترامب، قد يعارض الخطة كونها ستهدد الاستقرار الديمغرافي بين البدو والفلسطينيين في دولته. ثمة أغلبية للاجئين الفلسطينيين الذين استقروا في الأردن على القبائل البدوية التي أقام البريطانيون لهم في إطار اتفاقات سايكس بيكو، المملكة الهاشمية. إضافة إلى ذلك، فإن الأردن الذي استوعب لاجئين من العراق، ونحو مليون لاجئ من سوريا في العقد الحالي، ينهار تحت العبء. كما أن مسألة نقل الغزيين إلى الأردن معقدة، لأن الحل الأردني ليس قابلاً للتنفيذ.
بالمقابل، إن إقامة مخيمات لاجئين مؤقتة في أراضي سيناء، أي في المنطقة التي هي تحت سيادة مصر، تبدو أكثر منطقية. فإذا أقيمت مخيمات لاجئين كهذه في منطقة رفح وبين رفح والعريش، فهذا سيسمح للغزيين أن يكونوا قريبين من القطاع ويهدئ مخاوفهم من سلب أراضيهم. كما يمكنهم أن يشاركوا في أعمال الإعمار والربح. لكن مصر ورئيسها السيسي، يرفضون بشدة الموافقة على انتقال الفلسطينيين إلى أراضيهم. مصر، التي فيها 112.7 مليون مواطن، معظمهم فقراء، لا تحتمل مزيداً من الأفواه لإطعامهم، ناهيك عن أن الفلسطينيين يعتبرون مثيري مشاكل مهنيين ومحبين للإخوان المسلمين الذين يرى فيهم الرئيس السيسي وكبار مسؤولي رجال نظامه وجيشه عدواً وتهديداً حقيقياً على النظام.
حماس، التي هي حركة فرعية للإخوان المسلمين، يفضل المصريون أن يروها خلف جدار عال يقام في محور فيلادلفيا داخل قطاع غزة، وليس في أراضيهم، رغم أن مئات الكيلومترات تفصل بين شمال سيناء ومصر. المصريون يرون في الفلسطينيين تهديداً على استقرار النظام وعبئاً اقتصادياً، وحتى لو وعدهم ترامب بمليارات الدولارات التي سيتلقونها من السعودية والإمارات وقطر فلن يرغب السيسي باستقبال مليون ونيف من الفلسطينيين في بلاده. ربما يفضل الغزيون مخيمات لاجئين “محلية” في أراضي القطاع قرب البلدات والقرى التي يعاد بناؤها يطمئنهم بأن لا أحدا يغزو أراضيهم وبيوتهم وبأنهم سيعودون إليها ما إن ينتهي البناء.
------------------------------------------
يديعوت 27/1/2025،
نوصي إسرائيل الا تقف علنا الى جانب الولايات المتحدة في الدعوة لتهجير الغزيين
بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية – مركز ديان جامعة تل أبيب
في نظر جزء من العالم، اعلان ترامب عن نقل الغزيين الى الأردن والى مصر كفيل بان يبدو كطموح آخر – مثل الرغبة في شراء غريلاند من الدانمارك او دمج كندا في الولايات المتحدة. لكن في الشرق الأوسط يؤخذ هذا القول بجدية بل وبقلق. فترامب، كما يذكر، أعلن أول أمس بانه بحث مع ملك الأردن عبدالله في إمكانية نقل غزيين الى المملكة وانه سيبحث الفكرة أيضا مع الرئيس المصري السيسي. وهذا، على حد قوله لان القطاع خرب وغير مناسب للسكن وانه يحتمل ان يكون الانتقال لمدى قصير أو طويل.
مثل كثير من اقتراحات ترامب، توصف الفكرة كـ “صفقة” ذات منطق واعتبارات مادية في ظل تجاهل الابعاد الأيديولوجية والثقافية، الذاكرة التاريخية، والتوترات بين إسرائيل، العالم العربي والفلسطينيين – وهي عناصر اثبتت بانها اقوى من كل اعتبار آخر في الشرق الأوسط في اعقاب 7 أكتوبر.
الفلسطينيون، الذين استندوا الى تفاؤل حذر في أن ترامب في ولايته الثانية سيكون مختلفا عنه في الأولى يشهدون “عودة الكابوس القديم”. فقد ضعضع ترامب في ولايته الأولى الأفكار التي سعى الفلسطينيون لان يقرروها وبموجبها لن تكون تسوية في المنطقة دون أن تحل قبل كل شيء مشكلتهم: فقد نقل السفارة الى القدس، دفع قدما باتفاقات إبراهيم ووضع صفقة القرن، خطوات أدت الى انكسار حاد بين رام الله وواشنطن. والان يخشى الفلسطينيون من أن يفرض بالقوة تغييرا عميقا للواقع على الأرض.
العالم العربي هو الاخر يعيش في صدمة في اعقاب هذا القول. فهو يثير مخاوف دفينة في الأردن وفي مصر، اللتين في ضوء جوارهما من الساحة الفلسطينية والصلات التاريخية بهما تخشيان من محاولة حل المشكلة الفلسطينية على حسابهما. القاهرة وعمان تبديان على نحو دائم عصبية شديدة تجاه كل قول في هذا السياق: من اقتراح غيلا جمليئيل لنقل الغزيين الى سيناء وحتى الأفكار لتشجيع “الهجرة الطوعية” لرؤساء الصهيونية الدينية والنائبين بن باراك ودانون. وهذه تعد صيغا حديثة لمؤامرة إسرائيل لافراغ القطاع من سكانه، أفكار بالفعل بحثت في الماضي بجدية واساسا بعد حرب الأيام الستة.
يتخذ العالم العربي حتى الان جانب الحذر في ضوء معرفته لطبيعة ترامب وعدم الرغبة في الصدام معه. الزعماء العرب يرفضون الفكرة رفضا باتا ويفهمون بانه حتى التلميح بالموافقة على دراستها سيثير اضطرابا حادا داخليا، والامر صحيح أساسا بالنسبة للاردن. في ضوء هذا فانهم سيحاولون على ما يبدو “اغلاق الحدث” بسرعة بطرق دبلوماسية وبذلك يمنعون نشوء خلاف شديد مع الإدارة الامريكية الجديدة.
يعيش الفلسطينيون في معضلة حادة اكثر بكثير، وواضح أنهم يرفضون الفكرة تماما. موقع الأخبار “سما” وصف الفكرة أمس بانها “نكبة جديدة”. والحذر الذي سيتخذه العرب على ما يبدو سيميز السلطة التي تتطلع الى ان تبدأ “بالقدم اليمنى” علاقاتها مع إدارة ترامب، وكذا حماس التي اطلقت في الأسابيع الأخيرة إشارات استثنائية عن رغبتها في فتح حوار مع واشنطن، ضمن أمور أخرى في ظل الفهم بان الامر كفيل بان يساعد المنظمة على مواصلة الإبقاء على قوتها في القطاع، حتى دون أن تحمل مكانة صاحب السيادة.
إسرائيل هي الأخرى مطالبة بان تتصرف بحذر، والا تتبنى مثلا الحماسة التي يبديها رؤساء الصهيونية الدينية للإعلان بدعوى أن الحديث يدور عن خطوة ستسمح للفلسطينيين بحياة افضل في ظل الابتعاد عن الأفكار المتطرفة، قول يعطي الصدى لمفهوم 7 أكتوبر وبموجبه حوافز اقتصادية يمكنها أن تتغلب على الأيديولوجيات. على إسرائيل ان تفهم بان الفكرة من شأنها أن تضر بالعلاقات بين واشنطن والعالم العربي ولاحقا أن تضر بها أيضا، واساسا في كل ما يتعلق بالتطبيع الذي ستنفر منه الدول العربية اذا ما شعرت بان الامر فرض عليها بالقوة من قبل الولايات المتحدة، ويختلط بالجهد لنقل الفلسطينيين اليها.
نوصي إسرائيل الا تقف علنا الى جانب الولايات المتحدة في إطار الدعوة لاستيعاب جماهير غزيين، السيناريو الذي احتمال تحققه كما أسلفنا متدنٍ وسيخلق فقط ضغينة عربية تجاه إسرائيل. مهم ان تشارك إسرائيل في بحث الموضوع، لكن على المستوى الدبلوماسي السري، وليس عبر إعلانات على الملأ. بهذه الطريقة، يحتمل أن يكون ممكنا الوصول الى توافق على استيعاب عدد محدود من الغزيين يعرفون كحالات إنسانية لزمن قصير وهكذا منع نشوب ازمة حادة. الجهد المركزي يجب أن تبذله إسرائيل على اجبار حماس على تنازلات جوهرية مقابل اعمار القطاع وضمان حرية العمل ضد كل تهديد ينشأ في هذه المنطقة في المستقبل.
------------------------------------------
هآرتس 27/1/2025
بدون التطبيع مع السعودية وتدخل السلطة فان حماس ستواصل سيطرتها في غزة
بقلم: دان مريدور
مرتان فشل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. المرة الأولى في إدارة الخطر امام حماس حتى كارثة 7 أكتوبر. والمرة الثانية في إدارة الحرب العادلة ضد حماس منذ ذلك الحين وحتى الآن. ولأن إسرائيل، بقرار حكومة الليكود، خرجت من قطاع غزة فان حماس سيطرت بالقوة على القطاع. قرار نتنياهو مثل اسلافه، “عدم تدمير سلطة حماس”، أي عدم إعادة احتلال القطاع، ظهر معقول. ثمن الاحتلال والقتال والسيطرة على القطاع لفترة طويلة، كل ذلك ظهر ثقيل وغال ويصعب تحمله.
لأنه هكذا تقرر فان إسرائيل وقفت امام سؤال: كيف سنتعامل مع القطاع المحكوم فعليا من قبل حماس. تحديد السياسة يحتاج الى الاختيار بين بدائل: اتفاق سلام مع حماس لن يكون لأنه بالنسبة لهم تدمير دولة إسرائيل ليس هدف سياسي فقط، بل هو أمر ديني. في ظل غياب بديل افضل، كانت هناك محاولة لخلق واقع من الحدود الهادئة لفترة طويلة. من اجل ذلك بذل نتنياهو جهود مضنية لتمكين حماس من الحصول على تمويل كبير من قطر، واعطيت لها تسهيلات اقتصادية.
القرار بشأن سياسة كهذه يقتضي إدارة المخاطر. حماس بقيت عدو لدود، منظمة إرهابية قاتلة لا تسلم بوجود إسرائيل. إسرائيل اخذت مخاطرة عالية على أمل الوصول الى حدود هادئة، لكن حكومة نتنياهو فشلت فشلا ذريعا ومتواصلا في إدارة الخطر الشديد.
نتنياهو، بمعرفته من هي حماس، كان يجب عليه أن يجري كل أسبوع أو شهر، بنفسه وعن طريق هيئة الامن القومي، جلسة مع رؤساء الجيش والشباك واستيضاح ما الذي يحدث في غزة. هل توجد لدينا معلومات استخبارية جيدة، بشرية وتكنولوجية، عما يحدث هناك؟ هل الشباك و”أمان” (بشكل منفصل كما طلب في لجنة اغرانات) يجرون نقاشات تقدير حول ذلك؟ ما هو معنى المدينة التحت أرضية التي تقام هناك؟ ما هي خطط الحرب لحماس؟ هل نحن مخطئون وحماس غير خائفة؟ ماذا يمكنها أن تفعل؟ هل لدينا رد مناسب على ذلك؟ ما هي خطط دفاعنا في حالة قامت حماس بالهجوم؟.
واجب رئيس الحكومة اجراء مثل هذه النقاشات بشكل متواتر ازدادت عندما حذر رئيس الأركان وآخرون من أن هناك تآكل في ردع إسرائيل بسبب الانقلاب النظامي، والرد عليه (حتى لو لم تتم الإشارة بالتحديد الى قطاع غزة). رئيس الحكومة، المسؤول الأعلى عن الامن القومي، كان يجب عليه التعمق في التحقيق في هذا الشأن.
لو أن نتنياهو ورؤساء جهاز الامن تصرفوا بهذا الشكل لما كان هناك أي شك تقريبا بأنه كان يمكن تجنب الكارثة. هذه نظرية إدارة المخاطر. هنا يكمن الفشل الذريع لنتنياهو والكابنت والحكومة كلها. لقد كانوا على قناعة بأن هناك احتمالية بأن تنجح سياسة “الهدوء مقابل الأموال”، لكن كان يجب أن يعرفوا بأن هناك مخاطرة في أن هذه السياسة ستفشل وأن حماس ستهاجم. هذا الخطر الكبير لم تتم ادارته كما هو مطلوب.
الفشل الثاني لنتنياهو هو إدارة الحرب بعد 7 أكتوبر. تدمير سلطة حماس هو هدف مناسب ومهم، ولا توجد إمكانية لتحقيقه بدون ضربة عسكرية قاسية، لكن أيضا لا توجد إمكانية لتحقيقه بواسطة ضربة عسكرية فقط. تدمير سلطة حماس مرهون بسلطة أخرى تقوم باستبدالها. وقد تم اقتراح على إسرائيل بديل كهذا من قبل الرئيس الأمريكي وبعض الدول العربية. بديل حكومي لحماس كان يمكن أن يتم تشكيله من رجال السلطة الفلسطينية (التي ضعفها معروف، لكنها كانت مستعدة لذلك) بمساعدة قوات عربية (مصرية، إماراتية وغيرها)، وبمساعدة مالية ضخمة (ربما سعودية، إماراتية) من اجل إعادة اعمار القطاع.
لا يوجد أي يقين بأن هذا سينجح، لكن هناك احتمالية لذلك بدعم امريكي ودولي واسع. هذه هي الرجل المكملة لعملية عسكرية. وبدونها لن تكون هناك أي فرصة لاسقاط نظام حماس. بالفعل، الآن بعد مرور 15 شهر وبعد ضربة عسكرية قاسية فان حماس لا تزال تسيطر على قطاع غزة.
من اجل منع تأييد جماهيري لعملية كهذه، التي اقترحها الرئيس الأمريكي التارك جو بايدن، فقد حرصوا على وصف السلطة الفلسطينية بأنها توأم حماس، وكأنه لا يوجد أي فرق بينهما. في الواقع السلطة ضعيفة، ليس فقط بسبب إسرائيل، بل في الواقع بقيادة ياسر عرفات وبعده محمود عباس هي لم توافق على اقتراحات بعيدة المدى من إسرائيل لانهاء النزاع. ولكن الأساس يقومون باخفائه. فمنذ عشرين سنة تقريبا، منذ تولى عباس محل عرفات، والسلطة بشكل عام لا تعمل في الإرهاب، وحتى تتعاون مع إسرائيل في محاربة الإرهاب.
في الواقع هي تحارب ضد إسرائيل في الساحة السياسية والقانونية وتدفع الرواتب لعائلات الشهداء والسجناء، لكنها مرت بتغيير مهم. خلال عشرات السنين، منذ تأسيس م.ت.ف وحتى موت عرفات، كانت م.ت.ف هي التنظيم الإرهابي الأساسي الذي اضر بنا في البلاد وفي العالم. أيضا الانتفاضة الأولى والثانية قادتها م.ت.ف. عباس، لاسبابه الخاصة، قام بتغيير سياسة المنظمة، ولذلك فان إسرائيل تتعاون مع السلطة في محاربة الإرهاب. هذا الامر تتم مشاهدته مرة أخرى مؤخرا في جنين.
مصلحة إسرائيل هي اضعاف حماس وتعزيز السلطة الفلسطينية، لكن الحكومة التي شكلها نتنياهو يمكن أن تتفكك اذا كانت هناك مفاوضات مع السلطة. لذلك فانه تجري الحرب منذ 15 شهر، وحماس تسيطر حتى الآن على القطاع.
أنا على قناعة بأن كل ذلك كان معروف وواضح لنتنياهو، حيث أنهم في جهاز الامن قالوا ذلك طوال الوقت. هذا لم يحدث لنفس السبب الذي من اجله أراد نتنياهو الحفاظ على حماس. بالنسبة له يفضل وجود حماس في غزة على السلطة الفلسطينية. يفضل الفصل بينهما. اذا حكمت السلطة أيضا في غزة فانه يوجد خطر، لا سمح الله، أنه سيتعين على إسرائيل التفاوض معها. هذه الحكومة، حكومة “اليمين المطلق”، يمكن أن تسقط. الاعتبارات السياسية منعت العملية التي كان يمكنها، باحتمالية عالية، أن تؤدي الى الانتصار.
ما هو الحل؟ الجيش الإسرائيلي، الذي فشل وتعافى بشكل مثير للانطباع بقيادة هرتسي هليفي، ضرب ضربة قاسية جميع الأعداء في كل الجبهات. الآن يجب انهاء المعركة، وإعادة على الفور جميع المخطوفين ومواصلة عملية التسليم بوجود إسرائيل عن طريق التطبيع مع السعودية. هذا مهم تاريخيا وهو يساعد على الصمود امام محور ايران. وكل ذلك يتعلق كما يبدو بعملية تضم السلطة الفلسطينية.
أيضا هذه السياسة يجب ادارتها بعيون مفتوحة، ولا يوجد أي بديل لادارة مسؤولة للمخاطر. الحديث يدور عن اتجاه توجد فيه أيضا احتمالية كبيرة. هذا حل لا يجب على إسرائيل الانجرار اليه، بل قيادته.
------------------------------------------
معاريف 27/1/2025
سيتقرر مستوى الرد في كل الساحات على محاولات تحدي الجيش الإسرائيلي
بقلم: افي اشكنازي
رد الجيش الإسرائيلي امس في ثلاث جبهات القتال – محور نتساريم في قطاع غزة، قرى جنوب لبنان والضفة – فيما هو يظهر تصميما في كل الجبهات الثلاثة، وفقا لتقارير في لبنان وفي غزة، ولا يعفي عن مدنيين يتواجدون في خط النار.
في لبنان: الاف المدنيين، وبينهم عشرات ومئات من نشطاء حزب الله، بدأوا في مسيرات نحو سلسلة القرى في الدائرة الأولى قرب الحدود والتي لا تزال تحوزها إسرائيل. الحدث هو اختبار يتعلق بتصميم الحدود في الشمال ومسألة اذا كان الجيش اللبناني سينجح حقا في السيطرة على نشاط حزب الله. بالتوازي، هذا اختبار للجيش الإسرائيلي كيف سيرد على الخرق وهل سينفذ إطلاق نار نحو المسيرات التي تعرض قوات الجيش الإسرائيلي للخطر. النتيجة – صحيح حتى الان، حسب تقارير لبنانية وإسرائيلية، هي ان بضع عشرات الاف اللبنانيين وصلوا الى قرى مركبة، كيلا، ميس الجبل، مارون الراس، عيتا الشعب والناقورة. بعضهم جاء دون امتعته، بعضهم جاءوا مع اعلام حزب الله الصفراء.
أدار الجيش الإسرائيلي اتصالات عبر جهة ثالثة مع حكومة لبنان وتعهد فيها بان يستكمل في غضون أيام حتى أسابيع قليلة العثور على مخزونات السلاح لحزب الله التي لم تكشف بعد وتدميرها. غير أن حزب الله قرر صباح امس تحدي لبنان وإسرائيل، في ظل تشجيعه ومساعدته للمتظاهرين لاقتحام حواجز الجيش اللبناني. وبالفعل، ابعد الجيش الإسرائيلي المسيرات باطلاق النار الحية، وبخاصة نحو من عرض المقاتلين في المنطقة للخطر. حسب التقارير من لبنان قتل 15 شخصا على الأقل وأصيب نحو 100. وتخلق الاعداد في هذه اللحظة اثرا لان إسرائيل مصممة على فرض الترتيبات التي ثبتتها على الحدود حتى بثمن استخدام النار بقوة.
في جبهة قطاع غزة، أصبح محور نتساريم “محور أربيل يهود”. فخيبة امل عشرات الاف الغزيين الذين يوجدون في الجانب الجنوبي من محور نتساريم، قرب شارع صلاح الدين، بجوار شاطيء مدينة غزة – كبيرة. الجيش الإسرائيلي استعد مسبقا لوصول عشرات الاف الغزيين، بل واكد بان القوات في الميدان تنفذ اطلاقا للنار نحو الغزيين المتجمهرين. في الجيش الإسرائيلي لا ينفون التقارير من غزة لان عددا غير قليل من المدنيين اصيبوا بالنار.
الساحة الثالثة، الضفة: هنا أيضا عمل الجيش الإسرائيلي أمس بتصميم عندما أحبطت طائرات لسلاح الجو مسلحين ملثمين كانوا يسيرون على رأس جنازة، جرت في مخيم بلاطة للاجئين في اطراف نابلس. في الجيش الإسرائيلي يحاولون الايضاح لحماس وللجيش الإسرائيلي بان إسرائيل مصممة على عدم السماح باستعراضات القوة لهم في المسيرات، او في جنازات نشيط الإرهاب هذا او ذاك.
تعمل إسرائيل في هذه اللحظة على تصميم قواعد اللعب في الشرق الأوسط. ما جرى امس في الساحات المختلفة هو تصميم إنجازات القتال في لبنان وفي غزة. على أساس اختبار الأيام القادمة سيتقرر على ما يبدو مستوى الرد الإسرائيلي في كل واحدة من الساحات على كل محاولة لتحدي الجيش الإسرائيلي أو السيادة الإسرائيلية لكل واحد من الحدود.
-----------------انتهت النشرة-----------------
أضف تعليق