27 كانون الثاني 2025 الساعة 12:19

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 17/1/2025 العدد 1211

2025-01-18 عدد القراءات : 11

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 17/1/2025

 

رؤية إسرائيل لـ”اليوم التالي”: لا قدم لأبو مازن في غزة.. ولو بعودة حماس

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

بعد أسبوعين تقريباً ستنتهي المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه بين إسرائيل ولبنان. وحتى 27 كانون الثاني الحالي، ربما تنسحب إسرائيل من كل أراضي لبنان. والآن أيضاً تم التوقيع، بعد كثير من الآلام، على الاتفاق مع حماس. ورغم أن أحد الاتفاقين هو مع دولة والآخر مع منظمة، فهذان الاتفاقان عملياً تم التوقيع عليهما بين إسرائيل وتنظيمات تعتبر إرهابية، حيث الهدف فيهما وضع قيود قانونية على مجال النشاطات العسكرية لهذه التنظيمات، والمطلوب فيهما موافقة ومصادقة هذه التنظيمات. كان مطلوباً لكليهما تدخل وضغط من قبل دول أجنبية للتوصل إلى التوقيع عليهما. كل من هذين الاتفاقين يوفر لإسرائيل حرية عمل عسكري ضد أي خرق، وكلاهما محوطان بإطار سياسي ودولي، للرقابة والتعهد بعدم خرق هذه الاتفاقات.

يبدو أن الشرط الرئيسي لإجراء المفاوضات في الحالتين كانا مختلفين بشكل جوهري. حسن نصر الله لم يحتجز 250 مخطوفاً، الذين كان يمكنه استخدامهم كورقة مساومة. ولكنه منع عشرات آلاف الإسرائيليين، الذين أخلوا بيوتهم في شمال البلاد، من العودة وجعلهم رهائن لوقف إطلاق النار.

حماس في المقابل، لم تعد تهديداً يمنع عودة سكان غلاف غزة إلى بيوتهم، لكنها ستستمر في احتجاز عدد من المخطوفين إلى حين انتهاء المرحلة الأولى للاتفاق، وتحريرهم جميعاً سيكون مرهوناً باتفاق آخر، قد يضمن انتهاء الحرب بشكل نهائي.

وثمة فرق آخر يتعلق بأهداف كل اتفاق من هذين الاتفاقين. في لبنان، تطمح إسرائيل في الواقع إلى نزع سلاح حزب الله، لكنها تكتفي بانسحاب قواته إلى ما وراء الليطاني، ومهمة نزع سلاحه أبقتها للجيش اللبناني. هي أيضاً لا تطلب تفكيك حزب الله كجسم سياسي، ولا تطلب عدم إشراكه في الحكومة والبرلمان. أما في غزة فإن نزع سلاح حماس يبدو مهمة حصرية لإسرائيل، التي تطمح إلى تدمير المنظمة بشكل مطلق، كإطار عسكري وإطار سلطوي أيضاً.

المفارقة هي أنه مقارنة مع الاتفاق مع لبنان الذي يمكن عرضه كاتفاق مع دولة، ففي غزة توقع إسرائيل على اتفاق مع منظمة، التي بالنسبة لها لا يجب أن تكون موجودة بعد عودة جميع المخطوفين، وستكون “مدة حياتها” مرهونة بالفترة التي ستبقى فيها على قيد الحياة. هكذا، في الوقت الذي ستكون مدة حياة حزب الله في لبنان مرهونة فقط بالعوامل السياسية وبأدوات الضغط التي يمكنه استخدامه عليها، فإن وضع حماس مختلف كلياً. أمام التهديد الوجودي الذي تلقيه عليها إسرائيل، يتعين على حماس مواصلة الاحتفاظ بالسور الواقي الإنساني الذي يوفره لها المخطوفون لمواصلة بقائها كمنظمة، إلا إذا تحققت الشروط في الجزء الثاني للمفاوضات، التي ستمكنها من وجودها وسيطرتها في القطاع.

لدى إسرائيل إمكانية التخلي عن المخطوفين الباقين، والذين سيتم إطلاق سراحهم في الأسابيع السبعة القادمة، واستئناف الحرب في غزة إلى ما لا نهاية. مع ذلك، لم يعد باستطاعتها الافتراض بأن الرئيس ترامب سيظهر تجاهها طول النفس، وأنه لن يفتح باب جهنم، هذه المرة ضدها، عندما يكون استمرار الحرب يعني تلاشي احتمالية التطبيع مع السعودية.

الاحتمالية الثانية التي تصمم إسرائيل على رفضها، هي إقامة حكم فلسطيني في غزة يدير الخدمات المدنية ويبعد أيدي حماس والعصابات الأخرى عن قوافل المساعدات الإنسانية وإعادة ترميم البنى التحتية في القطاع. للإدارة الفلسطينية احتمالية جيدة لتجنيد قوة دولية وعربية توفر لها الدعم العسكري- الإمارات وعدت بالمشاركة فيها. وجود إدارة فلسطينية كهذه لن يحرم إسرائيل من العمل ضد أي نشاطات ضدها تخرج من القطاع، مثلما تفعل في الضفة الغربية، أو مثلما يعطيها الاتفاق مع لبنان.

يجدر التذكير بأن خطة كهذه من الهجمات العسكرية المركزة للقضاء على نشاطات ضدها، اقترحها أيضاً رؤساء جهاز الأمن عندما تمت مناقشة قضية التنازل عن السيطرة في محور فيلادلفيا قبل بضعة أشهر. رفض نتنياهو في حينه هذه الخطة، وأصر على السيطرة الكاملة وغير المحدودة على محور فيلادلفيا، “أساس وجودنا”، وعلى معبر رفح.

الآن حيث الانسحاب من محور فيلادلفيا ومن معبر رفح جزء لا يتجزأ من اتفاق إعادة المخطوفين، فإن خطة النشاطات العسكرية التي تم حفظها ستعود إلى الحياة، لكنها لن تكون كافية لمنع استمرار سيطرة مدنية لحماس، ليس فقط على قوافل المساعدات الإنسانية التي ستزداد بشكل ملحوظ وستوفر للمنظمة مصدر دخل كبير. لمنع هذا التطور، على إسرائيل التطلع لأن تكون البنية السلطوية في القطاع شبيهة ببنية لبنان، حيث الدولة هي الجهة الرسمية المعترف بها، والمخولة الوحيدة لحمل السلاح، وهي أيضاً التي تتحمل مسؤولية تنفيذ الاتفاق وإدارة الدولة.

لبنان ليس نموذجاً للدولة القوية، وجيشه ليس جسماً قوياً يمكنه التعامل وحده مع التخريب المسلح الداخلي كالذي يمثله حزب الله، بل هو دولة فاشلة ومفلسة وفاسدة. منذ فترة غير بعيدة، نجح في انتخاب رئيس للدولة ورئيس حكومة، وحتى الآن ليست لديه حكومة عاملة. ولكن هذه الخصائص البائسة لم تمنع إسرائيل من التوقيع معه على اتفاق، ولم تطلب الإدارة الأمريكية منه أجراء إصلاحات بعيدة المدى قبل الاعتراف بصلاحيته وتمثيله كما لم تضع شرطاً عليه، بإبعاد حزب الله من صفوفه.

إضافة إلى ذلك، الموارد الأهم للبنان هي استعداد دول كثيرة، عربية وغربية، للمساعدة في إعادة الإعمار، وأيضاً الشرعية الجماهيرية التي سيعتمد عليها إذا أظهر القدرة على مواجهة الأزمات وطرح أفقاً اقتصادياً وسياسياً موثوقاً.

في غزة يمكن ويجب تشكيل هيكلية سلطوية مشابهة، حتى لو لم تحصل على لقب الدولة. مثلما في لبنان، ففي المناطق، السلطة الفلسطينية لا ينطبق عليها تعريف الدولة النموذجية؛ فشرعيتها الجماهيرية معدومة، وخزينتها فارغة، والفساد جزء من جوهرها، وقيادتها منقسمة. مقارنة مع لبنان، لا تملك قوة عسكرية معترفاً بها. لكنها الجسم الأكثر تجربة في الإدارة المدنية لملايين السكان، والبنى التحتية فيها تعمل، ولنظامها صلاحيات. منظومات القضاء والتعليم والصحة فيها توفر الخدمات التي يمكنها أحياناً منافسة الخدمات التي يحصل عليها المواطنون في لبنان.

مثل حكومة لبنان أيضاً، لا قدرة عسكرية للسلطة الفلسطينية تسمح لها بمواجهة قدرة حماس. ولكن مقارنة مع الحكومة اللبنانية، التي تعتبر حزب الله جزءاً من منظومة النظام، فإن السلطة الفلسطينية، لا سيما رئيسها محمود عباس، تطرح موقفاً ثابتاً ومصمماً ضد إشراك حماس في الحكم. عشرات جولات المحادثات التي استهدفت إيجاد إطار سلطوي مشترك مع حماس، انتهت بالفشل. وحكومة الوحدة التي تشكلت في 2017 تحطمت خلال سنتين، واتفاقات المصالحة التي تم التوقيع عليها بين م.ت.ف وحماس بعد دفن الحكومة، بقيت على الورق.

قال نتنياهو في السابق إن على السلطة الفلسطينية تطبيق النظام والقانون في القطاع والتغلب على حماس. إسرائيل لن تجلس على طاولة المفاوضات مع الإرهابيين الذين يريدون تدميرها. فإسرائيل ساعدت على إقامة حماستان وجلست للتفاوض مع إرهابيين ووقعت على اتفاقات معهم أيضاً. والآن تتبلور الظروف التي ستسمح لبديل آخر بإدارة القطاع، التي هي بحاجة إلى أيديولوجيا إسرائيلية مناسبة.

-------------------------------------------

إسرائيل اليوم 17/1/2025

 

“الانتقال إلى الضفة”… هل سيكون “هدفاً جديداً” للحرب باتفاق مع سموتريتش؟

 

 

بقلم: شيريت أفيتان كوهن

 

مناورات حماس كانت متوقعة – وحتى أمس، بعد إعلانات ترامب بايدن والقطريين الاحتفالية، لم تفوت حماس فرصة لمحاولة إدخال عناصر إلى الاتفاق تحقيقاً لـ”صورة نصر”. في هذه الأثناء، تنقل إسرائيل الانتباه إلى الضفة في ضوء خوف من التصعيد عقب تحرير مئات المخربين إلى المنطقة.

إلى المفاوضات أولاً. أمس، فاجأت حماس حين أدخلت إلى الصفقة مخربين ثقيلين رفضت إسرائيل إدراجهم في الصفقة. افترضت حماس بأن ترحيب رئيسين أمريكيين بالصفقة سيصعب على نتنياهو القول لا لمطالب قد تعرض الاتفاق للخطر. لكنها أخطأت؛ فقد رفض نتنياهو وطاقمه الابتزاز. وحسب مصدر إسرائيلي، فهؤلاء مخربون حولهم خطر “نفوذ ورمزية وخطورة” وبالتالي لا يجب تحريرهم حتى في إطار الصفقة الحالية.

 

تفاؤل في الولايات المتحدة أيضاً

 

رغم المصاعب في المحادثات، تقدر إسرائيل بأن الصفقة ستنفذ الأحد، مثلما قدر الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأمريكي.

بقي رؤساء الطاقم المفاوض في قطر للتأكد من تنفيذ الاتفاق نصاً وروحاً دون مطالب جديدة من حماس بإسناد كامل من الوسطاء. وسينعقد الكابنت بعد عودتهم إلى البلاد. وسيكون الكابنت والحكومة مطالبين بإقرار اتفاق وقف النار للسماح لـ 48 ساعة من نشر قائمة المخربين للاستئناف كما يفترض القانون. وبناء على ذلك، وبدون تأخيرات جديدة، سيدخل وقف النار حيز التنفيذ ليبدأ تحرير المخطوفين يوم الأحد.

 

العيون الآن نحو الضفة

 

في هذه الأثناء، تمهيداً لتنفيذ الاتفاق، ينشغل جهاز الأمن في الأسبوع الأخير في الإعداد لتحرير قتلة من سجون إسرائيل. في نقاش أجري قبل نهاية الأسبوع، حذر مصدر أمني من تخوف حقيقي لتصعيد أمني في ضوء تحرير مئات المخربين إلى مناطق الضفة (من أصل نحو ألف سيتحررون بالإجمال). وقال المصدر إن “مئات السجناء سيصلون إلى الضفة. وسيشكل هذا التحرير تشجيعاً للإرهاب فيما سيعود قسم كبير منهم للانشغال بأعمال الإرهاب”. وعلى حد قول هذا المصدر، سيحاول المخربون المحررون “إشعال المنطقة في المدى البعيد”.

جهاز الأمن يخشى من تعزيز صورة المنظمة في الضفة ومن اشتعال أمني بسبب ذلك. يدور الحديث عن تأثير مباشر وفوري خشي منه المستويان السياسي والعسكري. لكنهم في النهاية، وافقوا على تحرير المخطوفين في الصفقة.

 

إحباط وهجوم ومنع

 

على أي حال، في مداولات الكابنت اليوم سيتخذ الوزراء قراراً واسعاً لمعالجة هذه الساحة. يدور الحديث عن أحد المطالب التي طرحها وزير المالية سموتريتش في محادثاته مع رئيس الوزراء بسبب التحذيرات الكثيرة المتعلقة بالاشتعال في الضفة عقب الصفقة. ومن المتوقع للقرار أن يؤدي إلى إضافة هدف حرب جديد: معالجة الضفة. لهذا الغرض، ستعمل إسرائيل على الإحباط ومنع الاحتفالات بتحرير المخربين، بالهجوم وبالمنع. لتنفيذ المهام، ستنقل قوة كبيرة إلى المنطقة. وقد اتفق على الموضوع بين نتنياهو وسموتريتش أمس، واليوم سيبحث الكابنت في موضوع الضفة إلى جانب البحث في الصفقة.

على أي حال، موضوع الصفقة على مراحل سيحتل العناوين الرئيسة. بينما ستخرج النبضة الأولى إلى حيز التنفيذ، يطالب الجانب اليميني من الخريطة السياسية بتعهد للعودة إلى الحرب بخلاف الروح التي تهرب من واشنطن. السبب بسيط: بينما تنهي حماس هذه الحرب وهي في الحكم مع انطلاق إعمار غزة، فإن إسرائيل لا تعرض فقط سكان الغلاف للخطر مرة أخرى، بل تخلق دعوة مفتوحة للأعداء المحبطين من الخارج.

-------------------------------------------

معاريف 17/1/2025

 

“حتى الأردن ساحة حرب”.. لجنة “نيغل” توصي بـ 133 ملياراً: هل يبقى ترامب “لنا ومعنا”؟

 

 

بقلم: ران أدليست

 

لا توجد هناك بشرى وطنية أو اقتصادية عسكرية أو سياسية في توصيات لجنة نيغل الخاصة بميزانية الدفاع في حكومة إسرائيل. ثمة وفرة من التهديدات القديمة، الحالية والجديدة، وتوصية لتمويل الاستعداد لها بمبلغ 133 مليار شيكل على مدى عقد، إضافة إلى ميزانية الدفاع الجارية التي ستكبر هي الأخرى.

في اللجنة بضعة معتمري “الكيبا” ممن أجندتهم العلنية والمعلنة قومية وإلهية أكثر مما هي اقتصادية أمنية. واضح أن تسوية تحرير الكل مقابل الكل في غزة مثل تسويات أخرى في لبنان وسوريا، لن تسعر كعنصر في ميزانية الدفاع التي هي ميزانية حرب.

ليس لدي أدنى فكرة عن الأعداد التي يفترض أن تمثل مشاكل دولة إسرائيل الأمنية، المشكلة أنه ليس لدى أعضاء اللجنة أي فكرة أيضاً. الرب لا يراهن بإلقاء النرد، لكن ألبرت آينشتاين، له في التفسير الحالي للجنة “نيغل” (للرب وليس لآينشتاين وليعقوب نيغل) قرارات قاطعة تسمى فرائض. ويعلو كل هذه الفرائض فريضة بلاد إسرائيل الكاملة، فيما يكون الملحق العملي ميزانية الدفاع وسلامة الحكومة.

المشكلة الأكثر حدة في مستوى رقم الحظ الفائز في مشروع اليانصيب للجنة نيغل هي الحرب ضد إيران. الرقم، أي ميزانية هذه الحرب، غير قابل للتوقع. سواء في مستوى تاريخ تحققها أم كلفتها الاقتصادية. سياسة الحكومة تجاه التهديدات في المديات الزمنية المنظورة للعيان هي استمرار القتال وحيازة مناطق الضفة والقطاع ولبنان وسوريا، أو بلغة البوق الكبير عميت سيغال: “هناك أماكن ستبقى فيها إسرائيل سنوات طويلة”. هذه فرضية عمل تتطابق والتقدير بأن هذه الحكومة ستبقى سنوات طويلة.

بالتوازي، يوجد استمرار للزحف الاستيطاني العنيف في الضفة. أقيمت في السنة الأخيرة عشرات البؤر الاستيطانية غير القانونية التي تجبي أثماناً دموية. لقد ساء وضعنا لدرجة أن حددت لجنة نيغل الأردن كساحة ستؤثر على ميزانية الدفاع. فرضية العمل تقول إننا ملزمون لمقاتلة كل جار عربي وليس السلالة الهاشمية فحسب. هذا هو ذات التفكير الفزع الذي ساد في المنفى وافترض بأن محمد الجولاني، الزعيم الحالي في سوريا، بات تهديداً فورياً يفترض سيطرة على مجال أمني في سوريا وتواصل المنازعات، الجديدة والقديمة.

ربما يكون الجولاني متطرفاً خطيراً. في المدى المنظور، هذا النموذج يتخذ صورة من جاء ليبني دولة ويجدر أن نتصدى له برأس بارد وليس كجيران متحفزين بقبضة ملوحة. ناهيك عن قدرات عسكرية لجيش الجولاني في المدى المنظور.

السؤال هو: هل نملك الوقت الكافي كي تنظم حكومة عاقلة نفسها على صيغة هدوء ما؟ في هذه المرحلة، تفعل الحكومة كل شيء وفي كل جبهة كي تفلت بأن ليس هناك من يمكن الحديث معه. نأمل أن تكون لدى جهاز الأمن مبادرة تنظيمية داخلية لإدارة هادئة من التفاهمات من خلف ظهر الحكومة الحالية.

شهية عظيمة

في الحدود السورية، يأمل الجيش الإسرائيلي بأن يذكرنا بكل ود بحملة “الجيرة الطيبة” في 2016. في حينه، أيد الجيش الإسرائيلي معالجة مئات الجرحى ووفر الوقود والمال والسلاح للثوار في الحرب الأهلية في سوريا ضد بشار الأسد. كان الحساب أننا إذا كنا نساعدهم ضد الأسد فسيوافقون على سيادة إسرائيلية في الجولان. مثل كل فكرة يشارك فيها نتنياهو، انهارت هذه الفكرة أيضاً. عاد الأسد وسيطر على الثوار الذين دفعوا الثمن كما هو دارج للخاسرين في الشرق الأوسط. نتنياهو، بالمناسبة، توجه في ولايته الأولى التي بدأت في 1996، إلى القناة الدبلوماسية في محاولة للتوصل مع الأسد الأب إلى تسوية لاقتسام الجولان. وفشل هناك أيضاً. في نهاية 1999 انتصر إيهود باراك على نتنياهو، وفشل هو أيضاً حين حاول التوصل إلى تسوية. في الخلفية كانت أصوات الاحتجاج من جانب رئيس شعبة الاستخبارات “أمان” في حينه، أوري سغي، الذي ادعى أنه كان ممكناً الوصول إلى تسوية. في هذه الأيام، فتحت لعبة إسرائيل – سوريا من جديد، وهذه المرة شهية متطرفي نتنياهو لإسرائيل الكبرى ليست أقل من شهية الأسد الأب لسوريا الكبرى.

الوضع لدى الجارة الشمالية الثانية، لبنان، يحتاج إلى صيانة ونصيب خاص له في ميزانية الدفاع. بدلاً من إبداء سخاء المنتصرين وعرض تسوية ما على لبنان وحزب الله والرئيس الجديد الذي انتخب لتوه، يسيطر الجيش الإسرائيلي على مناطق عاجلة تحت رعاية صدمة المذبحة في الغلاف ونزول سكان الجليل، وبتشجيع المستوطنين. هؤلاء يستخدمون الخراب اليهودي دليلاً على عدالة طريقنا، لشدة فرح دانييلا فايس وشركائها وحزن عائلة غور كهاتي الذي قتل على مذبح الجنون الاستيطاني، هذه المرة في لبنان.

مثل غزة، سوريا والضفة المشتعلة ولبنان وحزب الله أيضاً هم تهديدات ربما تتحقق، وهذا منوط بنا بالتأكيد أيضاً. كل الدول ذات الصلة بلبنان تريد أن تصل إسرائيل إلى تسوية: روسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة وحتى السعودية. غير أن الحكومة تعيش في عصر “النصر المطلق” في مزاج الاحتلال، والتدمير، والإبادة والضياع، بروح ذكرى “ما فعل لك عملاق، امحُ ذكر عملاق من تحت السماء”.

عن عمق الفجوة بين المناهج، يشهد حوار عرضي في برنامج “سبت” ما بين غيال شوريش، ضابطة استخبارات سابقة في الموساد، ويارون بوسكيلا مقدم احتياط في لواء قتالي. وكلاهما برتبتين متوسطتين أمنياً وهوة تفغر فاها بينهما.

شوريش: “علينا الخروج من التكتيك والتحدث عن تسويات مع إيران وحزب الله”.

بوسكيلا: “هل ترين تسوية مع حزب الله وإيران؟ هل ترين واقعاً كهذا؟”.

شوريش: “نعم، نعم”.

بوسكيلا: “يخيل لي أنكِ لا تفهمين ما هما إيران وحزب الله. هؤلاء ليسوا جهات تريد التوصل معنا إلى أي تسوية”.

هذا حوار طرشان، والفجوة في المفهوم الأمني هي جزء من الهوة السياسية والأيديولوجية في إسرائيل. بوسكيلا يشغل منصب مدير عام حركة البيبي أمنيين، وشوريش عضو في حركات الاحتجاج. أفترض أن الموضوع المشترك الوحيد هو ميزانية أمن كبيرة: هو كي يقاتل، وهي كي تضمن السلام.

عودة إلى إيران، التي يفترض أن تكون حاضرة في ميزانية لجنة نيغل. الجيش الإسرائيلي لن يخرج وحده إلى حملة تصفية النووي الإيراني، باستثناء حالة يكون فيها ايفي إيتام، من أعضاء لجنة نيغل، وزير الدفاع، وعوفر فينتر رئيس الأركان. الأساس العملياتي هو تعاون إسرائيلي وأمريكي. معركة الوعي على الحاجة إلى حرب وقائية هي “معلومات استخبارية” بأن إيران على مسافة خطوة من القنبلة.

على حد فهمي، في نهاية اليوم ستكون للجمهورية الإسلامية (ستكون) قنبلة تنتج تهديداً نووياً إيرانياً – مثل العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي منذ الحرب الباردة. رهان نتنياهو أن يأمر ترامب الجيش الأمريكي بالارتباط بالجيش الإسرائيلي كي يشارك في الجهد. هذه الفكرة تقوم على أساس فرضية العمل بأن ترامب “منا” و”معنا”. فرضية عمل لا تنشأ حتى في عقل ميلانيا، زوجة ترامب. ربما لدى أستورني دانييلز، لكن حتى عندها وعند ترامب، هذه فكرة صحيحة لساعتها.

إجمالاً، تنفيذ ميزانية دفاع ينشأ عن نوايا المستوى السياسي. النية اليوم هي “انتصار مطلق” في كل الجبهات ومع احتمال غير سيئ لتخريب إسرائيل بالدم والنار وعواميد الدخان.

-------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 17/1/2025

 

بعد الصفقة: إسرائيل تتخوف من تعاظم حماس.. ورئيس “الشاباك”: سنغير الواقع الأمني في الضفة

 

 

بقلم: يوسي يهوشع

 

الاهتمام في النقاش العاصف والحساس حول اتفاق وقف النار كان مكرساً للجبهة التي بدأت الجلبة، ألا وهي غزة. غير أن قسماً حيوياً في فهم المعاني القاسية للاتفاق، وهي قاسية، سواء كنتم مع أم ضد، يتعلق بجبهة الضفة. فالميدان، كما رأينا لشدة الأسف، يعتمل هناك.

في 2024، أحبط “الشاباك” أكثر من ألف عملية، لكن تلك التي نفذت كانت فتاكة وعرضت ارتفاعاً في مستوى قدرات الإرهاب، من مستوى تنظيم الخلايا وحتى نوعية السلاح. إيران، التي تنبش في كل مكان ممكن، استغلت الحدود الشرقية الفالتة مع الأردن لتهريب وسائل قتالية محطمة للتوازن.

والآن في إطار الاتفاق، سيتحرر بضع مئات من مخربي حماس لينزلوا في الضفة في توقيت حساس على نحو خاص. في أفضل الأحوال سيكون زخم إضافي للشعلة. في أسوأ الأحوال – برميل وقود. أرادت إسرائيل تحرير عدد ممكن من القتلة، لكن تخوف جهاز الأمن لا يأتي فقط من فرضية أن أياً من المحررين سيترك طريقه، بل من إمكانية التأثير السلبي على السلطة الفلسطينية ومكانتها بين الجمهور الفلسطيني، حيث سيرون كيف ذبحت حماس إسرائيل وتلقت بالمقابل دماراً هائلاً، لكنها لا تزال تقف على قدميها بل وتتباهى بتحرير مخربين.

أما السلطة الفلسطينية، تلك التي تعمل بتنسيق مدني وأمني كامل مع إسرائيل، بما في ذلك ارتفاع درجة في الحرب ضد تموضع حماس في مناطق الضفة، تتلقى إهانة سياسية وحزبية: الآن أيضاً، رغم عدم وجود بديل آخر، نرى رئيس الوزراء غير مستعد لسماع أي إشراك للسلطة في ذاك “اليوم التالي” في غزة. لكن هذا هو الوضع، وعليه فليس للمنظومة بديل غير الاستعداد. يصادق كل من “الشاباك” وقيادة المنطقة الوسطى ومديرية تنسيق الأعمال في المناطق على خطط عملياتية للحظات تحرير السجناء، تتضمن حراسة محاور وسدود أمنية، والتشديد على مبدأ التمييز بين السكان ومحافل الإرهاب، التي لا تزال مدعومة مما تبقى من المحور الإيراني: الفرضية أنه حتى لو ما زالت طهران تلعق جراح الضربات في الشمال والجنوب وداخل إيران أيضاً، فلن يتخلوا عن فرصة إشعال الجبهة الشرقية. يأخذ جهاز الأمن نفساً ويعالج السيناريو المؤكد لانعقاد حفلات ليلية على شرف المخربين التي ستجلب معها شهية ودافعية للدفع قدماً بمهمة تعزيز حماس على حساب السلطة. نظام أبو مازن لن يجلس هادئاً، لكن بدون مساعدة إسرائيلية فستكون المعركة خاسرة. ولما كانت هذه مصلحة إسرائيلية عليا، نأمل بألا تؤدي الدعوات من الجناح المتطرف بقيادة الوزيرين سموتريتش وبن غفير لوقف التنسيق أو حتى إلى انهيار السلطة إلى تدهور الوضعية المهزوزة على أي حال.

يتعين على في الجيش الآن إبداء عدوانية وتصميم، ولهذا فالنية تتجه إلى نقل قوات مدربة إلى هناك لتقوم بعمليات هجومية في شمال “السامرة”.

ويريد “الشاباك” أيضاً الدوس على الغاز: حث رئيس الجهاز رونين بار، في مداولات الكابنت الأخيرة، على عمليات واسعة ومتواصلة ضد شبكات الإرهاب وعدم الاكتفاء بالضرب من الجو. وعلى حد قوله، من الواجب تغيير الواقع الأمني في الضفة كدرس من أحداث 7 أكتوبر. بكلمات أخرى، اقتلاع ظاهرة الكتائب في مخيمات اللاجئين من جذورها وعدم السماح لها بالنمو والتأطر، مثلما حصل في القطاع. وفي موضوع القطاع، لا يمكن تجاهل المعنى المركزي لعودة السكان الغزيين إلى شمال غزة. ويوصى أولئك الذين يتخيلون عودة سهلة للقتال – بعد أن يعود نحو مليون نسمة، وبينهم بالطبع نشطاء حماس، إلى بيوتهم – أن يصحوا من سباتهم الحلو وينظروا إلى الواقع ببياض العين: إذا كانت العودة إلى القتال ممكنة، وإدارة ترامب لا تتحمس لهذا كما تخيل اليمين، فستكون هذه مهمة صعبة، بل دامية. فالحساب رهيب لكنه بسيط، إذا سقط في الأيام الثمانية الأخيرة 15 مقاتلاً في بيت حانون فيما سقط في جباليا في الأشهر الأخيرة 40 مقاتلاً آخر، والمنطقة فارغة تماماً تقريباً من المواطنين، سنفهم ماذا سيحصل حين يعودون. “إعادة السكان جنوباً لن تكون سهلة”، قال مسؤول في الجيش، “لكن إذا كان الجيش الإسرائيلي سيتكلف مهمة العودة إلى القتال، فإنه سينفذها. مع حاجة لمعرفة أن الثمن سيكون باهظاً”.

شرحت محافل في “الشاباك” كيف أخرت قائمة المخربين الذين سيتحررون عقد الاتفاق. على حد قولهم، الفيتو المتصلب من الجانب الإسرائيلي قضى ألا يتحرر رموز بارزة. وكذا أن يكون عمر السجين يبعد إمكانية عودته إلى الإرهاب. من أصل السجناء المؤبدين الذين سيتحررون، اختير أولئك الملطخة أيديهم بالدم. لهذا الغرض، نجح “الشاباك” في إدخال مخربين إلى القائمة اعتقلوا في أثناء المناورة في غزة ولم يكونوا مشاركين في مذبحة 7 أكتوبر. هذا إنجاز كبير لـ “الشاباك” إلى جانب الفريق المفاوض ومندوبي الموساد في قطر. كان هذا يتطلب غير قليل من الإبداعية والأعصاب الحديدية. والآن لا يتبقى إلا التأكد من أن يكون الضرر في حده الأدنى.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 17/1/2025

 

المرحلة الثانية من الصفقة.. بين “نوبل ترامب” وأحلام اليمين المتطرف

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

فجر الخميس، عندما ظهر وكأن المفاوضات على صفقة التبادل منتهية، ظهرت في قطر مشكلة أخرى في اللحظة الأخيرة. وحسب رواية مكتب رئيس الحكومة، فإن حماس التي تعهدت بإعطاء حق فيتو إسرائيلي على هوية جزء من كبار المخربين الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة، تراجعت عن ذلك.

أمر نتنياهو البعثة في الدوحة بالتصميم على ذلك، لكن ظهرت في هذه الأثناء عوائق أخرى، من بينها نقاشات حول أسماء سجناء معينين، الذين طلبت حماس إطلاق سراحهم. حتى المساء، بذلت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة للتغلب عليها والتمكين من الإعلان النهائي عن الصفقة. عند الفجر، أعلن مكتب رئيس الحكومة بأن المشكلة سويت نهائياً، ويتوقع في هذا الصباح عقد الكابنت للمصادقة على الاتفاق.

قبل ذلك، ازدادت معارضة داخل إسرائيل، أحزاب اليمين المتطرف عادت إلى نشاطها الفعال لتخريب المفاوضات. لم تكن هناك انباء حقيقية في كل هذه التطورات، باستثناء إضافة الحزن والقلق اللذين لا حاجة إليهما لعائلات المخطوفين. ولكن كان يمكننا معرفة أن هذا هو الشرق الأوسط لو لم تتشوش الأمور قبل لحظة من التوصل إلى الاتفاق؟.

بقيت تخوفات أخرى الآن. المخطوفون من المرحلة الأولى في الصفقة الحالية سيعودون إلى بيوتهم رويداً رويداً من الأحد القادم. ربما يكون لدينا تعذيب صيني من جديد كل مرة. من الواضح أن بعضهم سيعودون في حالة جسدية ونفسية صعبة. ستثور مشاكل معينة حول كل نبضة صغيرة من التطبيق، وهذه ليست القلق الأساسي. العائق رقم 1 ينتظر استكمال المرحلة الأولى، بعد ستة أسابيع على بدء تطبيق الصفقة. عندها، في المرحلة الثانية، سيبقى في القطاع 65 مخطوفاً، نصفهم وأكثر ليسوا على قيد الحياة.

قد تحدث صعوبات كثيرة: هل تفي حماس بتعهدها وإعادتهم جميعهم؟ هل تنجح في العثور على كل جثث المخطوفين؟ إضافة إلى ذلك، هل لدى الطرفين، نتنياهو من جهة ورئيس حماس في القطاع محمد السنوار من جهة أخرى، مصلحة في الوفاء بتعهداتهما للأمريكيين وتنفيذ الصفقة بالكامل؟ نتنياهو تجاوز بذلك كل تصريحاته السابقة عندما تعهد بعدم ترك محور فيلادلفيا وممر نتساريم وعدم وقف الحرب قبل تدمير سلطة حماس. بالنسبة للسنوار، فعليه التنازل عن بوليصة التأمين الأفضل لديه، وحزام الأمان خاصته: المخطوفون.

القلق يقسم هيئة المخطوفين الآن بين عائلات الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى، وبين عائلات الذين سيتم الإفراج عنهم في المرحلة الثانية، والخوف من تعثر تحرير أعزائهم. تم تسجيل إنجاز كبير لإسرائيل في القسم الأخير من المفاوضات: من المفروض أن يعود عشرة رجال أحياء تحت سن الخمسين في المرحلة الأولى، بسبب حالتهم الصحية الخطيرة. ولكن لا أحد يمكنه ضمان وفاء حماس بتعهدها وتنفيذ المرحلة الثانية أيضاً. كثيرون يشككون بنوايا نتنياهو مثلما برهن على ذلك سلوكه أمس. وقيادة جهاز الأمن تشكك باعتباراته. ألا توجد لعبة سياسية، تستهدف لمؤيديه في القاعدة إظهار أنه لم يستسلم بسهولة؟.

في النهاية، من يحسم الأمور هو الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب. يطرح تأثيره على الاتفاق الآن كنوع من قوى الطبيعة التي لا يمكن كبحها. كل ما حاول تحقيقه الرئيس التارك بايدن عبثاً بطريقة ودية، يحققه ترامب الآن بالقوة المطلقة التي وضعها أمام الطرفين وأمام دول الوساطة. أهداف ترامب السامية تشمل اتفاقات إقليمية – فرض حل لكبح المشروع النووي الإيراني بدون الحاجة إلى هجوم أمريكي – إسرائيلي مشترك؛ وتحالف مربح للولايات المتحدة (وعائلة ترامب) مع السعودية؛ وتطبيع بين السعودية وإسرائيل.

كل ذلك يجب أن يحدث بسرعة. لا يملك ترامب الكثير من الصبر حول التفاصيل الصغيرة. في النهاية، تنتظره – حسب رأيه – جائزة نوبل للسلام. وهو يلمح لإسرائيل بأنه من الأفضل السير مع خططه. الموضوع أن هذا التقدم مرهون بدفع ضريبة كلامية على الأقل لحلم الدولتين. التوقيت الذي يقتضيه هذا الأمر سيكون صعباً، ليس فقط من ناحية معسكر اليمين. الكثير من الإسرائيليين يناوئون الآن فكرة الدولة الفلسطينية، ويتساءلون هل هذه هي الهدية التي سيحصل عليها الفلسطينيون عن المذبحة الفظيعة في 7 أكتوبر؟.

اليمين مجموعة مسيحانية تريد مواصلة الحرب وضم الضفة الغربية وقطاع غزة وإعادة الاستيطان في شمال القطاع. في الأسبوع الأخير، يشهد الأعضاء في هذه المجموعة يقظة مؤلمة على واقع لم يسمع فيه ترامب عن أحلامهم. يتبين أن الزعماء ملأوا عقولهم بأحلام عبثية.

أنهت إسرائيل الحرب في الشمال بانتصار واضح على حزب الله. لكنها حتى لم تترجم إلى واقع ثابت وإيجابي من ناحيتها في جنوب لبنان. بعد أسبوع تقريباً، ستنتهي الستين يوماً التي يجب أن ينتهي خلالها انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، وعقب ذلك يجب أن تتبلور قواعد وقف إطلاق النار بعيد المدى. حماس والفلسطينيون في غزة تعرضوا لضربة قاسية أكثر من حزب الله، لكنهم يرفضون تحمل المسؤولية عن ترتيبات الاستسلام. بالعكس، الفلسطينيين يحيكون الآن رواية جديدة تقول إن نظام حماس ما زال واقفاً على قدميه في نهاية الحرب، وهو الدليل على نجاح استراتيجية صموده ضد آلة الضغط العنيف الذي استخدمته إسرائيل.

إنهاء الحرب، إذا تحقق، سينعكس أيضاً على قيادة جهاز الأمن. طلب نتنياهو إنهاء التحقيقات واستقالات واسعة في قيادة الجيش سيدخل إلى حيز التنفيذ، لكن في الوقت نفسه سيطرح السؤال مجدداً: لماذا هو نفسه لا يستقيل بينما يحبس معظم الإسرائيليين الأنفاس على أمل الحصول على أنباء جيدة من قطر، ويستمر الانقلاب النظامي في المضي قدماً؟ هذا الأسبوع، صادقت الكنيست في جلسة ليلية على استمرار أعمال النهب، هذه المرة بواسطة قانون وظائف للحاخامات. وزير العدل ياريف لفين، ما زال ينشغل بتسويق تحركات شاملة ضد المحكمة العليا. مع ذلك، تظهر هذه الأمور وكأنها أنباء الأمس.

يحاول ترامب فرض تغيير على إسرائيل من الخارج، الأمر الذي لن ينهي الحرب فقط، بل سيقوض التحالفات القائمة هنا ويعيد تنظيم المستوى السياسي حسب خطوط عريضة مختلفة كلياً.

------------------------------------------

 

هآرتس 17/1/2025

 

 

ما يحدث في غزة جريمة إبادة شعب

 

 

بقلم: دانييل بيلتمان وعاموس غولدبرغ

 

التعريف المناسب للفظائع التي تنفذها إسرائيل في غزة هو نوع يخضع منذ اكثر من سنة لنقاش بين الباحثين ورجال القانون والنشطاء السياسيين والمراسلين وغيرهم – نقاش معظم الإسرائيليين لا يطلعون عليه. الحقيقة هي أنه لا يهم عشرات آلاف الأطفال القتلى والجرحى واليتامى والرضع الذين يموتون بسبب البرد في غزة، أي تعريف سيتم إعطاؤه في النهاية لهذه الجريمة من قبل محكمة العدل الدولية أو المؤرخين؟.

إن فحصا مقارنا للأحداث في السنة الأخيرة، يقود الى النتيجة المؤلمة وهي أن اسرائيل حقا تنفذ في غزة إبادة جماعية.

المؤرخ شلومو زند قال إنه رغم الأعمال الفظيعة وجرائم الحرب التي تنفذها إسرائيل في غزة إلا أنه لا تحدث إبادة جماعية (15/12/2024). زند قارن الحرب في غزة بحدثين مشابهين حسب رأيه، اللذين فيهما أيضا نفذت جيوش دول ديمقراطية (فرنسا والولايات المتحدة) فظائع ضد السكان المدنيين – التي لا تقل عن الفظائع التي تنفذ في غزة – افعال هذه الدول لا تقل عن الفظائع التي يتم ارتكابها في غزة. لكن هذه الأفعال لم يتم تعريفها بأنها إبادة جماعية. حرب الجزائر (1954 – 1962) وحرب فيتنام (1965 – 1973).

إسرائيل في الحقيقة لم تقم بإلقاء قنبلة ذرية على غزة (رغم اقتراح وزير التراث عميحاي الياهو). ولكن في الحرب في غزة تم تجاوز حواجز حذرت إسرائيل من اختراقها في السابق. التحقيق الذي اجراه يوفال ابراهام الذي استنتاجاته تم التأكيد عليها في تحقيق منفرد لـ "واشنطن بوست" (29/12/2024)، اظهر بأن الجيش الإسرائيلي استخدم الذكاء الصناعي في عمليات القصف في غزة، بشكل أدى الى إضرار زائد بالأبرياء. أحيانا تمت المصادقة على تدمير حي أكمله وقتل 300 شخص غير متورطين فقط من اجل المس بشخص كبير واحد من حماس.

هذا المنطق يحول جميع سكان غزة الى اهداف مشروعة. هكذا، حسب الجمع الدقيق للبيانات الذي أجراه الدكتور لي مردخاي ("هآرتس"، 5/12/2024)، يمكن التقدير بأن

60 – 80 % من المصابين في غزة هم غير متورطين – اكثر من كل ما سمح به الجيش الإسرائيلي في السابق، واكثر مما كان في أي حرب أخرى في القرن الواحد والعشرين.

هذه السياسة فعليا تسمح بارتكاب إبادة جماعية، والصعوبة الأساسية التي تقف امام تعريف قانوني للإبادة الجماعية هي الحاجة الى إثبات النية. في الواقع الإبادة الجماعية حسب تعريف الأمم المتحدة من العام 1948 تحتاج الى الاثبات بأنه توجد نية للابادة بشكل كامل، أو جزئي، للمجموعة التي هي ضحية الإبادة، وهذه يمكن أن تكون مجموعة قومية، دينية، عرقية. موضوع النية تم إدخاله الى الميثاق، ضمن أمور أخرى، بسبب المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سابقا، التي خشيت في فترة الحرب الباردة من أن لا تجد نفسها على كرسي المتهمين في محكمة العدل الدولية، بسبب نشاطات عنيفة نفذتها في السابق أو سيتم تنفيذها في المستقبل.

على مدى سنوات الحرب الباردة المحكمة كانت عاملا هامشيا جدا في العلاقات الدولية. المرة الأولى التي أدانت فيها هيئة قضائية جنائية دولية متهما بتنفيذ إبادة جماعية (جانبول اكيسو) كانت في أيلول (سبتمبر) 1998، في محاكمة الإبادة الجماعية في رواندا. المحاكم الدولية تتبع الحذر الشديد قبل أن تقرر بأنه حدثت إبادة جماعية. المحكمة الجنائية للاستئنافات، التي تناولت الإبادة الجماعية في سيربرنتسا، تطرقت إلى قضية الإبادة لجزء من مجموعة (التي هي مذكورة في ميثاق الأمم المتحدة)، وقالت إن هذا الجزء يجب أن يكون محدد ومُعرف، وإبادته يجب أن تعرض للخطر كل المجموعة.

في قراري حكم في الدعاوى التي تناولت الحرب في يوغسلافيا قررت محكمة العدل الدولية بأنه من أجل الإثبات بأنه كانت توجد نية للإبادة، على هذه الأفعال والسلوكيات أن تكون أفعال وسلوكيات بحيث لا يكون بالإمكان إعطاءها أي تفسير معقول آخر عدا عن نية التدمير. أي أنه لا يكفي أن نية التدمير هي التفسير المعقول الأكثر لهذه الأفعال، بل مطلوب أن لا يكون هناك أي تفسير معقول آخر.

صحيح أنه في القرار الصادر في 2015 بشأن الدعوى التي قدمتها كرواتيا ضد صربيا، بذريعة أن الأخيرة ارتكبت إبادة جماعية في الحرب ضد كرواتيا في التسعينيات، قررت المحكمة أنه ارتكبت في الحرب أعمال قتل وعنف على يد الطرفين، لكن هذه الأعمال لا تتجاوز السقف المطلوب من أجل القول بأنه كانت توجد إبادة جماعية. المحكمة الجنائية الخاصة لدول يوغسلافيا السابقة امتنعت عن اعتبار كل حالات العنف في الحرب إبادة جماعية، باستثناء المذبحة التي نفذها في تموز (يوليو) 1995 الصربيون ضد البوسنيين المسلمين في سربرنتسا، التي قتل فيها حوالي 8 آلاف رجل، والنساء والأطفال تم طردهم.

هل يمكن اثبات النية في حالة غزة؟ باستثناء فكرة استخدام السلاح النووي، فان السياسيين وقادة كبار في الجيش واعلاميين إسرائيليين، أسمعوا تصريحات كثيرة تدل على نية الإبادة الجماعية، وكل ذلك تم توثيقه: لا يوجد في غزة أبرياء؛ نحن سننفذ نكبة ثانية؛ يجب تدمير العماليق وما شابه. حتى الآن مفهوم النية هو مفهوم اشكالي جدا. وليام شباس، من كبار رجال القانون في موضوع الإبادة الجماعية، شرح ذلك في كتابه بعنوان "الإبادة الجماعية في القانون الدولي: جريمة الجرائم"، حيث كتب أن قرارات المحاكم الدولية الخاصة التي قامت بمحاكمة مجرمي الإبادة الجماعية في رواندا وفي يوغسلافيا.

إثبات النية المطلوب لإدانة شخص أو دولة بالابادة الجماعية، كما يقول شباس، هو متطلب جدا ومعقد اكثر من اثبات النية المطلوب في محاكمة قتل جنائية عادية، خاصة عندما يدور الحديث عن دولة– حيث أنه في نهاية المطاف واستنادا إلى ماذا يمكن تحديد نية الدولة؟. إذا كان القتلة ينفذون أفعالهم مع إسماع التصريحات أو إعطاء الأوامر أو خطاب وما شابه، التي يوجد لها معنى الإبادة الجماعية، فبالطبع من السهل إثبات هذه النية. في ظل عدم وجود مادة كهذه فانه على النيابة الاعتماد على اثباتات من الجريمة نفسها، والتصميم الذي نفذ فيه القتلة عملية القتل التي تشير الى رغبة واضحة لإبادة المجموعة.

المحكمة التي ناقشت الإبادة الجماعية في رواندا قررت أنه يمكن الاستنتاج بأنه كانت توجد نية إبادة جماعية من خلال الأفعال نفسها. "من خلال الطابع الجماعي و/ أو المنهجي لها، أو من خلال فظاعتها". في سياق غزة فان شباس يعتقد أن الدعوى ضد إسرائيل للاشتباه بارتكاب إبادة جماعية، التي قدمتها جنوب افريقيا والتي طلب الانضمام اليها 14 دولة أخرى، هي دعوى قوية جدا، سواء بسبب العدد الكبير من تصريحات الإبادة الجماعية لمتخذي القرارات في إسرائيل أو بسبب طبيعة النشاطات نفسها مثل التجويع المنهجي لسكان غزة، التطهير العرقي في شمال القطاع وقصف مناطق تم اعتبارها "آمنة".

معظم حالات الإبادة الجماعية في العصر الحديث حدثت بعد صراع عنيف وطويل بين مجموعة القتلة ومجموعة الضحايا. مثلا، الأرمن ثاروا ضد ظلم العثمانيين وقمع طموحاتهم القومية، وقاموا بنشاطات إرهابية ضد الدولة في نهاية القرن التاسع عشر. أبناء الهرارو في جنوب غرب افريقيا تمردوا على السلطة الامبريالية الألمانية، التي ردا على ذلك عملت على ابادتهم بعد اتباعها سياسة ابادة مصادر رزقهم (قطعان الأبقار). أبناء الهوتو قتلوا أبناء التوتسي في رواندا بعد سنوات طويلة من الصراع، التي كانت بدايتها في الامتيازات التي منحها الحكم الكولونيالي البلجيكي لأبناء التوتسي بعد الحرب العالمية الأولى.

في هذا السياق تجدر الإشارة الى أن معظم أعمال الإبادة الجماعية تعتبر من قبل منفذيها خطوة للدفاع عن النفس من ضحاياهم. الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين ينتمي بلا شك الى هذا النوع؛ الإبادة الجماعية في غزة اعتبرت من قبل معظم الإسرائيليين حرب دفاع جاءت بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر).

الإبادة الجماعية لا يجب أن تكون مشابهة للنموذج النازي، الذي اعتبر كل يهودي عدوا يجب القضاء عليه. الإبادة الجماعية لم تكن في أي يوم خطية، ودائما تحدث فيها عمليات متناقضة. مثلا، في حين أن الأرمن طردوا وذبحوا في أجزاء واسعة من الإمبراطورية العثمانية، فانهم في مدن كبيرة مثل إسطنبول وازمير لم يتضرروا تقريبا. في بعض الحالات قائد "الحل النهائي" النازي (هاينرخ هتلر)، قام بتأجيل بشكل محدد إبادة اليهود في أماكن وأوقات معينة لاعتبارات سياسية أو دبلوماسية، الأمر الذي مكن من فتح نافذة ضيقة للانقاذ. أيضا يمكن لإسرائيل ادخال المساعدات الإنسانية الى غزة (التي يتم استغلالها أحيانا لتشجيع عصابات إجرامية محلية)، وفي نفس الوقت كي تقتل هناك آلاف المواطنين الأبرياء.

تقريبا دائما أوامر تنفيذ الإبادة الجماعية تكون ضبابية ومتملصة وتخضع للتفسير. هكذا كان أيضا في "الحل النهائي". المؤرخ البريطاني ايان كرشو في كتابه "قرارات مصيرية" (عام عوفيد، 2009)، شرح أن القول بأنه يوجد قرار للإبادة يمكن أن يضلل. لأنه يمكن أن يولد الانطباع بأنه كانت لحظة معينة، كما يبدو فيها تم إعطاء تعليمات صريحة لتنفيذ الإبادة الجماعية. لم يصدر أمر إبادة من رئيس الهرم (هتلر) للقاعدة، بل كانت هناك علاقات متبادلة ومعقدة شملت إعطاء الضوء الأخضر، تلميحات تؤكد العملية، ومبادرات من الأسفل التي تجمعت معا ووصلت الى التطرف المتدحرج. فقط في مرحلة متأخرة تبلورة العملية ووصلت الى قرار واضح تمت رؤيته على الارض. أيضا هنا المقارنة مع ما يحدث في غزة صحيحة.

ينيف كوفوفيتش جلب شهادات تقشعر لها الأبدان على ما يحدث في ممر نتساريم ("هآرتس"، 18/12/2024). كل الذين يجتازون الخط الوهمي يتم اطلاق النار عليهم وقتلهم، سواء كانوا مسلحين أو مدنيين ضلوا الطريق. اعتباطية وإهمال يسودان في مكان فيه كل واحد يمكنه إطلاق النار على أي فلسطيني مار، وكل قتيل حتى لو كان طفلا، يعتبر مخربا.

------------------------------------------

 

الحرب التي غيرت العالم.. ووقف النار الذي لم يغير إلا القليل

 

 

بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، ستبقى الكثير من الأمور على حالها

 

 

بقلم: إيفان ويكسلر

 

موقع "ذا إنترسبت" الأميركي ينشر مقالاً يقول فيه إنّ وقف إطلاق النار في غزّة لن يغيّر ظروف الفلسطينيين، إذ سيبقون في سجن مفتوح، ويعانون من الحصار والاعتداءات الإسرائيلية.

لقد لقي عشرات الآلاف من الفلسطينيين حتفهم، كما لقي العشرات من عمال الإغاثة والصحافيين حتفهم، وتحوّلت مجتمعات بأكملها إلى أنقاض، مما أدّى إلى تشريد السكان في قطاع غزّة.

أصبحت "إسرائيل" أكثر عزلة من أي وقت مضى، وأوروبا ناهضت حرية التعبير. وعلى الرغم من حركة الاحتجاج الواسعة في الولايات المتحدة، ظلّت الحكومة الأميركية ثابتة في دعمها لآلة الحرب الإسرائيلية.

لقد أدّت الطائرات من دون طيار والحرب التي يدعمها الذكاء الاصطناعي إلى تقليص قيمة الحياة، في حين تبشّر حملات القمع العالمية ضد المعارضة بعصر جديد من الرقابة.

إنّ هذه هي الخطوط العريضة لعالم ما بعد الحرب في غزة. وبينما ننتظر قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار في غزة، فإن الشرق الأوسط، والعالم، قد أعيد تشكيله بالكامل نتيجة للقتال الذي استمر خمسة عشر شهراً.

ومع ذلك، فبعد وقف إطلاق النار، سوف يظل الكثير على حاله. فما زال 100 إسرائيلي، حتى الآن على الأقل، أسرى في غزّة. ويواصل "الجيش" الإسرائيلي الاستيلاء بالقوة على الأراضي في البلدان المحيطة به، الأمر الذي يؤدي إلى تعميق احتلاله العسكري المستمر منذ ستة وسبعين عاماً، وتوسيع مستوطناته، وهو يحتفظ بالحق في مواصلة مهاجمة الفلسطينيين.

إنّ مزاعم الإبادة الجماعية لا تختفي؛ بل إنها تزداد مصداقية يوماً بعد يوم.

وليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أنّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصّل إليه هذا الأسبوع سوف يصمد. فقد أشارت "إسرائيل" بالفعل إلى أنّها تحتفظ بالحق في إعادة الاشتباك عسكرياً في أي وقت وأنها تحافظ على هدفها المتمثّل في "تدمير" حماس. ومن غير المرجّح أن توافق الجماعة الفلسطينية على شروط تضمن زوالها. وهذه ليست نهاية حقيقية للصراع.

في كلّ الأحوال، سوف يتمسّك اتفاق وقف إطلاق النار بنمط الاتفاقات الإسرائيلية السابقة مع الفلسطينيين: تنازلات فورية لـ "إسرائيل" ثم تنفيذ بطيء لبقية الخطة.

إنّ الدمار الافتراضي لغزة والتداعيات العالمية ليست مجرد نتيجة لتأثيرات السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بل إنها عملية استمرت 76 عاماً من التدمير المتعمّد للحياة الفلسطينية في وطنهم التاريخي. وفي غزة، بلغت هذه الظاهرة أشدّها.

لقد سبق صعود حماس في عام 2007 الحصار في عام 1991. وحتى قبل ذلك، كان الصرف الصحي المروّع، والرعاية الصحية غير الكافية، والافتقار إلى فرص العمل الكافية، سبباً في معاناة غزة.

وباستثناء حماس، كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي أكبر جهة توظيف في غزة قبل الحرب. وهذا ليس اقتصاداً، ولا يمكن أن يؤدي إلى أي شيء مستدام. فمنذ قيام "دولة إسرائيل"، لم تكن غزة سوى سجن مفتوح، أو مجموعة من المقابر الجماعية، أو يمكن تسميته مستودع "إسرائيل" للفلسطينيين النازحين من الأراضي في الداخل الإسرائيلي. ولا شيء عن وقف إطلاق النار هذا الأسبوع من شأنه أن يفعل أي شيء لتغيير هذا.

إنّ العالم الذي يشهد الأهوال داخل جدران غزة سوف يستمر في ملاحقتنا جميعاً. وسوف يلطّخ التصعيد غير العادي للعنف وفقدان الإنسانية في المنطقة جيلاً كاملاً.

لا شك أنّ "إسرائيل" سوف تصبح أكثر عزلة سياسياً على الصعيد العالمي، وربما تفقد حركة الاحتجاج العالمية ضدّ الحرب والجرائم في غزة شدّتها، ولكن الشباب الذين أصيبوا بصدمة بسببها لن ينسوا، والمعاناة المستمرة التي يعيشها الفلسطينيون لن تسمح لهم بذلك.

ولنتأمّل هنا ما لم يرد في الاتفاق. فلا يوجد في البنود الواردة في الاتفاق أي ذكر لمسار بعيداً عن نزع الصفة الإنسانية، أو مسار نحو حقوق الإنسان الأساسية، أو مسار نحو السلام الدائم. وسوف يكون إنهاء أشدّ الهجمات ضراوة على غزة بمثابة راحة مؤقتة من أكثر من عام من إراقة الدماء، ولكن لا يوجد هنا ما يستحق الاحتفال.

------------------------------------------

 

 

آريئيل كهانا: معلومات مثيرة للاهتمام وصلتني في واشنطن

 

ترامب وبايدن تعهدا لإسرائيل: إذا انتهكت حماس الاتفاق أو تسلحت - لديكم الضوء الأخضر لاستئناف القتال.

صرح مصدر سياسي رفيع المستوى مطلع على تفاصيل الصفقة لصحيفة “إسرائيل اليوم” بأن السلطات الإسرائيلية لا تكشف المعلومات للجمهور أو الوزراء خوفًا من أن يؤدي نشرها إلى تراجع حماس عن الاتفاق.

الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب والرئيس المنتهية ولايته جو بايدن أكدا لإسرائيل أنهما سيوافقان على استئناف الحرب إذا انتهكت حماس الاتفاق، أعادت تسليح نفسها، أو جددت أنشطة (الإرهاب) في غزة، وفقًا لما علمته صحيفة “إسرائيل اليوم”.

مصدر في واشنطن أوضح للصحيفة أن هذه التعهدات كانت واضحة وصريحة، وأنه لولاها لما قبل رئيس الوزراء الصفقة، ولا كانت الجهات المهنية قد أوصت بالموافقة على الخطة.

خلال الليل، وكما أفادت صحيفة “إسرائيل اليوم”، حدث تقدم كبير في موقف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي كان قد عارض الصفقة. تم قبول جزء كبير من مطالبه، رغم أن هناك بعض التفاصيل التي لا تزال بحاجة للتوضيح. رئيس حزب الصهيونية الدينية طالب بأن يتم التعبير عن الأمور التي قيلت له في الاجتماعات المغلقة مع رئيس الوزراء بشكل علني خلال اجتماع الكابينت. في الوقت الحالي، يبدو أن سموتريتش سيبقى في الحكومة على الأقل في المرحلة الأولى. ومع ذلك، وضع شرطًا مفاده أنه إذا لم تستأنف إسرائيل القتال مع حماس، فإنه سيستقيل.

بعد الاتفاق مع سموتريتش، صرح مسؤول حكومي رفيع لصحيفة “إسرائيل اليوم”: بن غفير سيستقيل، وسموتريتش سيبقى وأضاف أن تصريحات بن غفير لا تثير قلقه، مشيرًا إلى أن وزير الأمن القومي قد يستقيل الآن، لكنه قد يغير موقفه لاحقًا. وأكد المسؤول أنه وفقًا للاتفاقات مع الرئيس ترامب، ستتمكن إسرائيل من العودة إلى القتال.

------------------------------------------

 

بهدف البقاء في الحكومة بعد الصفقة، يطالب بتسلئيل سموتريتش بنيامين نتنياهو بالحصول على ضمانات من الرئيس ترامب تسمح باستئناف الحرب

 

 

بقلم: عميت سيغال

 

تذكير: في الصفقة السابقة، اقتنع رئيس حزب “الصهيونية الدينية” بدعم الصفقة في اللحظة الأخيرة بعد تلقيه ضمانات باستئناف الحرب بعد ثمانية أيام من الهدنة. الآن الوضع مختلف: الرئيس أكثر ملاءمة لكن الهدنة أطول.

المطالب هذه المرة أعلى لأسباب ثلاثة:

1.     في ذلك الوقت، كانت هناك حكومة مع المعسكر الوطني دون سموتريتش وبن غفير، أما الآن فلا توجد بدائل.

2.      في ذلك الوقت، كانت العمليات البرية في بدايتها، أما الآن فقد اقتربت طريقة الهجمات من نهايتها. الحسم ضد حماس لن يتحقق إلا من خلال احتلال الأراضي والبقاء فيها.

3.     في ذلك الوقت، كانت الصفقة مثالية حيث تم إطلاق سراح أكثر من مئة مختطف دون إطلاق أي إرهابي ملطخة يداه بالدماء. أما الآن، فإن الصفقة تتضمن إطلاق سراح قتلة مئات الإسرائيليين.

السؤال الكبير الآن هو ما هو الخيار الأقل سوءًا:

•       في الخارج، حيث لا يمكنهم تنفيذ هجمات ولكنهم يبنون قيادة خارج نطاق يد إسرائيل.

•       في غزة، حيث يعيدون بناء حماس ولكنهم يبقون ضمن نطاق استهداف الضربات الجوية.

•       في الضفة الغربية، حيث يمثلون خطرًا أمنيًا فوريًا ولكن يمكن مراقبتهم والقبض عليهم خلال خمس دقائق بواسطة قوات الجيش.

لذلك، فإن مطالب الجناح اليميني في الحكومة ليست فقط استئناف الحرب، بل استئنافها بشكل أقوى وأكثر قوة:

•       المزيد من الفرق العسكرية

•       تقليل المساعدات الإنسانية التي تذهب مباشرة إلى حماس،

•       توزيع أكثر إشرافًا بمرافقة أمنية من الجيش،

•       تقليل المخاوف من الإدارة العسكرية، حتى ولو كانت مؤقتة.

يدعي نتنياهو أنه حصل على وعد باستئناف الحرب.

المعنى العملي لهذا الأمر، حتى لو لم يُصرح به بشكل صريح، هو أن المطلب الرئيسي لسموتريتش من نتنياهو لا يمكن لترامب توفيره. يتعلق الأمر بتغيير القيادة العسكرية العليا، مع التركيز على رئيس الأركان هرتسي هليفي، خلال فترة الهدنة. يرى اليمين في الحكومة أن هليفي هو العقبة الرئيسية أمام خطتهم الكبرى بسبب معارضته القوية لكل شيء يشير إلى الإدارة العسكرية.

في الحكومة، يفضلون رؤية رومان جوفمان كرئيس أركان، ولكن إذا لم يكن ذلك ممكنًا، فإن أيال زمير هو البديل.

يدعي نتنياهو أن الجيش يمنعه من خنق حماس بسبب هذه المواقف. سواء كان الجيش يسيطر فعليًا على الحكومة أو أن الأمر يتعلق باختباء خلف ظهر رئيس الأركان، فإن تلبية مطالب “الصهيونية الدينية” تعني تغييرًا جذريًا في القيادة العسكرية.

رئيس الأركان السابق غادي أيزنكوت عبّر في أكثر من مرة عن أن هليفي يجب أن يغادر في أول هدنة، وهليفي نفسه ألمح إلى أنه لن يستمر حتى نهاية ولايته. يُقال إن محيطه ذكر أنه يريد إنهاء المهمة في الشمال أولًا، وقد انتهى ذلك.

بشكل رمزي، بدأت اليوم السنة الثالثة والأخيرة له في المنصب. من الواضح للجميع أن الانتقادات المتكررة التي يتعرض لها من وزير الدفاع تهدف إلى دفعه للخروج. يبدو أن سموتريتش لا يكتفي بالإزعاجات، بل يريد أفعالًا ملموسة.

-----------------انتهت النشرة-----------------

أضف تعليق