الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 15/1/2025 العدد 1209
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 15/1/2025
معتقلون غزيون يشهدون أفعال تنكيل في المعتقلات لا تقتصر على سديه تيمان
بقلم: هاجر شيزاف وبار بيلغ
من ناحية أ. تلك الايام كانت مثل الثقب الاسود. فهو لا يعرف أين هو موجود، والى أين سيتم أخذه، ومن هم المعتقلون معه، ومتى سينتهي كل ذلك. “منذ وصولي الى هنا، عيوني معصوبة ويدي مكبلة طوال الوقت حتى عند الذهاب الى الحمام”. هكذا شهد في الشهر الماضي. “أنا اجلس كل الوقت في الحظيرة مع 50 شخص آخر”.
أ. هو شاب غزي محتجز لدى الجيش الاسرائيلي منذ نهاية تشرين الاول عندما تم اعتقاله في جباليا. من هناك تم نقله الى سديه تيمان، بعد ذلك الى معسكر عناتوت في شمال القدس. حسب قوله فانه منذ اعتقاله سمحوا له باستبدال ملابسه مرة واحدة، والذهاب الى الحمام ثلاث مرات. معلومات عن مصيره لم يتم اعطاءها أبدا.
“نحن نمر بالتنكيل في عناتوت”، شهد م.، وهو معتقل آخر في هذه المنشأة. “طوال اليوم نجلس وأيدينا مكبلة وعيوننا معصوبة. الجنود يقومون بشتمنا، ويسمحون لنا بالنوم في منتصف الليل، بعد ساعة يقومون بايقاظنا ويطلبون منا الوقوف لنصف ساعة، بعد ذلك يعيدوننا للنوم، بعد ساعة يقومون بايقاظنا، هكذا طوال الليل. نحن بصعوبة ننام ثلاث ساعات”، قال. “في الصباح يتم اخذ فرشات المعتقلين التي ينامون عليها، وهم يبقون على الارض مكبلين حتى الليلة القادمة”.
“عناتوت” هو واحد من منشآت الاعتقال الاربعة التي يعتقل فيها 1500 غزي، من بين الـ 3400 الذين بعضهم معتقلون ايضا في سجون مصلحة السجون (حسب بيانات قدمتها الدولة ردا على الالتماس الذي قدمته اللجنة ضد التعذيب في منتصف كانون الاول). مع ذلك، ربما الايام القريبة القادمة تكون الايام الاخيرة لهذه المنشآت. الافتراض هو أنه في اطار صفقة التبادل، اذا خرجت الى حيز التنفيذ، سيتم اطلاق سراح ايضا المعتقلين الغزيين فيها، الذين ضد معظمهم لم تتم اجراءات جنائية. من اجل معرفة الوتيرة العالية لاعتقال الغزيين في الاشهر الاخيرة فانه يكفي النظر الى رد الدولة على لجنة مناهضة التعذيب، الذي بحسبه بين تشرين الاول – كانون الاول اعتقل 1300 غزي اضافي في اطار العملية العسكرية في شمال القطاع.
سديه تيمان الموجود في الجنوب يبدو أنه المعتقل المعروف بسيء الصيت بين منشآت الاعتقال العسكرية. بعد سلسلة منشورات حول ظروف اعتقال غير انسانية، وفي اعقاب التماس قدمته منظمات حقوق انسان للمحكمة العليا فانه في الصيف اعلنت الدولة أن المعتقلين سيتم نقلهم من هناك، وبعد ذلك سيتم بناء في سديه تيمان منشآت اعتقال جديدة، وستقل الحاجة الى التكبيل الطويل. هكذا اعترفت، حتى لو لم يكن بشكل صريح، أن الظروف في هذه المنشأة لم تكن تتوافق مع واجبات اسرائيل حسب القانون المحلي والدولي. ولكن يبدو أن ما حدث في سديه تيمان يحدث الآن في عناتوت.
حسب الشهادات فان المعتقلين في عناتوت يحتجزون فيما يسمى “قفص” أو “حظيرة” – مساحة حولها سور وغير مغلقة بالكامل؛ نوع مثل الهنغر العسكري أو المظلات، التي هي بشكل عام تستخدم لتخزين السيارات. التصريحات المشفوعة بالقسم، التي حصلت عليها المحامية نادية دقة والمحامية نادين أبو عرفة من “موكيد” للدفاع عن الفرد، يتضح منها بأن المعتقلين هناك يتم تكبيلهم 24 ساعة في اليوم، وعيونهم معصوبة ولا يعرفون أين يوجدون. المعتقلون قدموا حتى شهادات حول ظروف النظافة الصعبة، والاكتظاظ والعنف في كل مراحل الاعتقال.
“في الليلة الاخيرة القيود كانت مشدودة جدا”، قال ج. في شهادته. “طلبت من الشاويش (وهو معتقل يقوم الجيش بتعيينه كمسؤول) تخفيف شدة القيود، ولكنهم لم يوافقوا على ذلك. عيوني معصوبة طوال الوقت هذا يعني أنني معتقل في عناتوت، ويعني أنني كنت لمدة اسبوعين في سديه تيمان”. وحسب قوله فانه منذ اعتقاله تم السماح له بالاستحمام مرة واحدة.
في الجيش الاسرائيلي يفسرون الظروف القاسية في منشآت الاعتقال العسكرية، معتقل عناتوت بالذات، بأنه تم اعدادها للتصنيف والاعتقال المؤقت لمعتقلي الحرب، الى حين اطلاق سراحهم أو نقلهم الى مصلحة السجون. مصادر في الجيش الاسرائيلي، من بينها ضباط كبار تحدثوا مؤخرا مع “هآرتس”، اوضحوا بأن الجيش غير معني باحتجاز معتقلين، وأنه يعتقد أن حراستهم ليست من مهمته. ولكنهم هنا يقولون بأنه يوجد هنا لغم: وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير. الوزير المسؤول عن مصلحة السجون يقوم بوضع العقبات أمام استيعاب معتقلين آخرين. وحتى أن القضية تم طرحها في الرسالة التي ارسلتها المستشارة القانونية للحكومة الى رئيس الحكومة. وقد اشارت فيها الى أن بن غفير يفشل اخلاء سديه تيمان.
ليس فقط ظروف المعتقلين هي التي تزعج الجيش، بل مصادر في الجيش الاسرائيلي أكدت على أن بعض السجانين هم من الجنود النظاميين، وفي الجيش هم غير معنيين بالتواصل مع معتقلين مشبوهين بالارهاب. اضافة الى ذلك في الجيش يقولون بأن مجرد وضع جنود قرب المعتقلين يمكن أن يؤدي الى اعمال العنف أو الانتقام. مثال بارز على ذلك هو التنكيل بمعتقل فلسطيني على يد اعضاء القوة 100 (القوة التي في كانون الثاني الماضي اعاد الجيش تشكيلها بسبب الحاجة الى حراسة المعتقلين). في حادثة اخرى، الوحيدة حتى الآن التي وصلت الى مستوى تقديم لائحة اتهام، قام فيها الجندي الذي رافق المعتقلين قام بضربهم والتنكيل بهم.
حول تفجر قضية سديه تيمان، في محاولة لشرح الظروف هناك، قالوا في الجيش الاسرائيلي بأن البنية التحتية لم تكن مؤمنة بما فيه الكفاية، لذلك كانت هناك حاجة الى اتباع “وسائل أمن وقائية”، أي التكبيل. في اعقاب انتقاد المحكمة العليا تم بناء في بعض منشآت الاعتقال، مثل سديه تيمان وعوفر، غرف مؤمنة بدلا من الحظائر.
لكن في معتقل عناتوت بقي الوضع المؤقت على حاله. وبسبب أن المعتقلين يوجدون في هذه المنشآت الارتجالية لاشهر فان الظروف فيها هي حكم بعيد المدى. احيانا يوجد له تاريخ انتهاء – النقل الى سجن تابع لمصلحة السجون اذا كان يوجد مكان، أو اطلاق السراح الى غزة. السيناريو الثاني لا يعتبر أمر نادر جدا. فمنذ اندلاع الحرب تم اطلاق سراح الآلاف الى القطاع، على الاغلب بعد أن لم يتم العصور ضدهم على دلائل لنشاطات ارهابية. عند عودتهم الى هناك هم ايضا تحدثوا لوسائل الاعلام عما مر عليهم في منشآت الاعتقال في اسرائيل. في هذا الشهر توجهت جمعية حقوق المواطن الى النيابة العامة العسكرية وطلبت نقل المعتقلين في عناتوت الى منشأة سجن منظمة، بحيث توفر لهم الظروف التي يستحقونها حسب القانون. “ازاء ما جاء في الشهادات فانه يجب اعطاء أمر باجراء فحص شامل لسلوك الجنود الذين يعملون كسجانين في معتقل عناتوت، وفي البداية فحص سلوك قادة المنشأة”، كتبت الجمعية.
ضرب وتكبيل
معظم الغزيين الذين تم اعتقالهم اثناء الحرب يحتجزون في اسرائيل بقوة قانون “المقاتلين غير القانونيين”، الذي يمكن من السجن بدون محاكمة لكل من ادعي ضده بأنه شارك في النشاطات العدائية ضد الدولة. القانون يسمح بحرمان المعتقلين من حق الالتقاء مع محام لفترة طويلة، 45 سوم، وفي بعض الحالات 75 يوم، وينص على احضارهم للمثول امام قاض فقط بعدج 45 يوم على الاعتقال.
500 من بين الـ 3400 غزي المعتقلون الآن في اسرائيل حتى الآن لم يلتقوا مع محام.
معظم المعتقلين تم احتجازهم في البداية في غزة، وبعد ذلك تم نقلهم الى سديه تيمان. بعد التحقيق معهم تم نقلهم الى معتقلات عسكرية اخرى مثل محنيه عوفر وعناتوت أو قاعدة نفتالي في الشمال. مظاهر العنف تظهر حسب الشهادات في كل مراحل الطريق، في التحقيق، في منشآت الاعتقال وبالاساس على الطرق. في “هآرتس” تم النشر عن حالة التي فيها الجنود الذين رافقوا معتقلين من خانيونس، مشتبه فيهم بقتلهما، بعد رؤية على رأسهما علامات ضرب وعلى اجسادهما ظهرت علامات التكبيل.
التصريحات المشفوعة بالقسم تكشف المزيد من النواحي التي لم يتم التحدث عنها حتى الآن في اسرائيل. مثلا، قصة ح.، أحد سكان حي حمد في خانيونس، الذي بدأ العنف الشديد ضده في الاعتقال الاول له، عندما كان مع عائلته. “ضربوني على رأسي ولدي جرح كبير على جبيني”، قال. تم نقلهما الى شاحنة وبعد ذلك الى حافلة، فيها تم ضربنا، عيوني معصوبة ومكبل اليدين والقدمين. حسب اقواله. لقد تم احضار المعتقلين الى بيت، قضيا فيه الليل، في الوقت الذي اجبرهما فيه الجنود على الهتاف “شعب اسرائيل حي”.
وصف آخر لـ ي. احد سكان بيت حانون وأب لخمسة اولاد: “في 25 تشرين الاول كنت في العمل، أنا ممرض مؤهل في مستشفى كمال عدوان”، قال. وحسب قوله فان الجيش دخل الى المستشفى وطلب من الجميع الخروج الى الخارج، وخلع ملابسهم والبقاء في الملابس الداخلية. أخذوا الجزء الاكبر من الطاقم الطبي، بما في ذلك أنا. قاموا بتكبيل أيدينا وعصب عيوننا ووضعونا في حافلة، في الطريق كان الكثير من العنف، طلبوا منا حني الرأس، وقاموا بضربنا في كل جسمنا، بأيديهم وبالسلاح. “انا كسرت ثلاثة ضلوع لي”.
هدف الشاحنة التي وضعونا فيها هو سديه تيمان. هناك تم التحقيق معي. “المحقق قام بضربي”، قال. “بعد ذلك جاء مكانه شخص آخر، وهو ايضا ضربني ضرب مبرح”. ما حدث بعد ذلك هو أمر معياري بمفاهيم سديه تيمان: هذا الشخص تم اعتقاله وهو مكبل ومعصوب العينين مدة 28 يوم، بعد ذلك تم نقله الى غرفة مع 20 معتقل، وتم فك القيود وعصبة العيون واصبح يمكنه رؤية حالته.
العملية التي يتحدث عنها ي. التكبيل المستمر وبعد ذلك نقل الى غرفة فيها الكثير من المعتقلين، تظهر في شهادات معتقلين آخرين تم احتجازهم في سديه تيمان. الغرفة التي يدور الحديث عنها والتي تم جلبهم اليها بدون تكبيل مبنية من الباطون. هناك العيون تكون مفتوحة، لكن يحظر التحدث أو تغيير الملابس، قال. ايضا الاستحمام ليس بالأمر السهل، فهو مسموح به مرة كل اسبوعين. النوم على سرير هو موضوع محل تساؤل. في الغرفة كانت ثمانية أسرة.
هذا الوصف لما يحدث في سديه تيمان يرسم صورة مركبة فيما يتعلق بتعهد الدولة بتحسين الظروف في هذه المنشأة. الرد الذي قدمته للمحكمة العليا، اعلنت الدولة بأنه عندما سيتم فتح اقسام جديدة في السجن يمكن تقليل مدة تكبيل المعتقلين في الـ 96 ساعة الاولى. حقا تم افتتاح غرف اسمنتية جديدة، لكنها ايضا لم تكن بدون مشاكل. من الشهادات يظهر ايضا أنه مر وقت الى أن تم نقل المعتقلين الى الغرف الجديدة، وحتى ذلك الحين كان الكثيرون منهم ما زالوا مكبلين لايام.
في اعقاب نفس الالتماس ومنشورات اخرى حول ما يحدث في سديه تيمان، قام رئيس الاركان هرتسي هليفي بتعيين لجنة لفحص ظروف المعتقلين بشكل عام في كل المنشآت العسكرية، باستثناء عناتوت الذي لم يكن في حينه يعمل. في محادثة اجرتها الصحيفة مع احد اعضاء اللجنة، قال إنه في سديه تيمان وفي معسكر عوفر تم اجراء تحسينات وفقا لتوصية اللجنة. في عوفر الاغلبية المطلقة من المعتقلين لا يتم تكبيلها، ومن يتم تكبيلهم يكون ذلك بسبب خطورتهم. يتضح ايضا من الشهادات وحسب قوله فانه يوجد نقل لمعتقلين الى الغرف الاسمنتية، في نصفها توجد خدمات صحية.
وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي الرد: “هذه الادعاءات غير دقيقة، وظروف الاعتقال في عوفر مناسبة للاعتقال الطويل في غرف منظمة. المعتقلون لا يتم تكبيلهم، باستثناء بعض الحالات التي يتم فيها استخدام التكبيل على خلفية خطورة كبيرة للمعتقل”.
-------------------------------------------
هآرتس 15/1/2025
حماس اضطرت الى المرونة لكنها ستحاول ادعاء النجاح
بقلم: جاكي خوري
البيان حول وقف اطلاق النار واطلاق سراح المخطوفين، سيضع حماس أمام اسئلة كثيرة تتعلق بالحرب – تأثير الحرب على القطاع بشكل خاص، وعلى مستقبل القضية الفلسطينية بشكل عام. في حماس سيحاولون عرض تحرير الكثير من السجناء، الذين بعضهم ثقيلي الوزن، كنجاح. وسيحاولون ايضا الاظهار بأنه رغم الضربة الشديدة التي تعرضت لها حماس في القطاع إلا أنها ما زالت عامل مهيمن في الساحة الفلسطينية.
بعد وقف اطلاق النار حماس ستطالب بالمشاركة في ادارة القطاع في المستقبل، وأن تكون جزء من آلية القيادة الجديدة في قطاع غزة – حتى لو بشكل غير مباشر. لذلك، هي ستستغل قاعدة الدعم الكبيرة التي ما زالت لها في المجتمع الفلسطيني. ولكن بلورة الاتفاق تدل على أنهم في حماس ادركوا أن الظروف التي نشأت في اشهر القتال الاخيرة تجبرهم على الموافقة على الاملاءات التي اعتبرتها في السابق خطوط حمراء.
أولا، حماس تنازلت عن طلب انهاء الحرب وانسحاب اسرائيل من كل القطاع في مرحلة التوقيع على الاتفاق. وقد تنازلت ايضا عن اطلاق سراح اشخاص فلسطينيين كبار مثل زعيم حركة فتح ورئيس التنظيم مروان البرغوثي، والامين العام للجبهة الشعبية احمد سعادات، اضافة الى شخصيات رفيعة في الذراع العسكري لحماس والجهاد الاسلامي، على الاقل في المرحلة الاولى للصفقة.
في حماس قالوا إن هذه القضايا، وبالاساس انهاء الحرب والانسحاب، اضافة الى تحرير السجناء الكبار، سيتم طرحها في المرحلة الثانية والثالثة في الصفقة، وأنهم حصلوا على ضمانة من الشركاء في الوساط بأن المفاوضات حول هذه المراحل ستجري بدون تأخير. في حماس شرحوا بأن الامر يتعلق بالمرونة وليس تنازل أو خضوع ينبع من الضغوط. الاول هو الكارثة الانسانية في غزة، التي تتفاقم باستمرار. سكان القطاع، بينهم ايضا من يؤيدون حماس، يضغطون عليها لانهاء القتال بسبب الهجمات والدمار والجوع والامراض والاضرار النفسية التي سيشعرون بنتائجها في القطاع لاجيال.
ايضا وقف اطلاق النار في لبنان ونيته انتشار الجيش اللبناني في جنوب الدولة بدلا من حزب الله، اضافة الى التطورات في سوريا، كل ذلك ترك حماس وحيدة. الحوثيون في اليمن، رغم اطلاق الصواريخ والمسيرات، لا يعتبرون في قيادة حماس ركيزة استراتيجية. عامل آخر جعل حماس تقدم تنازلات، سواء اعترفت بذلك أو لا، هو دخول ترامب القريب الى البيت الابيض.
الحديث يدور عن رئيس غير متوقع، وحوله توجد خلية مناسبة لتكون مثل مجلس “يشع” في الضفة والقطاع. بالذات تهديد ترامب بـ “جهنم في غزة” يظهر أنه يؤثر بشكل اقل على حماس مقابل الضغوط التي يمكن للرئيس الجديد استخدامها على دول مثل قطر وتركيا، التي يوجد فيها رؤساء حماس واعضاء منها. ايضا ورقة المخطوفين آخذة في الاضمحلال. الخطر المتزايد على حياتهم والادراك بأن الثمن مقابل الجثث سيكون مختلف جدا عن ثمن المخطوفين الاحياء، يجعل حماس تفضل عقد الصفقة، حتى لو كانت جزئية.
يجب التأكيد على أنه في صورة الوضع هذ لا يوجد ما يمكن أن يعطي الافضلية للسلطة الفلسطينية وقيادتها. ففي السلطة، هذا الامر صحيح حتى الآن، لا توجد أي مبادرة سياسية أو قدرة على التأثير على التطورات في القطاع، والسياسة التي قامت ببلورتها هي الانتظار وتوقع أن تقوم ادارة ترامب، بتشجيع عربي ودولي، بالعمل على تطبيق خطة تمكن من اعادتها الى القطاع.
في السلطة يعرفون أنه لا يمكنها اعادة اعمار القطاع بدون تجنيد دولي وشبكة أمان اقتصادية. فقط بداية اعادة الاعمار ستكلف عشرات مليارات الدولارات، التي في هذه الاثناء يبدو أنها موجهة لسوريا ولبنان. لذلك، حكومة اسرائيل تقوم بوضع العقبات، التي تعتبر السلطة الفلسطينية جسم يجب ابعاده عن الساحة أو تحويله الى مركز سلطة محلية لادارة المدن في الضفة الغربية. بالنسبة لحماس وللسلطة ايضا فان اتفاق وقف اطلاق النار لن يكون نهاية المطاف، بل يجب عليهم تقديم اجابات للشعب الفلسطيني، وليس فقط شعارات فارغة فيما يتعلق بمستقبله.
-------------------------------------------
هآرتس 15/1/2025
في اليمين يفهمون: ترامب ليس جيدا لنا كما اعتقدنا
بقلم: رفيت هيخت
كل الدراما المثيرة للاعصاب حول صفقة المخطوفين الآخذة في النضوج، أدت بالتدريج الى استنزاف المستوى السياسي، وجعلته يصب في قائمة الصهيونية الدينية، التي هي عاصفة وهائجة منذ قرر الرئيس الامريكي المنتخب ترامب الضغط على الدواسة – ايصال صفقة اعادة المخطوفين وانهاء الحرب الى مرحلة التنفيذ، ليس بسبب الاعلان المضحك لايتمار بن غفير الذي دعا من يكرهه، بتسلئيل سموتريتش، الى اسقاط الحكومة اذا تمت المصادقة على الصفقة.
بن غفير هو نفس بن غفير. فهو لا يفوت أي فرصة للظهور بمظهر المهرج مع استخفافه، مثلما في الاقوال التي نسب فيها لنفسه افشال الصفقة واعادة المخطوفين حتى الآن، وقام باحراج نتنياهو الذي قال منذ اشهر بأن الصفقة قابلة للحياة. ولم يتم طرحها على الطاولة حتى الآن إلا بسبب عناد حماس المتوحش. “من اجل اخراج بوعز بسموت من الحداد، لم يكن بحاجة الى سموتريتش، فلماذا الآن يختبيء وراء عباءته؟، تساءل بغضب عضو كبير في الائتلاف.
اعلان بن غفير هو شعبوي: من يريد الانسحاب من الحكومة يمكنه فعل ذلك ببساطةـ ولا يربط نفسه بأي شخص آخر. ولكن هو ايضا يعرف أن الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش، وللدقة مستوى معارضتها للصفقة والخطوات المرافقة لها، هي التي ستقرر مصير الحكومة. سموترتيش، خلاف البن غفير، هو عضو مهم في الحكومة، الذي يعطيه اللاعبون الآخرون الاعتبار والاهمية، مثل وتد مهم في خيمة الائتلاف. من دعمه للصفقة الاولى قبل اكثر من سنة، هو وقائمته نجوا بالكاد. الآن هو يجد نفسه في المعضلة السياسية الاكثر اهمية في حياته. حسب بعض المصادر، أول أمس مال قليلا الى التعاون مع رئيس الحكومة، والاكتفاء باظهار معارضة ضئيلة للصفقة وفقا لبعض الشروط فيها. في اليوم الاخير ثارت عاصفة في قائمته – دفعته الى مكان متردد اكثر.
على رأس المعارضين في الصهيونية الدينية كان سمحا روتمان، وبعده اوريت ستروك. في حين أن روتمان كان اكثر صقورية ودفع الى وضع تهديد ملموس للانسحاب من الحكومة، بما في ذلك الانسحاب الشخصي من الائتلاف، فان ستروك بالذات حافظت على مسافة معينة بين اظهار المعارضة الكاسحة وبين اتخاذ خطوات مرافقة لها. لا احد من اعضاء الكنيست في الصهيونية الدينية اظهر التأييد للصفقة. “الصفقة ستكون حتى لو سقطت الحكومة، ويبدو أنها لن تسقط”، قال مصدر رفيع في الحكومة. هذه هي الرياح التي تهب من مكتب رئيس الحكومة، التي خلال فترة طويلة هي مقتنعة بأن بن غفير وسموتريتش لن يحققا التهديد في لحظة الحقيقة.
لقد كان هناك من قالوا بأن تقسيم الحلوى، مثل توسيع المستوطنات أو حبة الكرز التي توجد على الكريما، ضم مناطق معينة في الضفة الغربية، سيعزي قليلا سموتريتش وقائمته. ولكن مصادر مؤثرة في الادارة الامريكية اشارت دائما الى أن توجه ترامب هو بشكل عام مختلف كليا: قناة السعودية التي فيها سيتم دفع للفلسطينيين ضريبة كلامية، المعاكسة في كل الحالات لوعود الضم. اليمين المتطرف الذي أيد ترامب يتوقع أن يكتشف أن ما لم تنجح الادارة الديمقراطية في فرضه على نتنياهو، سينجح ترامب في فعله حتى قبل عودته الى البيت الابيض.
رغم الاختلاف الكبير في الآراء إلا أن هناك قاسم مشترك واحد بين كل اعضاء الائتلاف. باستثناء سموتريتش، الذي تم استثمار جهود كبيرة فيه على خلفية الوضع، ورئيس الحكومة لم يبلغ معظم اعضاء الكابنت بالمستجدات، والكثيرين منهم حاولوا معرفة تفاصيل المعرومات من المراسلين. “هذا حدث هستيري”، قال مصدر رفيع في الائتلاف. “هم ينوون التوقيع على اطلاق سراح عدد كبير من المخربين، ولا أحد يعرف ما الذي تم الاتفاق عليه”.
في هذه الايام، التي تعني تجاوز بشكل كبير السياسيين البيبيين، يحدث هنا مع ذلك مشهد سياسي صغير وهو أن بتسلئيل سموتريتش يتعلم على جلده ثمن تطرف روتمان، واعضاء الكابنت يتعلمون على جلودهم ثمن استبداد نتنياهو.
خطة شخصية
أمس ظهر وزير الدفاع اسرائيل كاتس في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، وعرض ما هو متوقع في الخطوط العريضة لقانون التجنيد (للدقة، الخطوط العريضة لترسيخ تهرب الحريديين قانونيا). كاتس قدم ارقام وحدد موعد نهائي، بل وقال الاقوال المتفجرة “عقوبات جنائية”. ولكن وفقا لجهات في الائتلاف فان كل هذا المشهد لا اهمية له.
“أنا لم أعرف بالضبط ما هو هذا الحدث”، قال مصدر مشارك في المفاوضات على بلورة القانون. وباستثناء حقيقة أنه لم يأت أي ممثل عن الجيش الاسرائيلي للمشاركة في هذا النقاش، فان الارقام التي عرضها كاتس غير مقبولة، سواء على رئيس اللجنة يولي ادلشتاين أو على قسم كبير من اعضاء الصهيونية الدينية أو على قسم من الليكود، الذي يعارض قانون اعفاء الحريديين من التجنيد. كل هؤلاء يرون خطة كاتس كما هي عليه بالضبط – خدعة لكاتس.
اذا قام احد الاطراف باظهار العصبية،كان يمكن التخمين بأن الطرف الثاني على الاقل سيكون متحمس للبضاعة المعروضة. ولكن الحريديين ايضا لا يوافقون على الاطلاق على خطة كاتس. “كاتس جاء للتهدئة، ولكن فقط هو قام باغضابهم اكثر”، قال عضو في الائتلاف.
مشكلات كاتس ونتنياهو لا تتوقف في مقر الكنيست أو على طاولة الحكومة. عمليا، هي مشكلات صغيرة مقارنة مع الشعور المتطور في اوساط الجمهور. خارج الكنيست سارت أمس مجموعة برئاسة الأم الثاكلة ليلي درعي، التي تعتبر امرأة محبوبة جدا في اليمين الديني، للاحتجاج ضد بلورة القانون الذي يعفي الحريديين من التجند. في الصهيونية الدينية فان القطاع (ليس فقط الحزب) ثائر وغاضب من الحريديين. هناك من يرتدون القبعات المنسوجة، الذين يجدون صعوبة في مواصلة الجلوس مثلما كان في السابق مع اقاربهم الحريديين. مجموعة من النساء المتدينات، الأرامل، الأمهات الثكالى وزوجات مقاتلين – انتظمت للاحتجاج، وأمامها كان يقف كاتس مع خطة، في هذه الاثناء يتفق فيها فقط مع نفسه. “لن يكون أي قانون للتجنيد”، قال مصدر رفيع في الائتلاف. رغم المحاولات إلا أن ذلك لم يعد هدف نتنياهو. فهو يفكر في كيفية كسب المزيد من الوقت وركل هذا الصندوق المتفجر بعيدا.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 15/1/2025
في اللحظات المصيرية تحتاج الأمة الى زعيم جريء
بقلم: اللواء احتياط غيرشون هكوهن
قرارات زعامية لقيادة وطنية مطلوبة في المكان الذي ينتهي فيه النقاش المهني، والمعضلة تبقى في كامل شدتها. هكذا في مسألة صفقة المخطوفين. في التحليل العقلاني الحجج مع او ضد تبدو صحيحة تماما. المخاطر الأمنية التي تنطوي على قبول شروط الصفقة – تلك التي يقدمها المعارضون لها – هي مخاطر حقيقية ومن الصواب عدم تجاهلها. كما أن المؤيدين للصفقة يطرحون حجة صحيحة – فهذا بالفعل واجب الدولة ان تعمل كل ما في وسعها لاعادة المخطوفين الى ديارهم.
أزمة القرار تتلخص في مثل هذه الأوضاع في استقلالية وشجاعة سيادية. في مثل هذه اللحظات المصيرية تحتاج الامة لقرار سيادي لزعيم يتجرأ على أن يقف حتى ضد موقف رفاقه وشركائه في الطريق. في هذا المكان برزت زعامة بن غوريون، وهي يمكنها أن تعطي الهاما لحجم اللحظة التي يقف فيها رئيس الوزراء نتنياهو، في واجبه لان يحسم: قبول مقترح الصفقة لتحرير المخطوفين بشروطها الصعب – او رفضها.
في العام 1937، امام مقترح لجنة “بيل” البريطانية منح اليهود دولة في قسم ضيق للغاية من بلاد إسرائيل، قرر بن غوريون الموافقة. فقد وجد نفسه في عزلة ليس فقط امام المعارضة الإسلامية بقيادة جابوتنسكي بل وأيضا امام معارضة رفاقه في الحزب وبينهم بيرل كتسنلسون.
قراره الصعب علله وشرحه في كل خطاب، وفي خطاب تأسيسي للمؤتمر الصهيوني العشرين، في آب 1937. في تموز 1937، في خطاب امام اتحاد عمال صهيون شرح: “الدولة اليهودية التي تعرض عليها الان… ليست الهدف الصهيوني. في هذه المساحة لا يمكن حل المسألة اليهودية. لكنها كفيلة بان تشكل مرحلة حاسمة في الطريق لتجسيد الصهيونية الكبرى. فهي ستقيم في البلاد، في الزمن الأقرب، القوة اليهودية الحقيقية التي تنقلنا الى معقل مبتغانا التاريخي”.
هذه الشجاعة البراغماتية لبن غوريون. في فهمه لخلاص إسرائيل كمسيرة متواصلة تتطور وتتقدم على مراحل. ما بدا لمعارضيه كتنازل خطير، اعتبر في نظره كخشبة قفز لتطوير المراحل التالية.
مراحل في معركة شاملة
قرار مشابه اتخذه بن غوريون في أيلول 1948، في ذروة حرب الاستقلال، في رد على مداولات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة على مشروع اللورد برنادوت. سطحيا المشروع كان جديرا بالرفض – فقد طالب بتدويل القدس وسعى لنزع النقب من خريطة الدولة اليهودية.
ومع ذلك في حبكة سياسية قرر بن غوريون إعطاء جواب إيجابي وهكذا علله. “نحن نوجد في معركة متداخلة، عسكريا وسياسيا، ويوجد تعلق متبادل بين المعركتين، ولا ينبغي التفكير بان عاملا واحدا فقط من هذين العاملين، العسكري او السياسي سيحسم نهائيا. في هذه المعركة المزدوجة دائرات من المصالح: “دائرة صغيرة ليهود والعرب في الشرق الأوسط، ودائرة كبيرة لقوى عالمية”.
انطلاقا من هذه الرؤية شرح بن غوريون بانه مشكوك أن يتخذ قرار في المداولات في الامم المتحدة، وفي هذه الاثناء تحصل دولة إسرائيل على هدنة. ومن داخل الهدنة يعد الجيش الإسرائيلي لاستئناف الهجوم في جبهة الجنوب ضد الجيش المصري، على فرض أنه ستتوفر الفرصة لاستغلال انهيار الهدنة. هكذا انطلق الجيش الإسرائيلي في نهاية الهدنة بـ “حملة يوآف” التي شقت نقطة الانعطافة الى سلسلة الحملات في الجنوب، التي انتهت بـ “حملة عوفدا” وبالوصول الى ايلات.
للقرارات الزعامية الحاسمة مطالب اليوم رئيس وزراء إسرائيل.
-------------------------------------------
هآرتس 15/1/2025
خطة المراحل لتصفية المخطوفين
بقلم: تسفي برئيل
الصفقة لم يتم التوقيع عليها بعد. تأثير “اللحظة الاخيرة” ما زال يحلق فوق الصفقة، وحياة الـ 33 مخطوف يهددها رئيس حكومة منغلق ومجرم مدان يتولى منصب وزير الامن الوطني ومخادع ليس له ضمير يسمى وزير المالية. أمل المخطوفين معلق الآن بعضلات مجرم ظلامي آخر، الذي حتى قبل دخوله الى البيت الابيض نجح في الاثبات “مرةاخرى” بأن نتيناهو لا يعرف إلا القوة. ترامب هدد بفتح باب جهنم اذا لم يتم التوصل الى الصفقة – في الحقيقة هو لم يشر الى العنوان الذي وجه التهديد اليه، لكن هذا الشخص ادرك ذلك. فقط المخطوفين لا يؤثر عليهم التهديد بجهنم. فهم يعرفون جيدا كل اقسامها، لا يوجد لهم، أو لنا، سوى الانتظار بذعر اللحظة سيخرجون فيها من الهاوية وتوجيه عيونهم الميتة الينا ويسألون: “أين كنتم حتى الآن؟”.
إن زمن محاسبة النفس العامة لم يأت بعد، وسيكون مطلوب في حينه الاجابة على سؤال شديد واحد وهو كيف فشل الجمهور ولم ينجح في لي ذراع الحكومة وفرض وقف اطلاق النار وانقاذ المخطوفين حتى عندما عرض الرئيس بايدن قبل اشهر كثيرة خطته، التي تشبه تقريبا الصفقة الحالية، وعندما كان المخطوفون الاحياء أكثر؟. ولكن من اجل أن يكون الانتقاد الذاتي حقيقي فان هناك حاجة الى النظر جيدا الى “الصفقة” الموجودة على الطاولة وفرك العيون بدهشة، حيث أنه في نهاية المطاف هذه الشروط كان يمكن التوقيع على صفقة شاملة.
التفاصيل حتى الآن غير معروفة بالكامل، لكن المباديء معروفة. قبل أي شيء هناك وقف لاطلاق النار، “تهدئة”، وخلالها سيعيد الجيش الاسرائيلي “انتشاره”، أي أنه سينسحب من ممر نتساريم ومن بعض اجزاء في محور فيلادلفيا وسكان غزة يمكنهم العودة “بصورة خاضعة للرقابة الى شمال القطاع. مئات السجناء الفلسطينيين، عدد كبير منهم من السجناء ثقيلي الوزن، سيتم اطلاق سراحهم، والمساعدات الانسانية ستتوسع، وفي اليوم الـ 16 لوقف اطلاق النار ستبدأ المفاوضات على المرحلة الثانية في الصفقة – اذا سارت الامور على ما يرام فسيتم اطلاق سراح جميع المخطوفين، لكن هذا سيكون مرهون بالانسحاب الكامل للجيش الاسرائيلي من القطاع.
عمليا، الجيش الاسرائيلي سيصبح في فترة وقف اطلاق النار حامية عالقة في المواقع. هو لن يستطيع مواصلة “تدمير البنى التحتية”، وتسوية البيوت وتفجير “مواقع مشبوهة”. في هذا الوضع للقتال فان الجنود ما زالوا يمكن أن يقتلوا بنار المسلحين، ويمكن أن يدوسوا على عبوات جانبية، وحماس يمكنها القول وبحق بأنها لم تعد تستطيع السيطرة على كل من يحمل السلاح في القطاع، لأن الجيش الاسرائيلي قام بتدمير بنية سيطرتها القيادية التحتية. هكذا قيل في قائمة الانجازات التي عرضها الجيش في الحرب.
لو أن الحكومة كانت جدية في نيتها استكمال الصفقة بالكامل، وتحرير جميع المخطوفين “حتى آخر واحد منهم”، ومنع موت الجنود ودفع ثمن ذلك، فلماذا لم توافق على التوقيع على صفقة واحدة شاملة، بنبضة واحدة وبدون مراحل. عندما يكون من الواضح أن نتيجتها ستكون نفس نتيجة صفقة الماحلتين؟ لماذا لا يتم انقاذ حياة المخطوفين الذين يمكن أن يموتوا بالذات اثناء التفاوض على اطلاق سراحهم؟ ولماذا نقوم بتعريض حياة الجنود الذين مهمتهم هي فقط متواجدين على الارض الى حين انتهاء المفاوضات وانتظار تعليمات للانسحاب؟.
نتيجة هذه التساؤلات هي أن الحكومة لا تنوي الوصول الى المرحلة الثانية للصفقة، وأن مجرد وجودها يدل على نية خبيثة. هكذا، هذه النتيجة تحتاج الى انقاذ أي مخطوف يمكن انقاذه في المرحلة الاولى وكأنه لن تكون مرحلة ثانية الى الأبد. لأنه يجب أن لا نغرق في الاوهام. الطموح الى الاستقرار والتواجد والحلم بالاستيطان في غزة لم يتلاشى، بل تم تأجيله لبضعة اسابيع. هذه الحكومة اثبتت بالفعل بأن حياتها هي أهم من أي اعتبار آخر. بالتالي، يجب علينا الاستعداد للسيناريو الذي ستستمر فيه حرب الابادة في غزة بعد اطلاق سراح الـ 33 مخطوف. وحياة المخطوفين الآخرين ستصبح اضرار عرضية وهامشية، مقارنة بحجم الحلم. وماذا عن الجمهور الصامت؟ هو يمكنه ضم هذا الفشل الى صفقة الانتقاد الذاتي.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 15/1/2025
الثمن الباهظ لعدم القرار
بقلم: يوآف زيتون
في الجيش الاسرائيلي يوجد توافق في الرأي على أن القتال ضد حماس سيستأنف في المستقبل المنظور للعيان. حماس لن ينزع سلاحها وستبقى تهديدا ينبغي القتال ضده. حتى لو لم يكن القتال بريا في البداية، فبعد المرحلة الثانية من الصفقة، سيبقى موطيء القدم العسكري. ستعمل القوات في الشريط العازل المكثف ليشكل نقطة انطلاق لاجتياحات في عمق المنطقة الغزية عند الحاجة وستكون حاجة.
يقاتل الجيش الإسرائيلي في هذه اللحظة في غزة دون هدف حقيقي، استراتيجي وبعيد المدى، هدف يعطي املا وغاية ملموسة لشعب إسرائيل الذي في هذه الاثناء يدفع الاثمان مع فوائدها، بتوسع المقابر العسكرية في كل يوم تقريبا. يعمل أعضاء حكومة إسرائيل ورئيسها بفاعلية لصيانة حماس كذخر ضعيف ومنكوب، بالضبط وفقا لذاك المفهوم المغلوط الذي سبق 7 أكتوبر. بسبب جبن الوزراء عن اتخاذ قرار سياسي ثقيل الوزن وبالتوازي مع عدم الاكتراث الجماهيري للضحايا الذين يتراكمون ولضائقة القوة البشرية المقاتلة والمتآكلة، يضطر الجيش ان يقاتل ببطء قليلا وفي دوائر. السيء، الأسوأ والاصعب لا يزال امامنا في القطاع.
وزراء الكابنت، قليلو التجربة الأمنية وعديمو الشجاعة السياسية، مشغولون بالف شيء وشيء آخر باستثناء اتخاذ قرارات ثقيلة الوزن وبعيدة المدى. عملية إجرامية في السامرة؟ الوزراء يأمرون الجيش لامساك المخربين وتكثيف الدفاع عن المستوطنات. حماس استأنفت النار الصاروخية على الغلاف؟ الوزراء يطلبون من الجيش ان يضرب غزة بقوة. في الكابنت ينشغلون بالتكتيك الصغير وكل شيء شعبوي، وكأن وزير الدفاع هو قائد لواء والوزيرة ستروك هي ضابطة امن في فرقة، وليسوا القادة الذين هم مؤتمنون على مصير الدولة. الجنود يقتلون الواحد تلو الاخر وسيواصلون التعرض للقتل هكذا أيضا في الأسبوع القادم وفي الشهر القادم وفي السنة القادمة. لا توجد غاية، لا يوجد جوهر حقيقي. يوجد قتال في دوائر، وزراء مترددون وجمهور غير مكترث يفضل فحص الأسعار الجديدة الى فيينا مع شركة راين اير التي عادت لتوها بالضبط. في الوقت الذي لا يعترف به مسؤولو الجيش باتهامات الحكومة بقصورات 7 أكتوبر يعودون لاستجداء المستوى السياسي في الغرف المغلقة كي يكلفهم بمهمة تحقيق هدف سياسي ما لغزة؛ استيطان متجدد كاساس لامن السكان وإلغاء حتى ولو جزئي لفك الارتباط؛ حكم عسكري إسرائيلي مثلما كان في الماضي؛ حكم محلي غزي بالتعاون مع السلطة الفلسطينية وبرعاية مصرية – أمريكية. لا شيء. كل بحث كهذا يؤجل، كل مبادرة تذاب، وكبديل تخرج هذا الشهر صور عن مداولات غريبة للكابنت مختلف أقيم بين ليلة وضحايا مع وزراء مثل سموتريتش وستروك.
لا غرو أن جنرالات في الاحتياط يشكون بان الهدف الحقيقي هنا هو إعادة الاستيطان في غزة، لكن في الحكومة دهاة بما يكفي كي لا يكشفوا هذا لاهالي المقاتلين ولجنود الاحتياط.
للحكومة يوجد تفويض ديمقراطي لتقرر أي هدف تختاره وفقا لفكرها اليميني. “تقويض الحكم المدني والعسكري لحماس” ليس هدفا حربيا. هو كذبة يطعمون الجمهور بها منذ الأسبوع الأول للحرب. احبولة إعلامية ممجوجة. طالما لا يكملونها بأكثر ما ينقصها: من سيحكم بدلا من حماس 2 مليون غزة، منهم وبرعايتهم تطورت حماس الى جيش إرهاب ولا تزال باقية وستبقى لسنوات أخرى. قيادة الجيش ضعيفة وتتعرض للهجوم الدائم بحيث لا يمكنها أن تصرخ بهذا. رئيس الأركان القادم سيكون بالتأكيد مطالبا بان يسير على الخط مع مفهوم الحكومة الحالية: ابعثوا بالمقاتلين الى أزقة الزيتون وبعد صفقة المخطوفين نرى ما سنعمل. أو بعد أن يدخل ترامب البيت الأبيض أو بعد ان يحصل شيء آخر، ربما حوار مع السعوديين على سلام إقليمي. سنرى لاحقا، اما حاليا فليقاتلوا.
استعد الجيش الإسرائيلي مؤخرا لنقاش معمق مع كثير من الجدال ويتعلق هذا بمستوى الخدمة الاحتياط وذلك بسبب ما يخطط له المستوى السياسي في مرابطة مئات المقاتلين في سوريا بعد سقوط الأسد، والميل لان تبقى قوات الجيش في أراضي لبنان حتى بعد الستين يوما الأولى من وقف النار. مقاتلو الاحتياط المنهكون سيكونوا مطلوبين في كل حال، بالمتوسط، لشهرين – ثلاثة اشهر خدمة في السنة القادمة، بعد أن طحنوا بين نصف سنة وسنة بل وبعضهم اكثر منذ نشبت الحرب وبمستوى خدمة احتياط لم يسبق ان كان في تاريخ الدولة. في الجيش يعرفون ما تحاول الحكومة اخفاءه الا وهو ان الجيش يحتاج على عجل لالاف أخرى من المقاتلين ممن فقدهم في الحرب وذلك كي ينفذ اكثر مهامه تواضعا.
الحقيقة الأليمة معروفة للجميع: المقابر العسكرية ستتسع بشبان متدينين وعلمانيين في السنة القادمة أيضا دون جدوى ودون قرارات سياسية شجاعة لا تتخذ.
------------------------------------------
معاريف 15/1/2025
سندفع ثمنا أليما على تحرير المخطوفين في الصفقة الحالية
بقلم: افي اشكنازي
صفقة تحرير المخطوفين آخذة في التقدم. الاتجاه معروف. الثمن المطلوب دفعه ليس صغيرا، ليس بسيطا بل حتى باهظ وأليم. وعلى الرغم من ذلك هو ثمن نحن كدولة ملزمون لانفسنا ان نقبله وندفعه. أخلاقيا، قيميا، وقانونيا – نحن ملزمون بفداء اناسنا. انقاذ الأطفال، كبار السن، الشيوخ، النساء الشابات، الرجال، المجندات والجنود. لكل الـ 98 نحن ملزمون. دولة إسرائيل لا يمكنها أن تنظر الى نفسها بالمرآة. لن نتمكن من مواصلة الطريق دون أن نعمل على تحقيق التحرير لكل المختطفين.
في الجيش يستعدون منذ الان لتنفيذ الاعمال الناشئة عن الاتفاق. في قيادة المنطقة الجنوبية يتعهدون بان هذه المرة سيعرفون كيف يحافظوا على الحدود ويمنعوا حماس من أن تجتاح او تنفذ عمليات. قصة اليوم التالي في غزة وكذا في حدود لبنان مع حزب الله هي قصتنا. حماس لا تعرف ماذا يقصد الطرف الآخر او كيف سيتحداها. السؤال هو في داخلنا أنفسنا. كيف سنرد على كل خرق للاتفاق؟ بحقائب الدولار او بقوة عسكرية؟
المستوى السياسي ملزم ان يعمل الان بثقة والا يسير على أطراف الأصابع بهدف ان يجتاز بسلاح الأيام حتى تحرير المخطوفين. هو مطالب بان يجلس ويبلور خطة استراتيجية تتضمن تصميم الحدود بعد الاتفاق. الجمهور الإسرائيلي يتمسك بقطع الأرض، بارض جغرافية، ما هو عمق الفاصل. لكن علينا أن نغير خط التفكير والحوار وان نعرض التسعيرة. بداية لانفسنا وبعد ذلك لحماس ولكل العالم. ما هو الثمن الذي ستجبيه إسرائيل في كل اطلاق لبالون مشتعل؛ ما هو الثمن على اطلاق قذيفة هاون على بلدة في غلاف؛ ما هو الثمن على العثور على خلية تحاول الاقتراب من الجدار؛ في اللحظة التي نبني فيها على الردع، فان الثمن على كل محاولة لتحدينا سيكون واضحا. على المستوى السياسي منذ الان ان يتعلم من أخطاء الماضي. عليه أن يطلب من رئيس الشباك روني بار أن يعد ويعرض خطة رقابة استخبارية وعملياتية لإحباط كل واحد من اكثر من الف مخرب سجين سيتحررون، كي يمنع حالة يحاول فيها احدهم او يتخيل أن يكون يحيى السنوار التالي. هذه الاقوال يجب أن تكون واضحة وجلية كي يعرف الجمهور في إسرائيل بانه وان كان دفع ثمنا باهظا في هذه الصفقة لكن الى جانب الفعل اليهودي السليم لفداء الاسرى أيضا – يوجد له الامن لان ينام بهدوء في الليل او أن يخرج الى حفلة طبيعة مع علمه انه سيعود منها بسلام.
------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 15/1/2025
لماذا أريد للمرحلة الثانية من الصفقة أن تكون في عهد ترامب؟
بقلم: نافا درومي
إذا لم تحدث مفاجآت خاصة، فصفقة المخطوفين في طريقها للتوقيع. 33 من أصل 98 إسرائيلياً سيعودون من أسر النازيين في غزة. ولا يوجد كليشيه أكثر صحة من “فرحة مخلوطة بالحزن”. الثمن الذي ستدفعه إسرائيل في الصفقة التي نوقع عليها مع الشيطان باهظة جداً. عشرات الإسرائيليين سيبقون في أسر حماس لفترة زمنية مجهولة. كما أن إسرائيل ستنسحب من مناطق معينة في غزة، وبالطبع ستحرر مئات بل وربما آلاف المخربين سيتطلعون في كل دقيقة من حياتهم لسفك مزيد من الدم اليهودي.
حتى بدون اتخاذ موقف قاطع مع أو ضد الصفقة، واضح أن الإسرائيليين فرحون بكل مخطوف يعود، ومتألمون على كل من سيبقى. إن الخوف الأكبر هو المراحل التالية من الصفقة التي ليس واضحاً على الإطلاق إذا كانت ستخرج إلى حيز التنفيذ. لا توجد معارضة يمينية أيديولوجية للصفقة، بل معارضة للثمن الذي سندفعه مقابل ما سنأخذه، والذي يلفه الغموض حالياً فيما يحوم من فوق الخوف عدم عودة كل المخطوفين وتحقيق مصالح إسرائيل.
لكن إذا ما فحصنا النقاط الغامضة من الصفقة أو الأدق ما ليس فيها، فمن ممكن أن نتشجع. أولاً، إنهاء الحرب ليس جزءاً من الصفقة – شرط طالبت به حماس منذ بداية الحرب. وتنقص الصفقة شروط طرحتها إسرائيل كشروط لإنهاء الحرب: تجريد القطاع من السلاح، ونفي مسؤولي حماس و”نزع النازية” للغزيين.
ثانياً، حين لا تتحقق أي هذه النقاط، فلا يوجد محفل دولي عربي يتحمل المسؤولية عن غزة، لا البحرين ولا السعودية. فهما ذكيتان بما يكفي لتفهما بأن إسرائيل ما دامت تعمل هناك، فليس لهما ما يفعلانه مع عش الإرهابيين هذا. السلطة الفلسطينية، المشغولة بمعارك بحد ذاتها في “يهودا والسامرة”، ليست خياراً جوهرياً أو فنياً.
حسب مصادر مطلعة على المحادثات والصفقة، ليس صدفة أن المرحلة الثانية من المفاوضات ستجري في ظل رئيس جديد للولايات المتحدة – رئيس محوط بمجموعة من محبي إسرائيل وتوعد حماس بالجحيم. رئيس الوزراء يتحدث عن هذا حين يقول إن الصفقة ستشمل كل المخطوفين، دون أن يشرح بالضبط كيف يستوي هذا القول مع الواقع. من غير المستبعد أن تكون الاتفاقات الرسمية المعروفة للطرفين على المرحلة الأولى فقط. لكن الاتفاقات على المراحل التالية هي في المحادثات التي بين نتنياهو ومندوبي ترامب.
أمس، ألقى رئيس كتلة “الصهيونية الدينية” خطاباً في مزرعة ترامب، ووقف هناك ضد الصفقة قائلاً: “نريد صفقة تعيد كل المخطوفين ولا تبقي أحداً في الخلف. صفقة المخطوفين المتبلورة عملت عليها إدارة بايدن، وهي رهيبة. فهي تشطب إنجازات إسرائيل في السنة الأخيرة للحرب”. وقد نال تصفيقاً عاصفاً من الحاضرين.
مؤيدو ترامب ممن لا يطيب له أن يخيب آمالهم. حين يقول لهم إنه سيحرض على إسرائيل، وإن حماس ستحصل على الجحيم، فهو يعرف بأنهم يتوقعون هذا. ونحن أيضاً.
------------------------------------------
هآرتس 15/1/2025
بن غفير يفضح نتنياهو: تخلى عن المخطوفين
بقلم: أسرة التحرير
أكد وزير الأمن القومي بن غفير أمس بشكل لا يقبل التأويل، الاشتباه الذي يفيد بأن رئيس الوزراء نتنياهو يعرقل عودة المخطوفين، حتى بثمن حياتهم، ويمدد الحرب على أساس مصلحة شخصية: بقاؤه السياسي. فعلى مدى سنة كاملة، وضعت على الطاولة صفقة لإعادة المخطوفين، لكن نتنياهو كان يحبطها المرة تلو أخرى ليحافظ على حكومته المتعلقة بحلفه الإجرامي مع اليمين الكهاني.
دعا بن غفير وزير المالية سموتريتش أمس للارتباط به وإبلاغ نتنياهو بأنه إذا ما وقع على الصفقة لتحرير المخطوفين فسينسحبان من الحكومة. “في السنة الأخيرة، من خلال قوتنا السياسية، نجحنا في منع هذه الصفقة من التحقق، مرة تلو الأخرى”، اعترف بن غفير. وبعد ذلك، عزا لانضمام جدعون ساعر من الحكومة المس بجهوده لإحباط الصفقة. “أضيفت إلى الحكومة جهات أخرى تؤيد الآن الصفقة، ولم نعد نشكل لسان الميزان”، قال الوزير.
عائلات المخطوفين، ومعهم الجمهور الغفير الراغب في إعادتهم، رأوا نتنياهو يعرقل منذ أكثر من سنة صفقة إثر صفقة بمعاذير مختلفة – تارة رفح، وتارة أخرى محور فيلادلفيا – واتهموه بالتخلي عن المخطوفين بدوافع سياسية. غير أن نتنياهو وحكومته ومؤيديه أداروا عيونهم إلى السماء وردوا الهجوم: كيف يتجرأون بوقاحتهم على أن يعزو له ولمعسكره تصلب قلب كهذا؟ وبالفعل، انكشفت الحقيقة الآن.
دون أي ذرة خجل، غلف بن غفير معارضته للصفقة بالحرص على حياة المخطوفين. فالصفقة، على حد قوله، “لا تؤدي إلى تحرير عموم المخطوفين، وتحكم مصير باقي المخطوفين ممن لا يندرجون في الصفقة بالموت”. وبعد ذلك، أضاف وكأن حرصه على حياة مواطني إسرائيل – وليس استعداده لتقديم قربان بشري من أجل إقامة الهيكل الثالث في قلب إمبراطورية الأبرتهايد مع الضفة الغربية وقطاع غزة – هو الذي يملي طريقه: “ليس هذا خياراً صعباً يتعين اتخاذه لإعادة المخطوفين. هذا خيار واعٍ بثمن حياة مواطنين إسرائيليين كثيرين آخرين، لأسفي سيدفعون بحياتهم ثمن هذه الصفقة”.
إن تباهي وزير كبير في الحكومة بأنه نجح طوال سنة كاملة في عرقلة التوقيع على صفقة، في وقت عرف فيه الجميع بأن هذه الإحباطات كلفت حياة عشرات المخطوفين وحياة جنود كثيرين جداً، إنما تشهد أكثر من أي شيء على التعفن الذي استشرى في قيادة الدولة. يجب أن تكون أقوال بن غفير تذكيراً مهماً: إعادة كل المخطوفين وإنهاء الحرب هما الخطوة الأولى في الطريق الطويل لترميم إسرائيل من أفعال نتنياهو وعصابته.
------------------------------------------
الغزّيون يحلمون بالحياة بعد الحرب
مع اقتراب الحديث عن وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، يتوق العديد من الفلسطينيين إلى العودة إلى ديارهم.
بقلم: غابرييل وينيجر وأمل حلس
صحيفة "ذا تايمز" البريطانية تنشر تقريراً تضمّن مقابلات مع غزّيين يتحدّثون عن آمالهم بشأن وقف إطلاق النار في القطاع، وما سيفعلونه في اليوم التالي بعد توقّف الحرب.
عندما نفكّر في نهاية محتملة لأطول حرب في غزة وأكثرها وحشية، فإنّ الناجين منها يتذكّرون موتاهم أولاً. "سأسرع لزيارة قبور أحبائي، ثم أعود إلى أنقاض منزلي المدمّر، وأقبّل الأنقاض. وسأحاول البحث بين الأنقاض عن بقايا الذكريات"، هكذا قال محمد ناصر وهو يشتري الحلوى من أحد الأسواق لتوزيعها على الأطفال في خان يونس، المدينة المدمّرة في جنوب غزة. وأضاف: "سأبكي حتى تجفّ دموعي".
ومثل كثيرين آخرين، يعيش ناصر وزوجته وأطفاله الثلاثة في مخيم للاجئين حيث وجدوا راحة مؤقتة. لقد نزحوا تسع مرات منذ بدء الحرب. وبينما كان يتحدّث إلى صحيفة "ذا تايمز"، ارتفعت هتافات "هدنة، هدنة" في المخيم مع تحليق الطائرات من دون طيار والطائرات النفّاثة في سماء المنطقة.
لقد اكتسب الحديث عن وقف إطلاق النار في قطاع غزّة زخماً. وفي غضون ذلك، يقول سكان غزة إنّ السماء لم تهدأ والقتال في جباليا، شمال غزة، مستمر. ووفقاً لوزارة الصحة قُتل 61 شخصاً خلال اليوم الماضي وأصيب 281 شخصاً آخرين.
"ما زلنا خائفين.. فمنذ الليلة الماضية لم يتوقّف القصف لحظة واحدة. لكننا اعتدنا على ذلك، فهذه هي استراتيجية إسرائيل خلال الساعات الأخيرة من الحرب: تدمير واستهداف أكبر عدد ممكن من الناس"، قال ناصر، وهو من جباليا ويتوق للعودة إلى هناك.
والأمل هو أن يتمكّن الناس من العودة إلى منازلهم وإعادة توحيدهم مع أسرهم، التي تمزّقت أوصال العديد منها في بحثهم عن الأمان. وبموجب الخطوط العريضة للاتفاق، سيتمّ فتح المعبر المصري في رفح - المخرج الوحيد من غزة الذي لا تسيطر عليه "إسرائيل"، فيما مصير سكان الشمال.
وقالت مريم الزعانين، 34 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال من بيت حانون في الطرف الشمالي الشرقي من قطاع غزة: "أنا شخصياً أريد العودة إلى منزلي، حتى لو كان مجرّد أنقاض الآن. أريد بناء خيمة على تلك الأنقاض والجلوس هناك، وإعادة الاتصال بالمكان الذي يحمل الكثير من الذكريات".
وأضافت الزعانين أنّ "أعظم أمنياتها هي لمّ شمل أسرتها، لكنّ بعضهم ما زالوا في عداد المفقودين". ويقول عمّال الدفاع المدني في غزة إنّ العديد من الناس محاصرون ومدفونون تحت الأنقاض وفي الشوارع، ولا يمكن لفرق الإنقاذ الوصول إليهم.
وبينما تصلّي من أجل هدنة، تقول مريم إنّ آمالها بلمّ شمل أهلها تحطّمت مرات عديدة من قبل. وقالت: "في المخيم، تشعر كلّ يوم وكأنه مزيج من الأمل وعدم اليقين. هناك احتفالات بين الناس والأطفال يصفّقون ويهتفون عندما يسمعون بعض الأخبار الإيجابية، وأحياناً أجد نفسي أستمدّ الأمل من تفاؤلهم. نريد بشدة أن تتوقّف هذه الحرب. لأكثر من 15 شهراً، كنّا نعيش في البؤس والإرهاق نفسه".
كما ذكرت: "من خلال متابعة الأخبار، أشعر أنه قد يكون هناك وقف لإطلاق النار أو هدنة قريباً. ومع ذلك، هناك أوقات نفقد فيها الأمل لأنه في كلّ مرة نسمع فيها أخباراً مماثلة، لا يحدث شيء".
في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، سمحت هدنة استمرت أسبوعاً بالإفراج عن 105 أسرى، ولكن منذ ذلك الحين، لم يتمكّن الجانبان من التوصّل إلى اتفاق بشأن الأسرى المتبقّين.
وفي انتظار فتح المعابر، تأمل جمانة محمد في مواصلة دراستها للقانون خارج القطاع، "للتركيز على التعلّم، وليس البقاء".
وقالت جمانة إنّ "الحياة هنا أثناء الحرب لا تطاق، والخوف والدمار وعدم اليقين أمر لا يطاق. لا أعتقد أنني أستطيع أن أتحمّله مرة أخرى"، وأضافت أنّ "وقف إطلاق النار قد يجلب راحة مؤقتة، لكنني متأكّدة من أنّ الحرب ستعود. هذا ما يحدث دائماً".
ويرى الكثيرون أنّ هذه الحرب هي ببساطة أسوأ مثال على ما يقرب من عقدين من الصراعات في غزة. لن تكون الهدنة الأخرى سوى المرحلة الأولى من اتفاق من ثلاثة أجزاء، مع طريق طويل وغير مؤكّد في المستقبل من حيث الحكم وإعادة الإعمار والنهاية الكاملة للحرب.
-----------------انتهت النشرة-----------------
أضف تعليق