الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 12/1/2025 العدد 1206
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 12/1/2025
الهجوم علي ايران سيتسبب بأضرار أكثر من الفائدة، هذا سيكون خطأ كبير
بقلم: درور زئيفي
صديقي المؤرخ بني موريس، طالب بتدمير المنشآت النووية في ايران (14/11)، ومعظم المستوى السياسي عندنا يفكرون مثله. طيارو سلاح الجو يتدربون استعدادا لهذه العملية، في الاشهر الاخيرة يبدو أن ذلك اصبح ممكنا: الاصابة الدقيقة لمواقع الدفاع الجوي في ايران تركتها مكشوفة للاصابة؛ سقوط بشار الاسد والمس بحزب الله، اضافة الى العمل الاساسي للجيش الاسرائيلي في تصفية منظومات الصواريخ في سوريا، فتحت مسار آمن لطائرات سلاح الجو وقلصت بشكل كبير المخاطرة. لقد حان الوقت، كما يقولون، لتنفيذ ما كان يجب القيام به منذ فترة طويلة. أخيرا سنقوم بازالة هذا التهديد الوجودي، وفي هذه المرة ايران ستجد صعوبة في الرد بشكل ناجع.
القلق مبرر. فايران تطمح الى الوصول الى السلاح النووي وتطلب بشكل علني القضاء على اسرائيل. ولكن الحل المطروح سيتسبب بالضرر أكثر من الفائدة. هذا خطأ كبير لعدة اسباب.
أولا، الوضع الداخلي في ايران سيء جدا، الامر الذي يجعل الحاجة الى ضرب المنشآت النووية أمر لا لزوم له. ثلاثة عوامل توحدت وشكلت عاصفة تضعضع الاستقرار. العامل الاول هو الازمة الاقتصادية غير المسبوقة. فبعد ست سنوات على انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، وفرض العقوبات الشديدة على ايران، اصبحت تلعب دورها اخيرا. نتيجة اندماج العقوبات والادارة الفاشلة فان هناك نقص في الوقود في الدولة الغنية جدا باحتياطي النفط، وانقطاع الكهرباء يتفاقم باستمرار، رجال الصناعة يغلقون المصانع لتوفير الكهرباء لغرض التدفئة، الريال في ايران فقد عشرات النسبة المئة من قيمته، التضخم السنوي الآن 50 في المئة – هذه دائرة اقتصادية متوحشة، تدهور الاقتصاد الى حضيض صعب.
الى جانب الاقتصاد المتفكك فان ايران توجد ايضا في ازمة بيئية خطيرة لا مثيل لها. كل سنة هناك استغلال زائد وكثيف للمياه، والميزان السلبي أدى الى انخفاض دراماتيكي في الخزان العلوي والمياه الجوفية. نتيجة لذلك فان طهران تغرق 20 سم في السنة، والتصحر يتقدم بوتيرة سريعة، في فصل الصيف درجة الحرارة في معظم ارجاء البلاد تصل 50 درجة وأكثر، استخدام الوقود المحظور أدى الى تلوث الهواء، ايضا العواصف الرملية والملحية تصعب على التنفس. 30 مليون ايراني غادروا (من بين حوالي 90 مليون) بيوتهم في السنوات الاخيرة للبحث عن ظروف حياة معقولة اكثر.
يمكن اضافة الى ذلك الاخفاقات العسكرية الشديدة في لبنان وفي سوريا وفي ايران نفسها، وعدم الاستقرار في العراق القريب منها. بعض مليشيات “الحشد الشعبي” العراقية، التي أيدت في السابق ايران، أدارت لها الظهر وقررت التركيز على السياسة الداخلية. المليشيات الشيعية التي طردت من سوريا نحو الشرق تضعضع الاستقرار، وضدها توجد صحوة لتنظيمات الجهاد السنية على الحدود الايرانية.
كل ذلك، اضافة الى الضعضعة التي تسببها الحاجة الى استبدال الزعيم العجوز علي خامنئي في أقرب وقت ممكن، يفكك النظام ويتوقع أن يوصل الجمهور الايراني، بما في ذلك الاقليات العرقية الكبيرة التي أيدت النظام في السابق، الى شفا الانتفاض خلال هذه السنة. النظام سينهار، إلا اذا قمنا بتوفير الدعم الشعبي له بواسطة هجوم غير مستفز ومنحنا المجتمع الدولي سبب للاستمرار في دعمه.
في الجانب الاسرائيلي للمعادلة يجب فحص العلاقة بين التكلفة والفائدة العملياتية. أولا، لا يوجد أي تشابه بين العملية العسكرية المطلوبة هنا وبين احداث سابقة مثل قصف المفاعل النووي في العراق وفي سوريا. الحديث لا يدور عن موقع واحد، بل عن عدد كبير من منشآت التخصيب، التي جزء كبير منها تم دفنه عميقا تحت الارض. الفشل في تدمير موقع أو اكثر سيبقي القدرة على حالها.
ثانيا، كما هو معروف فان عملية التخصيب وصلت الى المراحل الاخيرة. والآن هم بحاجة فقط الى بضعة اسابيع من اجل التوصل الى الكتلة الحاسمة للمادة بمستوى تخصيب عسكري. المعنى هو أنه يوجد لدى ايران الآن بما فيه الكفاية من المادة المتفجرة لانتاج عدة قنابل. اذا قمنا بقصف منشآت التخصيب فانه لا يمكننا وقف المشروع، بل بالعكس، سنعزز تصميم ايران على الاستمرار والوصول الى الهدف النهائي، هذه المرة بتأييد دولي.
المرحلة التالية المتوقعة في العملية هي انتاج القنبلة نفسها. هناك شك اذا كانت في هذه الاثناء في ايران محاولة للدفع قدما بما يسمى “التسلح”، لكن خبراء ذرة اجانب يصفون العملية بأنها طويلة ومشتتة أكثر من التخصيب. هم يعتقدون أنه لا يوجد اهداف كثيرة لضربها في هذه المرحلة، ايضا بعد القصف سيكون من السهل احياء هذا النظام الذي يعتمد بشكل رئيسي على المعرفة التي توجد في ذهن الاشخاص.
الاستنتاج هو أنه مشكوك فيه اذا كان الهجوم من الجو سيوقف المشروع النووي الايراني. في المقابل، الهجوم سيضر اسرائيل ويفاقم صعوباتها في الساحة الدولية ويزيد تصميم ايران. الصحيح اكثر هو العثور على طرق ناجعة لتعويق المشروع النووي ومساعدة النظام على الانهيار، وفي هذه الاثناء اقامة علاقات مع الشعب الايراني استعدادا لليوم التالي.
-------------------------------------------
معاريف 12/1/2025
الأيام ستنبؤنا عن قدرات الرئيس اللبناني جوزيف عون
بقلم: د. موشي العاد
“اليوم يبدأ عصر جديد في تاريخ لبنان”، أعلن جوزيف عون، رئيس لبنان المنتخب فور صدور نتائج التصويت. اذا كان بهذا الشيك تغطية لن نتمكن فقط من أن نعرف الا بعد بضع سنوات، على أمل أن يصمد حتى ذلك الحين – فلا يسقط، لا يستقيل أو لا يغتال لا سمح الله مثل رئيس الوزراء رفيق الحريري.
رغم التقديرات الإيجابية، نجح عون في أن يجتاز العائق بصعوبة جمة. قبيل التصويت السري في البرلمان توقع الكثيرون بان يفوز عون، رئيس الأركان الفعلي، بالمنصب بسهولة في الجولة الأولى. لكن في لبنان، كما سبق أن تعرفنا، لا يمر أي شيء بسهولة. هذه الدولة المزدهرة، التي يمكن لرئيس الأركان ان يكون فيها رئيسا، كل شيء ممكن.
في لبنان مثلما في لبنان، لا يمكن ان يكون رئيسا الا مسيحي ماروني وفقط مسيحي ماروني يمكنه أن يكون رئيس اركان. هذا التراث الذي كان جيدا عندما كان المسيحيون اغلبية في الدولة لم يعد يمر بسهولة لدى المسلمين. سلفه في منصب الرئيس، ميشيل عون (لا يوجد قرب عائلي)، الذي هو أيضا كان رئيس اركان في ماضيه، اشترى الهدوء والاستقرار – النسبيين بالطبع – بفضل تعاون شاذ مع حزب الله. ايران أوعزت لعون الأول كيف يعمل. في عهده، وصل لبنان الى درك أسفل غير مسبوق في كل مجال تقريبا. الدولة الصغيرة علقت في أزمات اجتماعية، اقتصادية وأخيرا أيضا أمنية ما أدى الى هدمها والى عدم جدوى العيش فيها.
والان يتوقعون ان يجلب عون الثاني لبنان الى شاطيء الأمان. كي يحصل الامر يجب أن تقع بضع معجزات في بيروت. الأولى، يجب لحزب الله أن يغيب عن الساحة السياسية، مثلما عن الساحة العسكرية أيضا، إذ أن إسرائيل لن تراعي الرئيس الجديد اذا ما واصلت المنظمة الشيعية استفزازها في حدودنا الشمالية. والثانية، العالم الذي يريد جدا اعمال “باريس الشرق الأوسط” سيكون ملزما بان يستثمر الأموال في شكل مشروع مارشال الذي كان في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية وذلك قبل الحديث عن اعمار غزة وباقي أماكن الكوارث. واكثر من هذا، يجب أن تنفذ بضع إصلاحات تنقذ لبنان من مكانة الدولة الفاشلة الى مكانة “ديمقراطية هجينة معقولة”، أي، ديمقراطية توجد فيها اساسات ديمقراطية الى جانب حكم مركزي، ما هو دارج في معظم الدول العربية.
أي أدوات توجد تحت تصرف الرئيس المنتخب؟ الجيش اللبناني لا ولا. هذا احد الجيوش الأضعف في العالم ولا اقترح التعويل عليه للتصدي لحزب الله. السياحة اللبنانية كمحرك نمو؟ ربما، لكن بعد بضع سنوات. البنوك اللبنانية؟ المستثمرون يحبون الاستقرار والهدوء. وليسألوا إسرائيليين. يبدو ان قوة عون ستكون في الدعم الدولي الذي سيتلقى وباستعداد اللبنانيين – المسيحيين، السُنة، الدروز بل وحتى قسم من الشيعة – للخروج أخيرا من شرك النظام الشيعي المتطرف الذي جلبهم الى الهاوية.
بداية فلنرَ عون ينجح كرئيس اركان في مهمة نشر الجيش في جنوب الدولة ومنع حزب الله من استفزاز إسرائيل وبعد ذلك نفحص قدراته كرئيس في باقي المجالات.
-------------------------------------------
هآرتس 12/1/2025
لأول مرة بعد اشهر طويلة، يوجد أساس لبعض التفاؤل
بقلم: عاموس هرئيلِ
لاول مرة بعد بضعة اشهر يوجد كما يبدو اساس للتفاؤل. دخول دونالد ترامب القريب الى البيت الابيض يزيد بشكل واضح احتمالية التوقيع على صفقة التبادل بين اسرائيل وحماس. في هذه المرة التقارير ليست بدون اساس. المحادثات في قطر تجري بشكل حثيث منذ بضعة اسابيع، والآن يظهر تقدم واضح. التغيير الرئيسي ينبع من ترامب نفسه. فطلبه القاطع بحل هذه القضية قبل عودته الى منصب الرئيس، والتهديد بفتح “ابواب جهنم” اذا لم تتم الاستجابة له، يبدو أنها تخلق ضغط معين على الطرفين. خطوة ترامب تتناغم مع مساعدي الرئيس التارك جو بايدن. يبدو أن الصفقة ما زال يتوقع أن تشمل تحرير مخطوفين على مرحلتين. في البداية سيتم اطلاق سراح النساء وكبار السن والمرضى والمشمولين في “المجموعة الانسانية”. المرحلة الاولى يمكن تنفيذها بعد الاعلان عن وقف اطلاق النار، الذي خلاله سيكون انسحاب كبير للجيش الاسرائيلي من بعض المناطق التي احتلها في القطاع. مصدر امني رفيع قال للصحيفة بأنه رغم الحقائق اللوجستية الكبيرة التي تم القيام بها في ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا وفي ارجاء القطاع، فان البناء هناك تم حسب مقاربة تقول بأن “كل شيء مؤقت، وعند الحاجة يمكن تفكيكه بسرعة نسبية” (هذه المقاربة مختلفة كليا عن نية احزاب اليمين المتطرفة والمستوطنين، الذين يعملون على الاحتلال الدائم لاجزاء في القطاع على الاقل).
اثناء تنفيذ المرحلة الاولى من المفروض أن يتم اجراء نقاش حول تحرير المجموعة الثانية التي تشمل الجنود والرجال الشباب. الصفقة تشمل ايضا اعادة جثامين المخطوفين، رغم أنه يوجد خوف من أن الفلسطينيين سيقولون إن بعضها لا يمكن العثور عليه. في القطاع يتم احتجاز 98 مخطوف، اسرائيلي واجنبي. والتقدير هو أن نصفهم تقريبا ما زالوا احياء. وحسب معرفتنا فان ادارة ترامب تعمل على صفقة شاملة، التي تعني انهاء الحرب في القطاع. مع ذلك، حتى لو تم الاتفاق فقط على تفاصيل المرحلة الاولى فانه يتوقع أن تكون جهود امريكية تفرض على الطرفين تنفيذ المرحلة الثانية وبلورة صفقة شاملة، التي تعني محاولة لوقف القتال لفترة طويلة.
في الاسبوع الماضي وصل الى الدوحة مبعوث ترامب الخاص للشرق الاوسط ستيف فيتكوف، وكان له دور في المحادثات بين دول الوساطة والاطراف. فيتكوف وصل أمس بشكل مفاجيء من الدوحة الى القدس والتقى مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. قرار نتنياهو ارسال أمس الى قطر طاقم اسرائيل الرفيع، رئيس الموساد ورئيس الشباك ورئيس هيئة الاسرى والمفقودين، هو اشارة اخرى متفائلة بأن الاتفاق قريب حقا. يبدو أن نتنياهو ايضا منح في هذه المرة للطاقم هامش كبير للمناورة في المفاوضات، اكثر مما فعل في السابق. في الجولات السابقة كان يبدو احيانا أن رئيس الحكومة يقوم مسبقا بافشال المفاوضين الاسرائيليين من خلال التفويض الضيق جدا المعطى لهم.
بخصوص التهديدات الامريكية فانه يصعب الاعتقاد بأن حماس تعتقد بأن ترامب سيزود نتنياهو بقذائق ثقيلة من اجل محو ما بقي من المناطق المبنية في القطاع. وحتى بدون ذلك فان الدمار في غزة كبير بما فيه الكفاية، لكن اذا كان الرئيس القادم ينوي السماح لاسرائيل بالتشويش على دخول المساعدات الانسانية الى قطاع غزة فان هذا سيكون تطور يمكن أن يزعج حماس، التي هي نفسها تتغذى على تضخيم اسعار البضائع وتستخدم المواد الغذائية لتهدئة غضب سكان القطاع عليها.
من جهة اخرى، ربما أن نتنياهو يعتقد أن تهديدات شركاءه في اليمين المتطرف بحل الائتلاف اذا قام بتنفيذ المرحلة الاولى في صفقة التبادل، أقل وضوحا من قبل. في نهاية المواجهة بينه وبين وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير حول التصويت في الكنيست قبل اسبوع، فان الاخير هو الذي تراجع. في حين أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بصعوبة يصل الى نسبة الحسم في الاستطلاعات على خلفية الانتقاد الشديد من قبل ناخبيه بسبب التعاون مع جهود اجازة قانون الاعفاء من الخدمة للحريديين. مواقف مساومة الاثنان بخصوص الائتلاف ضعفت. فهل هذا سيكون كاف كي يلين نتنياهو موقفه في المفاوضات مع حماس؟ الامل في هذه المرة ربما راسخ اكثر، ودعم الجمهور الاسرائيلي لصفقة اعادة المخطوفين كبير جدا.
اضافة الى الحاجة للدفع قدما باعادة المخطوفين فانه يوجد سبب آخر حاسم من اجل التوصل الى الصفقة، انهاء الحرب في قطاع غزة والآن. صباح أمس قتل اربعة جنود في شمال القطاع. في هذه المرة هؤلاء كانوا جنود في قوة لواء الناحل، الذين اصيبوا بعبوة ناسفة كبيرة تم زرعها وتفجيرها في قافلة سيارات غير محصنة، وستة جنود أصيبوا، بينهم واحد اصابته بالغة. فقط في الاسبوع الماضي قتل ايضا عشرة جنود في القطاع. عدد الجنود القتلى في العملية في شمال القطاع التي بدأت في تشرين الاول الماضي وصل الى 50 قتيل.
خلافا لتصريحات القيادة في اسرائيل فانه لا توجد الآن أي فائدة حقيقية للحرب في القطاع. الجيش الاسرائيلي في الحقيقة يجبي ثمنا باهظا من حماس، لكنه لا يقترب على الاطلاق من الحسم العسكري الكامل، وهو يتكبد خسائر كبيرة في حرب استنزاف طويلة ووحشية. الصفقة يمكن أن تكون بداية عملية خلق واقع سياسي مختلف في القطاع، يدمج في الحل ايضا الامريكيين والدول العربية المعتدلة. هنا سيكون رهان كبير ولكنه افضل من استمرار سفك الدماء القائم. وعلى أقل تقدير اذا هاجمت حماس مرة اخرى فان اسرائيل سيكون لها المبرر لاستئناف الحرب ضدها.
الحلقة السياسية
نائب رئيس الاركان، الجنرال امير برعام، يريد انهاء منصبه من خلال الادراك بأن اجراءات التعيين في الجيش الاسرائيلي يمكن أن تكون عالقة لفترة طويلة. توجهه الى رئيس الاركان هرتسي هليفي لطلب اعفائه من المنصب، اللذان العلاقة بينهما بعيدة عن أن تكون جيدة، يمكن أن يزيد تعقيد موقف الاخير. رئيس الاركان كان يهتم بالدفع قدما بجولة تعيينات اخرى في قيادة الجيش، وضمن ذلك تحديد هوية نائب رئيس الاركان القادم، وربما التأثير على تعيين وريثه. لكن الازمة العلنية بين هليفي ونتنياهو ووزير الدفاع اسرائيل كاتس لن تسمح بذلك. خطوة برعام، غير المتناغم معهما، تفاقم الازمة الداخلية في الجيش الاسرائيلي.
الانشغال في التعيينات في هيئة الاركان يجب أن يبدأ بالمفهوم ضمنا، الموضوع الهامشي مقارنة مع الحقائق التي يجب أن تكون في اساس الناقش. القيادة العليا، السياسية والامنية، في اسرائيل برئاسة نتنياهو، وبقيادة هليفي ورئيس الشباك بار، فشلت فشلا ذريعا في مذبحة 7 اكتوبر وفي الاحداث التي أدت اليها. جماهيريا واخلاقيا فان كل المتورطين بشكل مباشر في ذلك ملزمون بتقديم استقالاتهم، ولا يمكنهم استكمال ولايتهم كما تم التخطيط لها مسبقا. ولكن نتنياهو يرفض اعترافه بالمسؤولية. فهو ووزراء الليكود بأمر منه، يحاولون افشال بكل الطرق تشكيل لجنة تحقيق رسمية، رغم أن هذه خطوة مطلوبة وتحصل على تأييد واسع من الجمهور. في حين أن هليفي وبار تحملا المسؤولية عن الفشل، لكنهما لا يسارعان الى تطبيق ذلك. فقط بعض الاعضاء المتورطين في الفشل، من بينهم رئيس الاستخبارات العسكرية وقائد فرقة غزة اثناء المذبحة، استقالا من منصبيهما في اعقاب الكارثة.
برعام خطط في الصيف الماضي لانهاء سنتين في منصبه، والانتقال الى موقف الانتظار، الى حين اتخاذ قرار حول هوية رئيس الاركان القادم. ولكن في حينه قائد سلاح البر، الجنرال تمير يدعي، احد المرشحين لاستبداله، اعلن بشكل مفاجيء أنه سيستقيل. هليفي طلب من برعام البقاء في منصبه، طالما أن الحرب تجري بصورة مكثفة، وهو وافق على ذلك. في الشهر الماضي برعام توجه مرة اخرى الى هليفي وطلب منه انهاء منصبه بذريعة أن الحرب خفتت. رئيس الاركان قام بتأجيل رده، والآن الرسالة تسربت، وهي تشمل ملاحظة انتقادية. برعام كتب فيها “في ظل الوضع الحالي أنا اشعر بأن قدرتي على الاسهام كنائب لرئيس الاركان محدودة”.
النشر يزيد صعوبة وضع هليفي. فحتى لو اراد تعيين نائب جديد له، فان نتنياهو وكاتس لن يسمحا بذلك. فكاتس يطلب في الاصل وبشكل كبير من هليفي تسريع التحقيقات في الحرب. الحلقة السياسية تحاول بشكل متعمد التضييق على رئيس الاركان من كل الجهات وعرضه كمن يعيق التحقيقات، وغير قادر على تعيين شخصيات رفيعة، ويتمسك بقرون المذبح. كل ذلك مدعوم بتسريع كبير لهجوم ماكنة السم التي تعمل لصالح نتنياهو عن طريق من يخدمونه في وسائل الاعلام وفي الشبكات الاجتماعية. هذه الماكنة، التي تحافظ على النجاعة حتى عندما يكون بعض المتورطين في تشغيلها يوجدون في الخارج، تستمر في التركيز على المزيد من الاهداف. مهمتها هي حرف الانتباه عن اخفاقات نتنياهو وحكومته في المذبحة وأداء الدولة منذ ذلك الحين، وتركيز النار على متهمين آخرين. اضافة الى هليفي فان بار يحتل مكان رئيسي في الهجوم عليه. فبحكم منصبه كرئيس للشباك هو شخص معروف ومكشوف اقل للجمهور. كما قلنا، كانت هناك اسباب كثيرة لاقالته، باستثناء أن نتنياهو يريد استبداله بشخص مريح له في اهدافه ويساعده في نضاله على النخر في نظام الديمقراطية.
في الفترة الاخيرة اجنحة اليمين المتآمرة قامت بنسج رواية مدهشة، من المفروض أن تربط بار بمناورة تحايل مصرية عشية الحرب. الادعاء تم تضمينه بشكل مباشر ايضا في قضية اعتقال المتحدث العسكري بلسان نتنياهو، ايلي فيلدشتاين، وسرقة وثائق من الاستخبارات العسكرية وتسريبها الى وسائل اعلام اجنبية. الطريقة بسيطة: نثر الوحل في كل الجهات يمكن أن يطمس الاتهامات ضد نتنياهو ومحيطه، سواء فيما يتعلق بالفشل أو جهود التغطية عليه. في الهجوم الجديد تندمج ايضا الهجمات القديمة التي هدفت الى المس بمن يقفون في طريق نتنياهو، بالتأكيد اذا اظهروا الشجاعة في 7اكتوبر مثل جنرال الاحتياط يئير غولان والجنرال احتياط اسرائيل زيف والجنرال احتياط نوعام تيفون.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 12/1/2025
2025 سنة ايران
بقلم: ايال زيسر
في السنة الماضية تغير وجه الشرق الأوسط. ايران، التي اعتبرت كقوة صاعدة لا يمكن الوقوف في وجهها، ضربت وكبحت على ايدي إسرائيل. والمشروع الذي استثمرت فيه مئات مليارات الدولارات – إقامة مجال نفوذ يمتد من ايران، عبر العراق وسوريا وانتهاء بغزة ولبنان – انهار بضجيج عظيم.
تقويض حماس وحزب الله وكيلي ايران اللذين بمعونتهما أملت بالاغلاق على إسرائيل، شلها وردعها عن العمل ضدها وفي نهاية الامر الوصول الى ابادتها، والى جانب ذلك انهيار نظام بشار الاسد – يغير إذن خريطة الشرق الأوسط ويعبر عن انقلاب الميل الذي كانت تعيشه المنطقة من حيث تعزز قوة ونفوذ ايران.
هذا وغيره. على مدى السنين فضل الإيرانيون محاولة المس بنا من خلال وكلائهم في المنطقة – حماس وحزب الله، الميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن. لكن في نيسان وفي أكتوبر من العام الماضي تجرأوا على أن يخرجوا الى مواجهة مباشرة مع إسرائيل عندما اطلقوا نحونا مئات الصواريخ والمُسيرات. الرد الإسرائيلي كان قاسيا وأليما وجسد للعالم كله وللايرانيين انفسهم كم هي ايران هشة وضعيفة وكم هي واسعة الفجوة بين التصريحات المتبجحة لزعمائها والقدرة العملية لجيشها.
حاجز الخوف من ايران انكسر ليس فقط في إسرائيل التي تتجرأ على التفكير اليوم بخطوات واعمال لم تتجرأ على تخيلها في الماضي، بل في المنطقة كلها – بدء بسوريا، التي يرون فيها ايران وليس إسرائيل التهديد والعدو. هكذا أيضا في لبنان وفي العراق حيث يتنكر الرأي العام لوكلاء ايران، وبالطبع أيضا في دول الخليج وفي تركيا. وحتى روسيا لم تعد واثقة بايران وزعمائها.
لا غرو أنه في أوساط الجمهور الإيراني يسمع نقد حاد على نظام ايات الله على انه بذر مليارات الدولارات في لبنان وفي سوريا بدلا من الحرص على رفاه وازدهار سكان ايران.
نظام آيات الله يوجد في نقطة درك اسفل لم يشهد له مثيل منذ عقود عديدة، وكل هذا حتى قبل أن يدخل الرئيس ترامب الى البيت الأبيض. من الصعب التقدير ماذا ستكون عليه سياسة ترامب بالنسبة لإيران واذا كانت تصريحاته الحازمة على مدى الأشهر الأخيرة ستترجم الى أفعال – ضغط اقتصادي بل وعسكري على ايران. اذا كان هذا ما سيكون، فان عودة ترامب الى البيت الأبيض كفيلة كي تتبين كالمسمار الأخير في نعش النظام الإيراني، وعلى الأقل كخطوة هامة في الطريق لتصفية قدراته العسكرية ومشروعه النووي.
ظاهرا وضع إسرائيل امام ايران لم يكن افضل ابدا. غير أنه محظور علينا أن نرتاح على الاكاليل ونكتفي بالضربات التي وجهناها اليها. واساسا محظور علينا ان ننتظر البشرى من واشنطن، اذا كانت ستأتي على الاطلاق.
فلئن كان ثمة شيء ما تعلمناه من هجمة حماس من 7 أكتوبر فهو انه محظور علينا اتخاذ سياسة الاحتواء أو الانتظار حتى يهاجمنا العدو وعندها فقط الرد. حذار علينا أن نعتمد على قدرة الردع او على الاستخبارات الفائقة عن النوايا، فهذه لم تثبت نفسها في يوم الامر. والاهم، محظور علينا أن نعلق آمالنا بالاخرين.
هذه الاقوال صحيحة دوما وبخاصة في السياق الإيراني. وبالذات لانه يخيل ان الزخم الإسرائيلي توقف – سواء في لبنان حيث وافقنا على وقف نار قبل انهيار حزب الله، ام في ايران حيث توقفنا قبل أن ننهي المهمة، بعد أن وجهنا اليها ضربة قاسية لكنها ليست قاضية.
ايران توجد الان في حالة دفاع وتحاول انزال الرأس الى أن يمر الغضب. لكنها بقيت عدوا خطيرا، وخطرها سيزداد فقط اذا ما اقتحمت نحو النووي.
سنة 2025 التي بدأت بنقطة تفوق لإسرائيل ودرك اسفل لإيران يجب أن تكون سنة ايران – سنة لا تكبح فيها ايران فقط بل تهزم قدراتها العسكرية ومشروعها النووي.
عندها سيكون ممكنا استكمال خطوة إعادة ترسيم خريطة الشرق الأوسط وإقامة ائتلاف سلام، امن وازدهار اقتصادي فيه بمشاركة إسرائيل، الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها دول الخليج.
-------------------------------------------
هآرتس: بحث 12/1/2025
عدد القتلى في غزة اكبر من ذاك الذي نشرته حماس ويقدر بـ 70 ألف
بقلم: نير حسون
عدد القتلى في القطاع منذ بداية الحرب اعلى بشكل كبير من العدد الذي يظهر في بيانات وزارة الصحة الفلسطينية لحماس. هذا ما يتبين من تحقيق جديد نشر في يوم الجمعة الماضي في مجلة “لانست”. التقدير المحدث لوزارة الصحة الفلسطينية هو أنه منذ بداية الحرب قتل في القطاع 45.541 شخص، اضافة الى حوالي 10 آلاف مفقود، الذين ما زالوا يوجدون تحت الانقاض. وحسب الباحثين في مدرسة الصحة والامراض الاستوائية في لندن فان بيانات وزارة الصحة الفلسطينية هي بالفعل بيانات الحد الادنى، وعدد القتلى اعلى بكثير.
في تشرين الاول نشرت وزارة الصحة قائمة أسماء تشمل 40.717 اسم. وفي ظل غياب أي عدد آخر أو أي ادلة تدحض بيانات وزارة الصحة فان المؤسسات الدولية والحكومات الاجنبية والصحف العالمية تضطر الى الاستناد اليها. ورغم ذلك جهات اسرائيلية اعتادت على نفي وبشكل ثابت تقديرات وزارة الصحة التابعة لحماس بذريعة أنها منحازة.
حرب 7 اكتوبر هي جولة القتال الاولى التي لا تقوم فيها باحصاء بشكل رسمي عدد الضحايا الفلسطينيين. الرقم الوحيد الذي ينشره الجيش الاسرائيلي هو أنه منذ بداية الحرب قتل تقريبا 14 – 17 ألف مخرب. وحسب موقع الجيش الاسرائيلي فان 14 ألف مخرب قتلوا باحتمالية مرتفعة، وحوالي 3 آلاف باحتمالية متوسطة – منخفضة. هذا الرقم لم يتغير منذ شهر آب رغم أن القتال في الاشهر الاخيرة تعزز، وعشرات الاشخاص قتلوا ويقتلون في القطاع كل يوم. الجيش الاسرائيلي لا يعطي بيانات حول المدنيين غير المتورطين الذين قتلوا في الحرب.
التحقيق الحالي يرتكز الى تحليل ثلاثة قوائم للقتلى: قائمة وزارة الصحة الفلسطينية، الاستطلاع الذي اجرته وزارة الصحة الفلسطينية في اوساط سكان القطاع بواسطة ارسال نماذج رقمية، وجمع اسماء القتلى من خلال التعازي في الشبكات الاجتماعية، في حين أن الباحثين حللوا التشابه بين القوائم الثلاثة بطرق احصائية. “اذا كانت هناك تشابه كبير بين القوائم الثلاثة فيمكن الاستنتاج بأنه لا يوجد الكثير من الاشخاص الذين لم يتم ذكرهم في القوائم. واذا كان التشابه قليل فيمكن الاعتقاد أن هناك الكثير من الاشخاص الآخرين لم يظهروا في هذه القوائم”، اوضح للصحيفة البروفيسور فرانسيسكو تشيتشي، الخبير في علم الأوبئة والصحة والذي وقع على البحث.
البحث فحص ايضا الاشهر الثمانية الاولى للحرب وتوصل الى استنتاج بأن عدد القتلى الفلسطينيين اعلى 41 في المئة من التقديرات التي نشرتها وزارة الصحة في غزة في نهاية شهر حزيران، التي بحسبها عدد القتلى هو 64.260 قتيل. مع ذلك، التحقيق تضمن فقط القتلى الذين قتلوا في الهجمات ولم يتطرق الى القتلى نتيجة الجوع أو الامراض أو البرد. التحقيق لم يتطرق ايضا الى تسجيل حالات الوفاة، لكن الباحثين يقدرون أنه ربما عدد القتلى في القطاع هو الآن تقريبا 70 ألف شخص. “التحليل يشير الى أن التطرق لبيانات وزارة الصحة هو كتقدير ادنى بسبب عدم وجود ابلاغ”، كتب الباحثون.
في الاجابة على سؤال أين هم جميع هؤلاء القتلى اجاب تشيتشي بأنه من المرجح الافتراض أن عدد الجثث الموجودة تحت الانقاض أو في مناطق لا يمكن الوصول اليها اعلى بكثير مما تقدر وزارة الصحة. اضافة الى ذلك ربما هناك الكثير من العائلات التي قتلت بالكامل ولم يبق منها من يبلغ عن حالات الوفاة. “من التجربة في نزاعات اخرى في العالم فانه من غير المستبعد أن التسجيل مشوب بالنقص. بل بالعكس، ما نشاهده في معظم الحالات هو أن عدد القتلى، لا سيما عندما تكون المنظومة الصحية مدمرة، اعلى مما يسجل اثناء المعارك”.
حسب تشيتشي فان القتل في غزة هو استثنائي مقارنة مع نزاعات اخرى في العالم، حتى في نسبة الوفيات، 3 في المئة من السكان، بوتيرة الوفاة أو في العدد الكبير جدا من النساء والاطفال الذين قتلوا بشكل مباشر في الهجمات. يتضح من البحث ايضا أن رجال شباب في غزة يوجدون في حالة خطر كبير للوفاة مقارنة بنصيبهم في السكان، مع ذلك حوالي 59 في المئة من القتلى هم من النساء والاطفال تحت سن 18 سنة وكبار سن فوق سن 65. “أنا كنت في الميدان في دارفور في 2004، هناك شاهدنا مستوى عال جدا من الوفيات نتيجة الصدمة، لكنها كانت تتركز في اوساط كبار السن. وفاة الاطفال كانت بالاساس بسبب المرض”.
“هآرتس” توجهت الى الخبراء غير المرتبطين بالبحث من اجل اعطاء رأي حول نتائجه. وقد قالوا بأن طريقة قياس الباحثين هي الطريقة السائدة في مجال النزاعات العسكرية. البروفيسور مايكل شباغت، الخبير الدولي في الوفيات في النزاعات العنيفة في جامعة لندن، قال أن اسلوب الاحصاء الذي استخدمه الباحثون طبق في السابق في نزاعات اخرى. “في كوسوفو حصل هذا الاسلوب على النجاح وفي البيرو هذا الاسلوب فشل، لكن هذا البحث هو نتيجة جهود جدية، ولا يمكن نفيه بسهولة. أنا اعتقد أن التقديرات الاساسية التي استند اليها الباحثون موثوقة”، قال.
المؤرخ الدكتور لي مردخاي من الجامعة العبرية، الذي يكتب ويتابع عن كثب التقارير التي تأتي من غزة، قال إن “الحديث يدور عن تقدير موثوق جدا من ناحية منهجية بخصوص تقديرات الوفاة الفلسطينية من بين كل ما نشر حتى الآن. هذا التقدير سيبقى موجود في الخطاب حتى لو ظهرت تقديرات اخرى”. مع ذلك، مردخاي اشار الى مشكلة محتملة وهي أن القوائم ترتكز الى منشورات في الشبكات الاجتماعية، الامر الذي يمكن أن يفوت سبب الوفاة وشمل الاموات الذين لا يقتلون في المعارك. “هناك معلومات كثيرة ناقصة، وهم يستخدمون الاحصاء من اجل استكمالها، لكن حسب معرفتي فان هذا معياري أو حتى فوق معياري”، قال.
البروفيسور نداف دافيدوفيتش، عالم الأوبئة في جامعة بن غوريون ورئيس قسم السياسة الصحية في مركز “تاوب”، قال إنه “حسب النظرة العلمية فان هذا الامر هو مشروع، لكن يمكن أن يكون هنا انحياز. ليس دائما سبب الوفاة معروف، ويمكن أن يثور سؤال هل جميع القتلى قتلتهم اسرائيل، أو أن هذا العدد يشمل ايضا قتلى على يد حماس”، شرح. وحسب قوله فانه “بالاجمال المقال يظهر أن الوفاة والمرض في غزة هي مأساوية، وأن جهاز الصحة هناك يوجد في وضع كارثي. نحن لا نريد التنافس حول ما اذا كان افضل أو اسوأ من الوضع في السودان. يبدو أننا لن نعرف في أي يوم الاعداد الحقيقية. لصالح دولة اسرائيل، لا سيما اذا كانت تريد رؤية نفسها دولة متقدمة فهي لا يمكنها الوقوف مكتوفة الايدي، بل يجب عليها العمل مع المجتمع الدولي من اجل اعادة بناء جهاز الصحة في غزة. لا يمكن فصل ذلك عن القرارات السياسية حول اليوم التالي. يجب انهاء الحرب واعادة المخطوفين”.
------------------------------------------
معاريف 12/1/2025
نحن عميقا في الوحل الغزي وندفع ثمنا دمويا باهظا
بقلم: افي اشكنازي
الأحداث في بيت حانون أليمة. الثمن الدموي الذي ندفعه في شمال قطاع غزة لا يطاق.
في المستوى التكتيكي، الجيش الإسرائيلي يعمل على نحو غير صحيح في شمال القطاع. فهو يستخدم مدفعية اقل، نار قذائف دبابات اقل، قصف كثيف من سلاح الجو اقل. حياة الجنود عزيزة علينا اكثر من كل تقنين للذخيرة. اذا كان ثمة شك، فلا يوجد شك: بداية يطلقون النار، يدمرون مبان، شوارع، احياء – وفقط بعد ذلك يعرضون حياة مقاتلينا للخطر.
حماس اعدت الكثير جدا من العبوات الناسفة في الميدان. بالتوازي غير قليل من المخربين مع صواريخ مضادة للدروع لا يزال يتجولون في شمال القطاع ويحاولون ملاحقة القوات.
الجيش الإسرائيلي ملزم بان يستغل تفوقه التكتيكي في القتال امام جيش حرب عصابات حماس في شمال القطاع. بداية، هناك حاجة لمزيد من اعمال القتال في الليل. بالنسبة للجيش الإسرائيلي تفوق الرؤية في الظلام مؤكد، ثانيا، ينبغي استخدام مكثف للنار الثقيلة، بدون رحمة. كل المباني التي لا تزال واقفة هي بهذه الطريقة أو تلك مواضع إرهاب. الجيش ملزم بان يبدأ بالتقدم مع عمود نار مكثف امامه، من نار المدفعية وطائرات قتالية. هكذا بحيث انه حتى لو كان المحور مفخخا، لا يمكن لاي مخرب ان يرفع الرأس كي يراقب ويُفعل العبوات، او ينفذ اطلاق مضادات دروع او قنص.
ومن التكتيك – الى الاستراتيجية. لا يوجد لإسرائيل ما تفعله اكثر في أي جزء من غزة. لا في الشمال، لا في الوسط ولا في الجنوب. إسرائيل ملزمة بان تعقد فورا – هذا الصباح، وليس في الظهيرة – صفقة لتحرير 98 مخطوفا وتنهي الحرب في غزة.
في هذه اللحظة نحن عميقا عميقا في الوحل الغزي. وفي كل يوم نحن ندفع ثمنا دمويا هائلا. الجيش يمكنه أن يعمل في غزة بشدة عالية حتى وهو يجلس في الغلاف، على الجدار. فقد اثبت الجيش بانه قادر على أن يصل الى كل نقطة في القطاع (لا يوجد فيها مخطوفون) في غضون دقائق. كل خرق، كل تهديد على امن إسرائيل سيلزم الجيش الإسرائيلي بالعمل بقوة نار وليس بحقائب الدولار.
كل أقوال الطرف المسيحاني في حكومة إسرائيل هي مثابة تخويف، معد للدفع قدما باجندة المتحدثين التي هي لا لانهاء الحرب الى الابد.
التقارير عن التقدم في المفاوضات تصدر دوما في مساء الجمعة، تتعزز في السبت ولاسفنا مع خروج السبت تكون قد بردت – حتى الجولة التالية.
الرئيس الأمريكي الوافد دونالد ترامب وعد بان تفتح بوابات الجحيم اذا لم يعد المخطوفون ولم تتوقف إجراءات الحرب حتى دخوله البيت الأبيض. هذه الاقوال وجهها الى الجميع. نعم حتى تجاه إسرائيل. ترامب هو رجل اعمال. هو ليس إمعة. كان لولايته الأخيرة كي يثبت نفسه في كتب التاريخ، وهو لا يعتزم ان يسمح لاحد ما بان يخرب له خططه. يريد ان يسجل في التاريخ كمن أعاد الولايات المتحدة بان تكون الأقوى على وجه الكرة الأرضية.
هو لن يسمح – لا للحوثيين، لا لحماس، لا لبضعة ثوار في سوريا، لا لإيران وبالتأكيد أيضا لا للرغبة الشديدة بالحفاظ على ائتلاف بنيامين نتنياهو – ان يخرب عليه الإرث الذي سيخلفه وراءه.
ستيف وتكوف، المساعد القريب لترامب ومبعوثه الى الشرق الأوسط وصل امس الى القدس مباشرة من الدوحة وعلى لسانه الرسالة لنتنياهو بهذه الروح. عاموس هوكشتاين، المبعوث الخاص الى لبنان، شرح بالدبلوماسية الامريكية للجميع بان قصة الحرب في لبنان ستنتهي في 26 هذا الشهر والجيش الإسرائيلي سيخرج من هناك.
“وصل الى الحارة رب بيت جديد ومصمم”، قال مصدر امني. رسم الحدود. الان، تعالوا نرى من قادر على ان يتحداه ويدفعه لان يفتح بوابات الجحيم.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 12/1/2025
بدون ثقة بالقيادة لن يتمكن المجتمع الإسرائيلي بعد اليوم من أن يدفع الثمن
بقلم: بن درور يميني
ومرة أخرى القلب المكسور ينكسر. ما الذي ستطلبينه اكثر منا أيها المدمنة؟ كم من الدم سيسفك؟ الشائعات تبدأ قبل ساعات من “سمح بالنشر”. ليته كان بوسعنا أن تواسينا حقيقة أنهم بموتهم اوصونا بالحياة، او بالنصر المطلق. لكن الشك يأكل. على ماذا قتلوا؟ لمن هذا خير؟ كل قتيل كهذا يجعل الكثير جدا من العائلات بائسة. انطلقنا الى الدرب عندما كانت هذه حربا واجبة. الحرب الا كثر عدلا. كانت حاجة وطنية عليا للقضاء على الإرهاب. لكن الان؟ على ماذا بالضبط نقاتل؟ على ماذا نضحي بأفضل أبنائنا؟ كم مرة سنعود الى جباليا وكم الى الشجاعية؟ فدوما، لكن دوما، سيبقى هناك مزيد من المخربين ومزيد من منصات الاطلاق.
عدد سكان قطاع غزة يبلغ اكثر من مليوني نسمة. منهم، قرابة 500 الف رجل هم في اعمار القتال. ويكفي ان ينضم كل أسبوع الى القتال واحد فقط من 100، من أبناء الجيل المناسب كل يكون في نهاية كل أسبوع مخربون اكثر من أولئك الذين كانوا قبل أسبوع. وفي الوضع السائد في قطاع غزة، على خلفية اليأس والضائقة، فانه حتى من يمقت حماس سيفكر بالانضمام اليها. إذن ما الذي نفعله بالضبط؟ الى اين نسير؟
القتال في قطاع غزة يمس بإسرائيل. ضباط كبار يقولون هذا في محادثات خلفية. هم جنود. هم طائعون. لكن الجيش الإسرائيلي مبني على الاحتياط. ونسب الامتثال تتضاءل. ما الذي بالضبط ينتظره نتنياهو؟ فنحن في تآكل. وصلنا الى مرحلة كل يوم من القتال فيها يلحق ضررا اكبر مما يؤتي من منفعة. إذن على ماذا ولماذا ضحايا الدم أولئك؟ وكيف يمكن الا ندعم منظمة “أمهات في الجبهة”، التي تكافح من أجل المساواة في العبء؟ فعندما يتحمل جزء من الشعب العبء ينشغل وزير الدفاع الحالي بالدفع قدما بقانون التملص من الخدمة. هذا هو السبب الوحيد الذي لاجله عين في المنصب. كيف بالضبط سترفع إجراءات الائتلاف الحالي الدوافع؟ ابناؤنا سيقاتلون، والكثيرون جدا سيقتلون. بينما الائتلاف يمنح المزيد، المزيد جدا بالذات للمتملصين. لقد جنوا هناك فوق؟ في الخلفية بُشرنا بكتاب استقالة نائب رئيس الأركان، امير برعام. هناك أيضا كان تلميح، فقط تلميح، بالوضع الذي علقنا فيه. “شدة الحرب انخفضت جدا”، كتب برعام، كأحد الأسباب لبيان الاستقالة. حرب أقل، لكن ليس قتلى اقل. وكذا تلميح بالنزاع يوجد في الخلفية. “في 18 كانون الأول طلب من مساعدك تحديد موعد للقاء، كتب برعام. لقاء، كما يفهم، لم يتقرر. لماذا لم يلتقِ رئيس الأركان مع نائب رئيس الأركان؟ ماذا يحصل هناك؟ نحن لا نعرف. لكننا نعرف باننا على خلفية حقيقة اننا لم نعد منذ زمن بعيد في مرحلة الحسم، بل في مرحلة الاستنزاف – فان الصدمات تتسع فقط. وهذا لا يخدم القتال بالضبط. فلا يدور الحديث عن خلافات موضوعية هي مثابة عصف أدمغة قبيل القرار السليم. يدور الحديث عن استنزاف ليس فقط للجنود في الميدان بل وأيضا للقيادة العليا.
كان يمكننا أن نتواسى بحقيقة انه يوجد وزير دفاع كدي، يتحدى قيادة الجيش الإسرائيلي. ليتنا. لكننا لم نسمع عن أي استراتيجية تشخص مع الوزير الجديد. لم نسمع عن أي فكر. الوزير يتحدى الجيش الإسرائيلي فقط في موضوع واحد. الجيش يريد أن يجند الحريديم. وليس فقط الجيش. هذا هو الموقف السوي، الصحيح، الوطني الصهيوني. لكن إسرائيل كاتس يريد أن يدفع قدما بالتملص. بين مصلحة الائتلاف ومصلحة الدولة، كاتس يفضل الأولى. أمواتنا يمددون امامنا، والناس الأشرار هؤلاء مشغولون بحماية الكرس السياسي. كاتس يطالب بتحقيقات. هم يطالبون بذلك ليس كي يعززوا قوات الجيش بل العكس كي يلقوا بالمسؤولية عن قصور 7 أكتوبر على قيادة الجيش. كي يضعضعوا الثقة بالجيش. صناعة السم ستواصل عملها.
الحصانة الوطنية هي نتيجة للكثير من الأمور. الدافع. الثقة بالقيادة – العسكرية، الاقتصادية والسياسية. الايمان بعدالة الطريق. توزيع عادل للعبء. غيرها وغيرها. أيا من هذه الأمور لا توجد عندنا. القتلى، المخطوفون الذين يذوون، حماس التي تتعزز في الميدان، كل هذه تمس بالحصانة الوطنية. على ما يرام ان يطالبونا بالدم، العرق والدموع. شريطة أن نؤمن بالطريق، بالقيادة، بالهدف. نحن في مكان آخر. كل يوم يمر يجعل من الصعب علينا أن نفهم الى اين نحن نسير.
فيما تكتب هذه الاقوال، تكثر الانباء عن التقدم في الاتصالات لاتفاق مخطوفين. يا ليت. نحن شبعى خيبات امل. فكلنا مخطوفون في قصة يقودنا فيها ائتلاف سيء من درك الى درك. نحن بحاجة الى الاتفاق كي نوقف التآكل. نحن بحاجة الى وقف نار كي نوقف المس الزائد بجنود الجيش الإسرائيلي. في ميدان المعركة في القطاع وفي المستوى الدولي أيضا. فبعد هذا القدر الكبير من البشائر السيئة، نحن أمة تنتظر البشرى، لكنها لا تأتي.
------------------------------------------
هآرتس 12/1/2025
يوجد مخطوفون فلسطينيون في اسرائيل أكثر من المخطوفين الاسرائيليين في غزة
بقلم: جدعون ليفي
لا يوجد أي نضال اكثر عدلا من النضال على تحرير المخطوفين الاسرائيليين. فحبسهم اجرامي، رغم أن هذا النضال مشوب بالنفاق وعدم الاخلاقية. هو يميز بين دم ودم، بين انسان وآخر. لذلك فانه يصعب الانضمام اليه باخلاص وراحة. عائلات المخطوفين الاسرائيليين لا يمكن زيارتها، وهي تناضل على أغلى ما لديها. ولكن نضال الجمهور الواسع، الذي اصبح دوليا، لا يمكن أن يكون كامل من ناحية اخلاقية طالما أنه يركز فقط على مصير الاسرائيليين.
هناك 99 مخطوف اسرائيلي في أسر حماس، و10 اضعاف، وربما 100 ضعف، من المخطوفين الفلسطينيين في أسر اسرائيل. هؤلاء ايضا مخطوفون، بدون محاكمة أو محام أو زيارة الصليب الاحمر وهوية معروفة وابلاغ عائلاتهم. معظمهم ابرياء، مثل الاسرائيليين، ومعاملتهم بوحشية في الأسر لا تقل من معاملة حماس. تجاهل مصيرهم هو ازدواجية في الاخلاق في اسوأ الحالات.
في الخطاب الاسرائيلي لا يوجد أي ذكر للمخطوفين الفلسطينيين، حتى صفة مخطوفين لا يحصلون عليها. في نهاية المطاف من هو الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، اذا لم يكن مخطوف؟. في البداية حاولت اسرائيل اخفاءه، كعادة الانظمة الاكثر ظلامية، مثل حماس، الى أن اعترفت مؤخرا بحبسه. الخطر على حياته في السجن الاسرائيلي يشبه من حيث خطورته، الخطر على حياة كل مخطوف اسرائيلي في أسر حماس. على الاقل 68 مخطوف فلسطيني ماتوا في السجن بسبب التعذيب والعنف وعدم العلاج. اذا تم الاخذ في الحسبان حقيقة أن بعض المخطوفين الاسرائيليين قتلوا في عمليات الجيش الاسرائيلي فانه يمكن القول بأن اسرائيل تسببت بموت معتقلين لديها اكثر مقارنة بعدد المخطوفين الاسرائيليين الذين قتلتهم حماس في الأسر.
بالضبط مثلما يموت المخطوفون الاسرائيليون ويتم تعذيبهم بشكل لا يمكن تخيله، فانه هكذا يتم تعذيب وموت مئات المعتقلين الفلسطينيين في حظائر التعذيب الاسرائيلية. عائلاتهم لا يوجد لديهم أي معلومة عن مصيرهم. ولا أحد في العالم يناضل من اجل اطلاق سراحهم. المقال الصادم الذي نشره يونتان فولك أول أمس اظهر ظروف سجن الذين بقوا على قيد الحياة. لا يمكن تخيل ظروف اكثر وحشية. هل يمكن قراءة هذه الاوصاف المدهشة والقيام بوضع شريط اصفر على باب السيارة فقط من أجل مخطوفينا. هل يمكن النضال على اطلاق سراحهم وتجاهل المخطوفين في السجون الاسرائيلية.
نضال اسرائيل على اطلاق سراح المخطوفين لم يكن ليفقد اخلاقيته لو أنه شمل طلب اطلاق سراح المخطوفين الفلسطينيين. ترامب يهدد بجهنم اذا لم يتم اطلاق سراح المخطوفين الاسرائيليين قبل توليه منصبه. وماذا عن الفلسطينيين المخطوفين، يا سيدي الرئيس؟ هل لا يتعرضون هؤلاء للتنكيل المخيف؟ يجب قراءة شهادات فولك. “نحن لسنا بشر هناك. نحن لحم متعفن”، هكذا لخص المخطوف المحرر نزار. قائمة التجويع وجرائم السجانين والتعذيب لن تخجل حماس. في حالتنا الامر يتم على يد الدولة.
المكان الذي يحاول فيه المعتقلون الصراخ وطلب المساعدة عندما كان زميلهم يحتضر، وردا على ذلك يتم التنكيل بهم باستمرار، هو المكان الاكثر سخونة في جهنم. والمكان الذي يكدسون فيه البشر واحدا فوق الآخر وبعد ذلك يتم ضربهم بدون رحمة واطلاق الكلاب عليهم، هو مكان ليس أقل من جهنم انفاق حماس. هل يمكن لأحد تجاهل ذلك؟ هل من الاخلاقية تجاهل ذلك؟ هل من الحكمة تجاهل ذلك؟.
معاملة اسرائيل للمخطوفين الذين في ايديها فقط يقلص حقها في المطالبة بتحرير مخطوفيها. ابناء عائلات المخطوفين كان يجب أن يكونوا الاوائل الذين يعرفون ذلك. صحيح أنه في العالم لا يوجد حتى الآن أي نقاش حول المخطوفين الفلسطينيين – هم لا يوجدون بفضل اجهزة الدعاية المتقدمة لاسرائيل – وحتى الآن لا يمكن الموافقة على هذه الانتقائية الاخلاقية. معظمهم ليسوا من النخبة، وحتى النخبة توجد لها حقوق. هل هناك أحد مستعد لسماع ذلك؟.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 12/1/2025
الضفة الغربية في نقطة غليان
بقلم: اليشع بن كيمون
بعد العملية القاسية التي وقعت في قرية الفندق الأسبوع الماضي والتي قتل فيها ثلاثة اشخاص لم يتغير تقويم الوضع في الضفة الغربية لكنه يوجد بالتأكيد بانعطافة هامة. في قيادة المنطقة الوسطى يواصلون المطاردة للنشطاء الذين نفذوا العملية فيما ان الفهم هو انهم جاءوا من منطقة شمال الضفة.
يوم الجمعة الماضي عمل الجيش الإسرائيلي مع وحدات خاصة في قلب مخيم قباطيا. اعتقل ثمانية مطلوبين وأجريت قياسات لمنازل ثلاثة نشطاء الذين نفذوا العملية في الفندق. زمن النشطاء محدود والدائرة حولهم تضيق. بالتوازي مع هذا وعلى الرغم من الانخفاض في كمية العمليات، بقيادة المنطقة الوسطى يتفقون على وجوب تعزيز مستوى الاعمال وشدتها اكثر فأكثر مع التشديد على شمال الضفة.
اللواء قائد المنطقة آفي بلوت يعطي بشكل نسبي حرية عمل لقادة الالوية الذين يبذلون الجهود في الاعمال الهجومية في شمال الضفة. وتشرح محافل الامن بانه طرأ في منطقة القرى حول الأردن حيث توجد طمون، طوباس وتياسير بعض التغيير في اعقاب هجمات الجيش الإسرائيلي.
في المنطقة هوجم عدد من الخلايا من الجو وعملت فيها قوات خاصة في حملات استمرت لايام طويلة. والان يشير جهاز الامن الى التغيير الذي طرأ في الجبهة، تماما مثلما حصل في منطقة نابلس حيث طرأ تغيير بعد عمليات تنظيم عرين الأسود ولكن في نفس الوقت يشرحون بان العمل لا يزال بعيدا عن النهاية ولا تزال توجد محاولات لتشكيل مجموعات عسكرية في تلك المناطق.
في اثناء الأيام ما بعد العملية الصعبة في الفندق طرحت أسئلة عن التنسيق الأمني الذي يجريه الجيش مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية. في هذه النقطة ينبغي الإشارة الى ان هذا امر صادر عن المستوى السياسي يقضي بالحفاظ على السلطة الفلسطينية. توجد غير قليل من الأصوات، واساسا من السياسيين تدعو الى تفكيك السلطة لكنهم لا يحصلون على قرار حكومي في الموضوع.
السؤال هل العمل لتفكيك السلطة هام، لكن هل ينبغي عمل هذا في الوقت الذي يناور فيه الجيش الإسرائيلي في خمس جبهات أخرى، وهل الامر افضل من مناورة في لبنان او استيلاء على ارض في سوريا او على الاطلاق تخفيض حجم القوات في جباليا أو في بيت حانون. هذه أسئلة ثقيلة الوزن. إضافة الى ذلك تجدر الإشارة الى أنه رغم شبكات التي أقيمت في شمال الضفة على شكل الكتائب في مخيمات اللاجئين، لا يوجد الشارع الفلسطيني في دائرة العنف. فمصادر الامن تذكر احداث المنفذ الفرد حين دخل الى دائرة العنف الكثير من “المدنيين” الذين اخذوا سكينا أو بلطة وانطلقوا لتنفيذ عمليات. هذا الى جانب اعمال الاخلال الجماهيرية بالنظام التي اجتذبت الكثير من القوات لمهام الدفاع والنظام ومنعت قوات الامن من تنفيذ مهام هجومية.
ان حقيقة ان الشارع الفلسطيني لا يقوم باعمال شغب جماهيرية او يخرج الى انتفاضة بعد اكثر من سنة من الحرب هي حدث ينبغي اخذه بالحسبان في مواجهة الدعوات “لتسوية جنين او طولكرم بالأرض”. فضلا عن حقيقة أن كمية العمليات انخفضت، ينبغي التشديد على الانخفاض في هجوم المقاومة الشعبية الذي يتضمن رشق حجارة وزجاجات حارقة. لا يزال الحديث يدور عن اعداد عالية جدا لكن بالنسبة للسنوات السابقة طرأ انخفاض كبير. رغم هذا فان الضفة الغربية هي جبهة مخادعة. قائد المنطقة آفي بلوت الذي زار في نهاية الأسبوع عائلات العاد فينكلشتاين، رحيل كوهن وعليزا رايز الذين قتلوا في العملية الصعبة يوافق على أنه يجب تشديد الاعمال الهجومية في الأسابيع القادمة.
مصادر امن في المستوطنات تشرح بان على الجيش ان يعمل ليس حسب المعلومات الاستخبارية وبشكل مركز بل ان يستولي على منطقة مثل مخيم اللاجئين نور شمس او مخيم جنين، ان يحاصره وان ينفذ تمشيطا من بيت الى بيت ويجمع السلاح.
نذكر انه قبل بضعة اشهر في قيادة المنطقة الوسطى نفذوا عمليات كهذه بدأت في حملة بيت وحديقة (التي جرت قبل الحرب) في جنين. صحيح انهم يعملون حسب مؤشرات استخبارية لكن في غير قليل من الحالات تجتاح القوات مواقع في نطاق المخيم ليس بناء على مثل هذه المؤشرات.
تجدر الإشارة الى أن تقويمات الوضع في فرقة المناطق لم تتغير، واساس إشارات العنف تأتي من شمال الضفة الغربية. في الأشهر القادمة على قيادة المنطقة الوسطى ان تصعد اعمالها في قلب مخيمات اللاجئين، ان تستخدم أساليب هجومية متنوعة وان تشدد عمليا الضغط على كتائب المجموعات في شمال الضفة.
------------------------------------------
هآرتس 12/1/2025
بالالتفاف على “الأقدمية”.. لوزير العدل: أهذا “حل وسط” أم تجارة سياسية؟
بقلم: أسرة التحرير
“الحل الوسط” الذي نشره الخميس مهندس الانقلاب النظامي، وزير العدل يريف لفين، ووزير الخارجية جدعون ساعر ليس سوى صيغة جديدة من الانقلاب. ومع أنه أقل تطرفاً من خطة لفين الأصلية، فإنه هدام بما يكفي وسيمس للمحكمة وصلاحياتها بالشكل المهني والمستقل. إن محاولة إدراج “موافقة” وزير العدل على تعيين رئيس المحكمة العليا هي ذر للرماد في العيون: فلا تنازل بأن وزير العدل ينفذ أمر المحكمة. لا بديل عن نهج الأقدمية الذي يضمن عدم تعلق كل قضاة العليا بالسياسيين وحريتهم في إلا يحكموا إلا وفقاً للقانون والعدل وينبغي أن ينص عليه في القانون.
حسب المقترح، سيُطرد مندوبا رابطة المحامين من لجنة انتخاب القضاة، ويعين بدلاً منهما محاميان “سياسيان” من قبل الائتلاف والمعارضة. من هنا سيعين الائتلاف أربعة أعضاء (إلى جانب نائب ووزيرين)، وتعين المعارضة اثنين. وبينما المطلوب اليوم أغلبية 7 من أصل 9 الأعضاء لتعيين قاض للعليا، وهي أغلبية تعكس إجماعاً واسعاً بين السياسيين ومندوبي رابطة المحامين والقضاة الثلاثة في اللجنة، فسيكون المطلوب من الآن فصاعداً أغلبية 5 فقط. وهكذا يدحر القضاة وسيكون كافياً مندوب معارضة وحيد ينضم إلى الائتلاف لتعيين قضاة للعليا. لن تكون التعيينات بعد اليوم على أساس مهني، بل سياسي استناداً إلى صفقات ومصالح. وستكون النتيجة محكمة سياسية ومستقطبة. الاستقلالية نوعية جهاز القضاء ومهنيته لن تكونا مضمونتين إلا إذا استوجبت تعيينات المحكمة العليا موافقة القضاة مثلما تقرر في صيغة ساعر في 2008.
حسب المقترح، سيُطرد مندوبا رابطة المحامين من لجنة انتخاب القضاة، ويعين بدلاً منهما محاميان “سياسيان” من قبل الائتلاف والمعارضة
كما يتضمن المنحى حلاً ذليلاً لغياب التوافقات طوال سنة، بموجبه كل “طرف” يقترح ثلاثة مرشحين، وسيكون الطرف الآخر ملزماً باختيار واحد منهم – نهج يضمن أن يجلب الطرفان الأسماء الأكثر مهنية انطلاقاً من المعرفة بأن الطرف الآخر لن يتمكن من الاعتراض. بالنسبة للمحكمة الدنيا هنا، يتضمن المنحى الجديد “فيتو” للمعارضة والائتلاف (مثلما للقضاة أيضاً)، ويجعل التعيينات تجارة سياسية.
كما يتضمن المقترح منحى غير ناضج من “القانون الأساس: التشريع” دون تفصيل بالنسبة للإجراءات الخاصة لتعديل القوانين الأساس. بالمقابل، يرفض صلاحية المحكمة لمراقبة القوانين الأساس، كما يشدد إمكانية إجراء رقابة على قوانين عادية بحيث تقصقص صلاحيات المحكمة ولن تتمكن العمل كدرع لحقوق الإنسان.
محظور على الجمهور الإسرائيلي أن “يشتري” هذا المنحى كحل وسط. هذا حل وسط بين وزيرين في الائتلاف، فيما الجمهور الليبرالي لم يشارك فيه. على الجمهور أن يعارضه بكل القوة. هذا انقلاب نظامي بكل معنى الكلمة.
-----------------انتهت النشرة-----------------
أضف تعليق