لصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 8/1/2025 العدد 1203
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 8/1/2025
الحكومة تزيد هجومها على جهاز القضاء وتعرض: عدم امتثال صريح
بقلم: رفيت هيخت
لو أخذنا في الحسبان المعايير الاستثناية له، فان الائتلاف نجح في تحطيم رقم قياسي جديد في الفترة الاخيرة، في حين أنها تنتج مجموعة كثيفة بشكل خاص من العروض التي لها هالة اجرامية. الامر بدأ بوزير الاتصالات شلومو كرعي، الذي هو محاكاة هزلية للفاشي، الذي اعلن بأنه لن يحترم أمر المحكمة العليا؛ واستمر في اطلاق الشائعات حول صياغة مشروع قانون يهدف الى تشكيل لجنة تحقيق سياسية بدلا من لجنة التحقيق الرسمية في احداث 7 اكتوبر؛ وانتهت بتحلية تالي غوتلب، التي رفضت المجيء الى التحقيق الذي استدعيت اليه بعد كشف هوية رجل الشباك.
حكم المجرمين يعرض: معارضة واضحة للامتثال لمؤسسات سلطة القانون، علامة طريق اخرى في عملية متواصلة لازالة النير عنهم، مع ازالة العقبات الاخلاقية أو القانونية، التي جاءت لمنع سلوك مجرم أو فاسد. اذا كان الوزراء واعضاء الكنيست يتصرفون بهذا الشكل فما الذي سيقوله أي شخص تافه لديه ميل اجرامي؟ كيف سيتقبل حقيقة أنهم يصممون على الامساك به؟.
معنى تصريح كرعي لا يشمل أي مضمون فعلي. ولاية اعضاء مجلس هيئة البث، التي رفض تمديدها وتم تمديدها في السابق، وهيئة الاذاعة والبث يمكنها مواصلة الانعقاد، لكن كرعي لم يفوت فرصة صب المزيد من الزيت على النار، التي هي في الاصل مشتعلة، ويصور نفسه، على خلفية صوت الهتافات في القاعة، بأنه “أبو علي” الذي يخرق قرارات المحكمة. عرض كرعي هو فقط مقدمة الهراءات قبل الامر الحقيقي، أمر المحكمة الذي سينتهي في 16 كانون الثاني ويلزم وزير العدل، ياريف لفين، بتعيين حتى ذلك الموعد رئيس للمحكمة العليا. هذا بعد أن شوش خلال اشهر على نشاطات لجنة تعيين القضاة. “لفين لن يقوم بتعيين اسحق عميت، لكن الاخير سيجلس على الكرسي الدائم مدة اسبوع ونصف اضافيين”، قالت جهات مطلعة على هذا الاجراء. مع ذلك، وزير العدل يفحص احتمالية اخرى وهي أن يدفع قدما في الفترة القصيرة التي بقيت بمشروع قانون لتغيير تشكيلة لجنة تعيين القضاة. وبعد ذلك الادعاء بأن الامر السابق تم اعطاءه من قبل تشكيلة غير مناسبة. هذه الخطوة تظهر هستيرية، لكن في الحكومة التي فيها هذيان تلو آخر، تعلمنا بالفعل أن كل شيء محتمل.
على الرغم من حبه المزمن للمجرمين، فانه من غير المؤكد أن الائتلاف سيوفر للفين اصابع للتصويت على هذه الخطوة – بالتأكيد طالما أن الحريديين لا ينجحون في الحصول على الاعفاء المأمول من التجنيد، الذي بسببه ساروا وراءه في الصحراء في الجولة السابقة. هناك شك كبير بشأن الى أي درجة نتنياهو معني اصلا بخطوة كهذه. هناك احتمالية عالية بأنه مثلما في اقتراح اقالة المستشارة القانونية للحكومة، أو للدقة، الثرثرة الكبيرة التي رافقت هذا الاقتراح، هو سيسمح للسم بالانتشار وأكل كل شيء جيد بدون أن يؤدي ذلك الى قرار واضح في هذا الشأن.
مشروع القانون الذي هدف الى تشكيل لجنة تحقيق سياسية، التي ستحمل كل المسؤولية عن الفشل الذريع للجيش، بدلا من لجنة تحقيق رسمية، هو في الحقيقة يأتي من محيط رئيس الحكومة، لكن جهات في الليكود تقدر بأن نتنياهو سيجد صعوبة في تمريره. ضمن امور اخرى، من بين المعارضين المحتملين يوجد اعضاء من الليكود مثل يولي ادلشتاين، الذي خرق هو نفسه قرار للمحكمة العليا في السابق، وايلي دلال وآفي ديختر. الضرر الذي يشمل تعميق النزاع بين السلطات، اضافة الى التسبب بالالم الكبير للعائلات الثكلى، فان هذا الاقتراح حققه حتى قبل ولادته. “في نهاية المطاف هذا هستيريا”، قال احد الوزراء في الليكود. “سيتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية بعد دخول رئيس الدولة اسحق هرتسوغ الى الصورة، وسيتسبب في أن الاعضاء فيها سيكون متفق عليهم من قبل الجميع”. وبخصوص تالي غوتلب ماذا يمكن القول ايضا عن عرضها الجيد جدا في الكنيست. فهي تنوي الوصول الى الصورة التي يخشون منها كثيرا في النيابة العامة، جاندارك القناة 14، وهي تقاد الى السجن، اذا كان يمكن وهي مقيدة، من قبل قوات الشر التي تحاول قمع روحها الحرة.
هذا الفتك الذي يستخدم ضد سلطة القانون، والذي يصل من جبهات اخرى بصور مختلفة، ليس هو فقط ملامح الحكومة، بل جزء من قائمة تغذية القاعدة، الذي يفسد نظام انفاذ القانون. “نحن في مواجهة مع جهاز القضاء”، قال أحد الوزراء. “في القاعدة لدينا هناك شعور منطقي بأن المنظومة تبحث عنا، وأنه يجب علينا الدفاع عن انفسنا منها”.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 8/1/2025
صفقة مخطوفين هامة أيضا للعلاقات الامريكية الإسرائيلية
بقلم: اللواء احتياط اليعيزر (تشايني) مروم
في الساحة الدولية تدق ساعة جد هامة سترن في 20 كانون الثاني، موعد دخول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض.
دول العالم ستحبس أنفاسها بانتظار ما ستنبس عنه شفة الرئيس 47 للولايات المتحدة. ترامب أيضا الذي كان أيضا الرئيس الـ 45، يأتي الى ولاية واحدة أخيرة وهو محرر تماما لان يكتب ويصمم إرثه. لكل دول العالم يوجد سبب لانتظار ما سيأتي ولاسرائيل عدد من الأسباب، وعليها أن تعد نفسها لعصر ترامب.
كثيرون في إسرائيل تنفسوا الصعداء عندما فاز الرئيس ترامب في الانتخابات الأخيرة، والتاريخ سيحكم اذا كان لهذا مبرر. من تجربة الماضي يمكن الافتراض بان الرئيس الوافد سيمتنع قدر الإمكان عن ممارسة القوة وسيحاول ان يجلب الى الطاولة من جديد “صفقة القرن” التي من شأنها أن تجبي من إسرائيل اثمانا سياسية لا بأس بها. نجاح مثل هذه الخطوة كفيل بان يحسن بشكل كبير إرث ترامب بل ويجيز للرئيس جائزة نوبل للسلام. على إسرائيل ان تكون مستعدة لخطوات كهذه والا تنجر وراء المبادرات الامريكية والدخول في مواجهات زائدة.
المفاوضات لتحرير المخطوفين ووقف القتال توجد في مراحل متقدمة، لكن يبدو أن حماس غير معنية بصفقة محتملة. وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في مقابلة ختامية بهذا الشأن وضع الأمور بشكل واضح على الطاولة. في هذه المرحلة من المفاوضات تدخل الأطراف الى التفاصيل التكتيكية الصغرى وتبحث في كل كلمة. يبدو ان على إسرائيل ان تغير نهجها وتعلن بشكل واضح ولا لبس فيه: نحن نوافق على صفقة شاملة، الكل مقابل الكل. هذه خطوة محطمة للتعادل تجبر حماس على ان ترد بنعم أم لا. بعد الإعلان الذي سيحطم حدود المفاوضات سيكون ممكنا البحث في التفاصيل التكتيكية الصغرى التي ترتب فنيا تنفيذ الصفقة. سير كهذا نعلن فيه مسبقا عن استعداد للتوجه الى صفقة “الكل مقابل الكل” دون البحث في التفاصيل الفنية التي نتركها للمرحلة التالية تضع إسرائيل في موقف متفوق وتلزم حماس بالرد. تفوق إسرائيل سيجد تعبيره في أنها تبدي مبادرة وإرادة حقيقية لتنفيذ الصفقة.
دولة إسرائيل تحتاج المفاوضات الحالية للسير الى صفقة شاملة، الكل مقابل الكل، ولقاء كل المخطوفين الموافقة على تنازلات واسعة، بما في ذلك وقف القتال وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع. خطوة مفاجئة كهذه من جانب دولة إسرائيل في هذه المرحلة من المفاوضات ستلزم حماس باتخاذ قرارات صعبة. عرض سخي من هذا القبيل سيلزم حماس بالكشف عن نواياها الحقيقية، وهكذا ستصل حماس الى نقطة تحشر فيها في زاوية تجبرها على ان تقرر: إما أنها توافق على تنفيذ الصفقة أو انها تدخل الى موقف الرافق رغم سخاء إسرائيل.
وضع إسرائيل يسمح لها بتنفيذ خطوة سخية ومفاجئة تقدم فيها تنازلات واسعة مقابل كل المخطوفين وانهاء الحرب فتحشر حماس في الزاوية. مثل هذه الخطوة ستضع دولة إسرائيل في موقف اعلى في شبكة العلاقات مع الولايات المتحدة برئاسة الرئيس ترامب وكفيلة بان تؤثر على منظومة العلاقات هذه في السنوات الأربعة القادمة.
-------------------------------------------
هآرتس 8/1/2025
نتنياهو لن ينهي الحرب، صفقة جزئية على الاقل ستنقذ بعض المخطوفين الاحياء
بقلم: تسفي برئيل
إن نشر قائمة المخطوفين الذين كما يبدو حماس مستعدة لاطلاق سراحهم في “الصفقة الانسانية”، اثار عاصفة كبيرة وانقسام مخيف حول موضوعين مهمين. الاول هو هل سنوافق على صفقة جزئية سيطلق فيها سراح 34 مخطوف، أم أننا سنصمم على صفقة كاملة يتم فيها تحرير جميع المخطوفين. الثاني يتعلق بالشرط الذي تضعه اسرائيل امام حماس، الذي بحسبه ستوافق على وقف قصير لاطلاق النار، اسبوع، من اجل أن تستطيع حماس فحص المخطوفين الذين ما زالوا على قيد الحياة، فقط مقابل اطلاق سراح بعض المخطوفين كنوع من دفع “رسوم جدية”.
الحديث يدور عن امور وهمية، تثير الغليان لأنها تتقنع بكونها ادعاءات اخلاقية، لكنها تستند الى التضليل المتعمد الذي يضاف الى الخدع السابقة. الآن يمكن القول بأن من هو على قناعة بأنه سيتم اطلاق سراح المخطوفين فقط عن طريق المزيد من الضغط على حماس، المزيد من التسوية والدمار لبضع مئات من البيوت، وتجويع الـ 2.25 مليون شخص – فانه لم يشاهد ولم يسمع كيف يبدو القطاع الآن. وهكذا ايضا الذي ما زال يحلم بعملية عسكرية جريئة تؤدي الى تحريرهم. يجب التذكير بأن المخطوفين الذين قتلوا بسبب عمليات الجيش اكبر من عدد المخطوفين الذين تم تحريرهم بفضلها. تحرير جميع المخطوفين دفعة واحدة، الامر الذي يسمى في العادة صفقة “الجميع مقابل الجميع” – الصفقة التي تقتضي وقف الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع واطلاق سراح مئات، اذا لم يكن آلاف، المخربين الفلسطينيين – هي حقا صفقة احلام. ولكن الخطير هو أن هذا الخطر سيبقى. من يطالب بها يجب عليه ايضا أن يصدق بأنه يقف على رأس حكومة اسرائيل شخص نزيه وشجاع وحساس ويحب الناس، والذي حياة المخطوفين توجد على رأس سلم اولوياته. شخص يكون مستعد للتضحية حتى بمنصبه وبقاء حكومته من اجل اطلاق سراح المخطوفين المئة، الذين يبدو أن اكثر من نصفهم اصبحوا اموات.
الشخص الذي ما زال يعزو لنتنياهو هذه الصفقات يبدو أنه لم يعيش في اسرائيل في الـ 15 الاخيرة، ولا يعرف صفات الحاكم وتشكيلة حكومته التي تقول بأنه من الافضل فقدان 100 مخطوف على أن نحرر “الف سنوار”. “خطة نتنياهو” لا يمكن فتح المجال امام عقد صفقة كاملة، سواء الآن أو في أي وقت آخر.
الشرط الجديد لنتنياهو الذي بحسبه يطالب باطلاق سراح عدد من المخطوفين الاحياء مقابل اسبوع لوقف النار، الذي فيه حماس يمكن أن تعثر وتفحص المخطوفين الاحياء، يدل على الاسلوب وليس النية. هذا الشرط، كما نشر، هو العقبة الاخيرة امام عقد الصفقة. ولكن اذا كان يمكن استخدامه من اجل تعويق آخر للمفاوضات واختلاق ذريعة اخرى لجولة محادثات فلم لا. الوقت ذخر ثمين، ليس فقط بالنسبة للمخطوفين وعائلاتهم، بل ايضا للحكومة الى حين رؤية أنه ليس فقط من يد حماس تحرير المخطوفين، بل من يد حكومة اسرائيل ايضا، التي جعلتهم رهائن لضمان بقائها.
من يعارضون الصفقة الجزئية يخشون وبحق من أنه بعدها لن تكون أي صفقة، وعشرات المخطوفين سيبقون في يد حماس، كنوع من “بوليصة تأمين” لفترة لا نعرف مدتها. ولكن رفض الصفقة الجزئية بانتظار صفقة شاملة تعني أن المخطوف الحي يمكن أن يموت، سواء بسبب الوضع الصحي أو بسبب قتله على يد آسريه أو قتله بالخطأ بقصف الجيش الاسرائيلي.
الصفقة الجزئية على الاقل ستنقذ بعض المخطوفين الاحياء. ورفضها يحتاج الى الشرح لآبائهم وازواجهم واولادهم بأنهم سيموتون على مذبح وعد نتنياهو بتحقيق صفقة شاملة. ولكن للاسف الشديد هو لن يوافق على دفع ثمنها. لذلك، الجميع سيستمرون في أن يكونوا مخطوفين ويموتون. وهو بالتأكيد لن يكون المذنب في أنهم صدقوه.
-------------------------------------------
معاريف 8/1/2025
بعد 100 عام: نبوءة جابوتنسكي المحطمة تحققت في 7 أكتوبر
بقلم: بوعز غولاني
نحو 100 سنة مرت منذ نشر زئيف جابوتنسكي المقال التأسيسي عن الحائط الحديدي، حيث بسط مذهبه عن الشكل الذي تتمكن فيه الحركة الصهيونية من تحقيق حلمها وإقامة دولة يهودية في بلاد إسرائيل. كان جابوتنسكي أول من فهم بان الطريقة الوحيدة التي ستجعل العرب يوافقون على ان يعترفوا بحق اليهود في دولة هنا ستكون من خلال قوة عسكرية – الحائط الحديدي.
التيار المركزي للحركة الصهيونية لم يأخذ بخطة جابوتنسكي وحاول الترويج لنهج اكثر احتواء، وبموجبه تقام هنا دولة ثنائية القومية. بن غوريون ورفاقه في مباي أيضا آمنوا في حينه بانه سيكون ممكنا الوصول الى دولة بالطرق السلمية. مرت نحو 25 سنة أخرى الى أن غير بن غوريون رأسه وتبنى عمليا أساس نهج جابوتنسكي في اطار مفهوم الامن الاستراتيجي الذي بلوره فور حرب الاستقلال.
وقعت أمور كثيرة هنا منذ كتب جابوتنسكي مذهبه: أقمنا دولة، جلبنا هجرة بل وبعضنا حلم بـ “شرق أوسط جديد”. لكن عندها جاء 7 أكتوبر ومعه الصحوة. مقال جابوتنسكي صحيح اليوم بالضبط مثلما كان صحيحا في حينه. إسرائيل ملزمة بان تقيم وتثبت حائطا حديديا هائلا كي تتمكن من مواصلة الوجود في المحيط المتصلب الذي توجد فيه.
في هذه الأيام رفع الى الحكومة تقرير ختامي للجنة نيغل التي بحثت في احتياجات ميزانية الدفاع للسنوات القادمة. القرارات التي اتخذت في الموضوع ستقرر كيف سيكون شكل الحائط الحديدي الإسرائيلي في العقد القادم. كي يفي هذا الحائط بالتوقعات سيتطلب الامر استثمار مكثف بوسائل قتالية، بقدرات تكنولوجية وبتطوير العنصر البشري. في عصر الذكاء الاصطناعي، القدرات العسكرية في الفضاء، سلاح الليزر وما شابه يخيل أحيانا ان الاستيلاء على منطقة عازلة والاحتفاظ بها يمثلان تفكيرا قديما. العكس هو الصحيح: احد الأسس الحيوية التي استخلصناها من حرب “السيوف الحديدية” هو الحاجة لخلق مناطق عاجلة خلف حدودنا، طالما لا يوجد في الطرف الاخر اعتراف كامل بانعدام القدرة على الحاق الهزيمة بنا بالقوة. مثل هذه الاحزمة الأمنية أقيمت مؤخرا في قطاع غزة، في جنوب لبنان وشرقي هضبة الجولان.
مصر والأردن هما دولتان استوعبتا ظاهرا حقيقة انه لن يكون ممكنا الحاق الهزيمة بنا عسكريا وانه من الأفضل العيش معنا بسلام. غير أن هذا الفهم هو من نصيب حكام هاتين الدولتين وليس الجمهور الغفير فيهما. وعليه، فبقدر ما سنرى تطورات مقلقة في حدودنا مع مصر والأردن سيتعين علينا ان نفكر بإقامة مناطق عازلة مشابهة هناك أيضا.
بعد معالجة الحائط الحديدي على طول حدودنا، يبقى السؤال الأساس الذي انشغل به جابوتنسكي: ما هو الحائط الحديدي حيال الأقلية العربية التي تعيش في إسرائيل؟ في هذا السياق أيضا يجدر تبني نهجه الذي استند الى مبدئين مركزيين: حفاظ كامل على حقوق الأقلية، الى جانب سياسة أمن حازمة. محظور علينا التسليم بكمية الأسلحة غير القانونية التي توجد في الوسط العربي مع عائلات الجريمة التي تزرع الموت والدمار وغيره. ان القضاء التام على هذه الظواهر، بالتوازي مع منح حقوق كاملة في كل مجالات الحياة في الوسط العربي، هما جزء من الحائط الحديدي لعصرنا.
-------------------------------------------
هآرتس 8/1/2025
إسرائيل تمنع الأمم المتحدة من فحص جرائم الجنس في 7 أكتوبر كي لا تحقق في الاعتداء على فلسطينيين
بقلم: ليزا روزنبسكي
اسرائيل تمنع الامم المتحدة من القيام بفحص شامل لجرائم الجنس التي ارتكبتها حماس في 7 اكتوبر، لأن هذا الامر سيلزمها بالسماح للمنظمة بالتحقيق ايضا في العنف الجنسي ضد الفلسطينيين المعتقلين في البلاد. فحص جرائم الجنس لحماس كان يمكن شمله في القائمة السوداء للامم المتحدة، التي تضم المنظمات المشتبه فيها باستخدام العنف الجنسي في الصراعات.
الفحص تريد القيام به نائبة الامين العام للامم المتحدة لشؤون العنف الجنسي في الصراعات، فارميلا باتين. وكشرط لفحص جرائم حماس فانها تريد من اسرائيل السماح لطاقمها بالوصول الى منشآت الاعتقال التي يوجد فيها معتقلون فلسطينيون، من اجل أن يتم التحقيق ايضا اذا كان جنود اسرائيليون قد تحرشوا بهم جنسيا، لكن الدولة ترفض ذلك.
من اجل التمكن من الوصول الى منشآت الاعتقال فان باتين تضغط على اسرائيل للتوقيع مع مكتبها على اتفاق اطار للتعاون يلزم الدولة باتخاذ عدة خطوات لمنع العنف الجنسي في النزاعات ومواجهة تداعياته بتوجيه من الامم المتحدة. اتفاق اطار كهذا وقع في 2022 بين الامم المتحدة وحكومة اوكرانيا، ويشمل مثلا تعهد بزيادة الحماية من العنف الجنسي في المنشآت التي يوجد فيها اسرى حرب.
باتن، التي زارت اسرائيل هي وطاقمها قبل سنة، نشرت في شهر آذار السنة الماضي تقرير جاء فيه أنه في هجوم حماس في 7 اكتوبر حدثت اعتداءات جنسية، وأن المخطوفات والمخطوفين في الاسر في غزة يتم الاعتداء عليهم ايضا. استنتاجاتها ذكرت في التقرير السنوي للامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش، الذي تم ارساله لمجلس الامن، حول العنف الجنسي في النزاعات. مع ذلك امتنع غوتيريش عن تضمين حماس في قائمة المنظمات المشتبه فيها باحتمالية مرتفعة بارتكاب جرائم جنس في النزاعات، الامر الذي اثار الضجة في اسرائيل.
في مكتب باتن اكدوا على أنها تفحص زيارة اسرائيل مرة اخرى بعد تلقيها “دعوة من السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بتقارير حول عنف جنسي ضد الفلسطينيين يتعلق بالنزاع، وبعد طلب من حكومة اسرائيل لزيارة استكمالية سيتتناول هجوم 7 اكتوبر وتداعيته”.
مع ذلك، في مكتب باتن يحذرون من ان الصعوبات التي تضعها اسرائيل امام هيئات الامم المتحدة وتقيد قدرتها على التحقيق في جرائم منسوبة لها يمكن أن تؤدي الى نتائج معاكسة للتي تريدها الحكومة. هكذا تقول ممثليات منظمات النساء في اسرائيل التي التقت مع طاقم باتن في نيويورك في الشهر الماضي. حسب اقوال ممثلات اللوبي النسوي فانه في اللقاء قيل لهن بأن السياسة الرسمية الاسرائيلية يمكن أن تؤدي الى أن تكون اسرائيل بالذات هي التي سيتم شملها في القائمة السوداء للامم المتحدة كمسؤولة عن جرائم جنس خلال النزاع، في حين أن حماس ستبقى خارج القائمة. مصدر مطلع على الموضوع أكد على هذه التفاصيل.
“في ظل غياب تعاون اسرائيل فقد بقي لممثلي الامم المتحدة التعاون فقط مع طرف واحد”، قالت للصحيفة مديرة القسم الدولي لاتحاد النساء، مايا شوكن. “الخوف الواضح هو أن اسرائيل هي التي ستدخل الى القائمة السوداء للهيئات والدول التي تمارس العنف الجنسي في النزاعات، في حين أن منظمة حماس الارهابية ستبقى خارج القائمة”.
البروفيسورة روت هلبرن قادري، رئيسة مركز ريكمان لتحسين مكانة المرأة في جامعة بار ايلان، كانت من المبادرين الى خطوة احضار باتن الى اسرائيل في المرة السابقة وهي تبذل جهدها لزيارة اخرى لها. وهي تؤكد على أن تقرير باتن كان الاعتراف الدولي الاول والاكثر اهمية بخصوص جرائم الجنس لحماس. الاثنتان توليتا في السابق مناصب رفيعة في لجنة الامم المتحدة للقضاء على التمييز ضد النساء. والبروفيسورة هلبرن قادري تؤكد على الجدية الكبيرة لباتن ونزاهتها.
هلبرن قالت إنه بعد مرور سنة على زيارتها السابقة، وبعد ظهور معلومات جديدة فيما يتعلق باحداث 7 اكتوبر وفيما يتعلق بالتنكيل بالمخطوفين في قطاع غزة فان التنازل عن فحص شامل من قبلها هو بمثابة “تنازل عن فرصة مهمة جدا لوضع سجل دولي نهائي والاعتراف بالضحايا، ناهيك عن الالتزام باجراء تحقيق شامل حول الحقائق الجديدة من اجل كشف الحقيقة”. هلبرن تؤكد ايضا على أن التعاون مع باتن هو فرصة لاسرائيل من اجل الاثبات للامم المتحدة بأنها تحقق بأمانة وجدية في الجرائم المنسوبة اليها، وربما يتم ايضا استبعاد امكانية وضع اسرائيل في القائمة السوداء للجهات المشتبه فيها بممارسة العنف الجنسي في الصراعات.
لوبي النساء في اسرائيل، منظمة نساء هداسا ومنظم ااخرى، توجهت بعد نشر تقرير الامين العام للامم المتحدة الى غوتيريش باتن وطلبوا شمل حماس في القائمة. في الرد كتبت باتن بأن مجموعات مسلحة كثيرة شاركت في الهجوم وأنه من اجل عزو العنف الجنسي لمجموعة معينة “نحن نحتاج الى فترة طويلة والاتصال مع كثيرين من اجل التحقيق”. في هذه الرسالة ذكرت باتن ايضا توصية لحكومة اسرائيل، التي ظهرت ايضا في التقرير الاصلي الذي نشرته، تمكين هيئات الامم المتحدة التي يوجد لديها تفويض من الوصول بحيث يمكنها أداء عملها. من بين الجهات التي ذكرتها لجنة التحقيق المستقلة في المناطق المحتلة واسرائيل، وهي الجسم الذي في العادة ينسب اليه في القدس موقف مناهض لاسرائيل ومنحاز. باتن اكدت في رسالتها على أن اللجنة ملزمة بالاستقلالية والحيادية.
في الصيف نشرت اللجنة تقرير حول هجوم 7 اكتوبر تضمن ايضا القاء المسؤولية المباشرة عن عنف يتعلق بالنوع الاجتماعي، “في بعض الاماكن في جنوب اسرائيل”، على اعضاء حماس ومجموعات مسلحة اخرى. اللجنة اشارت في التقرير الى أنه لم يسمح لها بالوصول مباشرة الى شهادات وادلة، التي كان يمكن أن تعزز وتوسع استنتاجات اللجنة، وأن الحكومة الاسرائيلية قامت بوضع عقبات امامها.
إن عدم تعاون اسرائيل مع شخصيات دولية تحقق في العنف هو من الاخفاقات التي اشار اليها التقرير الذي نشره في هذا الاسبوع لوبي النساء، وتجمع توثيق التحقيق في شأن النساء والحرب – مجموعة من الباحثات اللواتي قمن بجمع وتصنيف المعلومات التي ظهرت بخصوص العنف الجنسي في 7 اكتوبر وبعده. التقرير الذي كتبه الدكتور ساري اهاروني وشيرا بربراي شاحم ركز على الاخفاقات التي كانت قبل 7 اكتوبر، من بينها عدم تنفيذ قرارات للحكومة وقرارات للامم المتحدة تتعلق بأمن النساء في النزاعات وفي حالات الطواريء، وفي الاخفاقات بعد الهجوم مثل عدم تشكيل جسم سياسي شامل وله صلاحيات لتوثيق ومعالجة تداعيات العنف الجنسي في هجوم حماس. التقرير اشار ايضا الى استخدام موضوع العنف الجنسي لغرض الدعاية، مع تجاهل احتياجات الضحايا.
التقرير تحدث ايضا عن عدم تعاون الجمهور في عملية التحقيق لكشف الحقيقة والمسؤولية عن العنف الجنسي في 7 اكتوبر. كتاب التقرير أكدوا على أنه “كان يمكن ويجب بعد مرور سنة على الهجوم أن يتم نشر معلومات تتعلق بجمع الادلة والشهادات، وجدول زمني محدد لتقديم لوائح اتهام وتقديم للمحاكمة”.
حسب اهاروني فان حقيقة أن الدولة والمجتمع فيها يشخصون الى هيئات الامم المتحدة من اجل اجراء تحقيقات لكشف الحقيقة، تشير الى عمق فشل السلطات. “أين تكتب الامم المتحدة تقارير؟ في هاييتي، في السودان؟ الدول التي توجد فيها منظومة قضاء سليمة تقوم بالعمل واجراء تحقيق ومحاكمة”، قالت للصحيفة.
مع ذلك، الحاجة الى اجراء تحقيق مستقل لا تنفي الحاجة الى التعاون مع الهيئات الدولية. مكتب باتن تعود على توجيه دول حول كيفية التعامل مع جرائم الجنس والتحقيق فيها. وفي نفس الوقت يطلب منها مقاربة مستقلة من اجل التحقيق. لهذا الغرض بالضبط فان مكتب باتن يشجع الدول على التوقيع معه على اطار للتعاون. شوكين اشارت الى أن “التعاون بين اوكرانيا والامم المتحدة يعطي للناجين من العنف المساعدة، ورد واعتراف في ارجاء العالم. في المقابل، نحن نخسر هنا وهناك”.
من مكتب باتن جاء: “المكتب يفحص امكانية ارسال بعثة في المستقبل. واذا خرج موضوع هذه البعثة الى حيز التنفيذ فهي ستتصرف فقط وفقا للتفويض الذي اعطي للمكتب من قبل مجلس الامن، ولن يكون لها طابع تحقيق”. في مكتب باتن أكدوا على أنه لا توجد لها أي صلاحية للتحقيق وفقا لقرارات مجلس الامن.
من وزارة الخارجية جاء: “الوزارة تعمل على تنسيق زيارة فارميلا باتن في اسرائيل هي وطاقمها وكل الجهات الاسرائيلية ذات العلاقة. قسم المنظمات الدولية في مقر وزارة الخارجية وبعثة اسرائيل في الامم المتحدة، يجرون اتصالات دائمة مع فارميلا باتن وطاقمها في المقر من اجل تعريف المجتمع الدولي لجرائم حماس، بما في ذلك جرائم الجنس الفظيعة التي ارتكبت في 7 اكتوبر والتي يستمر تنفيذها. الوزارة ايضا هي التي بادرت الى زيارة باتن الاولى في اسرائيل بالتعاون مع المجتمع، وترى اهمية كبيرة لعمل السيدة باتن في موضوع جرائم الجنس لحماس”.
------------------------------------------
إسرائيل اليوم 8/1/2025
إسرائيل اليوم: الازمة مع تركيا غير مسبوقة لكن تتبقى مصالح مشتركة
بقلم: د. رامي دانييل
ثمة شيء مأساوي في وضع العلاقات بين تركيا وإسرائيل. توجد في سوريا مصالح مشتركة للدولتين. القصف الإسرائيلي على المحور المؤيد لإيران أضعف النظام في دمشق، ما ساهم في انتصار الثوار الذين دعمتهم تركيا. وأدى هذا الانتصار في النهاية الى اسقاط الأسد والذي استغلته إسرائيل لتزيل تهديدات في الشمال ولتضرب حلفاء طهران. في واقع آخر كان يمكن الحلم بتعاون إسرائيلي – تركي لصد ايران، الخاسرة الأكبر من التطورات الأخيرة في سوريا.
لكن إسرائيل وتركيا بعيدتان عن التعاون وتوجدان في واحدة من الازمات الحادة في تاريخ علاقاتهما، بسبب الرد التركي على الحرب في غزة. ففور بدء الاعمال العسكرية في قطاع غزة بدأ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يتحدث بشكل متطرف ضد إسرائيل. تركيا تعمل ضد إسرائيل في المنظمات الدولية، وتبقى احدى الداعمات الأكبر لحماس. في خطوة غير مسبوقة، اعتقد الكثيرون انها متعذرة، قرر اردوغان قطع العلاقات التجارية بين الدولتين.
أدى هذا الموقف باسرائيليين كثيرين لان يتخوفوا من التقدم التركي في سوريا وباطلاق تحذيرات من أن تركيا قد تصبح نوعا من “ايران جديدة” بالنسبة لإسرائيل. لا خلاف في أن على إسرائيل أن تستعد لواقع يكون لها فيه حدود افتراضية مع تركيا في سوريا، لكن لا ينبغي المبالغة في وصف التهديد التركي. فتركيا ليست ايران، لا من ناحية السياسة الداخلية، لا في سيطرتها في سوريا ولا في علاقاتها مع إسرائيل. تركيا وإسرائيل لا تزالان تقيمان علاقات سياسية، حتى وان كان على مستوى متدنٍ. مشكوك أن يكون ممكنا التطلع الى اكثر من هذا الان. العلاقات هي اليوم حقل دمار، والضرر الذي تلحقه الازمة الحالية سنشعر به لسنوات طويلة أخرى. رغم هذا، من غير المستبعد ان يغير اردوغان موقفه تجاه إسرائيل حين تنتهي الحرب في غزة. فقد سبق للرئيس التركي أن اثبت على مدى السنين قدرته على تنفيذ انعطافات حادة في الموضوع. ليس مؤكدا ان تكون القيادة الإسرائيلية مستعدة لان تغفر له ما حصل في السنة والنصف الأخيرتين.
فضلا عن هذا، فانه حتى اذا توصل زعماء الدولتين الى ترتيب ما فان الشرخ بين المجتمعين عميق لدرجة انه سيكون صعبا جسره. في تركيا العداء تجاه إسرائيل “القاتلة والمجرمة” قائم في كل الجماعات السكانية، وفي إسرائيل الأجواء هي “العثمانيون قادمون”. ظاهرتان تعززان الواحدة الأخرى في نوع من الدائرة الهدامة المغلقة.
الاقوال من جانب مؤيدي اردوغان بان “تحرير فلسطين” هو استمرار طبيعي لنهاية نظام الأسد، تعزز المخاوف في إسرائيل حول نوايا تركيا. بالمقابل، يعتبر الاتراك الموقف الإسرائيلي من تركيا كتهديد والدعوات لدعم الاكراد وتعزيز العلاقات مع اليونان وقبرص كدليل على مخاوفهم التي تكاد تكون جنون اضطهاد لكنها متفجرة، وكدليل على التحالف الدولي المتبلور ضد دولتهم.
رأي عام معادٍ ليس عاملا جديدا في علاقات تركيا – إسرائيل، لكن دوما كانت جماعات في الدولتين أخذت على عاتقها صيانة العلاقات. في التسعينيات كان هؤلاء هم رجال الجيش وفي الـ 15 سنة الأخيرة أضاف رجال الاعمال مضمونا جديدا للعلاقات. في فترات الازمة السياسية أيضا بين تركيا وإسرائيل ازدهرت التجارة بينهما واعتبرت خيطا رابطا يمنع اتخاذ خطوات متطرفة. في هذا السياق، فان قرار اردوغان فرض المقاطعة هو قرار ذو مغزى جسيم. في كل يوم يمر يجد رجال الاعمال الاتراك والإسرائيليون بدائل للطرف الاخر وينشأ واقع جديد يصبح فيه ترميم التجارة المتبادلة، في حالة رغبت الحكومتان بذلك، أصعب فأصعب. بكلمات أخرى قليلة هي الأمور التي تربطنا بتركيا اليوم، وسيكون صعبا بناء علاقات جديدة في المدى البعيد.
على إسرائيل أن تكون الراشد المسؤول
عامل آخر سيؤثر كثيرا على دينامية العلاقات بين الدولتين هو ميزان القوى بينهما. فعلى مدى عشرات السنين كان إنعدام تماثل في صالح تركيا. المعنى الاستراتيجي للعلاقات بالنسبة لإسرائيل كان عاليا جدا بحيث أن أنقرة حددت وتيرة وعمق العلاقات. التطبيع الأخير بين انقرة والقدس وقع في واقع مختلف: مكانة إسرائيل تعززت في اعقاب التعاون في شرق البحر المتوسط واتفاقات إبراهيم، وتركيا، بالمقابل اعتبرت منعزلة وضعيفة. لأول مرة في تاريخ العلاقات كان يمكن لإسرائيل أن تملي وتيرة تقدمها.
الان بات الوضع سائلا جدا. في انقرة وفي القدس أيضا توجد ثقة بالذات كبيرة، لكن يوجد في الدولتين ايضا نقاط ضعف. رغم اكثر من سنة من القتال إسرائيل لم تحقق اهداف الحرب بعد. الوضع غير المستقر في سوريا من شأنه ان ينقلب على تركيا. كما أنه من السابق لاوانه أن نعرف ماذا ستكون آثار إدارة ترامب الجديدة على الشرق الأوسط. ميزان القوى بين أنقرة والقدس من شأنه أن يتغير، وكل تغيير كهذا سيؤثر أيضا على العلاقات بينهما.
إسرائيل وتركيا توجدان الان في احدى الفترات المعقدة والباعثة على التحدي في علاقاتهما توجد فيها مخاطر واضحة وفرص محدودة. الى جانب الحاجة الحقيقية للاستعداد لكل سيناريو محتمل، وبخاصة في سوريا، لا يزال من المجدي توجيه التفكير الى الحد الأقصى من الفرص القائمة والامتناع عن تعريف تركيا كتهديد على إسرائيل. الى جانب الحذر الواجب على إسرائيل أن تكون “الراشد المسؤول” وان تعمل بمنطق، رغم المشاعر الناشئة لسماع خطاب معاد آخر من اردوغان. مصالح إسرائيل في المنطقة تتطلب الان إيجاد تسوية مؤقتة مع تركيا. امر كهذا مركب، حساس وغير شعبي لكنه ضروري.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 8/1/2025
التهديد: الاف قطع السلاح تغرق الضفة
بقلم: يوآف زيتون
في السبت الماضي وضع مقاتلو الجيش اليد على ارسالية من 20 مسدسا حاول الفلسطينيون إدخالها الى نابلس في سيارة عبر الحاجز – وهي نقطة تفتيش في شرقي نابلس باتجاه مستوطنة ايتمار. لم تكن معلومات دقيقة أدت الى هذا الكشف بل مجرد يقظة الجنود هي التي منعت ادخال المسدسات الى احدى عواصم الإرهاب. غير أن الـ 20 مسدسا هي نقطة في بحر الأسلحة التي تغرق الضفة الغربية، ومصدرها ايران، وتدخل عبر الحدود المخترقة مع الأردن.
المخربون الذين نفذوا أول أمس العملية قرب كدوميم وبسلاح طويل ورسمي هم جزء من شبكة إرهاب اكبر في شمال السامرة، بين قباطيا وجنين حيث توجد مستوطنات إسرائيلية قليلة.
في قيادة المنطقة الوسطى يصفون هذا كـ “معركة ضد السلاح” ويعرضون معطى يفيد بانه في السنة الأخيرة امسك بأكثر من 1.100 بندقية مختلفة، في اعمال هجومية على مدار الساعة في كل المواقع في الضفة. لكن المقلق هو المجهول الناقص: في الجيش الإسرائيلي لا يعرفون كم هو عدد قطع السلاح لدى الفلسطينيين في الضفة، إضافة الى تلك الأسلحة الشرعية المعروفة التي يحملها افراد الأجهزة الأمنية.
وحسب تقدير استخباري في قيادة المنطقة الوسطى قبل نحو سنتين، فان في واحد من كل ست بيوت فلسطينية يوجد سلاح ما بدء بالمسدس عبر البندقية المصنعة محليا وحتى الكلاشينكوف او ام 16 الرسميين. “نحن نعرف اننا في الاتجاه السليم وفقا لاسعار هذه الأسلحة التي قفزت في السنة الأخيرة من 30 الف شيكل للبندقية الرسمية الطويلة الى 60 – 70 الف شيكل”، قال هذا الأسبوع مصدر كبير في الجيش. “لكن اذا ما حصلنا على معلومات عن تاجر سلاح أو عن مسدس ما مخبأ في حديقة فلسطيني غير معروف ومعد على ما يبدو للدفاع عن النفس، فاننا سنقبض أولا على تاجر السلاح. نحن ملزمون بتفضيل المهام”.
الهدف في الجيش الإسرائيلي هو إبقاء الضفة كساحة ثانوية جدا. ومع ذلك، الاعمال الهجومية التي يقوم بها الجيش لا تتوقف للحظة في قلب الأراضي الفلسطينية، مع تصفيات في وضح النهار، ومن الجو أيضا، في طولكرم وفي جنين، في الغور وفي نابلس، وفي تواتر شبه اسبوعي. اليوم يحتفظ الجيش الإسرائيلي بنحو 20 كتيبة للامن الجاري في الضفة، وهذا عدد اقل مما كان في ذروة فترات الإرهاب في سنة – سنتين قبل حرب 7 أكتوبر، لكن لا يزال اعلى بـ 7 – 8 كتائب مقابل المستوى الأدنى لاواخر العقد الماضي.
لكن الاضطرارات تفعل فعلها. هذه الكتائب هي كتائب احتياط او خاصة وليست وحدات مشاة او مدرعات نظامية مثل كتائب الجبهة الداخلية أو كتائب دائمة في الغور وفي منطقة قلقيليا.
في الجيش لا يعتزمون اغلاق محاور السير المشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة رغم مطالب المحافل اليمينية. يوجد نحو الف كيلو متر من الطرق كهذه في الضفة مثل محور 60 ومحور 55 حيث وقعت العملية أول امس، وحسب الجيش فهي تستخدم كل يوم من قبل مئات الاف الفلسطينيين غير المشاركين ممن يتحركون فيها لاغراضهم المعيشية.
في قيادة المنطقة الوسطى توجد معاضل غير قليلة حول أوامر فتح النار. من جهة فهي اسهل اكثر بعد 7 أكتوبر. فالجنود مسموح لهم ان يطلقوا النار على أرجل مفسدي الجدار ممن يحاولون اجتياز خط التماس، حتى لو لم يكونوا مسلحين. إضافة الى ذلك، نفذ الجيش الإسرائيلي مئات الهجمات من طائرات ومروحيات قتالية في السنة والنصف الأخيرتين وبالطبع بمُسيرات، مع نسبة 95 في المئة نجاح.
في هجوم على مجموعة مخربين كبيرة جرى قبل بضعة اشهر كانت تعتزم تنفيذ عملية كبيرة من طولكرم لاحياء 7 أكتوبر صفي 14 مخربا بقنبلة من طائرة قتالية. غير أنه قتل أيضا الى جانبهم أربعة من أبناء عائلة فلسطينية تسكن بالجوار. المعلومات الاستخبارية كانت تقدر انهم كانوا في مكان آخر. وفي سلاح الجو وفي قيادة المنطقة الوسطى يجري تحقيق مشترك أيضا حول مقتل فلسطينية ابنة 50 في السامرة في الأسبوعين الأخيرين بصاروخ مُسيرة.
المعضلة الكبرى هي بالنسبة للتصرف في أوضاع مسيرات المسلحين في شوارع المدن الفلسطينية في وضح النهار على مسافة 20 دقيقة عن كفار سابا. في لواء افرايم مثلا تقرر الهجوم بريا في كل مرة تلحظ فيها مسيرة كهذه، حتى لو كانت جنازة لمخرب مع مئات المشاركين. غير أن محاولات كهذه لم تنجح حتى الان: القوات التي قفزت لاعداد كمين في المفترقات لعشرات المسلحين أولئك ولوحظت، فتفرق المسلحون الكثيرون بسرعة. “هم يحرصون على ان يسيروا الى جانب الأطفال وان تلتقط لهم الصور وليس مؤكدا اننا سنربح من قتل مسلحين اثنين كهؤلاء وثلاثة أطفال آخرين يتواجدون على قرب منهما”، يشرحون في الجيش ويوضحون بان العديد من الخطوات التي كنا نمتنع عنها قبل 7 أكتوبر تنفذ اليوم عمليا: مستوطنات كثيرة في الضفة تتلقى عناصر امن عديدة تحت خطة “بلدة في حصار”، اكثر من 7 الاف وحدة سلاح وزعت على المستوطنين ومنهم أعضاء ثلل التأهب المعززة والدائمة.
ما الذي لم يحصل حتى الان؟ رغم تهديد العبوات المتزايد والذي جبى حياة ثلاثة مقاتلين في السامرة فان دخول المجنزرات لا ينفذ.
كما انه من غير المتوقع للدبابات أيضا ان تعود قريبا الى رام الله او جنين، لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية، رغم صاروخ مضاد الدروع الذي انكشف لأول مرة في مخيم جنين في الحملة الطويلة لأجهزة السلطة الفلسطينية، والتي تتواصل هناك. هذا الـ آر.بي.جي بالمناسبة لم يسلم للجيش الإسرائيلي بعد.
------------------------------------------
هآرتس 8/1/2025
والجيش يصارع الدقيقة الـ90: لجنة “نيغل” بين ضرورة تجنيد الحريديم ومطامع الائتلاف
بقلم: سامي بيرتس
وزير المالية، سموتريتش، ألقى على عاتق لجنة نيغل، التي نشرت هذا الأسبوع توصياتها بزيادة ميزانية الدفاع في العقد القادم، مهمة خاصة وهي عدم الاكتفاء بالتوصية بزيادة الميزانية، بل التوصية أيضاً من أين سيتم التمويل. اللجنة تملصت من هذه المهمة، ودحرجت الكرة مرة أخرى إلى وزارة المالية، ولكنه تملص صغير في عمل اللجنة. التملص الكبير هو من الانشغال بتجنيد الحريديم، العملية التي كانت ستحطم التوازن وتوفر جزءاً كبيراً من مصادر التمويل المطلوبة.
توصيات لجنة نيغل ستؤدي إلى زيادة ميزانية الدفاع في العقد القادم بـ 275 مليار شيكل – زيادة الميزانية لتصل إلى ترليون شيكل في العقد. هذا هو الاستنتاج الأول المهم لفشل 7 أكتوبر وكل ما حدث بعده، رغم أن هذه اللجنة تقول إن الفشل لم ينبع من نقص في الميزانية. رئيس الحكومة نتنياهو يفعل كل ما في استطاعته للتملص من الحاجة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية. ولكنه يطلق عمليات أخرى مع إدراكه أن هذا الفشل والوضع الأمني الذي تبين يلزم بتعلم الدرس في مجال التسلح وبناء القوة للجيش الإسرائيلي. مع ذلك، اهتم نتنياهو بتعيين عدد من مقربيه في لجنة نيغل، على رأسهم الرئيس يعقوب نيغل، والجنرال احتياط يعقوب عميدرور، والعميد احتياط ايفي إيتام، للتأكد من أن اللجنة ستمتنع عن الانشغال بالفيل الموجود في الغرفة، أي تجنيد الحريديم.
اللجنة هكذا قررت تسهيل أمور الائتلاف الذي يدفع قدماً بقانون الإعفاء من الخدمة، واكتفت بإعلان مقتضب: “كل مواطني إسرائيل متساوون في الحقوق والواجبات، ومطلوب منهم تحمل عبء الخدمة. وتوصي اللجنة بإجراء التغيير بالتدريج وفقاً لقدرة التجنيد والاستيعاب في الجيش الإسرائيلي واحتياجاته”. هذا الأمر لم يمنع اللجنة بالتوصية بتمديد الخدمة الإلزامية بأربعة أشهر والطلب من آلاف الجنود التوقيع على الخدمة الدائمة لسنتين، من أجل الاستجابة لحاجة الجيش الإسرائيلي إلى القوة البشرية. وتقول اللجنة إن الجيش يواجه أزمة في القوة البشرية، وأنه “بدون علاج عميق وعنيد… قد يجد الجيش والدولة أنفسهم في وضع يصعب جداً التعافي منه. اللجنة تعتقد أننا قريبون من “الدقيقة التسعين” ومن نقطة اللاعودة في هذا الموضوع”.
حتى قبل أن يكون ذلك موضوعاً سياسياً، فإن تجنيد الحريديم موضوع اقتصادي واضح. قسم الميزانيات في وزارة المالية يقدر أن تمديد الخدمة الإلزامية بأربعة أشهر، وزيادة العبء على رجال الاحتياط سيكلف الاقتصاد 145 مليار شيكل في العقد، 104 مليارات شيكل منها أضرار اقتصادية تنبع من غياب من يخدمون في سوق العمل، والمبلغ المتبقي هو تكاليف ميزانية مباشرة. حسب القسم، فإن تجنيد جميع الرجال الحريديم كان سيمكن من تقليص الخدمة الإلزامية بسبعة أشهر، وتقليص عدد أيام الاحتياط 86 في المئة.
مع هذه الأرقام، كان يجب على لجنة نيغل الانشغال بتجنيد الحريديم، لأن هذا هو الحل الاقتصادي الصحيح لتغيير الوضع الأمني والارتفاع الكبير لحاجة الجيش الإسرائيلي من الميزانية. هذه الحاجة حيوية وملحة، ولا يمكن “تنفيذها بالتدريج”، كما أوصت لجنة نيغل. مصدر أمني رفيع قدر هذا الأسبوع بأن نسبة الامتثال للخدمة في بعض وحدات الاحتياط انخفضت 50 في المئة بعد سنة وربع سنة على الحرب ومئات الأيام بعيداً عن البيت.
إن المضي بقانون الإعفاء قد يؤدي إلى انخفاض آخر في نسبة الامتثال للخدمة. ونفس أزمة القوة البشرية التي تتحدث عنها اللجنة بدون تقديم حل مطلوب لها، ستتفاقم. ولكن كيف يمكن القول إننا “قريبون من الدقيقة تسعين” بدون إعطاء رد على هذه الحاجة الحيوية جداً؟ ثمة تخوف من أن أعضاء اللجنة الآخرين، الذين يدركون الحاجة الملحة إلى تجنيد الحريديم وأرادوا تضمين ذلك كتوصية سياسية، سيخضعون لرجال نتنياهو فيها، الذين قرروا أن مهمتهم السامية هي الاهتمام باستقرار الحكومة بدلاً من احتياجات الجيش.
------------------------------------------
هآرتس 8/1/2025
المستوطنون في الضفة: حان وقت الخلاص بـ”غزة ثانية”.. سنقلب “أوسلو” رأساً على عقب
بقلم: أسرة التحرير
يتبين أن ثمة من يؤمن “بأننا نعيش في عصر المعجزات” ليس في كل ما يتعلق بغزة فحسب، بل أيضاً في الضفة الغربية. فبينما معظم الجمهور يرى 7 أكتوبر الكارثة الأكبر في تاريخ الدولة، يشخص فيها بعض من اليمين فرصة بل وبداية خلاص.
بعد يوم من العملية الفتاكة قرب “كدوميم” [مستوطنة] التقى وزير المالية سموتريتش مع رئيس مجلس “ييشع” إسرائيل غانتس، والمدير العام لمجلس “عومر رحميم”، ورؤساء السلطات في الضفة، وأطلعهم على نية عقد جلسة للكابنت بناء على طلبه، خططت ليوم أمس لتعنى بالإجراءات للقضاء على الإرهاب في الضفة. “في الضفة أيضاً مثلما في باقي الساحات، ينبغي الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، والانطلاق إلى حملات واسعة داخل أعشاش الإرهاب لاستكمال تدمير السلاح والمخربين”، أخبرهم. رؤية صاغها قبل يوم من ذلك، وبموجبها “يجب أن تبدو الفندق، ونابلس وجنين، مثل جباليا كي لا تتكرر كفار سابا وكفار عزة”.
وزير الدفاع إسرائيل كاتس، هو الآخر وصل إلى ساحة العملية وسمع من المستوطنين بوجود طلب لجبهة جديدة في الحرب. رئيس مجلس مستوطنة “كدوميم”، عوزيئيل فتيك، قال لكاتس: “على حكومة إسرائيل أن تعلن فوراً عن وضع حرب في “يهودا والسامرة” أيضاً، والسماح للجيش الإسرائيلي بضرب الإرهاب في كل مكان وفي كل زمان بلا رحمة”.
المستوطنون في الضفة يرون ما يحصل في غزة، ويغارون. هم يطالبون الحكومة والجيش بتحويل الضفة إلى غزة أخرى. “رأينا كيف تبدو الحرب ضد الإرهاب في غزة وفي جنوب لبنان”، قال غانتس إياه، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس إقليمي “بنيامين”. “رأينا كيف تبدو القرى بعد اقتلاع الإرهاب من هناك. هنا يكتفون بقفازات من حرير وبفهم لا يتناسب والتهديدات”.
“أدعو الجيش الإسرائيلي وحكومة إسرائيل لتنفيذ تغيير فكري عميق”، أضاف رئيس بلدية مستوطنة “أريئيل”، يئير شتبون. “حان الوقت لحملة سور واق في “يهودا والسامرة”، حملة مكثفة تخرب مخيمات اللاجئين في المنطقة، في طولكرم وجنين ونابلس وفي كل مكان فيه تهديد على سكان إسرائيل”. تسمع أصوات مشابهة في الليكود أيضاً؛ فالنائب أفيحاي بورون مثلاً دعا أمس في مقابلة إذاعية “لتفكيك” السلطة الفلسطينية “من سلاحها وقدراتها الدولية”.
في الوقت الذي تعمل فيه حكومة نتنياهو على وجود إسرائيلي عسكري وربما أيضاً مدني دائم في غزة، فإن مشروع الاستيطان وفروعه في الجيش والحكم تعمل على طمس الفوارق بين الضفة وغزة، بهدف فك الارتباط واتفاقات أوسلو رأساً على عقب. “اقتلاع الإرهاب” من ناحيتهم هو طرد السكان وهدم المنازل والبنى التحتية. الهدف: استكمال أبرتهايد إسرائيل الكاملة في المناطق المحتلة أيضاً. إذا ما نجحوا فسيقضون على فرصة مستقبلية لتحقيق حل الدولتين ولحياة مستدامة.
------------------------------------------
هآرتس 8/1/2025
الجنود العلمانيون «الاغبياء»
هم بالذات الذين يموتون
بقلم: آفی غرفنكل
سِفر الأمثال يحذر: "لا ترد على جاهل بمثل جهله، كي لا يتم تشبيهك به. الادعاء بأن احتلال مناطق في غزة سيكون عاملا رادعا وسيؤدي الى ندم الفلسطينيين على المذبحة في 7 أكتوبر، هو ادعاء مقطوع عن الواقع بشكل كبير. التطرق الى هذه الفكرة، حتى لو من أجل دحضها، يمكن أن يعطيها الشرعية التي لا تستحقها. ولكن ما بدأ كفكرة غريبة آخذ في اكتساب الزخم في الخطاب العام والنشاطات على الارض. هناك تخوف حقيقي من أن ما يعتبر الآن أمرا سخيفا سيصبح واقعا مريرا. ربما بسبب ذلك اختار كاتب سفر الامثال اضافة على الفور: "يجب عليك الرد على الجاهل بمثل جهله كي لا يعتبر نفسه حكيما".
من يؤيدون الاحتلال الدائم لغزة يقولون إن الفلسطينيين يعطون الارض قيمة سامية، تزيد عن حياة الانسان واي قيمة اخرى. بناء على ذلك فانه فقط فقدان الارض هو الذي سيقنعهم بتغيير النهج ولكن هذا الادعاء يتصادم، سواء مع التاريخ أو المنطق. بذور النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين مغروسة بالذات في فقدان الاراضي والمناطق - الواقع الذي لم يؤد إلى التسليم، بل تعميق الكراهية والصراع التاريخ يعلمنا بأن احتلال اراض اخرى فقط يزيد العداء فقدان الاراضي في حرب الايام الستة لم يردع الدول العربية، بل قاد الى حرب الاستنزاف وحرب يوم الغفران. وبالذات استعداد اسرائيل للانسحاب من سيناء هو الذي أدى الى اتفاق السلام التاريخي مع مصر.
غياب الرحمة هو اللبنة الاساسية في نظام الاحتلال الاسرائيلي، وفي السنوات الاخيرة ايضا داخل الخط الاخضر. الحديث لا يدور فقط عن غياب الرحمة عن الآخر الذي يعاني بل ايضا الحديث يدور عن الرفض الحاسم للنظر الى الواقع في عيون الآخر وتخيل انفسنا مكانه تجربة ذهنية بسيطة
تثبيت ذلك بشكل جيد. كيف كنا سنرد لو أن حماس نجحت في المؤامرة واحتلت جزءا من الجنوب لفترة طويلة؟ أو لو أن حزب الله سيطر على الجليل ؟ هل كنا سنسلم بهذا الوضع أو كنا سنكرس كل الموارد - الجسدية والروحانية - للنضال من اجل تحرير كل المناطق التي احتلت الجواب واضح. فقط الغبي هو الذي سيعتقد أن الفلسطينيين سيشعرون بشكل آخر اذا احتللنا بشكل دائم مناطق في غزة، وعُدنا الى توطين اليهود هناك.
بالطبع بعض الوزراء واعضاء الكنيست والحاخامات الذين يؤيدون العودة الى غزة ليسوا اغبياء. فهم يعرفون جيدا أن هذا الامر لن يهدئ الفلسطينيين، بل العكس. الهدف الحقيقي لمن يطمحون الى الاستيطان في القطاع مختلف في جوهره: تنفيذ وصية احتلال البلاد، وربما ايضا اشعال حرب يأجوج ومأجوج ، التي ستؤدي الى الخلاص في مؤتمر "عائدون الى غزة" الذي عقد في كانون الثاني 2024 بمشاركة نصف اعضاء الائتلاف، كشف هذا الهدف بشكل علني. هناك اعلن الحاخام دوف ليئور بأن وصية احتلال البلاد حسب حدود الوعد الالهي، من النيل الى الفرات، هو أهم من كل الوصايا الالهية الاخرى.
للمفارقة، بالذات اليهود الاصوليين يعرفون جيدا الاسلاميين في حماس، حيث هؤلاء واولئك يعتبرون البلاد أراضي مقدسة. وهم يعرفون أن احتلال أراض اخرى سيشحن النزاع بمزيد من العداء الديني المبرر "الأمني" يخدمهم من أجل تضليل الجمهور العلماني وإقناعه بمواصلة تحمل العبء العسكري الاقتصادي، الأخلاقي والسياسي، للاحتلال من اجل تحقيق حلمهم المسيحاني. يقولون إن الاغبياء لا يموتون، لكن الجنود العلمانيين الذين سيصدقون هذه الكذبة سيموتون عبثا.
------------------------------------------
هآرتس 8/1/2024
اعيدوا كل المحتجزين وانسحبوا
بقلم: أسرة التحرير
تخلق التقارير في الأيام الأخيرة عن الفرص لصفقة لتحرير محتجزين، تفاؤلا فى أوساط الكثيرين من الجمهور الإسرائيلي. وحسب هذه التقارير ففي المرحلة الأولى من الصفقة سيتحرر من الأسر ،نساء، كبار في السن ومرضى. عدد صغير من المحتجزين الاحياء سيبقون في أيدي حماس، كضمانة للاستمرار بالمقابل، ستحرر إسرائيل مئات السجناء وتسمح بوقف نار وانسحاب جزئي للجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ومحور نتساريم.
الكثير من عائلات المحتجزين، تخشى، عن حق، من صفقة جزئية، وتطلب تحرير كل المحتجزين. "كل قصة الصفقة على مراحل هي بسبب رفض نتنياهو وقف الحرب" ، قال يهودا ،كوهن والد نمرود، الذي لا يوجد في القائمة. وبالفعل، يوجد تخوف كبير من ان المحتجزين غير الواردين في هذه المرحلة في الصفقة موضع الحديث وتحريرهم متعلق باستعداد إسرائيل لوقف الحرب والانسحاب من القطاع سيبقون في غزة وشك كبير أن يبقوا على قيد الحياة.
ان التهكم المطلق الذي تتصرف فيه حكومة إسرائيل بالنسبة للمحتجزين، وأساسه خلط مصالح سياسية داخلية لاعتبارات مع وضد الصفقة، أدخل البحث في صفقة المحتجزين الى فخ. فلا يمكن معارضة صفقة جزئية باسم الدفاع عن صفقة شاملة ، لانه معروف ان لنتنياهو توجد مصلحة لمواصلة الحرب لاعتبارات لا ترتبط بالوضع الأمني، بل بوضعه السياسي في مثل هذه الحالة، فان الاعتراض على صفقة جزئية معناه الحكم بالإعدام على من تشملهم تلك الصفقة. وعليه فيجب التأييد لكل صفقة مستعدة الحكومة لها لأجل إنقاذ من يمكن إنقاذه.
ومع ذلك يجب تعظيم النداء لوقف الحرب وإعادة كل المحتجزين الى إسرائيل. حتى عندما يكون الهدفان مرتبطان الواحد بالاخر، لكن أيضا حين ينفصل الهدفان اللذان كل واحد منهما هام بحد ذاته. غني عن البيان الأهمية العليا لاعادة كل المحتجزين والامتناع عن وضع يبقى فيه عشرات محتجزين إسرائيليين مثابة مفقودين. من شأن هذا ان يفتح جرحا عميقا في النفس الإسرائيلية لن يشفى ابدا.
والى جانب ذلك، وبعد سنة وثلاثة اشهر في اثنائها لم تقتل إسرائيل فقط كل قيادة حماس بل وسوت بالأرض أيضا مناطق كاملة في قطاع غزة، أوقعت قتلا غير مسبوق للأطفال، النساء والشيوخ ودمار شامل سيصعب على أجيال من الفلسطينيين التغلب عليه - وقف الحرب هو هدف بحد ذاته.
وعليه، فعلى إسرائيل أن تعيد كل المحتجزين الى الديار وبالمقابل ان تسحب قواتها من غزة، التخلي عن أوهام الاستيطان المتجدد في غزة، نقل السيطرة عليها الى السلطة الفلسطينية وإلى قوة عربية دولية والسماح بإعمار غزة. عندها فقط تتمكن من التفرغ بحساب النفس، إصلاح الأوضاع ومحاولة العودة الى روتين الحياة الطبيعية.
------------------------------------------
مبعوث ترامب يصل الدوحة:
"آمل أن نسمع أنباء عن اتفاق" و رسالة رئيس الأركان إلى حماس
بقلم: دانيال أديلسون، نيويورك، ومئير ترجمان
سيتوجه ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس المنتخب إلى الشرق الأوسط، إلى الدوحة في الساعات القليلة المقبلة - حيث تمت مناقشة الصفقة في الأيام الأخيرة: "أعتقد أننا أحرزنا تقدماً كبيراً". فالرئيس المنتخب يريد التوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن ـ ويهدد حماس مرة أخرى: "سيكون هناك جحيم". كما وجه رئيس الأركان رسالة إلى حماس في جباليا:
"لن نتوقف حتى يتم إحضار جميع المختطفين"
تطور الاتصالات بشأن صفقة الرهائن؟ أبلغ ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، مساء اليوم (الثلاثاء)، أنه سينضم إلى المحادثات التي تجري في الدوحة منذ الأيام القليلة الماضية، زاعما أننا "حققنا تقدما كبيرا في هذه" القضية" - وقال: "آمل أن يكون لدينا أخبار جيدة حول الصفقة حتى التنصيب في 20 يناير".
وحتى اليوم، هدد ترامب مرة أخرى حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، قائلا إنه إذا لم يتم إطلاق سراح المختطفين بحلول موعد أدائه اليمين الدستورية، "فسيكون هناك جحيم في الشرق الأوسط". والذي لا يزال يهدد حماس هو رئيس الأركان اللواء هرتسي هليفي، الذي نقل رسالة إلى قيادات الحركة أثناء زيارته جباليا: "لن نتوقف، سنوصلهم إلى النقطة التي يدركون فيها أن عليهم إعادة جميع المختطفين".
وردا على سؤال حول ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق قبل تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، أجاب مبعوث الرئيس: "أقول إن الرئيس محبط. لا أريد أن أتحدث باسمه، لا أعرف أحدا يفوض السلطات بشكل أفضل"من الرئيس ترامب أنه يمنحنا الكثير من السلطة للتحدث باسمه، وهو يناشدنا أن نتحدث بشكل حاسم، ويعني بشكل حاسم أنه يجب عليك أن تفعل ذلك.
وسئل ويتكوف عما إذا كانت حماس تنتظر تولي الرئيس ترامب منصبه. فأجاب: لا، أعتقد أنهم سمعوا ذلك بصوت عالٍ وواضح، ومن الأفضل أن يتم الإنتهاء قبل التنصيب. وقال ترامب: "قبل أن أدخل الرئاسة". عند هذه النقطة، تم تذكير ترامب بتصريحاته المتكررة بأنه "سيكون هناك جحيم" إذا لم تفرج حماس عن المختطفين. وقال الرئيس المنتخب: "كل الجحيم سيفتح إذا لم يعود هؤلاء الرهائن".
وقال ترامب أيضًا: "لا أريد الإضرار بالمفاوضات. إذا لم يعودوا بحلول الوقت الذي أتولى فيه منصبي، فسوف ينفجر كل الجحيم في الشرق الأوسط، ولن يكون ذلك في صالح حماس". لن يكون الأمر جيدًا، بصراحة، لأي شخص. ولست بحاجة إلى أن أقول أكثر من ذلك، ولكن هذا هو الحال، وكان ينبغي عليهم إعادتهم منذ وقت طويل. لم يكن يجب ان يختطفونهم لم يجب لهم أن ينفذوا هجوم 7 أكتوبر، ولكن الناس ينسون ذلك، ولكن هذا ما حصل وقتل كثيرون".
وأضاف الرئيس المنتخب:
"أشخاص من إسرائيل وأماكن أخرى يتصلون بي ويتوسلون إلي للمساعدة، كما تعلمون، كان لدينا أيضًا أشخاص من الولايات المتحدة هناك فقط لعلمكم إنهم يحتجزون بعض ما يسمى بالرهائن من الولايات المتحدة. لكن كان لدي أمهات أتت إليّ وآباء بكوا. هل يمكنني استعادة جثث أبنائهم؟ تلك الفتاة الجميلة (يبدو أن ترامب كان يقصد شيني لوك) ألقوها في السيارة، وسحبوها من جديلة شعرها ، وألقوها في السيارة وكأنها كيس من البطاطس.
"سألت: ماذا حدث لها؟"، "سيدي، لقد ماتت". فتاة جميلة عمرها 19 أو 20 سنة وهذه طريقة معاملتهم لها.
وأنا أقول بكل بساطة: ستيف لديه عمل ليقوم به. إنه رجل عظيم، ومفاوض عظيم، وشخص عظيم. إنهم يحترمونه بالفعل. وهذا ما كنا بحاجة إليه هناك. لدينا أشخاص يعرفون كل شيء عن الشرق الأوسط، لكنهم لا يعرفون كيف يتحدثون بشكل صحيح. المفاوضون العظماء نادرون جدًا. لدينا الشخص المناسب، ولكنني أقول هذا: لا أريد الإضرار بالمفاوضات.
إذا لم يتم التوقيع على الاتفاق قبل أن أتولى منصبي، والذي سيكون من الآن خلال أسبوعين، فإن كل الجحيم سيفتح في الشرق الأوسط".
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي اللواء هاليفي
كما ذكرنا فقد وجه رسالة تهديد لحماس خلال تقييم الوضع وحوار القادة في منطقة جباليا بقطاع غزة. وقال رئيس الأركان: "أريدكم أن تعلموا، إنني أنظر إلى الوضع الذي تعيشه حماس، وهم يرون كل يوم ما تفعلونه بهم ويدركون أن هذا الشيء يقترب من أن يكون لا يطاق".
وأضاف: "أقول لكم أننا لن نتوقف، سنوصلهم إلى النقطة التي سيفهمون فيها أنهم بحاجة إلى إعادة جميع المختطفين، وإلا فإن العمل الاحترافي للغاية الذي تقومون به سيستمر ويستمر وسيؤدي ذلك إلى المزيد من السجناء والمزيد من النشطاء القتلى، وأنا أعلم أنكم تفعلون كل شيء للتأكد من أن لدينا أقل عدد ممكن من الضحايا".
في هذه الأثناء، تم في بيتاح تكفا افتتاح " نصب المراقبات " تكريما للمراقبات اللاتي سقطن في 7 أكتوبر في موقع ناحال عوز الاستيطاني، وأخريات تم اختطافهن إلى قطاع غزة. بعد ثلاثة أيام من نشر فيديو احتجاز ليري إلباغ لدى حماس، قالت أورلي جلبوع، والدة المراقبة المختطفة دانييلا جلبوع، في الحفل: "إننا نتذكر ونحزن على فقدان المراقبات المقتولات. أطلب أن لا ننسى المراقبات الخمس اللاتي ما زلن أسيرات لدى حماس".
وأضافت الأم: "نحن هنا ليس فقط للتذكر، بل للتذكير أيضًا. دانييلا و99 أسير أخر ما زالوا هناك، بعيدًا عنا، في الظلام، في أنفاق حماس. لا يوجد شيء أكثر أهمية من إعادتهم إلى الوطن اليوم". مطلوب قرار شجاع من قادتنا، آمل ذلك".
------------------------------------------
جنرال إسرائيلي بارز: عملياتنا في غزة باتت تشبه حرب فيتنام
الناصرة- “القدس العربي”: ينبه جنرال إسرائيلي في الاحتياط، يسرائيل زيف، إلى أن الحرب على غزة قد تحولت إلى هدف بحد ذاته، وأنها باتت تشبه الحرب الأمريكية في فيتنام.
في مقال نشره موقع القناة 12 العبرية، يقول زيف إنه قد مرّ الأسبوع الـ 65 من الحرب أيضًا، ونحن في الطريق إلى لا مكان، لا يوجد أيّ نقطة محددة تسمح لنا بأن نعرف أين نحن بالنسبة إلى اللانهاية. شيء واحد واضح الآن أيضًا: نحن نبتعد عن أهداف الحرب، وإنجازاتنا تُستنزف وتختفي.
كما يقول زيف إن صفقة تبادُل الأسرى تبتعد مرة أُخرى، وحالة التورط في غزة تتعمق، واتفاق وقف إطلاق النار في لبنان هشّ، ووجودنا في سوريا يستقطب إدانات من كل أنحاء العالم، هذا بالإضافة إلى أن قصف الحوثيين لا يزال يهدد تل أبيب، و”الانتصار المطلق” لا يبدو واضحًا في الأفق.
ويمضي في تحذيراته: “أهداف الحرب الأطول في تاريخ إسرائيل لم تتحقق بعد: “حماس” لا تزال تحكم في غزة، والمخطوفون يختنقون في الأنفاق، ولم يعودوا، وجنودنا الأعزاء ما زالوا يُقتلون. فخلال الشهر الماضي، قُتل 17 من أفضل أبنائنا في عمليات، الهدف منها قتل مزيد من “المخربين”، وإيجاد مزيد من فتحات الأنفاق في جباليا، وهي أهداف لن تغيّر شيئًا في الوضع القائم في غزة. وفي الوقت نفسه، تبني “حماس” قوتها من جديد في أغلبية المناطق التي لا يوجد فيها الجيش، ويشهد على ذلك الـ 15 صاروخًا التي أُطلِقت خلال الأسبوع الماضي على البلد. من أجل ملاحقة “حماس” حتى آخر “إرهابي”، يجب أن تتخذ الحكومة قرارًا بشأن فرض حُكم عسكري كامل وتجنيد فرقتين كاملتين – وهو ما لا يمكننا القيام به الآن – من أجل القتال في مناطق القطاع كلها. هذا بالإضافة إلى الحاجة إلى تلبية حاجات أعداد كبيرة من اللاجئين في القطاع”. معتبرًا أن البديل هو نقل المسؤولية إلى السلطة الفلسطينية التي ستبني القطاع من جديد، بدعم من دول عربية، في الوقت الذي يحرس الجيش من الخارج، ويمكنه التدخل في كل لحظة. ويقول إنه للإجابة عن سؤال عمّا إذا كان من الممكن الاعتماد على السلطة الفلسطينية، يوجد جواب واضح: هناك مواقع تنجح فيها، وقاعدة إضافية مفادها أنه بهدف السيطرة على القطاع، سيُقتلون هم، وليس جنودنا. إذا فشلت هذه المحاولة، فلا مشكلة لدينا في العودة. إنه قرار سياسي صعب، لكنه الخيار الوحيد. ما تقوم به الحكومة الآن هو الاستمرار في طريقتها المعهودة بعدم اتخاذ قرار بأيّ شأن، وفي أيّ جبهة”.
الوضع في لبنان
ويشير زيف إلى أن الوضع في لبنان أيضًا ينهار: الجهة الوحيدة التي يمكنها حفظ “الاتفاق الطري” الذي يتفكك هي الجيش اللبناني. إن بناء الجيش من جديد وتقويته في الظروف الحالية، فضلاً عن منع “حزب الله” من تجديد قوته، أمور يمكن أن تمنع تجدُّد الحرب. يمكن لخطوة كهذه أن تسمح للجيش بالبقاء في الميدان وقتًا أطول بهدف ضمان تحقيق التغيير. لكن لا ينشغل أحد بهذا، لذلك، يمكن أن ينهار الاتفاق. وربما هناك رغبة خفية في خلق شرعية لبقاء الجيش بشكل دائم في لبنان. صحيح أنه لا يوجد قرار حكومي بشأن الحرب، لكن يوجد قرار بشأن بقاء الحكومة. فعلى جدول الأعمال، هذا الأسبوع، قرار تشريع التهرب من الخدمة العسكرية، وهو قانون مجحف وطعنة للأبطال الذين يخدمون والآلاف من جنود الاحتياط، وطعنة أيضًا لكرامة الذين قُتلوا.
ويقول الجنرال الإسرائيلي زيف إن تمرير القانون المتذاكي، وهو في الحقيقة يعفي عشرات الآلاف من الحريديم من الخدمة العسكرية، في الوقت الذي يتوجب على كل واحد منهم أن يكون على الجبهة لأن الحكومة تخلق واقعًا أمنيًا ثقيلاً، وهو أمر عبثي ودليل على عدم مسؤولية متفشٍّ واستهتار. وهذا لا يعبّر عن “يمينية”، ولا يتماشى مع “القرارات الشجاعة” التي يتفاخر بها رئيس الحكومة. ببساطة، إنها شهادة عار تشهد على ضعف الحكومة الحقيقي، وعلى بؤسها.
ويواصل إطلاق سهامه نحو المستوى السياسي: “انقلب عالمنا، وهدف بقاء الحكومة على حسابنا جميعًا يُفرض علينا فرضًا، ويحاصرنا. لقد تحولنا إلى شعب يخدم حكومته، ولا يبدو أن الدولة تهمّ أحدًا”.
البوصلة
يستذكر زيف ما قاله المحلل السياسي في القناة 12 يارون أبراهام، في مقاله الأخير، أن وتيرة تجنيد “حماس” أعلى كثيرًا من وتيرة قتل الجيش لـ”المخربين”. ويرى في ذلك إشارة إلى تراجُع إنجازات الحرب في غزة. كما يقول إنه، في تقرير نشرته “هآرتس”، قبل أكثر من أسبوعين، كان هناك إشارة إلى أن قوات الجيش لديها أهداف لقتل “مخربين”، وأشار إلى أن المدنيين القتلى في “محور نتساريم” يتم احصاؤهم ضمن القتلى من “المخربين”. ويشير زيف إلى أن ظاهرة “إحصاء الجثث” ليست جديدة، وهي تميز الجيوش التي تفقد البوصلة. ذلك نوع من تدمير ذاتي بسبب غياب الأهداف والخطة الإستراتيجية.
ويرى أن هذا النموذج اختُرع في فيتنام، حيث استمر الغرق هناك، وازداد الإحباط، حتى دُفعوا إلى الاختراع “المتنور” القائل إنه كلما قُتل عدد أكبر من مقاتلي حرب العصابات في شمال فيتنام، كلما يئس الفيتكونغ، وخضعوا في نهاية المطاف.
ويتابع: “استمرت الحال على ما هي عليه 15 عامًا، وخرج الأمريكيون من هناك هربًا، وتكبدوا نحو 60 ألف قتيل، أمّا الفيتكونغ فلم يستسلموا. لا يوجد أيّ نموذج في التاريخ لاستسلام تنظيم أيديولوجي متطرف، وخصوصًا إذا كان دينيًا. هناك كثير من النماذج من دول قاتلت ضد هذه التنظيمات بدافع “الإيغو”، ولم تكن تريد الوصول إلى اتفاق معين في النقطة التي حققت فيها إنجازات، وأُرغمت في نهاية المطاف على القيام بذلك بعد نحو 15 عامًا (في المعدل) في ظروف أسوأ كثيرًا، وبأثمان أغلى كثيرًا. انظروا إلى ما حدث لنا في لبنان في نهاية الحرب الأولى، وكيف خرجنا من هناك بعد 18 عامًا. حاليًا، وضعنا أفضل كثيرًا، يمكن التوصل إلى اتفاق جيد، وهناك احتمال لإنهاء حُكم “حماس” إذا تم اتخاذ القرار”.
حسابات نتنياهو
ويوضح زيف أنه حتى لو استبعدنا عن الطاولة إمكانية أن تكون حسابات نتنياهو شخصية وسياسية، فيجب عليه هو أيضًا أن يصحو من وهم “الانتصار المطلق”، والأمل بأن “حماس” ستستسلم بعد قليل، وبعد استعمال مزيد من الضغط العسكري. ويقول إنه ما يجري سيستمر، وسيؤدي إلى طرح الشك، حتى في أوساط الجهات الأقل عقلانيةً، هذه الجهات التي تفهم متأخرة، عادةً، بعد الذين دفعوا الثمن سابقًا. منبهًا أن الوضع الحالي الناشئ من الفراغ في اتخاذ القرارات، هو أسوأ وضع، ويكلفنا أثمانًا غالية جدًا في الطريق إلى اللامكان، وأن المشكلة هي أنه كلما مرّ مزيد من الوقت، كان الخروج من هذه الحال أصعب، وكلما كان الاعتراف بالخطأ المتأخر مع ازدياد الأثمان أصعب أيضًا. ويضيف: “للأسف، الشخص الذي لا يريد اتخاذ القرارات في نقطة الذروة، حيث هناك انتصار جدي على “حماس”، فإن احتمال أن يتخذه عندما يصبح الانتصار بعيدًا وتتراجع الإنجازات ضئيل”.
من أجل من نقاتل؟
ويروي زيف أنه خلال عيد الأنوار، التقى زيف جرحى الجيش خلال زياراته للمستشفيات، وأن رؤية هؤلاء الجنود وهم يقاتلون من أجل تعافيهم بصعوبة يخلق شعورًا بالفخر.
ويضيف: “قالوا لي إنه رغم كل ما جرى لهم، فإنهم كانوا سينهضون اليوم أيضًا من دون تردد، وسألت لماذا، فكان جوابهم جميعًا من دون استثناء؛ من أجل إنقاذ المخطوفين”.
ويخلص زيف للقول: “قال جورج بوش يومًا عن تشرشل؛ أحد التحديات الكبيرة والإشكالية في القيادة هو أن يغرق القائد في الشفقة على الذات. يبدو لي أن ونستون تشرشل لم يشعر يومًا بهذه المشاعر من الشفقة على الذات”. نتنياهو، هذه لحظاتك المهمة، وهذا قرارك، قم بإعادة المخطوفين.
-----------------انتهت النشرة-----------------
أضف تعليق