09 كانون الثاني 2025 الساعة 21:07

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 7/1/2025 العدد 1202

2025-01-09 عدد القراءات : 5
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

يديعوت احرونوت 7/1/2025

 

 

معركة دفاع عبثية

 

 

بقلم: يوسي يهوشع

 

العملية الاجرامية امس على طريق 55 والتي كلفت حياة ثلاثة إسرائيليين، بعثت عن حق مشاعر قاسية لدى السكان من رجال ونساء. لكن، حتى من الغضب والالم، ينبغي الاعتراف بانه في الواقع القائم لن يكون ممكنا المنع التام لمثل هذه العمليات. على شريان حركة سير مركزية يسافر فيه يهود وفلسطينيون لا يوجد حل عسكري لخلية تقرر اعتلاء مركبة مع سلاح وتنفيذ عملية.

مع ذلك، فان من ينثر تصريحات عن “سور واقٍ 2 او “نابلس يجب أن تبدو كجباليا“ يعرف أنه يتحدث في الهواء، بل ويفعل هذا من كرسي وزير وعضو كابنت، الامر الذي هو عبثي على الاطلاق.

عمليا، السياسة هي بذل جهود جبارة لخلق تمييز بين السكان المدنيين وبين الإرهابيين ومساعديهم، هذا الى جانب اعمال هجومية متسارعة وزيارة لكل بلدة وكل قرية فلسطينية بشكل دائم ومتواصل دون أي قيد على استخدام القوة والا فان المعنى سيكون ان تتسع دائرة الإرهاب في ثلاثة ملايين فلسطيني ومشاكل إسرائيل في الجبهة تتفاهم فقط، وبالتأكيد حين يكون السكان متداخلين خلف الخط الأخضر.

هذا ليس “مفهوما مغلوطا” مثلما في غزة، لانه بالتوازي يبذل جهد هائل من الجيش الإسرائيلي ومؤخرا أيضا من السلطة الفلسطينية، لمكافحة الإرهاب وبخاصة حماس. وعليه ففي 2024، السنة التي لم تكن فيها جبهة الضفة ولا حتى في المكان الثاني في مركزيتها أحبطت 1.040 عملية ذات مغزى (2 – 3 عملية في اليوم) الى جانب احباط تهريب وسائل قتالية، بما في ذلك عبوات شديدة الانفجار. صحيح ان عدد المقتولين والقتلى في 2024 ارتفع قليلا (46 مقابل 43، وكل مقتول هو عالم بكامله)، لكن في 2024 نفذت 231 عملية ذات مغزى مقابل 414 عملية في 2023. يشير الامر الى ميلين: من جهة، زيادة الكثافة منذ 7 أكتوبر تعطي ثمارا: غير قليل من الكوابح تحررت، مثل الغارات من الجو، والجيش والشباك استغلا المعلومات الاستخبارية النوعية لاجل انقاذ الكثير جدا من حياة الانسان في عمليات خاصة وفي اعمال جارية.

بالمقابل، عندما تنجح عملية في الإفلات وتخرج الى حيز التنفيذ فانها اكثر فتكا بسبب وسائل القتال كالسلاح الناري، العبوات ذات المواصفات المعيارية وغيرها. كما أن مستوى مهنية المخربين في ارتفاع. في توثيق نشر من الساحة امس، بدا المخربون يأتون في مركبة، يخرجون منها بعد دقيقة وعندها يفتح احد المخربين النار نحو باص وسيارة. مصادر في الجيش فحصت المواد تقول انها تدل على مستوى جندية وخبرية مهنية اكثر من ذاك الذي رأيناه في الضفة في معظم العقد الماضي. كل هذا بالطبع لا يأتي لإزالة مسؤولية الجهاز عن العملية امس في قلب قرية الفندق، التي تعتبر قرية هادئة بالذات، حيث يشتري اليهود ويتجولون بشكل حر بين المحلات. الخلية التي نفذتها كانت على بؤرة استهداف الشباك والجيش وفوتت. وينبع الخلل لان الخلية خرجت للعملية من منطقة لم يعمل فيها الجيش ولم تكن أجهزة السلطة فيها ناجعة كما ينبغي. والان سيكون جهاز الامن مطالبا بالتحقيق اذا كانت المعلومات قد نقلت الى الأجهزة التي هي بالذات رفع مستوى اعمال الإحباط للارهاب، ومن أي نقطة بالضبط انطلق المخربون الى الدرب.

مهما يكن من أمر فان الرد الصائب هو استمرار الهجوم المركز والمتواصل في عاصمتي الإرهاب جنين ونابلس مثلما جرى على أي حال في الـ 15 شهرا الأخيرة. “الدفاع هو معركة عبثية”، يقول ضابط كبير. بالمقابل، رئيس مجلس السامرة يوسي داغان يقول انه يمكن تقليص العمليات اذا ما نصب مثلا مزيد من الحواجز. في الجيش يدعون بان عشرات محاور السير سدت في السنة الأخيرة لكن سد المحاور لا يساعد بالضرورة على خلق سيطرة أمنية وينقل الحركة الى محاور جانبية وثانوية ليس للجيش فيها وسائل تحكم، رقابة واستخبارات متطورة. ليس سرا أن في اليمين كانوا يريدون أن يرون خطوة ابعد اثرا حقا: انهيار السلطة الفلسطينية. على هذا ينبغي الرد لانه وان كانت السلطة ليست محبة لصهيون ولا خطرا في أن تصبح واحدة كهذه، لكن في نظام أبو مازن لا يزالون يعتبرون حماس عدوا. امس فقط سلمت الأجهزة للجيش الإسرائيلي مخربة نفذت عملية قرب قوات الامن. هذا ليس لواء آخر في فرقة الضفة لكن الحقيقة بسيطة: ليلة إثر ليلة، مسلحون فلسطينيون يساعدون في احباط الإرهاب.

إضافة الى ذلك فان المطالبين بانهيار السلطة يصعب عليهم أن يشرحوا من بالضبط سيحل محلهم: ففي هذه الأيام فقط يخدم في فرقة الضفة 20 كتيبة إضافة الى وحدات خاصة. تخرج أجهزة السلطة وستحتاجون الى عدد مضاف. من اين بالضبط ستجلبونه؟

-------------------------------------------

هآرتس 7/1/2025

 

امراض، اجهاضات، جوع، زواج قسري وتهديدات: بعد 15 شهرا من الحرب، نساء القطاع ينهرن

 

 

بقلم: نير حسون وشيرين فلاح صعب

 

حوالي 150 طفل ولدوا كل يوم في قطاع غزة خلال فترة الحرب. هذا حسب لجنة الانقاذ الدولية “آي.آر.سي“، وكل هذه الفترة مرة عليهم في الضائقة والدمار. في الاشهر القريبة القادمة سيضاف اليهم عشرات آلاف الاطفال الآخرين. وحسب “اليونسيف” فانه يوجد الآن في غزة حوالي 155 ألف امرأة حامل ومرضعة. وحوالي مليون امرأة تعيش في مخيمات النازحين. الى جانب اضرار الحرب التي نزلت على كل سكان القطاع فان الاطباء ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات دولية تحذر من المس الشديد بشكل خاص بوضع النساء والفتيات في قطاع غزة، وبسبب ذلك ايضا وضع اطفالهن. امراض، اجهاضات، جوع وعدم نظافة، كل ذلك يوصل الى الحضيض ليس فقط حياة النساء، بل ايضا حياة اطفالهن.

في اعقاب انهيار منظومة الصحة في القطاع فانه يصعب الحصول على معطيات دقيقة حول الامراض والاجهاضات والولادة المبكرة. في اشهر الحرب الاولى نشرت وزارة الصحة الفلسطينية عن ارتفاع 300 في المئة في عدد الاجهاضات في القطاع. ومنذ ذلك الحين لم يتم نشر معطيات اخرى. الاستطلاع الذي اجرته الامم المتحدة في نهاية شهر كانون الاول في اوساط النساء الحوامل والمرضعات اظهر أن 76 في المئة من النساء الحوامل ابلغن عن الاصابة بفقر الدم، 99 في المئة ابلغن عن الصعوبة في الوصول الى الخدمات الصحية والمكملات الغذائية، 55 في المئة ابلغن عن صعوبات صحية تمس بالقدرة على الرضاعة، 99 في المئة عانين من النقص في حليب الأم. حسب “اليونسيف” 96 في المئة من الاطفال والنساء المرضعات في غزة لا يحصلون على الغذاء الكافي.

في الاشهر الاخيرة تفاقمت مشكلة التغذية. ففي بداية تشرين الثاني قدر صندوق السكان التابع للامم المتحدة بأن حوالي 3 آلاف امرأة حامل في القطاع يعانين من “مستوى كارثي في عدم الامن الغذائي”. وحسب تقديرات خبراء الامم المتحدة فان هذا العدد الآن هو 8 آلاف. اضافة الى التوتر النفسي فان النساء الحوامل يواجهن جهد جسدي كل يوم (مثلا جلب المياه)، التلوث، نقص المياه الصالحة، السكن ومشكلات اخرى. الدكتورة فداء النادي، طبيبة اطفال في مستشفى ناصر في خانيونس، قالت في الاسبوع الماضي لراديو “علم” إنه حتى لو حصلن النساء على الغذاء فان الحديث على الاغلب يدور عن معلبات بجودة متدنية، الامر الذي يؤثر سلبا على صحتهن وصحة الأجنة.

حسب اقوال الدكتورة فانه في اعقاب النقص في اقسام الخدج والحاضنات فان الاطباء احيانا يضطرون الى ادخال اثنان أو ثلاثة من الاطفال الخدج الى نفس الحاضنة. وحسب “ان.بي.سي” فانه حتى قبل الحرب كان في شمال القطاع 105 حاضنات فقط في ثلاث مستشفيات. هجمات الجيش الاسرائيلي شلت معظم اقسام الولادة، وفي تشرين الثاني بقيت فقط 9 حاضنات عاملة في مستشفى كمال عدوان. عند اخلاء المستشفى من قبل الجيش الاسرائيلي قبل اسبوع ونصف فانه لا توجد حاضنات متاحة في شمال القطاع.

غازي أبو جياب، وهو ناشط اجتماعي ومترجم فلسطيني، جلب مؤخرا قصة امرأتين في حالة الحمل في غزة، هالة الهسي (25 سنة)، التي اصيبت بقدمها بسلاح اسرائيلي في بيت الجيران عندما كانت في الشهر الثامن من الحمل. وبعد اسبوع بدأت تعاني من نزيف وألم، وفقط بعد 12 ساعة نجح زوجها في نقلها الى المستشفى في عربة يجرها حصان. “أنا انتظرت بضع ساعات الى أن نجحت في الدخول الى غرفة الفحص، لأن كثير من النساء كن في الدور”، قال الهسي لأبو جياب في مقابلة نشرت في موقع “الدرج” وفي منتدى الفكر الاقليمي في معهد فان لير. “بعد الفحص قرر الطبيب أنني احتاج الى اجراء عملية لاخراج الجنين من الرحم”. وحسب قولها، بعد انتهاء العملية بست ساعات اضطر الاطباء الى اخراجها من المستشفى بسبب الاكتظاظ.

عنان أبو جامع (30 سنة) قالت لأبو جياب بأن حملها توقف في الشهر الثالث بعد أن أمر الجيش الاسرائيلي باخلاء الحي الذي تعيش فيه في بلدة بني سهيلة. فهي اضطرت الى الركض والسير بضعة كيلومترات الى أن وصلت الى مخيم للنازحين. في الليلة الاولى في المخيم اصيبت بالنزيف والألم، وفي اليوم التالي تبين في المستشفى بأنه لا يوجد نبض للجنين. حسب قولها في ذلك اليوم كانت المرأة رقم 7 التي أجهضت في المستشفى.

هناك مشكلة لا تقل خطورة وهي النقص المتزايد في وسائل منع الحمل. سناء (34 سنة) من خانيونس، التي نزحت من مكان سكنها اربع مرات في الحرب، قالت للصحيفة: “النساء في غزة يدفعن ثمنا باهظا بصحتهن. يوجد نقص في وسائل منع الحمل والنساء لا يمكنهن زيارة طبيبة نسائية. ومن لديها لولب في الرحم تحتاج الى استبداله وتحتاج الى فحص ومتابعة روتينية وارشاد حول وسائل منع الحمل – كل ذلك ينقص النساء”. سناء انتقدت بأن الضائقة الاقتصادية تشجع الآباء على تزويج الفتيات بسن مبكرة بسبب الاموال التي يحصلون عليها من عائلة الزوج. “هذا الزواج يؤدي الى الحمل غير المخطط له”، قالت سناء واضافت. “الضائقة تجعل الآباء يزوجون الفتيات مقابل كيس طحين أو خيمة جديدة. هناك عائلات أن تبقى على قيد الحياة حتى بثمن تزويج الفتيات وتداعيات ذلك”.

نور (29 سنة) وهي أم لولدين من مدينة غزة، التي تعيش الآن مع عائلتها في دير البلح، قالت: “عندما اندلعت الحرب قلت لزوجي بأنه لا يمكننا انجاب المزيد من الاطفال. وهو وافق على ذلك. لا توجد اطر تعليم ولا يمكن أن تجر معك حامل. الحامل بحاجة الى خصوصية وفضاء آمن. في القطاع هذا معدوم”. وحسب قولها فان مسألة وسائل منع الحمل هي طابو اجتماعي في قطاع غزة. “يتحدثون عن النقص في الغذاء والمياه والدواء.، يتحدثون عن الدمار. ولكنهم لا يتحدثون عن النقص في وسائل منع الحمل. المخيب للامل هو أن كل امرأة مسؤولة عن مصيرها، وإذ احملت فهذا يمكن أن ينتهي بشكل غير جيد. صديقتي حملت ووضعها الجسدي سيء. فهي لم تتمكن من اجراء فحوصات المتابعة وعانت من سكري الحمل. هي يمكن أن تلد في القريب ولكنها لا تعرف أين ستلد وأين سيعيشون”.

“عندما كان موظفو الاونروا يعملون في القطاع”، قالت نور، “كانوا يوزعون وسائل منع الحمل ويقدمون الارشادات حول تنظيم الأسرة. الآن وسائل منع الحمل تباع بأسعار مرتفعة، والجميع لا يوجد لديهم المال الكافي لذلك”.

-------------------------------------------

 

هآرتس 7/1/2025

 

 

صفقة مخطوفين تستوجب توافقات على إدارة غزة وهذه لا تزال بعيدة

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

في التطلع الى استكمال اتفاق التبادل يزداد التأهب والتوتر، اضافة الى ازدياد التقارير الضبابية والمتناقضة، وايضا عدم اليقين فيما يتعلق بهوية من سيتم اطلاق سراحهم. كل ذلك يعتم على بنود اخرى في الصفقة مثل كم هو عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم؟ من الذين سيطلق سراحهم؟ ما هي طبيعة وقف اطلاق النار الذي سيتم التوصل اليه في اعقاب الصفقة؟ كم هي فترة الهدنة؟ متى وهل سيُكتمل الجزء الآخر للصفقة الذي سيؤدي الى اعادة جميع المخطوفين وجثث القتلى؟ ما هو حجم انسحاب الجيش الاسرائيلي وما هي مكانة محور فيلادلفيا ومعبر رفح؟ هل ستتحقق عودة السكان الى شمال القطاع وكيف سيتم توزيع المساعدات على المدنيين؟.

قضية المساعدات للقطاع وادارته اصبحت امور حاسمة في الفترة الاخيرة، حيث تبين حجم السرقة وعجز منظمات الاغاثة في نقل المواد من المخازن الى السكان. عصابات محلية ورجال حماس يسيطرون على قنوات المساعدات، والتجار يضطرون الى دفع لهم آلاف الدولارات مقابل كل شاحنة والمواد الغذائية الاساسية ارتفع سعرها الى ارقام فلكية. كل ذلك يتم تحت عيون الجيش الاسرائيلي المفتوحة وهو ما زال لا يعرض أي خطة لادارة القطاع، أو على الاقل ترتيبات توزيع المساعدات التي ستسمح لـ 2 مليون وربع شخص بالبقاء على قيد الحياة.

بعد ادارة مصر لاشهر المفاوضات مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية وحماس حول خطط لادارة القطاع منذ تشرين الاول 2023 فانه تلوح في الافق خطة يمكن أن تقدم الرد على هذا الامر. في بداية كانون الاول نشرت مسودة الخطة المعروفة باسم “خطة مصر”، التي بحسبها سيتم تشكيل في غزة “لجنة دعم اجتماعية” تتكون من 10 – 15 عضو، كل واحد منهم سيكون مسؤول عن مجال مهني حسب مؤهلاته وتجربته. هذه اللجنة ستعمل بقوة أمر رئاسي من رئيس السلطة محمود عباس ووفقا لقوانين السلطة وتحت رقابتها.

اضافة الى هذه اللجنة ستعمل سلطة عامة، اعضاؤها سيأتون من قطاعات مختلفة في غزة مثل موظفون عامون، رؤساء حمائل، صحافيون، اطباء ورجال اعمال. هم سيعطون اللجنة مكانة جماهيرية وسيساعدونها على حل المشكلات. حسب المسودة سيتم فتح معبر رفح طبقا لترتيبات “اتفاق المعابر” من العام 2005. حماس والجهاد الاسلامي وتنظيمات اخرى لن يكون لها أي تمثيل في لجنة الاسناد ولن يشاركوا في نشاطاتها. التطلع هو أن تعمل هذه اللجنة في المجالات المدنية في القطاع، من بين ذلك التعليم، الصحة، الرفاه واعمار القطاع. وهي ستعمل طالما أن ذلك مطلوب، أو الى حين اجراء انتخابات جديدة للسلطة. في نفس الوقت سيتم انشاء صندوق لاعادة الاعمار، وممثلو الدول المانحة سيكونون اعضاء فيه الى جانب ممثل السلطة.

منذ نشر مسودة هذه الخطة تم ادخال اليها تعديلات تتعلق بالاساس بمكانة اللجنة امام السلطة. من جهة التعديلات استهدفت الرد على معارضة اسرائيل اعطاء مكانة للسلطة. ومن جهة اخرى يمكن أن تمنع اقامة سلطة فلسطينية موازية في قطاع غزة، تكون منفصلة عن السلطة القائمة وفصل غزة عن الضفة الغربية.

أمس وصل الى القاهرة وفد فلسطيني برئاسة روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، الذي تم تعيينه كنائب لعباس اذا لم يتمكن الاخير من أداء مهامه. وقد جاء مع فتوح اعضاء اللجنة التنفيذية في م.ت.ف عزام الاحمد واحمد مجدلاني، وهما يحملان كما يبدو موافقة مبدئية من عباس على صيغة المسودة – المطالبة لتعزيز العلاقة بين الضفة وغزة والتأكيد على أنهما جزءان غير منفصلين عن فلسطين. معنى الصيغة هو تطبيق صلاحات السلطة في القطاع.

يجب الانتظار ورؤية هل التعديلات “البسيطة” التي يطالب بها عباس لن تؤخر الخطة، أو حتى تفشلها. طوال فترة المفاوضات عارض عباس ومؤيدوه تشكيل “لجنة الاسناد”. فهو يعتقدون مبدئيا أن السلطة يمكن أن تحكم في جزئي فلسطين، وأي هيئة ادارية اخرى سيتم تشكيلها في غزة يمكن أن تمس بقوة السلطة. لذلك، يضاف تقدير في السلطة التي في هذه الاثناء، حيث فقدت حماس قوتها ومكانتها، الى أن هناك فرصة سانحة لتطوير مكانة م.ت.ف على اعتبار أنها تسيطر على كل فلسطين. لذلك، لا يوجد أي سبب لاعطاء حماس مكانة في تشكيل لجنة منفصلة. ولكن في النقاشات حول الخطة اوضحت مصر لممثلي م.ت.ف بأنه لا يوجد لهذا التطلع أي صلة بالواقع.

مصدر فلسطيني في فتح قال للصحيفة: “مصر اوضحت بشكل حازم أن اسرائيل لن توافق على مشاركة مباشرة للسلطة في ادارة غزة. الطريقة الوحيدة لاجتياز هذا العائق هي تشكيل لجنة لا تبدو كفرع للسلطة. معارضة تشكيل اللجنة تخدم اسرائيل”. المصدر لم يعرف اذا كانت مصر حصلت على موافقة اسرائيل على تشكيل اللجنة. ولكن حسب اقوال هذا المصدر فان “اعضاء الوفود التي ذهبت الى مصر تولد لديهم الانطباع بأنه تم تنسيق الامور مع اسرائيل”.

اسرائيل حاولت عدة مرات تشكيل في غزة ادارة تتحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات والاهتمام باحتياجات السكان. وقد اقترحت ذلك على رؤساء الحمائل الكبيرة، ولكن هذا الاقتراح رفض بشكل علني وحاسم من قبل “اتحاد رؤساء الحمائل والعائلات” في غزة، وهي الهيئة التي تمت اقامتها في عهد ياسر عرفات من اجل التنسيق بين السلطة والسكان. بعض رؤساء الحمائل مثل دغمش، حلس، المصري وغيرها، التي بعضها تصادمت بعنف مع حماس الى أن هزمت وبعد ذلك أيدت حماس – حذروا من أن أي تأخير في تشكيل اللجنة يعني “التخلي عن الشعب الفلسطيني ومنح فرصة للاحتلال وتطبيق خطة لابادته وقتله”. الاتحاد اوضح ايضا بأنه يؤيد تشكيل اللجنة شريطة أن تحافظ على وحدة فلسطين، أي أن تعمل تحت صلاحية السلطة الفلسطينية وليس بدلا منها.

اسماء اعضاء اللجنة لم يتم نشرها بعد. حماس ابلغت مصر بأنها قدمت قائمة بأسماء اشخاص مقبولين عليها. ومن غير الواضح اذا كانت القائمة مقبولة على السلطة واسرائيل. تشكيل اللجنة الآن هو امر ضروري من اجل اعادة فتح معبر: منذ سيطرت اسرائيل عليه في أيار المعبر لا يعمل، ومصر ترفض تشغيله بدون تواجد فلسطيني في الطرف الغزي. وهذا ايضا هو موقف الاتحاد الاوروبي الذي وجود ممثلين عنه في المعبر سيكون مطلوب اذا تم تطبيق الترتيبات التي ذكرت في اتفاق المعابر. اضافة الى مسألة تمثيل الفلسطينيين في اللجنة وطبيعة خضوعها للسلطة فان السؤال الرئيسي يتعلق بضمان نشاطات اعضاء اللجنة والحماية من هجمات عصابات الجريمة والسيطرة العسكرية في المناطق التي سينسحب الجيش الاسرائيلي.

التقدير هو أن الموافقة على تشكيل لجنة ادارة القطاع ستسمح بوجود قوة متعددة الجنسيات، حتى عربية، يمكنها تولي المسؤولية الامنية في القطاع (حتى لو بشكل جزئي). في شهر أيار اعلنت دولة الامارات عن استعدادها للمشاركة في ادارة القطاع وارسال قوات شريطة اقامة الدولة الفلسطينية. بعد شهرين قامت الامارات بتليين موقفها، ومساعدة وزير الخارجية لانا نسيبة اوضحت: “دولة الامارات لن تشارك في قوة متعددة الجنسيات إلا اذا قامت السلطة الفلسطينية باستدعائنا. الولايات المتحدة يجب عليها قيادة هذه المبادرة من اجل نجاحها”. وعلى فرض أن اسرائيل ستعارض اعطاء السلطة أي صلاحية امنية فانها يمكن أن توافق على وجود قوات دولية في القطاع، كما ألمحت الى ذلك في السابق. ولكن هذا الافتراض نظري وأمنية فقط ازاء النية غير الخفية لمواصلة احتلال غزة، “اذا كانت حاجة الى ذلك”، وخطط الاستيطان التي تنتظر الآن التطبيق.

-------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 7/1/2025

 

 

بين الحزن وبين الأمل

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

قبل أن تتبين هوية المخربين الذين نفذوا العملية امس قرب كدوميم من الصعب تفادي الإحساس بان كل شيء يرتبط بكل شيء: المفاوضات لتحرير المخطوفين والعمليات في غزة، الضغط على ايران، دخول ترامب الى البيت الأبيض ومستقبل السلطة الفلسطينية ومسائل إسرائيلية داخلية وعلى رأسها قانون التملص من التجنيد الذي تعمل عليه الكنيست.

العملية نفسها كما يبدو قامت على أساس استعداد مسبق لمخربين ولمعرفتهم بالمنطقة. اختاروا المكان مسبقا بما في ذلك طرق الوصول ومسارات الفرار. كما اختاروا الساعة حين تكون حركة السير بطيئة في الصباح ومن السهل المس بمسافرين المركبات. كما خططوا لقتل اكبر عدد من الإسرائيليين، ولم يمنعهم من ذلك الا رد فعل المواطنين المسلحين الذي دفعهم لان يفروا. يبدو أن التفصيل الوحيد الذي لم يقدروه على نحو صحيح هو تحصين الباص الذي منعهم من ذبح مسافرين.

تبرز هذه العملية بسبب نتائجها الفتاكة، مقتل ثلاثة واصابة ثمانية، لكنها لا تختلف عن محاولات العمليات الأخرى، بما في ذلك في الأيام الأخيرة. المنطقة مليئة بالسلاح ودوافع المخربين في السماء لجملة أسباب: الضغط من جانب قيادة حماس في غزة باشعال المناطق، الضغط الموازي من جهة ايران (المسنود بالمال)، الازمة الاقتصادية المتعاظمة كنتيجة للاغلاق المتواصل، واحيانا أيضا الرد المضاد لاعمال السلطة الفلسطينية في جنين في الأسابيع الأخيرة.

هذه الأسباب ليست جديدة. منذ بداية الحرب وحماس تحث الفلسطينيين في الضفة للخروج الى الشوارع، للتظاهر وللعمليات لاجل التضامن مع إخوانهم في غزة. رغم شعبيتها في الضفة استجابة السكان متدنية جدا. فليس لهم مصلحة في أن يجربوا على جلدتهم ما يمر به سكان غزة وهم يفضلون تخفيض الرأس الى أن يمر الغضب. ولا يزال، لحماس توجد خلايا عديدة في الضفة تنجح بعضها في العمل قبل ان يحبطها الشباك والجيش. هذا سباق دائم يد إسرائيل فيه هي العليا في الغالبية الساحقة من الحالات، لكن لا يوجد ولن يوجد 100 في المئة نجاح.

ايران، كما اسلفنا تساند ضغط حماس بضغط موازٍ من جهتها. في السنة الماضية سرعت تحويل الأموال والسلاح الى المخربين في الضفة. يدور الحديث في الغالب عن عصابات محلية تعمل في مخيمات اللاجئين، يقيم معها رجال فيلق القدس الإيراني اتصالا من خلال الشبكات الاجتماعية. هنا أيضا يبذل جهاز الامن جهدا عظيما في قطع هذا الاتصال، بنجاح لا بأس به، لكنه ليس كاملا.

 

من خلف الكواليس: ايران

 

كما هو الحال دوما، البطن الطرية هي مسألة المال، الذي يحول بجملة طرق واساسا بواسطة الصرافين – ومسألة السلاح. الجهد الإيراني يتضمن تهريب السلاح المتطور، بما في ذلك العبوات الناسفة المتطورة وصواريخ الكتف. التقدير هو أن معظم هذه الارساليات صدت في الأردن او على الحدود، لكن يوجد تخوف دائم من أن يكون بعضها نجح في الوصول الى المنطقة المليئة على أي حال بالسلاح الذي اشتري من تجار سلاح في إسرائيل (أساسا من عائلات الجريمة) والذي كان سرق من قواعد الجيش الإسرائيلي أو ينتج ذاتيا في الضفة.

عمليات السلطة الفلسطينية في جنين تلتقي قسما من هذه التحديات، وفي اثنائها قتل حتى الان ستة من الشرطة الفلسطينية. إسرائيل تبارك هذه العمليات بسبب رغبتها في ان ترى دورا اكبر للسلطة في مكافحة الإرهاب، واساسا لان كل مخرب او عبوة يلتقيان قوات فلسطينية لا يلتقيان قوات (أو مدنيين) إسرائيليين.

هذه العمليات التي تقوم بها السلطة بدأت ظاهرا بعد سرقة سيارات في جنين لكن يبدو أن الفلسطينيين يسعون أيضا لان يثبتوا لادارة ترامب بانهم شركاء في الصراع بين الاخيار والاشرار في المنطقة.

كثيرون في إسرائيل يؤمنون بان دخول ترامب الى البيت الأبيض بعد 13 يوما سيعطي إسرائيل إمكانية لان تفعل كل ما يروق لها في كل الجبهات، بما في ذلك في الضفة: تغريدة نشرها امس وزير المالية بتسلئيل سموتريتش والتي تعهد بها بالعمل على تفكيك السلطة وإلغاء اتفاقات أوسلو، هي مثال جيد على ذلك، وان كان ليس مؤكدا ان الأمريكيين سيعطوه ما يطلبه.

في فترة إدارة ترامب السابقة أوقفت نية إسرائيل لضم الضفة واستبدلت بعد ذلك بخطة سلام إقليمية لم تنجح، لكن لا تزال على جدول الاعمال. مثل هذه الخطة كفيلة بان تلزم إسرائيل أيضا بتنازلات مقابل تطبيع العلاقات مع السعودية ودول عربية وإسلامية أخرى.

 

ضغوط من كل اتجاه

 

سلسلة العمليات الأخيرة في الضفة تستوجب أيضا من جهاز الامن التفكير بتعزيز القوات. في بداية الحرب عمل في المنطقة نحو 30 كتيبة، وعددها تقليص باستمرار الى 19 كتيبة في أواخر 2024. هذا ينبع من الحاجة العملياتية المتصاعدة في الجبهات الأخرى – مرة في غزة، مرة في لبنان، مرة في سوريا واحيانا فيها جميعها معا – لكن السطر الأخير يفيد مرة أخرى بانه ليس للجيش الإسرائيلي ما يكفي من القوات لاداء كل مهامه، وبالتأكيد حين يكون الهدف المعلن هو تقليص العبء عن جنود الاحتياط الى حد اقصى من 70 يوما في السنة.

هذا نداء صحوة للحكومة بانه لا يمكن فرض مزيد من العبء على جيش الاحتياط وبالتأكيد حين تكون تعمل على اعفاء بالجملة للحريديم من الخدمة.

سيضطر رئيس الوزراء هذه المرة أيضا بالمناورة بين الضغوط السياسية في حكومته وبين الضغوط الدولية في الأيام الأخيرة لادارة بايدن وعشية دخول ترامب الى الحكم، فيما أن النقد الدولي على إسرائيل يتعاظم بسبب القتال المتواصل في غزة.

الضغوط الائتلافية ستزداد في حالة صفقة مخطوفين وان كان بدا امس ان التقارير المتفائلة سبقت الواقع في غرف المفاوضات. يبدو أن الفجوات بين الطرفين لا تزال كبيرة وتستدعي تنازلات ومرونة كي يكون ممكنا الوصول الى اتفاق يعيد عشرات المخطوفين احياء واموات الى الديار.

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 7/1/2025

 

 

الصفقة الجزئية ستطيل حرب الاستنزاف

 

 

بقلم: نحاميا شترسلر

 

1- بنيامين نتنياهو. فيلم ليري الباغ الصادم التي اختطفت الى غزة في 7 اكتوبر يدل على الحاحية التوصل الى اتفاق شامل مع حماس من اجل تحرير جميع المخطوفين. وضعهم حاسم. معاناتهم لا يمكن تقديرها. وبدون اعادتهم الى عائلاتهم فلن يكون هناك أي انتصار أو اعادة اعمار. اذا لم نقم باعادتهم جميعهم الآن فسيكون لدينا العشرات من رون اراد، الذين لن نعرف الى الأبد ما هو مصيرهم. هذا سينخرنا ويضعفنا من الداخل وسيجعلنا مفرطين بالاسرى. لذلك، هذا سيضر بالدافعية للخدمة في الجيش الاسرائيلي وحتى بالعيش في اسرائيل.

لكن نتنياهو غير مستعد لصفقة شاملة. هو غير مستعد لاتفاق ينهي الحرب ويفرض الانسحاب على الجيش الاسرائيلي واطلاق سراح مخربين ايديهم ملطخة بالدماء ويبقي حماس في السلطة. هو يقدر أن ذلك سيعتبر فشل شخصي له. نتنياهو في نهاية المطاف قال إن تدمير سلطة حماس هو هدف الحرب. هو يخشى من أن الاتفاق الشامل سيؤدي الى انسحاب سموتريتش وبن غفير واسقاط الحكومة. لذلك، نحن نجر الى اتفاق جزئي يعتبر “انساني”، الذي في الحقيقة سيحرر بعض المخطوفين، لكنه سيحكم على الآخرين بالمعاناة غير الانسانية، التعذيب، الموت والاختفاء الى الأبد في انفاق حماس.

كان من الافضل لو أننا هزمنا حماس واجبرناها على اعادة جميع المخطوفين. ولكن نتنياهو لم يحقق ذلك. هو فشل في ادارة الحرب الاطول في تاريخنا. وحقيقة أننا نحارب منذ 15 شهر هي فشل ذريع له. “الصفقة الانسانية” الجزئية ستواصل حرب الاستنزاف التي تجبي ثمنا باهظا يتمثل بحياة الجنود، الاقتصاد ومكانتنا في العالم. ولكن بالنسبة لنتنياهو فان المصالح الشخصية تتغلب على المصالح الوطنية.

2- يوآف غالنت. الحديث يدور عن شخص شجاع ويريد مصلحة الدولة. ولكن كم يمكن للمرء أن يكون ساذجا. أنا شاهدت خطاب استقالته ولم أصدق. في بداية الخطاب اعلن عن استقالته من الكنيست. وهكذا اخرج التوتر والرغبة في مواصلة الاستماع. من يعطي نكتة في بداية اقواله؟ في الواقع عندما واصل غالنت تفسير انجازات الحرب بقيادته، قطعه محررو النشرات في التلفزيون وانتقلوا الى المحللين في الاستوديوهات وبقي يتحدث لوحده.

غالنت قال بأن نتنياهو أقاله من الحكومة لأنه اراد الدفاع عن الحاجة الامنية الحيوية للجيش الاسرائيلي: تجنيد الحريديين. وقد اوضح بأن سبب استقالته هو قانون الاعفاء من الخدمة الذي يدفعه نتنياهو قدما. ولكن الاستقالة بالذات تسهل على رئيس الحكومة هذا القانون السيء. وبدلا من غالنت دخل الى الكنيست العضو الذي سيؤيد القانون. وفي السابق شاهدنا بأي قدر اصبع واحدة يمكن أن تقرر.

ذروة السذاجة اظهرها غالنت عندما قال بأنه لن ينسحب من الليكود. يجب عليك يا غالنت أن تدرك بأنك اصبحت محروق في الليكود. أنت لم تستخذي لاعضاء المركز ولم توزع المناصب، بل أنت حذرت في الوقت المناسب من الانقلاب النظامي ووقفت ضد الملك. كل ذلك يعمل ضدك في الحزب الذي كان ذات يوم حزب وطني – ليبرالي والآن هو حزب ديني – عنصري. فقط اذا تجرأت على الاقتراب من الانتخابات التمهيدية فان ماكنة السم ستقوم بتصفيتك.

3– بني غانتس. مؤخرا سئل عن ايال غولان وقال: أنا أحب موسيقاه. أنا لا أعرف ماذا حدث هناك”. هل يمكن أن يكون رد اكثر غباء من ذلك؟ اذا كنت لا تعرف “ماذا حدث هناك” فلماذا ترد؟ وكيف يمكن أن شخصية عامة لا تعرف ما يحدث حولها. في نهاية المطاف لم يكن بالامكان أن لا يسمع الشهادة الصادمة لتايسيا زومولتسكي ون. عن المغني. وسائل الاعلام كلها تناولت هذه القضية باسهاب، لكن غانتس لم يسمع ولم ير. بعد ذلك مهرجان النساء في ايلات الغى مشاركة غولان، ورؤساء بلديات اعلنوا بأنه لن يعرض مرة اخرى عندهم.

ايضا المقدمة التي اختارها، “أنا أحب موسيقاه”، ظهرت وكأنها استخذاء لا لزوم له. بعد العاصفة التي اثارها اعتذر غانتس. هذا ليس إلا أن اريئيل شارون كان على حق عندما سماه “العجل الناعم”.

------------------------------------------

هآرتس 7/1/2025

 

كل اسرائيل متورطة فيما يحدث في غزة

 

 

بقلم: ب. ميخائيل

 

الخدعة الاكثر استخداما من بين الاكاذيب الكثيرة جدا والحيل والخدع التي تلف هذه الحرب الدنيئة، هي القول القاطع “لا يوجد اشخاص غير متورطين”. هذا ما تحرص ابواق الحكومة على اعلانه صبح مساء. وتوضح مرة تلو الاخرى بأن الجميع هناك متورطون. الجميع حماس. جميعهم قتلة. الجميع مغتصبون ونازيون لاساميون.

من وراء هذه الخدعة المبتذلة يختفي كل شيء ويتم تبرير كل شيء: القتل بلا هوادة، تقريبا 50 ألف شخص، (لا حاجة الى القلق، سنصل الى هذا العدد في القريب)، معظمهم من النساء والاطفال. التدمير المطلق لمنظومة الصحة. تدمير شبه كامل للمؤسسات الدينية، الثقافية، التعليمية والصحية. الآن التدمير الممنهج والتسوية بالارض للبنى التحتية للحياة، ربما من اجل تطهير القطاع من الحثالة غير اليهود، واعداده لمساكن يهودية خالصة فقط، ويفضل أن يكونوا من اليهود المتدينين.

كل ذلك بسبب أن “جميع سكان القطاع متورطين”. هذا المبرر المدان، الوقح والمنافق بالاساس، غريب، لا سيما عندما يتم قوله على لسان دولة اسرائيل.

يصعب العثور على أي دولة في العالم، جميع المواطنين فيها والجنود والشرطة والمستوطنين ورجال الصناعة والاعلام والثقافة وكل كيانها، يتم حشدها وتسخيرها للقوات المسلحة فيها، متورطون بشكل فعال في الحرب، الاحتلال، السلب والشر، القول والفعل، بالأجر والتطوع، التجند الرسمي بصورة “طلائعية” خاصة، من اجل الله أو الطمع. كل شعب اسرائيل متورط منذ الحمل والولادة. منذ يوم العهد وحتى يوم الخروج. يتم تعليمه وترويضه وهو يخضع مثل الدلافين في “نادي الدلافين”، مثل الخيول في السيرك، مثل الجنود في الاستعراض، ومثل دمى الخيوط في مسرح العرائس.

هل على الاقل في كوريا الشمالية يوجد “متورطون مثلنا”؟ لا. هناك لا يوجد. هناك، كما يقولون لنا، كل شيء بالاكراه، الاستبداد، الدعاية، غسل الادمغة. أما عندنا فكل شيء بالارادة الحرة، من خلال الحرية والموافقة، من خلال غسل الدماغ الذاتي، الطوعي، في البيت وفي الصف، مع الاصدقاء، في الاحتياط، في حضن العائلة. في نهاية المطاف كل بيت في اسرائيل، بالفعل في كل بيت (باستثناء المساكن المحمية)، يعيش فيه على الاقل جندي واحد. قرب الباب توجد تجهيزات وسترة واقية، وحقيبة الجيش توجد قرب فناجين القهوة والشمعدان، وهي معدة تماما وتنتظر بصبر اصدار الأمر. شعار “كل الشعب هو جيش”، قمنا بصياغته وتنفيذه. ليس الغزيين هم “المتورطون” أو حماس. هل يوجد في ذلك ما يبرر ما تم فعله بنا؟ أو ما نفعله نحن بجيراننا؟. لا سمح الله. لا يوجد ايضا مكان للمقارنة، لأنه في نهاية المطاف “نحن” يعني نحن، وهم في نهاية المطاف “هم”. هم مخربون متورطون، نحن فقط نشارك في حمل النقالة، التي يستلقي فوقها الطفيليون، المدللون، الفاسدون والاشرار. هل عندها يمكن المقارنة؟.

باختصار، هذا لن يساعد من ينشرون هذه الكذبة: بصعوبة 2 في المئة من سكان القطاع هم “متورطون”. الباقون، تقريبا 2 مليون، هم لاجئون يريدون فقط العيش بقدر استطاعتهم. نحن قتلنا منهم الآلاف ودمرنا حياتهم بالكامل. هذا الرعب سيبقى موجود على جبيننا الى الأبد.

تحذير لداني كوشمارو. الذي قبل فترة قصيرة تم توثيقه في لبنان، وكان له شرف تفجير منزل ريفي هناك، باشارة باصبعه. لقد ظهر متفاخرا في ذلك الوقت. أنا أنصحه: لا تسافر الى الخارج في السنة القادمة، لأن هناك احتمالية لاستدعائك الى تحقيق محرج جدا. اذا قلت في الدفاع بأنك مراسل فان الحرج سيزداد فقط.

------------------------------------------

يديعوت احرونوت 7/1/2025

 

الضغط العسكري لا يكفي

 

 

بقلم: لواء متقاعد غيورا آيلند

 

ثلاثة أخطاء تمنعنا من ان نحقق اهداف الحرب. الخطأ الأول: تبني الرواية التي ابتكرها الامريكيون وبموجبها حماس تشبه داعش. أي منظمة إرهاب فرضت نفسها على السكان.

الرواية الصحيحة هي أنه في 7 أكتوبر شنت دولة غزة حربا إجرامية ضد دولة إسرائيل. في الحروب بين الدول دارج الاستخدام على دولة العدو ضغطا عسكريا بل وفرض حصار عليها. لا يوجد أي واجب حسب القانون الدولي تزويد دولة العدو بكل نواقصها، في اقصى الأحوال محظور منع الاخرين مثل مصر مثلا من تزويد العدو بالغذاء.

الخطأ الثاني: عدم استغلال مواضع ضعف العدو. غاية الحرب هي الفرض على الطرف الاخر افعالا تتعارض وارادته. توجد ثلاثة طرق أساسية لسحب الأرض من تحت اقدام الطغاة. إسرائيل لم تحاول استخدام أي واحد من هذه الطرق.

الطريق الأول هو تفعيل عقوبات اقتصادية تتسبب بنشوء جمهور غاضب مستاء وجائع. الدكتاتوريون يخافون أساسا من هذا الوضع كما ثبت في الثورة الفرنسية، في الثورة البلشفية وفي الربيع العربي، ومؤخرا في سوريا أيضا. الطريق الثاني هو الدعم لبديل سلطوي. فقد صدت إسرائيل كل مبادرة كانت ستدفع الى الامام بمثل هذا البديل. الطريق الثالث هو دفع العدو لان يتخوف من ان يفقد الأرض، استراتيجية امتنعنا عن تجربتها هي أيضا. بدون أي بحث قررت إسرائيل بان “فقط الضغط العسكري سيحقق اهداف الحرب”. هذا القول كان خطأ جسيما، فالضغط العسكري هو الاستراتيجية التي استعدت لها حماس على مدى 15 سنة.

الخطأ الثالث: فشل في الحوار السياسي. فور المذبحة، في اثناء زيارة الرئيس بايدن الى إسرائيل طُلب من رئيس وزراء إسرائيل ان يجيب على سؤال واحد فقط: ماذا سيكون مصير غزة في اليوم التالي؟ نتنياهو أجاب بشكل مهين: “عندما نصل الى اليوم التالي سنتحدث عن اليوم التالي”. كان من الأفضل له لو أنه شرح بان ليس لإسرائيل مصلحة إقليمية او سياسية في غزة، بل فقط مصلحة امنية، تعني التجريد المطلق لغزة من السلاح لسنوات. إسرائيل مستعدة بالتالي لان تبحث هنا والان مع كل دولة عربية ومع كل دولة غربية في الحكم المستقبلي في غزة. كل اقتراح يمكنه ان يقنع بان غزة ستكون مجردة من السلاح – سيكون مقبول من جهتنا.

الأخطاء الأكبر في التاريخ وقعت عندما حدد زعماء أهدافا دون ان يحرصوا على اجراء بحث نقدي ومعمق بالنسبة للطريق الذي يمكن فيه تحقيقها. في العام 480 قبل الميلاد حدد كسراسيس ملك فارس هدفا لاحتلال اليونان. افترض بان حقيقة ان جيشه اكبر بلا قياس من كل جيش يمكن لليونانيين ان يجندوه، فانه يكفي لتحقيق هدفه. تجاهل المبنى الجبل لليونان، الصعوبة في اطعام جيش كبير بهذا القدر في حرب طويلة، التفوق اليوناني للقتال البحري وغيرها. وكانت النتيجة هزيمة مهينة. نابليون آمن بان جيشه القوي سينتصر على الجيش الروسي “الأدنى”، نصر يسمح له بان يحقق هدفه: قطع حلف روسيا مع بروسيا وبريطانيا. لم يأخذ بالحسبان حجم روسيا، الشتاء القاسي وإمكانية أن يقرر الروس، بدلا من أن يعملوا حسب السيناريو الذي خلقه، ان ينسحبوا في ظل خلق ارض محروقة. هتلر افترض بان “تفوق العنصر الآري” على الشعوب السلافية “الدونية” يكفي لاجل النصر وتحقيق “مجال عيش” في الشرق. الولايات المتحدة هي الأخرى كررت خطأ مشابها في حرب فيتنام. وزير الدفاع ماكنمارا اعتقد انه يكفي التفوق العسكري الأمريكي لتقويض فيتنام الشمالية. شن الحرب دون اجراء بحث ثاقب في العلاقة التي بين اهداف الحرب والوسائل المناسبة لتحقيقها هو الخطأ الكلاسيكي في التاريخ. وقد حصل لنا نحن أيضا.

الضغط العسكري يحقق جزئيا هدف الحرب الأول – المس بالقوة العسكرية لحماس – لكنه لا يحقق الهدفين الاخرين: إعادة كل المخطوفين وتقويض حكم حماس. وعليه، فثمة حاجة لاستراتيجية أخرى تعمل ضد نقاط ضعف العدو وليس ضد قوته.

------------------------------------------

يديعوت احرونوت 7/1/2025

 

نحو 25 الف مبنى غير قانوني في شرقي القدس

 

 

بقلم: جلعاد كوهن

 

على مدى سنوات طويلة تعاني القدس من ظاهرة واسعة للبناء غير القانوني في الاحياء الشرقية من المدينة. فأكثر من الف وحدة سكن تبنى هناك كل سنة. فيما أن التداعيات هي اقتصادية (خسارة مليارات في المداخيل من الرسوم والضرائب)، امنية (مبان خطيرة لا تستوفي مقتضيات الأمان الأكثر أساسية) وديمغرافية (فلسطينيون من غير سكان المدينة أي بدون تصاريح رسمية، يمكنهم أن يدخلوا الى قسمها الغربي).

على هذه الخلفية تنعقد اليوم لجنة الداخلية وحماية البيئة في الكنيست لبحث عاجل في موضوع البناء غير القانوني في شرقي القدس. العدد المطروح في مداولات اللجنة يقدر بـ 25 الف مبنى غير قانوني توجد في الاحياء العربية في العاصمة. النواب الذين وقعوا على طلب اجراء البحث العاجل كتبوا فيه ان “ظاهرة البناء غير القانوني في شرقي القدس تتسع كل سنة، فيما لا يهدم عمليا الا قسم صغير من المباني”.

وحسب بحث لمركز القدس للسياسة التطبيقية (JCAP)، صحيح حتى العام 2013 يوجد في شرقي القدس ما لا يقل عن 6.590 مبنى بني على أراض غير مخصصة للبناء في سبع احياء فقط. احياء مركزية مثل كفر عقب، بيت حنينا وراس العمود شهدت ارتفاع مئات في المئة في عدد المباني منذئذ. الخسارة المتراكمة للدولة تقدر بأكثر من 10 مليار شيكل.

بلدية القدس نفسها تخسر نحو 10 في المئة في ميزانية المدينة السنوية، اكثر من مليار شيكل تأتي من رسوم التطوير، شق الطرق، التحسين، الارنونا، رخصة البناء، رسوم رخصة العمل وغيرها. من المهم التشديد على أن المواطنين الذين يسكنون في المباني التي بنيت بشكل غير قانوني هم عرضة لخطر كالهزة الأرضية، الضرر في شبكة المجاري للاحياء والتي تؤثر على كل المدينة. إضافة الى ذلك، فان البناء غير القانوني يخلد الفقر ويعمق العنف والإحباط للسكان في الاحياء في شرقي المدينة.

ن. تربى في راس خميس، واحد من ثلاثة الاحياء في مخيم اللاجئين شعفاط ويسكن اليوم في وسط البلاد. على حد قوله فانه “يسكن اليوم في راس خمس 140 الف نسمة إضافة الى أولئك الذين يأتون من المناطق. ان يسكن المرء هناك هو أن يموت كل يوم. على حد قوله فانه “صعب جدا العيش هناك. اكتظاظ، مبان ضخمة من 40 شقة بدون مواقف سيارات، مجاري في الشوارع. عندما يكون مطر غزير كل شيء يطوف. حتى قبل يومين كان مبنى تفجر عامودين اوسطين فيه بينما كان كل السكان هناك. اما في الصيف فلا توجد أيضا ماء للشرب. الناس يجمعون الماء او يأتون بها بالناقلات. هذا عالم آخر لا تعرفه الدولة”.

رغم ان 39 في المئة من سكان القدس هم عرب، فان 8.5 في المئة فقط من أراضي المدينة مخصصة للسكن لهم. من العام 1967 حتى اليوم نمت الاحياء العربية في القدس الى حجوم هائلة. في حي عناتا مثلا كان 62 مبنى في العام 1967، واليوم يوجد 1.146 مبنى. على أساس منظومة المعلومات الجغرافية، GIS لبلدية القدس فان 89.79 في المئة منها غير قانوني. في كفر عقب مثلا كان 315 مبنى في 1967، و 1.957 مبنى في 2019. 38.32 في المئة من المباني ليست قانونية.

رئيس “مركز القدس للسياسة التطبيقية” حاييم سلبرشتاين يقول: “الارتفاع في الضرائب هو فرصة لتحريك الحلول المتوفرة لتطبيق وتحسين الوضع ولتخفيض الضرائب البلدية”.

رئيس قسم البحوث في (JCAP) ومدير عام وزارة القدس سابقا، ران يشاي يقول: “لصاحب السيادة توجد مسؤولية عن القدس كلها. رئيس البلدية اثبت بانه قادر على أن يتصدر سياقات مركبة بتصميم. امام ناظر عموم أصحاب القرارات يجب أن تكون مصلحة عموم السكان”.

النائب متان كهانا، الذي بادر الى البحث في الكنيست يقول: “منذ 1967 اتسعت الظاهرة بحجوم لا تعقل. محظور علينا التسليم بالمس بالحكومة، بالمشهد المديني وبالميزان الديمغرافي للقدس”.

------------------------------------------

 

لماذا نتجاهل الانتقادات الموجّهة لـ "إسرائيل" بشأن حقوق الإنسان؟

 

 

بقلم: هاورد فرينش

 

إنّ المنظّمات الدولية الكبرى تدين سلوك "إسرائيل" في غزة، ولكنها لا تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام.

مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب والباحث هاورد فرينش، يتحدّث فيه عن تجاهل العالم للانتقادات الموجّهة لـ "إسرائيل" بشأن حقوق الإنسان، والحرب التي تشنّها على قطاع غزّة.

في اليوم الأخير من عام 2024، عندما أصدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريراً نقدياً حول تدمير "إسرائيل" للمستشفيات في غزة، كنت أتوقّع أنّ عناوين اليوم التالي سوف تبرز بشكل بارز النتائج المثيرة للقلق.

"إنّ تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، ومدى مقتل المرضى والموظّفين والمدنيّين الآخرين في هذه الهجمات، هو نتيجة مباشرة لتجاهل القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان"، كما جاء في التقرير.

بدأتُ يوم رأس السنة الجديدة مع برنامج "BBC Newshour"، وقد نقل هذا الخبر بالفعل في الجزء الأول من بثّه. ولكن عندما لجأت إلى الصحف الأميركية أثناء تناول قهوتي الصباحية؛ "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، و"ول ستريت جورنال"، لم أجد أيّ ذكر لتقرير الأمم المتحدة. وكان الأمر نفسه ينطبق على الأخبار عبر الكابل التي قمت بمسحها، وكذلك نشرات الراديو والبثّ التلفزيوني العام الذي تابعته في وقت لاحق من اليوم.

من الممكن، بالطبع، أنني فاتني شيء ما في اللحظات التي لم أكن أراقب فيها الأخبار. لكنّ الافتقار إلى التغطية الواسعة النطاق يؤكّد أنّ الاتجاه الأوسع في تقارير المنافذ الأميركية عن حرب "إسرائيل" في غزة.

طوال الأشهر الخمسة عشر من الحرب، أدان العديد من المحلّلين إدارة بايدن لفشلها في انتقاد التكتيكات الإسرائيلية التي جلبت الدمار التامّ على غزة؛ ولكنّ الإدارة الأميركية ليست وحدها في هذا. فقد قلّلت وسائل الإعلام الأميركية أيضاً من أهمية الطبيعة المروّعة لهذه الأزمة. وكان هذا واضحاً في التغطية الإعلامية التي كانت خافتة أو غائبة تماماً في أوائل كانون الأول/ديسمبر، بعد أن اتهمت منظّمة العفو الدولية، وهي منظّمة لحقوق الإنسان تحظى بأعلى درجات الاحترام عندما تقدّم تقارير عن الدول غير الغربية، "إسرائيل" بارتكاب إبادة جماعية في غزة. وخلص تقرير المنظّمة إلى أنّ "إسرائيل فرضت عمداً ظروفاً معيشية قاسية على الفلسطينيين في غزة بهدف تدميرهم بمرور الوقت".

ولكنْ هل كان هذا الخبر من نصيب "إسرائيل"؟ في الحقيقة ليس كذلك. وفي بعض الحالات، كانت التغطية الإعلامية لنتائج منظّمة العفو الدولية تضع رفض "إسرائيل" الشديد للاتهامات في مرتبة أعلى.

ومن الخطأ أن نقول إنّ وسائل الإعلام الأميركية تجاهلت الحرب أو لم توجّه انتقادات جادّة لسلوك "إسرائيل". ففي الـ 26 من كانون الأول/ديسمبر، على سبيل المثال، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقاً مطوّلاً أظهر أنّ "إسرائيل" خفّفت من قواعدها الخاصة بالحرب وسمحت لضباط إسرائيليين من ذوي الرتب المتوسّطة بإسقاط القنابل على أعضاء حماس المشتبه بهم من ذوي الرتب المنخفضة، حتى ولو كانت هذه الضربات تهدّد بقتل أفراد أسرهم أو غيرهم من المدنيين القريبين. ولكنّ مثل هذا التقرير لم يحدث إلا نادراً.

ولكن للعثور على تغطية أكثر جدّية لطبيعة هذه الحرب وثمنها، لا بدّ وأن ننظر إلى الخارج في منافذ إعلامية مثل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

وفي تقرير حديث، قال ضباط عسكريون إسرائيليون لم يتمّ الكشف عن أسمائهم لصحيفة "هآرتس" إنّ هدف فرقتهم كان التهجير القسري لنحو 250 ألف فلسطيني متبقّين في شمال غزة. وقال الضباط إنّ قائدهم، العميد يهودا فاش، قال لهم إنّ "عليهم جعل الظروف صعبة على قوافل المساعدات الإنسانية"، وإنّ "غزة لا يوجد فيها أبرياء".

إنّ تقرير "هآرتس" يذكّرنا بحدث سابق في سلسلة الانتقادات الخطيرة لحقوق الإنسان الموجّهة إلى "إسرائيل" منذ بداية الحرب. ففي حزيران/يونيو، كتب أرييه نيير، الذي شارك في تأسيس منظّمة "هيومن رايتس ووتش" الرائدة في مجال حقوق الإنسان في عام 1978، في مجلة "نيويورك ريفيو أوف بوكس" ​​أنّه توصّل إلى استنتاج مفاده أنّ "إسرائيل" تمارس إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين.

كانت سياسة "إسرائيل" في عرقلة المساعدات الإنسانية هي التي أقنعت نيير. وكتب:

"في وقت مبكر من التاسع من أكتوبر، أعلن كبار المسؤولين الإسرائيليين عن نيّتهم منع تسليم الغذاء والماء والكهرباء. وقال وزير الأمن يوآف غالانت: "لقد أمرت بحصار كامل لقطاع غزة، لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود، كلّ شيء مغلق". نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرّف وفقاً لذلك". نقل البيان وجهة النظر التي بدا أنّها وجّهت نهج "إسرائيل" طوال الصراع.

وكما أشار تقرير الأمم المتحدة هذا الأسبوع، فإنّ "إسرائيل" تبرّر مراراً وتكراراً الموت والدمار في غزة بالقول إنها تستهدف أعضاء حماس فقط. ولكن كما كتب نيير، فإنّ "عرقلة المساعدات الإنسانية من غير المرجّح أن تؤثّر على مقاتلي حماس بشكل مباشر". وأضاف أنّ "كلّ سبل الوصول إلى الأراضي تسيطر عليها قوات الدفاع الإسرائيلية، التي رفضت دخول المنظّمات الإسرائيلية والفلسطينية لحقوق الإنسان والمنظّمات الدولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظّمة العفو الدولية. إنّ الحدّ من قدرة هذه المنظّمات على جمع المعلومات وإعداد تقارير مفصّلة عن الصراع لا يعزل إسرائيل عن الانتقادات بسبب انتهاكاتها".

وقد أدلت "هيومن رايتس ووتش" بتقييمها الخاص في الشهر الماضي، وخلصت إلى أنّ "إسرائيل" ترتكب "أعمال إبادة جماعية". وجاء هذا بعد أن قدّمت جنوب أفريقيا دعواها القانونية الرئيسية التي تتهم "إسرائيل" بارتكاب الإبادة الجماعية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي في تشرين الأول/أكتوبر. وقالت أربع عشرة دولة أخرى إنها تنوي دعم قضية جنوب أفريقيا، التي رفضتها "إسرائيل" باعتبارها "افتراءً دموياً".

وبصفتي صحافياً فردياً، ليس من حقّي أن أحكم على ما إذا كان سلوك "إسرائيل" في غزة يشكّل إبادة جماعية. ولكن ما أعرفه هو أنه لا توجد تهمة أخطر من هذه في الشؤون الإنسانية، وإذا سمح المجتمع لنفسه برفض تقارير كهذه باعتبارها غير منطقية أو حزبية، أو يتجاهلها، ويقلّل من أهمية الأخبار، فمن المرجّح أن تعاني الإنسانية ككلّ، وليس الفلسطينيون فقط.

-----------------انتهت النشرة-----------------

أضف تعليق